logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





25-03-2021 03:37 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 27-02-2013
رقم العضوية : 111
المشاركات : 152
الجنس :
الدعوات : 1
قوة السمعة : 20
المستوي : ماستر
الوظــيفة : طالب

بحث ضمان التعرض والاستحقاق
في القانون الجزائري


المبحث الاول ضمان التعرض والاستحقاق
المطلب الاول ضمان التعرض الشخصي
المطلب الثاني : ضمان التعرض الصادر من الغير
المطلب الثالث: البيع الذي ينشئ الضمان
المبحث الثاني : ضمان العيوب الخفية
مطلب الاول : المقصود بضمان العيوب الخفية
المطلب الثاني : موقف التشريع الجزائري من ضمان العيوب الخفية
المطلب الثالث : شروط ضمان العيب الخفي
المبحث الثانث : ضمان الاستحقاق في عقد البيع
المطلب الأول : عناصر الرجوع في حالة الاستحقاق الكلي
المطلب الثاني : عناصر الرجوع في حالة الاستحقاق الجزئي
المطلب الثالث : الاتفاقات المعدلة لأحكام ضمان الاستحقاق
خاتمة


مقدمة
إن إلتزام البائع بالضمان يعد في حقيقة الأمر التزاما مزدوجا فهو من ناحية يلتزم بعدم التعرض شخصيا للمشتري أي التزام بالامتناع ، ومن ناحية أخرى يلتزم بضمان التعرض الصادر من الغير و هذا التزام إيجابي فإذا حصل تعرض التزم هذا الأخير بدفعه تنفيذا عينيا لالتزامه ،فإذا أخفق في دفعه و استحق المبيع للغير جزئيا أو كليا فيلتزم بضمان الاستحقاق ، والالتزام بالضمان يعتبر مجرد امتداد للالتزام بالتسليم إذ لا جدوى من تسليم المبيع إذا كان يعقبه ما يؤدي إلى سلب ملكية المشتري أو إلى حرمانه من الانتفاع بالمبيع .
و يلاحظ أن الالتزام بضمان عدم التعرض و الاستحقاق لا يقتصر على عقد البيع و إنما يوجد في كافة التصرفات الناقلة للملكية كالهبة و الشركة و كذلك القسمة والشفعة ، كما يوجد هذا الالتزام أيضا في العقود الواردة على حق الانتفاع كالإيجار و الإعارة ،و لذلك كان من المفروض و ضع أحكام الضمان ضمن النظرية العامة للالتزام ،و لكن مراعاة من المشرع في أن عقد البيع هو العقد الذي يغلب فيه استعمال الضمان فقد رأى أن يضع فيه القواعد العامة له .
كما أن عقد البيع عقد ملزم للجانبين لانه ينشئ بمجرد انعقاد التزمات في ذمة البائع واخرى في ذمة المشتري ، ويرتب عقد البيع في ذمة البائع التزاما بضمان المبيع للمشتري ، وحيازته وهذا يقتضي ان يلتزم البائع بالامتناع عن التعرض للمشتري وان يدفع عنه كل تعرض ياتي من جانب الغير وان يضمن البائع للمشتري بقاء ملكيته للمبيع اذا استحق الغير استحقاقا كليا او جزئيا وذلك عن طريق تعويضه .
ومن ناحية اخري يجب ان يكون المبيع محققا للفائدة المصودة من شرائه مما يستلزم ان يضمن البائع ان يكون المبيع صلحا للتعرض الذي يبتغيه المشتري من شرائه وان لا يكون فيه من العيوب الخفية ما يحول دون استعماله فيما اعد له بحسب قصد المشتري ومن هنا يظهر ان الالتزام بالضمان الذي يقع على عاتق البائع .
ما مفهوم ضمان عدم التعرض و ضمان الاستحقاق ؟ وماهي شروط و ضوابط تحققهما ؟


المبحث الاول : ضمان التعرض والاستحقاق :
نظم المشرع الجزائري احكام ضمان التعرض والاستحقاق في المواد 371-378 من التقنين المدني الجزائري ، واستنادا لنص المادة 371 ق مدني جزائري يفهم بأنه هناك نوعين من التعرض – التعرض الشخصي والتعرض من الغير .
المطلب الاول : ضمان التعرض الشخصي ( الصادر من البائع)
ان البائع يضمن للمشتري عدم حصول تعرض من جانبه هو ، وهذا مايسمى بضمان التعرض الشخصي سواء كان تعرضا ماديا او قانونيا وهذا مانصت عليه المادة 371 ق مدني جزائري
الفرع الاول : ضمان التعرض المادي والقانوني :
ان ضمان التعرض الشخصي من القواعد القانونية التي بموجبها على البائع ان يمتنع عن كل عمل ينشا منه تعرض مادي او قانوني لانتفع المشتري بالمبيع كله او بعضه وبعبارة اخرى لايجوز للبائع ان يتعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع سواء كان تعرضه قانونيا او ماديا حتى لايكون التزامه سلبيا .
أ. التعرض القانوني : كان يرفع دعوى على المشتري يطلب فيها استحقاق المبيع باعتباره انه المالك له ، فيكون ذلك تعلرضا قانونيا
والتعرض القانوني هو ان يستعمل البائع حقا ادعاه على المبيع وكان ذلك يؤدي الى نزع المبيع من يد المشتري ، كما انه لايعتبر تعرضا تمسك البائع اتجاه المشتري بحق يقره القانون لمصلحته كاثباته دعو بطلان مطلق او نسبي او دعوى فسخ بناء على عدم تنفيذ المشتري لالتزماته .

ب. التعرض المادي : ان نقل الحق المبيع الى المشتري من الالتزامات الاساسية للبائع ومن امثلته قيام بائع المحل التجاري بفتح متجر من نفس النوع يجاور المحل الذي باعه وهنا نلتمس منافسة غير مشروعة لان البائع يضمن عد تعرضه للمشتري في انتفاعه بالمبيع وهموما يكون التعرض المادي باي فعل مادي يقوم به البائع لتعكير حيازة المشتري ، دون أي وجه حق حتى ولو لم تتوفر شروط الفعل الضار فهو عمل يعتبر تعرض شخصي من البائع في حين يجوز للغير القيام به .
فالتزام البائع بضمان افعاله الشخصية التزام دائم ، فليس له ان يدعي تخلصه منه حتى بعد انقضاء 15 سنة .
ج. التزام البائع بالضمان وتملكه المبيع بالتقادم :
قد جرى جدل حول هذا الموضوع حيث اذا كان تمسك البائع بتملك المبيع بالتقادم جائز فهل يعتبر ذلك تعرضا ام لا ؟ فذهبت محكمة النقض للقضاء الفرنسي الى ان البائع الذي يحتفظ بحيازة المبيع لايمكنه التعرض للمشتري بالاستنا د الى التقادم المكتسب من قبيل التعرض ويرى بعض الفقهه ان دوام التزام البائع بالضمان لايعني عدم سقوطه باي حال بل ان المقصود بانه التزام مؤيد هو عدم سقوطه بمرور اية مدة منذ ابرام عقد البيع ولو زادت المدة عن 15 سنة طالما لم يحدث تعرض .
اما اذا حصل تعرض للمشتري وثبت له الحق في المطالبة بالضمان فان هذا الحق يبدأ بالتقادم وبذلك يسقط لو مضت مدة الـ 15 سنة من وقت التعرض 1
وعليه يمكن ان نخلص الى انه للبائع ان يتمسك بالتقادم المسقط اذا انقضت 15 سنة من تاريخ وقوع التعرض منه فعلا – لا من تاريخ عقد البيع –
الفرع الثاني : شروط وخصائص التعرض الشخصي
أ. شروط التعرض الشخصي :
لقيام التعرض الشخصي يجب ان يصدر من البائع عمل من شانه ان يحول كليا او جزئيا دون انتفاع المشتري بملكية المبيع وهما شرطين كما يلي :
1. ان ينشأ عن فعل البائع نفسه اخلال بانتفاع المشتري
2. ان يكون التعرض وقع فعلا ومن شانه ان يحول دون انتفاع المشتري بالمبيع كليا او جزئيا .
3. قابلية الشيئ للتجزئة لا نعني بالضرورة قابلية الحيازة للانقسام فالتزام البائع يعتبر غير قابل للانقسلم فيما يختص بالضمان عن الفعل الشخصي .
ب. خصائص الالتزام بضمان التعرض الشخصي :
1. هو التزام ابدي :
يذهب العديد من الفقهاء الى تاييد القضاء الفرنسي فيما يخص القول بان البائع الذي يحتفظ بحيازة المبيع لا يمكنه التعرض للمشتري بالاستناد الى التقادم المكسب لان الالتزام مؤبد فيكون الاستناد الى التقادم المكسب قبيل التعرض .
2. عدم قابلية الالتزام بضمان التعرض للانقسام :
التزام البائع بضمان تعرضه الشخصي سواء كان ماديا او قانونيا هو التزام غير قابل للتجزئة ولو كان المبيع ذاته قابلا للانقسام فمثلا لو باع شخصين شيئا ورثاه معا ثم ظهر ان احدهما هو الوارث وحده فلا يجوز لهذا الاخير ان يسترد شيئا من المشتري لماذا ؟
لانه ضامن لتعرضه الشخصي في كل المنزل / وهو ما اخذ به الفقه الفرنسي وكذا الجزائري
3.مدى انتقال الالتزام بضمان التعرض الى الخلف العام والخلف الخاص :
في هذه الحالة يقع التعرض الموجب للضمان من البائع ( المدين) ، ولاينتقل هذا الالتزام لا ينتقل من المورث الى الوارث ولكن الالتزام بالضمان يبقى في التركة وللمشتري ان يرجع على التركة بالتعويض وهذا ما اتفق عليه فقهيا .
وهذا ما اشار اليه الاستاذ عبد المنعم البدراوي أن : " الالتزام بضمان التعرض لاينتقل الى الورثة بل يبقى في التركة . وكذلك لاينتقل الالتزام بضمان التعرض الشخصي الى الخلف الخاص .
مع العلم ان القاعدة في القانون المدني الجزائري وغيره وطبقا لاحكام الشريعة الاسلامية ان الديون تنتقل الى الورثة مع تحديد مسؤوليتهم عنها باموال التركة ذاتها وعلى ذلك ينتقل التزام البائع بالضمان الى الورثة .
4. الدائن في الالتزام بضمان التعرض الصادر من البائع :
المشتري ( الدائن ) هو الذي يقع عليه عادة التعرض وهذا الحق ينتقل الى الخلف العام الورثة لان الحقوق على عكس الديون ، حيث اذا باع شخص عينا غير مملوكة له ثم تملكها ، فلا يستطيع ان يستردها من المشتري لالتزامه بعدم التعرض كذلك لايستطيع ان يمنع دائن المشتري من التنفيذ عليها .
5. البيع الذي ينشئ الضمان :
كل بيع ينشئ التزام البائع بضمان تعرضه الشخصي فيتولد في ذمة البائع بعدم التعرض للمشتري وذلك حتى وان كان البيع غير مسجل وضمان التعرض واجب في بيع المزاد وجوبه في بيع المساومة ( قضائيا . اواداريا . اواختياريا) وهو مانصت عليه المادة 385 ق مدني جزائري وضمان التعرض واجب في كل البيوع .
6. التزام البائع بالضمان وتملكه المبيع بالتقادم .
الفرع الثالث : جزاء الاخلال بالتزام البائع بضمان التعرض الشخصي :
يترتب على اخلال البائع بالتزامه بعدم التعرض الشخصي للمشتري للقواعد العامة كما انه التزام دائم وفي أي وقت حتى لو انقضى على البيع اكثر من 15 سنة ( التقادم) اما اذا لم يطالب المشتري خلال مدة 15 سنة من وقوع التعرض فعلا يسقط حقه بالتقادم وطريق تنفيذ هذا الالتزام الجزائي تختلف باختلاف الاحوال التي يقوم فيها ضمان التعرض كان يكون التصرف قانوني كمن باع مثلا عقارا مرة اخرى لمشتري ثان وقام بالتسجيل البيع قبل الاول وهكذا ...
فاللمشتري له الحق في طلب التنفيذ العيني او التنفيذ بمقابل او الفسخ فاذا لم يكن التنفيذ ممكنا او لم يطلبه المشتري ان ويعرضه البائع ، حكم بالتفيذ بمقابل أي بالتعويض ويجوز للمشتري ان يطلب فسخ البيع لاخلال البائع بالتزامه بالضمان مع التعويض اذا كان له محل .
- الاتفاق على تعديل احكام التعرض والاستحقاق :
حسب مانصت عليه المادة 378 ق مدني جزائري : " يبقى البائع مسؤولا عن كل نزع يد ينشأ عن فعله ، ولو وقع الاتفاق على الضمان ويقع باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك " . يعرض هذا النص حالة الاتفاق على اسقاط الضمان .
ويوجد الى جانب ذلك حالة الاتفاق على زيادة الضمان وحالة الاتفاق على انقاص الضمان وهي حلات جائزة اما الاتفاق على الاسقاط الضمان غير جائزة ويقع الاتفاق باطلا .

المطلب الثاني : ضمان التعرض الصادر من الغير
من الملاحظ ان البائع بضمان التعرض القانوني الصادر من الغير وهو الذي يستند الى حق يدعيه الغير على المبيع وهذا مانصت عليه المادة 371 ق مدني جزائري ،والتعرض الحاصل من الغير هو تعرض قانوني فلا يضمن التعرض المادي ولو ترتب عليه خروج المبيع من يد المشتري ، ومن صدر منه التعرض له حق على الشيئ المبيع سابقا ( الملكية الارتفاق الرهن) وذلك سواء كلن العقد مسجلا ام لا لان المسؤولية قائمة حتى في حالة عدم التسجيل للعقد .
وفي حالة تعدد البيوع يرجع المشتري الاخير على الباعة باحدى الدعويين مباشرة او غير مباشرة .
الفرع الاول : شروط وخصائص ضمان تعرض الغير
أ. شروط ضمان تعرض الغير :
يكون التعرض قانونيا ويكون قد وقع في الحال وان يكون الحق الذي يدعيه المشتري موجودا وقت البيع وهذا مانصت علها المادة 371 ق مدني كمايلي : لتحقق التعرض الصادر عن الغير، لا بد من توفر شروط معينة لتتحقق مسؤولية البائع عن ذلك التعرض، فليس كل تعرض صادر عن الغير يلتزم البائع بضمانه، فهناك التعرض المادي الصادر عن الغير لا يلتزم البائع بضمانه، ومن شروط التعرض الصادر عن الغير مايلي:

الشرط الأول: أن يقع التعرض فعلا
ينشئ عقد البيع التزاما في ذمة البائع، بأن يضمن للمشتري عدم التعرض له في المبيع وكذلك يلتزم البائع بضمان التعرض الصادر عن الغير، فلا يتحقق الضمان بمجرد قيام الغير بتهديد المشتري، بأن له حق على المبيع،ويعتبر التعرض واقعا فعلا من الغير، حتى لو لم يقم الغير برفع دعوى على المشتري وخصوصا إذا اعتقد المشتري أن للغير حق فما يدعيه على المبيع، و قام بالتصالح معه أو التسليم بما يدعيه الغير على المبيع، ولكن تصرف المشتري على هذا النحو، قد يكون فيه شيء من المجازفة، فقد يستطيع البائع أن يثبت أن الغير ليس محقا فيما يدعيه على المبيع، وهذا يفقد المشتري حقه في الرجوع على البائع بالضمان.
الشرط الثاني: أن يكون التعرض قانونيا
يمنع على البائع أن يأت بأحد الأفعال التي تتناقض مع الالتزامات التي نشأت عن عقد البيع، فعليه أن يمتنع عن أي عمل من شأنه أن ينازع المشتري في المبيع، أو يؤدي إلى حرمان المشتري من الانتفاع بذلك المبيع، فالتزام البائع بالضمان لا يقتصر على تعرضه للمشتري، وإنما يمتد إلى ضمان التعرض الصادر عن الغير، بحيث يكون التعرض قانونيا أساسه إخلال البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري محملا بحقوق الغير.
فالتعرض القانوني الذي يضمنه البائع للمشتري، عبارة عن الأعمال التي تؤدي إلى حرمان المشتري من ملكية المبيع أو الانتقاص منها، مستندة في ذلك إلى سبب قانوني
بخلاف التعرض المادي الذي لا يلزم البائع بضمانه، وإنما يستطيع المشتري دفع التعرض المادي بالطرق القانونية، فإذا تم غصب المبيع أو سرقته، فإن البائع غير ملزم بالضمان، لأن تلك الأفعال لا تعتبر تعرضا للمشتري في المبيع، ويستطيع المشتري إقامة دعوی سرقة أو اغتصاب للمبيع
الشرط الثالث : أن يكون التعرض هو ادعاء الغير حقا على المبيع
ينبغي التفرقة بين التعرض المادي والقانوني الصادر عن الغير، وذلك لأن البائع لا يلتزم بضمان التعرض المادي الصادر عن الغير، وباستطاعة المشتري دفع ذلك التعرض من خلال اللجوء إلى الطرق التي حددها القانون لذلك، فإذا قام الغير باغتصاب العقار المبيع مثلا، فإن البائع لا يلتزم بضمان ذلك التعرض، وإنما يستطيع المشتري اللجوء إلى القضاء لدفع تعرض الغير عنه أما إذا كان التعرض الصادر عن الغير يمتد إلى سبب قانوني، يكون البائع هنا ضامنا لذلك التعرض، ومثال ذلك أن يقوم الغير بالادعاء أن له حق على المبيع، سواء كان الحق عيني أو شخصي، وقد يدعي الغير أن له حقا جزئيا أو كليا على المبيع، فإذا قام الغير برفع دعوی على المشتري مستندة إلى حق يدعيه على المبيع، مدعيا أنه يملك المبيع بشكل كلي أو جزئي فهذا يتحقق معه التعرض الصادر عن الغير، كما يتحقق التعرض الصادر عن الغير دون أن يقوم الغير برفع دعوى على المشتري، وخصوصا إذا وقع التعرض فعلا، كما أنه لا يشترط في الحق الذي يدعيه الغير على المبيع، أن يكون ثابتا، بل يكفي أن يتم الادعاء به حتى لو کان الادعاء باطلا، فيتحقق التزام البائع بالضمان في هذه الحالة
الشرط الرابع: أن يكون الحق الذي يدعيه الغير سابق على البيع أو لاحق له
ينبغي التمييز بين إذا ما كان الحق الذي يدعيه الغير سابقا على البيع أو لاحق له، لأن التزام البائع بالضمان يختلف في الحالتين، فلا بد من توضيح المسألة في الفروع التالية:
1- إذا كان الحق الذي يدعيه الغير سابقا على البيع
إذا كان الحق الذي يدعيه الغير سابقا على البيع، فإن باستطاعة الغير الاحتجاج بذلك الحق على المشتري، ومطالبته بالمبيع، لأن الحق ثبت له قبل إبرام عقد البيع،
فإذا أثبت الغير أن الحق الذي يدعيه سابق للبيع، يعتبر ذلك تعرضا قانونيا للمشتري في المبيع، ويلتزم البائع بضمان ذلك التعرض، لأنه قام بنقل ملكية المبيع إلى المشتري، محملا بحقوق الغيرفإذا تم الاتفاق بين البائع والمشتري على إسقاط الضمان الصادر عن الغير، في هذه الحالة يعتبر مثل ذلك الاتفاق باطلا، لأنه مبني على غش وتدليس من البائع، وخصوصا إذا كان البائع يعلم بوجود حقوق للغير على المبيع قبل البيع.
فلا يشترط لقيام البائع بضمان التعرض الصادر عن الغير، أن يكون عالما بوجود ذلك الحق للغير على المبيع، فإذا كان المشتري يعلم بوجود ذلك الحق على المبيع عند التعاقد، فإن ذلك لا يسقط التزام البائع بالضمان، ويستثني من ذلك حق الإرتفاق فإذا كان المشتري وقت البيع عالما بوجود حق ارتفاق على المبيع، أو كان حق الإرتفاق ظاهرا، فان المشتري لا يستطيع الرجوع على البائع بالضمان، وذلك لأن حق الإرتفاق وردت له أحكام خاصة في القانون
2- إذا كان الحق الذي يدعيه الغير لاحق للبيع
قد يكون الحق الذي يدعيه الغير لاحقا للبيع، إذ أن البائع ليس ملزما بضمان کل حق يدعيه الغير على المبيع بعد البيع، فإذا كان سبب الحق الذي يدعيه الغير على المبيع هو البائع نفسه، فإنه يلتزم بالضمان حتى لو كان الحق المدعى به لاحقا للبيع.
ويعتبر التعرض الصادر عن الغير، كأنه تعرض صادر عن البائع نفسه، وذلك لأن البائع كان هو السبب في ذلك التعرض
أما إذا كان الحق الذي يدعيه الغير بعد البيع، وكان البائع ليس سببا فيه، فإنه لا يلتزم بالضمان، لأن السبب في ادعاء الغير سبب أجنبي لا دخل للبائع فيه.
وذلك لأن الغير قد استمد الحق المدعي به من غير البائع، ومثال ذلك أن يقوم البائع بابرام عقد البيع على شيء ليس في حيازته، وإنما كانت الحيازة بين شخص آخر لمدة اثنتا عشرة سنة واستمرت حيازة الشخص الآخر للمبيع بعد البيع لتكمل مدة التقادم المكسب
فيقوم الغير هنا بادعاء ملكيته للمبيع بالتقادم، في مواجهة المشتري، فلا يستطيع المشتري الرجوع على البائع بالضمان، وذلك لأن اكتساب الغير لملكية المبيع بالتقادم المكسب نشأت بعد البيع، وليست مستمدة من البائع، وكان سبب اكتمال التقادم هو تقصير المشتري في قطع مدة التقادم المكسب نستخلص مما سبق أن كل حق يدعيه الغير على المبيع بعد البيع، لا يستطيع المشتري الرجوع بالضمان فيه على البائع، وخصوصا إذا كان الحق مستمدة من غير البائع.
المطلب الثالث : البيع الذي ينشئ الضمان
ينشئ عقد البيع التزاما في ذمة البائع بعدم التعرض الشخصي للمشتري في المبيع، وكذلك يلزمه بضمان عدم تعرض الغير للمشتري في المبيع، سواء كان عقد البيع مسجلا أو غير مسجل، ونعني بالتسجيل توثيق العقد، لأن عدم تسجيل العقد، لا يترتب عليه إخلاء مسؤولية البائع عن الضمان، وذلك لكي يتمكن المشتري من حيازة المباع واستعماله، واستغلاله والتصرف به بشكل هادئ، فإذا ما انتزعت ملكية المبيع من المشتري، كان له الرجوع علي البائع بالضمان أما بالنسبة للبيع بالمزاد (البيع الجبري)، فإنه وبحسب القانون المدني المصري، إذا وقع التعرض للمشتري في المبيع، واستحق المبيع للغير من يده، فإن الالتزام بالضمان يتحقق في هذه الحالة، إلا أن الآراء تضاربت حول مسألة من هو الملتزم بالضمان في بيع المزاد، وقد تناولت هذه المسألة عدة آراء منها:
الرأي الأول :
يتجه هذا الرأي أن الملتزم بالضمان في حالة البيع بالمزاد، هم الدائنون الذین نفذوا على أموال مدينهم، باعتبارهم في مركز البائع بالنسبة لقبض الثمن، وخصوصا أن الرجوع بالضمان على المدين، الذي تم التنفيذ على أمواله، ليس له فائدة بسبب إعساره أو إفلاسه، غير أن الدائنين ملزمين بالضمان، بالنسبة للتعرض الذي يحدث للمشتري، حتى لو أنهم ليسوا مالكين للمبيع، إذ أن الضمان يتحقق أيضا حتى في حالة بيع ملك الغير
الرأي الثاني :
يتجه هذا الرأي إلى أن البيع بالمزاد وجبرا عن المدين، لا يسقط عن المدين الالتزام بالضمان، لأنه هو البائع من الناحية القانونية، ويقع على عاتقه الالتزام بالضمان تجاه من رسا عليه البيع بالمزاد (المشتري)، أما الدائنون الذين نفذوا على أموال مدينهم، فإنهم قاموا بإجراءات البيع الجبري على أنهم نائبين عن المدين، فتتصرف آثار تصرفات الدائنين إلی الأصيل، أي المدين، وعليه فإن ثمن المبيع لا يستفيد منه الدائنون فقط، وإنما يستفيد المدين منه كذلك، لأنه يبرئ ذمته بمقدار الثمن، فإذا أستحق المبيع للغير، وهو بيد المشتري، كان له الرجوع بالضمان على البائع المدين، أو الرجوع على الدائنين الذين نفذوا على أموال مدینهم.

المبحث الثاني : ضمان العيوب الخفية
مطلب الاول : المقصود بضمان العيوب الخفية االعيب هو الآفة أو العلّة الموجودة بشكل خفي في الشيء المبيع، والتي تكون من الأهمية والخطورة بحيث يصبح الشيء غير صالح للاستعمال بالشكل الذي كان يريده المشتري، ومن الأمثلة على العيوب الخفيّة في المبيع، شراء بناء فيه ضعف من جرّاء قلّة المواد المستخدمة في الأعمدة، شراء برّاد منزلي لا يصنع ثلجاً، شراء حصان فيه مرض غير
ظاهر، شراء فرس للسباق يتبيّن أنها بطيئة (وغير مؤهّلة للمشاركة في السباقات)، شراء شاحنة يتبيّن أن محرّكها لا يعمل بعد قطعه مسافة 40.000 كلم في حين أن غيرها من مثيلاتها يسير 200.000 كلم.
والعلة في إلزام البائع بضمان العيوب الخفيّة والنقائص في الصفات هي أنه ملزم بنقل ملكية مفيدة ونافعة إلى المشتري، وفقاً لما يفرضه حُسن النيّة في التعامل، تحت طائلة التعويض عليه عند تعذّر ذلك، ويشمل الضمان مبدئياً جميع أنواع المبيعات، منقولة كانت أو غير منقولة، مادية أو غير مادية، جديدة أم مستعملة، إلا أن القانون استثنى البيوع التي تجريها السلطة القضائية (أي البيوع الجارية بالمزاد العلني) من أحكام ضمان العيوب الخفيّة، وبالتالي فهي غير مشمولة بها.
و إذا وجد مثل هذا العيب كان البائع مسؤولا عنه و هذا هو ضمان العيوب الخفية و هذه العيوب قد تؤثر في الشيء المبيع إما بنقص قيمته أو بنقص منفعته، بالإضافة إلى هذه العيوب، هناك حالة تتصل بالمبيع بحيث لا تنقص من قيمة الشيء ولا من نفعه، إلا أنه تجعل المبيع غير مرغوب فيه من طرف المشترى و هي تخلف صفة معينة تعهد البائع بوجودها للمشترى في المبيع، وتخلف هذه الصفة يجعل الشيء المبيع في نفس مرتبة الشيء المعيب، وهذا ما نص عليه المشرع الجزائري و كذا المشرع المصري بالإضافة إلى ذلك هناك عيب آخر نص عليه المشرع الجزائري و هو عدم صلاحية الشيء المبيع للعمل لمدة معينة، وهذه كلها ضمانات متنوعة شرعها المشرع لصالح المشترى و ذلك في أحكام القانون المدني الجزائري.
معنى العيب في الفقه الإسلامي:
فقد جاء في فتح الغدير للكمال بن همام، أنه كل ما أوجب نقصان الثمن في عادة التجار فهو عيب.
وجاء في البدائع للكاساني: كل ما يوجب نقصان الثمن في عادة التجار، نقصانا فاحشا أو يسيرا فهو عيب، و هذا ما يسمى بخيار العيب.
و يعرف العيب فيه بأنه ما تخلو منه الفطرة السليمة و ينقص القيمة، و المقصود بالفطرة السليمة الحالة الأصلية للشيء، و يعرفه عبد الستار أبو غدة : “ما نقص عن الخلقة الطبيعية أو عن الخلق الشرعي نقصانا له تأثير في ثمن المبيع”.
و مشروعية خيار العيب في الفقه الإسلامي يستند إلى قول الرسول صلى الله عليه و سلم : ( لا يحل لمسلم أن يبيع سلعه من السلع و هو يعلم أن عيبا فيها قل أو أكثر حتى يبين ذلك لمبتاعه )
المطلب الثاني : موقف التشريع الجزائري من ضمان العيوب الخفية :
رغم عدم ورود تعريف خاص للعيب الخفي في القانون المدني الجزائري إلا أنه لم يهمل النص عليه ( المادة 379 ).
“يكون البائع ملزما بالضمان إذا لم يشمل المبيع على الصفات التي تعهد بوجودها وقت التسلم إلى المشترى، أو إذا كان بالمبيع عيب ينقص من قيمته، أو من الانتفاع بحسب الغاية المقصودة منه حسبما هو مذكور بعقد البيع، أو حسبما يظهر من طبيعته أو استعماله، فيكون ضامنا لهذه العيوب و لو لم يكن عالما بوجودها ….”
- ايضا المادة 140 مكرر التي نصت في فقرتها الأولى على “ يكون المنتج مسؤول عن الضرر الناتج عن عيب في منتوجه حتى ولو لم تربطه بالمتضرر علاقة تعاقدية....“.
هذا النص يرتب في ذمة المنتج التزاما بالتعويض عن الضرر الذي يلحقه منتجه بالمتعاقد معه أو بغيره، مما يعنى الاكتفاء بحصول الضرر لقيام المسؤولية دون الحاجة الي اثبات وجود خطا ما، بشكل يمكن معه القول: ان الأمر يتعلق بمسؤوليه موضوعيه تقوم على اساس الضرر وليس الخطأ، ضمن ما يطلق عليه نظرية تحمل التبعية.
غير أن الأمر يتعلق في النهاية بالأضرار التي يلحقها ما أطلق عليه المشرع مصطلح المنتوج الذي يقتصر تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 140 مكرر على الأموال المنقولة دون العقارات.
المطلب الثالث : شروط ضمان العيب الخفي :
حرصا من المشرع على استقرار المعاملات، فقد اشترط لقيام ضمان البائع لعيوب المبيع توافر شروط معينة في العيب
و هي أن يكون مؤثرا، خفيا، قديما، و هذه الشروط تنصرف إلى العيب، بمعنى الآفة الطارئة .
1 ـ أن يكون العيب مؤثرا : هو العيب الجسيم الذي يُنقص من قيمة المبيع نقصاً محسوساً أو يجعله غير صالح للاستعمال في ما أُعدّ له بحسب ماهيّته أو بمقتضى عقد البيع؛ فينشأ عنه موجب الضمان.
فتعبر عنه المادة 379/1 ق.م.ج و يعبر عنه المشرع الفرنسي في المادة 1641 ونصها كالآتي : ( إن البائع يلتزم بضمان العيوب الخفية في المبيع التي تجعله غير صالح للاستعمال المقرر له التي تنقص من صلاحيته لهذا الاستعمال لدرجة أن المشترى لم يكن ليشتريه أو لم يكن ليدفع فيه إلا ثمنا أقل، فيما لو علم بهذا العيب ).
أما إذا لم يكن العيب محسوساً بل كان خفيفاً أو طفيفا بحيث لا يترتب عليه سوى نقص في بعض الأمور الثانوية الكمالية بالنسبة للمشتري، فلا يكون موجباً للضمان.
كذلك لا يكون موجباً للضمان العيب المتسامح به عُرفاً (بحسب العرف السائد، أي العادة التي درج الناس على إتباعها في زمن معيّن مع اعتقادهم الراسخ بإلزاميتها وبوجوب تطبيقها) كاحتواء القمح كمية مألوفة من الأتربة، …إلخ.
وإذا كان المبيع من الأشياء التي لا تُعرَف حقيقة حالها إلاّ بإحداث تغيير فيها، كالأثمار ذات الغلاف اليابس (مثلاً البطيخ واللوز و الجوز والبندق…)، فالبائع لا يضمن العيوب الخفيّة فيه إلا إذا تعهد صراحة بذلك أو إذا كان العرف المحلّي يوجب عليه هذا الضمان.
وعلى كلّ، فإنّ تقدير ما إذا كان العيب مؤثراً أم لا، أمر يعود للقاضي الذي يعتمد في هذا المجال المعيار الموضوعي بصرف النظر عمّا يكون قد قصده المشتري بصورة خاصة وغير متوقعة، إلاّ إذا عُيّن هذا القصد الخاص في متن العقد.
أي أن العيب المؤثر حسب النص المذكور ( هو العيب الذي يجعل المبيع غير صالح للاستعمال الذي أعد له و التي تنقص هذا الاستعمال إلى حد أن المشترى ما كان ليشتريه …) إذن يجب أن يكون العيب الموجب للضمان على قدر من الجسامة بحيث ينقص من قيمة الشيء أو من نفعه بالقدر المحسوس.
لكن نقص القيمة لشيء معين يختلف عن نقص المنفعة لذلك الشيء، و كمثال عن نقص قيمة الشيء دون نقص منفعته: أن يشترى شخص سيارة صالحة للسير و لجميع الأغراض المقصودة منها، لكن في مقاعدها أو في أقسام أخرى منها عيب من شأنه أن يؤدي إلى تخفيض في قيمتها تخفيضا محسوسا، و بالرغم من ذلك كان للمشترى الرجوع على البائع بضمان العيب الخفي.
2 ـ أن يكون العيب قديما :
قِدَم العيب هو من الشروط الواجب توافرها لكي يتحقق موجب الضمان على البائع. والمقصود بالعيب القديم، العيب السابق للبيع أو على وجه أصحّ، العيب الموجود قبل انتقال الملكية إلى المشتري أو عند انتقالها كحدّ أقصى (في الأشياء المِثلية يؤخَذ بوقت التسليم، أما في الأشياء العينية فيؤخَذ بوقت انعقاد البيع).
أما إذا كان العيب ممّا لا يظهر إلاّ بعد انعقاد البيع وانتقال الملكية، فيكون الضمان واجباً على البائع، مثال ذلك أن يشتري أحدهم حيواناً فيه جرثومة لمرضٍ ما، ويتمكّن من إثبات وجودها في الحيوان قبل استلامه، و تجدر الإشارة إلى أنّه إذا كان انتشار المرض أو العيب يعود إلى خطأ وإهمال من المشتري، فعلى هذا الأخير أن يتحمّل وحده الضرر، فمَنْ يشتري مثلاً سيارة ويُلاحظ أنّ الحرارة تزداد في محرّكها عن المعدّل العادي، ومع ذلك لا يعمد إلى فحصه مُهملاً تزويده بالزيت، فيُعْطَب، لا يحقّ له المطالبة بالضمان، أما إذا كان الاستعمال السيّئ للشيء فقط عاملاً مُساعداً في ظهور العيب من دون التسبّب في نشوئه، فيبقى الضمان واجباً على عاتق البائع، وقد يرى القاضي توزيع المسؤولية بين البائع والمشتري إذا كان خطأ هذا الأخير قد شارك جزئياً في عملية إظهار العيب، إنّ عبء إثبات قِدَم العيب يقع على عاتق المشتري أما عبء إثبات خطأ المشتري في الاستعمال، فيبقى على عاتق البائع، والإثبات في الحالتين ممكن بكافة الوسائل)، و بذلك يكون المشرع الجزائري قد ربط ووحد بين ضمان العيب و تبعة الهلاك، إذا العبرة فيهما بالتسليم.
إضافة إلى ذلك هناك نقطة تتطلب التوضيح، وهي حالة ما إذا لم يظهر العيب إلا بعد التسليم، فكيف نحمل المشترى هذه الخسارة ؟ في حين أن العيب أو الجرثومة كانت موجودة في المبيع قبل العقد أو قبل التسليم ؟ مثال على هذه الحالة : أن يباع حيوان به جرثومة المرض التي لم تظهر إلا بعد التسليم، و هنا يقع الضمان على عاتق البائع لأن جرثومة المرض موجودة في المبيع عند تسليمه للمشترى.
وهذا هو موقف الفقه الإسلامي الذي يعتبر العيب الحادث عند المشترى بسبب قديم، هو بمثابة عيب قديم، و يعلل فقهاء الشريعة ذلك في بيع العبيد، فلو ارتكب العبد جناية عند مولاه ثم باعه، و بعد ذلك ظهرت جنايته فقضى عليه بعقوبتها أي ( الجناية ) كان ذلك موجبا خيار العيب للمشترى.
و لكن رغم ذلك، حتى يضمن البائع العيوب التي تلحق بالمبيع بعد التسليم، يجب على المشترى أن يثبت أن هذا العيب كان كامنا في المبيع و لم يظهر إلا بعد التسليم.
3 ـ أن يكون العيب خفيا :
بالإضافة إلى شرطي التأثير و القدم، يشترط في العيب أيضا أن يكون خفيا و غير معلوم للمشترى، و العيب الخفي هو العيب الذي يكون موجودا وقت المبيع و لكن ليس بوسع المشترى تبينه أو اكتشافه و لو فحص المبيع بعناية الرجل العادي، كما تنص عليه المادة 379 ق.م.ج و مفاد ذلك أن الشخص المتوسط الفطنة لا يستطيع أن يكتشفه إلا إذا فحص المبيع خبير ، أو محلل فني أو كيميائي أو الطبيب .
مثال: أحد كبار المزارعين اشترى بذورا لزرعها، فزرعها لكنها لم تنبت لكون بعضها مسوسا، فرفع هذا المزارع دعوى ضمان العيب على البائع، لكن المحكمة رفضت دعواه لكون هذا العيب الملحق بالبذور عيبا ظاهرا و باعتباره من كبار المزارعين لا يصعب عليه كشف تسوس هذه البذور عند تسليمها إليه من البائع.
إذن البائع لا يضمن العيوب الظاهرة أي العيوب التي باستطاعة الرجل المعتاد اكتشافها بالفحص العادي، لأن العيب ليس خفيا و لو لم يتبينه المشترى لكونه مقصرا حينئذ في عدم الانتباه إليه ـ إلا إذا كان غائبا عن مجلس العقد ـ فهنا كل عيب يعتبر من العيوب الخفية و لو كان العيب ظاهرا ما لم يعلمه المشترى، أما في الفقه الإسلامي، فلم يشترط مثل هذا الشرط، فمذهب الحنفية مثلا يرى أن هناك بعض العيوب يشترط فيها الضمان رغم أنها عيوب ظاهرة، كأن يكون العبد أعمى أو عسرا .
و من خلال ما سبق ـ ما عدا الفقه الإسلامي ـ فإن البائع لا يكون مسؤولا عن العيوب الظاهرة التي كان بإمكان المشترى اكتشافها لو أنه فحص المبيع بعناية الرجل العادي، إلا أنه استثناء مما سبق، نص المشرع الجزائري على حالتين يكون فيهما البائع مسؤولا عن العيب، و لو كان ظاهرا و هما:
الحالة الأولى : حالة ما إذا أثبت المشترى أن البائع كان قد أكد له خلو المبيع من العيب، لأن المشترى يكون بذلك قد اعتمد على قول البائع.
الحالة الثانية : عندما يثبت المشترى أن البائع قد تعمد إخفاء العيب عنه غشا منه، لأن اكتشاف العيب حينئذ لا يكفي فيه نباهة و فحص الرجل المعتاد، مثل طلاء شرخ في جدار المنزل دون إصلاحه.
4 ـ ألا يكون العيب معلوما للمشترى :
فلو كان المشترى عالما بالعيب سقط الضمان و لو كان خفيا، لأن علمه بالعيب هذا يدل على رضائه بالمبيع، و العبرة بتاريخ العلم بالعيب في المبيع ـ العلم الحقيقي ـ و هو وقت التسليم أو وقت الفرز لأنه الوقت الذي يتاح فيه عمليا للمشترى الإطلاع على العيب.
و بالتالي يقع على البائع عبء إثبات علم المشترى بالعيب أي القول بأن المشترى كان يعلم بوجود العيب وقت تسلم المبيع، و الإثبات واقعة مادية، يجوز إثباتها بكافة وسائل الإثبات، أما إذا لم يثبت ذلك، افترض أن المشترى غير عالم بالعيب، و بالتالي وجب على البائع الضمان.

المبحث الثانث : ضمان الاستحقاق في عقد البيع
فالاستحقاق هو أن يظهر بعد البيع حقا للغير على المبيع مهما كان نوعه سواء كان(حق ملكية أو أي حق آخر) ومتى ثبت الاستحقاق للغير حرم المشتري من المبيع سواء كليا أو جزئيا وبمجرد نجاح الغير في تعرضه والحكم له بأي حق مما ادعاه على المبيع يعتبر البائع مخلا بالتزامه بدفع التعرض ولا يقبل منه القول بأنه بذل جهدا لدفع هذا التعرض و يقع عليه تنفيذ التزامه بطريق التعويض بعد عدم استطاعته التنفيذ عينا أي بالمقابل يقوم الالتزام الاحتياطي وهو (ضمان الاستحقاق) فيحق للمشتري الرجوع على البائع ومطالبته بالتعويض بحسب حالة الاستحقاق. وقد عالج القانون المدني الجزائري أحكام ضمان الاستحقاق في الباب الخاص بعقد البيع ونظم الواجبات المتقابلة في هذا الموضوع بين البائع والمشتري والمستحق في المواد 375 إلى 378 من القانون المدني، وعند ثبوت الحق الذي يدعيه المعترض على الشيء المبيع فقد منح للمشتري ثلاث مسالك، يسلك إحداها لصيانة حقه الذي ضاع، ورفع الضرر الذي لحقه من جراء الاستحقاق وتتمثل فيما يلي: إما طلب فسخ العقد المبرم بينه وبين البائع(2) وإما طلب إبطاله أو التنفيذ بطريق التعويض ويقصد بالتعويض تضمين البائع ضمانا خاصا يلتزم به في حالة ثبوت للغير ما يدعيه في مواجهة حق المشتري، فما هي ياترى عناصر الاستحقاق؟ وهل هي نفسها في حالة كون الاستحقاق كلي أو جزئي؟ وعليه للإجابة عن هذه التساؤلات تناولنا المطلبين التاليين:
المطلب الأول : عناصر الرجوع في حالة الاستحقاق الكلي
تنص المادة 375 من القانون المدني على انه(في حالة نزع اليد الكلي عن المبيع فللمشتري أن يطلب من البائع قيمة المبيع وقت نزع اليد ،قيمة الثمار التي الزم المشتري بردها إلى المالك الذي نزع يد المشتري عن المبيع ،المصاريف النافعة التي يمكنه أن يطلبها من صاحب المبيع وكذلك المصاريف الكمالية إذا كان البائع سيء النية .جميع مصاريف دعوى الضمان و دعوى الاستحقاق باستثناء ما كان المشتري يستطيع أن يتقيه منها لو اعلم البائع بهذه الدعوى طبقا للمادة 373 .وبوجه عام تعويضه عما لحقه من الخسائر وما فاته من كسب بسبب نزع اليد عن المبيع كل ذلك ما لم يقم المشتري دعواه على فسخ البيع أو إبطاله).
ويلاحظ من العبارة الأخيرة لهذه المادة أن عناصر التعويض التي عددتها، لا توجب إلا في حالة رجوع المشتري على البائع بضمان الاستحقاق الكلي، أما إذا كان رجوع المشتري على أساس دعوى البطلان أوفسخ العقد، فليس للمشتري إلا عناصر التعويض التي تقضي به القواعد العامة للفسخ أو البطلان والعلة في هذه التفرقة تقوم على أساس أن دعوى ضمان الاستحقاق على العقد القائم بين المشتري والبائع وبالتالي يعتبر التعويض الذي يستحقه المشتري ليس إلا تنفيذا بمقابل لالتزام البائع بضمان الاستحقاق ،ومن ثم فان أساس التعويض في هذه الحالة هو (المسؤولية التعاقدية)،بينما في إبطال العقد أو فسخه ،فان الدعوى لا يمكن تأسيسها على أساس المسؤولية العقدية، وإنما على أساس المسؤولية التقصيرية وذلك لان التقرير ببطلان العقد أو فسخه سيؤدي حتما إلى زوال العقد وبأثر رجعي يعود إلى يوم انعقاد العقد وفقا للقواعد العامة فتنعدم الحكمة من اللجوء إلى أحكام العقد وبالتالي تكون دعوى التعويض على أساس المسؤولية التقصيرية .
ومن هذا يتضح لنا انه إذا نزع المبيع من المشتري بسبب استحقاق الغير له ولم يكن هناك شيء في العقد يختص بالضمان، أو كان البائع قد تعهد للمشتري بالضمان، فانه يكون للمشتري أن يطالب البائع بالمبالغ التي حددها النص عند رجوعه.
الفرع الأول : قيمة المبيع وقت الاستحقاق وقيمة الثمار
1/ قيمة المبيع وقت الاستحقاق :
وهو الوقت الذي رفعت فيه الدعوى لان الحكم بالاستحقاق يستند إلى يوم رفع الدعوى وذلك بدلا من رد الثمن الذي دفعه المشتري لأنه يطالب بالتعويض على أساس المسؤولية العقدية لا على أساس فسخ العقد وإبطاله أين يسترد فيهما الثمن. وقيمة المبيع وقت الاستحقاق قد تختلف عن الثمن الذي دفعه المشتري زيادة أو نقصانا. ففي القانون المصري وطبقا لنص المادة 443 من القانون المدني، انه إذا كان للمشتري أن يرجع على البائع عند استحقاق المبيع فلا شك أن للأساس الذي يرجع بمقتضاه أثره من حيث مقدار المبلغ الذي يمكن الرجوع به، فإذا اعتبر أن ضمان الاستحقاق تعويض للمشتري لعدم إمكان التنفيذ العيني، فانه يستحق (قيمة المبيع وقت الاستحقاق ) وهذه القيمة لا تتمثل في ثمن المبيع، بل في قيمته الحقيقية وقد تزيد، كما قد تنقص عن مقدار الثمن. ذلك أن قيمة المبيع هي القدر الذي ضاع فعلا على المشتري بسبب الاستحقاق حيث تطبق القواعد العامة. أما في القانون الفرنسي فانه يكون للمشتري أن يسترد الثمن فقط.بصرف النظر عن قيمة المبيع وقت الاستحقاق، إذ يعتبر العقد في هذه الحالة كان لم يكن، أي يعتبر انه لم يرتب أثرا وفي هذه الحالة يكون الثمن بين يدي البائع بدون سبب، فيكون للمشتري أن يسترده على أساس الدفع غير المستحق، إذ أن دفعه تنفيذا لبيع لم يؤد إلى انتقال الملكية إليه وبالتالي يكون لدعوى الاستحقاق نفس الآثار التي تترتب على دعوى الفسخ، وفضلا عن ذلك يكون للمشتري أن يطلب البطلان إذا ما تعلق الأمر ببيع ملك الغير وله أن يسترد الثمن كذلك وعليه يجب على البائع الملتزم بالضمان أن يرد الثمن الذي قبضه فإذا لم يكن قد تم قبض الثمن كان للمشتري حبسه إذا وقع له تعرض من الغير يضمنه البائع .
- وفي حالة البيع الجبري، إذا استحق المبيع بين يدي المشتري، يكون له أن يرجع على المدين المحجوز عليه وله كذلك الرجوع على الدائنين الحاجزين لاسترداد الثمن على أساس ما دفعه بغير حق.
وفي عنصر قيمة المبيع وقت الاستحقاق لا يهم حسن أو سوء نية البائع أو المشتري.
2/ قيمة الثمار التي الزم المشتري بردها إلى المالك الذي استحق المبيع :
الأصل أن المشتري يكون له الحق في ثمار المبيع من وقت البيع ما لم يتفق على خلاف ذلك، إلا انه يكون ملزم برد الثمار التي قبضها وهو سيء النية أي من اليوم الذي علم فيه بسبب الاستحقاق وذلك من وقت رفع الدعوى عليه من المستحق، وبذلك يخسر هذه الثمار التي كانت ستكون له لو بقي عقد البيع، ومن ثم كان له أن يرجع بقيمتها على البائع استيفاء لحقه في التعويض. ولكن إذا استحق المبيع إلى الغير فان المشتري يكون حائزا للمبيع دون أن يملكه وبالتالي يكون له الثمار أيضا إذا كان حسن النية وهذا ما تقرره أحكام المادة 873 من القانون المدني الجزائري.
الفرع الثاني: المصاريـف
أ) المصروفات الضرورية : وهي المصروفات التي تكون لازمة لحفظ المبيع وصيانته، وهي تحقق منفعة للمالك وكان سيقوم بإنفاقها حتما لو كان هذا المبيع بين يديه، لذلك فالمالك المستحق ملزم بدفعها إلى المشتري سواء كان هذا الأخير سيء النية أو حسنها وقد نصت المادة 839 ف1 من القانون المدني الجزائري (على المالك الذي يرد إليه ملكه أن يدفع إلى الحائز جميع ما أنفقه من المصروفات اللازمة).
ب) المصروفات النافعة : وهي التي تهدف إلى الزيادة في قيمة المبيع( قيام ببناء جديد، غرس أشجار مثمرة ) فالأصل أن المشتري لا يستطيع الرجوع بها جميعها على المستحق وذلك عملا بنص المادة 839 ف2 من القانون المدني التي تحيلنا إلى نص المادتين 784 ،785 من نفس القانون المتعلقتان بأحكام الالتصاق بالعقار والتي تعطي خيارات للمستحق والذي سيختار ما يناسبه وفي المقابل فان المشتري قد لا يسترد كل ما أنفقه وبالتالي عليه أن يرجع بالفرق على البائع.
ج) المصروفات الكمالية : وهي تلك التي يقوم بها المشتري ولا تعود بالنفع على المبيع وليست ضرورية للصيانة أو الإصلاح وإنما يقوم بها لمجرد إرضاء مزاجه وهواه، وهذه المصاريف لا يلزم بها المستحق عملا بالمادة 839 ف3 من القانون المدني ومنه يكون للمشتري الرجوع بها على البائع بدعوى الضمان إذا كان هذا الأخير يعلم وقت البيع بسبب الاستحقاق. وفي ذلك صدر قرار المجلس الأعلى( المحكمة العليا ) بتاريخ : 18/06/1969 عن الغرفة المدنية جاء فيه(من المبدأ قانونا أن المشتري حسن النية الذي يعطي زيادة مهمة في القيمة للملك المكتسب إثر المصاريف الضخمة التي قدمها له الحق في المطالبة بتعويض مناسب للتحسينات التي أتى بها في الأصل في حال إبطال البيع الحكم بوجه آخر هو إباحة إثراء الغير مستحق لصالح من يسترجع الملك المبيع)
د) مصروفات دعوى الضمان ودعوى الاستحقاق : عدا ما كان في استطاعة المشتري اتقاءه لو انه اخطر البائع بالدعوى طبقا لأحكام المادة 373 من القانون المدني الجزائري.
الفرع الثالث : التعويض عما لحق من خسارة وما فات من كسب
وهي عبارة عامة، تحيط بكل عناصر التعويض وهي تطبيق للقواعد العامة، وبالتالي يكون للمشتري الرجوع على البائع بذلك غير ما ذكر في العناصر السابقة .
المطلب الثاني: عناصر الرجوع في حالة الاستحقاق الجزئي
ويقصد به ثبوت ملكية الغير لجزء من العين سواء كان الجزء المستحق مفرزا أو حصة شائعة في العين كلها، أو أن يحكم له بحق ارتفاق أو استعمال أو انتفاع وهذا ما نصت عليه المادة 376 من القانون المدني. فعلى هذا الأساس فإنها تنقص من قيمة المبيع ولم يكن المشتري يتوقع ذلك عند العقد، ولهذا طبق القانون بالنسبة لحالة ظهور حقوق على المبيع أحكاما مشابهة لما أورده بالنسبة لاستحقاق جزء من المبيع.
وقد فرق القانون في حالتي الاستحقاق الجزئي وظهور أعباء على المبيع، بين ما إذا طلب المشتري فسخ البيع وحكم له به وبين ما إذا ظل العقد قائما.
الفرع الأول : حالة فسخ العقد
إذا استحق جزء من المبيع أو تبين للمشتري وجود حقوق عينية غير ظاهرة لم يصرح بها وكان الجزء المستحق أو الحقوق والأعباء من الجسامة إلى حد يمكن معه القول بان المشتري لو علم بذلك ما اشترى المبيع، كان له أن يطلب الفسخ وفي هذه الحالة تترك السلطة التقديرية للمحكمة(2) فإذا حكم بالفسخ اعتبر البيع كان لم يكن وبذلك نكون أمام حالة الاستحقاق الكلي، مع مراعاة هذه الحالة أين يكون المشتري ملزم برد ما تبقى من المبيع عندما يستحق جزء منه، كما يلتزم بان يرد المبيع الذي ظهرت عليه حقوق مستمرة لم يكن مصرحا بها ويلتزم البائع برد الثمن و المبالغ الأخرى.
الفرع الثاني : حالة الإبقاء على العقد
إذا تبين للقاضي أن ما حصل فيه استحقاق لم يكن جسيما إلى الحد الذي صوره المشتري، أو إذا لم يطلب هذا الأخير فسخ العقد أبقى على العقد وله ذلك في جميع الحالات إلا أن السؤال يطرح عما إذا كان له حق الرجوع به؟. ففي حالة ظهور حقوق أو أعباء على المبيع يضمنها البائع، فانه إذا لم يرد المشتري الفسخ يكون له الحق في التعويض الذي يكون بقدر ما نقص من قيمة المبيع بسبب ظهور تلك الحقوق يقدر القاصي التعويض في الاستحقاق الجزئي و ذلك في حالة رد ما بقي من المبيع و ما أفاده المشتري منه و إما طبقا للقواعد العامة في المسؤولية العقدية في غير ذلك من الحالات لأن مصدر هذا التعويض هو عقد البيع ،و بالتالي يقدر التعويض على أساس الضرر المتوقع ما لم يكن الاستحقاق الجزئي قد وقع بغش البائع أو بخطأ جسيم منه حيث يقدر التعويض عندئذ بالضرر المتوقع و غير المتوقع. وحيث أن القانون قد حدد عناصر التعويض التي يستحقها المشتري في ضمان الاستحقاق و يساوى في ذلك المشتري سيء النية على أساس أن نصوص ضمان الاستحقاق لم تشترط حسن أو سوء النية، إلا أنه لاستحق عناصر التعويض الأخرى إلا إذا كان حسن النية ،و قد أخذت محكمة النقض المصرية بهذا الرأي و ذلك على أساس أنه (فمن غير المعقول إذا حرم القانون المشتري-سيء النية- من الرجوع بالتعويض على من باع له ملك غيره أن يتيح له في نفس الوقت الرجوع عليه بعناصر التعويض في ضمان الاستحقاق الكلي) أما عن حسن نية البائع أو سوء نيته لا أثر لها على استحقاق المشتري للتعويض ،لأن القانون لم يشترط سوء النية في نصوص ضمان الاستحقاق غير أنهى إذا كان البائع حسن النية فإنه لا يلتزم بغير تعويض الضرر المتوقع ،أما إذا كان البائع سيء النية فإنه يلتزم بتعويض الضرر المتوقع و غير المتوقع طبقا للقواعد العامة.
المطلب الثالث: الاتفاقات المعدلة لأحكام ضمان الاستحقاق
فالأصل أن الالتزام بالضمان كما في غيره من الالتزامات العقدية أنه يخضع لإرادة المتعاقدين إلا أن المادة 377 ف1 من القانون المدني نصت على انه ( يجوز للمتعاقدين بمقتضى اتفاق خاص أن يزيدا في ضمان نزع اليد، أو ينقصا منه، أو يسقطاه ) فمن خلال حكم هذه المادة نرى بان المشرع أجاز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالف حكم هذه المادة في فقرتها الأولى، ذلك لان هذه الأحكام مكملة لإرادة المتعاقدين ونرى أن هذه الأخيرة ليست من النظام العام يجوز الاتفاق على تعديلها، وهذا ما سأتطرق له من خلال النقاط التالية:
الفرع الأول : الاتفاق على زيادة الضمان
وهو أقل شيوعا في العمل من الاتفاق على إنقاصه، لان في أحكام الضمان القانوني حماية كافية للمشتري وذلك لان المادة 375 من القانون المدني أحاطت بكل ما يثور عند استحقاق المبيع عندما كفلت للمشتري تعويضا كافيا يزيد عما تكفله أحكام البطلان والفسخ.
ويجب أن لا تكون الزيادة في الضمان واردة في عبارات عامة وإنما يجب أن يخصص في العقد وجه الزيادة في أحكام الضمان، كان يكون للمشتري في حالة الاستحقاق الجزئي أن يرد المبيع فقط دون الثمار أو أن يقتضي تعويضا كاملا في حالة الاستحقاق الجزئي دون التطرق عما إذا كانت الخسارة جسيمة أم لا.
الفرع الثاني : الاتفاق على إنقاص الضمــان
وهذا التعديل كثيرا ما يقع وبالتالي يجوز للبائع أن يشترط إعفائه من الضمان لبعض أعمال التعرض التي قد تقع، كان يشترط عدم ضمانه في حالة ما يطالب الغير بحق ارتفاق غير ظاهر على المبيع(1) ويقع باطلا الشرط المنقص للضمان إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق الغير وذلك طبقا لأحكام المادة 377 ف3 من القانون المدني ويكون مسئولا عن الضمان.
الفرع الثالث : الاتفاق على إسقاط الضمـان
أجازت المادة 377 من القانون المدني على الاتفاق على إسقاط الضمان على البائع سواء في حالة الاستحقاق الكلي أو الجزئي، ولا يستطيع المشتري الرجوع على البائع إلا إذا كان هذا الاستحقاق راجع إلى فعل البائع فان الإسقاط في هذه الحالة يكون باطلا ويقتصر اثر الشرط على إعفاء البائع من عناصر التعويض الأخرى غير أن هناك حالتين طبقا لأحكام هذه المادة تعفي البائع من الضمان بموجب شرط عدم الضمان وهما :
1- أن يكون المشتري عالما بسبب الاستحقاق وقت التعاقد وارتضى مع ذلك بشرط عدم الضمان فيعني ذلك إن اعفي البائع من المسؤولية عن هذا السبب وما على البائع إلا إثبات علم المشتري بسبب الاستحقاق وقت البيع.
2- أن يكون المشتري قد اشترى تحت مسؤولية البائع ( أي يخاطر بذلك) فإن تضمن العقد لبند مثل هذا يجعله من عقود الغرر.

خاتمة :
إن المشرع نظم احكام الضمان سواء كان التعرض او الاستحقاق أو العيوب الخفية باعتبارها من اهم الالتزامات التي تترتب على العقد ، خاصة عقد البيع و الايجار و كلها أكثر العقود شيوعا في الحياة العملية و ذلك لضمان استقرار المعاملات .
ولتعزيز الحماية القانونية للمشتري قام المشرع بالاعتراف له بعدة حقوق كالحق في رفع دعوى الضمان او دعوى الاستحقاق يطالب فيها بما يستحقه من تعويضات عند استحقاق محل العقد للغير وكذلك تظهر الحماية لقانونية ودلك من خلال منع المشرع لكلا الطرفين بإبرام اتفاق يقضي بإعفاء المشتري من ضمان التعرض الشخصي لان دلك يوسع المجال للبائع للتعرض للمشتري وحرمانه من انتفاع واستغلال المستمر للمبيع محل العقد والبائع لا يكتفي بنقل ملكية الشيء المبيع انما يضمن له حيازة المبيع فاذا اخل بصفة من صفات المبيع او ضهر عيب او نقص فهنا يعتبر البائع مخل بالالتزامات ويترتب على دلك اتار قانونية .
ان التزام البائع بالضمان العيوب الخفية هو التزام يستلزمه طبيعة الاشياء لان المشتري عندما يشتري شيء لابد ان يكون خاليا من العيوب ا دان لو علم بها المشتري لما تعاقد مع البائع.
كما ان المشتري لا يمكنه الرجوع على البائع بالضمان إلا إذا توفرت الشروط القانونية كدلك البائع لا يحق له ضمان عيب الخفي في حالة سقوط الحق .

المراجع
النصوص القانونية
1ـ أمر رقم 75-58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 م المتضمن للقانون المدني الجزائري , المعدل والمتمم.
الكتب
1ـ دـ جليل احمد حسن قدادة ,الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري ( عقد البيع ) , ديوان المطبوعات الجامعية , الجزائر ,1996
2ـ د ـ محمد حسنين قاسم , الموجز في عقد البيع , دار الجامعة الجديدة للنشر , مصر, 1996
3-د ـ محمد حسنين , عقد البيع في القانون المدني الجزائري , ديوان المطبوعات الجامعية ,الجزائر, 2001.

look/images/icons/i1.gif بحث حول ضمان التعرض والاستحقاق
  29-10-2022 08:50 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 18-05-2022
رقم العضوية : 30193
المشاركات : 1
الجنس :
تاريخ الميلاد : 17-10-1988
قوة السمعة : 10
المستوي : دكتوراه
الوظــيفة : طالب
احسنت بارك الله فيك

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
ضمان ، التعرض ، والاستحقاق ،









الساعة الآن 07:48 PM