معايير التفرقة بين العمل المدني والعمل التجاري.
النظرية الشخصية.
المطلب الثاني المذهب الموضوعي.
المبحث الثاني أهمية التمييز بين العمل المدني والعمل التجاري.
المطلب الأول : المبادئ المدعمة لعنصر السرعة.
المطلب الثاني: المبادئ المدعمة لعنصر الإئتمان.
خاتمة.
مقدمة .
إن التجار في معاملاتهم التجارية وعلاقاتهم بالتجار الآخرين والزبائن، تختلف عن تلك القواعد التي تنظّم المعاملات المدنية وقد انعكست طبيعة البيئة التجارية التي تتطلب السرعة والثقة في بنفس الوقت، فهي تختلف كل الاختلاف عن تلك التي في البيئة المدنية؛ وذلك بسبب أن الصفقات والمنتجات التي يحصل عليها التاجر لا تكون بقصد الاحتفاظ بها أو الاستعمال الشخصي، وإنما لإعادة بيعها لتحقيق ربح. كما وأن كل الأعمال والنشاطات التي تتصف بصفة التجارة تخضع للقانون التجاري، إلا أنه توجد بعض الأعمال التي لا تخضع للقانون التجاري وإنما تخضع للقانون المدني، مثل المهن الحرة والتصرفات المتعلقة بالعقار
فما هو الفرق بين العمل التجاري والعمل المدني ؟.
المبحث الأول: معايير التفرقة بين العمل المدني والعمل التجاري :
يندرج تحت هذا المبحث مطلبين تناولنا فيهما مجموعة نظريات مختلفة لفقهاء بحثوا في هذا الموضوع وحتى ننظم هذه النظريات توجب علينا أن نقسمها لنوعين كعنوان للمطلبين إحداهما خاص بالنظرية الشخصية أما الأخر فهر مخصص للنظرية الموضوعية أما سبب هذا التقسيم فالأخذ بالنظرية الشخصية مفاده الأخذ بصفة التاجر أما الأخذ بالنظرية الموضوعية فدليل على النظر لطبيعة العمل التجاري وهذا التقسيم أيضا لم يكن وليد اجتهاداتنا الخاصة وإنما هو مستمد من تقسيم الفقهاء أنفسهم.
المطلب الأول : النظرية الشخصية :
من النظريات التي تضمنها هذا المذهب نظرية الحرفة ونظرية المقاولة. أولا نظرية الحرفة :
يرى أصحاب هذه النظرية أن العمل التجاري هو ذلك العمل الذي يقوم به التاجر ويكون متصلا بحرفته التجارية والحرفة كما عرفها الفقيه روبير بأنها تخصيص شخص بشكل رئيسي واعتيادي نشاطه للقيام ببعض المهام بهدف تحقيق الربح وبالتالي فإن كل عمل يصدر من تاجر محترف يعتبر عملا تجاريا وإذا ماصدر من غير محترف للتجارة أي من شخص مدني اعتبر العمل مدنيا ، ولعل أبرز مايعيب هذه النظرية أنها تثير التساؤل الذي أراد أصحابه الإجابة عنه وهو ماهية العمل التجاري ، فالحرفة التجارية تعني مباشرة الشخص للأعمال التجارية بصفة معتادة ومستمرة وبالتالي فتحديد المقصود بهذه الحرفة يستلزم مسبقا الوقوف على ماهية العمل التجاري ، الأمر الذي يصل بنا وفقا لهذا المعيار إلى الوقوع في حلقة مفرغة ، لأن العمل التجاري يتحدد على ضوء الحرفة التجارية في الوقت الذي لايمكن معه تعريف هذه الأخيرة إلا من خلال الأعمال التجارية المكونة لها .
كما أن هذا المعيار لايمكن تطبيقه على بعض الأعمال التجارية التي نص المشرع على تجاريتها حتى ولو باشرها الشخص لمدة واحدة فقط حسب ماذكرتهالمادة من القانون التجاري حيث ذكرت "يعد عملا تجاريا ...
كل شراء للمنقولات لإعادة بيعها بعينها أوبعد تحويلها وشغلها...".
ثانيا: نظرية المقاولة :
يرى أصحاب هذا الرأي أن العمل التجاري لايستند إلى هدفه أو جوهره أو صفة الشخص القائم به ، وإنما إلى الصورة التي يمارس فيها هذا العمل ، وعلى ذلك فالعمل التجاري هو العمل الذي يتخذ شكل المقاولة أو المشروع أي الذي يتم على وجه التكرار بناءا على تنظيم مادي معين.
ولكن يعاب على هذه النظرية أنها لاتشمل كل التعداد لقانوني للأعمال التجارية ، كما أنها تستبعد العمل التجاري المنفرد مثل الشراء لأجل البيع .
أضف إلى جانب ذلك توجد مقاولات مدنية تخضع لقواعد القانون المدني وهذا مايؤدي بنا إلى القول أن نظرية المقاولة تتضمن جانب من الصحة إلا أنها ليست صحيحة على إطلاقها.
المطلب الثاني : المذهب الموضوعي: انظم إلى هذا المذهب نظريتي المضاربة والحرفة. أولا نظرية المضاربة : نادى بها الفقيهان ليون كانورنولد.
تعني المضاربة السعي وراء تحقيق الربح النقدي عن طريق العمل التحاري الذي يحترفه التاجر و ذلك من خلال فروق الأسعار التي تتجلى خصوصا في عملية الشراء لأجل البيع ففي نظرهم أي عمل يسعى أساسا إلى تحقيق الربح هو عمل تجاري أما الأعمال التي تتم دون هدف تحقيق كسب مادي من ورائها فلا تدخل في عداد الأعمال التجارية وإنما تعتبر أعمالا مدنية.
إلا أن هذه النظرية تعرضت لانتقادات عدة منها أن هناك أعمالا تعتبر تجارية كالتصرفات الخاصة بالأوراق التجارية (السفتجة ، السند لأمر ، الشيك ..) دون أن يكون الهدف منها تحقيق الربح ، وبالمقابل هنا عمليات أخرى يسعى الشخص من ورائها تحقيق الربح ولكن لاتعتبر قانونا من الأعمال التجارية كما هو الحال في ممارسة بعض المهام الحرة كالمهدنس في مكتبه الإستشاري والمحامي في مكتبه ، الطبيب في عيادته وكذلك المضاربات العقارية التي تحقق ارباحا طائلة ورغم ذلك فهي تعتبر أعمالا مدنية ، كما قد ينتهي هدف تحقيق الربح من العمل دون أن يؤثر في تجاريته مثلما هو الحال بالنسبة لعمليات بيع البضائع بأقل من ثمن شرائها للقضاء على منافس أو بسبب قابليتها للتلف.
ثانيا : نظرية التداول :
جاء بها الفقيه تايلور ومفادها أن التجارة تعني التداول أي تداول النقود والبضائع والسندات والتداول معناه تحريك السلعة وانتقالها كانتقال البضاعة المصنعة من المنتج إلى التاجر وبعد ذلك إلى المستهلك وعليه فإن عمليات تحويل المنتجات وتصنيعها وعمليات السمسرة والوكالة بالعمولة والنقل والنقل وكذلك بيع هذه المنتجات إلى المستهلك تدخل في عداد الأعمال التجارية لأنها تتعلق بالسلعة أو المنتج حال حركته ، أما العمل الذي تكون السلعة موضوعا له قبل أوبعد هذه الفترة أي حال وجودها في يد المنتج لم تتحرك أو بعد استقرارها في يد المستهلك وانتهاء حركتها فيعتبر عملا مدنيا تحكمه فواعد القانون المدني.
و بالتالي فإن كافة عمليات الإنتاج كالزراعة والصناعة الإستخراجية وعمليات الشراء النهائي للسلعة بواسطة المستهلك تعتبر أعمالا مدنية والإنتقادات التي وجهت لهذه النظرية تنحصر في أنا هناك أعمالا يتحقق فيها التداول للبضائع دون أن تعتبر تجاري كبيع المزارع انتاج مزرعته أو قيام التعاونية ببيع السلع لأعضائها أضف إلى ذلك أن نظرية التداول تتعارض مع نص المادة 02 من القانون التجاري الجزائري إذ أن هذا القانون يعتبر استغلال المناجم ومقاليع الحجارة ومنتجات الأرض الأخرى من الأعمال التجارية متى صدرت في شكل مقاولة.
المبحث الثاني : أهمية التمييز بين العمل المدني والعمل التجاري :
إن التمييز بين العمل التجاري والعمل المدني يفيد القضاء خصوصا من حيث المبادئ التي قد يتمتع بها التاجر دون أن نجدها في المعاملات المدنية وهذا ماسنراه في المطالب التالية:
المطلب الأول : المبادئ المدعمة لعنصر السرعة :
بما أن الحياة التجارية تتميز بالسرعة وجب على المشرع تحديد بعض المبادئ التي تتماشى وهذه الخاصية فأوجد بعضها المتعلق بالإختصاص وبعضها المتعلق بالإثبات والبعض الأخر المتعلق بالرهن الحيازي ، النفاذ المعجل ، المهلة القضائية
أولا : الإختصاص القضائي :
ونميز في هذا العنصر بين نوعين من الإختصاص هما الإختصاص النوعي المتعلق بنوع النزاع أو المعاملة ، والإختصاص المحلي الذي يتعلق بالحدود الجغرافية التي يمتد اويجب أن يقع في دائرتها رفع النزاع وبالرجوع للإختصاص النوعييمكن أن نقول بأن بخلاف المشرع الفرنسي الذي أخذ به بحيث يقضي القاضي بعدم الإختصاص في حالة ما إذا رفع نزاع مدني أمام المحكمة التجارية بخلاف المشرع الجزائري الذي تبنى نظام وحدة القضاء بدلا من مبدأ التخصيص وعليه لايحكم بعدم الإختصاص لو رفع النزاع المدني على المحكمة التجارية وهذا تدعيما منه لمبدأ المساواة بين الكافة ووحدة القضاء ويعتبر تقسيم المحكمة إلى أقسام مجرد تقسيم إداري بحت ولا يدخل في التقسيم القضائي.
أما بخصوص الإختصاص المحلي فإنه يرجع لموطن المدعى عليه المادة 37 قانون الإجراءات المدنية والإدارية "يؤول الإختصاص الإقليمي للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه ..." طبقا لمبدأ الدين مطلوب وليس محمول كما له أن يرفع النزاع أمام المحكمة التي وقع في دائرتها الإتفاق ونفذ كله أوبعضه شرط أن يكون هذا الإتفاق كله او بعضه فعلا قد تم في دائرة تلك المحكمة .
كما له أن يرفع أمام المحكمة التي تم في دائرتها الإتفاق على تنفيذ الإلتزام 39 /02 " ...مكان إبرام الإتفاق أو تنفيذه..."، أو أمام الجهة التي وقع في دائرة اختصاصها الوعد ،أو تسليم البضاعة أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة اختصاصها ، وفي الدعاوى المرفوعة ضد الشركة ،أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها أحد فروعها حسب المادة 39 فقرة 4 ق إ م إ أما في مواد الإفلاس أو التسوية القضائية للشركات والدعاوى المتعلقة بمنازعات الشركاء فيؤول الإختصاص إلى المحكمة التي وقع في دائة اختصاصها افتتاح الإفلاس او التسوية القضائية أو مكان المقر الإجتماعي للشركة المادة 40 فقرة 3 ق إ م إ.
ثانيا : الإثبــات :
تنص المادة 333ق م " في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على 100.000 دينار جزائري أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز الإثبات بالشهود في وجوده أو انقضائه مالم يوجد نص يقضي بغير ذلك "هذه المادة تقيد الإثبات في المعاملات المدنية بحيث كلما كانت أكثر من 100.000 دج أو غير محددة القيمةفإن إثباتها يستوجب شكلية معينة (الكتابة) أما في المسائل التجارية فقد أطلق المشرع حرية الإثبات ونستدل على هذا من نص المادة 30 من القانون التجاري ".
يثت كل عقد تجاري :
بسندات رسمية ،
بسندات عرفية،
بفاتورة مقبولة ،
بالرسائل،
بالدفاتر الطرفين ،
بلإثبات بالبينة أو بأي وسيلة أخرى إذا رأت المحكمة وجوب قبوله تطبيقات مبدأ حرية الإثبات : يجوز في المواد التجارية إثبات مايخالف أو يجاوز المكتوب بكافة طرق الإثبات وذلك خلافا لقواعد الإثبات في المواد المدنية إذ لايجوز إثبات مايخالف الكتابة كما أنه لايحتج في الواد المدنية بالمحررات العرفية إلاإذاكانت ثابتة التاريخ وبالمقابل فإنه في المعاملات التجارية يمكن الإحتجاج بها ولو لم تكن ثابتة التاريخ ثبوتا رسميا وهذا المبدأ يفسر عدم حاجة التاجر للحماية القانونية بالدرجة التي يحتاجها الشخص المدني كما أن التجار يقيدون أعمالهم في دفاتر تجارية مما يخفف من عيوب الإثبات ويسهل إقامة الدليل من طرف التاجر إستثناءات مبدأ حرية الإثبات: هناك بعض الأعمال التجارية التي تتطلب الشكلية نظرا
لأهميتها مثل عقد الشركة بحيث تنص المادة 418 ق م في هذا الشأن : "يجب أن يكونعقد الشركة مكتوبا وإلا كان باطلا..." و المادة 545 ق ت "تثبت الشركة بعقد رسمي وإلا كانت باطلة..." وعقد العمل البحري ، عقد النقل البحري ، عقد التأمين البحري ، وكما هو الشأن في الأوراق التجارية كالسفتجة ، السند الاذني ، الشيك ، كما اشترط الكتابة في بيع السفينة ورهنها وكذلك في بيع المحل التجارية ورهنه ، كما يجوز الإتفاق على أن يكون الإثبات في المواد التجارية بالكتابة لعدم تعلق قواعد الإثبات بالنظام العام وفي هذه الحالة لايقبل الإثبات بغير الكتابة.
ثالثا الرهن الحيازي :
حتى يتمكن الدائن من التنفيذ على المرهون في حالة عدم وفاء المدين بالتزاماته في المعاملات المدنية أي في الرهن المعقود لضمان مدني ، اشترط المشرع حصول ذلك الدائن على حكم من القضاء ، وهذا يتطلب إجراءات طويلة ومعقدة بينما جعل للتنفيذ في الرهن المقوعد لضمان تجاري إجراءات بسيطة فأورد المادة 33 ق ت التي تنص على مايلي : " إذا لم يتم الدفع في الإستحقاق ، جاز للدائن خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغ عاد حاصل للمدين أو الكفيل العيني من الغير إذا كان له محل ، أن يشرع في البيع العلني للأشياء المرهونة .
ويجوز لرئيس المحكمة بناء على طلب الأطراف أن يعين عونا للدولة مختصا للقيام بهذا العمل ....".
رابعا النفاذ المعجل :
لاتكون الأحكام في المواد المدنية قابلة للتنفيذ إلا بعد أن تحوز قوة الشيئ المحكوم به ، أما الأحكام الصادرة في المعاملات التجارية فهي واجبة النفاذ المعجل سواء كان الحكم قابلا للإعتراض أو الإستئناف بشرط تقديم كفالة من قبل التاجر الصادر الحكم لمصلحته وهذا تدعيما لعنصر السرعة كما سبق الإشارة.
خامسا المهلة القضائية :
يجوز للقاضي في المواد المدنية منح المدين مهلة لتنفيذ التزامه إذا استدعت حالته ذلك بشرط أن يكون المدين حسن النية ودون أن يترتب ضررا للدائن بسبب هذا التأجيل ، ولكن في المعاملات التجارية لايمكن منح هذه المهلة بسبب أن التجارة قوامها السرعة والإئتمان
سادسا الإعذار :
نفاده أن الدائن يقدم توجيه إنذار للمدين حتى يوفي بالتزامه يتم بورقة رسمية بواسطة أعوان القضاء ، أما في الأعمال التجارية فقد جرى العرف على أن يتم الإعذار بخطاب عادي أو ببرقية دون الإلتجاء على الأوراق الرسمية.
المطلب الثاني : المبادئ المدعمة لعنصر الإئتمان :
أولا إفتراض التضامن :
الأصل في المعاملات التجارية أن التضامن مفترض فيما بين المدينين عند تعددهم ودون حاجة إلى اتفاق أو نص قانوني وهذا ماجرى عليه العرف التجاري، ولكن مع ذلك نص عليه القانون التجاري في بعض الحالات من خلال المادة 551 ق ت بحيث نصت على مايلي :" ...على أن الشركاء في شركة التضامن يكونون مسؤولون من غير تحديد وبالتضامن عن ديون الشركة" والتضامن بين جميع الموقعين على الورقة التجارية في الوفاء بقيمتها لحاملها وهذا على عكس ماهو معمول به في المعاملات المدنية إذ يعتبر التضامن مفترضا بين المدينين طبقا للمادة 217 ق م " التضامن بين الدائنين أو بين المدينين لا يفترض، وإنما يكون بناءا على اتفاق أو نص في القانون ".
ثانيا نظام الإفلاس :
لقد رعى القانون التجاري من هذا المبدأ التضييق على الدين التاجر حماية لدائنيه وتوثيقا لعنصر الإئتمان وهي تطبق على التجار فقط فالأشخاص المدنية يطبق عليها نظام الإعسار ،ويطبق نظام الإفلاس على التجار بسبب توقفهم عن دفع ديونهم التجارية والمدنية على حد سواء وبصدور حكم الإفلاس تغل يد المدين عن إدارة أمواله والتصرف فيها وحق لجميع دائنيه أن يتدخلوا في إجراءات التفليسة ، ويعينون وكيلا عنهم لقيام بالتصفية لأموال المفلس وتوزيع الصافي بين جميع الدائنين باعتبار قيمة دين كل واحد منهم.
ثالثا صفة التاجر :
يشترط القانون التجاري لاكتساب صفة التاجر ممارسة الأعمال التجارية على وجه الإحتراف ، ومن ثم يخضع للإلتزامات التي يخضع لها التجار كالقيد في السجل التجاري لمادة 19 ق ت " يلزم بالتسجيل في السجل التجاري " .
كل شخص طبيعي له صفة التاجر..." وكذا مسك الدفاتر التجاريةالمادة 09 ق ت " كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة التاجر ملزم بمسك دفاتر لليومية ..." ومن ثم يمكن إثبات صفة التاجر بكافة طرق الإثبات ، ولقاضي الموضوع سلطة استنباط القرائن الدالة عليها.
خاتمة :
يتبين لنا من كل هذه المحاولات الفقهية أنه ليس من السهل رسم الفواصل التي تفصل بين الأعمال التجارية والأعمال المدنية ولعل هذا الموضوع يعد من اشق صعوبات القانون الخاص حيث ضاق به بعض الفقهاء فنادوا بوجوب توحيد القانون التجاري والقانون المدني مادام أنه من العسير تحديد دائرة كل منهما.
ولأن الفقهاء عجزوا على الرغم من تعدد وتنوع المعايير في وضع ضابط ثابت عام يضم جميع العمليات التي يصفها المشرع بأنها تجارية؛ فإنه يمكن القول بأن العمل التجاري هو العمل الذي يتعلق بالوساطة في تداول الثروات ويهدف إلى المضاربة على أن يتم على وجه المقاولة بالنسبة للأعمال التي يتطلب فيها القانون ذلك ".
وهذا التعريف العام يشتمل على أكثر من معيار وهذا ما أدى بطبيعة الحال بالمشرع الجزائري إلى سرد الأعمال التجارية وتصنيفها بين أعمال تجارية أصلية (بحسب الموضوع وبحسب الشكل) وشخصية ( أعمال تجارية بالتبعية).
أيضا يلاحظ أن الأعمال التجارية لاغنى لها عن عنصري السرعة والإئتمان، فعنصر الوقت له قيمته وأهميته في حياة التاجر نظرا لتكرار إبرام العقود من جانبه وتنوعها وسعيه الدائم لتحقيق أكبر قدر ممكن من الربح، الأمر الذي أدي لوضع تنظيم يتلائم مع عنصر السرعة الذي يعد عصب الحياة التجارية.
ومن ناحية أخرى فإن الإئتمان يمثل الدعامة الأساسية للمعاملات التجارية عموما؛ لكون الأخيرة غالبا ما تتم بأجل.
لذا فقد رعا المشرع عند تنظيمه للأعمال التجارية؛ فأفرد لها نظاما خاصا عن تلك المنظمة للأعمال المدنية،من حيث حرية الإثبات في المواد التجارية بعكس المواد المدنية .
المراجع :
فضيل نادية : القانون التجاري الأعمال التجارية ،التاجر ، المحل التجاري ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الطبعة الخامسة منقحة ومزيدة ، 2001.
العريني محمد فريد ود/ محمد السيد الفقي : الأعمال التجارية ، التجار ، والشركات التجارية منشورات الحلبي الحقوقية 2003.
فوزي محمد سامي : شرح القانون التجاري الجزء 1 ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، 2004 .
عمارعمورة : الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري ، الأعمال التجارية ، التاجر ، الشركات التجارية ، دار المعرفة.
علي بن غانم : الوجيز في القانون التجاري وقانون الأعمال ، طبع المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية وحدة الرغاية ، الجزائر.
التشريع القانوني :
القانون التجاري الجزائري والنصوص التطبيقية والإجتهاد القضائي والنصوص المتممة ، مبروك حسين ، الطبعة الرابعة ، دار هومة ، 2005.
- القانون المدني : أمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق لـ 26 سبتمبر سنة 1975 يتضمن القانون المدني.
- قانون الإجراءات المدنية والإدارية رقم 08-09 الموافق ل 25 فيفري 2008.