المادة 304 قانون العقوبات بحث حول
جريمة الاجهاض وفق القانون الجزائري
نص المادة 304 ق ع
كل من أجهض امرأة حاملا أو مفترض حملها بإعطائها مأكولات أو مشروبات أو أدوية أو باستعمال طرق أو أعمال عنف أو بأية وسيلة أخرى سواء وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك
يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 500 إلى 10.000 دينار.
وإذا أفضى الإجهاض إلى الموت فتكون العقوبة السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة.
وفي جميع الحالات يجوز الحكم علاوة على ذلك بالمنع من الإقامة.
مقدمة المبحث الأول : اركان جريمة الاجهاض
المطلب الأول : الركن المفترض (محل الجريمة)
المطلب الثاني : الركن المادي لجريمة الاجهاض
المطلب الثاني : الركن المعنوي
المبحث الثاني : صور و عقوبات جريمة الاجهاض
المطلب الاول: صور جريمة الإجهاض
المطلب الثاني : حالات الإستثناء من جريمة الاجهاض
المطلب الثالث : العقوبات المقررة لجريمة الاجهاض و التحريض عليه
خاتمة
مقدمة
حق الحياة للجنين وحمايته يكفله القانون والمشرع الجزائري رغم أنه لم يعرف جريمة الإجهاض إلا أنه حدد أنواعها وأركانها والعقوبات المترتبة عنها كما تم تناوله من الناحية الشرعية فقد تم تحريمه من قبل الشريعة الإسلامية أما من الناحية الناحية القانونية فقد تم اعتباره جناية يعاقب عليها القانون الجزائري خاصة فقد تم وضع عقوبات مقررة له حيث يعتبر الإجهاض من بين تلك الاعتداءات التي تمس بحياة الجنين وله تاريخ طويل حيث أنه عرف منذ العصور القديمة وكان أول شريعة جرمت هذا الفعل كانت شريعة حمورابي عام 1760 قبل الميلاد حيث فرضت غرامات على المرأة التي تقوم بهاء وأول شريعة حكمت بالإعدام كانت شريعة الحضارة الأشورية عام 1075 قبل الميلاد حيث طبق ذلك على المرأة التي تقوم بالإجهاض ضد رغبة زوجها ولقد استخدمت عدة أساليب في الإجهاض قبل العصور الحديثة منها الأعشاب واستخدام أدوات حادة وغيرها من الأساليب التقليدية والتي كانت تسبب حالات العقم وأمراض خطيرة للأم وغالبا ما كانت النتيجة موت الأم والجنين معا.
المبحث الأول : اركان جريمة الاجهاض
إن المرأة الحامل هي المرأة التي لها جنين مستقر في الرحم ولم يخرج إلى الحياة وهذا الجنين يحميه القانون، كما تحمى الأم والمجتمع.
- حماية الجنين: لأنه يصبح طفلا في المستقبل وهذا الأخير يكون دعامة للمجتمع وهذا الكائن له الحق في الحياة وهو حق طبيعي.
- حماية الأم: إن الاعتداء على الجنين يكون اعتداء على جسم المرأة وهو الاعتداء على الحياة الطبيعية للمرأة يمنعه المشرع، ويمنع حتى على المرأة إجهاض نفسها.
حماية المجتمع: إن تعرضت المرأة والجنين إلى الاعتداء يتسبب في الإضرار بها فإن ذلك يؤدي إلى عرقلة المجتمع الذي يحتاج إلى أفراد أصحاء
إذ تقضي المادة 304 من قانون العقوبات على أنه ” كل من أجهض إمرأة حاملا أو مفترض حملها بإعطائها مأكولات أو مشروبات أو أدوية أو باستعمال طرق أو أعمال عنف أو بأية وسيلة أخرى سواء وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك يعاقب بالحبس من سنة إلى 05 سنوات وبغرامة من 500 إلى 10.000دج
وإذا أفضى الإجهاض إلى الموت تكون العقوبة السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة.
وفي جميع الحالات يجوز الحكم علاوة على ذلك بالمنع من الإقامة”
تعريف الإجهاض :
لم يعرف المشرع الإجهاض إلا أن بعض الفقه عرفه بأنه إخراج الجنين عمدا من الرحم قبل موعده الطبيعي أو قتله عمدا في الرحم، ويزيد البعض هذا التعريف إيضاحا بأن يتم الإجهاض باستعمال وسيلة صناعية.
نستخلص مما تقدم بأن الإجهاض هذا هو إنهاء حالة الحمل قبل الأوان عمدا أو القضاء على الجنين داخل رحم المرأة وإسقاطه قبل الموعد المحدد للولادة ومن المسلم به أن جريمة الإجهاض تقع في كل حالة تنتهي بها حالة الحمل بطريقة غير تلقائية ويتضح من هذا التعريف أن لجريمة الإجهاض 03 أركان وهي الركن المفترض (محل الجريمة)، الركن المادي، الركن المعنوي، والتي سنتناولها بالدراسة في المطلب الآتي.
المطلب الأول : الركن المفترض (محل الجريمة)
إن محل الجريمة هنا هو وجود حالة الحمل فعلا أي وجود جنين في رحم المرأة يقع عليه فعل الاعتداء سواء بإخراجه حيا قبل موعد ولادته أو قتله في الرحم أو فرضا حسب الأوضاع العادية أي حيث المفهوم الخارجي أو بأنها بنفسها تتوهم بأنها حاملا أو توهم غيرها كما نصت المادة 304: ” كل من أجهض امرأة حاملا أو مفترض حاملا..”
وتبدأ حماية حق الجنين في الحياة منذ لحظة الإخصاب إلى لحظة بداية عملية الولادة.
تأخذ هذه الجريمة ثلاث صور :
- المرأة التي تجهض نفسها
- إجهاض المرأة من قبل الغير
- التحريض على الإجهاض.
الصورة الأولى: إجهاض المرأة لنفسها :
طبقا للمادة 309 من قانون العقوبات والتي تنص ” تعاقب بالحبس من 06 أشهر إلى سنتين وبغرامة من 260 إلى ألف دينا جزائري المرأة التي أجهضت نفسها عمدا أو حاولت ذلك أو وافقت على استعمال الطرق التي أرشدت إليها أو أعطيت لها لهذا الغرض”
الصورة الثانية: إجهاض المرأة من قبل الغير :
طبقا لنص المادة 304 التي تقضي :”كل من أجهض امرأة حاملا أو مفترض حملها…سواء وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك…”
فالمشرع لم يعتد برضا المرأة نظرا لكون الجريمة تهدد المصلحة العامة الاجتماعية لكون الضحية الحقيقية هو الطفل الذي يحرم من الحياة.
الصورة الثالثة: التحريض على الإجهاض :
طبقا للمادة 310 من قانون العقوبات: ” يعاقب بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 500 إلى 10.000 دج أو بالإحدى هاتين العقوبتين كل من حرض على الإجهاض ولو لم يؤدي تحريضه إلى نتيجة ما وذلك بأن:
- ألقى خطابا في أماكن أو اجتماعات عمومية
- أو باع أو طرح للبيع أو قدم ولو في غير علانية أو عرض أو ألصق أو وزع في الطريق العمومي أو في الأماكن العمومية أو وزع في المنازل كتبا أو كتبات أو مطبوعات أو إعلانات أو ملصقات أو رسوما أو صورا رمزية أو سلم شيئا من ذلك مغلفا بشرائط موضوعا في ظروف مغلقة أو مفتوحة إلى البريد أو إلى أي عامل توزيع أو نقل.
- أو قام بدعاية في العيادات الطبية الحقيقية أو المزعومة.”
إذ لم يكتفي المشرع الجزائري تجريم الإجهاض في صورته الأولى والثانية وإنما جرم أيضا كل صور الدعاية والتحريض في وسائط الإجهاض لكي يقطع الطريق على من يفكر في ارتكاب هذه الجريمة ويحد من ارتكابها لأن المجهض لن يجد بسهولة ما يحتاج إليه من مواد وأدوات يستخدمها لإجراء الإجهاض.
المطلب الثاني : الركن المادي لجريمة الاجهاض
هو الفعل الذي يصدر عن الأم أو الغير والذي من شأنه إنهاء حالة الحمل وفصل الجنين عن أمه قبل الموعد الطبيعي بغض النظر عن الوسيلة المستعملة كما جاء في نص المادة 304 : “…أو بأي وسيلة أخرى…”
أولا: الوسائل المستعملة :
تقضي المادة 304 من قانون العقوبات: ” كل من أجهض امرأة حاملا أو مفترض حاملها بإعطائها مأكولات أو مشروبات أو أدوية أو يستعمل طرق أو أعمال عنف أو بأية وسيلة أخرى سواء وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك…”
ويفهم من العبارة الأخيرة أن المشرع عدد الوسائل على سبيل المثال لا الحصر لذا تعتبر جريمة الإجهاض ذات الطابع الحر من ناحية الوسيلة، إذ يستوي أن تكون الوسيلة مادية أو معنوية.
فقد تكون وسيلة الإجهاض كميائية مثل الأدوية الطبية أو مادة أخرى أيا كانت طريقة تعاطيها (شرابا، أقراص، حقن…الخ.) يكون من شأنها إنهاء الحمل.
وقد تكون وسيلة الإجهاض ميكانيكية مثل توجيه أشعة إلى جسم الحامل أو تدليك جسمها بطريقة تؤدي إلى إنهاء حالة الحمل وكذلك ضرب الحامل ؟
وقد تلجأ المرأة الحامل إلى وسائل لا تبدو في ظاهرها إنهاء للحمل ولكنها في حقيقتها تؤدي إلى ذلك، مثل ممارسة الرياضة الطبيعية كالقفز أو حمل الأثقال أو ارتداء ملابس ضيقة أو أحزمة ضاغطة.
وقد تكون وسيلة الإجهاض معنوية مثل ترويع الحامل أو الصراخ فجأة في وجهها. وإذا كان الغالب أن يكون فعل الإجهاض إيجابيا فإنه لا يوجد ما يحول من وقوع جريمة الإجهاض لفعل سلبي أي على طريقة الامتناع مثل امتناع الأم عن الطعام أو الامتناع عن تقديم الطعام لها.
ومهما كانت الوسيلة المستعملة يجب إقامة الدليل على أنها كانت السبب في الإجهاض، ولقاضي الموضوع أن يسترشد برأي الخبراء؛
ومهما كانت نجاعة الوسيلة المستعملة فإن ذلك لا يحول دون عدم العقاب على الجريمة المستحيلة، فمن يشرع في الإجهاض باستعمال وسائل غير ناجعة فإنه يتعرض للعقاب على أساس أن عدم صلاحية الوسيلة المستعملة تدخل ضمن الظروف المستقلة عن إرادة الجاني، وهذا المبدأ ينطبق على الجريمة الإجهاض بصورتيها الأولى والثانية.
ثانيا : النتيجة :
وتتمثل في إنهاء حالة الحمل قبل الموعد الطبيعي ويمكن تصورها في الحالات التالية: حالة خروج الجنين ميتا من رحم أمه قبل الموعد الطبيعي لولادته وحالة خروج الجنين حيا من رحم أمه قبل الموعد الطبيعي لولادته لأن في خروج الجنين في هذه الحالة اعتداء على حقه في استمرار النمو الطبيعي حتى الولادة الطبيعية.
لا يشترط لوقوع جريمة الإجهاض أن تظل الأم الحامل على قيد الحياة بعد ارتكاب تلك الجريمة فمن المتصور أن يكون فعل الإجهاض هو فعل قتل الحامل وتكون النتيجة المرتكبة عن الفعل الواحد إنهاء حياة الأم وإنهاء الحمل في نفس الوقت فإذا توفر القصد الجنائي نكون أمام جريمتين فيسأل الفاعل عن القتل والإجهاض في نفس الوقت.
ثالثا : العلاقة السببية
يجب أن تتوفر علاقة سببية بين فعل الإجهاض وإنهاء حالة الحمل قبل الموعد الطبيعي وذلك بأن يثبت بأن الفعل الذي قام به الجاني هو الذي أدى إلى خروج الجنين من رحم الأم قبل الموعد الطبيعي لولادته حيا أو ميتا.
إذ تكون الجريمة تامة إذا تحققت النتيجة وحصل الإجهاض ولا يهم إن حدث الفعل في بداية أو نهاية الحمل، أما إذا لم تتحقق النتيجة المرغوبة فيسأل الجاني عن الشروع في الإجهاض والشروع معاقب عليه بنص القانون طبقا للمادة 304:”…أو الشروع في ذلك…”
كما يعاقب المشرع الجزائري على الجريمة المستحيلة إذ نصت المادة 304 على قيام الجريمة سواء كانت المرأة حاملا أو مفترض حملها، على عكس المشرع المصري الذي يشترط لقيام جريمة الإجهاض وجود حمل.
المطلب الثاني : الركن المعنوي
جريمة الإجهاض جريمة عمدية، وتتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل مع العلم أن ذلك معاقب عليه قانونا، فيجب أن يعلم الجاني أن المرأة حامل أو مفترض حملها، ومع ذلك يريد القيام بالاعتداء عليها، فإذا كانت إرادته سليمة ومختارة ويريد الفعل يكون قد ارتكب الجريمة، أما إذا كان يجهل ذلك وأحدث فعله إجهاضا فإنه لا يعاقب من أجل الإجهاض، وإنما من أجل أعمال العنف، فهنا القصد الجنائي قصد جنائي عام.
وعلية فإن جريمة الإجهاض تقتضي توافر كل العناصر والأركان المشار إليها سابقا طبقا لنص المادة 304 من قانون العقوبات لذلك يتعين على قضاة الموضوع إبرازها في أحكامهم للنطق بالإدانة على أساس تهمة الإجهاض وإلا تعرضت أحكامه إلى النقض وفي هذا الصدد صدر عن المحكمة العليا غرفة الجنح والمخالفات القرار رقم 252408 بتاريخ 12/02/2001 قضية (ح.ر) ضد (ب.ف) جاء فيه ” إن إدانة المتهم بجريمة الإجهاض دون إبراز عناصر التهمة وإثبات القصد الحقيقي للضرب الرامي لمحاولة الإجهاض يعد انعداما في الأساس القانوني” .
4-الركن المادي للصورة الثالثة:التحريض على الإجهاض
يتمثل في كل عمل من شأنه التأثير في نفس الضحية أو الشخص الذي يقع عليه فعل التحريض حتى ولو لم يكن هذا التحريض قد أدى إلى النتيجة المرجوة.
1-الوسيلة المستعملة :
تشترط المادة 310 أن يقوم التحريض بوسيلة من بين الوسائل المحددة على سبيل الحصر و هي
- إلقاء خطب في أماكن أو اجتماعات عمومية.
- بيع أو عرض أو إلصاق أو توزيع كتابات أو صور أو رسوم.
- القيام بالدعاية في العيادات الحقيقية أو المزعومة.
وعليه فإن مجرد إلقاء خطب حماسية في اجتماعات أو أماكن عامة ومجرد بيع أو عرض صور أو محررات بأي لغة كانت وبأي شكل كانت تتضمن دعوة صريحة أو ضمنية، إلى الإجهاض وإسقاط الحمل تكون كافية وحدها أو مع غيرها لتكوين جريمة التحريض على الإجهاض المعاقب عليها بنص المادة 310 من قانون العقوبات
2-النتيجة :
لم يشترط القانون أن يتوفر عنصر النتيجة لقيام جريمة التحريض على الإجهاض بل اعتبر التحريض جريمة مستقلة ومعاقب عليها بذاتها سواء تحققت النتيجة أو لم تتحقق وسواء تأثرت من وقع عليها التحريض بأساليب المحرض ونفذتها أو لم تتأثر ولم تنفذ.
ولم تشترط المادة 310 أي صفة في الجاني إذ يعتبر فاعلا أصليا ولو اقتصر دوره على مجرد دلالة الحامل على الوسائل المجهضة.
في حين أن هذا الفعل لا يعدو أن يكون وفقا للقواعد العامة في القانون الجزائي إلا اشتراكا .
القصد الجنائي هنا قصد جنائي عام يمكن استخلاصه مما تحتويه الخطب وما تتضمنه الصور والرسائل والمحررات وغيرها ولا يشترط القانون قصد جنائي خاص.
المتابعة
تخضع المتابعة في هذه الجريمة للقواعد العامة لتحريك الدعوى العمومية إذ يمكن للنيابة القيام بالمتابعة بمجرد قيام أركان الجريمة ولا تخضع لأي قيد يغل يدها عن ذلك.
المبحث الثاني :صور و عقوبات جريمة الاجهاض
المطلب الاول: صور جريمة الإجهاض
يميز المشرع من حيث العقوبات بحسب صورة الإجهاض وتركيبته سواء تعلق الأمر بالعقوبات الأصلية أو العقوبات الأخرى.
1- صورة المرأة التي تجهض نفسها: (المادة 309)
أ-العقوبات الأصلية: تعاقب المادة 309 المرأة التي تجهض نفسها أو تشرع في ذلك بالحبس من 06 أشهر إلى سنتين وبغرامة من 250 إلى 1000دج.
ب-العقوبات التكميلية: يجوز الحكم على الجاني بالمنع من الإقامة وذلك لمدة لا تتجاوز 05 سنوات طبقا للمادة 12/2 من قانون العقوبات.
2-صورة إجهاض المرأة من قبل الغير: (المواد 304، 305 و306)
ان الأشخاص المذكورين على سبيل الحصر و بحكم صفتهم و علاقة مهنتهم بفعل الاجهاض فإنهم معرضين و محل شبهة لأنَّه كل مَنْ يسمح لنفسه منهم بإجراء عملية إجهاض سواء كان لدافع إنساني أو اجتماعي كأن تحمل المرأة بطريقة غير شرعية أو كان مصدر رزق و ثراء غير مشروع واعتاد القيام به فإنه مُعرض للعقوبة المذكورة في المادة 306 من قانون العقوبات الجزائري إن الاشخاص الملقبين بذوي الصفة الخاصة و المذكورين في المادتين ادناه فقد خصهم المشرع بنص المادة 305 و 306 في حالة إقدامهم على هذه الجريمة للمرة الأولى أمّا في حالة العود أو الاعتياد فإن العقوبة تُضاعف , إذن فالعقوبة التي خصصّ بما المشرع ذوي الصفة الخاصة تبين مدى احترازه من هذه الطائفة و ذلك لمدى خطورتها و التي تتمثل في تلك المعلومات الفنية و الخبرة العملية و التي تسهل لهم عملية الإجهاض.
المادة 305 ق ع : إذا ثبت أن الجاني يمارس عادة الأفعال المشار إليها في
المادة 304 فتضاعف عقوبة الحبس في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى وترفع عقوبة السجن المؤقت إلى الحد الأقصى.
المادة 306 ق ع : الأطباء أو القابلات أو جراحو الأسنان أو الصيادلة وكذلك طلبة الطب أو طب الأسنان وطلبة الصيدلة ومستخدمو الصيدليات ومحضرو العقاقير وصانعو الأربطة الطبية وتجار الأدوات الجراحية والممرضون والممرضات والمدلكون والمدلكات الذين يرشدون عن طرق إحداث الإجهاض أو يسهلونه أو يقومون به تطبق عليهم العقوبات المنصوص عليها في المادتين 304 و 305 على حسب الأحوال.
ويجوز الحكم على الجناة بالحرمان من ممارسة المهنة المنصوص عليه في
المادة 23 فضلا عن جواز الحكم عليهم بالمنع من الإقامة.
المطلب الثاني : حالات الإستثناء من جريمة الاجهاض :
الإجهاض المرخص به :
لقد نص المشرع الجزائري على حالة لعدم العقاب على الإجهاض وهي الحالة التي أشارت إليها المادة 308 والتي تنص على :” لا عقوبة على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة إنقاذ حياة الأم من الخطر متى أجراه طبيب أو جراح في غير خفاء وبعد إبلاغ السلطة الإدارية”.
- وهذه الحالة عبارة عن حالة الضرورة، وهي الحالة التي لم يردها قانون العقوبات الجزائري ضمن موانع المسؤولية.
- كما قضت المادة 72 من القانون رقم 85-05 المؤرخ في 16/02/1985 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها على ما يأتي:”يعد الإجهاض لغرض علاجي عندما يكون ضروريا لإنقاذ حياة الأم من الخطر أو للحفاظ على توازنها الفيزيولوجي أو العقلي المهدد بخطر، ويتم الإجهاض في هيكل متخصص بعد فحص طبي يجرى بمعية طبيب اختصاصي”.
- وهكذا فإن قانون الصحة أرشد على مكان إجراء الإجهاض المرخص به وشروط إجرائه .
المطلب الثالث : العقوبات المقررة لجريمة الاجهاض و التحريض عليه
أ- العقوبات الأصلية :
- تعاقب المادة 304 ”كل من أجهض امرأة أو شرع في ذلك بالحبس من سنة إلى 05 سنوات وبغرامة من 500 إلى 10.000دج.
وإذا أفضى الإجهاض إلى الموت تكون العقوبة السجن المؤقت من 10 سنوات إلى 20 سنة.
- تعاقب المادة 310 على التحريض على الإجهاض بالحبس من شهرين إلى 03 سنوات وبغرامة من 500 إلى 10.000دج أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ب-العقوبات التكميلية :
يجوز الحكم على الجاني بالمنع من الإقامة و ذلك لمدة لا تتجاوز 05 سنوات طبقا للفقرة الثانية من المادة 12 من قانون العقوبات.
ج - تدابير الأمن :
إذا كان الإجهاض من قبل الأطباء،الصيادلة،القابلات، جراحي الأسنان وشبه الطبيين وطلبة الطب بمختلف فروعه وتخصصاته أو تم بتدبيرهم أو مساعدتهم تجيز المادة 306 الحكم على الجاني علاوة على العقوبات المنصوص عليها في المواد 304، 305 عند الاقتضاء بتدبير من تدابير الأمن يتمثل في حرمانه من ممارسة مهنته لمدة لا تتجاوز 05 سنوات ويجوز أن يأمر بالنفاذ المعجل لهذا التدبير وفقا لنص المادة 23 من قانون العقوبات.
وقد يحصل أن تكون المرأة التي تجهض نفسها طبيبة أو قابلة أو صيدلية أو جراحة أسنان أو طالبة في هذه الاختصاصات أو تنتمي للسلك الشبه الطبي، الراجح عندئذ أنها لا تخضع لحكم المادة 306 وإنما للمادة 309 أين تأخذ حكم المرأة التي تجهض نفسها لا للحكم المنصوص عليه في المادة 309 والخاص لصفة الأطباء وأشباههم.
د- الظروف المشددة :
تشدد عقوبة الحبس في صورة إجهاض المرأة من قبل الغير في حالة الاعتياد على ممارسة الإجهاض أو على المساعدة عليه فترفع على النحو التالي:
- تضاعف عقوبة الحبس المقررة في المادة 304 فقرة 1وهي من سنة إلى 05 سنوات فتصبح من سنتين إلى 10 سنوات.
- إذا أقضى الإجهاض إلى الموت ترفع عقوبة السجن المؤقت المقررة في المادة 304 فقرة 2 وهي من عشرة إلى 20 سنة إلى الحد الأقصى.
في كل الأحوال فإن المادة 311 من قانون العقوبات تقضي بالحكم على الجاني بقوة القانون بالمنع من ممارسة أي مهنة أو أداء أي عمل بأية صفة كانت في المؤسسات العمومية أو الخاصة للتوليد أو لأمراض النساء مثل المستشفيات والعيادات ودور الولادة.
وتجدر الإشارة إلى أن حكم المادة 311 يختلف عن حكم المادة 309 من عدة نواحي.
الاختلاف الأول : يكمن في أن المادة 306 تقضي بحرمان الجاني من ممارسة مهنته فحسب في حين تقضي المادة 311 بالمنع من ممارسة أي مهنة أو أداء أي عمل في المؤسسات العامة.
الاختلاف الثاني : يتمثل في كون حكم المادة 306 محصور في الأطباء وما شابههم في حين تطبق المادة 311 على كل من ارتكب جريمة ذات صلة بالإجهاض.
تطبيق حكم المادة 311 بقوة القانون في حين أن حكم المادة 306 جوازي.
خاتمة
الإجهاض مسألة لا تخص المرأة فقط بل انعكاساته تمتد للمجتمع ككل وتعتبر قضية حساسة في كل المجتمعات وفي أغلب الأحيان الأفراد يجهلون سلبياتها والأضرار التي قد تنجم عنها ولقد وردت عدة نصوص ومواد تحرم الإجهاض وتعاقب عليه في عدة تشريعات منها التشريع الجزائري الذي حرم الإجهاض في المواد من 304 إلى 313 من قانون العقوبات الجزائري لأن ذلك يعرض حياة الأم والجنين للخطر. كما أن المشرع الجزائري يسبق الأولوية لحياة الجنين حيث أحاطه بالحماية القانونية وذلك يظهر في المواد التي يعاقب فيها على كل مساس بالجنين والحالة الوحيدة التي أعطى فيها الأولوية للأم وسبق حياتها على حياة جنينها كانت حالة الإجهاض العلاجي.