بحث حول مبدا الفصل بين السلطات المبحث الأول: ظهور و نشأة مبدأ الفصل بين السلطات
المطلب الأول : ظهور مبدأ الفصل بين السلطات
المطلب الثاني: نشأة مبدأ الفصل بين السلطات عند جون لوك و مونتيسكو
المبحث الثاني: تفسير مبدأ الفصل بين السلطات و مزاياه
المطلب الأول: تفسير مبدأ الفصل بين السلطات
المطلب الثاني: مزايا مبدأ الفصل بين السلطات
المبحث الثالث: الإنتقادات الموجهة لهذا المبدأ و صور تطبيقه
المطلب الأول : الإنتقادات الموجهة لهذا المبدأ
المطلب الثاني: صور تطبيق المبدأ
المبحث الرابع: موقف الفكر الإسلامي
المطلب الأول: موقف الفكر الإسلامي من المبدأ ( تطبيقات المبدأ )
المطلب الثاني: مبدأ الفصل بين السلطات في عهد الخلافة الإسلامية
خاتمة
مقدمـة
يقصد بالمعنى السياسي لمبدأ الفصل بين السلطات عدم الجمع بين السلطات أو عدم تركيزها ، و بذلك يمكن القول في هذا المجال أنه لا يجوز لشخص أو هيئة أن تجمع في يدها سلطتين أي لا يجوز أن تكون السلطات الثلاث أو إثنين منها في يد شخص واحد ، أو هيئة واحدة ، حيث كان الفصل بين السلطات عامل محفز لخضوع الدولة للقانون و من هذا المنطلق تبنى المفكرون و الفقهاء مبدأ الفصل بين السلطات بأساليب مختلفة تفاديا للاستبداد و التعسف و ليس تجميع السلطات في واحدة.
المبحث الأول : ظهور و نشأة مبدأ الفصل بين السلطات المطلب الأول: ظهور مبدأ الفصل بين السلطات
كانت بداية ظهور هذا المبدأ مند الوقت الذي انشغل فيه الفلاسفة بتنظيم الدولة فأفصح عن أنه يجب أن توزع وظائف الدولة و سلطاتها العامة على هيئات مختلفة ، على أن يكون هناك توازن بينها ، حتى لا يطغى سلطان هيئة على أحرى و تستبد بها. و ذلك لتجنب حدوث إضطرابات و تذمر بين أفراد الشعب.
فأفلاطون يرى أنه لكي تتمكن الدولة من تحقيق أهدافها و القيام بوظيفتها في تحقيق الخير العام للشعب ، يجب فصل أعمال الدولة و كذلك فصل هذه الهيئات التي تباشر هذه الأعمال ، مع إيجاد نوع من التعاون بين بعضها البعض ، حتى لا تخرج أي هيئة عن حدود إختصاصاتها الدستورية و حتى نضمن عدم إنحراف هذه الهيئات و استبدادها في مزاولة سلطانها.
المطلب الثاني: نشأة مبدأ الفصل بين السلطات عند جول لوك و مونتسيكو. - عند جون لوك :
يعتبر جون لوك أول من اهتم بمسألة الفصل بين السلطات في العصر الحديث في كتابه المعنون بـ " الحكومة المدنية " الذي صدر سنة 1690 ، أي سنة بعد إعلان وثيقة الحقوق سنة 1689 و التي تضمنت بدورها بعض ملامح هذا المبدأ ـ و إدا كان جوك لوك لم يضع نظرية متكاملة فإنه قسم سلطات الدولة إلى ثلاث( السلطة التشريعية – السلطة التنفيدية – السلطة إتحادية ) . حيث تختص السلطة التشريعية بسن القوانين و تكون السلطة التنفيدية خضعت لسلطة تشريعية مع ضرورة أن تتولى كل منهما سلطة منفصلة عن الأخرى ، و و السلطة الإتحادية هي صاحبة الإختصاص في الشؤون الخارجية كإبرام المعاهدات و إعلان الحرب ...إلخ ، و فضلا عن هذه السلطات دعى لوك إلى وجود سلطة أخرى أسماها " سلطة التاج " أو مجموعة الحقوق و الإمتيازات التي يجب أن يحتفض بها التاج البريطاني.
النقد : لكن ما يؤخذ على نظرية كوك لمبدأ الفصل بين السلطات أنه لم يعطي أهمية لسلطة القضائية و لم يتحدث عن استقلاليتها و لعل سبب في ذلك ان القضاء قبل ما عرف ب " الثورة الجديدة " في إنكليثرا سنة 1688 كانوا يعينون و يعزلون من الملك ثم فيما بعد أصبحو يعينون من قبل البرلمان و في كلتا الحالتين لم يتحصلوا على استقلالية إلا بعد نظال طويل كما يؤخد على أفكار لوك كذلك أنه قدم وصفا لما كان سائدا في بلدة إنكليثرا حيث إدخال بعض التعديلات على كيفية ممارسة السلطة و لكن مع إقراره بأن كل الوظائف الرئيسية تضل بيد الملك بمنحه إمتيازات التدخل في عمل السلطتين التنفيدية والتشريعية لدلك فهو في النهاية لم يقدم سوى فصلا أو تميزا بين الوظائف و ليس فصلا بين السلطات.
- عند مونتسيكو :
لمعالجة المبدأ ينطلق مونتسيكو من الفكرة التي تقضي بتقسيم وظائف الدولة إلى ثلاث إلى ثلاث : الوظيفة التشريعية – الوظيفة التنفيذية – الوظيفة القضائية أي سلطة صنع القانون و سلطة تنفيذه و سلطة البث في الخلافات التي تنشأ عن مخالفة أحكامه أثناء القيام بتلك الوظائف ، لكن الفكرة الأساسية في مؤلف مونتسيكو هي أنه قد يسيء استعمال السلطة التي يتمتع بها حتى " لا يساء استعمال السلطة يجب بمقتضى الأمور ، إقامة التوازن بين السلطات من غير أن يكون باستطاعة إحداها شل أعمال أخرى عندما تمارس أعمالا لها علاقة بأعمال أخرى .
و قد أحس مونتسيكو بهذا التعاون فقال داعيا إلى تنظيم الإجراءات الضرورية لإقامته بين السلطات التي يتوجب عليها ( السير بخطى منسجمة ) إقامة التعاون يتم عن طريق منح كل عضو سلطة الحكم و سلطة الردع أي وسائل العمل التي من شأنها أن تمنع تنفيد القرارات الخاطئة الصادرة عن السلطة الأخرى للوصول إلى إقامة التوازن و التعاون بين السلطات.
أدرك مونتسيكو إلى ضرورة مضاعفة الأعضاء داخل السلطة الواحدة و من عنا كانت فائدة تقسيم السلطة التشريعية إلى مجلسين يستطيع كل منهما التأثير عن الآخر.
و نخلص من هذا العرض بوجهات نظر مونتسيكو إلى النقاط الجوهرية التالية :
أ- قسم مونتسيكو السلطات العامة في الدولة إلى ثلاث :
-التشريعية
- التنفيدية
- القضائية و يبين المهام الأساسية التي تضطلع بها كل سلطة.
و هذا التوزيع لوظائف الدولة على السلطات الثلاث يختلف عن تقسيم لوك للسلطات العامة لكن مونتسكيو جعل القضاء سلطة مستقلة على التقيض من لوك الذي لم يدرج القضاء بين السلطات العامة في الدولة.
ب- أكد مونتسكيو أن توزيع السلطات و فصلها بهذه الصورة أمر ضروري لأنها لو تجمعت في يد هيئة واحدة لأدى ذلك إلى الإستبداد ، لأن طبيعة النفس البشرية عبر القرون أثبتت الإستبداد قرينة الإستئثار بالسلطة.
و نحن نوافق ما ذهب إليه الدكتور بيسوتي حين قال : " و نحن نعتقد أن الإنسان مجبول بطبعه على الإستبداد و الطغيان إذا سمحت له الظروف إلا من هذاه الله ، هذه الحقيقة يؤكذها القرآن الكريم في قوله تعالى : " كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه إستغنى " سورة العلق ، الآية 6-7.
ج - لم يتوقف مونتسكيو عند حد الفصل بين السلطات العامة في الدولة و إنما استلزم قيام كل سلطة بمراقبة كل السلطات الاخرى لوقفها عند الحدود المقررة لها إذا اقتضى الأمر حتى لا تتجاوزها إلى الإعتداء على السلطات الأخرى.
المبحث الثاني: تفسير مبدأ الفصل بين السلطات و مزاياه المطلب الأول: تفسير مبدأ الفصل بين السلطات
إذا كان مفهوم المبدأ كما بيناه أعلاه ، إلا أنه عرف تفسيرات متعارضة أدى في الأخير إلى إيجاد طريقتين :
1- الفصل المطلق : و نكون هنا بصدد نظام رئاسي .
2- الفصل المرن : فكنون بصدد نظام أو حكومة برلمانية أي نظام التعاون .
- فالعرض من الفصل المطلق هو ضمان استقلال البرلمان عن الحكومة فالدولة مقسمة بين ثلاث سلطات و يحكم المبدأ ثلاث عناصر : المساواة و الإستقلال و التخصص.
- فالمساواة نقصد بها أن لا تنفرد أية سلطة بسيادة الدولة و إنما تتقاسمها.
- أما الإستقلال فيكون على مستوى الهيئات و الوظائف بحيث لا يحق لعضو في السلطة في أن واحد أن يكون نائب في البرلمان و وزيرا ، كذلك فإن الهيئات مستقلة عن بعضها البعض فلا وجود لتعاون بينهم أو لا يحق للحكومة حل البرلمان ، في حين أن التخصص يعني أن كل هيئة تمارس وظيفة محددة ، فكل منها تقوم بوظيفتها ، لكنها لا تنجزها كاملة لأن ذلك يؤدي إلى اختصاصات غيرها.
- أما أصحاب الفصل القرن فيعتبرون سلطات الدولة موزعة بين ثلاث ، و لكل منها وظيفة متميزة ، إلا أن هذا لا يعني إمكانية التعاون بين الهيئات و الوظائف فالوزراء يمكن أن يختاروا من البرلمان و أحيانا كلهم مثل : بريطانيا ، كما يمكن أن تشارك السلطة التنفيذية في ممارسة السلطة التشريعية كالمبادرة بتقديم مشاريع قوانين و حل البرلمان الذي يحق له بدوره سحب الثقة من الحكومة .
المطلب الثاني : مزايا مبدأ الفصل بين السلطات
و يمكن إجمال هذه المزايا في النقاط التالية :
- صيانة الحرية و منع الإستبداد.
- المساهمة في تحقيق الدولة القانونية.
- جني فوائد تقسيم وظائف الدولة.
و ينتج عن هذا التقسيم قيام كل سلطة بعملها على أكمل وجه كما يحقق في النهاية حسن سير العمل في المجالات الرئيسية في الدولة ( التشريعية ، التنفيدية و القضائية).
المبحث الثالث : الإنتقادات الموجهة لمبدأ الفصل بين السلطات و صور تطبيقه المطلب الأول: الإنتقادات الموجهة إلى مبدأ الفصل بين السلطات
تخلص أهم الإنتقادات التي وجهت إلى مبدأ الفصل بين السلطات فيما يلي :
1- ذهب بعد الفقه إلى القول بأن هذا المبدأ يؤدي إلى القضاء على فكرة المسؤولية .
2- عند وضع دستور سنة 1946 في فرنسا ، هاجم الفقهاء الفرنسيون ، أثناء مناقسة مشروع هذا الدستور ، مبدأ الفصل بين السلطات ، على أساس أن هذا المبدأ يستند وجوده إلى اعتبارات تاريخية و هي انتزاع السلطة التشريعية من الملوك و تقييد سلطاتهم و هو ما انتهت الحاجة إليه الآن و لا مانع من خضوع السلطة التنفيدية إلى سلطة تشريعية باعتبار أن الأخيرة تمثل الشعب و يكفي أن يتضمن الدستور نصوصا تضع قيودا و ضمانات محددة لتدفع السلطة التشريعية من الإستبداد و التسلط.
3- ذهب البعض إلى أن تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات لا يحقق عملا بل أنه غير ممكن ، ذلك أن مزاولة خصائص السياسة بواسطة هيئات منفصلة و مستقلة عن بعضها البعض ، لا يمكن تحقيقه ، فهذه الخصائص شأنها شأن أعضاء الجسم البشري تتصل ببعضها اتصالا طبيعيا و قد وصل البعض إلى حد القول بأن هذا المبدأ يعتبر مبدأ وهميا ، إذ لا تلبث إحدى السلطات أن تسيطر على بقية السلطات و تستبد بها .
و في الرد على هذه الانتقادات نلاحظ أن جميعها تقوم على أساس أن المقصود من المبدأ هو الفصل التام بين السلطات ، أي الفصل المطلق ، و ذلك في الحقيقة غير صحيح . فالقول بالفصل بين السلطات لا يعني الفصل التام ببينها فلا بد من قيام نوع من التعاون و التنسيق بينها حتى تتمكن من مباشرة وظائفها و تحقيق أهدافها. بحيث تبقى كل سلطة مستقلة عن الاخرى ، استقلالا يضمن عدم تدخل إحدى السلطات في شؤون الأخرى مع توفير نوع من الرقابة لكا سلطة على غيرها من السلطات بالقدر الضروري ، الذي يمكن كل سلطة من الدفاع عن استقلالها عن غيرها.
و ذلك بأن تكون كل سلطة قادرة على أن توقف السلطات الأخرى عند الحدود التي تمس استقلالها . و ذلك كله من شأنه أن يؤدي إلى المحافظة على الحريات العامة و إلى تأمين و جودها.
و بهذا المفهوم لمبدأ الفصل بين السلطات تنهار كافة الانتقادات التي وجهت إليه ...فالحاجة مازالت ماسة إليه ، و هو يستهدف بالدرجة الأولى المحافظة على الحريات العامة و تأمينها ضد الاستبداد و التسلط الذي قد يقع من إحدى السلطات.
المطلب الثاني : صور تطبيق المبدأ
إذا كانت الدسائس التي تأخذ لمبدأ الفصل بين السلطات ، تختلف في مفهومها لهذا المبدأ بحسب المفهوم الذي يعتنقه الفقه القانوني و السياسي في كل دولة من هذه الدول ، فمعنى ذلك أن الروابط بين السلطات تتأثر بالسائد في الفقه.
و من المسلم به أن الروابط القانونية بين السلطات في الدولة تتأثر بوجهة النظر التي يتبناها المشرع الدستوري في مفهوم الفصل بين السلطات ، و قد أظهر التطبيق العملي لمبدأ الفصل بين السلطات صورتين أو أسلوبين متمايزين هما : أسلوب الفصل التام بين السلطات ، و أسلوب الفصل مع التعاون بين السلطات.
ففي تطبيق أسلوب الفصل بين السلطات تقوم الدولة بتنظيم السلطات فيها على أساس الفصل التام بين بعضها البعض خاصة بين السلطتين التشريعية و التنفيدية . و يتعين في هذه الحالة ألا يكون هناك أي نوع من الإرتباط أو الإتصال بين سلطة و أخرى ، فيصير تعيين الوزراء و عزلهم بمعرفة رئيس السلطة التنفيدية وحده ، كما يمتنع على الوزراء أن يكونوا أعضاء في المجلس النيابي ، كذلك لا يكون للسلطة التنفيدية أي دور في الوظيفة التشريعية ، فلا يكون لها حق إقتراح القوانين ، و لا يجوز للسلطة التنفيدية حق الإعتراض على القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية.
و الواقع أن التجارب قد تثبت فشل هذا الأسلوب ( الفصل التام بين السلطة ) إذ أدى تطبيقه إلى الفوضى و إلاضطرابات ، عندما أصبحت كل سلطة و كأنها دولة داخل دولة.
و في تطبيق أسلوب الفصل مع التعاون بين السلطات ، فبعد أن أثبتت التجارب و وضح من التطبيق العملي فشل أسلوب الفصل التام بين السلطات ، اعتنقت الدول أسلوب التعاون و التنسيق بين السلطات ، فأوجدت علاقات و روابط متبادلة بين كل من السلطتين التشريعية و التنفيدية.
و تتمثل هذه العلاقات و الروابط في حق رئيس السلطة التنفيدية في إقتراح القوانين ، و في التصديق على التشريعات التي تسنها السلطة التشريعية و إصدارها ، و في تخويله حق الإعتراض التوقيفي " الفيتو " على قرارات المجلس النيابي . و من جهة أخرى نجد أن المجلس النيابي له حق سحب الثقة من الوزارة ، فالوزراء مسؤولون أمامه . هكذا توجد نمادج متعددة و أمثلة كثيرة للروابط التي تتضمن أشكال التعاون و التنسيق بين كل سلطة و أخرى في الدولة.
و من الملاحظ أن الدساتير تختلف فيما بينها في قدر السلطة التي تخولها كل من السلطتين التشريعية و التنفيدية ، فقد يمنح الدستور السلطة التنفيدية قدرا أكبر من السلطات و الإمتيازات عن السلطة التشريعية . و في هذه الحالة يكون نظام الحكم جمهوريا رئاسيا ، بالنسبة للدول ذات النظام الجمهوري . أما إذا خول الدستور المجلس النيابي سلطانا أقوى و اكبر مما هو مخول للسلطة التنفيدية ، فإن نظام الحكم، في هذه الحالة ، يعرف باسم النظام المجلسي أو نظام حكومة الجمعية النيابية.
المبحث الرابع : موقف الفقه الإسلامي من مبدأ الفصل بين السلطات
إن مبدأ الفصل بين السلطات هو قاعدة من قواعد فن السياسة أو الحكمة السياسة ومنه يجب أن توزع الاختصاصات العامة في الدولة على عدة هيئات ويجب أن يفصل بينها مع وجود قدر من التعاون والرقابة المتبادلة فهل عرف الفقه الإسلامي مثل هذه المعاني.
المطلب الأول : تطبيقات المبدأ في ظهور الإسلام
أهداف الفصل بين السلطات كانت متحققة في العصر الأول منذ ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي لوجود الرسول صلى الله عليه وسلم وان لو يوجد المبدأ ذاته حيث قامت دولة الإسلام على أساس التعاقد البيعة وقد ارتكزت الدولة على قواعد العدل وانه ليس من المنطقي أي تكون للإسلام شرعية ثم لا تكون له سلطة تطبق تلك الشريعة وتحمل الحاكم والمحكوم على العمل بها.
فالنظام الإسلامي لم يتغير عن قاعدة الفصل بين السلطات رغم نظرته الخاصة حول تكوينها واختصاصاتها ومسؤولياتها .
ولا الحكام وقد ازدادت السلطة القضائية وضوحا بعد أن دون المجتهدون اجتهاداتهم و أخذها رجال القضاء مرجعا بل قد نجد أحيانا أن أحد طرفي الخصومة هو الخليفة ذاته أو الأمير.
المطلب الثاني : مبدأ الفصل بين السلطات في عهد الخلافة الإسلامية
ويرى الدكتور << يحيى السيد الصباحي>> << إنما الفصل بدأ من عصر عمر بن الخطاب وخاصة بين السلطة التنفيذية والقضائية حيث وضع عمر بن الخطاب نظامين لتعيين القضاة ودستور للقضاء وقد اقتصر ذلك على فترة الخلافة الراشدة لكونها افضل نموذج جسد تعاليم الإسلام واحكامه لكن بعض خلفاء بني أمية وبني العباس ساروا في اتجاه ****معالم الإسلام وانفردوا بالسلطة وقفزوا على مبدأ الفصل بين الوظائف وفرضوا اجتهادا يتماشى مع أهوائهم وقناعاهم.
أما بشأن عدم الفصل بين سلطة التنفيذ والقضاء فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقضي بنفسه وكان مبعوثوه إلى الأمصار إلى جانب القضاء بالشؤون التنفيذية.
أما في عهد الخلافة الراشدة كان الخليفة يجمع بين سلطتي التنفيذ والقضاء ولم يستقل القضاة بالوظيفة القضائية فتقتصر عليهم دون أن يشاركهم فيها أحد من رجال التنفيذ وهذا لا عني الاندماج الوظيفي للقضاء فالقاضي في الإسلام مستقل في عمله لان القواعد التي يطبقها ليست من عمل السلطة التنفيذية بل هي مبادئ الأهلية.
خاتمة :
لقد استقطبت مسألة السلطة اهتمام الفكر و فقهاء القانون الدستوري ، و نتج عن ذلك ، التعدد في النظريات و الآراء و تمحورت أساسا على مبدأ الفصل بين السلطات و تفاوت مجالات تطبيقه من دولة إلى أخرى ، و على الرغم من الانتقادات الموجهة للمبدأ و اعتبار الأخذ به أمرا مستحيلا فإن مزاياه ، و ضرورته جعلت جل النظم خاصة تلك التي تتصف بالديمقراطية ، تعتمده في تنظيم سلطاتها .
المراجع I- الكتب : أ- بالعربية :
1- الشعبان احمد رمضان ، الأنظمة السياسية و القانون الدستوري ، دار النهضة العربية ، بدون بلد ، سنة 1999.
2- علي عبد الرزاق – الإسلام واصل الحكم- المؤسسة الوطنية للفنون طبعة 1988.
3- ديدان مولود ، مباحث في القانون الدستوري و النظم السياسية ، دار بلقيس ، الجزائر ، سنة 2007.
4- هيكل خليل ، النظم الدستورية المعاصرة و النظم الدستورية الإسلامية ، بدون طبعة ، بدون بلد ، السنة 1998. ب- بالفرنسية :
-Bonoit jeammeau . « droit constitutionnel et institutions politique » paris , 1975.