logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





24-04-2021 08:40 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 25-03-2016
رقم العضوية : 5330
المشاركات : 43
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 30
المستوي : ماجستير
الوظــيفة : طالب

دراسة الجرائم الواقعة على الأسرة
وفق القانون الجزائري
.
الفصل الأول جرائم الإهمال العائلي.
المبحث الأول جريمة ترك مقر الأسرة
المطلب الأول: أركان الجريمة
المطلب الثاني: المتابعة والجزاء
المبحث الثاني:جريمة إهمال الزوجة الحامل.
المطلب الأول : أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
المبحث الثالث: جريمة عدم تسديد النفقة
المطلب الأول: أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
المبحث الرابع : جريمة الإهمال المعنوي للأولاد
المطلب الأول: أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
الفصل الثاني : الجرائم الأخلاقية
المبحث الأول : جريمة الزنا
المطلب الأول : أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
المبحث الثاني : جريمة الفاحشة بين ذوي الأرحام
المطلب الأول : أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
الفصل الثالث : الجرائم الماسة بالأطفال
المبحث الأول : جريمة الإجهاض
المطلب الأول : أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
المبحث الثاني : جريمة قتل طفل حديث العهد بالولادة
المطلب الأول : أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
المبحث الثالث : جريمة ترك الأطفال وتعريضهم للخطر
المطلب الأول : أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
المبحث الرابع : جريمة عدم تسليم الطفل
المطلب الأول: أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
المبحث الخامس : جريمة خطف أو إبعاد قاصر
المطلب الأول : أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
الفصل الرابع : الجرائم المتعلقة بالحالة المدنية
المبحث الأول: جريمة
المطلب الأول: أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
المبحث الثاني : جريمة الحيلولة دون التحقق من شخصية الطفل
المطلب الأول : أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
المبحث الثالث : جريمة الاعتداء على اللقب العائلي
المطلب الأول : أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
المبحث الرابع : جريمة استعمال وثائق غير تامة
المطلب الأول : أركان الجريمة
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
خاتمــة

مقـدمة :
حظيت الأسرة باهتمام خاص في جل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، باعتبارها الخلية الأساسية في المجتمع واللبنة الأساسية لتطوره وتماسكه وصلاحه، وعلى هذا الأساس حرصت التشريعات على إرساء قواعد خاصة لتنظيم العلاقات بين أفراد الأسرة الذين تجمع بينهم صلة الزوجية والقرابة وهذا حفاظا على قيامها وتماسكها وتقرير أحكام لحماية الأسرة من الأفعال التي تمس بكيانها واستقرارها، وعلى هذا الأساس ذهب البعض إلى القول بضرورة منح الأسرة الشخصية القانونية لتستفيد من الحماية والخصائص التي يتمتع بها الشخص المعنوي.
إن القوانين الجزائرية على غرار التشريعات الوضعية المقارنة اهتمت بنظام الأسرة ويأتي في مقدمتها الدستور الذي نص في المادة 58منه على أن الأسرة تحظى بحماية الدولة والمجتمع، كما تضمن كل من قانون الأسرة وقانون الحالة المدنية والقانون المدني قواعد لتنظيم وبناء الأسرة ، أما قانون العقوبات فقد تضمن القواعد التي تكفل حماية الأسرة وتضمن احترام كافة حقوق أفرادها ومعاقبة كل من يتعدى على هذه الحقوق أو يخل بما يلزمه من واجبات .
و لما كانت الأسرة تعتمد في حياتها على الترابط والتكامل وحسن المعاشرة وحسن الخلق ونبذ الآفات الاجتماعية فإن المشرع حرص على بقاء هذه المقومات من خلال تجريم الأفعال التي من شأنها المساس بترابط الأسرة وتؤدي إلى تفككها وقد نص قانون العقوبات على هذه الأفعال في القسم الخامس من الفصل الثاني من الباب الثاني من الجزء الثاني منه تحت عنوان ترك  الأسرة المواد 330،331،332.
 ومن مقاصد الزواج إحصان الزوجين والمحافظة على الأنساب وتكوين أسرة أساسها المودة والرحمة إلا أن ضعف التربية الخلقية والوازع الديني من شانها تدمير الأسرة وقطع وصلات الرحم وعليه نص قانون العقوبات على تجريم أفعال من شأنها المساس بكيان الأسرة من خلال تجريم فعل الزنا والفاحشة بين ذوي المحارم في المواد 337 مكرر، 339، 341 منه .

وباعتبار الأطفال ثمرة عقد الزواج ويعيشون تحت سقف الأسرة وحمايتها فإن الاعتداء عليهم يمس بصفة مباشرة استقرار الأسرة و تماسكها لهذا أعطى المشرع حماية خاصة للطفل منذ أن يكون جنينا من خلال تجريم فعل الإجهاض في المواد 304 إلى 311 من قانون العقوبات مرورا بحمايته عند ميلاده بتجريم قتل الطفل حديث العهد بالولادة من طرف أمه تجريما خاصا وتستمر هذه الحماية إلى بلوغه سن الرشد من خلال تجريم الأفعال التي من شأنها المساس بصحة الطفل وخلقه المواد 314 إلى 320 والمواد 326، 327 ، 328 من قانون العقوبات .
 لقد جاء قانون الحالة المدنية بقواعد لتنظيم الحالة الشخصية أو المدنية لأفراد الأسرة من حيث ولادتهم وزواجهم ووفاتهم كما نظم القانون المدني القواعد الخاصة باللقب العائلي وكل مساس بهذه القواعد قد يؤدي إلى خلل في نظام الأسرة ومن خلالها النظام الاجتماعي لذا جاء قانون العقوبات بأحكام خاصة تتعلق بمخالفة قانون الحالة المدنية والاعتداء على اللقب العائلي في المواد247، 441، 442 من قانون العقوبات ، وما تجدر الإشارة إليه في هذه المقدمة هو حصر دراستنا لموضوع الجرائم الواقعة على الأسرة في الجرائم التي تمس نظام الأسرة والتي خصها المشرع بنص خاص في قانون العقوبات مستبعدين بذلك الجرائم التي يشدد أو يعفي فيها المشرع من العقاب في حالة ارتكابها بين  أفراد الأسرة باعتبارها جرائم عامة لا تستهدف الأسرة بحد ذاتها.

وفي إطار المنهجية التي اتبعناها للوقوف على الجرائم الواقعة على الأسرة قمنا بتقسيم البحث إلى أربعة فصول تناولنا فيها الجانب الموضوعي لهذه الجرائم من خلال الوقوف على الأركان والعناصر المكونة لها وكذا الجانب الإجرائي المتعلق بالمتابعة وتوقيع الجزاء نظرا لخصوصية المتابعة في هذه الجرائم والتي غالبا ما تكون النيابة مقيدة في تحريك الدعوى العمومية فيها تماشيا مع رغبة المشرع في المحافظة على تماسك الأسرة وترابطها وعليه تناولنا في فصل أول الجرائم المتعلقة بالإهمال العائلي وفي فصل ثان الجرائم الأخلاقية وفي فصل ثالث الجرائم الماسة بالأطفال وفي فصل رابع الجرائم المتعلقة بالحالة المدنية وذلك محاولة منا للإلمام بكل جوانب الموضوع والإجابة على مختلف التساؤلات التي يطرحها هذا الموضوع والمتمثلة في :
ما هي الجرائم التي تقع على الأسرة وفقا للتشريع الجزائري وما مدى نجاعة السياسة الجنائية التي اعتمدها المشرع لحماية الكيان الأسري ؟.
عقد الزواج كغيره من العقود يرتب حقوق و التزامات على عاتق طرفيه و تنشأ بموجبه الخلية الأساسية في المجتمع و هي الأسرة التي تعتمد في حياتها على الترابط و التكافل و حسن المعاشرة و التربية الحسنة و حسن الخلق و نبذ الآفات الاجتماعية المادة 03 منى القانون 84-11- المتضمن قانون الأسرة و على هذا الأساس نصت المادة 58 من الدستور على أن الأسرة تحض بحماية الدولة و المجتمع و لتجسيد هذه الحماية تدخل المشرع بنصوص قانونية منها ما يكرس الحقوق و الواجبات المتبادلة بين أفراد الأسرة و هذا ما نظمه قانون الأسرة و منها ما يضفي بها صفة التجريم على الأفعال التي تمس بكيان الأسرة و تماسكها و هذا ما نص عليه قانون العقوبات و بالضبط في القسم الخامس من الفصل الثاني من الباب الثاني من الجزء الثاني أي المواد 332.331.330 منه تحت عنوان ترك الأسرة Abandon de famille و التي تضم أربع جرائم درج الفقه و القضاء على تسميتها جرائم الإهمال العائلي و هي :
جريمة ترك مقر الأسرة.
جريمة إهمال الزوجة الحامل.
جريمة عدم تسديد النفقة.
جريمة الإهمال المعتوي للأولاد.
لقد خصصنا مبحث لكل منها لتبيان أركانها و إجراءات المتابعة فيها.

الفصل الأول جرائم الإهمال العائلي
المبحث الأول : جريمة ترك الأسرة :
من مقاصد الزواج تكوين أسرة أساسها المودة و الرحمة و تعتمد على التكافل و الترابط الاجتماعي و حسن المعاشرة فان تخلى أحد الوالدين عن مقر الزوجية لمدة تتجاوز الشهرين دون القيام بالالتزامات الأدبية و المادية المترتبة على السلطة الأبوية أو الوصاية القانونية بغير سبب جدي يشكل جريمة يعاقب عليها القانون و هذا ما ذهبت إليه المادة 330-1 من قانون العقوبات، و لقيام هذه الجريمة يجب توافر ركنين ركن مادي و ركن معنوي و يستوجب القانون شكوى الزوج المضرور لاتخاذ إجراءات المتابعة و توقيع الجزاء و هذا ما سنتعرض إليه بالشرح في مطلبين.
المطلب الأول : أركان الجريمة :
أولا- الركن المادي : يقتضي هذا الركن توافر أربع عناصر مجتمعة و تتمثل في :
- الابتعاد جسديا عن مقر الأسرة.
ب-وجود ولد أو عدة أولاد.
ج-عدم الوفاء بالالتزامات العائلية.
د-المدة و هي أكثر من شهرين.

I- الابتعاد جسديا عن مقر الأسرة :
تقتضي هذه الجريمة ترك أحد الزوجين مقر الأسرة المعتاد و بقاء الزوج الأخر بمقر الزوجية، أما إذا ترك الزوج البيت الزوجية و قامت الزوجة رفقة الأبناء بالتوجه إلى بيت أهلها و بقي مقر الزوجية خاليا فانه لا مجال لقيام الجريمة و كذلك الأمر إذا بقي الزوجان يعيشان كل منهما في بيت أهله و كانت الزوجة ترعى ولدها في بيت أهلها فان مقر الأسرة يكون عندئذ منعدماٍٍ  و لا مجال بالتالي لتطبيق المادة 330 من قانون العقوبات و على هذا الأساس قضي بعدم قيام الجريمة من حق المتهم طالما أن الضحية من قامت بمغادرة مقر الأسرة حيث جاء في حيثيات القرار الصادر عن الغرفة الجزائية لمجلس قضاء بومرداس بتاريخ 23/04/2002 فهرس 509/2002 ان الأفعال المنسوبة للمتهم غير قائمة طالما و ثبت أن الضحية هي التي غادرت البيت الزوجية و عليه فان عناصر جنحة ترك الأسرة غير متوفرة في قضية الحال و هذا ما ذهب إليه كذلك القرار الصادر عن نفس الغرفة بتاريخ 07/01/2003 فهرس 30 إذ جاء في حيثياته :
حيث أنه ثبت من الملف أن عناصر المادة 330 من قانون العقوبات غير ثابتة تجاه المتهم بحيث أن الثابت و أن الضحية هي التي غادرت المحل الزوجي كما هو ثابت في القضية المتعلقة بالأحوال الشخصية و تجدر الإشارة إلى أنه من خلال الاطلاع على مختلف الأحكام و القرارات بشأن صحة ترك مقر الأسرة فإنها تأتي بصيغة جنحة الإهمال العائلي رغم أن جنحة ترك مقر الأسرة ما هي إلا صورة من صور الإهمال العائلي تقوم على أركان خاصة بها جاءت بها المادة 330-1 من قانون العقوبات.


II - وجود ولد أو عدة أولاد :
تشترط الجريمة لقيامها وجود ولد أو عدة أولاد اذ أن المشرع نص على التخلي عن الالتزامات الأدبية أو المادية المترتبة على السلطة الأبوة أو الوصاية القانونية، و لا مجال للكلام على السلطة الأبوية أو الوصاية القانونية دون وجود رابطة الأبوية أو الأمومة و عليه قضى بعدم قيام الجريمة كون المتهم ليست له صفة الأب إذ جاء في الحكم الصادر عن قسم الجنح محكمة بومرداس بتاريخ 15/02/2003 فهرس 307: “حيث أنه يتبين للمحكمة من خلال الملف و المناقشات أن الوقائع المتابع بها المتهم لا تؤلف من عناصرها المتوفرة الشروط المطلوبة لأركان جنحة الإهمال العائلي ففي حين تشترط المادة 330 من قانون العقوبات أن الأب الذي يترك مقر أسرته لمدة تتجاوز الشهرين أو الزوج الذي يتخلى عمدا لمدة تتجاوز الشهرين عن زوجته مع علمه أنها حامل و هي الشروط غير متوفرة في قضية الحال إذ أن المتهم ليست له صفة الأب لكونه ليس له أولاد و لم يترك مقر الزوجية كما أن الزوجة المهملة ليست حامل.

وعليه فإن الجريمة لا تقوم في حق الأجداد إذ أن المادة 330 حصرت الجريمة في أحد الوالدين إلا أنه يثار التساؤل حول ما إذا كان الأطفال المكفولين معنيين بالحماية القانونية المقررة في المادة 330-1 خاصة و أن المادة 116 من القانون رقم 84-11 المؤرخ في 09 جوان 1984 المتضمن قانون الأسرة تعرف الكفالة على أنها التزام على وجه التبرع بالقيام بولد قاصر من نفقة و تربية و رعاية قيام الأب بابنه.
رغم أن المادة 116 من قانون الأسرة نصت على قيام الكفيل برعاية المكفول قيام الأب بابنه إلا أنه من صياغة المادة 330-1 ق ع فالمشمول بالحماية هو الولد الأصلي الشرعي دون سواه إذ أن الالتزامات المنصوص عليها في المادة 330-1 مترتبة على السلطة الأبوية و الوصاية القانونية في حين أن الالتزامات المنصوص عليها في المادة 116 من قانون الأسرة فهي على سبيل التبرع لا غير ،  أما الطفل المتبني  فهو غير معني بالحماية المقررة في المادة 330-1 كون التبني ممنوع شرعا و قانونا وفقا للمادة 46 من قانون الأسرة ، كما يفهم من نص المادة 330/1 من قانون العقوبات التي تتحدث عن الالتزامات المترتبة عن السلطة الأبوية أو الوصاية القانونية أن المقصود هم الأولاد القصر و إن كان الأمر يحتاج إلى تمحيص فهي ضوء أحكام قانون الأسرة  إذ أن الأب يبقى ملزم بالنفقة على البنت إلى الدخول بها و كذا بالنسبة للذكر بعد بلوغه سن الرشد إذا كان عاجز لإعاقة ذهنية أو بدنية أو مزاولا للدراسة و لا لدراسته.


III -عدم الوفاء بالالتزامات العائلية :
تقتضي الجريمة أن يصاحب ترك مقر الأسرة التخلي عن كافة أو بعض الالتزامات الزوجية التي تقع على كل من الأب و الأم تجاه الزوج و الأولاد، و بذلك تقتضي الجريمة بالنسبة للأب و هو صاحب السلطة الأبوية التخلي عن كافة التزاماته في ممارسة ما يفرضه عليه القانون نحو أولاده و زوجه و تقتضي الجريمة بالنسبة للأم و هي صاحبة الوصاية القانونية على الأولاد عند وفاة الأب التخلي عن التزاماتها نحو أولادها و زوجها .
والالتزامات الزوجية قد تكون أدبية تتعلق برعاية و حماية أفراد الأسرة أو مادية تتعلق بضمان حاجياتهم المعيشية .
1-الالتزامات الأدبية : 
تتمثل في رعاية الولد و تعليمه و القيام بتربيته على دين أبيه و السهر على حمايته و حفظه صحة و خلقا المادة 64 من قانون الأسرة و إذا كان الأب حيا انحلت الرابطة الزوجية تنتقل الالتزامات الأدبية الى الأم الحاضنة و في هذه الحالة تنقضي التزامات الأم بالنسبة للذكر ببلوغه 10 سنوات و بالنسبة للأنثى ببلوغها سن الزواج أي 18 سنة و للقاضي أن يمدد الحضانة بالنسبة للذكر إلى 16 سنة إذا كانت الحاضنة أما لم تتزوج ثانية المادة 65 قانون أسرة  و يبقى الأب ملزم بالالتزامات المادية، في حين تنتقل إليها كافة الالتزامات سواء أدبية أو مادية في حالة وفاة الأب باعتبارها صاحبة الولاية القانونية.

2- الالتزامات المادية :
 تتمثل أساسا في النفقة إذ تجب نفقة الزوج على زوجته و على أبنائه فبالنسبة للذكور إلى بلوغه سن الرشد أي بلوغ 19 سنة و الإناث إلى الدخول و تستمر إذا كان الولد عاجزا لإعاقة عقلية أو بدنية أو مزاولا للدراسة و تسقط بالاستغناء عنها بالكسب (المواد 74،75 من قانون الأسرة) و تشمل النفقة الغذاء و الكسوة و العلاج و السكن أو أجرته و ما يعتبر من الضروريات وفقا للعرف و العادة طبقا للمادة 78 من قانون الأسرة و قد تدخل المشرع بتجريم الإمتناع عن دفع النفقة الغذائية بنص المادة 331 من قانون العقوبات و اعتبرها صورة من صور الإهمال العائلي قائمة بذاتها حرصا منه على صحة و سلامة أفراد الأسرة .
و الإلتزام بالنفقة يستمر بالنسبة للأنثى إلى الدخول بها و كذا بالنسبة للولد العاجز لإعاقة بدنية أو ذهنية أو مزاولا لدراسته في حين أنه يقهم من المادة 330 /1 أن المشمول بالحماية المقررة هم الأولاد القصر فحسب كما سبقت الإشارة إليه .
و عليه يستخلص مما سبق أن الأب أو الأم الذي يترك مقر أسرته دون التخلي عن واجباته الأدبية و المادية لا يعتبر مرتكبا لجريمة ترك مقر الأسرة و بذلك فإن الإشارة إلى توفر عنصر التخلي عن هذه الالتزامات أمر ضروري لإثبات قيام الجريمة رغم اكتفاء الأحكام و القرارات القضائية بالإشارة إلى هذا العنصر دون تحديد الالتزامات التي أخل بها المتهم فقد ورد في الحكم الصادر عن محكمة بومرداس بتاريخ 22/02/2003 فهرس 330 : حيث ثبت للمحكمة من الملف و المناقشات أن الوقائع المتابع بها المتهم و المتعلقة بالإهمال العائلي ثابتة ضده و تخلى عن الالتزامات الأدبية و المادية تجاه أولاده و أسرته. 

3- ترك مقر الأسرة لمدة أكثر من شهرين :
يشترط لقيام الجريمة أن يستمر ترك مثر الأسرة أكثر من شهرين و يجب أن يكون الابتعاد عن مقر الأسرة و التخلي عن الالتزامات العائلية في آن واحد  أما إذا كان الزوج ينفق على عائلته و يسأل عن أحوالهم رغم غيابه عنهم فلا تقوم الجريمة و لو كانت المدة تتجاوز الشهرين  و تحسب مدة الشهرين ابتداء من ترك الزوج لمقر الزوجية و التخلي عن التزاماته العائلية إلى تاريخ تقديم الشكوى ضده و على هذا الأساس قضي بعدم قيام الجريمة باعتبار أن مدة ترك مقر الأسرة لم تتجاوز الشهرين حيث جاء في حيثيات الحكم الصادر عن محكمة بومرداس قسم الجنح بتاريخ 10/05/2003 فهرس 1105حيث أنه تبين للمحكمة أن الوقائع المتابع بها المتهمة لا تؤلف من عناصرها المتوافرة الشروط المطلوبة لارتكاب جنحة الإهمال العائلي ففي حين تشترط المادة 330 ق ع أن تتجاوز مدة الإهمال شهرين و هو الشيء غير ثابت في قضية الحال مما يتعين التصريح ببراءته.
و إثبات مرور مدة الشهرين على ترك مقر الأسرة و إثبات التخلي عن التزامات العائلية إنما يقع على عائق الزوجة الشاكية بالتعاون مع وكيل الجمهورية بكافة الوسائل القانونية  و تقطع مدة الشهرين بالعودة إلى مقر الأسرة لكن بشرط أن تكون العودة تعبير عن الرغبة الصادقة في استئناف الحياة الزوجية ، و يبقى لقاضي الموضوع سلطة تقدير ما إذا كان الرجوع فعلي أم مؤقت لقطع مدة الشهرين و تفادي قيام الجريمة.

ثانيا : الركن المعنوي :
تستوجب هذه الجريمة توافر قصد جنائي يتمثل في اتجاه نية الجاني-أحد الوالدين- إلى قطع الصلة بالوسط العائلي و التملص من الواجبات الناتجة عن السلطة الأبوية أو الوصاية القانونية و بإرادة لا تقبل التأويل و عليه تقتضي جنحة ترك مقر الأسرة أن يكون الوالد أو الوالدة على وعي بخطورة إخلاله بواجباته العائلية و بالنتائج الوخيمة التي قد تترتب عنها على صحة الأولاد و سلامتهم و أخلاقهم و على تربيتهم.


ثالثا : الأفعال المبررة :
هي ظروف خاصة ترغم صاحبها حال توافرها على مغادرة مقر الأسرة و قد تكون هذه الظروف عائلية أو مهنية أو صحية  و عبرت المادة 330-1 من ق ع عن هذه الظروف بالسبب الجدي ان يفهم بمفهوم المخالفة أنه إذا كان ترك مقر الأسرة لسبب جدي فان ذلك يؤدي إلى عدم قيام الجريمة إلا أن سوء النية مفترضة فعلى الزوج الذي يترك مقر أسرته أن يثبت قيام السبب الجدي كأن يكون الترك من أجل القيام بالخدمة الوطنية أو البحث عن العمل أو لتحصيل العلم رغم أن القضاء يشدد قبوله و هكذا قضي في فرنسا بأن النفور من حماته لا يشكل سبب شرعيا لمغادرة الزوج البيت الزوجية و قضي كذلك بعدم جواز مغادرة الزوج محل الزوجية بحجة سوء سيرة الزوجة إذا ما ثبت أنه غادر محل الزوجية للعيش مع خليلته تاركا أولاده القصر تحت رعاية زوجته و بالمقابل قضي بأن سوء معاملة الزوجة يشكل سببا شرعيا يبرر مغادرتها لمحل الزوجية.

و عليه فان إبراز عدم وجود السبب الجدي عنصر ضروري يجب الإشارة إليه في الحكم القاضي بالإدانة في جنحة ترك مقر الأسرة و هكذا جاء في الحكم الصادر عن محكمة بومرداس بتاريخ 22/02/2003 فهرس 330 : أنه ترك مقر أسرته لمدة تتجاوز شهرين و تخلى عن التزاماته الأدبية و المادية تجاه أولاده و أسرته و دون أن يقدم سببا جديا عن ذلك الأمر الذي يجعل أركان جنحة الإهمال متوافرة طبقا للمادة 330 من قانون العقوبات و يتعين إدانته بها ، و في الحكم الصادر عن نفس المحكمة بتاريخ 02/05/2001 فهرس 1727-1 استبعدت فيه ترك مقر الأسرة بسبب المشاكل التي يعيشها الزوج مع زوجته كسبب جدي و أدانت المتهم بالجرم المنسوب إليه إذ جاء في حيثيات الحكم : حيث تبين مما سبق أن تهمة الإهمال العائلي المتابع بها المتهم متوفرة الأركان باعتباره خرج من البيت تاركا زوجته لوجود المشاكل و لم يرجع و عليه يتعين للمحكمة إدانته بها و قد تم تأبيد الحكم بالقرار الصادر عن الغرفة الجزائية بتاريخ 27/11/2001 فهرس 161 الذي استبعد ترك مقر الأسرة بسبب المشاكل كفعل مبرر.



المطلب الثاني : المتابعة و الجزاء :
أولا : المتابعة :
الأصل أن تحريك الدعوى العمومية هو من اختصاص النيابة العامة و حدها باعتبارها وكيلة عن المجتمع كما نصت عليه المادتين 1 و 29 من قانون الإجراءات الجزائية إلا أن المشرع قد يقيد النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية في أحوال معينة منها وجوب تقديم شكوى المضرور و ذلك لاعتبارات عدة منها المحافظة على الروابط الأسرية كما هو الحال في جريمة ترك مقر الأسرة إذ تغلب مصلحة الأسرة على المصلحة العامة التي تسعى النيابة العامة لحمايتها، و عليه نصت الفقرة الأخيرة من المادة 330 على أن لا تتخذ إجراءات المتابعة إلا بناءا على شكوى.

و الشكوى هي الإجراء الذي يباشر المجني عليه أو وكيله الخاص يطلب فيه تحريك الدعوى الجنائية في جرائم معينة حددها القانون و على سبيل الحصر لإثبات المسئولية الجنائية وتوقيع العقوبة على شخص أخر هو المشكو في حقه  ولا تستلزم الشكوى شكل خاص فقد تكون شفاهة أو كتابة بشرط أن تدل على رغبة المجني عليه في تحريك الدعوى العمومية قبل المتهم إلا أنه يجب أن تقدم الشكوى أثناء قيام العلاقة الزوجية القانونية لأنه إذا وقع أن سبق و ترك الزوج مسكن الزوجية لمدة أكثر من شهرين متخليا عن كل أو بعض التزاماته دون مبرر شرعي ثم وقع الطلاق بين الزوجين و بعده جاءت الزوجة لتقديم شكوى ضد زوجها فان شكواها سوف لن تقبل لأنها تكون قد فوتت عن نفسها تحقيق الغرض الذي قصده المشرع  لحماية الأسرة من التفكك و الإهمال  و عليه تستلزم الشكوى إرفاق نسخة من عقد الزواج لإثبات قيام العلاقة الزوجية و إذا كان الزواج عرفي فوجب على الزوج المتروك تسجيل الزواج وفقا للمادة 22 من قانون الأسرة و بعدها يقدم شكواه، لكن متى قدمت الشكوى من الزوج المتروك أصبح يد النيابة طليق من هذا القيد و جاز لها أن تباشر كافة إجراءات التحقيق و رفع الدعوى و تتصرف في التحقيق كما يتراءى لها غير أنها غير ملزمة بتحريك الدعوى العمومية و تبقى صاحبة ملائمة المتابعة فيجوز لها تقرير حفظ الشكوى إذ هي رأت أن شروط المتابعة  غير متوفرة و يترتب على تقييد النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية النتائج التالية:
إذا باشرت النيابة العامة المتابعة بدون شكوى تكون هذه المتابعة باطلة بطلانا نسبيا لا يجوز لغير المتهم إثارته على أن يثيره أمام المحكمة أول درجة و قبل أي دفاع في الموضوع .

مادام تحريك الدعوى العمومية معلق على شكوى فان التنازل عليها يضع حد للمتابعة وفقا للمادة 06 من قانون الإجراءات الجزائية و على هذا الأساس قضي بانقضاء الدعوى العمومية لسحب الشكوى و ذلك بموجب الحكم الصادر عن قسم الجنح محكمة بومرداس بتاريخ 06/11/2004 فهرس و جاء في حيثياته : حيث أنه ثبت للمحكمة من خلال أوراق الملف و المناقشات التي دارت في الجلسة أن الضحية تنازلت عن الشكوى المرفوعة ضد زوجته من أجل الإهمال العائلي كما هو ثابت في التصريح الكتابي المقدم في الجلسة.


حيث أن المادة 330 في فقرتها الأخيرة تستوجب شكوى الزوج المتروك لاتخاذ إجراءات المتابعة من أجل الأفعال المنصوص عليها في الفقرتين 1و2.
حيث أن الدعوى العمومية تنقضي في حالة سحب الشكوى إذا كانت شرطا لازما للمتابعة وفقا للمادة 06 من فانون الإجراءات الجزائية ، حيث و الحال عليه و بناء على ما سبق يستوجب التصريح بانقضاء الدعوى العمومية لسحب الشكوى.
أما إذا تابعت النيابة المتهم دون شكوى الزوج المتروك و أحيلت  الدعوى إلى المحكمة و أثار المتهم أمامها بطلان المتابعة يكون الحكم بعدم قبول الدعوى العمومية لانعدام الشكوى  و لا تحكم بالبراءة لأن الحكم بعدم قبول الدعوى يعني عدم توفر شرط من شروط المتابعة و تحريك الدعوى العمومية و الحكم بالبراءة يعني عدم توفر أركان الجريمة و فقدان الأدلة .

ثانيا : الجزاء :
تعاقب المادة 330 من قانون العقوبات مرتكب جنحة ترك مقر الأسرة بالحبس من شهرين إلى سنة و بغرامة من 500 إلى 5000 دج و علاوة على ذلك يجوز الحكم على المتهم بعقوبة تكميلية بالحرمان من الحقوق الوطنية و ذلك من سنة إلى خمس سنوات وفقا للمادة 332 ق ع.


المبحث الثاني : جريمة إهمال المرأة الحامل :
تعتبر هذه الجريمة الثانية من جرائم الإهمال العائلي و هي ترك الزوج لزوجته و إهمالها عمدا أثناء مدة حملها، و غاية المشرع من تجريم هذا الفعل هي حماية طفل المستقبل و أم الغد إذ أن المشرع لم يكتفي بتجريم الإجهاض حماية للجنين و إنما أحاط هذا الأخير بحماية أكثر من خلال تجريم فعل إهمال الزوجة الحامل نظرا لخطورة هذا الفعل على صحة الجنين و نفسية الأم و بذلك نصت المادة 330 البند الثاني من قانون العقوبات أن الزوج الذي يتخلى عمدا و لمدة تتجاوز شهرين عن زوجته مع علمه بأنها حامل و ذلك لغير سبب جدي يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة و بغرامة من 500 إلى 5000 دينار و تقوم هذه الجريمة كسابقتها على ركن مادي و ركن معنوي و تتوقف المتابعة فيها على شكوى الزوجة المهملة و هذا ما تتعرض له الشرح في مطلبين.


المطلب الأول : أركان الجريمة :
أولا: الركن المادي :
يقتضي توافر أربعة عناصر جاءت بها المادة 330 فقرة 2 من قانون العقوبات و تتمثل في:
1- قيام العلاقة الزوجية.
2- ترك المحل الزوجية.
3- المدة لأكثر من شهرين.
4- حمل الزوجة.


1- قيام العلاقة الزوجية :
تستوجب هذه الجريمة قيام عقد صحيح و رسمي مقيد في سجلات الحالة المدنية حيث نصت المادة 22 من قانون الأسرة أن الزواج يثبت بمستخرج من سجل الحالة المدنية و في حالة عدم تسجيله يثبت بحكم إذا توافرت أركانه وفقا لهذا القانون و يتم تسجيله بالحالة المدنية.و عليه لا تقوم الجريمة في حالة الزواج العرفي ما لم يثبت هذا الزواج بحكم قضائي طبقا لأحكام المادة 22 المذكورة التي أجازت تثبيت الزواج العرفي إذا توافرت أركان الزواج وفقا لقانون الأسرة  .
و عليه فان لم يكن عقد الزواج مع المشتكي منه قد سبق تسجيله و تقييده في سجلات الحالة المدنية في الوقت المناسب تعين على الشاكية تسجيل زواجها بإتباع الطريق القانوني قبل تقديم شكواها و بذلك تكون الجريمة قائمة في حق الزوج من تاريخ حملها و ليس من تاريخ تثبيت الزواج كون الزواج يكون قائم بين الطرفين لمجرد توافر أركانه القانونية وفقا لأحكام قانون الأسرة.


2- ترك محل الزوجية :
و يكون ذلك بمغادرة الزوج لمحل الزوجية و يترك زوجته وحدها مع علمه أنها حامل و عليه تقوم الجريمة في حق الزوج إذا ما غادرت الزوجة المحل الزوجية و استقرت عند أهلها، و عليه قضي بعدم قيام الجريمة كون الضحية من غادرت البيت الزوجية و عليه جاء في القرار الصادر عن الغرفة الجزائية لمجلس قضاء بومرداس في 23/04/2002 فهرس 509: أن الأفعال المنسوبة للمتهم غير قائمة طالما و ثبت أن الضحية من غادرت البيت الزوجية و عليه فان عناصر جنحته ترك مقر الأٍسرة غير متوفرة في قضية الحال إذ تتلخص وقائع القضية أن الزوجة قدمت شكوى ضد زوجها بدعوى أنه أهملها عمدا رغم أنه يعلم و أنها حامل و ذلك لمدة تتجاوز الشهرين إلا أن الزوج المتهم تقدم بحكم صادر عن قسم الأحوال الشخصية يلزم الزوجة بالرجوع إلى البيت الزوجية و أنها من غادرت مقر الأسرة و عليه صدر حكم ببراءة المتهم و أيد بالقرار السالف الذكر.


3- ترك محل الزوجية لمدة أكثر من شهرين :
يجب أن يستمر التخلي عن الزوجة الحامل لمدة أكثر من شهرين و عليه فإذا ادعت الزوجة الشاكية أن زوجها تركها في مقر الأسرة و هي حامل لمدة أكثر من شهرين و أنكر الزوج ذلك فان عليها أن تثبت بالدليل القاطع أن المشتكي منه قد تركها لمدة من أكثر من شهرين متتاليين دون انقطاع ، لأن الترك لمدة أقل من شهرين كاملين فأكثر أو لمدة أكثر من شهرين الذي يتخلله انقطاع بالعودة الى مقر الزوجية يوحي بالرغبة في استئناف الحياة المشتركة و يزيل عن الفعل صفة التخلي عن الزوجة الحامل عمدا لمدة تتجاوز الشهرين و يجعل الجريمة كأن لم ترتكب.

4- حمل الزوجة :
يجب أن تكون الزوجة المتخلي عنها حاملا و يجب أن يكون الحمل بينا كون المشرع يتحدث عن الحمل الظاهر و لا يتحدث عن الزوجة المفترض حملها كما هو الحال بالنسبة لجريمة الإجهاض و بذلك وجب على الزوجة الشاكية أن تقدم ما يثبت وجود الحمل و علم الزوج بذلك و إثبات قيام الحمل يكون بكل الوسائل كالشهادة الطبية لمعاينة الحمل، إلا أنه خلافا لجنحة ترك مقر الأسرة لا يشترط المشرع في هذه الجنحة عدم الوفاء بالالتزامات العائلية . و بذلك وجب تطبيق نظرية التعدد الفعلي للجرائم و ليس قاعدة التعدد الصوري في حالة تعدد جريمة ترك الأسرة لمفهوم المادة 330-1 ق ع، جريمة التخلي عن الزوجة الحامل لمفهوم المادة 330-02 ق ع إذا كانت الزوجة حامل و لها ولد  و عليه يستوجب متابعة المتهم الذي يترك أسرته و زوجته الحامل بجنحة ترك مقر الأسرة و جنحة إهمال الزوجة الحامل و مناقشة مدى توفر كل جريمة على حدى و بالتبعية إدانة المتهم لارتكابه جنحة ترك مقر الأسرة من جهة و إهمال الزوجة الحامل من جهة أخرى.


ثانيا: الركن المعنوي :
جريمة إهمال الزوجة الحامل جريمة عمديه تتطلب لقيامها توافر قصد جنائي و هو العلم بأن الزوجة حامل و التخلي عنها عمدا قصد الإضرار بها  و عليه يستوجب الإشارة إلى علم الزوج بأن الزوجة حامل في الحكم القضائي بالإدانة عن أجل إهمال الزوجة الحامل، و مثلما الحال بالنسبة لترك مقر الأسرة جعل المشرع من السبب الجدي مبررا للتخلي عن الزوجة الحامل و أعفى الزوج من المتابعة و الجزاء في حالة قيامه إلا أن الدفع بقيام السبب الجدي الذي يتقدم به الزوج متروك للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع باعتباره مسألة واقع و السبب الجدي الذي ورد في المادة 330-02 هو نفسه الذي أوردناه في جنحة ترك مقر الأسرة و الذي تطرقنا إليه بنوع التفصيل.


المطلب الثاني : المتابعة و الجزاء

تخضع جريمة إهمال الزوجة الحامل إلى نفس الأحكام المقررة لجنحة ترك مقر الأسرة التي تم دراستها في المبحث الأول.

المبحث الثالث : جريمة عدم تسديد نفقة :
رتب المشرع الجزائري في إطار العلاقات الأسرية مجموعة من الحقوق و الواجبات التي يجب مراعاتها ضمانا لاستمرار هذه العلاقات، و من بين هذه الواجبات واجب الزوج في الإنفاق على أسرته، و هذا الواجب يفرضه الوازع الأخلاقي و الاجتماعي قبل أن تفرضه المادة 37 و المواد من 74 إلى 77 من قانون الأسرة، فقد جاء في المادة 37 المذكور أعلاه أنه يجب على الزوج نحو زوجته النفقة الشرعية حسب وسعه إلا إذا ثبت نشوزها، و جاء في المادة 77 أنه تجب نفقة الأصول على الفروع و الفروع على الأصول حسب القدرة و الاحتياج و درجة القرابة في الإرث.
 و عليه فان الامتناع عن القيام بهذا الواجب يرتب أثار سلبية في المجتمع و للحد من هذه الآثار تدخل المشرع الجزائري و رتب جزاء على من لا يدفع النفقة المقدرة في ذمته حيث جاء في المادة 331 من قانون العقوبات ما يلي: يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000دج كل من امتنع عمدا و لمدة تتجاوز شهرين عن تقديم المبالغ المقررة قضاء لإعالة  أسرته و عن أداء كامل قيمة النفقة المقررة عليه إلى زوجه أو أصوله أو فروعه، و ذلك رغم صدور حكم ضده بإلزامه بدفع نفقة إليهم.
و يفترض أن عدم الدفع عمدي ما لم يثبت العكس، و لا يعتبر الإعسار الناتج عن الاعتياد على سوء السلوك أو الكسل أو السكر عذرا مقبولا من المدين في أية حالة من الأحوال.
و المحكمة المختصة بالجنح المشار إليها في هذه المادة هي محكمة موطن أو محل إقامة الشخص المقرر له قبض النفقة أو المنتفع بالمعونة.
باستقراء هذه المادة نلاحظ أن المشرع الجزائري قد جرم فعل الامتناع عن تسديد النفقة، هذه الجريمة التي تدخل ضمن جرائم الإهمال العائلي أو جرائم التخلي عن الالتزامات الزوجية، و التي يجب لقيامها توافر مجموعة من الأركان نتطرق إليها في مطلب أول ثم نبين في مطلب ثان إجراءات المتابعة و الجزاء المقررة لهذه الجريمة كما يلي:


المطلب الأول : أركان الجريمة :
تقتضي جريمة عدم تسديد نفقة كغيرها من بقية الجرائم ركنا ماديا و ركنا معنويا، نتطرق إليها فيما يلي:
أولا : الركن المادي :
لقيام الركن المادي لهذه الجريمة يجب توفر عنصرين أساسيين هما:
 صدور حكم قضائي يقضي بالنفقة.
 امتناع المحكوم عليه عن أداء كامل قيمة النفقة لمدة تتجاوز شهرين.
I- صدور حكم قضائي يقضي بالنفقة :
نصت المادة 331 من قانون العقوبات على وجوب صدور حكم قضائي يقضي بالنفقة، لكن ما هي النفقة التي يقصدها المشرع؟ و من هم الأشخاص المستفيدين بها؟ و ما هو الحكم الذي يأخذ بعين الاعتبار؟
1- طبيعة النفقة المحكوم بها :
يتحدث النص الفرنسي للمادة 331 من قانون العقوبات عن النفقة الغذائية و بالتالي فالمشرع الجزائري قد حصر النفقة في النفقة الغذائية فقط  لكن بالرجوع للمادة 78 من قانون الأسرة فإنها تنص أن النفقة تشمل الغذاء و الكسوة و العلاج و السكن أو أجرته و ما يعتبر من الضروريات في العادة و العرف، فهل يمكن الحكم على شخص مدين بتسديد بدل إيجار لطليقته الحاضنة لأولاده؟ نرى أنه مادام الأمر يتعلق بنفقة غذائية فانه لا يمكن إدانة شخص مدين بتسديد بدل إيجار لطليقته بجنحة عدم تسديد نفقة، ذلك أن نص المادة 331 واضح، و إذا كان المشرع الجزائري قد حصر النفقة في النفقة الغذائية فقط فإن المشرع المصري قد أضاف إلى ذلك أجرة الحضانة أو الرضاعة أو المسكن، حيث نصت على ذلك المادة 293 قانون عقوبات مصري.


2- الأشخاص المستفيدين من النفقة :
و مهما يكن فإن الأشخاص المستفيدين من قيمة النفقة قد حددتهم المادة 331 من قانون العقوبات بنصها:
و عن أداء قيمة كامل النفقة المقررة عليه إلى الزوجة أو أصوله أو فروعه فقد تكون النفقة ناتجة عن رابطة عائلية مازالت قائمة أو ناتجة عن فك الرابطة الزوجية، فإذا كانت النفقة ناتجة عن رابطة عائلية قائمة، فإن المستفيد منها هم الزوجة و الأصول و الفروع، عملا بأحكام المادة 37 و المواد من 74 إلى 77 من قانون الأسرة، أما إذا كانت النفقة ناتجة عن فك الرابطة الزوجية فان المستفيد منها هم الزوجة و الأولاد القصر عملا بأحكام المواد 74،75،61 من قانون الأسرة ذلك أن نفقة الزوجة تجب على زوجها بالدخول بها و تستمر إلى التصريح بفك الرابطة الزوجية، كما أن للزوجة المطلقة الحق في النفقة الغذائية في عدة الطلاق  و إذا كان المشرع الجزائري قد حصر الأشخاص المستفيدين من النفقة في الزوجة و الأصول و الفروع، فإن المشرع المصري توسع في ذلك لتشمل النفقة الزوجة و الأقارب و الأصهار، إذ تنص المادة 293 من قانون العقوبات المصري على أن كل من صادر عليه حكم قضائي واجب النفاذ بدفع نفقة لزوجه أو أقاربه أو أصهارهو تجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت المبالغ المطالب بها لا تتعلق بموضوع إعالة أسرة و لا تتعلق بحق الأقارب في النفقة الذين هم أصول أو فروع أو زوج المطالب بالنفقة و الذي يلزمه القانون بالإنفاق عليهم كأن تكون المبالغ المحكوم بها مثلا تتعلق بدين عليه لزوجته أو أحد أصوله أو فروعه لا يتعلق بالإعالة الواجبة قانونا فإنه لا يمكن متابعة الشخص بجنحة عدم تسديد نفقة.

3- طبيعة الحكم :
يجب صدور حكم قضائي يقضي بأداء نفقة غذائية، و في هذا الصدد يجب أخذ عبارة ;حكمبمفهومها الواسع الذي يتسع ليشمل الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية و القرارات الصادرة عن المجلس و الأوامر الصادرة عن رئيس المحكمة، كما قد يكون الحكم صادرا عن جهة قضائية أجنبية و ممهورا بالصيغة التنفيذية وفقا للأشكال و الشروط المنصوص عليها بالمواد 320، 325 من قانون الإجراءات المدنية  و في هذا الصدد صدر عن غرفة الجنح و المخالفات للمحكمة العليا قرار بتاريخ 16/04/1995 ملف رقم 124384 جاء فيه ما يلي : من المقرر قانونا أن يتحمل المسئولية الجزائية كل من امتنع عمدا و لمد تفوق الشهرين عن تقديم المبالغ المالية المقرر قضاء لإعالة أسرته، و يبقى الافتراض عن عدم الدفع عمدي ما لم يثبت العكس، و متى ثبت صدور أمر قضائي استعجالي يلزم المتهم بدفع النفقة، فإن قضاة المجلس قد خرقوا القانون عندما قضوا ببراءته بدعوى أنه لا يوجد حكم أو قرار نهائي في النزاع.
كما جاء في نفس القرار أنه يجب تفسير كلمة بمفهومها الواسع الذي يشمل الحكم و القرار القضائي و الأمر الاستعجالي.

و يشرط في الحكم الذي يقضي بالنفقة للاعتداد به ما يلي :
- أن يكون قابلا للتنفيذ أي حائز لقوة الشيء المقضي فيه حيث لم يعد قابلا لأي طريق من طرق الطعن العادية أي أصبح نهائيا، لكن قد يكون هذا الحكم غير نهائي إذا صدر تطبيقا للمادة 40 من قانون الإجراءات المدنية بحيث يكون في هذه الحالة معجل النفاذ رغم المعارضة و الاستئناف حيث نصت المادة المذكورة أعلاه على أن يكون الأمر بالتنفيذ المعجل رغم المعارضة و الاستئناف وجوبا عندما يتعلق الأمر بالنفقة الغذائية، و عليه الأحكام التي يمكن الاعتماد عليها للقول لقيام جنحة عدم تسديد نفقة هي الأحكام النهائية و الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل و كذا الأوامر الاستعجالية الصادرة طبقا للمادة 188 من قانون الإجراءات المدنية.
- أن يتم تبليغ الحكم القضائي للمعني بالأمر، بحيث يجب أن يصل الحكم إلى علم المدين عن طريق التبليغ حسب الأشكال و وفق الشروط المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية.  و الحكمة من اشتراط تبليغ المدين بالحكم واضحة و منطقية إذ لا يجوز تحميل شخص أمرا لا علم له به، كما يهدف المشرع من وراء ذلك إلى أعطاء المدين حقه في الطعن بالمعارضة و الاستئناف و كذا حتى يستثنى له تنفيذ الحكم طواعية إذا كان بإمكانه ذلك، و قد أكدت المحكمة العليا على شرط تبليغ الحكم في العديد من قراراتها إذ جاء في قرار صادر عن غرفة الجنح و المخالفات بتاريخ 23/11/1982 ملف رقم 63194 ما يلي: “إذا كان مؤدى نص المادة 331 من قانون العقوبات الحكم جزائيا بالحبس و الغرامة على كل من امتنع عمدا و لمدة تجاوز شهرين عن دفع النفقة المحكوم بها عليه قضاء لصالح من حكم لهم بها لأنه يشترط للمتابعة الجزائية بهذا الجزم أن يكون المحكوم عليه قد بلغ وفقا للقانون بالحكم القاضي بالنفقة و أن القضاء بخلاف ذلك يعد خطأ في تطبيق القانون .
فإذا كان من الثابت بملف الإجراءات أن الزوج كان قد حكم عليه بدفع نفقة شهرية لزوجته المطلقة و أنه كلف بدفع هذه النفقة و أمهل مدة شهر عقب تبليغه بهذا الحكم، و لذلك فإن المتابعة الجزائية تكون مكتملة العناصر من أجل هذه الجنحة.


II- امتناع المحكوم عليه عن أداء كامل قيمة النفقة لمدة تتجاوز شهرين :
يظهر جليا من خلال نص المادة 331 من قانون العقوبات أن سلوك الجاني في هذه الجريمة هو سلوك سلبي يتحقق في امتناعه عن دفع مبلغ النفقة المحكوم به عليه لمدة تتجاوز شهرين  و قد أوجب المشرع الجزائري أن يتم الوفاء بكامل قيمة النفقة المحكوم به، فالوفاء الجزئي لا يعتد به و لا ينفي وقوع الجريمة و قد اعتبرت المحكمة العليا في قرارها الصادر عن غرفة الجنح و المخالفات بتاريخ 01/06/1982، ملف رقم 23000 أن جرم عدم تسديد النفقة جنحة مستمرة فالمتهم الذي تماطل في دفع النفقة المحكوم بها عليه لصالح زوجته يبقى مرتكبا لهذه الجنحة إلى حين التخلص التام عن دفع المبالغ التي عليه  كما أن الوفاء اللاحق لفوات مهلة الشهرين لا ينفي الجريمة، فقد جاء في قرار المحكمة العليا غرفة الجنح و المخالفات الصادر بتاريخ 23/01/1990 ملف رقم 59472 ما يلي: إن قضاة الموضوع طبقوا المادة 331 تطبيقا سليما لما أثبتوا في قرارهم أن المتهم دفع النفقة بعد انقضاء المدة القانونية المحددة في المادة المذكورة و أنه اعترف بتماطله في التسديد لافتقاده القدرة على الوفاء بالتزامه نتيجة ظروفه الاجتماعية الصعبة كما أكدت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 21/01/1996 أن حصول الصلح بعد ارتكاب جنحة عدم تسديد النفقة لا يمحو الجريمة و يظل مبلغ النفقة المحكوم به مستحقا  و تبقى الجريمة قائمة أيضا في حق المتهم حتى و إن كان الأبناء يعيشون تحت كفالته ذلك أن النفقة الغذائية واجبة الدفع للوالدة التي تمارس الحضانة على الأطفال بموجب حكم مدني.
و تثير مسألة الشهرين العديد من الإشكالات، فمتى يتم بداية حساب المواعيد، هل تبدأ هذه المهلة من تاريخ تبليغ الحكم للمحكوم عليه أم من تاريخ التبليغ و انقضاء مهلة العشرين يوما المقررة للسداد ؟

الرأي الراجح قضاء أن ميعاد الشهرين يبدأ من تبليغ الحكم و انقضاء مهلة العشرين يوما المحددة في التكليف أو الإلزام بالدفع الذي يحرره المحضر  يكلف به المحكوم عليه بسداد مبلغ النفقة طبقا لإجراءات التنفيذ المنصوص عليها بالمادة 330 من قانون الإجراءات المدنية، و في هذا الصدد جاء في قرار المحكمة العليا غرفة الجنح و المخالفات الصادر بتاريخ 14/07/1996 ملف رقم 132869 ما يلي: يتم حساب مدة الشهرين اعتبارا من تاريخ انقضاء المهلة 20 يوما المحددة في التكليف بالدفعكما قضت في قرار أخر صادر في تاريخ 04/11/1996 ملف رقم 1372333 أنه : لا تقوم الجنحة مادامت إجراءات التنفيذ غير مستوفاة لانعدام التكليف بالدفع و محضر الامتناع عن الدفع.
كما يطرح في هذا الصدد مسألة بداية حساب مهلة الشهرين هل تحتسب من تاريخ تقديم الشكوى أم من تاريخ المتابعة ؟

فإذا فرضنا أن مهلة 20 يوما المخصصة للسداد قد انتهت بتاريخ 30/11/2003 و بتاريخ 02/01/2004 تقدمت المستفيدة من الحكم القاضي بالنفقة بشكوى لدى مصالح الشرطة لتصل الشكوى لدى نيابة الجمهورية بتاريخ 28/04/2004 أي بعد حوالي 04 أشهر من تاريخ تقديم الشكوى، فأي تاريخ يتم اعتماده تاريخ تقديم الشكوى أم تاريخ المتابعة؟ فإذا تم اعتماد تاريخ تقديم الشكوى كأساس فإن مهلة الشهرين المنصوص عليها بالمادة 331 من قانون العقوبات لم تتحقق،  بالتالي الجريمة غير قائمة، أما إذا تم اعتماد تاريخ المتابعة كأساس فإن مهلة الشهرين قد انقضت و تصبح الجريمة قائمة.
لم يتطرق القضاء الجزائري لهذه المسألة، أما القضاء الفرنسي فقد أخذ بعين الاعتبار تاريخ تقديم الشكوى لحساب مهلة الشهرين و ليس تاريخ المتابعة، ثم تراجع عن هذا الموقف و استقر على أن مهلة الشهرين يبدأ حسابها من تاريخ المتابعة القضائية و ليس من تاريخ الشكوى  و هو الرأي الذي نراه صائبا لأنه بذلك التاريخ  يتم التأكد من تسديد المتهم مبلغ النفقة من عدمه.

و في كل الأحوال فإن القضاء قد اشترط لإدانة المتهم بجنحة عدم تسديد نفقة وجود محضر الإنذار بالدفع و محضر عدم الامتثال و في هذا الصدد صدر عن غرفة الجنح و المخالفات للمحكمة العليا قرار بتاريخ 18/01/2000 ملف رقم 229680 جاء فيه ما يلي: إن القضاء بإدانة المتهم بدفع النفقة الغذائية للمطعون ضدها دون توافر محضري الإلزام بالدفع و عدم الامتثال بالملف يعد خطأ في تطبيق القانون.

ثانيا : الركن المعنوي :
تتطلب جريمة عدم تسديد النفقة كغيرها من بقية الجرائم ركنا معنويا يتمثل في القصد الجنائي و الذي عبرت عنه المادة 331 بالامتناع عمدا عن أداء النفقة فالجاني لا بد أن يكون عالما بواجب أداءه المبلغ المحكوم به عليه و أن ذلك المبلغ نفقة مستحقة عليه بموجب حكم قضائي نهائي ملزم ثم يمتنع عن الدفع رغم ذلك، أي أن تتجه إرادته إلى عدم السداد باختياره و عليه يتحقق القصد الجنائي يتوافر عنصرين أساسيين هما :
- علم المتهم بصدور حكم قضائي ضده واجب النفاذ بدفع النفقة و علمه بالتنبيه عليه بالدفع.
-  اتجاه إرادة المتهم إلى فعل الامتناع عن دفع النفقة.
و يعتبر الإعسار هو السبب الوحيد الذي يمكن قبوله فعلا مبررا لعدم تسديد، كما لا يعتبر الإعسار الناتج عن الاعتياد على سوء السلوك أو الكسل عذرا مقبولا من المدين في أية حالة من الأحوال.
و قد اعتبرت المادة 331 من قانون العقوبات أن عدم الدفع عمدي ما لم يثبت المتهم عكس ذلك، فسوء النية مقترحة، فلا يقع على عاتق النيابة إثبات توافر سوء النية إنما يتعين على المتهم إثبات أنه حسن النية و عليه فإن مجرد عدم الدفع يعتبر قرينة قانونية على توافر ركن العمد، و لكنها قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس من طرف المتهم.



المطلب الثاني : المتابعة و الجزاء :
نتطرق فيما يلي إلى إجراءات المتابعة ثم إلى الجزاء المقرر لهذه الجريمة.
أولا: إجراءات المتابعة :
لم يعلق المشرع الجزائري إجراءات المتابعة في هذه الجريمة على قيد أو شرط، فلا يشترط شكوى الشخص المضرور، فالنيابة تملك حق تحريك الدعوى العمومية متى توافرت لها الأسباب الكافية لذلك  و يترتب على ذلك أن سحب الشكوى أو التنازل عليها لا يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية باعتبار أن الشكوى ليست شرطا لازما للمتابعة، و هذا ما أكدت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 21/07/1998 ملف رقم 164848 الذي جاء فيه : من المقرر قانونا أنه تنقضي الدعوى العمومية في حالة سحب الشكوى إذا كانت شرطا لازما للمتابعة، و لما ثبت في قضية الحال أن الجريمة تتعلق بجنحة عدم تسديد النفقة و أن سحب الشكوى أو التنازل عنها في قضية الحال لا يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية باعتبار أن الشكوى ليست شرطا لازما للمتابعة علما أن عند مراجعة أوراق الملف تبين أن الطرف المدني لم يسحب طالبا بتأييد الحكم المستأنف فيه كذلك الصلح بعد ارتكاب جنحة عدم تسديد النفقة لا يمحو هذه الجريمة و يظل مبلغ النفقة المحكوم به مستحقا  كذلك حصول الصلح بعد ارتكاب جنحة عدم تسديد النفقة لا يمحو هذه الجريمة و يظل مبلغ النفقة المحكوم به مستحقا.

و إذا كان المشرع الجزائري لم يعلق المتابعة على شكوى المضرور فان المشرع المصري اشترط لمباشرة المتابعة وجود شكوى من صاحب الشأن و هذا ما نصت عليه المادة 293 قانون عقوبات مصري حيث جاء فيها ما يلي: و لا ترفع الدعوى عليه إلا بناء على الشكوى من صاحب الشأن و ربما يعود سبب ذلك إلى كون هذه الجريمة مما يمس بنظام الأسرة و يؤثر في الروابط العائلية و يترتب على ذلك أن يكون لصاحب الشأن بعد تبليغه عن الجريمة أن يعدل عن بلاغه و يتنازل عن شكواه في أية حالة كانت عليها الدعوى مادامت لم تنته بحكم نهائي، و يترتب على هذا التنازل سقوط الدعوى العمومية. 
و تجدر الإشارة إلى أن جريمة عدم تسديد نفقة جريمة مستمرة تتحقق كلما امتنع المحكوم عليه عن أداء النفقة المحكوم بها بموجب حكم قضائي، و قد أكدت المحكمة العليا هذا المبدأ في قرارها الصادر عن غرفة الجنح و المخالفات بتاريخ 01/06/1982 ملف رقم 23000 جاء فيه ما يلي : إن جرم عدم تسديد النفقة جنحة مستمرة، فالمتهم الذي تماطل في دفع النفقة المحكوم بها عليه لصالح زوجته يبقى مرتكبا لهذه الجنحة إلى حين التخلص التام عن دفع المبالغ التي عليه.


و يعود اختصاص النظر في هذه الجنحة حسب المادة 331/3 من قانون العقوبات لمحكمة موطن أو محل إقامة الشخص المقرر له قبض النفقة أو المنتفع بالمعونة ، و يعتبر ذلك خروجا صريحا عن القواعد العامة للاختصاص التي تقرر لاختصاص المحلي بنظر الجنحة لمحكمة محل وقوع الجريمة أو محل إقامة المتهم أو محل القبض عليه، و هو امتياز أعطاه المشرع للدائن بالنفقة الذي يحق له التنازل عنه فإذا قدم شكواه أمام محكمة موطن إقامة المتهم فلا يجوز لأحد من أطراف القضية الدفع بعدم الاختصاص، و قد أكدت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 01/06/1982 ملف رقم 23000 أن المشرع أتى بالفقرة الأخيرة من المادة 331 من قانون العقوبات في صالح المستحقين بالنفقة لأن هؤلاء المستحقين يكونون في الغالب عجزة كالزوجة و الأولاد و كذا الوالدين عند كبرهما، و ذلك لكي لا يتحتم عليهم التنقل المتعب إلى جهات قضائية بعيدة عن سكانهم، و على هذا فهؤلاء المستفيدين من هذه الفقرة وحدهم، الحق في التمسك بهذا الدفع دون غيرهم  و تجدر الإشارة إلى أن ما نصت عليه المادة 331 بشأن الاختصاص لا يصلح إذا كان المستفيد من النفقة يقيم بالخارج و عندئذ تطبيق قواعد الاختصاص العام.

ثانيا : الجزاء :
يعاقب على جنحة عدم تسديد النفقة بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000 دج، و يجوز علاوة على ذلك الحكم على المتهم بالحرمان من الحقوق الوطنية و ذلك من ستة إلى 05 سنوات، و تجدر الإشارة أنه إذا حكم القاضي على المتهم بعقوبة جزائية من أجل جنحة عدم تسديد النفقة فلا يجوز له الحكم للضحية بمبلغ النفقة غير المسددة لأنها دين سابق على جنحة ذلك أن المادة الثانية من قانون الإجراءات الجزائية تشترط أن تستند الضحية في طلب التعويض إلى ضرر مباشر تسبب عن الجريمة غير أنه يستطيع الحكم بالتعويض للضحية نتيجة الضرر الحامل من الجريمة.


المبحث الرابع : جريمة الإهمال المعنوي للأولاد :
سبق و أن ذكرنا أن المشرع الجزائري قد رتب في إطار الأسرة مجموعة من الواجبات، إذ نصت المادة 36 من قانون الأسرة أنه يجب على الزوجين المحافظة على الروابط الزوجية وواجبات الحياة المشتركة و التعاون على مصلحة الأسرة و رعاية الأولاد و حسن تربيتهمو عليه فإن أي إهمال في تربية الأولاد و رعايتهم يؤدي إلى نتائج وخيمة على الأسرة، و انطلاقا من هذا المنظور رتب المشرع الجزائري جزاء على أحد الوالدين الذي يسيء معاملة أولاده، حيث تنص المادة 330/3 من قانون العقوبات على ما يلي: يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة و بغرامة من 500 إلى 5000 دينار:
1- ....
2- ....
3- أحد الوالدين الذي يعرض صحة أولاده أو واحدا أو أكثر منهم أو يعرض أمنهم أو خلقهم لخطر جسيم بأن يسيء معاملتهم أو يكون مثلا سيئا لهم للاعتياد على السكر أو سوء السلوك أو بأن يهمل رعايتهم أولا يقوم بالإشراف الضروري عليهم و ذلك سواء كان قد قضى بإسقاط سلطته الأبوية عليهم أو لم يقض بإسقاطها.
و تجدر الإشارة إلى أن مجال إساءة الوالدين إلى أبنائهم واسع لا يخضع إلى حدود، و في الكثير من الأحيان يصعب التفريق بين ما يدخل في حقوق الأبوين في تأديب أولادهم و بين ما يعتبر إساءة لهم، و يستوجب معاقبتهما لذلك حصر المشرع الجزائري معنى الإساءة إلى الأولاد في ثلاث حالات هي:
حالة تعريض صحة الأولاد للخطر.
حالة تعريض أمن الأولاد للخطر.
حالة تعريض خلق الأولاد للخطر.
إن هذه الأفعال مجرمة بنص المادة 330/3 من قانون العقوبات و تشكل في مجموعها جريمة الإهمال المعنوي للأولاد و التي نتناولها بنوع من التفصيل، فنتطرق في مطلب أول إلى أركانها و في مطلب ثان إلى إجراءات المتابعة و الجزاء.

المطلب الأول : أركان الجريمة :
تقتضي جريمة الإهمال المعنوي للأولاد لقيامها ركنا ماديا و ركنا معنويا، نتناولهما فيما يلي:
أولا : الركن المادي :
يقوم الركن المدي لهذه الجريمة على ثلاثة عناصر تتمثل في صفة الأب أو الأم، أعمال الإهمال المبينة بالمادة 330/3 و النتائج الخطيرة المترتبة عنة هذه الأعمال.
I- صفة الأب أو الأم :
يشترط لقيام جريمة الإهمال المعنوي للأولاد توافر عنصر الأبوة و النبوة بين الفاعل و الضحية و ذلك واضح من خلال عبارة أحد الوالدين أي يجب أن يكون الجاني أبا شرعيا أو أما شرعية للابن الضحية، فإذا لم توجد أية علاقة أبوة و لا علاقة بنوة بين الفاعل و الضحية فإنه لا يمكن تطبيق الفترة الثالثة من المادة 330 حتى و لو توافرت العناصر و الشروط الأخرى، إذ يمكن وصف الفعل الجرمي وصفا آخر و تطبيق نص قانوني آخر
لكن يثور التساؤل بالنسبة للكفيل طبقا للمادة 116 من قانون الأسرة التي عرفت الكفالة بأنها التزام على وجه التبرع بالقيام بولد قاصر من نفقة و تربية و رعاية قيام الأب بابنه و تتم بعقد شرعي، و عليه فقد أعطت هذه المادة للأبناء المكفولين نفس حقوق الأبناء الشرعيين، فهل يمكن تطبيق المادة 330/3 من قانون العقوبات على الكفيل خاصة بعد أن سمح المرسوم التنفيذي رقم 92/24 المؤرخ في 13/01/1992 بنسب المكفول للكفيل؟
الرأي الراجع في الفقه و القضاء أن الأمر يقتصر فقط على الوالدين الشرعيين و هو الرأي الذي نراه صائبا خاصة و أن المادة  330 فقرة 3 جاءت بعبارة أحد الوالدين.

II- أعمال الإهمال المبينة بالمادة 330 فقرة 3 :
جاءت هذه الأعمال على سبيل المثال لا الحصر، و يمكن تقسيم هذه الأعمال إلى صنفين:
الصنف الأول أعمال ذات طابع مادي و تتحقق بسوء المعاملة و إهمال رعاية الأولاد، و يدخل ضمن سوء المعاملة ضرب الولد أو قيده حتى لا يغادر البيت أو تركه بمفرده في البيت و الانصراف إلى العمل، و من قبيل إهمال الرعاية عدم عرض الولد المريض على الطبيب أو عدم تقديم له الدواء.
الصنف الثاني من أعمال الإهمال يتمثل في أعمال ذات طابع أدبي و المتمثلة في المثل السيئ و عدم الإشراف، و يتحقق المثل السيئ بالإدمان على السكر و تناول المخدرات و القيام بأعمال منافية للأخلاق أما عدم الإشراف فيتحقق بطرد الأولاد للخارج و صرفهم للعب في الشارع دون أي مراقبة أو توجيه.
و تجدر الإشارة أن هذه الأعمال يجب أن تكون متكررة و ذلك واضح من خلال عبارة الاعتياد التي جاءت بها المادة 330 فقرة 3 من قانون العقوبات.


III- النتائج الخطيرة المترتبة عن أعمال الإهمال :
اشترطت المادة 330/3 أن تعرض سلوكات الأب أو الأم صحة أولادهم أو أمنهم أو خلقهم لخطر جسيم، فالمشرع لا يعاقب على مجرد إثبات هذه الأفعال إلا إذا ترتبت عنها نتائج خطيرة تمس الابن و تؤثر على صحته أو أمنه أو خلقه و يلاحظ أنه لم يرد في نص القانون أي معيار للتحديد أو تقييم جسامة الخطر أو الضرر و في غياب ذلك يبقى لقاضي الموضوع السلطة التقديرية الكاملة التي تمكنه من التمييز بين جسامة الخطر أو الضرر و تسمح له بأن يستنتج مدى تأثيرها على صحة أو أمن أو أخلاق الأولاد.
إذن اجتماع العناصر الثلاثة يشكل في مجموعها الركن المادي لجريمة الإهمال المعنوي للأولاد.


ثانيا : الركن المادي :
بالرجوع لنص المادة 330 فقرة 3 فإنه لم يرد ذكر عنصر العمد لهذه الجريمة، فالقانون لم يشترط قصدا جنائيا لقيام الجريمة غير أن المنطق يفرض بأن إقدام أحد الوالدين على هذا الفعل يجب أن يكون مدركا و عالما بأن ما أقدم عليه يعد تقصيرا في أداء التزاماته العائلية مما يؤدي إلى وقوع ضرر كما يجب أن لا يكون مكرها على إتيان هذا الفعل.


المطلب الثاني : المتابعة و الجزاء :
نتطرق فيما يلي إلى إجراءات المتابعة ثم إلى الجزاء المقرر لهذه الجريمة.
أولا : إجراءات المتابعة :
إذا كان المشرع الجزائري قد علق إجراءات المتابعة بالنسبة لجريمتي ترك الأسرة و إهمال الزوجة الحامل على شكوى الزوج المضرور، فإن إجراءات المتابعة بالنسبة لجريمة الإهمال المعنوي للأولاد لا تخضع لأي قيد فيمكن للنيابة العامة تحريك الدعوى العمومية دون انتظار شكوى المضرور.
أما بالنسبة للاختصاص في نظر هذه الجنحة فإن المشرع لم ينص على ذلك ، و بالتالي نرجع للقواعد العامة في الاختصاص طبقا للمادة 37 من قانون الإجراءات الجزائية التي تحدد الاختصاص بمكان وقوع الجريمة أو بمحل لإقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم فيها بالمكان الذي تم في دائرته القبض على أحد هؤلاء الأشخاص حتى و لو حصل هذا القبض لسبب آخر.
ثانيا: الجزاء :
تطبق نفس العقوبات الواردة على جنحتي ترك مقر الأسرة و ترك الزوجة الحامل على جنحة الإهمال المعنوي للأولاد و هي الحبس من شهرين إلى سنة و بغرامة من 500 إلى 5000 دج.
و يجوز علاوة على ذلك الحكم على المتهم بالحرمان من الحقوق الوطنية و ذلك من ستة إلى 05 سنوات.
   
الفصل الثاني : الجرائم الأخلاقية
المبحث الأول : جريمة الزنا :
قضت حكمة الله سبحانه و تعالى أن يجعل لكل من الرجل و المرأة طبائع و غرائز تدفع كل منهما إلى الأخر بميل غريزي و رغبة لاتصال كل منهما بالأخر اتصالا يكون ثمرته التوالد و التناسل حفاظا للنوع البشري و تعميرا للكون و لم يترك الله سبحانه و تعالى البشر حسب هواهم فشرع لهم الزواج ووضع له الأحكام و الضوابط لكي يعيشوا فنشأ الألفة و المودة بينهما مصدقا لقوله تعالى و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا أن تسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة.
و الزنا لم يعرف إلا حينما عرف الزواج و لها في قانون العقوبات معنى إصطلاحي خاص، فهو لا يشمل كل الأحوال التي يطلق عليها هذا الاسم في الشرائع الدينية بل هو مقصور على حال زنا الشخص المتزوج حالة قيام الزوجية فعلا و حكما.
و معظم التشريعات الوضعية تعاقب عليها بينما قلة منها لا يعاقب عليها و من بينها القانون الانجليزي ففي رأيهم أن العقاب لا يجدي، إذ لا فائدة من عقاب شخص لا تروعه مبادئ الأخلاق فضلا.
عن ما في العقاب من إثارة فضيحة ينجم عنها ضرر بالعائلة أبلغ من الضرر الذي يصيب المجتمع بينما توسطت المجتمعات الأخرى، فعاقبت على الزنا إذا حصل من شخص متزوج لما فيه من انتهاك الحرمة الزوجية و لا يجوز تحريك الدعوى العمومية إلا بناء على شكوى من المجني عليه و له التنازل عن هذه الشكوى في أي وقت و رغم ذلك فجريمة الزنا ليست جريمة كغيرها من الجرائم تمس المجتمع لما فيها من إخلال بواجبات الزوجية التي هي قوام نظام الأسرة، و لما كانت الجريمة تضر بأفراد الأسرة جميعا رأى المشرع أن يترك لعائلتها حق تحريك الدعوى العمومية و هذا ما نهجه المشرع الجزائري من خلال نص المادتين 339،341 من قانون العقوبات.
فنص في المادة 339 بقوله يقضى بالحبس من سنة إلى سنتين على كل امرأة متزوجة ثبت ارتكابها جريمة الزنا و تطبق العقوبة ذاتها على كل من ارتكب جريمة الزنا مع امرأة يعلم أنها متزوجة.
و يعاقب الزوج الذي يرتكب جريمة الزنا بالحبس من سنة إلى سنتين و تطبق العقوبة ذاتها على شريكته.
و لا تتخذ الإجراءات إلا بناء على شكوى الزوج المضرور و إن صفح هذا الأخير يضع حدا لكل متابعة.
نستشف من هذه المادة أن قانون العقوبات لم يضع تعريفا لجريمة الزنا ، وتضمنت المادة 341 من قانون العقوبات طرق إثبات جريمة الزنا بنصها على ما يلي : الدليل الذي يقبل عن ارتكاب الجريمة المعاقب عليها بالمادة 339 يقوم إلا على محضر قضائي يحرره أحد رجال الضبط القضائي عن حالة تلبس و إما بإقرار وارد في رسائل أو مستندات صادرة من المتهم أو بإقرار قضائي.
و من خلال ما أوردناه سنتناول في هذا المبحث مطلبين نتطرق في الأول إلى أركان الجريمة و في الثاني إلى المتابعة و الجزء.


المطلب الأول : أركان الجريمة :
لم يعرف المشرع الجزائري جريمة الزنا أسوة بباقي التشريعات المختلفة و من ثم يتحتم علينا الأمر أن نلجأ إلى التعريف الذي جاءت به الشريعة الإسلامية: الزنا شرعا هو الوطئ في غير حلال، فإذا كان الجاني محصنا فحده هو الرجم حتى الموت، و إن لم يكن محصنا فحده هو الجلد.
عرفه الفقيه موران بأنه تدنيس فراش الزوجية وانتهاك جرمتها بتمام الوطئ.
و جاء في موسوعة دالوز  أن الزنا هو الجريمة التي تتكون من خرق حرمات الزواج من شخص متزوج له علاقات غير مشروعة بآخر غير زوجه يعاقبه القانون باسم الشريك. 
و عرفه الأستاذ سعد عبد العزيز بأنه كل وطئ أو جماع تام غير شرعي يقع من رجل متزوج أو مع امرأة متزوجة استنادا إلى رضائها المتبادل و تنفيذا لرغبتها الجنسية.
 يجب التنويه إلى أن المشرع الجزائري جرم جرعة الزنا بين الزوجين بنقلها حرفيا من قانون العقوبات الفرنسي هذا الأخير الذي ألغاه بموجب القانون الصادر بتاريخ 11/07/1975.
و من خلال هذه التعاريف نتناول أركان جريمة الزنا وفقا للتشريع الجزائري في الفروع التالية :
أولا: الركن المفترض.
ثانيا: الركن المادي.
ثالثا: الركن المعنوي.


أولا: الركن المفترض :
يتمثل هذا الركن في رابطة زوجية صحيحة يجب أن تتصف الزانية بأنها زوجة و كذلك الزاني لأن انعدام الرابطة الزوجية، و عدم وجود عقد زواج شرعي واقع وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية يجعل الفعل غير مكتمل شروط المعاقبة، و يسلبه صفة جريمة الزنا و ذلك كأن تكون الرابطة الزوجية قائمة على زواج باطل أو مخالف للقانون أو للشريعة. 
و على ذلك فالخطيبة ليست بزوجة لعدم انعقاد الزوجية بعد، فإذا خانت خطيبها فلا يشكل الركن المادي في جريمة الزنا، كما لا يشترط الدخول و الخلوة الشرعية، فعقد القرآن ذاته يكفي لقيام الجريمة إذا تم وفقا لقانون الأسرة طبقا لنص المواد 9-22 من قانون الأسرة.
و يجب أن تكون رابطة الزوجية قائمة حال ارتكاب جريمة الزنا و قيام هذه الرابطة حقيقة فعلية، يعني أن الزوجة مازالت على ذمة الزوج و لم يحدث طلاق بينهما أما قيامها حكما فيعني أنه طرأ عليها طلاق و لكنه طلاق رجعي لا يرفع الحل و لا يزيل ملك الزوج طالما أن العدة قائمة فإذا زنت في فترة العدة قامت في حقها جريمة الزنا أما إذا انقضت العدة فان الطلاق يصبح بائنا و عندئذ لا تقوم الجريمة. و الطلاق البائن إما أن يكون بائنا بينونة صغرى أو بينونة كبرى، و الطلاق الأول و إن كان يزيل ملك الزوج إلا أنه لا يزيل الحل بحيث تصبح المطلقة مرتكبة لجريمة الزنا إذا حدث الوطئ هي مطلقة طلاقا بائنا بينونة صغرى، أما البائن بينونة كبرى فإنه يزيل الحل و الملك معا، و في الحال تنقضي علاقة الزوجية نهائيا و تنقضي صفة الزوجية فإذا زنت هذه الزوجة في هذه الحالة فلا يستطيع تحريك الدعوى ضدها و لو وقع منها الوطئ خلال فترة العدة. 
و إذا دفع المتهم أو شريكه أنه مطلق أو أنه لم يكن متزوجا أصلا أو أن زواجه باطل أو فاسد جاز للمحكمة أن توقف الدعوى الجزائية إلى غاية الفصل في الدعوى أمام قاضي الأحوال الشخصية.
و نفس الشيء في حالة ما إذا دفعت المتهمة بوفاة الزوج و انقضاء عدة الوفاة فعليها تقديم ما يثبت ذلك و على الجهة القضائية أنه توقف الفصل في الدعوى الجزائية طبقا لنص المادة 330 من قانون الإجراءات الجزائية 
و تثير مسألة إثبات الزواج إشكالات عديدة لعدم انسجام التشريع الجزائري في هذا المجال و هذا ما نصت عليه المادة 22 من قانون الأسرة، على أن الزواج يثبت بشهادة مستخرجة من سجلات الزواج لبلدية مكان الزواج، و أضافت نفس المادة في فقرة ثانية أن الزواج يكون صحيحا إذا توفرت فيه الشروط الشرعية للزواج و يمكن تثبيته بحكم قضائي، و لقد طرحت المسألة على المحكمة العليا فلم تتخذ موقفا ثابتا و لكن الاتجاه الغالب هو أن يتم الإثبات بتقديم شهادة الزواج و تبعا لذلك قضت المحكمة العليا.

بقيام جريمة الزنا في حق الزوجة التي تزوجت برجل آخر بالفاتحة دون أن تنتظر الفصل في القضية القائمة بينها و بين زوجها الأول و كذا الزوجة التي أبرمت عقد زواج مع رجل آخر قبل أن يصبح حكم الطلاق بينها و بين زوجه الأول نهائيا.


ثانيا: الركن المادي : (الوطئ غير المشروع) .
اختلف الفقهاء فيما يخص  تحديد المقصود بالوطء هل هو إيلاج عضو التذكير في المكان الطبيعي للمرأة فقط أم يمتد إلى اللواط أو حتى الالتصاق دون إيلاج.
فذهب رأي إلى أن الوطء هو التحام الذكر مع الأنثى في المكان الطبيعي من المرأة ، و في هذه الناحية تشترك جريمة الزنا مع جريمة الاغتصاب، فالشرط في جريمة الزنا وجود الشريك يجامع الزوجة جماعا غير شرعي و مع ذلك فلا يعتبر زنا مجرد الخلوة بين الرجل و المرأة المتزوجة إذا لم تتبع هذه الخلوة بوطء كما لا تعد من قبل الزنا الأفعال المخلة بالحياء التي تأتها المرأة على نفسها أو الصلاقة غير الطبيعية التي تأتها مع امرأة أخرى كما لا يعد وطئا الفتاة البكر المتزوجة التي تمتنع على زوجها و تجتمع مع صديق لها في خلوة ليقوم بفض بكرتها لو حدث ذلك بغير عضوه التناسلي و يعتبر الوطئ شرط أساسي لحدوث الزنا و لا يتصور في هذه الجريمة حالة الشروع. 
و لا تقوم الجريمة لما دون ذلك من أعمال الفاحشة الأخرى التي يرتكبها أحد الزوجين مع غيره مثل القبلات و الملامسات الجنسية و إتيان المرأة من الدبر.
ذلك أن الشروع في جريمة الزنا يتوافر فيه الركن المعنوي و يتخلف فيه الركن المادي بصفة كلية أو جزئية، فلا يعقل إذا أن يتم الشروع في جريمة الزنا من أحد الزوجين، لأن الفعل الآثم يشترط فيه توفر الركن المادي كليا، و المعنوي معا  و لكي يمكن أثبات جريمة الزنا للزوج المتهم لابد أن يثبت أن هذا الرجل المتزوج قد باشر فعلا جنسيا مع امرأة مباشرة طبيعية تامة، و أنها امرأة لا تحل له و لا هي زوجته. و إلى هذا المعنى أشارت الفقرة الثالثة من المادة 339 من ق ع و ذلك بغض النظر عن كون المرأة التي نفذ معها رغبته متزوجة أم لا، و نفس الشيء ينطبق على المرأة التي تمارس فعل الوطء مع الغير  بعكس الشريك الذي يشترط فيه العلم بالعلاقة الزوجية بين من تمارس معه الفعل.


ثالثا : الركن المعنوي :
لا يكفي لقيام ارتكاب الجريمة ارتكاب عمل مادي ينص و يعاقب عليه قانون جزائي ، بل لابد أن يصدر هذا العمل المادي عن إرادة الجاني و تشكل هذه العلاقة التي تربط العمل المادي بالفاعل ما يسمى بالركن المعنوي، فلا تقوم الجريمة بدون توافر الركنين المادي و المعنوي علاوة على الركن الشرعي و يتمثل الركن المعنوي في نية داخلية يضمرها الجاني في نفسه .
إذا فجريمة الزنا تتطلب توافر القصد الجنائي لدى الفاعل الأصلي متى ارتكب الفعل عن إرادة و علم بأنه متزوج و أنه يوصل بشخص غير زوجته و لا تقوم جريمة الزنا بانعدام القصد الجنائي إذا ثبت أن الوطء قد حصل بدون رضا الزوج كما لو تم بالعنف أو التهديد أو نتيجة للخديعة أو المباغتة.


حيث أنه لا عقاب على زوجة إذا زنت و هي في حالة الجنون، أو في حالة الإكراه كالتهديد، و الإسكار و التخذير و التنويم المغناطيسي أو في حالة الغلط المادي. كما لو تسلل رجل إلى فراش امرأة أثناء نومها، اتخذ حيالها المركز الذي كان يشغله زوجها فضنت أنه هو و سلمت نفسها إليه، أو في حالة الغلط القانوني إذا ارتكبت الزنا و هي تعتقد أنها حرة من الوثاق الزوجي كما لو اعتقدت أنها مطلقة أو أن زوجها الغائب قد مات  أما بالنسبة للشريك فيشترط فيه العلم بأن خليله أو خليلته متزوجا أو متزوجة فإن كان يجهل الرابطة الزوجية وقت إتيان الفعل فإن القصد الجنائي يكون منتفيا و من ثم يتبين لنا أن جريمة الزنا تشترط فقط توفر قصد جنائي عام  حيث أنه من خلال قرار المحكمة العليا رأت في قضية خاصة بالزنا بين الزوجين أن قضاة الاستئناف اكتفوا بإثبات الفعل المنسوب للمتهمين دون إمعان في جوانب الدعوى و أسبابها إذ لم يتطرقوا إلى البحث في أقوال المتهمة التي أدلت في التحقيق الابتدائي أنها خرجت من عند زوجها الشاكي منذ خمس سنين و امتنع عن ردها، و انه ذكر لها أنه لا يطلقها و لا يردها كما أنه لا يسجل الزواج في الحالة المدنية حتى لا ترثه.
حيث أن هذه الوقائع إذا ثبتت تدل على انعدام نية الزوج في مواصلة الزواج و أن أثار الاقتران اضمحلت أو كادت بإرادة الزوج و هي من الحقوق الشرعية التي يجب للزوجين بمقتضى الزواج قيد حياتهما أو بعد مماتهما .


المطلب الثاني : المتابعة و الجزاء :
علق القانون مرتكبي جريمة الزنا على شكوى الزوج المضرور طبقا لنص المادة 339 الفقرة الثالثة من قانون العقوبات ، في حين أنه نص على الجزاء المقرر لهذه الجريمة في الفقرة الثانية من نقس المادة، و أعقب على إثباتها في المادة 341 ق.ع.
و عليه سندرس ذلك في فرعين:
أولا المتابعة
ثانيا الجزاء.
أولا المتابعة :
قيد القانون تحريك الدعوى العمومية في جريمة الزنا بناءا على شكوى المجني عليه استثناءا من الأصل العام و هو حرية النيابة في تحريك الدعوى العمومية  و بما أن جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة و لها تأثير كبير على نظام الأسرة فقرر المشرع الجزائري عملا بالمشرع الفرنسي طرقا و وسائل معينة لإثباتها و بهذا سنوضح الشكوى المقرر لجريمة الزنا، و طرق إثباتها في نقطتين:
I- الشكوى :
يقصد بالشكوى البلاغ أو الإخطار الذي يقدمه المجني عليه إلى السلطات المختصة طالبا تحريك الدعوى العمومية بشأن جرائم معينة حصر  ا لمشرع تحريكها على تقديم الشكوى .
و بعد أن نظمت المادة 339 من قانون العقوبات جريمة الزنا و المشاركة فيها أشارت في فقرتها الرابعة إلى أن إجراءات المتابعة لا تتخذ إلا بناءا على شكوى الزوج المضرور.
و نستنتج أنه لا يجوز لممثل النيابة العامة أن يقوم بأي إجراء من إجراءات تحريك دعوى الزنا من تلقاء نفسه بل إن تحريك الدعوى يتوقف على شكوى مسبقة من طرف الزوج الآخر الذي مسه عار هذه الجريمة. و يرجع هذا القيد لما لهذه الجريمة من اتصال مباشر لمصلحة الأسرة و شرفها، أكثر مما له من اتصال بمصلحة المجتمع و لا يجوز تقديمها من أي شخص آخر غير الزوج المتضرر فإن كان مجنونا أو معتوها وقت أو بعد ارتكاب الجريمة فإنه لا مانع من تقديم ممثله القانوني الشكوى نيابة عنه، و لكن إذا كان القانون لم يحدد لا صراحة و لا ضمنا أجلا معينا للزوج الشاكي لكي يستعمل حقه في تقديم شكواه و لم يقيده بأي شرط.


و يرى الأستاذ سعد عبد العزيز أن للمطلق دائما حق تقديم الشكوى ضد مطلقته و طلب محاكمتها عن اقترافها لجريمة الزنا ما دامت هذه الجريمة لم تنقضي بعد بسبب من أسباب الانقضاء المنصوص عليها في المادة 06 من قانون الإجراءات الجزائية و ما دامت لم تسقط بالتقادم طبقا للمادة 07 من نفس القانون و سنده في ذلك أمران أولهما أن القانون اكتفى بتوفر الرابطة الزوجية و لم يشترط توفرها لصحة تقديم الشكوى، و ثانيهما أن الطلاق لا يمحو الجريمة و يجب الإشارة أيضا أنه في حالة عدم مراعاة الشرط من قبل النيابة العامة و اتخذت إجراءات التحقيق أو أحالت الدعوى على المحكمة فإن هذه الأخيرة لا تستطيع أن تنظر في الدعوى أو تفصل فيها، بل يتعين عليها أن تقضي بعدم قبولها من تلقاء نفسها أو بناءا على طلب المتهم أو شريكه و يجب أن يتضمن الحكم الإشارة إلى أن الدعوى قد رفعت تبعا لشكوى الزوج المتضرر أو أنها لم ترفع تبعا لذلك و إلا كان حكمها معيبا واجبا إلغائه و نقضه.
أما إذا كان الشاكي قد وافته المنية بعد تقديم الشكوى ضد الزوج الآخر فإن الوفاة لا يترتب عليها سقوط حق النيابة العامة في متابعة الإجراءات اللازمة لإقامة الدعوى .
و إضافة إلى ما سبق فإن التنازل عن الشكوى يعد حقا من حقوق الشاكي يستعمله إذا شاء و قبل النطق بالحكم و بالتالي يضع حدا للمتابعة ضد زوجه، و يستفيد الشريك كذلك من سحب الشكوى و تنقضي الدعوى العمومية طبقا لنص المادة من 06 من قانون الإجراءات الجزائية.


II- إثبات جريمة الزنا :
نصت المادة 341 من قانون العقوبات على ما يلي:
الدليل الذي يقبل عن ارتكاب الجريمة المعاقب عليها بالمادة 339 يقوم إما على محضر قضائي يحرره أحد رجال الضبط القضائي عن حالة تلبس، و إما عن طريق وارد في رسائل أو مستندات صادرة من المتهم و إما بإقرار قضائي.
نستقرأ من القانون أنه حدد على سبيل الحصر الأدلة التي تثب بها جريمة الزنا و هي:
1- محضر قضائي يحرره أحد رجال الضبط القضائي عن حالة التلبس.
2- عن طريق إقرار وارد في رسائل أو مستندات صادرة عن المتهم أي اعترافا منه بأنه قام فعلا بارتكاب جريمة الزنا تضمنته رسالة أو مستند.
3- إقرار قضائي أي اعتراف المتهم أمام القضاء بأنه قام فعلا بارتكاب جريمة الزنا.
و إذا لم تتوفر أحد هذه الأدلة الثلاث للقاضي فإنه ملزم قانونا بالحكم بالبراءة بغض النظر عن اقتنائه الشخصي بأدلة أخرى.
و لقد دأبت المحكمة العليا في اجتهادها على أنه : لما كان ثابتا في قضية الحال أن القرار المطعون فيه لا يحتوي على ما يفيد تقديم أحد طرق الإثبات الثلاث المنصوص عليها في القانون إثباتا لتهمة الزنا، و من ثمة فإن قضاة الموضوع بإدانتهم للطاعنين بارتكابهم جريمة الزنا خالفوا القانون.
و جاء في حكم صادر عن محكمة بومرداس : أن تهمة الزنا ثابتة في حق المتهمة بدليل اعترافها على ممارسة العلاقة الجنسية مع المتهم.
و جاء عن المحكمة العليا في اجتهاد آخر لها بإدلائها بأن : الإقرار القضائي في جريمة الزنا شخصي يلزم المقر وحده دون غيره و إن القضاء بإدانته المتهم بناءا على إقرار الزوجة الزانية وحدها و في غياب إقرار المتهم يعد قصورا في التعليل و سوء في تطبيق القانون يعرضه للنقص.


ثانيا الجزاء :
تعاقب المادة 339 من قانون العقوبات على الزنا بالحبس من سنة إلى سنتين دون تمييز بين الزوج و الزوجة ، و تطبق نفس العقوبة على الشريك و لا عقاب على الشروع في ذلك.
و تجدر الملاحظة أن المشرع نص على عذر الاستفزاز  في جريمة الزنا فنص في المادة 279 من قانون العقوبات : يستفيد مرتكب القتل و الجرح و الضرب من الأعذار إذا ارتكبها أحد الزوجين على الزوج الآخر أو على شريكه في اللحظة التي يفاجئه فيها في حالة التلبس بالزنا.
يتبين من هذا النص وجوب توفر أركان ثلاث لعذر الاستفزاز و هي :
- صفة الجاني و هو أن يكون الجاني أحد الزوجين و أن يكون الضحية هو الزوج الآخر أو شريكه و هذا العذر مقرر للزوج المغدور دون غيره.
- مفاجأة الزوج متلبسا في الزنا
- القتل و الجرح و الضرب في اللحظة ذاتها.
فبتوفر أركان عذر الاستفزاز فإن العقوبة تخفض طبقا لنص المادة 283 من قانون العقوبات.
1- الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا تعلق الأمر بجناية عقوبتها الإعدام.
2- الحبس من ستة أشهر إلى سنتين إذا تعلق الأمر بأي جناية أخرى.
3- الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر إذا تعلق الأمر بجنحة.
هذا مع جواز الحكم على الجاني بالمنع من الإقامة من 05 سنوات على الأقل إلى 10 سنوات على الأكثر في الحالتين المنصوص عليهما في الفقرتين 01 و 02.
بعد إتمامنا للمبحث الأول فيما يخص جريمة الزنا سوف نتطرق في المبحث الثاني لجريمة الفاحشة بين ذوي المحارم.


المبحث الثاني : جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم :
وطء المحرمات من الإناث جريمة يعاقب عليها  في غالبية القوانين الوضعية و التشريعات السماوية و مبادئ الأخلاق لأن في ارتكابها عدوان على المجتمع بأسره و تحطيم لقيمه، فالأسرة نواة المجتمع و رابطة القرابة و النسب و الدم ، هي أساس تكوين الصلاة و العلاقات الاجتماعية و جريمة و وطء المحرمات من الإناث كالأخت و الأم و البنت جرائم فاحشة تعتدي على الأعراض و الأنساب و لذا وضعت النصوص القانونية و الأحكام التي تنظم العلاقات داخل المجتمع و سوف نقوم بدراسة هذه الجريمة في مطلبين:
المطلب الأول: أركان الجريمة
المطلب الثاني: المتابعة و الجزاء.

المطلب الأول : أركان الجريمة :
عرف الأستاذ سعد عبد العزيز جريمة الفحش : بأنها كل فعل من أفعال الاتصال الجنسي المباشر التي تقع بين شخص ذكرا كان أو أنثى و بين أحد محارمه شرعا من أقاربه أو أصهاره أو غيرهم برضائهم المتبادل ، و قد ورد النص على تجريم هذه الأفعال في المادة 337 مكرر من قانون العقوبات التي نصت :  تعتبر من الفواحش العلاقات الجنسية التي تقع:
1- بين الأصول و الفروع.
2- الإخوة و الأخوات الأشقاء من الأب أو الأم.
3- بين شخص و ابن أحد إخوته أو أخواته من الأب أو الأم أو مع احد فروعه.
4- الأم أو الأب و الزوج أو الزوجة و الأرمل أو الأرملة ابنه أو مع أحد آخر من فروعه
5- والد الزوج أو الزوجة أو زوج أو زوجة الأب و فروع الزوج الآخر
6- من أشخاص يكون أحدهم زوجا للأخ أو الأخت .
يتبين أن هذه الجريمة تحتوي على ثلاثة أركان نتخذها بالدراسة في ثلاثة فروع :
أولا: الركن المادي
ثانيا: علاقة القربة أو المصاهرة ذات الطبيعة المحرمية
ثالثا : القصد.

أولا : الركن المادي الفعل المادي الفاحش :
يتوفر الفعل المادي لقيام جريمة الفحش بين ذوي المحارم بوقوع علاقة جنسية طبيعية تامة بين رجل و امرأة استنادا إلى رضائهما الصريح المتبادل دون استعمال عنف أو غش أو تهديد أو إكراه مادي أو معنوي من أحد الطرفين ضد الآخر. أما إذا صاحب الفعل تهديدا أو إكراها فإن الوصف الجرمي يصبح اغتصابا لا فحشا و نطبق أركان المادة 336 فقرة 01 بدل المادة 337 مكرر .
و نفترض أيضا في جريمة الفحشاء مساس مباشر بجسم المجني عليه و يخرج من نطاقها الأفعال التي يرتكبها الجاني على جسمه أمام نظر المجني عليه مهما كانت درجة فحشاه و مهما بلغ تأثيره عليه .
إلى جانب أنه لا يشترط لوجود الركن المادي الوطء الطبيعي الذي سيحصل بإيلاج عضو التذكير في فرج الأنثى، و إنما يشمل كل إيلاج جنسي بالإيلاج بالدبر و حتى بالفم و لا يهم إن كان الجاني ذكرا أو أنثى و من ثم تشمل العلاقة الجنسية اللواط و المساحقة و يشترط الرضا بين الطرفين بطبيعة الحال.

ثانيا : علاقة القرابة أو المصاهرة :
يشترط القانون لقيام جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم وجود صلة قرابة أو نسب أو مصاهرة بين مرتكبي جريمة الفحش أو وجود أحد أو بعض أسباب التحريم المنصوص عليها في المواد من 24 إلى 30 من قانون الأسرة .
و يثار التساؤل بشأن الرضاع: فهل تطبيق قاعدة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قياسا على الزواج فيكون الجواب بنعم مع حصر التحريم في الطفل الرضيع وحده دون إخوته و أخواته طبقا لنص المادة 28 من قانون الأسرة التي نصت على : يعد الطفل الرضيع وحده دون إخوته و أخواته وليد للمرضعة و زوجها و أخا لجميع أولادها و يسري التحريم عليه و على فرعه.

ثالثا : القصد الجنائي :
بالإضافة إلى الركنين السابقين يشترط القانون القصد الجنائي لقيام هذه الجريمة و المراد بالقصد هنا هو القصد العام الذي يتوفر بمجرد علم كلا المتهمين بأن الشخص الآخر الذي يقوم بممارسة أو تنفيذ الفعل الجنس معه من ذوي محارمه أما إذا كان الفاعلان لا يعلمان أو ليس في استطاعة أحدهما أو كلاهما، العلم بصفة الحرمة أو بسبب التحريم انتفى القصد الجنائي و لم تعد الجريمة قائمة.
أما إذا كان أحدهما لا يعلم و الآخر يعلم فإن العقاب يسلط فقط على من كان يعلم .
و ينبغي التنويه أيضا إلى أن الأنثى التي ترضى و تسمح بارتكاب الفاحشة معها من احد أصولها أو فروعها، مع علمها بالقرابة و تكون فوق سن السادسة عشر مرتكبة لجريمة وطئ المحرمات كفاعل أصلي لأن الرضا الصادر من هذه الأنثى لا يعتبر سببا مبررا أو مبيحا لهذه الجريمة أو ينفي المسؤولية عن الجاني أو المجني عليها نفسها .
و من خلاصة القول يتضح أن الركن المعنوي لابد فيه من توافر العلم و الإرادة مهما كان الباعث الذي دفع الجاني على ارتكاب جريمة الفحش بين ذوي المحارم فقد يكون هذا الباعث إشباعا للشهوة البيولوجية أو غير ذلك.
و بإتمامنا للمطلب الأول نعمل على شرح المطلب الثاني تحت عنوان المتابعة و الجزاء.



المطلب الثاني : المتابعة و الجزء :
نتطرق إليه بالشرح و التحليل:
الفرع الأول المتابعة.
الفرع الثاني الجزاء.
الفرع الأول : المتابعة :
1- خضوعها في المتابعة إلى القواعد العامة.
تخضع هذه الجريمة في المتابعة إلى القواعد العامة في تحريك النيابة العامة للدعوى العمومية، و مباشرتها باسم المجتمع، بخلاف جريمة الزنا بين الزوجين التي نص فيها المشرع على تحريكها من قبل الطرف المضرور استثناءا من الأصل العام ، ذلك أن جريمة الفحش بين ذوي المحارم جريمة يهتز لها عرش الرحمن تمس بكيان المجتمع، و تزعزع نظامه أكثر مما تمس بالفرد، فأحسن المشرع الجزائري عندما أخضعها لسلطة النيابة العامة في ملائمة المتابعة إذ عليها أن تثبت هذه الجريمة بجميع وسائل و طرق الإثبات.
2- إثبات جريمة الفحش بين ذوي المحارم.
تثبت هذه الجريمة بشهادة الشهود أو بالأدلة الشفوية  ، بخلاف جريمة الزنا التي قيد المشرع إثباتها بوسائل محددة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانون العقوبات.

الفرع الثاني : الجزاء :
إذا رجعنا بتمعن و حرص إلى نص المادة 337 مكرر من قانون العقوبات  فإننا نجد أنها تضمنت ثلاث أنواع من العقوبات:
النوع الأول :
العقوبة الجنائية لفعل ذي وصف جنائي عقوبته من 10 إلى 20 سنة سجنا و هي جناية فعل الفحش بين الأصول و الفروع و بين الإخوة و الأخوات.
النوع الثاني :
العقوبة الجنائية لجريمة ذات وصف جنحي بين 05 إلى 10 سنوات حبس و هي جنحة فعل الفحش بين الأشخاص، وهم:
شخص و ابن أحد إخوته أو أخواته أو أحد فروعه.
بين الأم أو الأب و زوجة أو زوج و أرمل أو أرملة الابن أو أحد فروعه.
ولد الزوج أو الزوجة أو زوج الأم أو زوجة الأب و أحد فروع الزوج الآخر.


النوع الثالث :
العقوبة الجنحية لجريمة ذات وصف جنحي عقوبتها بين سنتين و خمس سنوات حبس وهي جنحة فعل الفحش المقترف بين أشخاص يكون أحدهم زوجا لأخ أو أخت الآخر.
وفي جميع الأحوال إذا ارتكبت الفاحشة من شخص راشد على شخص قاصر، يبلغ من العمر 18 عاما فإن العقوبة المفروضة على الراشد تفوق وجوبا العقوبة المفروضة على الشخص القاصر، كما أن هذه الجريمة تكون قائمة حتى و لو كان أحد طرفيها من لم يبلغ سن الرشد الجزائي، لأن المادة 337 لم تشر إلى سن معينة و لم تنص على السن إطلاقا خلافا لجريمتي هتك العرض و الفعل المخل بالحياء الذي يفرق فيه المشرع بين الضحية القاصر و الراشد و هو أحد ما تبنته المحكمة العليا في أحد قراراتها .
و يتضمن الحكم المقضي به ضد الأب أو الأم فقدان حق الأبوة أو الوصاية الشرعية طبقا للمادة 337 مكرر الفقرة الأخيرة.
و يجب على القاضي أن يقرره من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب النيابة أو بطلب من يتولى أمر القاصر .
من أهم الحقوق التي تضمنتها قواعد الشريعة الإسلامية والقوانين الجزئية الوضعية حق الطفل في أن يتولى كفالته أبواه طوال مدة صغره وحاجته إليهما، وأن يسهرا منفردين أو مجتمعين على رعايته وتعليمه، وعلى حمايته من كل ما يضره أو يلحق به الأذى ولاسيما الأذى الذي يكون مصدره الأبوان أنفسهما مثل الترك و التسيب والضرب والتعذيب والقتل.
وفي هذا الإطار جاء قانون العقوبات ووضع قواعد عقابية من شأنها حماية الولد الصغير من كل عنف وجور أو اعتداء سواء على خلقه أو على جسمه، ومن شأنها أيضا أن تجازي أحد الوالدين الذي يتعمد الاعتداء على حقوق أولاده بالجزاء المناسب  لذا  فإننا سنتطرق في هذا الفصل إلى خمس جرائم نص عليها قانون العقوبات الجزائري، حيث سنتناول في المبحث الأول جريمة الإجهاض، وفي المبحث الثاني جريمة قتل طفل حديث العهد بالولادة، وفي المبحث الثالث جريمة ترك الأطفال وتعريضهم للخطر، وفي المبحث الرابع جريمة عدم تسليم طفل ونتناول أخيرا في المبحث الخامس جريمة خطف أو إبعاد قاصر


المبحث الأول : جريمة الإجهاض :
إن المرأة الحامل هي المرأة التي لها جنين مستقر في الرحم ولم يخرج إلى الحياة وهذا الجنين يحميه القانون، كما تحمى الأم والمجتمع.
- حماية الجنين : لأنه يصبح طفلا في المستقبل وهذا الأخير يكون دعامة للمجتمع وهذا الكائن له الحق في الحياة وهو حق طبيعي.
- حماية الأم : إن الاعتداء على الجنين يكون اعتداء على جسم المرأة وهو الاعتداء على الحياة الطبيعية للمرأة  يمنعه المشرع، ويمنع حتى على المرأة إجهاض نفسها.
حماية المجتمع : إن تعرضت المرأة والجنين إلى الاعتداء يتسبب في الإضرار بها فإن ذلك يؤدي إلى عرقلة المجتمع الذي يحتاج إلى أفراد أصحاء
إذ تقضي المادة ة304 من قانون العقوبات على أنه كل من أجهض إمرأة حاملا أو مفترض حملها بإعطائها مأكولات أو مشروبات أو أدوية أو باستعمال طرق أو أعمال عنف أو بأية وسيلة أخرى سواء وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك يعاقب بالحبس من سنة إلى 05 سنوات وبغرامة من 500 إلى 10.000دج
وإذا أفضى الإجهاض إلى الموت تكون العقوبة السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة.
وفي جميع الحالات يجوز الحكم علاوة على ذلك بالمنع من الإقامة.
تعريف الإجهاض :
لم يعرف المشرع الإجهاض إلا أن بعض الفقه عرفه بأنه إخراج الجنين عمدا من الرحم قبل موعده الطبيعي أو قتله عمدا في الرحم، ويزيد البعض هذا التعريف إيضاحا بأن يتم الإجهاض باستعمال وسيلة صناعية.
نستخلص مما تقدم بأن الإجهاض هذا هو إنهاء حالة الحمل قبل الأوان عمدا أو القضاء على الجنين داخل رحم المرأة وإسقاطه قبل الموعد المحدد للولادة ومن المسلم به أن جريمة الإجهاض تقع في كل حالة تنتهي بها حالة الحمل بطريقة غير تلقائية ويتضح من هذا التعريف أن لجريمة الإجهاض 03 أركان وهي الركن المفترض (محل الجريمة)، الركن المادي، الركن المعنوي، والتي سنتناولها بالدراسة في المطلب الآتي.

المطلب الأول : أركان الجريمة :
أولا : الركن المفترض (محل الجريمة)   
إن محل الجريمة هنا هو وجود حالة الحمل فعلا أي وجود جنين في رحم المرأة يقع عليه فعل الاعتداء سواء بإخراجه حيا قبل موعد ولادته أو قتله في الرحم أو فرضا حسب الأوضاع العادية أي حيث المفهوم الخارجي أو بأنها بنفسها تتوهم بأنها حاملا أو توهم غيرها كما نصت المادة 304: كل من أجهض امرأة حاملا أو مفترض حاملا.
وتبدأ حماية حق الجنين في الحياة منذ لحظة الإخصاب إلى لحظة بداية عملية الولادة.
تأخذ هذه الجريمة ثلاث صور: المرأة التي تجهض نفسها
إجهاض المرأة من قبل الغير
التحريض على الإجهاض.
I. الصورة الأولى: إجهاض المرأة لنفسها :
طبقا للمادة 309 من قانون العقوبات والتي تنص تعاقب بالحبس من 06 أشهر إلى سنتين وبغرامة من 260 إلى ألف دينا جزائري المرأة التي أجهضت نفسها عمدا أو حاولت ذلك أو وافقت على استعمال الطرق التي أرشدت إليها أو أعطيت لها لهذا الغرض.

II. الصورة الثانية : إجهاض المرأة من قبل الغير :
طبقا لنص المادة 304 التي تقضي  : كل من أجهض امرأة حاملا أو مفترض حملها سواء وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك.
فالمشرع لم يعتد برضا المرأة نظرا لكون الجريمة تهدد المصلحة العامة الاجتماعية لكون الضحية الحقيقية هو الطفل الذي يحرم من الحياة.

III. الصورة الثالثة: التحريض على الإجهاض :
طبقا للمادة 310 من قانون العقوبات : يعاقب بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 500 إلى 10.000 دج أو بالإحدى هاتين العقوبتين كل من حرض على الإجهاض ولو لم يؤدي تحريضه إلى نتيجة ما وذلك بأن:
ألقى خطابا في أماكن أو اجتماعات عمومية
أو باع أو طرح للبيع أو قدم ولو في غير علانية أو عرض أو ألصق أو وزع في الطريق العمومي أو في الأماكن العمومية أو وزع في المنازل كتبا أو كتبات أو مطبوعات أو إعلانات أو ملصقات أو رسوما أو صورا رمزية أو سلم شيئا من ذلك مغلفا بشرائط موضوعا في ظروف مغلقة أو مفتوحة إلى البريد أو إلى أي عامل توزيع أو نقل.
أو قام بدعاية في العيادات الطبية الحقيقية أو المزعومة.
إذ لم يكتفي المشرع الجزائري تجريم الإجهاض في صورته الأولى والثانية وإنما جرم أيضا كل صور الدعاية والتحريض في وسائط الإجهاض لكي يقطع الطريق على من يفكر في ارتكاب هذه الجريمة ويحد من ارتكابها لأن المجهض لن يجد بسهولة ما يحتاج إليه من مواد وأدوات يستخدمها لإجراء الإجهاض.
ثانيا: الركن المادي : في الصورة الأولى والثانية
هو الفعل الذي يصدر عن الأم أو الغير والذي من شأنه إنهاء حالة الحمل وفصل الجنين عن أمه قبل الموعد الطبيعي بغض النظر عن الوسيلة المستعملة كما جاء في نص المادة 304 : أو بأي وسيلة أخرى.

1- الوسائل المستعملة :
تقضي المادة 304 من قانون العقوبات : كل من أجهض امرأة حاملا أو مفترض حاملها بإعطائها مأكولات أو مشروبات أو أدوية أو يستعمل طرق أو أعمال عنف أو بأية وسيلة أخرى سواء وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك.
ويفهم من العبارة الأخيرة أن المشرع عدد الوسائل على سبيل المثال لا الحصر لذا تعتبر جريمة الإجهاض ذات الطابع الحر من ناحية الوسيلة، إذ يستوي أن تكون الوسيلة مادية أو معنوية.
فقد تكون وسيلة الإجهاض كميائية مثل الأدوية الطبية أو مادة أخرى أيا كانت طريقة تعاطيها (شرابا، أقراص، حقن ....الخ.) يكون من شأنها إنهاء الحمل.
وقد تكون وسيلة الإجهاض ميكانيكية مثل توجيه أشعة إلى جسم الحامل أو تدليك جسمها بطريقة تؤدي إلى إنهاء حالة الحمل وكذلك ضرب الحامل؟
وقد تلجأ المرأة الحامل إلى وسائل لا تبدو في ظاهرها إنهاء للحمل ولكنها في حقيقتها تؤدي إلى ذلك، مثل ممارسة الرياضة الطبيعية كالقفز أو حمل الأثقال أو ارتداء ملابس ضيقة أو أحزمة ضاغطة.
وقد تكون وسيلة الإجهاض معنوية مثل ترويع الحامل أو الصراخ فجأة في وجهها. وإذا كان الغالب أن يكون فعل الإجهاض إيجابيا فإنه لا يوجد ما يحول من وقوع جريمة الإجهاض لفعل سلبي أي على طريقة الامتناع مثل امتناع الأم عن الطعام أو الامتناع عن تقديم الطعام لها.
ومهما كانت الوسيلة المستعملة يجب إقامة الدليل على أنها كانت السبب في الإجهاض، ولقاضي الموضوع أن يسترشد برأي الخبراء؛
ومهما كانت نجاعة الوسيلة المستعملة فإن ذلك لا يحول دون عدم العقاب على الجريمة المستحيلة، فمن يشرع في الإجهاض باستعمال وسائل غير ناجعة فإنه يتعرض للعقاب على أساس أن عدم صلاحية الوسيلة المستعملة تدخل ضمن الظروف المستقلة عن إرادة الجاني، وهذا المبدأ ينطبق على الجريمة الإجهاض بصورتيها الأولى والثانية.

2- النتيجة :
وتتمثل في إنهاء حالة الحمل قبل الموعد الطبيعي ويمكن تصورها في الحالات التالية: حالة خروج الجنين ميتا من رحم أمه قبل الموعد الطبيعي لولادته وحالة خروج الجنين حيا من رحم أمه قبل الموعد الطبيعي لولادته لأن في خروج الجنين في هذه الحالة اعتداء على حقه في استمرار النمو الطبيعي حتى الولادة الطبيعية.
لا يشترط لوقوع جريمة الإجهاض أن تظل الأم الحامل على قيد الحياة بعد ارتكاب تلك الجريمة فمن المتصور أن يكون فعل الإجهاض هو فعل قتل الحامل وتكون النتيجة المرتكبة عن الفعل الواحد إنهاء حياة الأم وإنهاء الحمل في نفس الوقت فإذا توفر القصد الجنائي نكون أمام جريمتين فيسأل الفاعل عن القتل والإجهاض في نفس الوقت.

3- العلاقة السببية :
يجب أن تتوفر علاقة سببية بين فعل الإجهاض وإنهاء حالة الحمل قبل الموعد الطبيعي وذلك بأن يثبت بأن الفعل الذي قام به الجاني هو الذي أدى إلى خروج الجنين من رحم الأم قبل الموعد الطبيعي لولادته حيا أو ميتا.
إذ تكون الجريمة تامة إذا تحققت النتيجة وحصل الإجهاض ولا يهم إن حدث الفعل في بداية أو نهاية الحمل، أما إذا لم تتحقق النتيجة المرغوبة فيسأل الجاني عن الشروع في الإجهاض والشروع معاقب عليه بنص القانون طبقا للمادة 304: أو الشروع في ذلك.
كما يعاقب المشرع الجزائري على الجريمة المستحيلة إذ نصت المادة 304 على قيام الجريمة سواء كانت المرأة حاملا أو مفترض حملها، على عكس المشرع المصري الذي يشترط لقيام جريمة الإجهاض وجود حمل.

ثانيا : الركن المعنوي :
جريمة الإجهاض جريمة عمدية، وتتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل مع العلم أن ذلك معاقب عليه قانونا، فيجب أن يعلم الجاني أن المرأة حامل أو مفترض حملها، ومع ذلك يريد القيام بالاعتداء عليها، فإذا كانت إرادته سليمة ومختارة ويريد الفعل يكون قد ارتكب الجريمة، أما إذا كان يجهل ذلك وأحدث فعله إجهاضا فإنه لا يعاقب من أجل الإجهاض، وإنما من أجل أعمال العنف، فهنا القصد الجنائي قصد جنائي عام.
وعلية فإن جريمة الإجهاض تقتضي توافر كل العناصر والأركان المشار إليها سابقا طبقا لنص المادة 304 من قانون العقوبات لذلك يتعين على قضاة الموضوع إبرازها في أحكامهم للنطق بالإدانة على أساس تهمة الإجهاض وإلا تعرضت أحكامه إلى النقض وفي هذا الصدد صدر عن المحكمة العليا غرفة الجنح والمخالفات القرار رقم 252408 بتاريخ 12/02/2001 قضية (ح.ر) ضد (ب.ف) جاء فيه إن إدانة المتهم بجريمة الإجهاض دون إبراز عناصر التهمة وإثبات القصد الحقيقي للضرب الرامي لمحاولة الإجهاض يعد انعداما في الأساس القانوني.


ثالثا : الركن المادي للصورة الثالثة : التحريض على الإجهاض :
يتمثل في كل عمل من شأنه التأثير في نفس الضحية أو الشخص الذي يقع عليه فعل التحريض حتى ولو لم يكن هذا التحريض قد أدى إلى النتيجة المرجوة.
1- الوسيلة المستعملة :
تشترط المادة 310 أن يقوم التحريض بوسيلة من بين الوسائل المحددة على سبيل الحصر و هي
إلقاء خطب في أماكن أو اجتماعات عمومية.
بيع أو عرض أو إلصاق أو توزيع كتابات أو صور أو رسوم.
 القيام بالدعاية في العيادات الحقيقية أو المزعومة.
وعليه فإن مجرد إلقاء خطب حماسية في اجتماعات أو أماكن عامة ومجرد بيع أو عرض صور أو محررات بأي لغة كانت وبأي شكل كانت تتضمن دعوة صريحة أو ضمنية، إلى الإجهاض وإسقاط الحمل تكون كافية وحدها أو مع غيرها لتكوين جريمة التحريض على الإجهاض المعاقب عليها بنص المادة 310 من قانون العقوبات 
2- النتيجة :
لم يشترط القانون أن يتوفر عنصر النتيجة لقيام جريمة التحريض على الإجهاض بل اعتبر التحريض جريمة مستقلة ومعاقب عليها بذاتها سواء تحققت النتيجة أو لم تتحقق وسواء تأثرت من وقع عليها التحريض بأساليب المحرض ونفذتها أو لم تتأثر ولم تنفذ.
ولم تشترط المادة 310 أي صفة في الجاني إذ يعتبر فاعلا أصليا ولو اقتصر دوره على مجرد دلالة الحامل على الوسائل المجهضة.
في حين أن هذا الفعل لا يعدو أن يكون وفقا للقواعد العامة في القانون الجزائي إلا اشتراكا .

رابعا- الركن المعنوي : 
القصد الجنائي هنا قصد جنائي عام يمكن استخلاصه مما تحتويه الخطب وما تتضمنه الصور والرسائل والمحررات وغيرها ولا يشترط القانون قصد جنائي خاص.



المطلب الثاني : المتابعة والجزء :
أولا: المتابعة :
تخضع المتابعة في هذه الجريمة للقواعد العامة لتحريك الدعوى العمومية إذ يمكن للنيابة القيام بالمتابعة بمجرد قيام أركان الجريمة ولا تخضع لأي قيد يغل يدها عن ذلك.
ثانيا : الجزاء :
I. العقوبات :
يميز المشرع من حيث العقوبات بحسب صورة الإجهاض وتركيبته سواء تعلق الأمر بالعقوبات الأصلية أو العقوبات الأخرى.
1- صورة المرأة التي تجهض نفسها: (المادة 309)
أ-العقوبات الأصلية : تعاقب المادة 309 المرأة التي تجهض نفسها أو تشرع في ذلك بالحبس من 06 أشهر إلى سنتين وبغرامة من 250 إلى 1000دج.
ب-العقوبات التكميلية : يجوز الحكم على الجاني بالمنع من الإقامة وذلك لمدة لا تتجاوز 05 سنوات طبقا للمادة 12/2 من قانون العقوبات.

2- صورة إجهاض المرأة من قبل الغير : ( المواد 304، 305 و306)
أ- العقوبات الأصلية : تعاقب المادة 304 كل من أجهض امرأة أو شرع في ذلك بالحبس من سنة إلى 05 سنوات وبغرامة من 500 إلى 10.000دج.
وإذا أفضى الإجهاض إلى الموت تكون العقوبة السجن المؤقت من 10 سنوات إلى 20سنة.
ب-العقوبات التكميلية: يجوز الحكم على الجاني بالمنع من الإقامة و ذلك لمدة لا تتجاوز 05 سنوات طبقا للفقرة الثانية من المادة 12 من قانون العقوبات.
ج-تدابير الأمن: إذا كان الإجهاض من قبل الأطباء،الصيادلة،القابلات، جراحي الأسنان وشبه الطبيين وطلبة الطب بمختلف فروعه وتخصصاته أو تم بتدبيرهم أو مساعدتهم تجيز المادة 306 الحكم على الجاني علاوة على العقوبات المنصوص عليها في المواد 304، 305 عند الاقتضاء بتدبير من تدابير الأمن يتمثل في حرمانه من ممارسة مهنته لمدة لا تتجاوز 05 سنوات ويجوز أن يأمر بالنفاذ المعجل لهذا التدبير وفقا لنص المادة 23 من قانون العقوبات.
وقد يحصل أن تكون المرأة التي تجهض نفسها طبيبة أو قابلة أو صيدلية أو جراحة أسنان أو طالبة في هذه الاختصاصات أو تنتمي للسلك الشبه الطبي، الراجح عندئذ أنها لا تخضع لحكم المادة 306 وإنما للمادة 309  أين تأخذ حكم المرأة التي تجهض نفسها لا للحكم المنصوص عليه في المادة 309 والخاص لصفة الأطباء وأشباههم.
د-الظروف المشددة : تشدد عقوبة الحبس في صورة إجهاض المرأة من قبل الغير في حالة الاعتياد على ممارسة الإجهاض أو على المساعدة عليه فترفع على النحو التالي :
تضاعف عقوبة الحبس المقررة في المادة 304/01 وهي من سنة إلى 05 سنوات فتصبح من سنتين إلى 10 سنوات.
إذا أقضى الإجهاض إلى الموت ترفع عقوبة السجن المؤقت المقررة في المادة 304/02 وهي من عشرة إلى 20 سنة إلى الحد الأقصى.
في كل الأحوال فإن المادة 311 من قانون العقوبات تقضي بالحكم على الجاني بقوة القانون بالمنع من ممارسة أي مهنة أو أداء أي عمل بأية صفة كانت في المؤسسات العمومية أو الخاصة للتوليد أو لأمراض النساء مثل المستشفيات والعيادات ودور الولادة.

وتجدر الإشارة إلى أن حكم المادة 311 يختلف عن حكم المادة 309 من عدة نواحي.
الاختلاف الأول: يكمن في أن المادة 306 تقضي بحرمان الجاني من ممارسة مهنته فحسب في حين تقضي المادة 311 بالمنع من ممارسة أي مهنة أو أداء أي عمل في المؤسسات العامة.
الاختلاف الثاني: يتمثل في كون حكم المادة 306 محصور في الأطباء وما شابههم في حين تطبق المادة 311 على كل من ارتكب جريمة ذات صلة بالإجهاض.
تطبيق حكم المادة 311 بقوة القانون في حين أن حكم المادة 306 جوازي.

3- صورة التحريض على الإجهاض :
تعاقب المادة 310 على التحريض على الإجهاض بالحبس من شهرين إلى 03 سنوات وبغرامة من 500 إلى 10.000دج أو بإحدى هاتين العقوبتين.
- الإجهاض المرخص به :
لقد نص المشرع الجزائري على حالة لعدم العقاب على الإجهاض وهي الحالة التي أشارت إليها المادة 308 والتي تنص على: لا عقوبة على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة إنقاذ حياة الأم من الخطر متى أجراه طبيب أو جراح في غير خفاء وبعد إبلاغ السلطة الإدارية .
 وهذه الحالة عبارة عن حالة الضرورة، وهي الحالة التي لم يردها قانون العقوبات الجزائري ضمن موانع المسؤولية.
كما قضت المادة 72 من القانون رقم 85/05 المؤرخ في 16/02/1985 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها على ما يأتي : يعد الإجهاض لغرض علاجي عندما يكون ضروريا لإنقاذ حياة الأم من الخطر أو للحفاظ على توازنها الفيزيولوجي أو العقلي المهدد بخطر، ويتم الإجهاض في هيكل متخصص بعد فحص طبي يجرى بمعية طبيب اختصاصي.
وهكذا فإن قانون الصحة أرشد على مكان إجراء الإجهاض المرخص به وشروط إجرائه .


المبحث الثاني : جريمة قتل طفل حديث العهد بالولادة :
إن قتل طفل حديث العهد بالولادة من إحدى الجنايات التي تطورت في التقاليد  كما في النصوص القانونية، إذ كان يقتل الأطفال الرضع كما يقتل العجزة من أجل تخفيف عدد الأشخاص الذين يشكلون أعباء للإعالة، ويضحى بالفتيات لأنها أكثر من الصبية عبئ على العائلة، ومن تم يأخذ الجرم طابعا دينيا كما في قرطاجة، أو اجتماعيا كما في أثينا وروما وبعد تطورات كثيرة أصبح قتل الطفل الرضيع فعلا جنائيا واعتبر كجريمة قتل .
انقسمت التشريعات الوضعية حول إعطاء طابع خاص لهذه الجريمة فبعضها لا تحتوي على أحكام خاصة بها وتطبق النصوص العادية الخاصة بالقتل العمد أما الأخرى فتعطي لقتل الطفل طابعا خاصا وهذا  ما ذهب إليه المشرع الجزائري الذي سار على نجه المشرع الفرنسي وأعتبر الطفل حديث العهد بالولادة غير صالح لأن يكون محل لجريمة الفتل العمد بل إعدامه مشكل لجريمة قائمة  بذاتها ، ونصت على هذه الجريمة المادة 259 من قانون العقوبات بقولها: قتل الأطفال هو إزهاق روح طفل حديث العهد بالوالدة وسنبين خصوصية هذه الجريمة من خلال الوقوف على أركانها والعقوبة المقررة لها.

المطلب الأول : أركان الجريمة: تتكون هذه الجريمة من ركن مادي ركن معنوي :
أولا: الركن المادي : لقيام هذا الركن يجب توفر ثلاث عناصر:
1- السلوك الإجرامي.
2- أن يكون القتل وقع من الأم
3- أن يكون المجني عليه طفل  حديث العهد بالولادة.
1/ السلوك الإجرامي :
هو النشاط الذي يقوم به الفاعل لتحقيق النتيجة المعاقب عليها وقد يكون هذا النشاط إيجابي أو سلبي تترتب عليه وفاة الطفل و يأخذ مظهرين :
أ- مظهر إيجابي: يتمثل في فعل مادي يؤدي إلى الوفاة كالخنق، الإغراق أو استعمال أداة حادة.
ب- مظهر سلبي: يتمثل في اتخاذ موقف سلبي تجاه المولود من شأنه أن يؤدي إلى وفاته كالامتناع عن إرضاعه أو عدم ربط الحبل السري أو تعريضه للبرد إلا أن قتل طفل حديث العهد بالولادة بالامتناع يبقى محل نظر في التشريع الجزائري الذي أفرد تجريما خاصا لمثل هذه الأفعال بعنوان ترك الأطفال والعاجزين المؤدي إلى الوفاة مع توفر نية إحداثها وهو الفعل المنصوص و المعاقب عليه بالمادة 318 من قانون العقوبات في حين اعتبر القضاء أن هذا القتل قد يحصل بالامتناع إذ جاء في القرار الصادر بتاريخ 04 جانفي 1983 في ملف رقم 30100 أنه لا يشترط القانون لتطبيق المادة 259من قانون العقوبات أن يكون السلوك الإجرامي للأم فعلا إيجابيا وإنما يمكن أن يكون امتناعا كعدم ربط الحبل السري للوليد وعدم الاعتناء به والإمتناع عن إرضاعه.

2/ أن يكون القتل وقع من الأم :
يستوجب القانون لقيام الجريمة توافد عنصر الأمومة إذ يجب أن يكون القتل وقع من الأم وهذا ما قررته المادة 261 فقرة 2 من قانون العقوبات ولا يميز قانون العقوبات بين الولد الشرعي وغير الشرعي فالمرأة التي تقتل وليدها الناتج عن زواج شرعي تعاقب بنفس العقوبة التي تعاقب بها المرأة أو الفتاة التي تعتمد قتل وليدها الناتج من زنا أو علاقة جنسية غير شرعية  في حين تشترط بعض التشريعات المقارنة أن يكون القتل قد وقع على وليد حملت به أمه سفاحا وان يكون القتل اتقاء العار لا غير كما ذهب إليه التشريع اللبناني.
ولا نطبق أحكام المادة 259 من قانون العقوبات على غير الأم مهما ربطته بها علاقة كالزوج، الأخ ، الأب، الأخت ،العم، الخال وذلك نتيجة للظروف النفسية والبيولوجية والإجتماعية التي تعيشها الأم عند وضعها للطفل خوفا من العار أو تحت تأثير أي دافع آخر.
وعليه يستوجب إظهار صفة الأمومة للجانية في الأسئلة المتعلقة بالإدانة.

3/ أن يكون الطفل حديث العهد بالولادة :
- لم يحدد المشرع المقصود بالطفل حديث العهد بالولادة وبذلك يدور التساؤل حول تحديد النطاق الزمني الذي يعتبر فيه الطفل حديث العهد بالولادة وتحديد اللحظة الزمنية التي ينتهي فيها عن المولود وصف الطفل حديث العهد بالولادة ويصبح الإعتداء عليه مشكل لجريمة قتل، باعتبار أن واقعة الميلاد هي الخط الفاصل بين الجنين الذي يعتبر قتله إجهاضا والإنسان الذي يعتبر إعدامه فتلا.
- في الإجابة على هذا السؤال يتفق الفقه على أن تحديد لحظة إنتهاء العهدة بالولادة متروك لقاضي الموضوع لتحديدها وتأسيسا على علة المشرع من وضع تجريم خاص لهذا الفعل وهي الحالة النفسية والبيولوجية والإجتماعية التي تعيشها الأم عند وضعها للطفل كما أشرنا سابقا، أم إذا انتهى انزعاج الأم واضطرابها و استعادت حالتها النفسية المعتادة سقط القتل الواقع على المولود تحت قبضة النصوص العادية المجرمة للقتل ، و قد قضي قي فرنسا أن هذه المهلة تنتهي بانقضاء أجل الثلاث أيام المقررة لإعلان الميلاد وهي خمسة أيام في قانون الحالة المدنية في الجزائر إذ بتسجيل المولود في سجلات الحالة المدنية تشيع ولادته ويستفيد عندئذ من الحماية القانونية ، وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض الفرنسية أن الطفل حديث العهد بالولادة هو الذي لم تصبح بعد ولادته شائعة أو معروفة .
- ولتحقق الجريمة يكفي أن يكون الطفل ولد حيا وليس من الضروري أن يكون قابلا للحياة إذا أن القانون الجنائي يحمي المولود خلال لحظات الحياة التي تمنح إليه ويكفي أن يكون الطفل قد عاش وعلى النيابة إثبات أن الطفل ولد حيا وقد تنفس خارج رحم أمه وعليه قضي أن ميلاد الطفل حديث العهد بالولادة حيا يعتبر عنصر لقيام جناية قتل طفل حديث العهد بالولادة من قبل أمه ، إذ جاء في القرار الجنائي الصادر بتاريخ 18 جانفي 1983  عن المجلس الأعلى  أنه تتحقق جناية قتل طفل حديث العهد بالولادة من قبل أمه بتوافر العناصر التالية:
- أن يولد الطفل حيا.
- أن تقوم الجناية بفعل يؤدي حتما إلى وفاة المولود كعدم ربط حبله السري مثلا.
- أن تكون الجانية أم الطفل.
- القصد الجنائي.
كما  جاء في القرار الصادر  بتاريخ 21 أفريل 1987 ملف رقم  46163 أن عدم العثور على جثة الطفل المقتول لا ينفي حتما قيام الجريمة طالما محكمة الجنايات اقتنعت أن الطفل ولد حيا وان أمه هي التي أزهقت روحه عمدا.

ثانيا: الركن المعنوي :
تقتضي جريمة قتل طفل حديث العهد بالولادة توفر القصد الجنائي وهو نية الأم في إزهاق روح ابنها الحديث العهد بالولادة ولا يأخذ المشرع الجزائري بالدافع إلى ارتكاب الجريمة في حين تشترط بعض التشريعات المقارنة كالتشريع اللبناني أن يكون للأم القصد خاص وهو نية اتقاء العار ولا تتوفر هذه النية إذا كانت الأم قد جاهرت بحملها غير الشرعي.


المطلب الثاني : المتابعة والجزاء :
أولا- المتابعة :
لا تخضع المتابعة من أجل قتل طفل حديث العهد بالولادة لأي قيد وتقوم النيابة بتحريك الدعوى العمومية بمجرد أن يصل إلى علمها قيام الجريمة بعناصرها.
ثانيا- الجزاء :
نصت المادة 261 فقرة 2 من قانون العقوبات على أن تعاقب الأم سواء كانت فاعلة أصلية أو شريكة في قتل ابنها  حديث العهد بالولادة بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة على أن لا يطبق هذا النص على من ساهموا أو اشتركوا معها في ارتكاب الجريمة.وعليه فإن المشرع ميز بين حالتين :
1-إذا كانت الأم فاعلة أصلية في الجريمة أو شريكة في قتل ابنها حديث العهد بالولادة كانت العقوبة بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة.
2-إذا كان الغير فاعل أصليا أو شريكا في هذه الجريمة فإن العقوبة تكون بحسب نوع القتل(قتل عمد المادة 263/3 من قانون العقوبات أو قتل مع سبق الإصرار والترصد المادة 261 من قانون العقوبات) .
وعلة المشرع في تمييز عقوبة الأم عن عقوبة الغير يرجع لظروف شخصية خاصة بالأم وهي نفسها التي جعلته يتدخل بتجريم خاص لقتل طقل حديث العهد بالولادة والتي تمت الإشارة إليها سابقا، مما يجعل التخفيف المقرر للأم لا ينصرف إلى غيرها من فاعلين أصليين أو شركاء. 

look/images/icons/i1.gif بحث الجرائم الماسة بالاسرة
  24-04-2021 08:44 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 25-03-2016
رقم العضوية : 5330
المشاركات : 43
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 30
المستوي : ماجستير
الوظــيفة : طالب
المبحث الثالث: جريمة ترك الأطفال وتعريضهم للخطر
– من الجرائم الواقعة على الأسرة في قانون العقوبات الجزائري جريمة ترك الأبناء في مكان خال أو غير خال من الناس، وهي الجريمة التي تستلزم توافر أركان وشروط لكي يمكن متابعة و إدانة مرتكبيها وهو ما سنتطرق إليه في ما يلي من خلال إبراز صورتي هذا الفعل المتمثلة في تعريض الطفل للخطر (م 314 ق.ع) وهي الصورة الأولى. والتحريض على التخلي عن الطفل (م 320 ق.ع) وهي الصورة الثانية. نتطرق إليهما في مطلبين فنبين في الأول أركان الجريمة وفي الثاني المتابعة والجزاء لكل صورة من الصورتين.
المطلب الأول : أركان الجريمة
نتطرق بالدراسة إلى أركان الجريمة المتمثلة في الركن المادي والركن المعنوي بالنسبة لكل صورة من الصورتين كما يلي:
أولا: الصورة الأولى : تعريض الطفل للخطر: (م314 ق.ع)
وهو الفعل المنصوص والمعاقب عليه بالمواد 314 إلى 318 من قانون العقوبات، هذه الجريمة وثيقة الصلة بجريمتين أخريين، فلها ارتباط بحرمان القصر من العناية والغذاء المنصوص والمعاقبة عليها بنص المادة 269 من قانون العقوبات، كما تدخل أيضا ضمن الجرائم الموجهة ضد رعاية الطفل وتتوسط جريمتي عدم تسليم الطفل وتحويله (م327، 328ق.ع) لأن القانون يعاقب على تعريض الطفل أي التخلي عنه باعتباره عملا يتنافى وواجب الحضانة الواقع على عاتق الحاضن، كما أن القانون يحمي صحة الأطفال ويعاقب على تعريضها للخطر.
وتجدر الإشارة أن التوفيق بين هاذين الاعتبارين يتم من خلال التمييز في العقوبة بحسب المكان الذي يتعرض فيه الطفل للخطر وعليه نتناول في ما يلي إلى أركان هذه الجريمة وشروطها .
I. الركن المادي :
– يتمثل هذا الركن في نقل الطفل من مكان آمن والذهاب به إلى مكان أخر خال تماما من الناس أو غير خال ثم تركه هناك وتعريضه للخطر، وهو عنصر يتم تكوينه بمجرد الانتهاء من عملية النقل والترك دون حاجة إلى إثبات أي تصرف أخر ودون حاجة إلى البحث عن الحالة، التي كان عليها الضحية ولا عن الوسيلة التي تم نقله بواسطتها لذلك فإن الجريمة تقوم في حق من ترك طفلا أمام باب ملجأ أو مسجد أو جمعية خيرية ولو كان ذلك على مرأى من الناس.
وقد قضي في فرنسا بقيام هذه الجريمة في حق أم تركت ولدها عند أحد الأشخاص على أن تعود إليه فاختفت ولم تعد إليه، وهناك من يصف هذه الجريمة باعتبارها تهربا من الالتزامات والوجبات القانونية نحو الطفل والمترتبة عن الحضانة
– إن هذه الجريمة نص عليها القانون الفرنسي في المواد من 349 إلى 365 من قانون العقوبات والمتمثلة في التخلي أو ترك أو تشريد الطفل أو غير القادر الذي لا يستطيع أن يحمي نفسه بنفسه بسبب حالته الجسدية أو الذهنية في نظام قانون العقوبات الفرنسي القديم. كما يجب من أجل تشكيل الجريمة اجتماع ظرفين هما:
الطرح والتخلي وقد اتفق الفقه والاجتهاد على ذلك، لكن أكثرية التشريعات الأجنبية الأخرى كانت تجرم احد الفعلين فكانت تعاقب على الطرح ولو لم يتبعه تخلي، وعلى التخلي ولو لم يسبقه طرح، من هاتين الطريقتين المختلفتين في فهم التجريم لقد اعتمد القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 19 أفريل 1898م الطريقة الثانية وأن المواد 349 إلى 352 من قانون العقوبات تعاقب على الطرح والتخلي معا، لذا فإنه يهمنا أكثر أن نعرف في هذا الصدد ما يقصده القانون بهذين التعبيرين
- إن التخلي بموجب التفسير الذي هيمن قبل صدور قانون 19 أفريل 1892م ترك الطفل دون أن يحضنه أحد ودون أن يتأكد لان أحدهم قد حضنه أو اعتناء به.
- إن عرض الطفل وهو وضعه في مكان غير المكان الذي يوجد الأشخاص الملزمين بالاعتناء به، فالقانون الفرنسي الذي يعتبر المصدر التاريخي لقانون العقوبات الجزائري يعاقب على الحرمان من كل إرشاد ومن كل رقابة للطفل والقيام بالحرمان من الرقابة ومن الانتباه ومن عناية الأشخاص الذين يكونون على مسؤولياتهم قانونا، نستنتج من ذلك أن القيام بإعطاء طفل لشخص ما أو لجار أو الذهاب بغية عدم الرجوع يشكل العنصر المادي لجريمة التخلي عن الطفل.
– إن نظام قانون 1892م يكرس في الواقع التزامين يفرضان على الوالدين وهما واجب الحراسة والمراقبة في ما يخص الأطفال، وواجب عدم التخلي عنهم.
– المادة 369 من قانون العقوبات الفرنسي تعاقب بالحبس من يعرض أو قد يعمل على تعريض أو يقوم بالتخلي، أو يعمل على التخلي في مكان منعزل عن طفل أو رضيع لا يمكن أن يحمي نفسه بنفسه بسبب حالته الجسدية أو الذهنية، ومن ثم فإن العناصر المادية للجريمة أربعة وهي:
1- القيام بالتعريض أو التخلي : ففي حين أنه في نظام قانون العقوبات الفرنسي كان اجتماع الظرفين بذاته ضروريا إلا أن المادة 369 من قانون العقوبات الفرنسي الجديد تعاقب التعريض بذاته والتخلي حتى ولو لم يسبقه تعريض للخطر.
2- العنصر الثاني وهو التعريض والتخلي : الترك أو التعريض للخطر الذي يحصل في مكان منعزل أو غير منعزل خال أم غير ذلك ويلاحظ أن قانون العقوبات الجزائري لم يحصر ضحية هذه الجريمة في الطفل فقط بل وسعها إلى كل عاجز بسبب حالته البدنية كبر السن أو عاهة أو بسبب حالته العقلية معتوه أو مجنون.
3- العنصر الثالث هو عدم قدرة الضحية على حماية نفسها بنفسها وفي هذا الصدد يوجد تجديدان في قانون 1898م، من جهة لقد كان القانون الفرنسي القديم يهتم فقط بالتخلي عن الطفل في حين أن النص الجديد يتطرق للرضيع والمعتوه والمعاق، وعدم القدرة على حماية النفس بسبب صغر السن أو بسبب عيب أو عاهة في جسمه كأن يكون معطل استعمال اليدين أو الرجلين أو العينين وإما بسبب خلل في عقله كأن يكون مجنونا لا يميز بين ما يضره وما ينفعه ولا يستطيع إنقاذ نفسه من أي خطر قد يتعرض له .
ويرى الأستاذ عبد العزيز سعد أن ترك الطفل في مكان خال يعد شرطا من شروط تكوين جريمة ترك الأبناء في مكان خال وتعريضهم للخطر، والمكان الخال هو المكان الذي لا يوجد فيه الناس ولا يطرقونه عادة، ولا يتوقع أن يؤمه بنو الإنسان إلا نادرا، وهي الحالة التي يحتمل معها حالة الولد دون أن يعثر عليه من يسعفه أو ينجيه، أو يقدم له يد المساعدة من الخطر الذي يمكن أن يداهمه أو الضرر الجسيم الذي يمكن أن يتعرض له
إلا أن الأستاذ أحسن بوسقيعة يرى أن المادة 314 من قانون العقوبات لم تعتبر مكان ترك الطفل سواء في مكان خال أم لا شرطا أو ركنا من أركان الجريمة، بل هي مجرد ظروف مكانية تأثر في العقوبة بالتشديد أو بالتخفيف ولا أثر لها على قيام الجريمة وهذا ما تؤكده المادة 316 من قانون العقوبات التي تعاقب على ترك الطفل وتعريضه للخطر في مكان غير خال من الناس ولكن بعقوبات أخف من تلك المقررة في المادة 314 من قانون العقوبات التي تعاقب على ترك الأطفال وتعريضهم للخطر في مكان خال من الناس.
وفي هذا الصدد يجدر بنا الإشارة إلى قرار صدر عن المحكمة العليا الغرفة الجزائية الأولى تحت رقم 10021 بتاريخ 26/03/1974 الذي جاء فيه ما يلي:” تشترط الجريمة المنصوص عليها بالمادة 316 من قانون العقوبات لتطبيقها ترك الطفل في مكان غير خال من الناس قصد التخلص منه بصفة نهائية لذلك لا تحقق الجريمة بالنسبة للجدة التي سلمت حفيدها الصغير إلى أبيها بطلب من أمها التي أصبحت غير قادرة على الاعتناء بها” .
II. الركن المعنوي :
– تتطلب هذه الجريمة توافر القصد الجنائي، إلا أن ما يتحكم في العقوبة هو النتيجة المترتبة عن الفعل وليس القصد الجنائي الذي لا أثر له في درجة العقوبة غير أن الأستاذ عبد العزيز سعد يرى أن مجرد توفر الركن المادي وشروط الجريمة يعفي من البحث عن نية الفاعل وقصده، إذ يرى أن القانون لم يجعل من النية أو القصد الجرمي ركنا متميزا إلى جانب الأركان الأخرى وذلك ما دام لم ينتج عن هذا الفعل أية مضاعفات خطيرة إلا أن هذه الجريمة تتطلب على الجاني بجميع أركانها ما يتطلبها القانون و اتجاه إرادته الحرة إلى تعريض الطفل للخطر والتخلي عنه وأن تكون هذه الإرادة لم يمسها عيب كالإكراه المادي أو المعنوي الذي قد يعيب الإرادة أحيانا وقد يعدمها أحيانا أخرى.
– ويرى الفقيه روني غاور أن العنصر المعنوي للجريمة يكمن في نية عدم القيام بالعناية التي تفترضها حراسة الطفل أو الرضيع وأن أفعال التعريض بالخطر والتخلي إذا ما ارتكبت بنية جعل الطفل يختفي نكون بصدد اختفاء الطفل، أما إذا حصل ذلك بنية قتله وذلك عبر حرمانه من العناية سيشكل الفعل عندئذ قتلا عمديا أو محاولة قتل أو أخيرا إذا ارتكب الفعل بنية غير محددة أي بنية إيذائه سيقع الفعل تحت وقع الأحكام المضافة لنص المادة 312 من قانون العقوبات الفرنسي الصادر بتاريخ 19 أفريل 1998.
ثانيا: الصورة الثانية : التحريض على التخلي عن طفل (م320 ق.ع)
تتمل هذه الصورة في حمل الغير على ترك الطفل وتعريضه للخطر، وهي وجه من أوجه التحريض وتشكل جريمة يعاقب عليها القانون بصفة مستقلة، كما يعاقب على الفعل في حد ذاته، وقد ظهرت هذه الجريمة المنصوص والمعاقب عليها بالمادة 320 من قانون العقوبات والتشريع الفرنسي إثر تعديل قانون العقوبات بموجب الأمر الصادر في 23/12/1958 وذلك بعد الإصلاحات التي عرفها نظام التبني في فرنسا وتشمل هذه الصورة ثلاثة أشكال :
– الشكل الأول يتمثل في تحريض الوالدين أو أحدهما على التخلي عن طفلهما المولود أو الذي سيولد وذلك بنية الحصول على فائدة، أما الشكل الثاني فيتمثل في الحصول على عقد من الوالدين أو من أحدهما يتعهدان بمقتضاه بالتخلي عن ولدهما الذي سيولد أو الشروع في ذلك وكذا حيازة مثل هذا العقد أو استعماله أو الشروع في استعماله، وأما الشكل الثالث فيتمثل في التوسط للحصول على طفل بنية التوصل إلى فائدة أو الشروع في ذلك، وسنتطرق إلى هذه الأشكال بشيء من التفصيل لاحقا.
وتختلف هذه الجريمة نوعا ما عن الجرائم التي سبق الحديث عنها، وذلك من حيث أن عقوبة هذه الجريمة لا تسلط على الأب والأم بسبب تخلي أحدهما عن طفله الصغير إلى الغير وإنما تسلط على شخص أخر غيرهما سيلعب دورا إيجابيا وفعالا في دفعهما أو دفع أحدهما إلى التخلي عن ولده لمصلحة هذا الغير وإلى هذا المعني أشارات المادة 320 من قانون العقوبات حين نصت علي ما يلي :” يعاقب بالحبس من شهرين إلى 06 أشهر وبغرامة من 500 إلى 20.000دج:
1- كل من حرض أبوين أو أحدهما على التخلي عن طفلهما المولود أو الذي سيولد، وذلك بينة الحصول على فائدة.
2- كل من تحصل من أبوين أو من إحدهما على عقد يتعهدان بمقتضاه بالتخلي عن طفلهما الذي سيولد أو شرع في ذلك، وكل من حاز مثل هذا العقد أو استعمله أو شرع في استعماله.
3- كل من قدم وساطته للحصول على طفل بنية التوصل إلى فائدة أو شرع في ذلك.
– مع الملاحظة أن كل شكل من هذه الأشكال كاف لوحده أن يشكل جريمة مستقلة ومتميزة عن غيرها عندما تتوفر العناصر اللازمة لتكوينها وهي الصورة التي سنتناولها في ما يلي:
I. الشكل الأول : تحريض الوالدين أو أحدهما عن التخلي عن طفلهما المولود أو الذي سيولد وذلك بنية الحصول على فائدة:
تتفق هذه الصورة في بعض جوانبها مع جريمة حمل الغير على ترك الطفل المنصوص عليها بالمادة 314 من قانون العقوبات، وما يميزها عن بعضها هو نية الحصول على فائدة التي لولاها لذابت الأولى في الثانية، أما الميزة الأخرى فتتمثل في كون هذه الصورة غير مقصورة على الطفل المولود فقط وإنما تعني أيضا الطفل الذي سيولد لذا يمكننا استنتاج عناصر هذه الصورة التي تتمثل في ما يلي:
1- العنصر المادي : وهو العنصر المتمثل في قيام شخص معين بالعمل على تحريض وإغراء احد الوالدين أو كليهما ودفعهما بشتى الوسائل والأساليب المادية والمعنوية إلى أن يتخلى أو يتخليا له عن إبنهما المولود أو الذي سيولد في المستقبل، ويسلمانه له أو لغيره تسليما ماديا وحسيا بمقابل أو بدون مقابل.
2- عنصر البنوة : وهو عنصر يتمثل في وجدود علاقة بنوة شرعية بين الطفل المتخلي عنه وبين أحد الوالدين الذي كان محلا للإغراء أو التخلي عليه من أجل تخليه عن طفله الصغير.
3- عنصر نية الحصول على منفعة(العنصر المعنوي) : وهو ثالث عنصر يتطلبه القانون لقيام جريمة هذه الصورة، وهذه الحالة من حالات وصور جريمة التحريض على التخلي على الأبناء ويتمثل في الغاية أو النية الجرمية أو الهدف الأساسي الذي يبتغيه المحرض وهو عنصر أو ركن معنوي يمكن لقاضي الموضوع أن يستخلصه من كل الظروف والملابسات المحيطة بالواقعة أو الوقائع موضوع المتابعة، لذا فإن هذه الجريمة تتكون ماديا بمجرد توفر هذه العناصر الثلاثة، ويمكن أن يدان مقترفها وأن يسلط عليه العقاب تنفيذا للبند الأول والفقرة الأولى من المادة 320 من قانون العقوبات.
II. الشكل الثاني :
ويتعلق الأمر بالحصول على عقد من الوالدين أو من أحدهما يتعهدان بمقتضاه بالتخلي عن ولدهما الذي سيولد أو الشروع في ذلك وكذا حيازة مثل هذا العقد أو استعماله أو الشروع في استعماله، فما يميز هذه الصورة عن سابقتها هو غياب نية الحصول على فائدة، وتقوم هذه الصورة على عقد أيا كان شكله يبرمه الجاني مع امرأة حامل أو زوجها يتضمن تعهد الوالدين بالتخلي عن الولد الذي سيولد.
وتجدر الإشارة إلى أن الممارسات التي بموجبها تقبل المرأة حمل طفل عن طريق التلقيح الاصطناعي على أن تتنازل عنه عند ولادته لامرأة أخرى أو لزوجين تتضمن بالضرورة عقد أيا كان شكله يتعهد بمقتضاه أحد الوالدين بالتخلي عن الطفل الذي سيولد.
وفي هذا الصدد أصدر مجلس الدولة الفرنسي قرار بتاريخ 22/01/1988 قضى فيه بعدم شرعية محل جمعيات الأمهات اللواتي تحملن أطفالا من أجل الغير وقد جاء في هذا القرار ما يلي:” يعد الاتفاق الذي تتعهد بموجبه امرأة ولو بدون مقابل بحمل طفل للتخلي عنه بعد ولدته مخالفا لمبدئي النظام العام وعدم قابلية الجسم والبشري للتصرف فيه ويتعرض من يتحصل على مثل هذا العقد للعقوبات المقررة في المادة 353 من قانون العقوبات الفرنسي”
ولهذا يتعين توضيح عناصر هذه الصورة الجرمية كما يلي:
1- العنصر المادي: وهو العنصر المتمثل في توجه شخص معين إلى الأم أو الأب أو إليهما مجتمعين ويستكتبهما أو يستكتب أحدهما ويطلب منه تحرير وثيقة رسمية أو عرفية يتعهد فيها بأنه سيتخلى له أو لغيره نهائيا عن طفله أو ابنه الذي سيولد مستقبلا وينشأ هذا العنصر بمجرد الفراغ من تحرير الوثيقة.
2- عنصر الأبوة والأمومة: وهو العنصر المتمثل في قيام علاقة أبوة أو أمومة بين الطفل المتعهد بالتخلي أو التنازل عنه من جهة وبين محرر أو محررة وثيقة التعهد بالتنازل من جهة أخرى، لأن تخلف هذا العنصر سينتج عنه حتما عدم توفر كافة العناصر المطلوبة ليقام هذه الجريمة، وبالتالي عدم قيام الجريمة ذاتها.
– ويرى الأستاذ عبد العزيز سعد أن ما يمكن ملاحظته في هذا المجال هو أن وقائع حيازة الوثيقة التي تتضمن تعهدا كتابيا بين الوالدين أو من أحدهما، ووقائع استعمال هذه الوثيقة أو الشروع في استعمالها كافية وحدها كعنصر مادي لقيام هذه الجريمة إذا صاحبها العنصر المعنوي وهو علم الحائز أو المستعمل بمحتواها وبالغرض من تحريرها، ولا داعي للبحث عن عناصر أخرى لإدانة ومعاقبة المتهم، وفقا لما ورد النص عليه في البند 02 والفقرة الأولى من المادة 320 من قانون العقوبات وإذا كان عنصر العلم لم يرد عليه نص صريح في القانون .
III. الشكل الثالث :
يتمثل في التوسط للحصول على طفل بنية التوصل إلى فائدة أو الشروع في ذلك، فتعتبر هذه الصورة وسيلة من وسائل ارتكاب جرائم تحريض الوالدين على التنازل عن أبنائهما لفائدة الغير وتتمثل في أن يقوم شخص بالوساطة بين الأبوين أو بين أحدهما وبين شخص ثالث فيوصلهما ببعضهما ويقوم بالمساعي التمهيدية أو التنفيذية بقصد جعل الأطراف أو الطرفين يتفقون ويتواعدون على أن يتخلى الوالدين أو أحدهما عن طفلهما الذي ولد أو الذي سيولد مستقبلا وذلك من أجل تحقيق فائدة للوسيط أو الغير، وبقطع النظر عن نوع الفائدة أو مقدراها أو عمنّ يتحصل عليها من أطراف العقد أو الوعد، وتقوم هذه الصورة من الجريمة على العناصر التالية:
1- العنصر المادي : وهو العنصر المتمثل في أن يعرض شخص وساطته بين الأبوين أو أحدهما وبين شخص أخر ويقوم بالمساعي الموصلة أو المؤدية إلى تهيئة الجو المناسب وإنجاز الغرض المطلوب حتى ولو لم تحصل النتيجة المرجوة فعلا، لأن القانون يعاقب على مجرد الوساطة.
2- العنصر المعنوي : يتمثل هذا العنصر في أن يصاحب فعل الوساطة نية الحصول على طفل بقصد التوصل إلى فائدة أو الشروع في ذلك دون تحديد نوع الفائدة ولا لخصائصها.
3- عنصر الغاية : يتمثل هذا العنصر في أن تكون الغاية من الوساطة هي تحقيق تنازل الوالدين أو أحدهما عن طفله الحديث العهد بالولادة أو الذي سيولد مستقبلا وأن يكون الهدف من ذلك تحقيق منفعة من وراء فعل الوساطة بقطع النظر عن كون الوساطة كانت منتجة أو غير منتجة .
– ويرى الأستاذ الفقيه روني غارو “RENET GARRAUT ” أن التدخل (التحريض) في جريمة تعريض طفل لخطر والتخلي عنه في مكان خال أو غير خال من الناس يخضع لأحكام القانون العادي (القواعد العامة للتحريض م 41، 45، 46 من قانون العقوبات) والتي تقابلها المادتان59، 60 من قانون العقوبات الفرنسي، وينتج عن ذلك أن كل من يحرض على ارتكاب الجريمة عبر الوعود والهبات ويتجاوز السلطة أي قد يعطي التعليمات بنية ارتكاب الجريمة يعاقب بالعقوبة نفسها التي تنزل بالفاعلين، ويتساءل الفقيه أن هناك أعمال التحريض مصنفة في القانون العادي فهل يكون من اللازم ومن النافع الإعلان عنها كقابلة للعقاب في نص صريح في المادة 349 من قانون العقوبات الفرنسي؟ ويعتقد الفقيه أن من أعطى أمرا بتنفيذ الجريمة يقوم بذلك عبر تجاوز لحد السلطة يصبح بالتالي متدخلا في الجريمة المنفذة (محرض) بحيث أنه ليس من الضروري أن نعيد في نص المادة 349 من قانون العقوبات الفرنسي الأحكام العامة للقانون العادي حول التدخل (أي التحريض)، ويضيف الفقيه أنه قد يكون من الغلط أن نظن أن الأمر الذي تتحدث عنه المادتان 349، 350 من قانون العقوبات يشكل دائما تجاوزا للسلطة وأنه عبر هذا التعبير لم يعن القانون فقط أمر التابع للمتبوع، كما هو الحال بالنسبة لرب العمل والمستخدم، بل عنى بذلك ما يسميه علماء الجريمة بالتفويض، أي العرض الذي يقام بهدف ارتكاب جريمة معينة إذا نفذ الأمر أو التفويض أي الفعل المادي الذي يرتبط به عمل التحريض فإن من قام بإعطاء الأوامر أو التفويض يعاقب حتى ولو لم يحصل تجاوز لحد السلطة ولو لم يرافق التفويض بهبات ووعود .
– وما يمكن أن نستخلصه في الأخير هو أن تحقيق وقائع أية صورة من هذه الصور الثلاثة-التي تم التطرق إليها-مشتملة على العناصر المكونة لها تكفي وحدها لقيام الحالات الجرمية المنصوص عليها في البنود 3.2.1 والمعاقب عليها بنص الفقرة الأولى من المادة 320 من قانون العقوبات، وكل ذلك بغرض الحفاظ على تماسك الأسرة وبغرض حماية الأبناء الصغار ذكورا وإناثا من كل اعتداء ومن تحويلهم إلى مادة أو بضاعة قابلة للتصرف فيها
المطلب الثاني : المتابعة والجزاء
اولا المتابعة
– لا تخضع المتابعة في هذا النوع من الجرائم، وفي هذه الجريمة بالتحديد إلى قيود كالشكوى أو الإذن…الخ. كما هو الحال في بعض الجرائم لذا فإنه يجوز للنيابة متابعة مرتكب الجريمة بمجرد قيام الدلائل الكافية على اقترافه للجرم وقيام أركان الجريمة وشروطها التي سبق الحديث عنها، وما لاحظناه على مستوى نيابة جمهورية محكمة بومرداس هو أن المتابعة تتم بصفة عامة عن طريق إجراءات الاستدعاء المباشر رغم خطورة هذه الجريمة على الطفل الصغير بصفة خاصة وعلى كيان الأسرة بصفة عامة، لذا فكان من الأجدر أن لا يتم التساهل مع مرتكبي هذه الجريمة ومن ثم متابعتهم عن طريق إجراءات التلبس بالجنحة باعتبار أن جريمة ترك أو التخلي عن طفل وتعريضه للخطر من الجرائم المستمرة ما دام الطفل لا يزال في حالة ترك وتخل وتعريض للخطر.
ثانيا: الجزاء
يرى الأستاذ الفقيه رونيه غارو أن خطورة الجريمة تتوقف على الخطر الذي يمكن للظروف أن تلحق بالطفل أو بعديم القدرة على حماية نفسه بنفسه وأن قانون العقوبات يقدر درجة هذا الخطر بالرجوع إلى مكان التخلي والتعريض للخطر ويعاقب بعقوبات تختلف حسبما يكون الفعل قد حصل في مكان منعزل أم لا، وأن هذا التفريق الذي يهيمن على أحكامه مستخلص من أهمية الظروف التي تتعلق بها نتيجة الجرم، لكن وقت التخلي وسن الضحية وحالة عديم الأهلية هي عناصر تشدد وتخفف الخطر ويكون القاضي أن يأخذ بها في تقديره للذنب الفردي لكن لا يجب أن نلوم المشرع الفرنسي بتجرده منها لان نظام التشخيص القضائي فيما يخص العقوبة يفضل عن نظام التشخيص القانوني .
و ما يمكن ملاحظته أن العقوبة تختلف حسب الظروف المكانية لارتكاب الجريمة وما ترتب عنها من نتائج وصلة الجاني بالمجني عليه .
حيث أنه إذا كانت المادتان 314 و316 من قانون العقوبات قد تضمنتا كل العناصر المكونة للجريمة وتضمنتا كل أنواع تلك الحالات التي يمكن أن تنتج عن فعل ترك الولد وتعريضه للخطر في مكان خال أو غير خال من الناس وتضمنتا كل أنواع العقوبات الأساسية المقررة قانونا لكل نتيجة من نتائج فعل الترك والتعريض للخطر، فإن المادتين 315 و317 قد نصتا على عقوبات مشددة كلما كان الفاعل أو المتهم أو ومرتكب الجريمة من أصول الولد المتروك للخطر وحسبما إذا كان مكان الترك أو التعريض للخطر مكانا خاليا من الناس أو غير خال منهم
I. ترك الطفل في مكان خال: تتحكم في تحديد المكان الخالي عدة عوامل ويعتبر العامل الجغرافي أهمها إذ أن ترك طفل في غابة معزولة وموحشة ليس كتركه أمام باب مسجد أو ملجأ أو في مدينة أو قرية عامرة بالسكان، أما العامل الثاني فهي ظروف وضع الطفل وتتمثل هذه الظروف خاصة في وقت ترك الطفل والتخلي عنه، فتركه ليلا ليس كتركه نهارا ووضع الطفل في مكان آمن ولو كان معزولا أو خاليا ليس كوضعه في مكان عامر بالسكان والحركة ولكنه شديد الخطورة، كوضع الطفل أمام الطريق السريع، أو الأماكن التي تكثر فيها القلاقل والنزاعات والحروب، أما العامل الثالث فهو حظوظ إنقاذ الطفل، فكلما كانت حظوظ إنقاذ الطفل ضئيلة كلما تجلت للقاضي النية العمدية للفاعل في التخلص من الطفل وتعريضه للخطر، وتعاقب المادة 314 في فقرتها الأولى على ترك الطفل في مكان خال بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وتشدد هذه العقوبة بتوافر ظرفين هما نتيجة الفعل المجرم وصفة الفاعل.
1) نتيجة الفعل: حيث تؤثر نتيجة الفعل على العقوبة على النحو التالي :
- إذا نشأ عن الترك أو التعريض للخطر مرض أو عجز كلي لمدة تتجاوز 20يوما تكون الجريمة جنحة عقوبتها الحبس من سنتين إلى خمس سنوات، ويلاحظ أن المشرع أخذ في جريمة ترك طفل في مكان خال أو غير خال بمدة 20يوما عجز كمعيار للتمييز بين درجات خطورة الجريمة خلافا لما أخذ به في جرائم العنف حيث أخذ فيها بمدة 15 يوما.
– ويرى الفقيه غارو أن نتيجة الفعل كظرف مشدد يؤدي إلى مسؤولية الفاعل الذي يجب أن يتوقع بتخليه عن الطفل نتائج فعله، ففي القانون الفرنسي إذا نتج عن التخلي مرض أو عاهة يدومان أكثر من عشرين يوما يطبق الحد الأقصى للعقوبة، هذا النص جديد لأن المادة القديمة لم تكن تضع تشديدا فيما يخص الجروح الخطيرة التي تجعل الطفل مبتورا دون أن تهتم بالأمراض أو حتى بالعاهات الدائمة الأخرى التي يمكن أن تنتج عن التخلي.
- إذا حدث للطفل مرض أو عجز في أحد الأعضاء أو أصيب بعاهة مستديمة فتكون الجريمة جناية عقوبتها السجن من 05 سنوات إلى 10 سنوات، أما في القانون الفرنسي فإذا بقي الطفل مبتورا أو إذا بقي ذا عاهة فيخضع المذنبون لعقوبة الأشغال الشاقة.
- إذا تسبب الترك أو التعريض للخطر في الموت فتكون جناية عقوبتها السجن من 10 إلى 20سنة أما في القانون الفرنسي فعندما يسبب التخلي والتعريض للخطر الوفاة، يعتبر الفعل تماما كالقتل العمد
2) صفة الجاني: تغلظ العقوبات ضد الأصول أو من لهم سلطة على الطفل أو من يتولون رعايته وذلك برفع العقوبات المقررة قانون درجة واحدة، فتكون العقوبات كما يلي:
- الحبس من سنتين إلى خمس سنوات في حالة ما إذا لم ينشأ عن ترك أو التعريض للخطر مرض أو عجز كما يلي-لمدة تتجاوز 20 يوما.
- الحبس من 05 إلى 10 سنوات في حالة ما إذا نشأ عن الترك أو التعريض للخطر مرض أو عجز كلي لمدة تتجاوز 20 يوما.
- السجن من 10 إلى 20 سنة في حالة ما إذا حدث للطفل مرض أو عجز في أحد الأعضاء أو أصيب بعاهة مستديمة.
- السجن المؤبد إذا تسبب الترك أو التعريض للخطر في الموت.
– ويرى الفقيه غارو أنه يجب أن تتضمن فئة الأشخاص الذين تشكل صفتهم ظرفا تشديديا كل الأشخاص الذين لهم واقعيا أو قانونيا مسؤولية الطفل فيجب أن تشمل الساكنين مع الطفل لأنهم مسؤولون عن الطفل الذي يربونه والسلطة تعود قانونيا للوالدين لشرعيين وبالتالي فإن الأمر لا يختلف فيما يخص التجريم والعقوبة سواء أكان الفاعل أو المحرض غريبا عن الطفل أم لا من وجهة نظر روابط الدم، أي سواء كان الفاعلون هم الوالدان الحقيقيان للطفل أم مجرد أشخاص ملزمين قانونيا أو اتفاقا بحراسته أو العناية به، ففي الحالتين يطبق ظرف التشديد دون أي تمييز، لكن صفة الحارس التي تشدد الذنب يجب أن تكون موجودة قبل اقتراف التخلي، فالشخص الذي يقبل بمهمة التخلي عن الطفل بناء على أمر والديه حسب الفقيه غارو يجب أن لا يقع تحت وقع التشديد في العقوبة إلا إذا قام بالتخلي بعد أن حصل على حراسته دون علمها أما إذا قام الوالدان بمساعدة الفاعل فتطبق عليهما وحدهما العقوبات الأشد الموضوعة في المادتين 350 و 353 من قانون العقوبات الفرنسي ولا يعاقب المتدخل إلا بالعقوبة التي كانت ستنزل به لو كان هو فاعل الجرم أي بالعقوبة التي نص عليها القانون فيما يخص الجريمة المرتكبة من طرف الفاعل الأصلي .
إذا بعد أن تطرقنا للعقوبات المقررة لجريمة ترك الطفل في مكان خال نتناول فيما يلي للعقوبات المقررة لجريمة ترك طفل في مكان غير خال.
II. ترك الطفل في مكان غير خال: تعاقب المادة 316 من قانون العقوبات على هذا الفعل مبدئيا بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وتغلظ العقوبة في حالة توافر الظروف الآتية:
1) نتيجة الفعل:
- إذا نشأ عن الترك أو التعريض للخطر مرض أو عجز كلي لمدة تتجاوز 20يوما فتكون العقوبة الحبس من 06 أشهر إلى سنتين.
- إذا حدث للطفل مرض أو عجز في أحد الأعضاء أو أصيب بعاهة مستديمة فتكون العقوبة الحبس من سنتين إلى خمس سنوات.
- إذا أدى الترك أو التعريض للخطر إلى الوفاة فتكون العقوبة السجن من 05 إلى 10 سنوات.
2) صفة الجاني:
– تشديد العقوبة ضد الأصول أو من لهم سلطة على الطفل أو من يتولون رعايته وذلك برفع العقوبات المقررة قانونا درجة واحدة فتكون العقوبات كما يلي:
- الحبس من 06 أشهر إلى سنتين إذا لم ينشأ عن الترك أو التعريض للخطر مرض أو عجز كلي لمدة تتجاوز 20يوما.
- الحبس من سنتين إلى 05 سنوات في حالة ما نشأ عن الترك أو التعريض للخطر مرض أو عجز كلي لمدة 20يوما.
- السجن من 05 إلى 10 سنوات في حالة ما إذا حدث للطفل مرض أو عجز في أحد الأعضاء أو أصيب بعاهة مستديمة.
- السجن من 10 إلى 20 سنة إذا تسبب الترك أو التعريض للخطر في الوفاة.
– وفي حالة ما إذا أدى ترك الطفل أو تعريضه للخطر إلى الوفاة مع توافر نية إحداثها فإن المادة 318 من قانون العقوبات قد أحالت فيما يخص العقوبة على حسب المواد 261 إلى 263 من قانون العقوبات على حسب الأحوال، وسواء تعلق الأمر بترك الطفل في مكان خال أو غير خال، فيعاقب الفاعل بالسجن المؤبد في هذه الحالة، أما إذا اقترن الفعل بسبق الإصرار أو الترصد، فيعاقب الفاعل بالإعدام (م 261 ق.ع).
المبحث الرابع: جريمة عدم تسليم طفل
– على الرغم من اختلاف بعض الآراء عند الفقهاء المسلمين المتقدمين زمنيا من حيث كون الحضانة هي حق للطفل أم حق لأمه ومن يليها فقد اتفقوا على أنها واجبة وأن الأم لها الأولوية في حضانة مولودها كلما توفرت فيها الشروط الشرعية والقانونية التي ورد النص عليها في قوانين الأحوال الشخصية، حيث نصت المادة 64 من قانون الأسرة على أن الأم أولى بحضانة ولدها ثم أمها ثم الخالة ثم الأب ثم أم الأب ثم الأقربون درجة مع مراعاة مصلحة المحضون وعلى القاضي عندما يحكم بالحضانة أن يحكم بحق الزيارة.
– وفي هذا الصدد وتكريسا لهذا الحق وحماية للطفل المحضون فقد أورد قانون العقوبات نصوصا قانونية تعاقب على الإخلال وعدم الالتزام بما تضمنه الأحكام القضائية النهائية حول مصير الطفل المحضون وكذلك كل من يخل بالحق الطبيعي والأولوية الطبيعية في حضانة الطفل والتكفل به حتى ولو لم يصدر حكم قضائي بشأن ذلك، إذ تعاقب المادة 327 من قانون العقوبات كل من يرفض تسليم طفل إلى من له الحق في المطالبة به بعد أن وضع تحت رعايته بصفة مؤقتة وتعاقب كذلك لمادة 328 كل من يرفض تسليم طفل قضي في شأن حضانته بحكم مشمول بالنفاذ المعجل أو بحكم نهائي إلى من صدر الحكم لصالحه.
ومن خلال تحليل أحكام ما ورد النص عليه في هاتين المادتين يتجلى لنا مدى ما احتوته من حماية لحقوق الأطفال وأمنهم واستقرارهم ومدى ما اشتملت عليه من مؤيدات فعالة لضمان احترام الأحكام القضائية وتدعيم أركان العدل.
– تنقسم هذه الجريمة إلى صورتين نصت على الصورة الأولى المادة 327 من قانون العقوبات وهي صورة عدم تسليم طفل موضوع تحت رعاية الغير، أما الصورة الثانية فقد نصت عليها المادة 328 من نفس القانون وتتعلق بعدم تسليم طفل مخالفة لحكم قضائي، وسنقوم بدراسة هاتين الصورتين تباعا، إذ سنتناول أركان الجريمة ثم المتابعة والجزاء في كل من الصورتين.
المطلب الأول: أركان الجريمة
سنتناول فما يلي أركان الجريمة في كل من الصورتين
أولا: الصورة الأولى: جريمة عدم تسليم طفل موضوع تحت رعاية الغير
– تنص المادة 327 من قانون العقوبات على ما يلي: ” كل من لم يسلم طفلا موضوعا تحت رعايته إلى الأشخاص الذين لهم الحق في المطالبة به، يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات “، ومن خلال استقراء هذه المادة نلاحظ أن الجريمة في هذه الصورة تقوم على العناصر التالية:
العنصر الأول: يجب أن يكون الطفل قد وكل إلى الغير كما لو تم توكيله إلى مربية أو مرضعة أو إلى مدرسة داخلية أو حضانة، ويرى الأستاذ أحسن بوسقعية أن هذه الجريمة لا تقوم في حق الوالدين حتى وإن كانت الرابطة الزوجية منحلة، استنادا إلى قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 22/03/1900، فلو افترضنا رفض الأب تسليم الطفل إلى والدته (الأم) التي تتمتع بالأولوية في حضانة الطفل حسب المادة 46 من قانون الأسرة وهذا قبل صدور حكم قضائي بمنحها حق الحضانة فلا يمكن متابعة الأب في هذه الحالة من أجل ارتكابه هذه الجريمة لأن الأب في هذه الحالة أي قبل صدور حكم قضائي فاصل في حق الحضانة، يتمتع بالتساوي مع الأم في رعاية طفله والاحتفاظ به لأنه مع التنازع في حق حضانة الطفل وقيام الشك في أولوية أحدهما على الأخر لا يسوغ توقيع العقوبة الجزائية قبل أن يتقرر أيهما صاحب الحق في حضانة الطفل من الجهة القضائية المختصة، كما يرى الأستاذ أحسن بوسقيعة أن الأصل أن لا يتجاوز سن الطفل سبع (07) سنوات، كما يتبين ذلك من نص المادة 442/3 من قانون العقوبات رغم أن الفقرة الثانية من المادة 42 من القانون المدني تنص على سن التمييز هي 16 سنة مما يبعث الاعتماد أن 16 سنة هي السن المطلوبة.
-العنصر الثاني: وجوب المطالبة به ممن له الحق في المطالبة به وهو الشخص الذي يتمتع بحق الحضانة سواء كان الأب أو الأم أو الوصي بغض النظر عما إذا كان الطفل قد وكل إلى المتهم بطريقة غير مباشرة أو بصفة مؤقتة.
– العنصر الثالث: وجوب قيام عدم تسليم الطفل ويمثل الركن المادي للجريمة سواء عن طريق امتناع من أوكل إليه الطفل مؤقتا عن إرجاعه ورده أو امتناعه عن تعيين مكان تواجده.
– العنصر الرابع: الركن المعنوي حيث تتطلب هذه الجريمة توفر نية جريمة لدى الجاني لذا فلا تقوم الجريمة إلا في حالة تعمد الشخص الذي كان الطفل موضوعا تحت رعايته رفض تسليمه إلى من له الحق في المطالبة به أو امتنع عن الإدلاء بالمكان الذي يوجد فيه الطفل.
– وفي هذا الصدد صدر قرار قضائي في فرنسا قضى بعدم قيام الجريمة في حق المتهم الذي وبسبب إهماله رعاية الطفل تمكن الطفل من الهروب والفرار من منزل المتكفل الأمر الذي يجعل إمكانية تسلميها للطفل مستحيلة .
وفي هذا الصدد فإن الركن المعنوي لهذه الجريمة المنصوص عليها في المادة 327 من قانون العقوبات والتي تقابلها المادة 284 من قانون العقوبات المصري يقوم على عنصرين:
1- علم المتهم بأن من يطلب استلام الطفل المتكفل به له الحق في طلبه بناء على حكم القانون.
2- اتجاه إرادة المتهم إلى فعل عدم تسليم الطفل المتكفل به من له الحق في طلبه بناء على حكم القانون ويرى الأستاذ رونيه غارو أن العناصر المادية والمعنوية لهذه الجريمة هي خمسة (05): أولا: عدم إحضار أو تسليم القاصر، ثانيا: صفة الأب أو الأم كفاعل للجريمة، ثالثا: قصر الطفل، رابعا:كون الأب أو الأم لا يحق له أن يطالب بالطفل بسبب قرار قضائي وخامسا القصد الجنائي.
ثانيا: الصورة الثانية: جريمة عدم تسليم طفل مخالفة لحكم قضائي:
تنص المادة 328 من قانون العقوبات على ما يلي:” يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة من 500 إلى 5.000دج الأب أو الأم أو أي شخص آخر لا يقوم بتسليم قاصر قضي في شأن حضانته بحكم مشمول بالنفاذ المعجل أو بحكم نهائي إلى من له الحق في المطالبة به… وتزاد عقوبة الحبس إلى ثلاث سنوات إذا كانت قد أسقطت السلطة الأبوية عن الجاني وما تجدر الإشارة إليه أن هذه الصورة تشكل واحدة من تلك الجرائم الواقعة على نظام الأسرة وإن فرض عقوبة على مقترفها يعتبر أداة فعالة ووسيلة لضمان المحافظة على مصداقية أحكام القضاء وعلى تنفيذها وهي في نفس الوقت الأداة اللازمة لضمان مصلحة المحضون ضمن إطار احترام القانون وإن نص المادة 328 من قانون العقوبات التي تقابلها المادة 357 من قانون العقوبات الفرنسي والمادة 292 من قانون العقوبات المصري قد وضع مبدأ قويا لضمان احترام القانون واحترام الأحكام الصادرة عن القضاء في وقت واحد، ومن ثم فإن هذه الجريمة تقوم على شروط أولية و ركن مادي و ركن معنوي.
I. الشروط الأولية لقيام الجريمة:
1) شرط القاصر: ذكرت المادة 328 من قانون العقوبات مصطلح القاصر بدل الطفل الذي نصت عليه المادة 327 من نفس القانون، مما يجعلنا نستنتج أن المادة 328 لا تقصد الطفل الذي لم يبلغ سن السابعة كما قي الجريمة السابقة المنصوص عليها بالمادة 327 لذا فإنه يحق لنا أن نتساءل عن المقصود من مصطلح قاصر، فبالرجوع إلى المادة 40 من قانون المدني نجد أنها نصت على سن الرشد وهو 19 سنة كاملة ومن ثم فمن لم يبلغ هذه السن يعد قاصرا، ولكن ما دمنا نتحدث عن حضانة الطفل فيجب أن نرجع إلى ما نصت عليه أحكام قانون الأسرة لكي يمكننا تحديد مفهوم القاصر بالاعتماد على مسألة انقضاء الحضانة حيث تنص المادة 65 منه على ما يلي:” تنقضي مدة الحضانة ببلوغ الذكر 16 سنة كحد أقصى وببلوغ الأنثى سن الزواج أي 18 سنة”.
2) شرط توفر حكم قضائي سابق: يتمثل هذا الشرط في ضرورة وجود حكم سابق صادر عن القضاء ويتضمن إسناد حق الحضانة إلى من يطالب بتسليم الطفل إليه، وقد يكون هذا الحكم مؤقتا أو نهائيا، ولكن يجب أن يكون نافذا أي قابلا للتنفيذ كالأحكام أو القرارات أو الأوامر القضائية المشمولة بالنفاذ المعجل أو قابلا للتنفيذ فورا بقوة القانون أو بقوة مضمون الحكم، كما يجب أن يكون هذا الحكم صادرا عن القضاء الوطني أما إذا كان صادرا عن جهة من جهات القضاء الأجنبي فإنه لا يجوز الاستناد إليه إلا إذا كان قد كسي بالصيغة التنفيذية وفقا للإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية ضمن ما نصت عليه المادة 325 منه وكذا وفق ما نصت عليه الاتفاقات أو المعاهدات الدولية الثنائية أو الجماعية، وفي هذا الصدد صدر قرار عن المحكمة العليا قضى بعدم قيام الجريمة لكون الحكم القاضي بإسناد حضانة الولدين لأمهما غير مشمول بالنفاذ المعجل وغير نهائي لأنه محل دعوى استئناف (قرار بتاريخ 16/06/1996، ملف رقم 132607 غير منشور).
ولا بأس في هذا الصدد أن نشير إل بعض الإجتهادات القضائية المصرية حول هذه القضية كما يلي:
1) (قرار 11/06/1931 مجموعة القواعد القانونية، ج.م،ق273ص 334) ” لوالد الطفل المتنازع على حضانته الحق في ضمه إليه، ولا يمكن معاملته بمقتضى المادة 246 من قانون العقوبات التي جرى القضاء على معاملة الوالدين بها إلا إذا قضي بالحضانة لغيره وامتنع هو عن تسليم الطفل للمقضي له بهذه الحضانة “
2) (قرار 31/10/1929 م.ق ق ج 1 ق 311 ص 358) ” تنطبق المادة 246 من قانون العقوبات على الوالد الذي لم يسلم ابنه لجدته المحكوم لها بحضانته”
3) (قرار 27/07/1918 المجموعة الرسمية، س2 ص4) ” إن المادة 246 من قانون العقوبات التي تعاقب كل من كان متكفل بطفل وطلبه منه من له حق طلبه ولم يسلمه إليه تنطبق على حالة الأب الذي لم يسلم ابنه لوالدته بعد صدور حكم من المحكمة الشرعية يخولها حق حضانة أولاده، فليس له بعد صدوره أن ببيتهم عنده و لأن حق الحضانة في الشريعة الإسلامية ليس أساسه مصلحة الأب أو الأم وإنما أساسه مصلحة الطفل نفسه بوجوب تسليمه لمن يكون أشفق عليه وأقدر على مراعاة مصلحته والعناية بأمره أكثر من غيره، حتى أن الأب يعزر شرعا إذا لم يسلم الطفل لحاضنته تنفيذا للحكم الشرعي.
4) (قرار 27/01/1912 المجموعة الرسمية س 13 ق30 ص 57) ” تنطبق المادة 246 من قانون العقوبات التي تنص على أن كل من كان متكفلا بطفل وطلبه منه من له الحق في طلبه ولم يسلمه إليه على حالة الوالد الذي لم يسلم ابنه لجدته الصادر لها حكم من المحكمة الشرعية يخولها حق الحضانة، ويجب تفسير هذه المادة طبقا لقواعد الشريعة الإسلامية الخاصة بالحضانة، ومقتضى تلك القواعد أن تقدم مصلحة الطفل على حقوق الوالد وليس من محل للرجوع لأحكام القضاء الفرنسي الذي فسر المادة 345 من القانون الفرنسي المطابقة لمادة القانون المصري تفسيرا أضيق مما قضى به التفسير المذكور آنفا”
5) (قرار 01/05/1933 مجموعة القواعد القانونية ج3 ق111 ص 174)” إذا أنكر المتهم الجريمة المنصوص عليها في المادة 246 من قانون العقوبات بعد صدور حكم بالحضانة فيجب أن يشير الحكم القاضي بمعاقبته على هذه الجريمة إلى أن هناك حكما قاضيا بضم الطفل إلى حاضنته فإذا هو سكت عن تجلية هذه النقطة الجوهرية ففي سكوته إخلال بحق الدفاع فضلا عن ما يترتب عليه من تعطيل حق محكمة النقض في مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة وذلك مما يعيبه ببطلانه”
6) (قرار 04/11/1979 أحكام النقض س 30 ق183 ص 851) ” إذا كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه نقل من مستندات المجني عليها التي لا يجادل الطاعن في صحتها إن حكم ضم الصغيرين الصادر لصالح المجني عليها قد تأيد استئنافيا، وكان باقي ما أثاره الطاعن من منازعة حول أحقية المجني عليها في حضانة ولديها الصغيرين لا يكون له محل بعد أن صدر في هذا الشأن حكم نهائي من جهة القضاء المختص حسم الأمر لصالحها، ومن ثم تثريبا على الحكم المطعون فيه أنه سكت عن هذا الدفاع – إيرادا له وردا عليه- مما يفيد أن المحكمة لم ترى فيه ما يغير اقتناعها بما قضت به واطمأنت إليه مما أوردته من أدلة الثبوت في الدعوى”.
7) (قرار 15/07/1920 المجموعة الرسمية س 22 ق19 ص 193) ” إن المادة 246 من قانون العقوبات التي تعاقب كل من كان متكفلا بطفل وطلبه منه من له الحق في طلبه ولم يسلمه إليه تنطبق على حالة الأب الذي لم يسلم ابنه لوالدته بعد صدور حكم المحكمة الشرعية يخولها حق حضانته” .
وفي هذا الإطار يرى الفقيه غاور أن الشرط الثالث لتشكيل جريمة عدم تسليم طفل مخالفة لحكم أو قرار أو أمر قضائي المنصوص عليها بالمادة 357 من قانون العقوبات الفرنسي المقابلة لنص المادة 328 من قانون العقوبات الجزائري هو أن تقرر المحكمة حول حضانة القاصر بقرار أو حكم مؤقت أو نهائي خلال أو نتيجة محاكمة طلاق أو هجر أو وفقا للظروف المشار إليها في قوانين 1889 و 1898 و يجب أن تقبل بالملاحقة فقط في هذه الحالات، فإذا أراد المشرع أن يعاقب على خرق القرار القضائي الذي يقرر حول حضانة الطفل لم يقم بذلك إلا ضمن الحدود التي توقعها. ويضيف أنه قلما يهم كون القرار الصادر حول الحراسة المؤقتة أو النهائية لكن يجب أن يكون قابلة للتنفيذ، أي أن يفرض نفسه على الأب وعلى الأم في وقت حصول عدم التسليم وبالتالي فلن تكون الجريمة قائمة في الحالات التالية:
- عندما لا يحل القرار القضائي مسألة حضانة الطفل.
- عندما يكون هذا القرار الذي يعلن كقابل للتنفيذ مستأنفا أو معترض عليه.
- عندما سيكون هذا القرار مميزا.
- عندما ينتهي مفعول الإجراءات التي أمرت بها المحكمة.
3) شرط الحضانة: يرى الأستاذ أحسن بوسقيعة أن هذه العبارة لها مدلول واسع يتسع ليشمل حق الزيارة ومن ثم تطبيق حكم المادة 328 من قانون العقوبات الجزائري حتى في حالة عدم احترام حكم يتعلق بحق الزيارة مستندا في ذلك على قرار محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 19/10/1935 .
ويرى الأستاذ غارو في هذا الإطار أن الصعوبة الحقيقية تخص تطبيق قانون 1901 على إجراءات حق الحضانة نفسه، إن القرارات النهائية والمؤقتة في محاكمة الطلاق أو الهجر عندما تعطي الحضانة لأحد الزوجين تأمر أنه سيكون للزوج الأخر حق استقبال الطفل عنده أو زيارته في أوقات محددة ويتساءل الفقيه غارو هل أن رفض تنفيذ هذا الالتزام يشكل عدم تسليم القاصر ويقع تحت وقع القانون؟ ويرى أن الرأي الذي يميز بين حق الزيارة وحق استقبال طفل خلال بعض الوقت مثلا خلال العطلة يفتقد للمنطق والوضوح، لكن هذين الرأيين غير قابلان للتأييد وهما يجدان الواحدة كما الأخرى قرارات عديدة في اجتهاد المحاكم.
وقد اعتبر الأستاذ عبد العزيز سعد أن الامتناع عن تنفيذ حكم الزيارة يشكل جريمة مستقلة مستنبطة من نص المادة 328 من قانون العقوبات وكذا نص المادة 64 من قانون الأسرة التي تنص : ” على القاضي الذي يحكم بإسناد الحضانة إلى مستحقيها أن يحكم في الحكم نفسه بحق الزيارة للزوج الأخر” ومن خلال قراءة الاتفاقية الموقعة بين الجزائر وفرنسا بشأن أطفال الزواج المختلط الواقع بين الجزائريين والفرنسيات نجد أن المادة السادسة الفقرة الثانية تنص على أن: ” كل حكم قضائي تصدره الجهات القضائية للمتعاقدين وينص على حضانة طفل يمنح في الوقت نفسه الوالد الأخر حق الزيارة” ثم تأتى المادة السابعة لتنص على أنه :” يتعرض الوالد الحاضن للمتابعات الجزائية الخاصة بعدم تسليم الأطفال التي تنص وتعاقب عليها التشريعات الجزائية في كلتا الدولتين عندما يرفض ممارسة حق الزيارة”
وعليه من تحليل هذه المواد يمكن أن يتضح لنا أنه يتعين عندما يحكم القاضي بالطلاق وبإسناد حق حضانة الطفل أو الأطفال إلى من يستحقها فإنه يجب عليه أن يحكم في نفس الوقت وضمن نفس الحكم بإسناد حق الزيارة إلى الزوج الأخر، ويحدد فيه زمان ومكان و كيفية ممارسة حق الزيارة.
ولكن إذا قام الطرف المحكوم له بحق الحضانة بالامتناع عن تنفيذ الحكم ورفض تمكين الطرف الأخر من ممارسة حق الزيارة في الزمان والمكان والكيفية التي حددها الحكم فإنه يكون قد تصرف بشكل يؤدي إلى اقتراف جريمة تمس بنظام الأسرة ويؤدي إلى متابعة الطرف الرافض والممتنع ومعاقبته وفقا للتشريعات الجزائية المتعلقة بجريمة الامتناع عن تسليم الطفل المحضون (المادة 328من قانون العقوبات) و وفقا لنص المادة 07 من الاتفاقية الجزائرية الفرنسية المتعلقة بأطفال الزواج المختلط.
وبمجرد ما يتسلم وكيل الجمهورية المختص إقليميا شكوى الوالد الآخر المحكوم له بحق الزيارة يباشر المتابعة والإجراءات القانونية ضد مرتكب الجريمة .
ويضيف الأستاذ عبد العزيز سعد أنه من خلال تحليل النصوص المذكورة أعلاه يتضح لنا أنه لكي يمكن قيام جنحة الامتناع عن تسليم طفل قضي في شأن حضانته إلى من له الحق في المطالبة به وجوب توفر عدة عناصر وشروط تتمثل في ما يلي:
- وجود حكم قضائي مشمول بالنفاذ المعجل أو حائز لقوة الشيء المقضي فيه.
- أن يكون هذا الحكم قد قضى بالطلاق وإسناد الحضانة إلى أحد الزوجين وبمنح حق الزيارة إلى الزوج الأخر.
- أن يكون الامتناع عن تسليم الطفل إلى من له الحق في الزيارة ثابت بموجب محضر يحرره القائم بالتنفيذ أو ثابت بواسطة شهادات الشهود أو باعتراف الممتنع نفسه.
وعليه فإذا توفرت هذه العناصر أو الشروط مجتمعة فإن الطرف الممتنع يكون قد ارتكب جنحة الامتناع عن تسليم طفل إلى من له حق زيارته، واستحق بذلك المتابعة والعقاب وفقا لنص المادة 328 من قانون العقوبات، وتبعا للإجراءات المنصوص عليه في المادة السابعة من الاتفاقية الجزائرية الفرنسية المبرمة بين البلدين بتاريخ 21/06/1988
وما تجدر إليه الإشارة في هذا الصدد أن بعض الاجتهادات القضائية المصرية ذهبت مذهبا مخالف واعتبرت أن جريمة عدم تسليم طفل لا تقوم في حق أحد الأبوين الذي يخل بحق الزيارة المخول لأحد الزوجين بموجب حكم قضائي، وسنقوم بسرد هذه الاجتهادات القضائية في ما يلي:
1) (قرار 27/03/1972 في الطعن رقم 101 لسنة 1942 ق) ” يختلف كل من حق الحضانة أو الحفظ عن حق الرؤية سواء أكانت رؤية الأب ولده وهو في حضانة النساء أم رؤية الأم ولدها إذا كان مع أبيه أو مع غيره”
2) (قرار 27/03/1972 في الطعن رقم 151 لسنة 1942ق) ” إذا كان الحكم المطعون فيه قد أدان المطعون ضده بتهمة أنه لم يسلم ابنته لوالدتها لرؤيتها تطبيقا منه للفقرة الأولى من المادة 292 من قانون العقوبات مع صراحة نصها ووضوح عبارتها في كونها مقصورة على حالة صدور قرار من القضاء بشأن حضانة الصغير أو حفظه بما لا يصح معه الانحراف عنها بطريقة التفسير والتأويل إلى شمول حالة الرؤية فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله بما يوجب نقضه والحكم ببراءة المطعون ضده مما اسند إليه.
وتجدر الإشارة إلى أن القانون الجزائري في المادة 328 من قانون العقوبات لم يحصر الفاعل في أحد الزوجين أي الأم أو الأب فقط بل وسعها لتشمل أي شخص أخر دون تحديد، وهذا بخلاف القانون الفرنسي الذي حصر صفة المذنب في هذه الجريمة في الأب أو الأم وبالتالي يخرج من دائرة التجريم كل أصل أخر حتى الوصي إذ أقرباء القاصر غير الأب أو الأم يهربون من تطبيق المادة 357 من قانون العقوبات الفرنسي ويضلون تابعين للقانون العادي، وأن المادتين 345 و354 من قانون العقوبات الفرنسي تكون إذا قابلة للتطبيق عليهم عندما يرفضون تسليم الطفل الذي منح لهم
II. الركن المادي للجريمة:
أوضحت المادة 328 من قانون العقوبات أن هذه الجريمة تقوم حتى ولو وقعت بغير تحايل ولا عنف. يأخذ الركن المادي للجريمة أربعة أشكال وهي:
1) الشكل الأول: امتناع من كان طفل موضوعا تحت رعايته عن تسليمه إلى من أوكلت إليه حضانته بحكم قضائي: أي من له الحق في المطالبة به وفي هذا الصدد قضت المحكمة العليا بأن الامتناع يتم إثباته بواسطة المحضر القضائي بعد إتباع إجراءات التنفيذ (قرار 16/06/1996 ملف رقم 132607 غير منشور) وإن كان هذا الشكل يعتبر موقفا سلبيا من الممتنع إلا أنه مع ذلك يكون أهم عناصر هذه الجريمة، ولولاه لما أمكن قيام هذه الجريمة ولما أمكن متابعة المتهم ولا معاقبته بشأنها، ويجب أن يحصل الامتناع بشكل متعمد واضح ومقصود وبعد أن يكون الممتنع المتهم قد علم فعلا بوجود الحكم الذي يمنح الطالب حق المطالبة بالمحضون وإلا فلا يمكن اعتباره ممتنعا عن تسليم الطفل إلى حاضنه أو صاحب الحق في حضانته ولا يمكن بالتالي متابعتها ولا تسليط العقاب عليه ، وفي هذا الصدد صدرت عدة قرارات من المحكمة العليا نورد بعضها في ما يلي:
1- قرار 19/07/1996 ملف رقم 1306911 المجلة القضائية لسنة 1997 ج1 ص 153 ” متى ثبت أن المتهم لم يعلن صراحة عن رفضه تسليم البنتين ولكن هما اللتان رفضتا الذهاب إلى والدتهما كما يشهد بذلك المحضر القضائي فإن إدانة المتهم بجنحة عدم تسليم البنتين يعد خرقا للقانون “.
2- قرار 14/04/1997 ملف رقم 145722 المجلة القضائية لسنة 1997 ج1 ص 163 ” إن إعطاء المتهم مهلة لتمكين الوالدة من زيارة أبنائها ومجيئها إلى منزله وامتناعه بعد ذلك عن تلبية رغبتها فإن هذه الأفعال تدل على توفر عنصر الامتناع عن تسليم الأولاد”
3- قرار 14/02/1989 ملف رقم 54930 المجلة القضائية 1995 ص 181 ” تقتضي الجنحة بالضرورة توفر ركن أساسي يتعين على قرار الإدانة إبرازه وهو امتناع المحكوم عليه عن تسليم القاصر، ويتم إثبات ذلك بواسطة المحضر القضائي بعد إتباع إجراءات التنفيذ”
4- قرار 26/06/1984 ملف رقم 31720 المجلة القضائية 1989 ” متى كان نص المادة 328 من قانون العقوبات هو أنه يعاقب بالحبس والغرامة الأب أو الأم أو أي شخص أخر لا يقوم بتسليم قاصر قضي في شأن حضانته بموجب حكم إلى من له الحق في المطالبة به ومن ثم فإن أب القاصر الذي تحصل بطلب منه على أمر من رئيس المحكمة يسمح له بمقتضاه أن يحتفظ بابنه لمدة 15 يوما لا يعد مرتكبا لهذه الجريمة وأن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون، ولما كان ثابتا في قضية الحال أن الطاعن أذن له بموجب أمر من رئيس المحكمة للاحتفاظ بابنه القاصر لمدة 15 يوما فإن قضاة الاستئناف بإدانتهم للطاعن والحكم عليه وفقا للمادة 328 من قانون العقوبات لم يكونوا على صواب في تطبيق هذا النص عليه وكان لذلك نعيه على قرارهم بالوجه المثار من طرفه بالخطأ في تطبيق القانون مؤسسا وفي محله.
إن القانون يشتمل على فعل عدم إحضار الطفل أو تسليمه كما يشتمل على فعل الخطف، إذ يرى الفقيه غارو أن هذين الفعلين لهما طابع الوحدة والديمومة نفسه، ويشكلان الجريمة نفسها ويضيف أن مرور التقادم الثلاثي لا يمكن أن يمر طالما دامت حالة اختفاء القاصر أو عدم تسليمه وأن الجريمة لا تكون قابلة لعقوبات متتالية طالما لم يخضع للقرار القضائي وهو يتطرق فقط إلى فعل واحد ومستمر يجب أن ينزل به قمع واحد، وفي هذا الإطار صدر قرار عن محكمة النقض المصرية جاء فيه ما يلي : ” إن جريمة الامتناع عن تسليم الطفل لمن له حق حضانته شرعا هي من الجرائم المستمرة استمرارا متتابعا أو متجددا بمعنى أن الأمر المعاقب عليه فيها يتوقف استمراره على تدخل إرادة الجاني تدخلا متتابعا ومتجددا بخلاف الجريمة المستمرة استمرارا ثابتا فإن الأمر المعاقب عليه فيها يبقى يستمر بغير حاجة إلى تدخل جديد من جانب الجاني كبناء جدار خارج خط التنظيم مثلا، والمتفق انه في حالة الجريمة المستمرة استمرارا ثابتا يكون الحكم على الجاني من أجل هذه الجريمة مانعا من تجديد محاكمته عليها مهما طال زمن استمرارها، فإذا رفعت عليه الدعوى العمومية مرة ثانية من أجل هذه الجريمة جاز له التمسك بقوة الشيء المحكوم فيه أما في حالة الجريمة المستمرة استمرارا متتابعا فمحاكمة الجاني لا تكون إلا عن الأفعال أو الحالات الجنائية السابقة على رفع الدعوى وفي ما يتعلق بالمستقبل فتجدد إرادة الجاني في استمرار الحالة الجنائية يكون جريمة جديدة تصح محاكمته من أجلها مرة أخرى، ولا يجوز له التمسك عند المحاكمة الثانية بسبق الحكم عليه” (نقض 07/05/1931 القواعد القانونية ج2 ق258 ص325) ويرى الفقيه غارو أنه قد نكون بصدد عدم إحضار أو عدم تسليم عندما يخبأ الطفل بطريقة لا يمكن أن يتعرف فيها عن مقامه الحالي ويدرك أنه لا يجب أن تتردد في رؤية الجريمة بمجرد رفض إعادة الطفل لمن يحق له أن يطالب به صحيح أننا نستطيع أن نقول في هذه الحالة أن الطفل سلم ماديا وأن الجزاء العقابي دون نفع وبالنتيجة زائد على اللزوم لأن الجزاء المدني لتنفيذ القرار القضائي ممكن لكن قانون 1901 وبما أنه يهدف إلى معاقبة عدم طاعة الأوامر القضائية والمس بالأب والأم الذين يرفضان التنفيذ عن قصد، يجب أن يشمل هذا الفعل بين الأفعال التي تشكل جرائم. وبالتالي فإن القانون قد توقع حالة الأب أو الأم المسقط أو المسقطة من السلطة الأبوية أو المحروم أو المحرومة من حق الحضانة والذي أو التي تأخذه رغم وجود قرار قضائي أو تخطفه أو يخطفه كما توقع حالة رفض التسليم عند من يمنح حق الحراسة له قانونا.
2) الشكل الثاني: إبعاد قاصر: ويتحقق بشأن من استفاد من حق الزيارة أو من حضانة مؤقتة فينتهز وجود القاصر معه لاحتجازه.
3) الشكل الثالث: خطف القاصر: ويتمثل في أخذ القاصر ممن أوكلت إليه حضانته أو من الأماكن التي وضعه فيها.
4) الشكل الرابع: حمل الغير على خطف القاصر أو إبعاده: الأصل أن هذه الجريمة في مختلف أشكالها تنطبق على أحد الوالدين الذي يحتفظ بالطفل متجاهلا حق الحضانة الذي أسند للأخر ولكنها تنطبق أيضا على كل من أسندت إليه الحضانة – عدا الوالدين- كالجدة من الأم والخالة والجدة من الأب والأقربين (المادة 64 من قانون الأسرة).
وبصفة عامة تنطبق هذه الجريمة على كل من كان القاصر موضوعا تحت رعايته ويمتنع عن تسليمه إلى من وكل القضاء إليه حضانته كما تنطبق على المستفيد من الحضانة الذي يمتنع عن الوفاء بحق الزيارة أو حق الحضانة المؤقتة التي منحها القضاء لغيره وفي كل الأحوال يشترط القانون صدور حكم قضائي نهائي أو حكم مشمول بالنفاذ المعجل
III. الركن المعنوي (القصد الجنائي):
يرى الفقيه غارو أن جريمة عدم تسليم طفل المنصوص عليها في المادة 357 من قانون العقوبات الفرنسي من الجرائم العمدية ويستنتج عن هذه النية أن الأب أو الأم يجب أن يكونا قد تصرفا عن علم وإرادة أي يكونا قد خرقا عن علم بالأمر أو القرار القضائي الذي قرر حول مسألة حضانة الطفل وبالتالي يقوم الركن المعنوي لجريمة الامتناع عن تسليم طفل محكوم بحضانة أو حفظه على عنصرين:
- علم أي من الوالدين أو الجدين بأن الطفل الموجود لديه أو في مكان الذي وضعه فيه أو لدى الشخص أو في المكان الذي عهد به إليه قد صدر قرار واجب النفاذ من جهة القضاء بشأن حضانته أو حفظه لصالح من يطلب استلامه.
- اتجاه إرادة الوالدين أو الجدين إلى فعل عدم تسليم الطفل الصادر قرار واجب النفاذ من جهة القضاء بشأن حضانته أو حفظه لصالح من يطلب استلامه .
ومنه فإن هذه الجريمة تقتضي توافر قصد جنائي يتمثل في علم الجاني بالحكم القضائي ونية معارضة تنفيذ هذا الحكم.
وتطرح مسألة القصد الجنائي عدة إشكالات فكثير ما يتمسك به من يمتنع عن تسليم الطفل بعدم قدرته على التغلب على عناد الطفل وإصراره على عدم مرافقة من يطلبه وقد صدر بشأن هذه المسألة قرار عن المحكمة العليا بتاريخ 19/07/1996 ملف رقم 1306911 جاء فيه ما يلي: ” متى ثبت أن المتهم لم يعلن صراحة عن رفض تسليم البنتين، ولم يلجأ إلى أي مناورة لمنع الوالدة من حقها في الزيارة بل أن البنتين هما اللتين رفضتا الذهاب إلى والدتهما كما يشهد بذلك تصريح المحضر القضائي فإن إدانة المتهم بجنحة عدم تسليم البنتين يعد خرقا للقانون
ويلاحظ من خلال هذا القرار أن المحكمة العليا قد ذهبت مذهبا مخالفا لما درج واستقر عليه القضاء الفرنسي ولاسيما محكمة النقض حول رفض هذه الحجة مبررا أو عذرا قانونيا.
وهكذا قضيا في فرنسا بقيام الجريمة في حق الأم الحاضنة التي لم تستعمل نفوذها على الأطفال لحملهم على قبول زيارتي والدهم تنفيذا لحكم قضائي يقضي له بحق الزيارة (قرار محكمة النقض بتاريخ 07/12/1944) كما قضي بقيام الجريمة في حق الوالدة المطلقة التي استفادت من حق الزيارة والتي امتنعت بعدما أقام ولدها في بيتها عن إلزامه بالعودة إلى مسكن والده (قرار محكمة النقض بتاريخ 27/12/1951).
وقضي بأن مقاومة القاصر أو نفوره من الشخص الذي له الحق في المطالبة به لا يشكلان فعلا مبررا ولا عذرا قانونيا (قرار محكمة النقض بتاريخ 21/05/1954).
كما يميز القضاء عادة بين الحالة التي يكون فيها الطفل في حضانة الجاني والحالة التي يكون فيها في غير حضانته، ففي الحالة الأولى قضي بأنه يتعين على الحاضن أن يستعمل سلطته على الطفل للحصول منه على احترام الرغبة الشرعية لصاحب حق الزيارة إلا أن هذا الالتزام يكون أخف في الحالة الثانية وسواء لجأ المتهم إلى إكراه الطفل على البقاء معه أو لم يستعمل سلطته على الطفل لإرغامه على الاستجابة لما قضي به فإن الجريمة تقوم ويدان الجاني
المطلب الثاني: المتابعة والجزاء
سنتطرق في ما يلي إلى إجراءات المتابعة والجزاء لجريمة عدم تسليم طفل في كلتا الصورتين
الصورة الأولى: عدم تسليم طفل موضوع تحت رعاية الغير
أولا: إجراءات المتابعة: لم يشترط المشرع الجزائري أية شروط أو قيود للمتابعة فتتم هذه الأخيرة بمجرد قيام أركان الجريمة وعلم النيابة بارتكابها دون المساس بسلطة الملائمة التي تتمتع بها هذه الأخيرة بصفة عامة.
ثانيا: الجزاء: تعاقب المادة 327 من قانون العقوبات على هذه الجريمة – وهي جنحة- بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات.
الصورة الثانية: عدم تسليم طفل مخالفة لحكم قضائي
أولا: إجراءات المتابعة: يتم تسليم القاصر بوجه عام في مسكن الشخص الذي من حقه المطالبة به أو في المكان المحدد ف الحكم، ومنه قضي في فرنسا بأن هذا المكان هو مكان ارتكاب الجريمة ومنه استنتج القضاء الفرنسي عدم اختصاص المحاكم الفرنسية عندما يتعلق الأمر بعدم احترام حق الزيارة الذي يمارس في الخارج، ومن جهة أخرى قضي بأن صدور حكم سابق بالإدانة لا يحول دون النطق بعقوبة عن كل امتناع للانصياع، كما قضي بأن الأب الذي شجع ابنه المتزوج على عدم تسليم ولده لأمه واعترض معها للمحضر القضائي ودفع ثمن سفر الولد للخارج يعد شريكا (من اجتهادات محكمة النقض الفرنسية).
وتجدر الإشارة إلى أنه في القانون المصري الدعوى العمومية لا تحرك ولا تتخذ إجراءات التحقيق فيها في جريمة الامتناع عن تسليم طفل محكوم بحضانته المنصوص عليها في المادة 292 من قانون العقوبات المصري إلا بناءا على شكوى شفاهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي. ولمن قدم الشكوى أن يتنازل عتها في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي وتنقضي الدعوى العمومية بهذا التنازل .
ونرى في هذا الصدد أنه حل سليم كان على المشرع الجزائري أن يحدو حدوه ويشترط للمتابعة في هذه الجريمة تقديم شكوى من الضحية وجعل التنازل عنها يضع حدا للمتابعة كما هو الشأن في بعض الجرائم الأخرى كجريمة الزنا مثلا وجرائم السرقة التي تقع بين الأقارب والحواشي والأصهار لغاية الدرجة الرابعة وكذا جرائم النصب وخيانة الأمانة وإخفاء الأشياء المسروقة التي تقع ضد نفس الأشخاص المشار إليهم بالمادة 369 من قانون العقوبات وكذا جريمة خطف أو إبعاد القاصر وزواجها من خاطفها وكذا جريمة ترك أحد الوالدين لأسرته أو الزوج الذي يتخلى عن زوجته مع علمه أنها حامل.
ففي كل هذه الجرائم اشترط المشرع تقديم الشكوى من الضحية تأسيسا على ما ارتآه المشرع من أن ذلك يحمي المصلحة العامة ويساهم في تعزيز الروابط الأسرية وحرصا من المشرع على حماية الأسرة خاصة وأن معاقبة أحد أفراد الأسرة ولاسيما الأب أو الأم من شأنه أن يرتب أثارا سلبية على الحالة الاجتماعية والنفسية للطفل والأسرة عموما.
إن كل ما سبق ذكره ينطبق أيضا على جريمة عدم تسليم الطفل خاصة إذا كان الجاني هو أحد الوالدين أو أحد أقرباء الطفل.
ثانيا: الجزاء: تعاقب المادة 328 من قانون العقوبات على جريمة عدم تسليم قاصر قضي في شأن حضانته بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة من 500 إلى 5.000دج.
أما القانون فإن العقوبة لا تختلف كثيرا على ما هي عليه في قانون العقوبات الجزائري إذ تعاقب المادة 292 من قانون العقوبات المصري مرتكب هذه الجنحة بالحبس لمدة لا تتجاوز السنة أو بغرامة لا تتجاوز 500جنيه مصري.
ونلاحظ هنا أنه في القانون المصري العقوبة اختيارية بين الحبس والغرامة فيمكن للقاضي أن يحكم بأيهما أي بالحبس فقط أو بالغرامة فقط في حين أن المشرع الجزائري تشدد نسبيا وجعل عقوبتين الحبس والغرامة إجباريين دون المساس بسلطة القاضي في تطبيق الظروف المخففة ووقف التنفيذ.
أما في القانون الفرنسي فإن العقوبة التي نصت عليها المادة 357 من قانون العقوبات الفرنسي تكاد تنطبق مع مثيلتها في قانون العقوبات الجزائري إذ تعاقب الجاني بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من 15 إلى 5.000فرنك.
وتجدر الإشارة في الأخير أن كل من المشرع الفرنسي والجزائري قد أوردا نصا يشدد عقوبة الحبس إلى ثلاث سنوات إذا كان الجاني هو الأب أو الأم الذي أسقطت عنه السلطة الأبوية. ويرى الأستاذ روني غارو أنه لا يكفي لكي نطبق هذا التشديد أن يكون الأب أو الأم قد حرما من حق حضانة الطفل بل يجب أن يكون قد أسقطت عنه السلطة الأبوية وفقا للشروط وأحكام القانون 24/07/1987 المعدل في قانوني 05/08/1916 و10/11/1921

المبحث الخامس: جريمة خطف أو إبعاد قاصر
– نصت المادة 326 من قانون العقوبات على ما يلي: ” كل من خطف أو أبعد قاصرا لم يكمل الثامنة عشرة وذلك بغير عنف أو تهديد أو تحايل، أو شرع في ذلك فيعاقب بالحبس لمدة من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 500 إلى 2.000دج.
وإذا تزوجت القاصرة المخطوفة أو المبعدة من خاطفها فلا تتخذ إجراءات المتابعة ضد الأخير إلا بناء على شكوى الأشخاص الذين لهم صفة في إبطال الزواج ولا يجوز الحكم عليه إلا بعد القضاء بإبطاله”
– باستقرار هذه المادة نستنتج أن هذه الجريمة لقيامها وجب توفر مجموعة من الأركان نتطرق إليها في مطلب أول، ثم نتناول إجراءات المتابعة والجزاء في مطلب ثاني.
المطلب الأول: أركان الجريمة
– قبل التطرق لتبيان أركان الجريمة وجب الإشارة إلى أن هذه الجريمة لا تشترط أن يتم إبعاد القاصر من المكان الذي وضع فيه لرعايته كما تقوم الجريمة حتى في حالة مرافقة القاصر للجاني بمحض إرادته، كما يشترط لقيام هذه الجريمة صفة القاصر الذي لم يكمل الثامنة عشر من عمره سواء ذكر أو أنثى وعلى كل حال تتمثل أركان هذه الجريمة في ركنين أساسيين مادي ومعنوي.
أولا: الركن المادي
– يتحقق الركن المادي لجريمة خطف أو إبعاد قاصر بفعل الخطف أو الإبعاد بدون عنف أو تهديد أو تحايل.
I. فعل الخطف أو الإبعاد:
– يتحقق هذا الفعل بقيام شخص بتحويل اتجاه القاصر كأن يأخذه بعيدا عن أهله فيسافر به إلى أي مكان بعيد أو قريب عن منزل أهل القاصر، والإبعاد هو أن يقوم الجاني بأخذ القاصر إلى مكان بعيد أو قريب و يوريه عن أنظار أهله، فعندما ينتظر الجاني تلميذا قرب المدرسة التي يزاول فيها تعليمه ويرغبه في الذهاب معه إلى منزله أو إلى المنتزه أو أي مدينة أخرى وبصفة عامة إلى مكان غير منزل أهله، فيكون قد ارتكب جنحة إبعاد قاصر حسب مفهوم المادة 326 من قانون العقوبات.
– كما اشترطت المادة 326 أن يكون فعل الخطف أو الإبعاد بدون استعمال العنف والتهديد أو حيلة أو تحايل، فإن قام الجاني بإبعاد قاصر أو قاصرة باستعمال أية عبارات تهديد أو شهر وسائل التهديد أو أن يتحايل على القاصر أو القاصرة بأن يوحي له بأنه سيقدم له هدية ثمينة أو يلاقيه مع شخص عزيز عليها أو عليه فإن هذا الفعل يأخذ وصفا جزائيا آخر ويدخل ضمن التعدي على الحريات الفردية، ولكن تتحقق جريمة خطف وإبعاد قاصر عندما يكون ذلك برضا القاصر، مع العلم أن رضا القاصر لا يعتد به في المادة الجزائية، فالمهم أن جريمة خطف أو إبعاد قاصر تتم عندما يطلب منه الجاني مرافقته فيقبل دون أن يقوم الجاني بأية مناورة عنيفة أو تحايل وفي هذا الصدد صدر عن المحكمة العليا غرفة الجنح والمخالفات قرار بتاريخ 05/01/1971 جاء فيه أن الجريمة تقوم في حق من خطف أو أبعد قاصرا حتى ولو كان هذا الأخير موافقا على إتباع خاطفه، كما جاء في قرار آخر صادر بتاريخ 05/01/1988 ملف رقم 49521 ما يلي: ” تشترط المادة 326 من قانون العقوبات لتطبيقها توافر فعل الخطف أو الإبعاد بحيث إذا ثبت أن القاصرة تعمدت الهروب من بيت والديها من تلقاء نفسها دون تدخل المتهم أو تأثير منه انتفت الجريمة”.
– ويثور التساؤل بالنسبة لمدة الإبعاد، ذلك أنها عنصر لا يستهان به لتحديد الجريمة، حيث يتفق الفقه الفرنسي بوجه عام على أن الغياب ليلة واحدة يكفي لقيام الجريمة ويتساءل بشأن السهر في حفلة حتى مطلع الفجر وفي هذا الصدد قضي في فرنسا بأن الاتصالات الجنسية التي تمت خلال مقابلة دامت ساعتين أو أثناء نزهة في سيارة لا يشكلان فعل التحويل.
– أما بالنسبة للوسائل المستعملة فإن المادة 326 تجرم وتعاقب على فعل الخطف أو الإبعاد حتى ولو تم بدون عنف ولا تهديد ولا تحايل أما إذا تم الخطف أو الإبعاد بالعنف أو التهديد أو التحايل فإن وصف الجريمة يتحول من جنحة إلى جناية وتطبق عليه المادة 293 مكرر وقد صدر عن المحكمة العليا غرفة الجنح والمخالفات قرار بتاريخ 19/11/1995 ملف رقم 126107 جاء فيه ما يلي : ” لا تشترط الجنحة لقيامها توفر عنصر الإكراه بل أنها تشترط أن يتم الفعل بغير عنف أو تهديد أو تحايل بالإضافة إلى توفر ركنين آخرين وهما أن تكون الضحية قاصر لم تكمل الثامنة عشر وأن يقوم المتهم بإبعادها عن مكان إقامتها أو مكان تواجدها المعتاد، ومادامت الضحية في قضية الحال لم تكتمل الثامنة عشر وقد غادرت مسكنها و توجهت رفقة المتهم إلى مكان بعيد عن بيت أهلها، فإن الجنحة تكون قائمة الأركان”
– نظرا لكون هذه الجريمة لا تقتضي استعمال العنف أو التحايل فإن بعض الفقهاء الفرنسيين تحدثوا عن جنحة الإغواء علما أن الإغواء فيه تضليل وخداع الأمر الذي يجعل التفريق بين الإغواء والتحايل أمر صعبا.
ورغم ذلك لم يتردد القضاء الفرنسي في اعتبار الخطف بالإغواء خطفا بدون تحايل، كما قضي في فرنسا بقيام الجريمة حتى في حالة ما إذا هرب القاصر من منزل والديه والتحق من تلقاء نفسه بالجاني وحتى وإن كانت أخلاقه سيئة.
ثانيا: الركن المعنوي
– جريمة خطف أو إبعاد قاصر جريمة عمدية، إذ تقتضي لقيامها توفر القصد الجنائي، أي أن يقوم الجاني بارتكاب فعله عن علم وإرادة وهو قصد جنائي عام، ويلاحظ أنه لا يشترط توفر قصد جنائي خاص فلا يؤخذ بالباعث إلى ارتكاب الجريمة، وعليه يجب أن يعلم الجاني أنه يقوم بخطف أو إبعاد قاصر وأن يعلم بأن القاصر دون الثامن عشرة من عمره، غير أنه في هذا الشأن قضي في فرنسا بعدم قيام الجريمة في حالة ما إذا ساد الإحتمال أن الجاني قد أخطأ في تقديره لسن الضحية معتقدا أنها تجاوزت سن الثامنة عشر ، وبخصوص القصد الجنائي قرر القضاء المصري أنه يجب توفر القصد الجنائي في جريمة الخطف أن يكون الجاني قد تعمد قطع صلة المجني عليه بأهله قطعا حديا، ولا إعتداء بالباعث في الحكم على الجريمة من حيث الوجود أو العدم إذ لا مانع من توفر جريمة الخطف متى استكملت أركانها القانونية ولو كان غرض الجاني الإعتداء على عرض الطفل المخطوف.
وجاء في قرار آخر لمحكمة النقض المصرية أن جريمة خطف الأطفال إنما يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من أيدي ذويه ، الذين لهم حق رعايته وقطع الصلة بهم بإبعاده عن المكان الذي خطف منه وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التعزيز بالمجني عليه وحمله على مرافقة الجاني أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية لسلب إرادته مهما كان غرض الجاني من ذلك .
المطلب الثاني: المتابعة و الجزاء
نتطرق فيما يلي إلى إجراءات المتابعة ثم الجزاء المقرر لهذه الجريمة .
أولا : إجراءات المتابعة :
– تخضع المتابعة في هذه الجريمة للقواعد العامة لتحريك الدعوى العمومية، إذ لا يشترط القانون أية شكوى لتحريك الدعوى العمومية، فالأصل أن تباشر النيابة العامة الدعوى الجزائية فور علمها بارتكاب الجريمة وذلك طبقا لقواعد القانون العام وتبقي للنيابة العامة سلطة ملائمة المتابعة.
– غير أن المادة 326 الفقرة الثانية أوردت حكما خاصا بالضحية الأنثى إذ تنص: ” إذا تزوجت القاصرة المخطوفة أو المبعدة من خاطفها فلا تتخذ إجراءات المتابعة الجزائية ضد هذا الأخير إلا بناء على شكوى الأشخاص الذين لهم صفة طلب إبطال الزواج” وأضافت الفقرة نفسها ” ولا يجوز الحكم عليه إلا بعد القضاء بإبطاله” وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 03/01/1995، ملف رقم 128928 جاء فيه أنه : ” في حالة زواج المختطفة لا تقوم المتابعة إلا بعد إبطال الزواج، ومن ثم فإن قضاة الموضوع الذين أدانوا المتهم دون مراعاة الزواج الذي أبرمه مع الضحية بحجة أنه سجل في غير حضور ولي الزوجة وحتى هي نفسها، قد أساؤا تطبيق القانون”
– وهكذا فإن زواج القاصرة المخطوفة بخاطفها يعتر حاجزا أمام المتابعة القضائية يحول دون معاقبة الجاني ويستفيد منه الشريك، ولرفع هذا الحاجز أو القيد يجب توفر شرطين متلازمين هما:
- إبطال الزواج.
- الشكوى المسبقة للأشخاص الذين لهم صفة إبطال الزواج.
وفي هذا الصدد يتساءل الدكتور أحسن بوسقيعة حول إجراءات إبطال الزواج والأشخاص المؤهلين لطلب ذلك، إذ يرى أن لهذا الموضوع علاقة وطيدة ببعض فروع القانون المدني وقانون الحالة المدنية وقانون الأسرة ، و بالرجوع لأحكام هذه القوانين نجد أن عقد الزواج يبطل لسببين:
- يبطل الزواج لانعدام الأهلية حيث نصت المادة 07 من قانون الأسرة أنه تكتمل أهلية زواج المرأة بتمام 18 سنة وللقاضي أن يرخص بالزواج قبل ذلك لمصلحة أو ضرورة، ويكون الزواج قبل تمام سن 18 سنة وبدون ترخيص باطلا بطلانا مطلقا.
- يبطل الزواج أيضا لتخلف ركن من أركانه إذا نصت المادة 09 من قانون الأسرة أن الزواج يتم برضا الزوجين وحضور شاهدين والصداق وحضور ولي الزوجة كما تضيف المادة 11 من القانون أو ولي المرأة هو الذي يتولى زواجها، ووليها هو أبوها فأحد الأقربين والقاضي ولي من لا ولي له.
– وعليه نستنتج مما سبق أو زواج عديمة الأهلية و فاقد التمييز باطل بطلانا مطلقا ولا يزول البطلان بالإجازة ، ومن ثم يرى الدكتور أحسن بوسقيعة أن الفقرة الثانية من المادة 326 بدون جدوى في ظل قانون الأسرة ما دام زواج القاصرة دون الشروط السالفة الذكر باطلا بطلانا مطلقا.
– وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجريمة جريمة مستمرة، تستمر مدة الخطف أو الإبعاد ولا يبدأ سريان التقادم إلى من اليوم الذي ينتهي فيه ذلك الخطف أو الإبعاد .
ثانيا: الجزاء
تعاقب المادة 326 من قانون العقوبات على خطف أو إبعاد قاصر لم يكمل 18 سنة بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 500 إلى 2.000 دج.

إن كل إنسان في هذه الحياة لابد أن يمر بثلاث مراحل طبيعية و يعيش حالات شخصية، فيولد حيا و عندما يصل إلى سن معينة يكون أسرة فيرتبط بشخص ثان ارتباطا شرعيا وفق أشكال قانونية فينشأ بينهما ما يسمى بعقد الزواج و ينتج عن هذا الارتباط بنون و بنات، و بعد صراع مع الحياة لمدة قد تطول أو تقصر تنشأ حالة جديدة تسمى الموت، لذلك نجد أن الكثير من الدول التي شعرت بالحاجة إلى تنظيم هذه الحالات قد وضعت قواعد تشريعية لها، و الجزائر كانت من بين الدول التي اختارت هذا النهج و يبدو ذلك واضحا من القواعد التي تضمنها قانون الحالة المدنية الصادر عام 1970، حيث وضع قواعد تنظم حالته المدنية و ألزم المواطنين باحترامها و إلا تعرضوا إلى عقوبات عند مخالفتها خاصة تلك المتعلقة بالتصريح بالولادة و الوفاة و إبرام عقد الزواج، كما أن قانون العقوبات الجزائري جرم بعض المخالفات و قرر لها عقوبات معينة، كما قام بحماية اللقب العائلي من التعدي عليه و انتحاله من طرف الغير.
– و استنادا إلى هذا العرض فإنه يتضح لنا أن هناك روابط أساسية و متينة بين قانون الحالة المدنية و قانون العقوبات تتمثل في أن الأول جاء ليضع قواعد لتنظيم حالات الأشخاص و الثاني جاء ليدعم هذه القواعد و يضمن حمايتها ثم ليسلط عقوبات مالية و بدنية على كل من خالفها أو تجاوزها عمدا أو إهمالا، و عليه سنعكف في دراستنا لهذا الفصل بالتطرق إلى الجرائم الماسة بالحالة المدنية و التي قسمناها إلى أربع جرائم هي:
– جريمة عدم التصريح لضابط الحالة المدنية.
– جريمة الحيلولة دون التحقق من شخصية الطفل.
– جريمة انتحال اسم الغير.
– جريمة استعمال وثائق غير تامة.
المبحث الأول: جريمة عدم التصريح لضابط الحالة المدنية:
– تأخذ هذه الجريمة صورتين:
الأولى عدم التصريح بالميلاد
الثانية عدم تسليم طفل حديث العهد بالولادة.
المطلب الأول: أركان الجريمة:
الصورة الأولى: عدم التصريح بالميلاد:
– لقد جاء الأمر 70/20 المتعلق بالحالة المدنية في المادة 61 منه على أنه: “يصرح بالمواليد خلال 05 أيام من الولادة إلى ضابط الحالة المدنية للمكان و إلا فرضت العقوبات المنصوص عليها في المادة 442 الفقرة 03 من قانون العقوبات”
أما المادة 62 من نفس الأمر فقد نصت: “يصرح بولادة الطفل الأب أو الأم و إلا فالأطباء القابلات أو أي شخص آخر حضر الولادة و عندما تكون الأم ولدت خارج مسكنها الشخص الذي ولدت الأم عنده”، و بالرجوع إلى نص المادة 442/3 من قانون العقوبات فإنها تعاقب: “كل من حضر ولادة طفل و لم يقدم عنها الإقرار المنصوص عليه في القانون في المواعيد المحددة بالحبس من 10 أيام إلى شهرين و بغرامة من 100 إلى 1000 دج أو إحدى هاتين العقوبتين” و يشكل هذا الفعل مخالفة لقيامها يجب توفر شروط و أركان.


أولا: الشروط الأولية:
يشترط لقيام الجريمة حضور الولادة و لا يهم إن ولد الطفل حيا أو ميتا إذ نستنتج من نص المادة 62 المذكورة أعلاه أنه لكي يلزم الشخص بالتصريح بولادة طفل إلى ضابط الحالة المدنية يجب أن يكون قد حضر فعلا حادثة الوضع و شاهد الولادة مشاهدة عيان أو ساهم في تسهيلها بنفسه إذ لا يكفي مثلا أن يسمع شخص بولادة امرأة و لو كانت قريبته حتى يلزم قانونا بالذهاب إلى ضابط الحالة المدنية ليقدم له تصريحا بمن ولدت، و لا يستثنى من هذه القاعدة إلا الأب و الشخص الذي وقعت الولادة في مسكنه و الشخص الذي تكلفه العائلة بتقديم التصريح فإن هؤلاء يبقون خاضعين لحكم الإلزام و يعاقبون إذا لم يقوموا بهذا الواجب رغم عدم حضورهم الولادة بأنفسهم
ثانيا: الركن المادي:
لقيام الركن المادي لهذه الجريمة يجب الحصول فعل الامتناع أو الإغفال عن التصريح بالميلاد من طرف الأشخاص المكلفين بذلك خلال أجل معين.
I- الأشخاص المكلفين بالتصريح:
بالرجوع لنص المادة 62 المذكورة سالفا نجد أن القانون عدد ستة أشخاص ذكر اثنين منهم بصفتهما الشرعية و اثنين بصفتهما المهنية و اثنين بظروف و حالات خاصة قد تصادفهما وبذلك ألزمهم وحتم عليهم جميعا و كل حسب وضعيته أن يصرحوا بالولادة إلى ضابط الحالة المدنية خلال المهلة المحددة و هم:
* الأب و هو أول من ذكر في النص و من ثم فهو المسؤول الأول عن عدم التصريح حتى و لو لم يكن قد حضر الولادة بنفسه.
* الأم تأتي في المقام الثاني بحيث إذا لم يصرح الوالد فعليها أن تصرح.
* الأطباء و القابلات على افتراض أن الوالد غائب و الوالدة مريضة فهنا على الطبيب أو القابلة أن تصرح، فإذا لم تلد في المستشفى فعلى من حضر الولادة التصريح بذلك.
* الشخص الذي ولدت عنده الأم، فإذا ولدت خارج بيتها يلزم الشخص الذي ولدت عنده بالتصريح بالولادة.
غير أن تصريح واحد منهم يعفي الآخرين من واجب التصريح.
II- مهلة التصريح بالولادة:
– إن كل ولادة تقع فوق التراب الجزائري أوجب القانون أن تكون محل تصريح إلى ضابط الحالة المدنية الذي وقعت الولادة في إقليم بلديته وذلك خلال أجل وضمن مهلة لا تتجاوز 05 أيام من اليوم الذي يلي يوم الولادة و إذا انقضى هذا الأجل من غير أن يقع التصريح بسبس أو بدون سبب فإنه يتعين ألا يذهب إلى ضابط الحالة المدنية و إنما إلى وكيل الجمهورية ليعلن له اسم و تاريخ ميلاد المولود الجديد و يقدم له طلبا كتابيا مصحوبا بالوثائق و الأوراق التي تثبت زواجه و نسب هذا المولود إليه و ذلك لاستصدار أمر معلن للميلاد من طرف رئيس المحكمة يسمح له بتقييد طفله في سجلات الحالة المدنية ، مع الإشارة إلى أن أجل خمسة أيام لا تنطبق على ولايتي الساورة و الواحات (بشار، ورقلة ) و لا إلى المواطنين المهاجرين و المقيمين في البلدان الأجنبية حيث حدد المشرع هذه المهلة بستين (60) يوما في هذه الحالات حسب المادة 61 /3 السالفة الذكر ، و سكت عن المهلة الممنوحة للمهاجرين المقيمين بالخارج .
– و تجدر الإشارة إلى أن يوم الولادة لا يدخل ضمن مهلة الخمسة أيام و إذا صادف آخر يوم هذه المهلة يوم عطلة رسمية فإن هذه المهلة ستمتد إلى أول يوم يلي يوم العطلة الرسمية ، و يمنع ضابط الحالة المدنية من تلقي أي تصريح و تسجيل أي طفل بعد انقضاء الأجل المحدد .
– و في حالة ولادة طفل على ظهر باخرة جزائرية لنقل المسافرين أثناء سفر بحري فإنه على قائد هذه الباخرة أن يحرر وثيقة بذلك استنادا إلى تصريح أب الطفل أو أمه أو أي شخص آخر خلال مدة 05 أيام ابتداء من اليوم الذي وقعت فيه الولادة.
– و في حالة وقوع الولادة أثناء فترة توقف السفينة في ميناء أجنبي و لم يكن بالإمكان الاتصال بالبر أو لم يوجد بهذا الميناء موظف دبلوماسي أو قنصل جزائري مكلف بمهام ضابط الحالة المدنية، فإن القانون يوجب على قائد السفينة أن يحرر وثيقة الميلاد خلال 05 أيام من يوم الولادة بناء على تصريح الأب أو الأم أو أي شخص آخر حضر الولادة.
– و في حالة ما إذا ولد المولود ميتا فلا ضرورة للتصريح بولادته إلى ضابط الحالة المدنية و إنما يسجل في سجلات الوفيات بناء على طلب والديه بالرغم من أن القانون أغفل النص على مثل هذه الحالات
ثالثا: الركن المعنوي:
– هذا الركن غير مطلوب في هذه الجريمة لأن الأمر يتعلق بمخالفة بسيطة.
الصورة الثانية: عدم تسليم طفل حديث العهد بالولادة:
– لقد نصت المادة 67/1 من الأمر 70/20 على أنه: “يتعين على كل شخص وجد مولودا حديثا أن يصرح به إلى ضابط الحالة المدنية التابع لمكان العثور عليه و إذا لم تكن له رغبة بالتكفل بالطفل يجب عليه تسليمه إلى ضابط الحالة المدنية مع الألبسة الأمتعة الأخرى الموجودة معه”
– و قد نصت المادة 442 فقرة 01 و03:”يعاقب بالحبس من 10 أيام على الأقل إلى شهرين على الأكثر و بغرامة من 100 إلى 1000دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط…” .
– “… كل من حضر ولادة طفل و لم يقدم عنه الإقرار المنصوص عليه في القانون في المواعيد المحددة و كل من وجد طفل حديث العهد بالولادة و لم يسلمه إلى ضابط الحالة المدنية كما يوجب ذلك القانون ما لم يوافق على أن يتكفل به و يقر بذلك أمام جهة البلدية التي عثر على الطفل في دائرتها…”
– هذه الجريمة تتطلب توفر الأركان التالية:
أولا: الركن المادي:
يتحقق الركن المادي لجريمة عدم تسليم طفل حديث العهد بالولادة بامتناع كل من وجد طفلا حديث العهد بالولادة القيام بمايلي :
– إما تسليمه إلى ضابط الحالة المدنية كما يوجب القانون ذلك.
– الإقرار به أمام جهة البلدية التي عثر على الطفل في دائرتها إذا ما وافق على التكفل به.
إذ يوجب القانون على هذا الشخص أن يدلي بتصريح عن ذلك إلى ضابط الحالة المدنية الذي عثر على الطفل بدائرة اختصاص بلديته و إذا لم تكن له الرغبة في التكفل به يجب عليه أن يسلمه إلى ضابط الحالة المدنية مع ما وجد معه من ألبسة و غيرها.
ثانيا: الركن المعنوي:
– إن جريمة عدم تسليم طفل حديث العهد بالولادة تتطلب قصدا جنائيا عاما أي انصراف إرادة الجاني إلى تحقيق وقائع الجريمة مع علمه بأركانها كما يتطلبها القانون.
المطلب الثاني: المتابعة و الجزاء:
نتطرق فيما يلي إلى إجراءات المتابعة ثم إلى الجزاء المقرر لهذه الجريمة.
أولا: إجراءات المتابعة:
تخضع المتابعة في هذه الجريمة للقواعد العامة لتحريك الدعوى العمومية، إذ يمكن للنيابة القيام بالمتابعة بمجرد قيام أركان الجريمة، و لا تخضع لأي قيد يغل يدها عن تحريك الدعوى العمومية.
ثانيا: الجزاء:
– إن جريمة عدم التصريح بالميلاد تشكل مخالفة معاقب عليها طبقا لنص المادة 442/3 من قانون العقوبات بالحبس من 10 أيام على الأقل الى شهرين على الأكثر و بغرامة من 100 الى 1000دج أو بإحدى هاتين العقوبتين، و تطبق نفس العقوبات المقررة في نص المادة 442/3 على كل من وجد طفلا حديث العهد بالولادة و امتنع عن تسليمه إلى ضابط الحالة المدنية أو الإقرار بذلك أمام جهة البلدية التي عثر على الطفل في دائرتها إذا ما وافق على التكفل به.
– و تجدر الإشارة إلى أنه إذا كان المشرع الجزائري قد حدد بنص المادة 61 من قانون الحالة المدنية أجل معين للتصريح بالولادات و هو 60 يوما بالنسبة لولايتي الساورة و الواحات و 05 أيام بالنسبة للولايات الأخرى و رتب على عدم التصريح بذلك خلال هذا الأجل عقوبة جزائية تطبيقا لنص المادة 442 من قانون العقوبات .
– إلا أنه أغفل النص على مثل هذا الأجل و العقوبة بالنسبة لعدم التصريح بالزواج لذا نقترح تدخل المشرع من جديد لسد هذا الفراغ بتسليط عقوبة بدنية و مالية على كل من يمتنع أو يغفل إبرام عقد زواجه أمام الموثق أو ضابط الحالة المدنية لوضع حد نهائي لعقود الزواج العرفية.

المبحث الثاني: جريمة الحيلولة دون التحقق من شخصية الطفل:
– لقد نصت المادة 321 من قانون العقوبات على أنه: “يعاقب بالسجن من 05 سنوات إلى 10 سنوات كل من نقل عمدا طفلا أو أخفاه أو استبدل طفلا آخر به أو قدمه على أنه ولد لامرأة لم تضع و ذلك في ظروف من شأنها أن يتعذر التحقق من شخصيته.
و إذا لم يثبت أن الطفل قد ولد حيا فتكون العقوبة هي الحبس من شهرين إلى 05 سنوات.
و إذا ثبت أن الطفل لم يولد حيا فيعاقب بالحبس من شهر إلى شهرين.
غير أنه إذا قدم فعلا الولد على أنه و لد لامرأة لم تضع حملا بعد تسليم اختياري أو إهمال من والديه فإن المجرم يتعرض لعقوبة الحبس من شهرين إلى 05 سنوات”
– باستقراء هذه المادة نلاحظ أنه يتطلب لقيام هذه الجريمة أركان نتطرق إليهم في مطلب أول ثم في مطلب ثان نتطرق لإجراءات المتابعة و الجزاء.
المطلب الأول: أركان الجريمة:
– تتطلب هذه الجريمة ركنا ماديا و ركنا معنويا نتناولهما فيما يلي:
أولا: الركن المادي:
– طبقا للقواعد العامة يلزم توافر النشاط الإجرامي الذي يقوم به الجاني لتحقيق النتيجة المعاقب عليها، إذ تميز المادة 321 بين وضعين:
– إخفاء نسب طفل حي.
– عدم تسليم جثة طفل.
I- إخفاء نسب طفل حي: يتعلق الأمر بالقاصر غير المميز أي الذي لم يبلغ السادسة عشر طبقا للفقرة الثانية من المادة 42 من القانون المدني و التي نصت على: “لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقدا التمييز لصغر في السن أوعته أو جنون .
يعتبر غير مميز من لم يبلغ السادسة عشر سنة”
إذ نصت الفقرة الأولى من المادة 321: “يعاقب بالسجن من 05 سنوات إلى عشر سنوات كل من نقل عمدا طفلا أو أخفاه أو استبدل طفلا أخرا به أو قدمه على أنه ولد لامرأة لم تضع و ذلك في ظروف من شأنها أن يتعذر التحقق من شخصيته”
– يتكون الفعل المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 321 المذكورة أعلاه من 04 شروط هي:
* الشرط الأول: عمل مادي و الذي بدوره يتمثل في أحد الأفعال التالية:
– نقل طفل و ذلك بإبعاده عم المكان الذي يوجد به و نقله إلى مكان أخر و هذا الفعل قد يشكل جريمة أخرى تتمثل في تحويل قاصرة.
– إخفاء طفل و ذلك بقيام شخص بخطف طفل و إخفائه و حجبه عن الغير في ظروف يستعصى معها إثبات حالته المدنية.
– استبدال طفل بآخر و ذلك عندما يوضع طفل مكان طفل الذي ولدته المرأة الحقيقية، إما من طرف هذه المرأة أو من طرف الغير أي نعطيه مكانة الآخر و بالنتيجة حقوق الطفل الآخر و إن هذا الغش الذي يكن بالإدخال المادي لطفل في عائلة يكون غريب عنها يشكل جناية و في الواقع يمكن لهذا الأخيرة أن تحصل إما عن طريق إبدال طفل شرعي بآخر أو طفل طبيعي بطفل شرعي و العكس بالعكس .
– تقديم طفل على أنه و لد لامرأة لم تضع و ذلك بغية نسبه لهذه الأخيرة.
* الشرط الثاني: إثبات أن الوالدة وضعت حملها و أن الطفل و لد حيا و أنه لم يسلم إليها : فعلى الوالدة تقديم شكوى و أن ثبت بأنها ولدت طفلا و أنه ولد حيا.
الشرط الثالث: أن يكون هذا العمل من شأنه أن يعرض نسب الطفل للخطر أي الحيلولة دون التحقق من شخصيته و الأمر هنا يتعلق بالنسب و على هذا الأساس لا تقوم هذه الجريمة في حالة التصريح الكاذب للحالة المدنية بنسب طفل خيالي، كأن تصرح امرأة أنها ولدت طفلا و هي لم تلد أصلا، هنا نكون أمام التصريح الكاذب أما الجريمة الأخرى لا تتحقق
* الشرط الرابع: يجب أن يولد الطفل حيا و قابلا للحياة و على النيابة العامة إثبات ذلك و إذا لم تثبت ذلك فنكون أمام جريمة أخرى هي عدم تسليم جثة طفل، و لا يشترط أن يكون الطفل حديث العهد بالولادة لأن المادة 321 تحدثت عن الطفل كما لا يهم إن كان الطفل شرعيا أو غير شرعي.
II- عدم تسليم جثة طفل: و هو الفعل المنصوص عليه في الفقرتين الثانية و الثالثة من المادة 321 من قانون العقوبات: “…و إذا لم يثبت أن الطفل قد ولد حيا فتكون العقوبة هي الحبس من شهرين إلى خمس سنوات .
و إذا ثبت أن الطفل لم يولد حيا فيعاقب بالحبس من شهر إلى شهرين ” .
و يتعلق الأمر هنا بطفل لم يولد حيا أو لم يثبت أنه ولد حيا و لا تقوم الجريمة إلا إذا بلغ الجنين 180 يوما (أي 06 أشهر) و إلا كان الفعل إجهاضا.
و الأمر هنا لا يتعلق بحماية نسب الطفل و إنما بشخصية الطفل و يأخذ هذا الفعل صورتين :
* الصورة الأولى: إذا لم يثبت أن الطفل قد ولد حيا و هي الصورة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 321 من قانون العقوبات و في هذه الحالة يكون الطفل قد أخفي .
يشترط القانون كما أسلفنا الإعلان بالولادة حتى يتمكن المجتمع من حماية الطفل و تقوم الجريمة بمجرد إخفاء جسم الطفل و لا يهم إن دل الجاني فيما بعد عن مكان إخفاء الجثة ، و بوجه عام تقوم الجريمة في هذه الصورة إذا لم تثبت النيابة أن الطفل قد ولد حيا.
الصورة الثانية: إذا ثبت أن الطفل لم يولد حيّا و هي الصورة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 321 من قانون العقوبات، تقوم الجريمة في هذه الصورة إذا أثبت الجاني أن الطفل قد ولد ميتا.
ثانيا: الركن المعنوي:
– تقتضي هذه الجريمة بصورتيها قصدا جنائيا و هو انصراف إرادة الجاني إلى تحقيق وقائع الجريمة مع العلم بأركانها كما يتطلبها القانون، فالقصد الجنائي في هذه الجريمة هو الحيلولة دون التحقق من شخصية الطفل.

المطلب الثاني : المتابعة و الجزاء:
نتطرق فيما يلي إلى إجراءات المتابعة ثم الجزاء
أولا : إجراءات المتابعة :
– تتم المتابعة في هذه الجريمة دون قيد أو شرط وللنيابة العامة القيام بإجراءات المتابعة بمجرد توافر عناصر و أركان الجريمة.
ثانيا : الجزاء :
تختلف العقوبة باختلاف صور الجريمة و هي إما جناية أو جنحة أو مخالفة.
- كون جناية في حالة إخفاء نسب طفل حي و هي الحالة المنصوص و المعاقب عليها في الفقرة الأولى من المادة 321 من قانون العقوبات بالسجن من 05 إلى 10 سنوات .
غير أن هذه الجريمة تتحول إلى جنحة في صورة تقديم طفل على أنه ولد لامرأة لم تضع حملا، و تكون العقوبة في هذه الحالة الحبس من شهرين الى 05 سنوات طبقا للفقرة الرابعة من المادة 321.
- تكون جنحة أو مخالفة في صورة عدم تسليم جثة طفل:
- تكون جنحة إذا لم يثبت أن الطفل ولد حيا ، و هي الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 321 من قانون العقوبات ، عقوبتها الحبس من شهرين إلى خمس سنوات
- تكون مخالفة إذا ثبت أن الطفل لم يولد حيا و هي الخالة المنصوص و المعاقب عليها بنص المادة 321/3 من قانون العقوبات بالحبس من شهر إلى شهرين.
و ينتج عن تنظيم هذا التدرج في العقوبة أن النيابة العامة في حالة إخفاء نسب طفل حي عليها إثبات أن الطفل قد عاش إذا ما أرادت أن تتابع الفاعل بنص الفقرة الأولى من المادة 321 و للمتهم هذا إثبات أن الطفل لم يعش إذا ما أراد أن يخضع للعقوبة الأخرى المنخفضة و إذا لم يثبت إحدى هاتين الحالتين تكون في حالة الشك حول حياة الطفل المخفي.

المبحث الثالث : جريمة انتحال اسم الغير :
– إن اللقب العائلي لا يعتبر مجرد بيان من بيانات وثيقة الميلاد فقط بل حق من الحقوق التي يرثها الابن عن أبيه، و الحقيقة أن الابن الشرعي هو الوحيد الذي يحق له حمل لقب العائلة تبعا للقب أبيه و في هذا الإطار نصت المادة 48 من القانون المدني على أنه: ” لكل من نازعه الغير في استعمال اسمه دون مبرر و من انتحل الغير اسمه أن يطلب وقف هذا الاعتداء و التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر” و عليه فإن اللقب العائلي محمي بحكم القانون من كل تعد عليه و لا يجوز استعماله من طرف شخص أجنبي على العائلة التي تستعمله و أن كل من ينتحل اسما عائلي أو لقب عائلة غير عائلته و يستعمله دون حق يعرض نفسه للمتابعة الجزائية بتهمة ارتكاب جريمة انتحال الألقاب و يمكن أن يعاقب بغرامة مالية تتراوح بين 500 إلى 5000دج تطبيقا لنص المادة 247 من قانون العقوبات التي تقضي: “كل من انتحل لنفسه في محرر عمومي أو رسمي أو في وثيقة إدارية معدة لتقديمها للسلطة العمومية اسم عائلة خلاف اسمه و ذلك بغير حق يعاقب بغرامة من 500 إلى 5000دج “
المطلب الأول: أركان الجريمة:
تتطلب هذه الجريمة لقيامها ركنين مادي و معنوي.
أولا: الركن المادي:
يتمثل في انتحال اسم عائلة خلافا لاسمه في محرر رسمي أو عمومي في وثيقة إدارية معدة لتقديمها للسلطة العمومية بغير حق لذا فإن قيام الجريمة انتحال اسم الغير يستلزم عددا من العناصر يتطلب القانون توافرها و تخلف أحد العناصر يؤدي إلى عدم قيام هذه الجريمة لذا يجب التحدث عن كل عنصر وفقا للترتيب التالي:
I- عنصر الفعل المادي للاعتداء:
هو العنصر الأساسي الأول الذي يتطلب القانون توفره و يتمثل في انتحال شخص لقب عائلة غير عائلته و كأنه لقبه الحقيقي بقصد التهرب من المسئولية الجزائية أو الحصول على منفعة أو أي غرض أخر.
II- محل الانتحال محرر رسمي:
و هو أن يقع الفعل المادي للانتحال على وثيقة عمومية أو رسمية أو وثيقة إدارية معدة لتقديمها إلى السلطة العامة ذلك لأن وقوع انتحال اللقب على وثيقة عادية أو عرفية لا تقبلها السلطات الإدارية و إن كان يمكن أن تشكل جريمة أخرى في قانون العقوبات إلا أنه لا يشكل الجريمة المذكورة في المادة 247 من قانون العقوبات.
III- وقوع الانتحال على لقب الغير:
و يتمثل في استيلاء شخص على لقب الغير أو انتحاله لنفسه دون أي حق أو مبرر شرعي أو قانوني، و يكون استعمال لقب الغير استعمال شرعي و مبرر في حالة الاستعمال عن طريق الصدفة حيث يمكن أن يحمل أفراد عائلتين أو أكثر لقب عائلي واحد دون قصد الانتحال.
ثانيا: الركن المعنوي:
– إن جريمة انتحال لقب الغير هي جريمة عمدية تتطلب قصد جنائي عام يتمثل في انصراف إرادة الجاني إلى إتيان الفعل مع علمه بأن ذلك معاقب عليه قانونا.
و عليه فإذا توفرت عناصر انتحال اللقب أو الاعتداء المادي عليه و كان محل الاعتداء محرر عمومي أو رسمي أو وثيقة إدارية معدة لتقديمها إلى السلطات العمومية دون أي حق و دون أي مبرر قانوني بالإضافة إلى القصد الجنائي فان هذا التصرف يشكل اعتداء على نظام الأسرة و تكون الجريمة قد استوفت عناصرها و أن الفاعل يستحق العقاب.
المطلب الثاني: المتابعة و الجزاء:
نتطرق فيما يلي إلى إجراءات المتابعة ثم الجزاء.
أولا: إجراءات المتابعة:
تخضع المتابعة في هذه الجريمة للقواعد العامة للتحريك الدعوى العمومية إذ يمكن للنيابة العامة القيام بإجراءات المتابعة بمجرد قيام أركان الجريمة و لا تخضع لأي قيد يغل يدها عن تحريك الدعوى العمومية.
ثانيا: الجزاء:
– جريمة انتحال اسم الغير هي جنحة معاقب عليها طبقا لنص المادة 247 من قانون العقوبات بغرامة من 500 إلى 5000دج.

المبحث الرابع: جريمة استعمال وثائق غير تامة:
– إن الدفتر العائلي هو مستند رسمي أنشئ بموجب نص تشريعي لجمع وثائق أفراد الأسرة المتعلقة بحالتهم المدنية، و إن لرئيس الأسرة الذي يكون غالبا هو الزوج مهمة صيانته و حفظه و تدرج في الدفتر العائلي كل البيانات المثبتة للحالات التي تطرأ على الحالة المدنية لأفراد الأسرة و إذا طرأت حالة معينة على حالة أحد أفراد الأسرة وجب على رب الأسرة أن يدرج بيانا بذلك في الدفتر العائلي عن طريق ضابط الحالة المدنية و إذا تعمد أو تهاون عن ذلك فإنه سيتعرض للمتابعة الجزائية بتهمة ارتكاب جريمة استعمال وثائق إدارية يعلم أن البيانات المدونة فيها أصبحت غير صحيحة و يمكن أن يحكم عليه بعقوبة مالية و بدنية تطبيقا لنص المواد 222 أو 228 حسب الأحوال.
لقد نصت المادة 117 من قانون الحالة المدنية على أنه : ” يتعين على ضابط الحالة المدنية الذي يتلقى أو يسجل عقدا أو حكما قضائيا يجب نقله أو بيانه في الدفتر العائلي أن يطلب من المصرح أو الشخص المكلف بعملية التسجيل تقديم هذا الدفتر قصد استكمال القيد فيه حالا .
و إذا لم يتمكن من تقديم الدفتر يقوم على الأقل بتحرير العقد أو التسجيل أو البيان و عندئذ يلفت ضابط الحالة المدنية نظر رب العائلة للعقوبات التي يتعرض لها تطبيقا للمادة 67 من قانون العقوبات بكتابة و استعمال بطاقات الحالة المدنية المعدة بالاستناد لدفتر غير تام أو غير صحيح ” .
و قد نصت المادة 212 من قانون العقوبات على أنه: “كل من قلد أو زور أو زيف رخصا أو شهادات أو كتابات أو بطاقات أو نشرات أو إيصالات أو جوازات سفر أو أوامر خدمة أو وثائق سفر أو تصاريح مرور أو غيرها من الوثائق التي تصدرها الإدارات العمومية بغرض إثبات حق أو شخصية أو صفة أو منح إذن يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاثة سنوات و بغرامة من 1500دج إلى 15000دج.
و يجوز علاوة على ذلك أن يحكم على الحاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 14 من سنة على الأقل إلى خمس سنوات على الأكثر و يعاقب على الشروع بمثل ما يعاقب به على الجريمة التامة تطبق العقوبة ذاتها على:
* من استعمل الوثائق المقلدة أو المزورة أو المزيفة المذكورة مع علمه بذلك.
* من استعمل إحدى الوثائق المشار إليها في الفترة 01 مع علمه أن البيانات المدونة بها أصبحت غير كاملة أو غير صحيحة”
و عليه و من خلال ما سبق سنتعرض إلى أركان الجريمة ثم إجراءات المتابعة و الجزاء كما يلي:
المطلب الأول: أركان الجريمة:
– تتكون جريمة استعمال وثائق غير تامة من ركنين أساسيين مادي و معنوي نتطرق إليها تبعا:
أولا: الركن المادي:
يتضمن الركن المادي لهذه الجريمة العناصر التالية:
I- عنصر النقص في الوثائق الإدارية:
إن استعمال الدفتر العائلي بشكل غير تام أو غير صحيح يشكل اعتداء على نظام الأسرة و يعرض رب الأسرة إلى المتابعة الجزائية و لهذا فإذا حصل أن مات للزوجين طفل كان مسجلا في الدفتر العائلي، و أهمل تدوين بيان وفاته فيه وواصل استعماله و كأن الطفل لم يمت فإن عنصر النقص في الوثيقة يكون قد تحقق.
III- عنصر استعمال الوثيقة الناقصة:
– يتمـثل هذا العنصر في استعمال الدفتر العـائلي أو استخراج وثائـق عنه ، و تقديمه أو تقديم تلك الوثائق إلى الجهة الإدارية بقصد الحصول على فوائد أو منافع قانونية أو غير قانونية و يتحقق هذا العنصر بمجرد عرض الدفتر العائلي على الجهة المعنية أو بمجرد استخراج نسخ لوثائق الحالة المدنية منه، و استغلالها سواء لمصلحته الشخصية أو لمصلحة أحد أفراد أسرته.
ثانيا: الركن المعنوي:
– إن جريمة استعمال وثيقة غير تامة جريمة عمدية تستلزم انصراف إرادة الجاني إلى استعمال وثائق ناقصة أو غير تامة أو غير صحيحة أو تقديمها إلى الجهات الإدارية المعنية بقصد استعمالها مع علمه بالنقص أو بعدم صحة ما يتضمنه الدفتر العائلي أو معرفة رب الأسرة أو مستعمل الدفتر العائلي أن بيانا من البيانات الواجب إدراجها فيه غير مدرج بسبب إهماله أو تهاونه، و لا سيما إذا كان قد وقع تنبيهه إلى مثل هذا النقص من طرف ضابط الحالة المدنية و لم يكترث إذ أن ثبوت التنبيه كاف وحده لإثبات علم المتهم بالنقص الموجود بالوثيقة.

المطلب الثاني: المتابعة و الجزاء:
نتطرق فيما يلي إلى إجراءات المتابعة ثم الجزاء.
أولا: إجراءات المتابعة:
– تخضع المتابعة في هذه الجريمة للقواعد العامة لتحريك الدعوى العمومية إذ يمكن للنيابة العامة القيام باجراءات المتابعة بمجرد قيام أركان الجريمة و لا تخضع لأي قيد يغل يدها عن تحريك الدعوى العمومية.
ثانيا: الجزاء:
– إن جريمة استعمال وثائق غير تامة هي جنحة معاقب عليها بالحبس من 06 أشهر إلى ثلاثة سنوات و بغرامة من 1500 إلى 15000دج تطبيقا لنص المادة 222/1 من قانون العقوبات.
خـاتمـة
من خلال دراستنا وتحليلنا للنصوص الجزائية الخاصة بالجرائم الواقعة على الأسرة الواردة في قانون العقوبات وكذا إطلاعنا على التطبيقات القضائية لهذه النصوص في الأحكام والقرارات القضائية ، حرص كل من المشرع والسلطة القضائية على حماية كيان الأسرة من كل اعتداء يؤدي إلى تفككه وانحلاله إلا أن الجرائم الواقعة على الأسرة تبقى من الجرائم الشائعة في جداول المحاكم والمجالس القضائية خاصة جرائم الإهمال العائلي التي تحتل الصدارة سيما المتعلقة بعدم دفع النفقة المحكوم بها قضائيا والتي حصرها المشرع في نص المادة331 من قانون العقوبات في النفقة الغذائية في حين أن النفقة بمفهوم قانون الأسرة تشمل الغذاء والكسوة والمسكن ، وعلى المشرع تدارك هذا النقص والمطابقة بين النصوص القانونية إذ غالبا ما يلجأ إلى هذا النقص للتحايل على أحكام المادة 331 من قانون العقوبات ، وفي المقابل لاحظنا ضرورة تقييد المتابعة في هذه الجنحة بشكوى المضرور إذا أن نسبة كبيرة من المتابعات تتخللها مصالحة بين الضحية والمتهم بعد دفع المبالغ المحكوم بها وسحب الشكوى من شأنه أن يضع حد للمتابعة الأمر الذي لا يمكن في ظل النص الحالي وهذا حفاظا على العلاقات الأسرية.
أما فيما يتعلق بالجرائم الأخلاقية فإنها شهدت تزايد مذهل نظرا للانحلال الخلقي الذي يعيشه المجتمع فإن ما يمكن ملاحظته في التشريع الجزائري أنه إباحي مقارنة بالأحكام التي قررتها الشريعة الإسلامية السمحاء، إذ تبنى سياسة إجرامية لدول غربية جعل جريمة الزنا اعتداء على العلاقات الزوجية فحسب وعليه حصر عذر الاستفزاز في أحد الزوجين الذي يصادف الزوج الآخر متلبسا في جريمة الزنا دون غيرهم من الأقارب كالأب أو الابن أو الأخ وهذا ما يتعارض مع القيم الاجتماعية التي ينبغي أن تكون فلسفة المشرع مطابقة لها.
أما الجرائم الماسة بالطفولة فإن جرائم الإجهاض وقتل طفل حديث العهد بالولادة تبقى من الجرائم التي ترتكب في الخفاء ولا يتم الكشف عنها إلا بصعوبة كون الباعث من ارتكابها هو اجتناب العار، أما جريمة عدم تسليم الطفل مخالفة لحكم قضائي في أحد الجرائم الشائعة إذ غالبا ما يحاول أحد الأبوين مخالفة الحكم القاضي بإسناد الحضانة أو مواقيت الزيارة في حين الجرائم المتعلقة بالحالة المدنية فهي في تقلص مستمر.
وما يمكن استخلاصه أيضا بصدد تحليلنا لنصوص قانون العقوبات أن المشرع لم يكتف بتجريم الأفعال الماسة بالكيان الأسري تجريما خاصا وإنما رتب على قيام الرابطة الأسرية في بعض الجرائم العامة التي لا تتعلق بالأسرة فحسب آثار من حيث التجريم والمتابعة والعقاب وذلك حفاظا على الكيان الأسري وتماسكه.
فقد تكون الرابطة الأسرية كسبب لتشديد العقاب كما في جريمة القتل إذا وقفت على أحد الأصول المادة 258 قانون العقوبات وكذا جرائم أعمال العنف العمدية الواقعة بين الأصول والفروع المواد 267، 269، 272 من قانون العقوبات كما قد تكون الرابطة الأسرية كسبب للإعفاء من العقاب إذ أجازت الفقرة الأخيرة من المادة 91 من قانون العقوبات للقاضي إعفاء الأقارب و الأصهار إلى الدرجة الثالثة من العقوبة المقررة لجريمة عدم التبليغ عن جرائم الخيانة والتجسس وغيرها من النشاطات التي يكون من طبيعتها الإضرار بالدفاع الوطني.
وتكون الرابطة الأسرية كسبب لإباحة الفعل في جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة المرتكبة بين الأصول والفروع والأزواج كما هو مقرر في المواد377،373،368من قانون العقوبات.
وأخيرا تكون الرابطة الأسرية كسبب لتطلب الشكوى في جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة التي تقع بين الأقارب والأصهار والحواشي إلى الدرجة الرابعة إذ لا يجوز اتخاذ إجراءات المتابعة إلا بناءا على شكوى المضرور وأن التنازل عنها يضع حدا لهذه الإجراءات كما هو منصوص عليه في المواد 377،373،369. من قانون العقوبات.
و ما يمكن قوله في الأخير هو اتخاذ المشرع الجزائري سياسة جنائية محكمة فمن جهة ساهمت النصوص العقابية الردعية في حماية الأسرة من الأفعال الماسة بسلامتها و أمنها ، و من جهة أخرى حاول المشرع المحافظة على تماسك الأسرة من خلال إفراد إجراءات خاصة لتحريك الدعوى العمومية .
– هذه هي أهم الملاحظات والخلاصات التي توصلنا إليها من خلال هذا البحث آملين أن نكون قد أحطنا بجوانب الموضوع وذلك بالقدر المستطاع.

قائمـــة المراجــــع
أولا: المؤلفات :
I- بالغة العربية :
1- الدكتور أحسن بوسقيعة- الوجيز في القانون الجزائي الخاص- الجرائم ضد الأشخاص والجرائم ضد الأموال- طبعة 2002- دار هومة، الجزائر.
2- الدكتور أحسن بوسقيعة- الوجيز في القانون الجزائي العام- طبعة 2002- الديوان الوطني للأشغال التربوية – الجزائر.
3- الدكتور أحسن بوسقيعة-قانون العقوبات في ضوء الممارسة القضائية- الطبعة الثانية 2001- الديوان الوطني للأشغال التربوية – الجزائر.
4- الدكتور أحمد مجحودة-أزمة الوضوح في الإثم الجنائي في القانون الجزائري والقانون المقارن – الجزء الثاني-طبعة 2000- دار هومة –الجزائر.
5- المستشار احمد محمود خليل- جريمة الزنا-طبعة 2002-منشأة المعارف – الإسكندرية.
6- أحمد شوقي الشلقاني-مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري-الجزء الأول- طبعة 1999- ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر.
7-المستشار أحمد خليل – جريمة الزنا – طبعة1982-ديوان المطبوعات الجامعية – القاهرة.
8- الدكتور الأخضر بوكحيل – الإجراءات الجنائية – مطبعة الشهاب (بدون سنة).
9- إسحاق إبراهيم منصور- شرح قانون العقوبات الجزائري – القسم الخاص- الطبعة الثانية – ديوان المطبوعات الجامعية – الجزائر.
10-بيار إميل طوبيا – الموسوعة الجزائية المتخصصة – الجرائم الأخلاقية-الجزء السادس-طبعة 2003-المؤسسة الحديثة للكتاب – لبنان.
11-جيلالي بغدادي- التحقيق دراسة مقارنة نظرية وتطبيقي – الطبعة الأولى 1999- الديوان الوطني للإشغال التربوية الجزائر.
12- جيلالي بغدادي – الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية- الجزء الأول-الطبعة الأولى 2000-الديوان الوطني للإشغال التربوية – الجزائر.
13- محمود زكي شمس – الموسوعة العربية للإجتهادات القضائية الجزائية – الجزء السادس- طبعة 2000-منشورات حلب الحقوقية- بيروت.
14- الدكتور محمد زكي أبو عامر والدكتور سليمان عبد المنعم – القسم العام لقانون العقوبات – طبعة 2002 – دار الجامعة الجديدة للنشر – القاهرة.
15-محمد عبد الحميد الألفي- الجرائم العائلية- الحماية الجنائية للروابط الأسرية وفقا لأحدث أحكام محكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا والصيغ القانونية -1999-(دار النشر غير مذكورة).
16- محمد صبحي نجم – رضاء المجني عليه وأثره على المسؤولية الجنائية – طبعة 1983- ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر.
17- رينه غارو – موسوعة قانون العقوبات العام والخاص – ترجمة لين صالح مطر- المجلدين السادس و السابع – منشورات الحلبي الحقوقية.
18- سليمان بارش – محاضرة في شرح قانون العقوبات الجزائري القسم الخاص- الطبعة الأولى1985 – دار البعث للطباعة والنشر.
19-المستشار عبد الحميد فود ة- الجرائم الماسة بالآداب العامة والعرض-طبعة 2004- دار الكتب القانونية – القاهرة.
20- عبد السلام مقلد – الجرائم المعلقة على شكوى والقواعد الإجرائية الخاصة بها طبعة 1989- دار المطبوعات الجامعية القاهرة.
21-الأستاذ عبد العزيز سعد – الجرائم الأخلاقية في قانون العقوبات الجزائري-طبعة 1982- الشركة الوطنية للتوزيع والنشر الجزائر.
22- الأستاذ عبد العزيز سعد-الجرائم الواقعة على نظام الأسرة – الطبعة الثانية 2002- الديوان الوطني للأشغال التربوية – الجزائر.
23- الأستاذ عبد العزيز سعد – نظام الحالة المدنية في الجزائر- الطبعة الثانية – دار هومة الجزائر.
24- الدكتور علي عبد القادر القهواجي- قانون العقوبات – القسم الخاص- طبعة 2001- منشورات الحلبي الحقوقية بيروت.
25- المستشار عزالدين الدناصوري والدكتور عبد الحميد الشواربي-طبعة 1993منشاة المعارف- الإسكندرية.
26- زبدة مسعود- الإقتناع الشخصي للقاضي الجزائري- طبعة 1989- المؤسسة الوطنية للكتاب- الجزائر.
II- باللغة الفرنسية :
1- Bouzat et pinetal- traité le driot pénal-1970
ثانيا : المجلات:
1- المجلة القضائية – عدد01 لسنة1990.
2- المجلة القضائية – عدد01 لسنة 1993
3- المجلة القضائية – عدد02 لسنة1995
4- المجلة القضائية – عدد01 لسنة 1997
5- المجلة القضائية – عدد01 لسنة 2001
6- المجلة القضائية – عدد02 لسنة 2002
7- المجلة القضائية – عدد خاص- غرفة الجنح والمخالفات للمحكمة العليا- الجزء الأول – 2002.
8- نشرة القضاة – عدد51- سنة 1997
9- مجلة رسالة الأسرة – عدد خاص بالطفولة المعرضة للخطر المعنوي والمادي- عدد 02 لسنة 2004.
10- موسوعة الفكر القانوني- مجلة الموسوعة القضائية.
11- مجلة العلوم الاجتماعية.
ثالثا : القوانين
1- الأمر رقم 66/155 المؤرخ في 08/06/1966المتضمن قانون الإجراءات الجزائية.
2- الأمر رقم 66/156 المؤرخ في 08/06/1966المتضمن قانون العقوبات.
3- الأمر رقم 70/20 المؤرخ في 19/02/1970 المتضمن قانون الحالة المدنية.
4- الأمر رقم 84/11 المؤرخ في09/06/1984 المتضمن قانون الأسرة.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الجرائم ، الواقعة ، الأسرة ،









الساعة الآن 09:04 AM