الحكم التحضيري
الحكم التمهيدي
معايير التميز بين الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي
أهمية التفرقة بين الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي
مقدمة يعتبر الحكم القضائي النهاية الطبيعية التي تختم بها الخصومة القضائية، و ينطبق هذا المدلول على الأحكام القطيعة التي تفصل في موضوع النزاع بصفة نهائية، غير أن هناك نوعان من الأحكام تتعلق ب سير الدعوى يكون الغرض منها اتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات و بالتالي لا تحسم النزاع بصفة قطعية، يطلق عليها تسمية : الأحكام التحضيرية و الأحكام التمهيدية. الحكم التمهيدي والحكم التحضيري هي أحكام سابقة على الفصل في موضوع الدعوى هذا من جهة، وهي أحكام متعلقة بتحقيق الدعوى إذن :
الحكم التمهيدي :
هو الحكم الذي يستشف منه الاتجاه الذي يميل إليه رأي المحكمة في موضوعالنزاع المطروح كالتصريح للمتهم بإثبات مسألة فرعية يتوقف عليها الحكم فيالدعوى.. مثال : السماح للمتهم في جنحة الزنا بإثبات عدم قيام رابطة الزوجية أوالحكم بتعيين خبير في دعوى تزوير لمعرفة مدى صحة الورقة من تزويرها...هذا هو الحكم التمهيدي.
الحكم التحضيري :
هو الحكم الذي يقضي باتخاذ إجراء أو إستيفاء تحقيق للاستشارة به في الدعوى فلا يؤديفورا إلى الحكم ولا يفصح عما ستقضي به المحكمة..أعطي مثال : الحكم بضم دعوى إلى أخرىأو إجراء معاينة، أو سماع شاهد..
أما وجه الفرق بينهما وأظن هذا هو سبب السؤال فيتمثل في نص المادة 106 من ق،إ،م، حيث أنه يجوز الاستئناف في كل حكم تمهيدي قبل الحكم القطعي، ولا يجوزاستئناف الحكم التحضيري إلا مع الحكم القطعي..
ملاحظة : نقصد بالحكم القطعي هو الحكم الذي يفصل في جزءمن النزاع أو في مسألة متفرقة فصلا حاسما لا رجوع فيه من جانب المحكمة الذي أصدرته،أعطي مثال: الحكم بالدفع بعدمالاختصاص أو بانقضاءالدعوى...
مفهوم الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي 1-الحكم التحضيري jugement préparatoire
هو الحكم الذي تصدره المحكمة أثناء سير الدعوى بإجراء معيين دون أن تكشف عن وجهة نظرها فيه.
أمثلة عن الحكم التحضيري :
الحكم بندب خبير لرسم معالم الحدود الفاصلة بين الملكيات المتجاورة طبقا للمادة 703 من القانون المدني.
الحكم بندب خبير للقول هل أن المدعى عليه استولى أو اعتدى على جزء من المساحة الأرضية التابعة للمدعي، يعد حكما تحضيريا لأنه لا يستشف منه رأي القاضي و لا حتى الموقف الذي
سوف يتخذه، إنما يهدف إلى توضيح جانب من جوانب النزاع ليس إلا. الحكم بإجراء خبرة في دعوى الغبن في بيع عقار متنازع فيه يعد حكما تحضيريا .
يستشف من خلال هذه الأمثلة أن الحكم التحضيري لا يحمل دلالة على اتجاه و قناعة المحكمة، لأنه لا يمس بحقوق الأطراف المتخاصمة ولا يفصل في جانب من جوانب النزاع، و يمكن
الاستعانة لمعرفة ذلك بظ روف الخصومة التي صدر فيها الحكم و بالغرض المقصود من الإجراء المأمور به و بموقف الخصوم و دفاعهم .
- 2-الحكم التمهيدي jugement interlocutoire
هو الحكم الذي يصدر أثناء سير الدعوى، لغرض القيام بما من شأنه أن ينور المحكمة من التدابير و الإجراءات، و لكن ه يستشف منه قليلا أو كثيرا عما ستقضي به المحكمة، و يتعرض لمصير النزاع، فضلا على أنع ينبئ عن وجهة نظر معينة بالنسبة للمحكمة.
أمثلة عن الحكم التمهيدي :
تعيين خبير مختص في المحاسبة للقيام بتصفية حسابات الشركة ، و بيان نصيب كل واحد من الشركاء على ضوء الصفقات التي أبرمت منذ تأسيس الشركة وفقا للفواتير المقدمة.
الحكم بندب خبير لتحديد الضرر الذي لحق المدعى و تقييمه نقدا، عن المساحة الأرضية المعتدى عليها من قبل المدعى عليه.
الحكم بتسخير خبير لتصفية حسابات الشركة الفعلية ، يعد تمهيديا ، لأنه يقر بالوجود القانوني للشركة و صحة تصرفاتها ، و يبين بصفة جلية اتجاه القاضي بشأن قبول الفعلي للشركة .
أمثلة يختلط فيها الحكم التحضير بالحكم التمهيدي :
يدق التمييز في بعض القضايا بين الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي ، إذ أن الحكم الوارد في دعوى مماثلة يمكن أن يكون تحضيريا أو تمهيديا ، و سنورد أمثلة تطبيقية لتوضيح ذلك :
أ- الحكم بندب خبير لإعداد حصص ( مشروع قسمة : ( يكون تحضيريا: إذا لم يفصل القاضي في أية نقطة قانونية متنازع فيها ، و هو ما أكدته مجلة قضائية رق م: 01 /05/ 34 مؤرخ في 1985 / المحكمة العليا في القرار رقم: 970 لسنة 1986 ص 64 ( الحكم بتعيين خبير للبحث في مزاعم الأطراف و عند الاقتضاء القيام بمشروع قسيمة معتمدا على فريضة يعد حكما تحضيريا ) .
ب- الحكم بندب خبير لتقدير تعويض الاستحقاق : يكون تحضيريا إذا ما تم تعيين الخبير بموجب أمر استعجالي ، و هو ما أكدته المحكمة العليا في مجلة قضائية 1989 عدد 2 ص 104
ملاحظة : أما فيما يخص المواد الجزائيةفالأحكام التمهيدية و التحضيرية غير قابلة للاستئناف إلى مع الحكم الفاصل في الموضوع حسب المادة 427 ق إ ج فقد يصطدم الشخص بعدم التفرقة بينهما و هذا في ظل عدم وجود نص قانوني محدد يبين لنا أوجه التفرقة بينالحكم التحضيري والتمهيدي، وأحيانا أيضا نجد في بعض الأحكام أن المنطوق يكون علىهذا النحو: حكمت المحكمة حال فصلها في القضايا .... علنيا حضوريا وقبل الفصل فيالموضوع بتعيين السيد ... كخبير في قضية الحال تسند إليه ... فهنا نجد حكما قبلالفصل في الموضوع لكن لا نجد أي وصف محدد لهذا الحكم إن كان تمهيديا أو تحضيريا،كما نجد أحكاما خاطئة في وصفها أيضا، فالاختلاف لا نكتشفه بمجرد تعريفنا للحكمين أوبذكر أمثلة لكليهما، وهذا ما أوضحته بعض اجتهادات المحكمة العليا بخصوص هذاالموضوع، إذن سوف آخذ مثالا واحدا وأسقطه على الحكمين وأبين أين يكمن الاختلافللتوضيح أكثر..ثم نبين نقاط التفرقة بين الحكمين ..
نأخذ هنا مثال تعيين الخبير لمشروع قسمة بين الورثة : يكون حكما تحضيريا :
إذا لم يفصل القاضي في أية نقطة متنازع فيها فعند تعيين خبير مثلاللبحث في مزاعم الورثة وعند الاقتضاء القيام بمشروع قسمة معتمدا على فريضة يعد هناحكما تحضيريا لأنه لا يمس بحقوق الأطراف ولا يفصل في جانب من جوانب النزاع وإنما يهدف إلى توضيح جانب من جوانب النزاع فقط وأيضا نرى في هذا المثال أنه لم يحسن فيأي مركز من مراكز الخصوم .
-يكون حكما تمهيديا :
إذا فصل القاضي في نقطة من النقاط المتنازع فيها مثلا كأن يطلب أحد الورثة بتعيين خبير لحصر تركة الهالك وإعداد الحصص فيأتي باقي الورثة ويدفعون بأنه سبق أن تمت قسمة ودية دامت أكثر من 15 سنة وبالتالي أصبحت قسمة نهائية، ثم يأتي القاضي ويبطل هذه القسمة الودية لأنها لم تشتمل على جميع ذويالحقوق من الورثة، ويعين القاضي خبير لحصر تركة الهالك، فهنا القاضي أصدر حكما تمهيديا لأنه يمس بحقوق الأطراف، فهنا قسمة كل وارث سوف تتغير ومنه تغير الذممالمالية لكل طرف من أطراف النزاع، وأيضا هنا قد تم الفصل في جانب من جوانب النزاعإذ أبطلت القسمة الودية وهنا المحكم فصلت في مسألة قانونية، كما أن هذا الحكم قدحسن في مركز أحد الخصوم الذي لم تشمله القسمةالودية.
مما سبق يتبين لنا ما يلي أن :
الحكم التحضيري لا يكشف عن وجهة نظر المحكمة في القضية، أما الحكمالتمهيدي فقلت يستشف منه عما ستقضي به المحكمة وكذا وجهة نظرها..وهذا ليس جزم بماستقضي به المحكمة لكن يتبين ولو جزء صغير مما سوف تنتهي إليهالمحكمة ..
-الحكمالتحضيري لا يحوز حجية الشيء المقضي فيه، أما الحكم التمهيدي يحوز حجية الشيءالمقضي فيه في جزء من الموضوع إذا لم يتم استئنافه..
و للتوضيح :مثلا في حالة خطأ في الوصف لحكم يجب أن يكون تحضيري لكن القاضي أخطأ وأعطاه وصف حكمتمهيدي على مستوى محكمة الدرجة الأولى، ثم تم استئناف هذا الأخير على مستوى المجلسالقضائي..فكيف سيتعامل قضاة المجلس مع هذه الحالة ...
من خلال ما تقدمت به نصل إلى : أن الحكم التمهيدي : هو إذا كان التدبير الذي أمر به القاضي يهدف إلى إثبات وقائع دقيقة لا يمكن أن ينتفع بها إلا الطرف الذي طلب هذا التدبير. الحكم التحضيري : إذا كان التدبير الذي أمر به القاضي يهدف إلى إظهار كل واقعة مهما كانت قد ينتفع بها أي من الخصمين .
معايير التميز بين الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي :
لعدم وجود أي نص في قانون الإجراءات المدنية، يسمح بالتفرقة بين الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي، لاحظنا في الحياة العملية أحكاما و قرارات تصدر قبل الفصل في الموضوع دون أن
تعطي وصفا لذلك الحكم أو القرار، إن كان تحضيريا أو تمهيديا، إذ غالبا ما يكون المنطوق على النحو التالي : ( حكمت المحكمة حال فصلها في القضايا ... علنيا حضوريا و قبل الفصل في الموضوع بتعين السيد ... كخبير في قضية الحال تسند إليه .
وعليه يمكن استخلاص المعايير التالية للتميز بينهما، و هذا من خلال استقراء الصادرة عن المحكمة العليا بخصوص هذه المسألة: أ) الفصل في جانب من جوانب النزاع :
يتميز الحكم التمهيدي عن الحكم التحضيري في أنه يفص ل في جانب من جوانب النزاع أي يفصل في نقطة قانونية مطروحة و مثاله الحكم بتعيين خبير لتقدير تعويض الإخلاء الذي يتطلب من
القاضي الفصل في مدى صحة التنبيه بالإخلاء. ب ) المساس بحقوق الأطراف :
الحكم التمهيدي يمس بحقوق الأطراف المتخاصمة، ففي حالة تعيين خبير لتقويم ا لأضرار التي لحقت المدعي، تمس الذمة المالية للمدعى عليه التي ستفتقر على حساب اغتناء ذمة المدعي. ت ) تحسين مركز أحد الخصوم :
يعتبر الحكم نهائيا إذا ترتب عليه تحسين مركز أحد الخصوم في الدعوى دون الخصم الأخر، أما إذا أبقى الحكم الخصمين في مركزين متعادلين فهو حكم تحضيري. ث ) إبداء القاضي قناعته و رأيه في موضوع النزاع :
الحكم التمهيدي يستشف من خلاله اتجاه المحكمة في موضوع الخصام، و ينبئ لصالح أي الخصمين سيصدر، و مثاله الحكم بندب خبير لتقدير تعويض الاستحقاق الذي يستشف منه اتجاه
القاضي نحو الحكم لصالح المؤجر و ذلك بإلزام المستأجر بإخلاء العين المؤجرة.
أهمية التفرقة بين الحكم التحضيري و الحكم التمهيدي :
تتجلى أهمية التفرقة بين الحكمين فيما يلي: أ) من حيث الحجية : بالنسبة للحكم التحضيري :
استقر رأي الفقه و القضاء على أن الحكم التحضيري لا يجوز حجية الشيء المقضي فيه، و هو مجلة قضائية / 12 / 35 مؤرخ في 1984 / ما أكدته المحكمة العليا في القرار رقم: 351 1989 عدد 4 ص 95 ( حجية الشيء المقضى فيه – حكم تحضيري - لا يحوز هذه الحجية ) بالنسبة للحكم التمهيدي :
يجوز الحكم التمهيد ي الذي يفصل في جزء من الموضوع حجية الشيء المقضى فيه خلافا للحكم .
تكمل أهمية التفرقة بين الحكم التحضيري والحكم التمهيدي في أن الحكم التمهيدي يجوز استئنافه قبل الحكم القطعي أما الحكم التحضيري فلا يجوز استئنافه دون الحكم القطعي و هذا ما نصت عليه المادة 106 ق ا م .
و إضافة غلى ذلك الحكم التمهيدي لا يربط القاضي فله السلطة التقديرية فيمكن أن يحكم في الدعوى عكس ما كانقد يوحي إليه الحكم التمهيدي .
ب ) من حيث جواز الطعن فيهما : الاستئناف :
ما دام الحكم التحضيري لا يمس بحقوق الأطراف، و لا يفصل في أي جانب من جوانب النزاع و أكثر من ذلك لا يستشف منه حتى رأي القاضي في الموضوع، فإن المشرع جعله غير قابل للاستئناف منفردا، و جعل استئنافه لا يكون إلا مع الحكم القطعي .
أما اجتهاد المحكمة العليا فيما يخص عدم قابلية استئناف الأحكام التحضيرية فهو ثابت لا جدال فيه.
الطعن بالنقض :
بالنسبة للحكم أو القرار التحضيري :
إذا كان الحكم التحضيري لا يقبل الاستئناف عملا لمقتضيات نص المادة 106 من ق إ م فإنه من باب أولى لا يقبل الطعن فيه بالنقض.
لكن المسألة محل خلاف بين الغرفة المدنية و ال غرفة التجارية و البحرية للمحكمة العليا حول مدى جواز الطعن بالنقض في القرارات التحضيرية ، فالغرفة المدنية ، ذهبت في القرار رقم 834
06 مجلة قضائية 1990 العدد 01 ص 36 ( إذا كان مؤدى نص المادة /03/ المؤرخ في : 1985 231 هو أن المحكمة العليا تختص بالطعون في الأحكام النهائية الصادرة من المجالس القضائية،
ومن ثم فإنه يستنتج من هذا النص أن الأحكام التحضيرية لا يمكن أن تكون موضوع طعن بالنقض (
تكمل أهمية التفرقة بين الحكم التحضيري والحكم التمهيدي في أن الحكم التمهيدي يجوز استئنافه قبل الحكم القطعي أما الحكم التحضيري فلا يجوز استئنافه دون الحكم القطعي و هذا ما نصت عليه المادة 106 ق ا م .
و إضافة غلى ذلك الحكم التمهيدي لا يربط القاضي فله السلطة التقديرية فيمكن أن يحكم في الدعوى عكس ما كانقد يوحي إليه الحكم التمهيدي .
ما يمكن استخلاصه أن الحكم التمهيدي، يعتبر في جزء منه موضوعيا، و استئناف الحكم الابتدائي دونه يخول القضاء برفض الدعوى من قبل المجلس لصيرورته نهائيا، غير أن قاعدة الحجية بالنسبة لأحكام التمهيدية لا تتعلق بالنظام العام،
عدم الاستئناف لهذا الحكم فيه تفويت لفرصة الاستئناف بالنسبة له ، مما يجعل منه حكم نهائيا لا يمكن للطاعنين بعده إثارة الدفع بالوصية، و بقطع النظر عن كون هذا الحكم تمهيديا أو تحضيريا يقبل أو لا يقبل الاستئناف.
خاتمة :
نلخص في نهاية المطاف إلى القول ، بأن التفرقة بين الحكم التمهيدي و الحكم التحضيري بقدر ما هي صعبة ( لعدم وجود معيار تشريعي يفصل في المسألة )، بقدر ما هي مهمة من ناحية الآثار التي تترتب على كل منهما سواء من حيث الحجية أو من ناحية سلوك الطعن فيهما بالاستئناف. و عليه إذا استطاع القاضي أن يستوعب المعايير المستقاة من الاجتهاد الثابت للمحكمة العليا، فإنه سيعرف لا محالة متى يكون الحكم الذي يصدره قبل الفصل في الموضوع تحضيريا و متى يتكون تمهيديا .
تم تحرير الموضوع بواسطة :Harrir Abdelghani
بتاريخ:31-05-2018 04:46 مساءً