بحث حول التطور التاريخي للشركات التجارية
تطور فكرة الشركة عبر العصور
الشركة في التشريعات القديمة و العصور الوسطى
الفرع الأول : الشركة في التشريعات القديمة
الفرع الثاني : الشركة في العصور الوسطى
المطلب الثاني : الشركة في العصر الحديث
الفرع الأول : الشركة في القرن الثامن عشر
الفرع الثاني : الشركة في القرن التاسع عشر
الفرع الثالث : الشركة في القرن العشرين
المبحث الثاني : مفهوم الشركة
المطلب الأول : تعريف الشركة
الفرع الأول : التعريف اللغوي للشركة
الفرع الثاني : التعريف الإصطلاحي للشركة
الفرع الثالث : الشركات التجارية في القانون الجزائري
المطلب الثاني : خصائص الشركة
الفرع الأول : خصائص عقد الشركة
الفرع الثاني : التفرقة بين الشركة المدنية و التجارية
خاتمة
مقدمة :
نظرا لكثرة حاجيات الإنسان ومتطلباته التي قد يعجز عن القيام بها بمفرده لجهده البدني وقدراته المحدودة ، فكر الإنسان قديما في إيجاد نوع من التعاون مع إخوانه فظهرت بذلك الشركات التي يستطيع الإنسان من خلالها مزاولة الأعمال الكبيرة والقيام بنفقاتها مع تقاسم المغانم والمغارم فيما بين الشركاء .
عرفت المجتمعات المختلفة على مر العصور فكرة الشركة ، فهي ليست وليدة العصر إلى أنه نتيجة لتطور المشاريع الاقتصادية التي أصبحت كبيرة و بحاجة إلى رؤوس الأموال الضخمة ازدادت الحاجة إلى مختلف أنواع الشركات التي أصبحت تلعب دور هاما في الحياة الاقتصادية للمجتمعات الحديثة و شكلت خاصة التجارية منها قوة اقتصادية،و هذا ما يقودنا إلى طرح الإشكالية التالية ، ما هو مفهوم الشركة و كيف كان تطورها عبر التاريخ ؟ المبحث الأول : تطور فكرة الشركة عبر العصور
إن الشركة كفكرة ليست وليدة اليوم, و لكنها قديمة قدم هذا العالم, بدأها الإنسان الأول في صورة تعاونه مع أفراد أسرته, كما تمثلت في تعاون الأسر و العشائر مع بعضها, و هذا يعني أن الشركة بصورتها الحالية هي ناتج تطور الفكر الإنساني على مرّ العصور،و هذا ما سنستعرضه من خلال التعرض لتطور الشركة في التشريعات القديمة و العصور الوسطى (مطلب أول)،و تطورها في العصر الحديث (مطلب ثاني). المطلب الأول : الشركة في التشريعات القديمة و العصور الوسطى
لقد مرت الشركة خلال العصور القديمة و العصور الوسطى ، إلى تغير في مفهومها و أشكالها و هو ما سنتطرق إليه من خلال عرضنا لتطور الشركة خلال التشريعات القديمة (فرع أول)، و تطورها خلال العصور الوسطى. الفرع الأول : الشركة في التشريعات القديمة أولا- شريعة حمورابي :
لقد وضعت أحكام هذا القانون قبل ظهور المسيح مما يقرب ألفي سنة، فتضمنت مواده من 100 إلى 107 بعض الأحكام عن الشركات ، فالشركة حسب هذه المواد، عقد يتفق بمقتضاه شخصان أو أكثر على القيام بعمل أو عدة أعمال بقصد جني الربح ، فالمادة (100) من الشريعة المذكورة تنص على أنه "إذا أعطى تاجر نقودا لبياع متجول وأرسله في رحلة (تجارية) والبياع المتجول قد تاجر بالنقود التي استودعت لديه فإذا واجه ربحا أينما ذهب فعليه أن يحسب الزيادة على النقود التي استلمها بعدد الأيام (التي قضاها في السفر) وعليه أن يدفعها لتاجره".
فكان صاحب المال يتفق مع شخص ينحصر عمله في التجارة، فيقدم له كرأس مال للشركة نقودا و لشراء البضائع أو بضاعة أو ......، فإذا كان رأس المال نقودا وجب على الشريك المضارب استعمال هذه النقود لشراء البضائع المتفق عليها من أجل بيعها في البلاد التي يؤمل الربح فيها، كما يجب عليه أن يمسك حسابا بجميع ما يقوم به من الأعمال التجارية التي تتعلق بالشركة، كما يلتزم عند عودته بأن يرد قيمة رأس المال إلى صاحبه، ويقسم ما تبقى بينهما مناصفة إذا لم ينص عقد الشركة على أنصبة مختلفة في الربح. ثانيا- الشريعتين اليونانية و الرومانية :
كذلك عرفت الشركة وهي من أهم صور المشاركة في الشريعتين اليونانية والرومانية فقد عرف القانون الروماني نوع من الشركات يضع فيها الشركاء جميع ثروتهم الحاضرة و المستقبلة و كانت هذه الشركات تتكون من أفراد العائلة الواحدة ثم تطورت مع مرور الزمن الى ان بدأت ان تشمل اغراب ليسوا من افراد العائلة كما عرف الرومان نوع من الشركات يقر مبدا التضامن بين الشركاء و هي شركات الصيرفة و شركات أخرى قربية من شركات التوصية الا ان هذه الشركات لم تكن تتمتع شخصية معنوية. ثالثا- الشركات عند العرب :
لقد عرف العرب في الجاهلية الشركة رغم أن اقتصادهم كان مبنيا على العادات والأعراف فكان الناس يساهمون في الأموال التي تحملها القوافل للتجارة فكان لهم نشاطا ملحوظ في هذا المجال لأن التجارة كانت من اشرف أسباب الكسب فإذا بيعت أخذ كل مساهم حصته في الربح على قدر رأس ماله بعد حسم النفقات وكانوا يسمون هؤلاء بالشركاء أو الخلطاء.
في الفقه الاسلامي تم تقسيم الشركات الى نوعين الاول شركة مفاوضة و التي كانت تقوم على المساوة بين الشركاء سواء من حيث رأس المال او من حيث غنم الارباح و غرم الخسائر و هي غالبا ما كانت تقوم بين الورثة بغية استثمار اموال التركة و النوع الثاني هو شركة عنان و هي التي تختلف فيها حصص الشركاء في راس المال والربح و من انواع شركة العنان شركة المضاربة و هي التي يسهم فيها احد الشركاء برأس المال و الاخر بالعمل و شركة الصنائع و هي التي يستخدم فيها صاحب الدكان احد الحرفين في دكانه و يتقاسم معه اجر العمل ولم تعرف الشريعة الإسلامية ولا الفقهاء المسلمون مبدأ استقلال الشركات عن الشركاء ، إنما تتداخل أموال الشركة مع أموال الشركاء، وهي بذلك شركات أشخاص ، حسب التقسيم المعروف حاليا للشركات. الفرع الثاني : الشركة في العصور الوسطى
مع تطور و ازدياد حركة التجارة و لاسيما في مدن شمال ايطاليا، ظهرت هناك ما يسمى بشركات الاشخاص و منها شركات التوصية التي انحصرت فيها مسؤولية الشركاء عن اعمال الشركة برأسمال الشركة و كان ظهور الشركات في تلك الازمنة بقصد التحايل على القوانين الصادرة من طرف الكنيسة التي كانت تحظر القرض بفائدة (الربا)، فاضطر المالك لرأس المال تفاديا لهذا الحظر إلى إبرام عقد التوصية مع تاجر ،بمقتضاه يقدم الأموال لهذا الأخير قصد استغلالها تحت رقابة وإشراف مقدم المال الذي لا يظهر أمام الغير، ولا يسأل عن الخسارة إلا في حدود المال الذي قدمه، أما في حالة الربح فالغالب أن يستحوذ على ثلاثة أرباعه تاركا الربع فقط لمن قام بالعمل، كما ازدهرت شركة التوصية في خلال هذه الفترة أيضا نتيجة إقبال طبقة النبلاء ورجال الدين عليها للتحاليل على منعهم من ممارسة التجارة كما تأكدت الشخصية المعنوية للشركة في خلال هذه الفترة فاعتبرت الشركة مالكة للحصص التي يقدمها الشركاء وأصبح لها عنوان يتكون من اسم شريك أو أكثر من الشركاء المسؤولين مسؤولية مطلقة عن ديون الشركة.
في القرن الخامس عشر ظهر شكل جديد للشركات و هي شركات المساهمة التي تعبر من شركات الاموال و تتميز بقوة رأسمال و مثالها شركة سان جورج في جنوى عام 1409 و شركات المساهمة اشتدت قوتها و نفوذها مع المرحلة الاستعمارية في القرن السادس عشر حيث ظهرت الى حيز الوجود شركات عرفت بقوتها و امتدادها الوسع مثلشركة الهند الشرقية، والشركة الملكية لتجارة الرقيق في أفريقيا، وكانت هذه الشركات أداة للتوسع الاستعماري، مما دفع بعض المفكرين إلى الوقوف بوجه الشركات المساهمة باعتبارها أداة الاستعمار في السيطرة على ثروات الشعوب و قد كانت هذه الشركات تظهر الى العلن و تؤسس بموجب كتاب ترخيص صادر عن الملك حسب العرف الذي كان متبع في بريطانيا حيث كانت تخضع الشركة لاجازة مسبقة من قبل الملك، ففي عام 1673 كرس امر لويس الرابع عشر نوعين من الشركات هي شركات التضامن والتوصية البسيطة المطلب الثاني :الشركة في العصر الحديث الفرع الأول :الشركة في القرن الثامن عشر
ظهر في هذه الحقبة من الزمن الشركات الاستعمارية الكبرى كشركة الهند الشرقية وشركة الهند الغربية في صورة شركة مساهمة، وقد منحت لهذه الشركات امتيازات وسلطات كبيرة من قبل الدول المستعمرة مثل حقها في أن يكون لها أسطولها الخاص وقواتها المسلحة، كما اعترف لها في بعض الأحيان بحق صك النقود، وقد تطورت شركات المساهمة بتطور النظام الرأس مالي حتى اعتبرت بمثابة التعبير القانوني عن هذا النظام، إذ وجدت الرأسمالية الحديثة في شركات المساهمة الأداة القانونية التي مكنتها من الجميع المدخرات وتوظيفها في المشروعات الإنتاجية الكبرى وبالتالي التوسع على الصعيد الداخلي والخارجي على حد سواء. وفي هذا القرن وقعت الكثير من المضاربات العنيفة وظهور شركات وهمية، مما أدى إلى فقد الثقة من قبل أصحاب رؤوس الأموال فصدر في إنجليترا قانون حرم عملية طرح الأسهم إلا بإذن من البرلمان أو مرسوم ملكي. الفرع الثاني : الشركة في القرن التاسع عشر
في القرن التاسع عشر ظهرت انواع اخرى من الشركات و تطورت التشريعات الناظمة لها حيث جاء قانون التجارة الفرنسي حينها على ذكر و تنظيم اربع انواع للشركات و هي شركات التضامن و التوصية البسيطة و المساهمة المغفلة و التوصية بالأسهم اضافة الى شركة المحاصة و في عام 1925 أحدث نوع جديد من الشركات عرف بالشركة محدودة المسؤولية و التي كانت قائمة من قبل في المانيا . الفرع الثالث : الشركة في القرن العشرين
في القرن العشرين جاءت القوانين على إحداث مزيد من القيود فيما يخص تأسيس و آلية عمل الشركات و خاصة شركة المساهمة و ذلك بغية حماية أصحاب الأسهم و الاقتصاد الوطني
و قدا اشتدت قوة الشركات على مستوى الدول في الآونة الأخيرة و ظهر نوع من الشركات تعرف بالشركات المتعددة الجنسيات التي تقوم على تملك الشركة الرئيسة التي تسمى الأم حصص و اسهم في رؤوس اموال شركات في عدة دول و تكون تلك الشركات بمثابة التابع للشركة الام.
و مع تطور الشركات و ازدياد توسعها في الوقت الحاضر، حيث تغلغلت في جميع ميادين الحياة، بما يمكن القول معه بلا تردد أن عصرنا الحاضر إضافة إلى ما يمكن أن يطلق عليه بعصر الاتصالات، أو عصر الإنترنت أو عصر المعلوماتية، فانه يمكن أن يطلق عليه أيضا بعصر الشركات، فالجامعات والمستشفيات والأندية الرياضية، والأسلحة، وتدريب الجيوش والاعلام تديرها الشركات ؛ ولذلك تبرز الضرورة إلى ضبط نشاط الشركات، وبخاصة المساهمة في تأسيسها وفي عملها لكي لا تتحول إلى أداة للاستغلال. المبحث الثاني : مفهوم الشركة المطلب الأول : تعريف الشركة الفرع الأول :التعريف اللغوي للشركة
الشركة في اللغة تعني المخالطة والشريك هو الداخل مع غيره في عمل أو أي أمر كان ويجمع على شركاء ، وتطلق الشركة على أمور أهمها :
- إختلاط الأموال.
- إختلاط أعمال الشركاء.
وتطلق على العقد الذي ينشئ هذه المعاملة لأنه سبب الخلط وهذا هو غالب إستعمال الفقهاء . الفرع الثاني : التعريف الإصطلاحي للشركة
إصطلاحا : فأن معنى كلمة الشركة أصبح له معنيين فى القانون
المعنى الأول : ينصرف الى العقد بين الشركاء أهل المصالح المشتركة من بنى الإنسان العادى
والمعنى الثانى : ينصرف الى الشخص الإعتبارى الإفتراضي المعنوى وليس له وجود حقيقي في الحياة وإنما وجود في خيال أصحاب القانون.
وقد أدت هذه الإزدواجية الى الإختلاف في المعنى المقصود من الشركة هل هي شخص إعتبارى معنوي أم شخص طبيعي عادى؟ وبناء على ذلك إختلف تعريف الشركة في القانون أيضاً فقد عرفها القانون المصري القديم المادة (511/419) بما يتفق مع المعنى الذي يقول بأنها عقد يتم بين الأشخاص العاديين وهي (عقد يتم بين اثنين أو أكثر يلتزم كل من المتعاقدين بوضع حصة في رأس مال لأجل عمل مشترك بينهم وتقسيم الأرباح التى تنشأ عنه بينهم) ولا يختلف هذا التعريف في جوهره مع القانون الفرنسي ( 1) بالرغم من أنه ورد في القانون المصري أن بعض الشراح الفرنسيين إعترضوا على هذا التعريف بإعتباره ناقص لأنه لم ينص على إلتزام الشركة في الخسارة، وحاول أصحاب القانون المصرى الجديد الإنتقال من هذا النقد واتوا بتعريف آخر جديد للشركة ليكون أكثر شمولاً حيث تنص المادة (م505) أن الشركة (عبارة عن عقد بمقتضاه يلتزم شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالى بتقديم حصة من مال أو عمل لإقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة) (2) ونجد في تعريف الشركة في قانون الشركات الإنجليزى لسنة 1890م المادة الأولى منه: الشركة بأنها تجمع بين أشخاص يزاولون أعمال تجارية بصورة جماعية بغرض الربح) (3) الفرع الثالث : الشركات التجارية في القانون الجزائري
تأثر المشرع الجزائري عند تنظيمه للشركات التجارية بقانون الشركات الفرنسي الصادر في 1966في كل الأحكام، و قد خصص المشرع لموضوع الشركات التجارية الكتاب الخامس من الأمر 75-59 و ذلك في المواد من 544 إلى 842 من القانون التجاري، و كان هذا الأمر يقتصر على ثلاثة أنواع من الشركات: شركات التضامن، المسؤولية المحدودة و المساهمة، و بتطور قانون الشركات خلال التسعينات لجأ المشرع إلى تعديل القانون التجاري بقوانين لاحقة أهمها المرسوم رقم 93-08 المؤرخ في 25 أفريل 1993،حيث أدخل المشرع أنواع أخرى من الشركات و هي شركة التوصية بنوعيها : البسيطة و بالأسهم و كذا شركة المحاصة، بالإضافة إلى ذلك فإن المشرع الجزائري قد أجرى تعديلات و تثمينات هامة على كل من شركتي المساهمة و المسؤولية المحدودة ،و بالنسبة لهذه الأخيرة فقد تممها بموجب الأمر 96-27 حيث اعترف بما يسمى بالشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد ،و بهذا أصبح القانون التجاري يعرف أنواع مختلفة للشركات تتمثل في خمسة أنواع بحسب الشكل ،و واحدة بحسب الموضوع(المادة 544 من القانون التجاري الجزائري).
وردت الأحكام العامة للشركات في القانون المدني،و تسري هذه القواعد على الشركات بصفة عامة و الشركات المدنية بصفة خاصة،و لا تطبق على الشركات التجارية إلا فيما لا يخالف القوانين التجارية و العرف التجاري،هذا ما نصت عليه صراحة المادة 449 من القانون المدني و نصها" لا تطبق مقتضيات هذا الفصل على الشركات التجارية إلا فيما لا يخالف القوانين التجارية و العرف التجاري".
و تعرف المادة 416 من القانون المدني(المعدلة و المتممة بموجب القانون رقم 88-14 الصادر في16 ماي 1988) ،تعرف الشركة كما يلي:" الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان طبيعيان أو اعتباريان أو أكثر على المساهمة في نشاط مشترك بتقديم حصة من عمل أو مال أو نقد بهدف اقتسام الربح الذي قد ينتج،أو تحقيق اقتصاد أو بلوغ هدف اقتصادي ذي منفعة مشتركة،كما يتحملون الخسائر التي قد تنجر عن ذلك"؛
وبهذا المفهوم لعقد الشركة نجد المشرع قد وسّع من مفهومها،فالشركة بالمفهوم الجديد ليس فقط تأسيسها لتحقيق الربح و لكن بهدف تحقيق هدف اقتصادي لمنفعة مشتركة،و هذا ينطبق أكثر على ما أدخله المشرع من موضوع التجمعات التي تتأسس بهدف تسهيل النشاط الاقتصادي لأعضائها أو تطويره،و قد نقله المشرع الجزائري عن القانون الفرنسي الذي أدخله بموجب الأمر67-821. المطلب الثاني : خصائص الشركة الفرع الأول : خصائص عقد الشركة
يقتضي كون الشركة عقداً أن تكون له الأركان المعروفة و هي:التراضي،المحل،السبب و الأهلية،بالإضافة إلى وجود أركان موضوعية خاصة و أخرى شكلية،غير أن عقد الشركة يختلف عن باقي العقود فيما يلي :
-1 ينبثق عنه شخص معنوي:و ذلك أن الحصص المقدمة من الشركاء تكون في مجموعها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء؛
-2 عقد محدد:حيث أوجب المشرع أن يحدد عقد الشركة،شكلها،مدتها،عنوانها،اسمها،موضوعها،رأس مالها و مركزها (المادة 546 من القانون التجاري)؛
-4 أنه من عقود المعاوضة الملزمة لجميع أطرافه: فكونها عقد معاوضة فإن كل شريك يقدمحصة مقابل الحصول على أرباح، أما كونها ملزمة لجميع أطرافها يتجلى في أن كل شريك يلتزم نحو شريكه ،كما أن هذه الأخيرة تلتزم نحو كل شريك بالتزامات معينة؛
-4 أنه عقد شكلي: تنصهر فيه المصالح من أجل تحقيق غاية معينة،و هذه الشكلية هي التي تجسد إرادة الشركاء. الفرع الثاني :التفرقة بين الشركة المدنية و التجارية
يعود سبب ازدواجية قوانين الشركات هو التفرقة بين الشركات التجارية والمدنية،حيث ارتبط هذا التفاوت بقيام القانون التجاري كفرع مستقل عن القانون المدني كما أن التطور القانوني لنظرية الشركة أخذ يكشف تدريجيا عن قصور القواعد العامة المقررة في القانون المدني على تنظيم الشركات التجارية التي استوجبت خضوعها لإجراءات استثنائية لا تنطبق على الشركات المدنية العادية كإجراءات الشهر. خاتمة :
لقد وجدت الشركة التجارية في كل الأزمان و عند كل الشعوب و لكن مفاهيمها اختلفت من عصر إلى آخر تبعاً لتطور المجتمع، فإذا استعرضنا تاريخ الشركات التجارية نجد أن نظام الشركة قد عرفه البابليون و نظمه قانون "حامورابي"،و نكتفي بالرجوع إلى القانون الروماني للبحث عن أصول الشركة الحديثة ،إذ أشار هذا القانون إلى بعض القواعد المتعلقة بحصص الشركاء ،و توزيع الأرباح و موضوع الشركة،لكن عقد الشركة في القانون الروماني كان عقداً رضائياً مثله مثل عقد البيع و الإيجار و ينظم العلاقة بين أطراف عقد الشركة أنفسهم دون أن ينشأ عنه شخص معنوي مستقل عن شخص الشركاء، و في العصور الوسطى بدأت فكرة الشخصية المعنوية في الظهور نتيجة ازدهار التجارة في الجمهوريات الايطالية.
و كانت فكرة شركات الأشخاص أسبق في الظهور من شركات الأموال حيث تكونت شركات التضامن و استقرت خصائصها ،كما ظهرت شركة التوصية البسيطة و مفهومها أن يقدم المالك الذي يريد أن يوظف أمواله في التجارة إلى تاجر مؤهل و يبرم معه عقداً يقوم التاجر بمقتضاه باستثمار و استغلال هذه الأموال في التجارة ثم توزع الأرباح بينهما، غير أن الشخص الذي قدّم المال لا يُسأل عن الخسائر إلا في حدود هذا المال.أما عن شركات المساهمة فإن نشأتها بدأت في القرنين الخامس عشر و السادس عشر و ذلك بسبب الحاجة إلى رؤوس أموال كبيرة لاستثمار المستعمرات، لأن شركة المساهمة تعتبر أوضح صورة للنظام الرأسمالي الحر و أهم شكل تتبناه المشروعات الكبيرة، و بصدور قانون التجارة الفرنسي لسنة 1807 الذي اقتصر على تنظيم الأحكام العامة للشركات و تحديد أنواعها، فنص على كل من شركات التضامن و التوصية ثم أضاف شركة المحاصة ،أما الشركات الهامة فقد تم تنظيمها بموجب قوانين خاصة كتنظيم قانون 24 جويلية 1867 لشركات المساهمة، و تنظيم قانون 25 مارس 1925 للشركات ذات المسؤولية المحدودة، و في بداية القرن العشرين و خاصة عند نهاية الحرب العالمية الثانية بدأ يظهر أن الأحكام المتعلقة بالشركات قد تجاوزها الزمن بسبب التقدم في الميدان التجاري.
المراجع أولا : النصوص القانونية.
1- الأمر رقم 75 – 58 مؤرخ في 26 سبتمبر سنة 1975 يتضمن القانون المدني ، معدل و متمم بالقانون قانون 05-10 المؤرخ في 20 جوان 2005.
2- الأمر الصادر بموجب الأمر رقم 75-59 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر 1975 م و المتضمن القانون التجاري المعدل و المتمم. ثانيا: الكتب
1- نادية فوضيل ،شركات الأموال في القانون الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،2003.
2- محمود السقا، فلسفة وتاريخ النظم الاجتماعية والقانونية،دار الفكر العربي، القاهرة، 1975.
3- عبد السلام الترمانيني ، تاريخ النظم و الشرائع ،مطبوعات جامعة الكويت، الكويت،د. س.