مبدأ الرضائية في القانون المدني الجزائري
يجمع فقهاء القانون الحديث على أن الرضائية أصبحت هي القاعدة العامة الني تحكم إنشاء العقد وقيامه، ولقد تبنى المشع الجزائري هذا المبدأ حيث نص في المادة 59 من ق.م.ج على أنه :
" يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتيهما المتطابقتين دون الإخلال بالنصوص القانونية ،فمن خلال هذا النص يتضح أن مبدأ الرضائية في إبرام العقود هو الأصل، أما الشكلية فهي الاستثناء لوجود عبارة
( دون الإخلال بالنصوص القانونية ) ، والني تعني مراعاة ما يقرره القانون من إجراءات معينة بإبرام العقد، كما أن المادة 60 من ق.م.ج تعد تطبيقا لمبدأ الرضائية إذ صت على أن :
التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة أو بالإشارة متداولة عرفا، كما يكون باتخاذ موقف لا يدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه.
ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا .
استنادا إلى هذه المادة فإنه للمتعاقدين الحرية الكاملة في التعبير عن إدارتيهما، فلا يشرط القانون أن يكون التعبير بوسيلة معينة أو شكل معين، ويجب التميز هنا بين وجود العقد وطريقة إثباته، فالعقد يبقى رضائيا حتى لو اشرط القانون الكتابة لإثباته ما دام أن انعقاد هذا العقد غير متوقف على إفراغ الترضي في شكل كتابي، لأنه إذا تخلفت الكتابة المتطلبة للإثبات فإنه يجوز إثبات العقد بطرق أخرى، كالإقرار واليمين ما لم ينص القانون على غير ذلك ، كما هو الحال بالنسبة لعقد الكفالة .
إن ما تجدر الإشارة إليه هو أنه ورغم اتجاه القانون الحديث نحو الرضائية واعتبارها قاعدة عامة، إلا أن عودة الشكلية مجددا كان بشكل كبير لما لها من دور في تنبيه الأطراف حول مدى أهمية التصرفات المقدمون عليها، وكذا من أجل إثبات التصرف القانوني .
إن العقود الرضائية لا ترك أثرها في الحياة الاقتصادية بين الأطراف مما يجعل العلاقات التعاقدية تتم في سرية، وهو ما دفع الدولة إلى التدخل.
- لاعتبارات الرقابة والحصول على مداخيل الضريبة.
- لفرض شكلية معينة على إرادة المتعاقدين،
كما وردت على مبدأ الرضائية استثناءات كثيرة، حيث أصبح عدد كبير من العقود خاضعا لصيغة شكلية معينة أهمها الكتابة، لأنه من الناحية العملية، القليل من المتعاقدين الذين يبرمون العقود شفاهية، وذلك لصعوبة إثبات العقد عند حصول النزع إذا كانت قيمته تجاوز حدا معينا والذي حدد المشرع الجزائري بـ 100.000 دج طبقا للفقرة الأولى من المادة 333 من القانون المدني الجزائري.
وفي الأخير يتضح أن المشع الجزائري في صياغته للمادتين 59 و 60 من ق.م.ج قد رسخ مبدأ الرضائية كقاعدة عامة، لما له من دور في تبسيط معاملات وسرعة العلاقات التعاقدية، ولكن وضع له حدود معينة، وذلك بالتخفيف منه بغرض بعض الإجراءات قبل إبرام العقد وهو ما يعرف بالشكلية غير المباشرة، هذا من جهة ومن جهة أخرى وضع له حدودا تمثل استثناءات حقيقية تعرف بالشكلية المباشرة لاتصالها بتكوين العقد .