المادة 337 مكرر قانون العقوبات
بحث جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم
المبحث الأول أركان جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم
المطلب الاول الركن المادي (الفعل المادي الفاحش )
المطلب الثاني : علاقة القرابة أو المصاهرة
المبحث الثاني : المتابعة و الجزاء في جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم
المطلب الأول : أولا المتابعة
المطلب الثاني : الجزاء في جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم
خاتمة
نص المادة 337 مكرر قانون العقوبات : تعتبر من الفواحش بين ذوي المحارم العلاقات الجنسية التي ترتكب بين :
1 -الأقارب من الفروع أو الأصول
2 -الإخوة والأخوات الأشقاء؛ أو من الأب أو من الأم
3 -شخص وابن أحد إخوته أو أخواته الأشقاء أو من الأب أو من الأم أو من أحد فروعه؛
4 -الأم أو الأب والزوج أو الزوجة والأرمل أو أرملة ابنه أو مع أحد آخر من فروعه.
5 -والد الزوج أو الزوجة أو زوج الأم أو زوجة الأب وفروع الزوج الآخر
6 -أشخاص يكون أحدهم زوجا لأخ أو لأخت.
تكون العقوبة السجن من عشر (10) سنوات إلى عشرين (20) سنة في الحالتين 1 و2 والحبس من خمس (5(
سنوات إلى عشر (10) سنوات في الحالات 3 و4 و5 والحبس من سنتين (2) إلى خمس (5) سنوات في الحالة 6 أعلاه
وتطبق على العلاقات الجنسية بين الكافل والمكفول العقوبة المقررة للفاحشة المرتكبة بين الأقارب من الفروع أو الأصول.
ويتضمن الحكم المقضي به ضد الأب أو الأم أو الكافل سقوط الولاية و/أو الكفالة. مقدمة
تعد الأسرة هي الخلية الأساسية لبناء المجتمع و المحافظة عليه، و أمام انهيار أخلاق المجتمع ، أدى هذا إلى تفاقم حالات التفكك الأسري ، ويندرج ضمن هذا الأخير ازدياد الفاحشة بين الأقرباء، وهذا ما يعرف بجريمة الفحش بين ذوي المحارم ، مما دفع إلى حتمية تدخل الدولة في بعض الشؤون الخاصة بالأسرة، من أجل رفع الظلم وإقرار الأخلاق الحميدة و إرجاع الحقوق المسلوبة بين الأقارب، لذلك نجد أن حماية الأسرة لا تقتصر على قانون الأسرة فحسب ، بل تتعداه إلى قانون العقوبات ، الذي بدوره يوفر حماية جنائية للأسرة ، وهي الحال التي تنطبق على جريمة الفحش بين ذوي المحارم، ذات الصبغة الجنسية، وتربط بين مرتكبيها رابطة الدم أو المصاهرة، فقد وفر المشرع الجزائري لهذا الفعل المجرم بتوافر عناصره ،حماية جنائية مباشرة و غير مباشرة وذلك لأهمية نظام المحارم، مجرما التعدي على هذا النظام على منوال الشريعة الإسلامية، وذلك بترتيب عقوبات ردعية إلى كل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة الشنعاء. المبحث الأول : أركان جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم
عرف الأستاذ سعد عبد العزيز جريمة الفحش : ” بأنها كل فعل من أفعال الاتصال الجنسي المباشر التي تقع بين شخص ذكرا كان أو أنثى و بين أحد محارمه شرعا من أقاربه أو أصهاره أو غيرهم برضائهم المتبادل ، و قد ورد النص على تجريم هذه الأفعال في المادة 337 مكرر من قانون العقوبات
-يتبين أن هذه الجريمة تحتوي على ثلاثة أركان نتخذها بالدراسة في ثلاثة فروع:
أولا: الركن المادي
ثانيا: علاقة القربة أو المصاهرة ذات الطبيعة المحرمية
ثالثا : القصد المطلب الاول : الركن المادي (الفعل المادي الفاحش )
يتوفر الفعل المادي لقيام جريمة الفحش بين ذوي المحارم بوقوع علاقة جنسية طبيعية تامة بين رجل و امرأة استنادا إلى رضائهما الصريح المتبادل دون استعمال عنف أو غش أو تهديد أو إكراه مادي أو معنوي من أحد الطرفين ضد الآخر. أما إذا صاحب الفعل تهديدا أو إكراها فإن الوصف الجرمي يصبح اغتصابا لا فحشا و نطبق أركان المادة 336 فقرة 01 بدل المادة 337 مكرر .
و نفترض أيضا في جريمة الفحشاء مساس مباشر بجسم المجني عليه و يخرج من نطاقها الأفعال التي يرتكبها الجاني على جسمه أمام نظر المجني عليه مهما كانت درجة فحشاه و مهما بلغ تأثيره عليه .
إلى جانب أنه لا يشترط لوجود الركن المادي الوطء الطبيعي الذي سيحصل بإيلاج عضو التذكير في فرج الأنثى، و إنما يشمل كل إيلاج جنسي بالإيلاج بالدبر و حتى بالفم و لا يهم إن كان الجاني ذكرا أو أنثى و من ثم تشمل العلاقة الجنسية اللواط و المساحقة و يشترط الرضا بين الطرفين بطبيعة الحال. المطلب الثاني : علاقة القرابة أو المصاهرة
يشترط القانون لقيام جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم وجود صلة قرابة أو نسب أو مصاهرة بين مرتكبي جريمة الفحش أو وجود أحد أو بعض أسباب التحريم المنصوص عليها في المواد من 24 إلى 30 من قانون الأسرة .
و يثار التساؤل بشأن الرضاع: فهل تطبيق قاعدة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قياسا على الزواج فيكون الجواب بنعم مع حصر التحريم في الطفل الرضيع وحده دون إخوته و أخواته طبقا لنص المادة 28 من قانون الأسرة التي نصت على: ” يعد الطفل الرضيع وحده دون إخوته و أخواته وليد للمرضعة و زوجها و أخا لجميع أولادها و يسري التحريم عليه و على فرعه ” . المطلب الثالث : القصد الجنائي
بالإضافة إلى الركنين السابقين يشترط القانون القصد الجنائي لقيام هذه الجريمة و المراد بالقصد هنا هو القصد العام الذي يتوفر بمجرد علم كلا المتهمين بأن الشخص الآخر الذي يقوم بممارسة أو تنفيذ الفعل الجنس معه من ذوي محارمه أما إذا كان الفاعلان لا يعلمان أو ليس في استطاعة أحدهما أو كلاهما، العلم بصفة الحرمة أو بسبب التحريم انتفى القصد الجنائي و لم تعد الجريمة قائمة.
أما إذا كان أحدهما لا يعلم و الآخر يعلم فإن العقاب يسلط فقط على من كان يعلم .
و ينبغي التنويه أيضا إلى أن الأنثى التي ترضى و تسمح بارتكاب الفاحشة معها من احد أصولها أو فروعها، مع علمها بالقرابة و تكون فوق سن السادسة عشر مرتكبة لجريمة وطئ المحرمات كفاعل أصلي لأن الرضا الصادر من هذه الأنثى لا يعتبر سببا مبررا أو مبيحا لهذه الجريمة أو ينفي المسؤولية عن الجاني أو المجني عليها نفسها .
و من خلاصة القول يتضح أن الركن المعنوي لابد فيه من توافر العلم و الإرادة مهما كان الباعث الذي دفع الجاني على ارتكاب جريمة الفحش بين ذوي المحارم فقد يكون هذا الباعث إشباعا للشهوة البيولوجية أو غير ذلك.
و بإتمامنا للمطلب الأول نعمل على شرح المطلب الثاني تحت عنوان المتابعة و الجزاء. المبحث الثاني : المتابعة و الجزاء في جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم
نتطرق إليه بالشرح و التحليل:
الفرع الأول المتابعة.
الفرع الثاني الجزاء. المطلب الأول : أولا المتابعة 1- خضوعها في المتابعة إلى القواعد العامة
– تخضع هذه الجريمة في المتابعة إلى القواعد العامة في تحريك النيابة العامة للدعوى العمومية، و مباشرتها باسم المجتمع، بخلاف جريمة الزنا بين الزوجين التي نص فيها المشرع على تحريكها من قبل الطرف المضرور استثناءا من الأصل العام ، ذلك أن جريمة الفحش بين ذوي المحارم جريمة يهتز لها عرش الرحمن تمس بكيان المجتمع، و تزعزع نظامه أكثر مما تمس بالفرد، فأحسن المشرع الجزائري عندما أخضعها لسلطة النيابة العامة في ملائمة المتابعة إذ عليها أن تثبت هذه الجريمة بجميع وسائل و طرق الإثبات. 2- إثبات جريمة الفحش بين ذوي المحارم
– تثبت هذه الجريمة بشهادة الشهود أو بالأدلة الشفوية ، بخلاف جريمة الزنا التي قيد المشرع إثباتها بوسائل محددة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانون العقوبات. المطلب الثاني : الجزاء في جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم
إذا رجعنا بتمعن و حرص إلى نص المادة 337 مكرر من قانون العقوبات فإننا نجد أنها تضمنت ثلاث أنواع من العقوبات: النوع الأول : العقوبة الجنائية لفعل ذي وصف جنائي عقوبته من 10 إلى 20 سنة سجنا و هي جناية فعل الفحش بين الأصول و الفروع و بين الإخوة و الأخوات. النوع الثاني : العقوبة الجنائية لجريمة ذات وصف جنحي بين 05 إلى 10 سنوات حبس و هي جنحة فعل الفحش بين الأشخاص، وهم:
شخص و ابن أحد إخوته أو أخواته أو أحد فروعه.
بين الأم أو الأب و زوجة أو زوج و أرمل أو أرملة الابن أو أحد فروعه.
ولد الزوج أو الزوجة أو زوج الأم أو زوجة الأب و أحد فروع الزوج الآخر. النوع الثالث : العقوبة الجنحية لجريمة ذات وصف جنحي عقوبتها بين سنتين و خمس سنوات حبس وهي جنحة فعل الفحش المقترف بين أشخاص يكون أحدهم زوجا لأخ أو أخت الآخر.
وفي جميع الأحوال إذا ارتكبت الفاحشة من شخص راشد على شخص قاصر، يبلغ من العمر 18 عاما فإن العقوبة المفروضة على الراشد تفوق وجوبا العقوبة المفروضة على الشخص القاصر، كما أن هذه الجريمة تكون قائمة حتى و لو كان أحد طرفيها من لم يبلغ سن الرشد الجزائي، لأن المادة 337 لم تشر إلى سن معينة و لم تنص على السن إطلاقا خلافا لجريمتي هتك العرض و الفعل المخل بالحياء الذي يفرق فيه المشرع بين الضحية القاصر و الراشد و هو أحد ما تبنته المحكمة العليا في أحد قراراتها .
و يتضمن الحكم المقضي به ضد الأب أو الأم فقدان حق الأبوة أو الوصاية الشرعية طبقا للمادة 337 مكرر الفقرة الأخيرة.
و يجب على القاضي أن يقرره من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب النيابة أو بطلب من يتولى أمر القاصر .
من أهم الحقوق التي تضمنتها قواعد الشريعة الإسلامية والقوانين الجزئية الوضعية حق الطفل في أن يتولى كفالته أبواه طوال مدة صغره وحاجته إليهما، وأن يسهرا منفردين أو مجتمعين على رعايته وتعليمه، وعلى حمايته من كل ما يضره أو يلحق به الأذى ولاسيما الأذى الذي يكون مصدره الأبوان أنفسهما مثل الترك و التسيب والضرب والتعذيب والقتل.
وفي هذا الإطار جاء قانون العقوبات ووضع قواعد عقابية من شأنها حماية الولد الصغير من كل عنف وجور أو اعتداء سواء على خلقه أو على جسمه، ومن شأنها أيضا أن تجازي أحد الوالدين الذي يتعمد الاعتداء على حقوق أولاده بالجزاء المناسب لذا فإننا سنتطرق في هذا الفصل إلى خمس جرائم نص عليها قانون العقوبات الجزائري، حيث سنتناول في المبحث الأول جريمة الإجهاض، وفي المبحث الثاني جريمة قتل طفل حديث العهد بالولادة، وفي المبحث الثالث جريمة ترك الأطفال وتعريضهم للخطر، وفي المبحث الرابع جريمة عدم تسليم طفل ونتناول أخيرا في المبحث الخامس جريمة خطف أو إبعاد قاصر. خاتمة
تماشيا مع التحولات التي يشهدها المجتمع الجزائري وتناميا لظاهرة الفحش بين ذوي المحارم المتنافية مع شريعتنا الإسلامية و ديننا الحنيف من جهة, و لتقاليدنا السائدة من جهة أخرى و توافقا مع النداءات الداخلية و الخارجية المناهضة لهذه الجريمة ما دفع بالمشرع الجزائري إتباع سياسة جنائية تتلاءم و المستجدات الحالية وذلك من خلال إضفائه حماية جنائية مباشرة لجريمة الفحش بين ذوي المحارم تتمثل في حماية نظام المحارم و الهدف من تحريمها أنما تروم لتجنب اختلاط الأنساب و ذلك تفاديا لتدمير الأسرة بالمفهوم الواسع كذلك وفر المشرع الجزائري حماية جنائية غير مباشرة لشرط من شروط
الزواج وهو: انعدام الموانع الشرعية بالإضافة أنه وفر حماية لنظام الكفالة كون هذا الأخير التزام على وجه التبرع لأنه يقوم بنفس الالتزامات التي يقوم بما الوالد تجاه ابنه و حماية الطفل المكفول فالرابطة الأسرية تدخل كعنصر تكويني في التجريم في هذه الحركة فلمشرع الجزائري ساير الشريعة الإسلامية بتجريمه لهذه الجريمة منتهج سياسة ردعية وذلك بوصفها على أنها جناية و بتشديده للعقوبة كلما كانت درجة القرابة أقرب و تارة هي جنحة, بالإضافة إلى نص المشرع على تدابير الأمن وذلك بسقوط الولاية و الكفالة و الوصاية للشرعية فالقاضي هنا ملزم بتطبيقها بناءا على طلب من النيابة العامة أو بطلب من متولي الرقابة فالمشرع الجزائري وفق إلى حد كبير مقارنة بغيره من التشريعات فأضاف الكفيل و عاقبه بحناية وألغى العقوبة على القاصر.