بحث عقد الإيجار التجاري في الجزائر
الاشخاص الخاضعين لأحكام الإيجار التجاري
الإيجار من الباطن
المحل الملحق في عقد الإيجار التجاري
تقدير الأجرة في عقد الإيجار التجاري
الإشكالات العملية لعقود الإيجار التجارية
إرساء القضاء لمبدأ الرسمية في كتابة عقود الإيجار التجارية
دور القضاء في إثبات عقد الإيجار التجاري
اكتساب القاعدة التجارية
الأستاذ عجابي عماد
ملخص :
من بين الإشكالات القضائية التي يطرحها ميدان الأعمال في الجزائر" الإشكالات المتعلقة بعقد الإيجار التجاري", ويلاحظ أن القضاء له دور في هذا الإطار انطلاقا من سلطته التفسيرية ( نظرا لوجود مؤسستين لتفسير النصوص في الجزائر الفقه والقضاء, هذا الأخير له سلطة تفسير القوانين خاصة ذات الطابع الاقتصادي "كالإيجار مثلا " ), انتهاء بفض النزاعات المتعلقة بعقد الإيجار التجاري.
ويلاحظ - من خلال إجراء مقارنة قبل وبعد تعديل القانون التجاري رقم 05-02 أنه تم تكريس إطار جديد للعلاقات التعاقدية الايجارية, جاء نتيجة للواقع المعاش وتماشيا مع سد الثغرات والنقائص في أغلب النصوص المنظمة لعقد الإيجار التجاري التي طبعها الغموض واكتنفها الغموض أحيانا أخرى, مما حذا بالمشرع أن يتدارك هذا النقص والخلل كمبادرة منه جاءت بفعل أصوات العديد من رجال القانون, وبالأخص القضاة العاملين في حقل القانون نظرا للصعوبات التي كانوا يواجهونها يوميا.
مقدمة :
في الجزائر لم تنظم الإيجارات التجارية بأحكام خاصة إلا بموجب القانون التجاري الصادر سنة 1975 الذي تضمن المدة الأدنى للنشاط التجاري أو الصناعي أو الحرفي المطلوبة وكذا النشاطات التي تمتاز بالحماية المقررة بشأن الإيجارات التجارية. غير أن القانون رقم 05-02 المذكور أدناه قد غير تماما موازين الحماية المقررة للمستأجر.[1]
نكون بصدد عقد إيجار تجاري إذا انصب مضمون هذا الإيجار في نشاط تجاري أو حرفي أو صناعي, فالتعديل الجديد بموجب المادة 169 من القانون رقم 05-02 المؤرخ في 06-02-2005 المعدل والمتمم للأمر رقم 75-59 المتضمن القانون التجاري أدرج ضمن عقد الإيجار التجاري " الحرفي والمؤسسة الحرفية " وهذا ما يتماشى مع التوجه الاقتصادي والاجتماعي للدولة في المرحلة الحالية التي تمر بها.
لقد تم إعادة صياغة المادة المذكورة في إطار الانسجام مع المنظومة التشريعية والتنظيمية وكذا الواقع الاقتصادي الجديد للبلاد حيث أن المشرع يوضح ويفرق بين التاجر والحرفي, فالتاجر مقيد في السجل التجاري, في حين الحرفي أو المؤسسة الحرفية مقيدين في سجل الحرف, وإذا نظرنا إلى هذا التعديل الذي مس أحكام عقد الإيجار التجاري من الناحية النوعية- رغم قلة عدد المواد المعدلة- فنقول أن القانون رقم 05-02 جاء بتعديل هام وجذري يتمثل أساسا في إضفاء الرسمية أو الشكلية على عقد الإيجار التجاري مكرسا في ذلك ما استقر عليه الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا, وكذا انتقال عقد الإيجار التجاري من نطاق القواعد الآمرة إلى نطاق التعاقد الحر. [2] وبناءا عليه :
إلى أي مدى يمكن للقضاء الإسهام في تكريس أحكام عقد الإيجار التجاري؟
أولا- الأشخاص الخاضعين لأحكام الإيجار التجاري :
1-التاجر :
إعتبرت المحكمة العليا انه يعد تاجرا ويخضع للقانون التجاري كل من يملك محلا تجاريا ومسجل في السجل التجاري ويمارس أعماله التجارية على سبيل الاعتياد.[3] ومصطلح المحل التجاري في النص العربي يثير نقاشا من حيث الاصطلاح, بحيث أنه يحمل معنيين, معنى أول هو" محل تجاري" وهو ما يقابله في النص المحرر باللغة الفرنسية (Local Commerce) ومعنى ثان هو " القاعدة التجارية" وهو ما يقابله في النص المحرر باللغة الفرنسية ((Fonds de Commerce, مما يجعلنا نتساءل ماهو المعنى الذي تقصده المحكمة العليا؟ فإن كان الأمر يتعلق بالمعنى الأول فإن ذلك يدل على استبعاد من ممارسة العمل التجاري كل من لا يملك محلا تجاريا ومنه المستأجر للمحل التجاري والمسير الحر للمحل التجاري من جهة ومن جهة أخرى التاجر المتنقل وأما إن كان المقصود به هو المعنى الثاني فإن الشخص الممارس لنشاط تجاري والمستأجر لمحل تجاري, لا يمكنه اكتساب الصفة إلا بعد سنتين من الإيجار متتالية لمحل تجاري بعقد رسمي وأربع سنوات بعقد عرفي وهو الشرط المطلوب لإنشاء القاعدة التجارية (نص المادة 172 من القانون التجاري"تعديل 2005"(.
وعليه يتم استبعاد الشرطين الذين أضافتهما المحكمة العليا(ملكية المحل التجاري - القيد في السجل التجاري) لعدم منطقيتهما من جهة ومن جهة أخرى أنه يعد اجتهاد في غير محله وتجاوزا لقاعدة جوهرية تقضي بأنه" لا اجتهاد مع النص" وتحميل نص المادة الأولى من القانون التجاري (التي تنص على أنه" يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له, مالم يقض القانون بخلاف ذلك) ما لم تتضمنه مع الخلط بين شروط القبول وشروط الممارسة.
وأن العودة لأحكام القانون التجاري لتحديد شروط اكتساب الصفة التجارية لاسيما صفة التاجر الفرد وأشكال إثباتها لم يعد أمرا اختياريا بل إلزام قانوني أوجبته أحكام نص المادة 13 فقرة 2 من القانون رقم 90- 22 المؤرخ في 18-08-1990 المتعلق بالسجل التجاري المعدل والمتمم, حيث نصت على" ويحدد القانون التجاري شروط اكتساب صفة التاجر الفردي وأشكال إثباتها".[4]
ويلاحظ أن الصناعي يعد تاجرا بالمفهوم القانوني لا الاقتصادي للمصطلح, حيث أن القانون اعتبر الصناعة والتجارة متلازمتين, وهذا ما نصت عليه المادة 37 من التعديل الدستوري لسنة 1996 التي تنص على أن : "حرية التجارة والصناعة مضمونة وتمارس في إطار القانون" وبعدها نص المادة 43 من التعديل الدستوري الحالي لسنة 2016" حرية الاستثمار والتجارة...". بينما في المفهوم الاقتصادي الصناعة (إنتاج الثروات) تستقل وتختلف عن التجارة (تداول الثروات)
2- الحرفي :
بالرجوع إلى نص المادة 169 المذكورة أعلاه, نجدها تنص على أن الأحكام المتعلقة بالإيجارات التجارية تطبق على كل من التاجر والحرفي والصناعي, وهذا ما جعل المحكمة العليا تؤيد ما ذهب إليه قضاة المجلس حينما اعتبروا أن التنبيه بالإخلاء [5] المتضمن رفض تجديد الإيجار التجاري صحيح على أساس أن الحرفي يخضع لذات الأحكام الايجارية التي يخضع لها التاجر.[6]
وعليه يجب أن يخصص استعمال المحل إما للتجارة أو الصناعة أو لممارسة حرفة طبقا للمادة 169 من القانون التجاري, وبالتالي تستبعد المحلات السكنية والمهنية من تطبيق هذا النظام, وهو الأمر الذي أكدته المحكمة العليا في القرار رقم 63093 الصادر بتاريخ 22 أكتوبر 1989 والذي جاء فيه:" إن أحكام القانون التجاري...تطبق على المحلات التجارية والحرفية دون المهنية".[7]
وتجدر الإشارة أن هناك إشكال طرح بحدة على الصعيد العملي يتعلق بمدى جواز مطالبة الصيدلي بحقه في التعويض الاستحقاقي؟ ولقد جاء في قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 10 أكتوبر 1995 على أنه: "... ولما ثبت أن قضاة الاستئناف قد صادقوا على التنبيه بالإخلاء من المؤجر إلى المستأجر الذي يمارس نشاط الصيدلة في المحل المتنازع عليه مقابل التعويض الاستحقاقي واستبعدوا النص القانوني الذي وضع أساسا لحماية مصالح وزارة الصحة والذي لا علاقة له بموضوع النزاع فإن قرارهم جاء صائبا ". [8]
ثانيا- الإيجار من الباطن :
أكدت المحكمة العليا على أن التصرف في المحل عن طريق الإيجار من الباطن لا يجيزه القانون ويعد باطلا. [9] وفي هذا الإطار قضت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 20 ديسمبر 1993 والذي جاء فيه على أنه:" من المقرر قانونا أنه لا يجوز للمستأجر أن يتنازل عن الإيجار أو يؤجر إيجارا فرعيا كل ما استأجره, أو بعضه بدون موافقة صريحة من المؤجر مالك المحل. ولما كان من الثابت أن الطاعن الحالي قد تصرف في المحل إلى شخص ثالث دون إذن المالكة الأصلية للمحل فإنه يكون قد خرق التزاما كان مفروضا عليه كمستأجر, بألا يتصرف في موضوع الإيجار, ومتى كان كذلك فإن قضاة الموضوع طبقوا صحيح القانون ويتعين رفض الطعن". [10]
وتجدر الملاحظة أن المحكمة العليا أكدت بأن طول المدة ليس مبررا كافيا لعلم وموافقة المؤجرين بذلك وهذا ما هو مستشف من القرار الصادر بتاريخ 16 فيفري 1992 والذي جاء فيه على أن:" قضاة المجلس لما اعتبروا سكوت الطاعنين مدة طويلة, كموافقة على الإيجار من الباطن فإنهم قد خالفوا أحكام المادة 505 من القانون المدني, والمادة 188 من القانون التجاري اللتين تشترطان علم المؤجر, وموافقته على الإيجار من الباطن وهو ما لم يثبت في قضية الحال إذ طول المدة ليس مبررا كافيا لعلم وموافقة المؤجرين بذلك". [11]
وبالرغم من ذلك فإن هناك قرار للمحكمة العليا صادر بتاريخ 22 نوفمبر 1994 جاء مخالفا لما أكدته المحكمة العليا في القرار الصادر بتاريخ 16 فيفري 1992 المذكور أعلاه, إذ اعتبر أن مدة شغل الأماكن تدل على رضا المؤجر الأصلي وعلى ترخيصه ضمنيا بالإيجار من الباطن, وقد جاء في القرار على أنه:"...ولما كان ثابتا- في قضية الحال- أن محضر التحقيق المحرر لا يثبت أن المالك السابق قد أجاز أم لا الإيجار من الباطن, ولكن يقدم بالعكس الدليل على أن إيجار من الباطن قائم حسب تصريحات المستأجر من الباطن منذ 1965 وهذه المدة الطويلة لا يمكن تأويلها إلا بالإيجار من الباطن مرخص به ضمنيا من طرف المالك". [12]
ويجوز للمؤجر إذا وجد فارق في بدل الإيجارين أن يطلب تكملته من المستأجر الأول وفي حالة رفضه له أن يلجأ إلى القضاء لحسم الموضوع طبقا لما نصت عليه المادة 195 من القانون التجاري(المادة 188 فقرة 3 من القانون التجاري(
ثالثا- المحل الملحق في عقد الإيجار التجاري :
إن التاجر يزاول مشروعه التجاري في محل مخصص لممارسة هذا الغرض غير أن هناك بعض النشاطات التجارية نظرا لضخامتها تؤدي بأصحابها إلى استئجار ملحقات يرونها ضرورية لتسيير نشاطهم, وكمثال على ذلك صاحب الشركة التجارية الذي يستأجر ملحقات لتسيير أمور الشركة كاستئجار مخزن لإيداع السلع أو تأجير بناية على طابقين, الطابق السفلي لممارسة النشاط التجاري والطابق العلوي شقة لإيواء المستأجر فيها, ففي هذه الحالة الشقة تعتبر مجرد مكان ملحق كمالي لا يؤثر على المحل التجاري ويخضع كل نزاع على المسكن الملحق لأحكام القانون التجاري سواء فيما يخص بدل الإيجار أو طلب استرجاع السكن, وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 07 جوان 1993 والذي جاء فيه على أنه:" تطبق أيضا على إيجار المحلات المعتبرة كمرافق للقواعد التجارية وهذا استنادا إلى مبدأ وحدة المحل التجاري خاصة إذا ثبت أن إخلاء المستأجر منها من شأنه أن يعرض استغلال القاعدة التجارية الأصلية إلى الخطر".[13]
رابعا- تقدير الأجرة في عقد الإيجار التجاري :
قد يحدد المتعاقدان الأجرة في العقد برضائهما (المادة 190 من القانون التجاري), فتكون الأجرة المتفق عليها هي السارية المفعول وقد لا يتفقان فيلجئان إلى القضاء الذي يقدر الأجرة بناءا على الأسس التي حددتها المادة المذكورة(المساحة الكاملة الحقيقية المخصصة لاستقبال الجمهور أو للاستغلال, المساحة الكاملة الحقيقية للمحلات الملحقة, العناصر التجارية أو الصناعية), وبذلك فيعمل بما حكم القضاء, فإذا جدد العقد لمدة أخرى فيجب أن تطابق الأجرة عن المدة الجديدة الأجرة العادية عن الفترة التي انقضت, وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 20 نوفمبر 1993 والذي جاء فيه على أنه:" من المقرر قانونا أنه يجب أن يطابق مبلغ بدل الإيجار الذي يراد تجديده أو إعادة النظر فيه القيمة الإيجارية العادية ومن ثم فإن قضاة الموضوع لما صادقوا على تقرير الخبير الذي اعتمد على مساحة وموقع المحل ومقارنته بالمحلات المماثلة لمراجعة سعر الإيجار يكونون قد سببوا قرارهم تسبيبا كافيا".[14]
وفي هذا الصدد يمكن في حالة عدم تسديد الأجرة والتي تعد سبب من أسباب فسخ عقد الإيجار، ولا يتم ذلك إلا بحكم من القضاء, لكن لا ينتج هذا الأخير أثره إلا بعد فوات شهر من تاريخ الإنذار, وهذا ما قضت به المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 10 ماي 1995, والذي جاء فيه:" حيث أنه يعاب على القرار المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من حيث أنه اعتمد فقط على أمر بالدفع لمتأخرات الإيجار والذي تم تبليغه إلى شخص غير مؤهل ليأمر بطرد الطاعنة حيث أنه بالفعل وكما يستخلص من القرار المطعون فيه أن طرد الطاعنة تم الأمر به بسبب عدم تسديد الإيجار على إثر الأمر بالدفع المؤرخ في 12 فيفري 1983 وهذا تطبيقا للشروط الواردة في العقد وأن القرار أمر بطرد الطاعنة بدون إتباع الإجراءات الواردة في نص المادة 177 من القانون التجاري وهي القيام بمعاينة تثبت بواسطة عقد غير قضائي عدم تسديد متأخرات الإيجار وتوجيه إعذار من أجل تسديد بدل الإيجار في أجل شهر من تاريخ تبليغ الإعذار وكذلك من دون أن يقدم حكما يعاين فيه عدم تسديد الإيجار طبقا للمادة 191 من القانون التجاري مما يتعين نقض القرار". [15]
خامسا- الإشكالات العملية لعقود الإيجار التجارية :
عقد الإيجار الشفهي هو الذي يبرم بمجرد تبادل الإيجاب والقبول بين الأطراف, مع تحديد العناصر الأساسية في العقد [16], لكن الممارسة الميدانية اليومية أكدت أن رجال القانون والقضاء انقسموا إلى اتجاهين أساسيين بخصوص إبرام عقد الإيجار التجاري في ظل الأمر رقم 75-59 بحيث ذهب الفريق الأول إلى عدم خضوع عقود الإيجار التجارية إلى أحكام الكتابة الرسمية بل يكتفي فيها بالكتابة العرفية الشفاهية وهذا طبقا لمبدأ الرضائية الذي يعتمد على تبادل الإيجاب والقبول مع تحديد العناصر الأساسية في العقد, ومن ثمة تطبيق القواعد العامة على هذا النوع من العقود واعتمد أنصار هذا الاتجاه على نص المادة 30 من القانون التجاري التي كرست قاعدة حرية الإثبات في المادة التجارية حيث نصت على أنه:" يثبت كل عقد تجاري: بسندات رسمية, بسندات عرفية, بفاتورة مقبولة, بالرسائل, بدفاتر الطرفين, الإثبات بالبينة أو بوسيلة أخرى إذا رأت المحكمة وجوب قبولها", والمادة 172 من القانون التجاري التي أجازت أن يكون العقد كتابيا أو شفهيا.
وقد أكدت المحكمة العليا هذا الاتجاه وذلك في قرارها الصادر بتاريخ 16 ديسمبر 1997 والذي جاء فيه على أنه:" من المقرر قانونا أنه يجوز للمستأجر أن يتمسك بحق تجديد الإيجار إذا أثبت أنه يستعمل المحل التجاري إما منذ أربع سنوات في العقد الشفهي أو سنتين في العقد الكتابي".[17]
وكذلك القرار الصادر بتاريخ 21 أكتوبر 1990 والذي جاء فيه أنه:" متى كان من المقرر قانونا أن القانون التجاري يجيز إبرام عقد الإيجار الشفهي, ومن ثم فإن القرار الذي أبطل عقد الإيجار لعدم توافر شرط الرسمية فيه أخطأ في تطبيق القانون".[18]
أما أنصار الاتجاه الثاني فقد ذهبوا إلى القول بأن عقد الإيجار التجاري الوارد على محل معد للاستغلال التجاري يجب أن يفرغ في الشكل الرسمي وهذا تحت طائلة بطلان العقد مستندين في ذلك على أحكام المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني التي جاء فيها على أنه:" زيادة عن العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي يجب تحت طائلة البطلان تحرير العقود التي تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية أو محلات تجارية أو صناعية أو كل عنصر من عناصرها...".
ولقد تبنت المحكمة العليا هذا الاتجاه في قرارها الصادر بتاريخ 09 جويلية 1996 والذي جاء فيه على أنه:" من المقرر قانونا أن زيادة على العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي يجب تحت طائلة البطلان تحرير العقود التي تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية أو محلات تجارية في شكل رسمي ولما ثبت أن قضاة الموضوع لم يطبقوا المادة 324 مكرر1 من القانون المدني اعتمدوا في إثبات علاقة الإيجار على تواجد الطاعن فعليا بالمحل المتنازع عليه فإنهم قد خرقوا القانون مما يعرض قرارهم للنقض".[19]
يلاحظ أن إبرام عقد الإيجار التجاري في ظل هذه المرحلة( أي الأمر 75-59) أوجد إشكالية حقيقية على الصعيد العملي بحيث وجدنا أن المحكمة العليا غير مستقرة حول مدى خضوع عقد الإيجار التجاري للشكل الرسمي, فتارة تؤكد على أن إبرام عقد الإيجار التجاري لا يخضع لأي إشكالية قانونية بل أكثر من ذلك كرست في العديد من قراراتها على حرية الأطراف في إبرام مثل هذا النوع من العقود, وتارة تسلك منهجا مخالفا للمبدأ السابق الذكر, وذلك بتأكيدها على وجوب إخضاع هذا النوع من العقود إلى الشكل الرسمي بل وتحت طائلة البطلان وهذا ما حقق نوع من الاستقرار والإثبات في عملية إبرام عقد الإيجار التجاري من حيث خضوعه للشكل الرسمي بل وأحيانا طغى عليها الغموض والتناقض.
وهناك من القضاة من يؤيد الاتجاه الثاني الذي يكرس مبدأ الرسمية في كتابة عقود الإيجار التجارية مؤسسا ذلك على نص المادة 324 مكرر1 من القانون المدني والتي وردت بموجب القانون رقم 88-14المؤرخ في 03 ماي 1988, كما يرى بأن المادة 324 مكرر قاعدة خاصة بالنسبة للمادة 172 من القانون التجاري, وعملا بقاعدة الخاص يقيد العام فإن الأمر يستدعي تطبيق المادة 324 مكرر في مجال إبرام عقود الإيجار التجارية كما يؤكد أيضا أن المشرع اتجه نحو الرسمية في عقود الإيجار الواردة على المحلات المعدة للاستغلال التجاري في نص المادة 63 من القانون رقم 91/25 المؤرخ في 16 ديسمبر 1991 المتضمن قانون المالية لسنة 1992 والتي جاء فيها على أنه:" يمنع مفتشو التسجيل من القيام بإجراء تسجيل العقود العرفية المتضمنة الأموال العقارية أو الحقوق العرفية المحلات التجارية أو الصناعية أو كل عنصر يكونها التنازل عن الأسهم والحصص في الشركات, الإيجارات التجارية, إدارة المحلات التجارية أو المؤسسات الصناعية...". [20]
وعليه انعكس هذا الغموض والتناقض بصفة مباشرة على الأطراف المتعاقدة هذا من جهة, ومن جهة ثانية ساهم بشكل كبير على تعقيد عملية إبرام مثل هذا النوع من العقود مما جعل المحاكم تنظر يوميا في القضايا المعروضة عليها بشكل مكثف.
لعل هذا الغموض والصعوبات العملية التي طرحت في عدد هائل من القضايا على المحاكم جعل المشرع يعدل القانون التجاري بموجب القانون رقم 05-02 المؤرخ في 06 فيفري 2005 ويحسم الأمر لصالح الاتجاه الذي نادى بضرورة إفراغ عقد الإيجار التجاري في قالب رسمي [21] وهذا ما يتناسب مع هذا الطرح الجديد ويحل الإشكال القانوني الذي كان عالقا بل ثمن كل اجتهادات المحكمة العليا التي صبت في هذا الاتجاه. وبذلك فإن الرسمية المطلوبة بالنسبة لعقود الإيجار التجارية لا تطبق على إطلاقها بل لابد على القاضي أن يتفحص تاريخ إبرام العقد حتى لا يصطدم بقاعدة عدم رجعية القوانين, وبالتالي فإن العقود التي أبرمت قبل تاريخ نشر القانون التجاري رقم 05/02 يطبق عليها الأمر رقم 75-59 وأن أطراف هذه العقود غير ملزمين بإفراغها في محرر رسمي وهذا ما يحتم على القاضي عند نظره في هذا النوع من النزاعات أن يتأكد بدقة في تاريخ إبرامها, لأنه المعيار المحدد للقاعدة الواجبة التطبيق.
سادسا- إرساء القضاء لمبدأ الرسمية في كتابة عقود الإيجار التجارية :
مرت الرسمية بعدة مراحل تاريخية والتي كرسها المشرع في التعديل الأخير للقانون التجاري بموجب القانون رقم 05-02, بحيث نجد أن المادة 187 مكرر والمادة 187 مكرر1 من القانون السالف الذكر أنهما كانتا نتاج هذا التطور, بل أنهما سايرا ما تم إرساءه من طرف القضاء بخصوص توافر ركن الرسمية مما يؤكد أن تدخل المشرع جاء كتتويج لما أكده القضاء ونذكر هذه المراحل – مع الإشارة أن ما يهمنا ما كرس في ظل التوجه الاقتصادي الجديد- كمايلي:
1- قبل تاريخ صدور قانون التوثيق بتاريخ 15 فيفري 1970 : كان القانون التجاري الفرنسي هو الذي كرس مبدأ الرضائية بالنسبة لعقود الإيجار التجارية، وبالتالي يقبل العقد الكتابي ( الرسمي أو العرفي) أو العقد الشفوي.
-2 من تاريخ صدور قانون التوثيق بتاريخ 15 فيفري 1970 إلى غاية تاريخ صدور القانون التجاري 26 سبتمبر 1975: في هذه الفترة لم تطبق المادة 12 من قانون التوثيق وهنا كان يؤخذ بالعقد الرسمي فقط وهذا ما كرسته المحكمة العليا في القرار رقم 28651 المؤرخ في 07 ماي 1983.
3 - من تاريخ صدور القانون التجاري 26 سبتمبر 1975 إلى غاية 03 ماي 1983: في هذه الفترة تم تطبيق المادة 172 من القانون التجاري وكان يؤخذ بالعقد الكتابي أو الشفوي وهو ما جسدته المحكمة العليا في القرار رقم 12168 المؤرخ في21 أكتوبر 1990.
4- من تاريخ صدور القانون رقم 88-14 بتاريخ 30 ماي 1988 إلى يومنا هذا : في هذه الفترة تم تطبيق المادة 324 مكرر1 من القانون المدني والمادة 63 من قانون المالية المذكورتين أعلاه, وكان يؤخذ بالعقد الرسمي فقط, وهو ما أشارت إليه المحكمة العليا في القرار رقم 138806 المؤرخ في 09 جويلية 1996.[22]
وعليه فالمشرع في المادة 187 مكرر نص على أن يحرر عقد الإيجار المبرم بعد نشر القانون رقم 05/02 المذكور أعلاه في الشكل الرسمي وذلك تحت طائلة البطلان, وبذلك فإن المشرع حسم الخلاف الذي كان قائما بين رجال القانون والقضاء حول مدى خضوع إيجار المحلات التجارية إلى الشكلية وهذا أمام تعارض النصوص القانونية التي كانت سائدة في هذا الشأن حيث كانت المادة 172 من القانون التجاري تجيز ضمنيا إبرام عقد الإيجار التجاري كتابة أو شفاهة في حين أن المادة 324 مكرر1 من القانون المدني تنص صراحة على ضرورة إخضاع هذا العقد إلى الرسمية تحت طائلة البطلان) وبين ما ذهبت إليه المحكمة العليا في عدة قرارات قضائية, وذلك بتأكيدها على ضرورة خضوع إيجار المحلات التجارية إلى الشكل الرسمي.
وبذلك فالنص الجديد (المادة 187 مكرر), جعل من الرسمية ركن من أركان عقد الإيجار التجاري, بمعنى أنه في حالة عدم استيفائه فالعقد لا وجود له فهو والعدم سواء, ويترتب عل ذلك أن عقد الإيجار الذي يبرم بن الأطراف في شكل غير رسمي بعد نشر القانون المذكور أعلاه يعتبر عقد باطل بقوة القانون يستوجب إبطاله وإرجاع الأطراف المتعاقدة إلى الحالة التي كانوا عليها قبل إبرام هذا العقد, فالمشرع في التعديل الأخير أراد أن يفصل نهائيا في مسألة إثبات عقد الإيجار التجاري وأن يقضي بصفة نهائية على العقود العرفية. فإذا عرض على القاضي نزاع حول عقد إيجار تجاري فعليه قبل التطرق إلى أركانه العامة (الرضا والمحل والسبب) أن يتحقق من وجود المحرر الرسمي الذي أفرغ فيه العقد حتى ولو لم يتنازع الأطراف في قيام هذا العقد وهذا لكون أن عدم تحريره في الشكل الرسمي يعد باطلا ولا يمكن للأطراف تصحيحه بإقرارهم له.
ويجب الإشارة إلى أن المشرع يكرس مبدأ الرسمية في كتابة عقود الإيجار التجارية صراحة وهذا بموجب المادة 324 مكرر1 والتي وردت بموجب القانون رقم 88-14 المؤرخ في 03 ماي 1988 وعملا بقاعدة الخاص يقيد العام, فإن المادة 324 مكرر1 تعتبر قاعدة خاصة بالنسبة للمادة 172 من القانون التجاري وبالتالي فإن الفترة الممتدة من تاريخ 03 ماي 1988 إلى يومنا هذا فإنه يؤخذ بالعقد الرسمي فقط وهذا لوجود المادة 324 مكرر1, والمادة 63 من قانون المالية لسنة 1992.[23]
سابعا- دور القضاء في إثبات عقد الإيجار التجاري :
إن إثبات عقد الإيجار التجاري يثير مشاكل عويصة وذلك لكون أن عقد الإيجار هو أكثر العقود تداولا والدليل على ذلك نجد أن معظم المنازعات تدور حول مشكلة إثبات العقد.[24]
بالرغم من مبدأ حرية الإثبات الذي اعتنقه المشرع في مجال إبرام العقود التجارية إلا أن جل اجتهادات المحكمة العليا استقرت على ما يخالف ذلك وهذا عندما قيدت إثبات عقد الإيجار التجاري بعقد مكتوب أو بوصولات دفع بدل الإيجار.
وعلى ذلك قضت المحكمة العليا في هذا الشأن على أن:" عقد الإيجار لا يثبت إلا بموجب عقد مكتوب أو وصولات تثبت دفع بدل الإيجار بدون تحفظ ومن ثم فإن الاكتفاء بمجرد الأقوال على إثبات عقد الإيجار لا يكفي ولما كان في قضية الحال أن الطاعن لم يستطع إثبات صفته كمستأجر, ولذلك فإن المطعون ضده غير ملزم بتبليغه تنبيها بالإخلاء ولما قضى المجلس بإلغاء الحكم المستأنف لديه القاضي بإبطال دعوى المطعون ضده الرامية إلى طرد الطاعن من المحل التجاري الذي يشغله بدون حق ولا سند, ومن جديد قضى بطرد هذا الأخير وكل من يحل محله في هذا المحل فإنه بهذا القضاء التزم تطبيق صحيح القانون".[25]
كما قضت المحكمة العليا في القرار الصادر بتاريخ 05 أكتوبر 1985 على أنه:" شهادة الشهود لا تكفي لإثبات تسديد مبالغ الإيجار في نهاية كل شهر بانتظام, ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وبعدم اعتماده على شهادة الشهود لإثبات واقعة تسديد الإيجار في غير محله".[26]
وجاء في قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 10 ماي 1993 على أنه:" حيث بمراجعة القرار المنتقد والحكم المستأنف وملف الدعوى بأن الطاعن لم يستطع إثبات حقه سواء بعقد إيجار مكتوب أو إيصالات الإيجار مكتفيا بأنه مسجل بالسجل التجاري وتسديد الضرائب وهذه الوثائق لا تثبت, كما أن طول هذا الاستغلال للمحل لا يثبت علاقة الإيجار.[27]
فمن خلال قرارات المحكمة العليا السالفة الذكر[28], يتبين لنا أن إثبات عقد الإيجار التجاري في حالة المنازعة بين الأطراف لا يكون إلا بالكتابة الرسمية أو العرفية أو وصولات دفع الإيجار وهذا في ظل الأمر 75-59 الذي أكد صراحة على الأخذ بمبدأ حرية الإثبات في إبرام العقود التجارية, وبالتالي أدى إلى ظهور إشكالات عملية حقيقية أثرت سلبا على الحياة التجارية والتي من طبيعتها تقوم على السرعة والائتمان مما جعل السوق الإيجارية تعيش مشاكل هزت ثقة الأطراف المتعاقدة على عقد الإيجار التجاري كما أثقلت كاهل المحاكم بجميع درجاتها بالقضايا المعروضة عليها يوميا في هذا المجال.
أما موقف المحكمة العليا بعد تعديل القانون التجاري بموجب القانون رقم 05-02 المذكور سابقا لا شك أنه سيكون منسجم مع أهم ما جاء به التعديل الأخير وهو خضوع عقد الإيجار التجاري إلى الرسمية لأن المشرع أراد من خلال هذا التعديل القضاء على جميع الإشكالات العملية التي طبعت إبرام العقود التجارية, بل إنه أراد أن يوحد أحكام المحاكم والمجالس والمحكمة العليا في هذا الشأن وذلك من خلال إزالة كل الغموض في طريقة إثبات عقد الإيجار التجاري الذي كان سائدا, وهذا من شأنه أن ينعكس بالإيجاب على تطور الحياة التجارية وازدهارها.
ثامنا- اكتساب القاعدة التجارية :
لقد أكدت المحكمة العليا في العديد من قراراتها, على أن المستأجر يكتسب القاعدة التجارية خلال مدة سنتين كاملتين من استغلاله للمحل التجاري وهذا إذا كان العقد الذي أبرمه المؤجر مع المستأجر عقد إيجار كتابي, ونذكر منها في هذا المجال على سبيل المثال فقط ومن بينها القرار الصادر بتاريخ 17 ديسمبر 1996 والذي جاء فيه : " حيث أنه في المجال التجاري فإن المستأجر بعد انقضاء مدة سنتين كاملة من استغلاله للمحل المؤجر في إطار عقد إيجار كتابي ينشئ ملكيته الخاصة التي تعرف بالملكية التجارية أو بالمحل التجاري وأنه بهذا لا يمكن أبدا إخراج المستأجر إلا بعد دفع تعويض عن الإخلاء لفائدته", والقرار الصادر بتاريخ 13 جويلية 1999 والذي جاء فيه على أنه:" من الثابت قانونا أن المستأجر الذي يريد الاستفادة من أحكام المادة 172 من القانون التجاري التي تحمي الملكية التجارية يجب أن يكون قد زاول نشاطا تجاريا دام مدة سنتين متتاليتين وأنشأ قاعدة تجارية فلا يمكن إنهاء عقد الإيجار هذا إلا بعد مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في المواد 173 و176 و177 و194 من القانون التجاري, وعليه فإن عقد الإيجار التجاري الذي يبرم كتابيا لمدة تقل عن سنتين لا يخول للمستأجر الاستفادة من أحكام التجديد ويتعين عليه إخلاء المكان عند حلول الأجل المتفق عليه ولما كان ثابت في قضية الحال أن قاضي الاستعجال الذي قضى بطرد المستأجر الطاعن من المحل التجاري بعد انتهاء مدة الإيجار التي حددت بثلاثة وعشرون شهرا معتبرا إياه يحتل الأماكن بدون وجه حق قد طبق صحيح القانون".[29]
ولقد أكدت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 06 أفريل 1985 على أنه:" من المقرر قانونا أنه لا يحق لمستأجر المحل التجاري إيجارا شفويا أن يتمسك بالملكية التجارية وبحقه في تجديد عقد الإيجار إذا لم يشغله لمدة أربعة أعوام ومن ثم فالقضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون...".[30]
وتعد الدعاوى المتعلقة بالتعويض الاستحقاقي من القضايا التي تطرح بكثرة على مستوى المحاكم والمجالس القضائية, ويلاحظ أن هناك عدد كبير وهام من القرارات التي صدرت من المحكمة العليا والمتعلقة بالتعويض الاستحقاقي وبشروط الاستفادة منه.
وحتى يستحق المستأجر التعويض الاستحقاقي وجب عليه عدم ارتكابه أي خطأ من الأخطاء المتمثلة في قيام المستأجر بتغيير تخصيص النشاط التجاري المتفق عليه في العقد, أو القيام بالإيجار من الباطن غير المرخص به من طرف المؤجر, أو عدم تسديد بدل الإيجار بانتظام, أو التوقف عن استغلال المحل التجاري بدون سبب جدي ومشروع وغيرها من الأسباب الخطيرة, فقد جاء في قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 14 فيفري 1990:" حيث أن القضاء بفسخ عقد الإيجار لإخلال المستأجر بالتزاماته لا يعطي له الحق في الحصول على تعويض الاستحقاق المنصوص عليه في المادة 176 من القانون التجاري لكون المستأجر امتنع عن دفع بدل الإيجار وأجر المحل من الباطن". [31], لكن ما المقصود بالسبب الخطير وغير مشروع ؟
بالرجوع إلى نصوص القانون التجاري نجد أن المشرع لم يعط تعريف لمعنى السبب الخطير وغير المشروع مما يمنح سلطة تقديرية كبيرة لقاضي الموضوع الذي يقدر بكل ما له من صلاحيات خطورة السبب المتمسك به من طرف المؤجر لرفض تجديد العقد وبالتالي إنهاء الإيجار. وحسب الأستاذ حمدي باشا عمر فإن السبب الخطير وغير المشروع قد يكون جريمة جزائية كحالة الاعتداء على المؤجر بالسب والشتم أو الاعتداء عليه بالضرب والجرح لأن الإيجار يقوم على فكرة حسن الخلق ويمكن إثبات هذه الجريمة بالحكم الجزائي النهائي المدرج في ملف الدعوى التجارية.[32]
ويطرح التساؤل: هل يعد تغيير النشاط التجاري من تجارة إلى أخرى سببا للإخلال بالالتزامات التعاقدية ؟
إذا كان هناك عقد بين الطرفين يحدد النشاط التجاري الذي يجب على المستأجر أن يمارسه, فعلى هذا الأخير أن يحترم هذا الالتزام وأن لا يغير تخصيص النشاط المتفق عليه في العقد إلا بموافقة المؤجر. [33] إلا أن الاجتهاد القضائي أصبح يعتبر أن مجرد تغيير النشاط التجاري من تجارة إلى أخرى لا يعد في حد ذاته سبب للإخلال بالالتزامات التعاقدية للمستأجر ما لم يسبب هذا التغيير للنشاط ضررا للمؤجر, وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 22 سبتمبر 1998 حيث جاء فيه : " إن تغيير نشاط المحل التجاري الذي لا يسبب أي ضرر بالمؤجرين لا يمكن اعتباره خطأ جسيما".[34]
وبخصوص توجيه التنبيه بالإخلاء في حالة الإخلال بالالتزامات التعاقدية, نشير أن موقف المحكمة العليا متذبذب وغير موحد ويتجلى ذلك من خلال القرارين الآتي ذكرهما, الأول صادر بتاريخ 24 فيفري 1990 أكد على عدم وجوب توجيه التنبيه بالإخلاء في حالة إخلال المستأجر بالتزاماته مستندا على نص المادة 177 من القانون التجاري حيث جاء فيه:" أن القضاء بفسخ العقد لإخلال المستأجر بالتزاماته لا يستوجب توجيه تنبيه بالإخلاء إلى المستأجر وفقا لما تقتضيه المادة 173 من القانون التجاري ما دام أن الفسخ قد أنهى عقد الإيجار بحكم القانون لا بالرفض الإرادي لتجديد الإيجار من المؤجر مما لا يعطي الحق للمستأجر الحصول على تعويض الاستحقاق".[35]
أما القرار الثاني الصادر بتاريخ 16 ديسمبر 1997 أكد عكس ذلك مستندا على نص المادة 173 من القانون التجاري, جاء فيه:" حيث أنه وطبقا للمادة 173 من القانون التجاري يتعين على المؤجر الذي يريد إنهاء عقد الإيجار أن يبلغ تنبيها بالإخلاء للمستأجر لإخلاء المحل وبمنحه مهلة ستة أشهر, حيث أن التنبيه بالإخلاء المبين أعلاه لا يمنع المؤجر من احترام الإجراءات المنصوص عليها في المادة 177 من القانون التجاري المتعلقة بالأخطاء التي ترتكب من قبل المستأجر, وبما أن القرار المطعون فيه قضى بفسخ عقد الإيجار التوثيقي المؤرخ في 15 ماي 1991 دون احترام مقتضيات المادتين 173 و177 من القانون التجاري فإنه خرق القانون ويستحق النقض".[36]
ويلاحظ أن هناك تناقض واضح بين هذين القرارين الصادرين عن الغرفة التجارية والبحرية للمحكمة العليا بخصوص مدى إلزامية توجيه التنبيه بالإخلاء فيما يخص إخلال المستأجر بالتزاماته القانونية والعقدية وهذا كله راجع إلى كون المشرع لم يتحر الدقة في صياغة نص المادة 177 من القانون التجاري, بحيث لم يؤكد ذلك صراحة على توجيه التنبيه بالإخلاء, وبالرغم من هذا الأخير هناك ضرورة حتى تكتمل الإجراءات وتكون صحيحة مما يمهد الأمور لقاضي الموضوع حين نظره في هذا النزاع, وبالتالي يكون حكمه مبني على أسس سليمة ربما المحكمة العليا ستستقر على اجتهاد مناسب بما يتماشى مع المبادئ العامة للقانون التجاري أو أن تحضى هذه المسألة في التعديلات اللاحقة للقانون التجاري.
وعلاوة على ذلك, ولكي يستفيد التاجر- المستأجر- من تعويض الاستحقاقي يجب أن يكون قد كون قاعدة تجارية, وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 18 نوفمبر 1997 حيث جاء فيه:" إن عدم تقديم إثبات على أن المحل التجاري له نشاط وله عناصر مادية ومعنوية يمكن تقديرها بواسطة خبرة يحرم المستأجر من حقه في التعويض". [37] لكن إذا تصرف المستأجر في القاعدة التجارية بالبيع فلا يستحق التعويض الاستحقاقي, لأنه باع القاعدة التجارية.[38]
إن تحديد قيمة التعويض الاستحقاقي ليست محددة على سبيل الحصر, فالقانون لا يفرض أية كيفية لتحديده, والقضاء له الصلاحية في تحديده, إضافة إلى أن قيمة المحل لا تتجلى إلا من خلال جمع قيمة كل عنصر, مع الأخذ بعين الاعتبار بأنه لا يجوز للقاضي إدخال عناصر أخرى أجنبية كإدخال علامة جديدة عوض العلامة الأصلية, وقد أكدت المادة 176 من القانون التجاري بعبارة" القيمة التجارية للمحل التجاري" فهذه القيمة تتعلق بالأرباح المحصل عليها من الاستغلال, وعليه فإن تقييم المحل التجاري يمكن أن يتم بطرق متعددة غير محددة قانونا وأن تفضيل طريقة على أخرى يكون بحسب اختلاف النشاط والمناطق. [39] وفي هذا الصدد أكدت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 27 فيفري 1996 : "...إن مقتضيات المادة 176 من القانون التجاري لا تلزم قضاة الموضوع بالاعتماد على رقم مبيعات المحل التجاري المراد استرداده مقابل تعويض استحقاقي ولا تحدد بصفة دقيقة المقاييس التي تعين احترامها لتقييم القاعدة التجارية, بل تكتفي بإعطاء توجيهات عامة يمكن أخذها بعين الاعتبار للوصول إللى قيمة المحل التجاري وذلك في حدود السلطة التقديرية المخولة قانونا للقضاة...".[40] وعليه فالقاضي قبل فصله في موضوع النزاع المتعلق بتقدير تعويض الاستحقاق, يلجأ دائما إلى تعيين خبير مختص في الميدان لجمع كل المعلومات حول القيمة التجارية للمحل التجاري من نفس القيمة من أجل تقدير قيمة التعويض الاستحقاقي.
ولكن السؤال المطروح ماهو تاريخ تحديد قيمة التعويض الاستحقاقي؟ لقد اعتبرت المحكمة العليا تاريخ تقييم التعويض الاستحقاقي يحسب ابتداء من تاريخ الإعلان عن رغبة المؤجر إنهاء الإيجار وذلك من خلال قرارها الصادر بتاريخ 27 فيفري 1996 حيث جاء فيه:" من المقرر قانونا أنه يجوز للمؤجر أن يرفض تجديد الإيجار غير أنه يسدد للمستأجر المخلي تعويض الاستحقاق الذي يجب أن يكون مساويا للضرر المتسبب نتيجة عدم التجديد ولما ثبت من قضية الحال أن قضاة المجلس لما قدروا الضرر الناتج عن رفض تجديد الإيجار ابتداء من تاريخ الإعلان عن رغبة المؤجر في إنهاء الإيجار وليس من تاريخ الخروج الفعلي لأن الخروج يقع بعد صدور الحكم القاضي بالإخلاء والأحكام تفصل في الوقائع القائمة وليس المستقبلية فإنهم طبقوا صحيح القانون مما يستوجب رفض الطعن". [41]
غير أن موقف القضاء الفرنسي قد تطور في هذا المجال بحيث ذهبت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر بتاريخ 30 جوان 1952 إلى التأكيد وبصفة صريحة أن تعويض الإخلاء يقيم من التاريخ الذي يغادر فيه المستأجر الأمكنة, وهو موقف منطقي لأن الضرر المراد جبره عن المستأجر ينتج ابتداء من تاريخ خروجه من المحل لا من تاريخ توجيه التنبيه بالإخلاء.[42]
وهنا يطرح التساؤل: هل يمكن اعتبار عرض التعويض الاستحقاقي كنتيجة لرفض تجديد الإيجار أم أنه يجب بالإضافة إلى ذلك تسبيب التنبيه بالإخلاء ويبقى عرض التعويض الاستحقاقي نتيجة وليس سبب؟ الممارسة القضائية في هذا المجال, وبالخصوص قرارات المحكمة العليا التي انقسمت إلى اتجاهين نذكرهما بإيجاز فيمايلي:
-الاتجاه الأول, يرى أن عرض التعويض الاستحقاقي يعد سببا كافيا لرفض تجديد الإيجار دون أي سبب أو مبرر آخر, وهذا ما هو مستخلص من القرار الصادر بتاريخ 13 جويلية 1985 حيث جاء فيه : " من المقرر قانونا أنه على المؤجر أ يرفض تجديد إيجار المحل التجاري مقابل التعويض الاستحقاقي وهو غير ملزم بذكر الأسباب الأساسية التي تبرر ذلك الموقف والأغراض التي يهدف إليها ". [43]
-الاتجاه الثاني, يرى وجوب تسبيب التنبيه بالإخلاء, وهذا ما أكده القرار الصادر بتاريخ 02 أكتوبر 1988 حيث جاء فيه : " من المقرر قانونا أنه يجب أن يبين في التنبيه بالإخلاء الأسباب التي أدت إلى توجيهه, مع إعادة ذكر مضمون المادة 194 من القانون التجاري تحت طائلة البطلان ولما كان ثابتا- في قضية الحال- أن قضاة الموضوع لم يلتفتوا إلى دفع الطاعنة بعدم تسبيب التنبيه بالإخلاء الموجه لها, وخرقه للمادتين 173 و194 من القانون التجاري فإنهم بقضائهم كما فعلوا خرقوا القانون". [44]
يتبين من خلال ماسبق أن أولى آثار إبرام عقد الإيجار التجاري هي اكتساب القاعدة التجارية في مدة سنتين في عقود الإيجار التجارية الكتابية, ومدة أربع سنوات في عقود الإيجار الشفهية وهذا في ظل الأمر 75/59, لكن بعد تعديل القانون التجاري بموجب القانون رقم 05-02 أصبح للأطراف المتعاقدة مطلق الحرية في تحديد مدة الإيجار, بل إمكانية اشتراط المؤجر على المستأجر في عقد الإيجار مغادرة الأمكنة بمجرد انتهاء المدة دون توجيه حتى تنبيه بالإخلاء, مما يؤكد أن تعديل القانون التجاري في هذا الجانب مطابقا لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين فإرادة الأطراف هي السيدة في تحديد مدة الإيجار وفي مدى وجود تعويض أم لا, في حالة إنهاء عقد الإيجار التجاري, وبذلك فإن القاعدة التجارية في ظل التعديل الجديد لا تكتسب بل خاضعة لإرادة الأطراف سواء من حيث المدة أو من حيث تقدير قيمة التعويض الإستحقاقي, وهذا ما أكدته المادة 187 مكرر 2 حيث تنص:" يلزم المستأجر بمغادرة الأمكنة المستأجرة بانتهاء الأجل المحدد في العقد دون حاجة إلى توجيه تنبيه بالإخلاء ودون الحق في الحصول على التعويض الاستحقاقي المنصوص عليه في هذا القانون ما لم يشترط الأطراف خلاف ذلك".
وعليه فإن هذه التعديلات تضفي المرونة على الإطار القانوني المتعلق بالإيجارات التجارية وخاصة ما يتعلق بشروط المطالبة بالتعويض الاستحقاقي, وهذا من شأنه أن يحقق استقرار المعاملات التجارية وينسجم كذلك مع النظام الاقتصادي الجديد للبلاد.
لكن يطرح التساؤل عن: جواز طلب مستأجر القاعدة التجارية التجديد لتسييرها تسييرا حرا ؟
لقد أكدت المحكمة العليا أنه لا يمكن تطبيق عليه أحكام الإيجار التجاري وهذا في القرار الصادر بتاريخ 07 ديسمبر 1999 والذي جاء فيه على انه:" لا يمكن اعتبار عقد التسيير الحر بمثابة عقد إيجار تجاري مهما طالت مدة بقاء المسير بالمحل التجاري, ولا يستوجب توجيهه التنبيه بالإخلاء, إذ ينتهي في أي وقت بمجرد إنذار مكتوب ". [45]
وتطرح الإشكالية فيما يخص استفادة الحرفي - مثله مثل التاجر والصناعي- من أحكام الإيجارات التجارية؟ جاء في قرار المحكمة العليا رقم 41272 مؤرخ في 03 جانفي 1987 على أنه "...ولما كان من الثابت - في قضية الحال- أن الطاعنة تمارس مهنة حرفي (الحلاقة) وتملك محلا تجاريا مستعملا كقاعة حلاقة, وأنها مسجلة في السجل التجاري وتمارس أعمالا تجارية على سبيل الاعتياد, وأنه لا يحق التمسك بعدم خضوع المحل للتشريع المتعلق بالإيجارات التجارية, فإن قضاة الموضوع بقضائهم بصحة التنبيه بالإخلاء المتضمن رفض تجديد الإيجار التجاري كانوا مطبقين القانون عن صواب". [46]
الخاتمة :
نخلص في الأخير أنه لا شك من خلال استعراض دور القضاء في إبراز بعض الإشكالات المتعلقة بعقد الإيجار التجاري قبل وبعد تعديل القانون التجاري رقم 05-02 المذكور أعلاه, جاء نتيجة للواقع المعاش وتماشيا مع سد الثغرات والنقائص في أغلب النصوص المنظمة لعقد الإيجار التجاري التي طبعها الغموض واكتنفها الغموض أحيانا أخرى مما حذا بالمشرع أن يتدارك هذا النقص والخلل كمبادرة منه جاءت بفعل أصوات العديد من رجال القانون, وبالأخص القضاة العاملين في حقل القانون نظرا للصعوبات التي كانوا يواجهونها يوميا وبالتالي أثمرت جهودهم بسن المشرع للتعديلات الجديدة بالقانون رقم 05-02 المؤرخ في 06 فيفري 2005 ومن جهة أخرى فإن الأمر رقم 75-59 أصبح لا يستوعب التوجهات الاقتصادية الجديدة في الجزائر وبالتالي أصبح من الضروري إعادة النظر في القانون التجاري بصفة عامة [47] وإلى الأحكام المتعلقة بالإيجارات التجارية بصفة خاصة. فما مصير النشاط التجاري الجزائري في ظل المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة ؟
المراجع :
1-حزيط محمد, حق الاسترجاع في الإيجارات التجارية, دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع, الجزائر, 2005.
2-حموش محمد, الإيجار التجاري في ظل التعديلات الجديدة للقانون التجاري, محاضرة ملقاة في اليوم الدراسي المنظم من طرف وزارة العدل, مجلس قضاء غليزان 6 جوان 2005.
3- قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, المجلة القضائية, العدد3, الجزائر, 1991.
4-نور الدين قاستل, القيد في السجل التجاري وفي سجل الصناعة التقليدية والحرف (دراسة مقارنة), منشورات بغدادي, الجزائر, 2009.
5- حمدي باشا عمر, القضاء التجاري, الطبعة الأولى, دار العلوم للنشر والتوزيع, الجزائر, 2000.
6- قسم النشر والمستندات للمحكمة العليا, المجلة القضائية "عدد خاص", الجزائر, 1999.
7-قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, المجلة القضائية, العدد2, الجزائر, 1990.
8 - جنادي جيلالي, الإيجارات التجارية في القانون التجاري الجزائري, الطبعة الأولى, الديوان الوطني للأشغال التربوية, الجزائر 2001.
9 - مقدم مبروك, الإشكالات القانونية للمعاملات العقارية المتعلقة بالإيجار التجاري في ظل التعديل الجديد بموجب القانون رقم 05-02 المعدل والمتمم للأمر 75-59 المتضمن القانون التجاري, نشرة القضاة, عدد 59, , وزارة العدل, 2006.
10-قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, المجلة القضائية, العدد 1, الجزائر, 1997.
11-قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, المجلة القضائية, العدد 2, الجزائر, 1997.
12-حمدي باشا عمر, انتهاء عقد الإيجار التجاري, نشرة القضاة, العدد الأول, 2000, وزارة العدل, 2004.
13- العقون الأخضر, إيجار المحلات التجارية, نشرة القضاة الصادرة عن وزارة العدل, العدد الأول, الجزائر, 1987.
14-بن رقية بن يوسف, أهم النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالإيجار المدني والتجاري, الديوان الوطني للأشغال التربوية, الجزائر, 2002.
15-حمدي باشا عمر, دراسات قانونية مختلفة, دار هومة للنشر والتوزيع, الجزائر, 2002.
16-نشرة القضاة الصادرة عن وزارة العدل, رقم 56, الجزائر, 1999.
17-قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, المجلة القضائية, العدد02, الجزائر, 1993.
18-وزارة العدل, نشرة القضاة, العدد 55 , الجزائر, 1999.
19- وزارة العدل, نشرة القضاة, العدد 54 , الجزائر, 1999.
20- بومخيلة مبروك, الإيجارات التجارية في ظل التعديلات الجديدة للقانون التجاري, يوم دراسي, رئيس غرفة بمجلس قضاء بويرة, 2005.
21-قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, المجلة القضائية, العدد02, الجزائر, 1996.
22-قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, المجلة القضائية, العدد02, الجزائر, 1985.
23-قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, المجلة القضائية, العدد03, الجزائر, 1990.
الهوامش :
[1] حزيط محمد, حق الاسترجاع في الإيجارات التجارية, دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع, الجزائر, 2005, ص08 ومايليها.
[2]حموش محمد, الإيجار التجاري في ظل التعديلات الجديدة للقانون التجاري, محاضرة ملقاة في اليوم الدراسي المنظم من طرف وزارة العدل, مجلس قضاء غليزان 6 جوان 2005, ص.ص3 و4.
[3] المجلة القضائية, الصادرة عن قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, العدد3, الجزائر, 1991, ص81( قضية رقم 41272 مؤرخة في 03/01/1987), وفي هذا الموضوع انظر كذلك: حسين مبروك, القانون التجاري الجزائري- النصوص التطبيقية, الاجتهاد القضائي, والنصوص المتممة- دار هومة, طبعة 5, الجزائر 2006, ص4.
[4]نور الدين قاستل, القيد في السجل التجاري وفي سجل الصناعة التقليدية والحرف(دراسة مقارنة), منشورات بغدادي, الجزائر 2009,ص 245 و246.
[5] يرى الأستاذ حمدي باشا عمر- القضاء التجاري, الطبعة الأولى, دار العلوم للنشر والتوزيع, الجزائر 2000, ص 93- أن المشرع الجزائري ابتغى عدة أهداف من إجراء التنبيه بالإخلاء تتمثل فيمايلي: 1- تأكيد المؤجر على نيته في عدم تجديد الإيجار, 2- تهيؤ المستأجر لمغادرة المحل, 3- إعطاء مهلة للمستأجر للبحث عن محل مماثل أو بيع أو تحويل المعدات والبضائع الموجودة به, 4- منع المستأجر من التصرف في القاعدة التجارية بالبيع.
[6]المجلة القضائية, الصادرة عن قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, العدد2, الجزائر, 1992, ص 93 .
[7] حمدي باشا عمر, المرجع السابق, ص 114.
[8] المجلة القضائية الصادرة عن قسم النشر والمستندات للمحكمة العليا, عدد خاص, الجزائر, 1999, ص112.
[9]المجلة القضائية, الصادرة عن قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, العدد2, الجزائر, 1990, ص97.
[10] حمدي باشا عمر, المرجع السابق, ص.ص 131 و132.
[11] المرجع نفسه, ص 132.
[12] حمدي باشا عمر, المرجع السابق, ص 133.
[13]حمدي باشا عمر, المرجع السابق, ص 66.
[14] المرجع نفسه, ص 136.
[15]جنادي جيلالي, الإيجارات التجارية في القانون التجاري الجزائري, الطبعة الأولى, الديوان الوطني للأشغال التربوية, الجزائر 2001, ص52.
[16]مقدم مبروك, الإشكالات القانونية للمعاملات العقارية المتعلقة بالإيجار التجاري في ظل التعديل الجديد بموجب القانون رقم 05/02 المعدل والمتمم للأمر 75/59 المتضمن القانون التجاري, نشرة القضاة عدد 59, , وزارة العدل, 2006, ص144.
[17] المجلة القضائية, الصادرة عن قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, العدد2, الجزائر, 1997, ص135.
[18]حمدي باشا عمر, القضاء التجاري, الطبعة الأولى, دار العلوم للنشر والتوزيع, الجزائر 2000, ص 67.
[19] المجلة القضائية, الصادرة عن قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, العدد1, الجزائر, 1997, ص87.
[20] حمدي باشا عمر, مرجع سابق, ص72.
[21]الأصل أن المعاملات التجارية لا تقيد بالرسمية كما هو الحال في المعاملات المدنية مما ينافي روح التجارة المبنية على دعامتي السرعة والائتمان, ولكن نظرا لخطورة بعض التصرفات(كالشركات التجارية, الإيجار التجاري...) أصبغ عليها المشرع الرسمية وألزم إبرامها في شكل رسمي, وبمفهوم المخالفة يستلزم عند إثباتها الرسمية كاستثناء على حرية الإثبات المنصوص عليها في المادة 30 من القانون التجاري, مع ملاحظة ما يتطلب الرسمية عند الإبرام والرسمية عند الإثبات.
[22] حمدي باشا عمر, انتهاء عقد الإيجار التجاري, نشرة القضاة, العدد الأول, 2000, وزارة العدل 2004.
[23] حمدي باشا عمر, المرجع السابق, ص.ص 52 و53. لكن المتعارف عليه أن القانون المدني هو الشريعة العامة وبالتالي فإن القانون التجاري هو القانون الخاص ومنه يمكن القول أن القانون التجاري في مادته 172 أجازت أن يكون العقد كتابيا أو شفويا.
[24]العقون الأخضر, إيجار المحلات التجارية, نشرة القضاة الصادرة عن وزارة العدل, العدد الأول, الجزائر, 1987, ص10.
[25]حمدي باشا عمر, المرجع السابق, ص36.
[26] المرجع نفسه, ص35.
[27] بن رقية بن يوسف, أهم النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالإيجار المدني والتجاري, الديوان الوطني للأشغال التربوية, الجزائر, 2002, ص 364.
[28]هناك عدة قرارات بهذا الخصوص صادرة عن المحكمة العليا ومنشورة في المجلات القضائية ومجموعة من قبل بعض الأساتذة : كالأستاذ حمدي باشا عمر في كتابه القضاء التجاري(من ص33 إلى ص 39), والأستاذ بن رقية بن يوسف في كتابه أهم النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالإيجار المدني والتجاري (من ص361 إلى ص372).
[29] حمدي باشا عمر, المرجع السابق, ص69.
[30]المرجع نفسه, ص67.
[31]المجلة القضائية الصادرة عن قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, عدد خاص, الجزائر, 1999, ص.ص 32 و35.
[32] حمدي باشا عمر, المرجع السابق, ص 98.
[33] حمدي باشا عمر, دراسات قانونية مختلفة, دار هومة للنشر والتوزيع, الجزائر 2002, ص31.
[34] نشرة القضاة الصادرة عن وزارة العدل, رقم 56, الجزائر, 1999, ص70.
[35]المجلة القضائية الصادرة عن قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, العدد02, الجزائر, 1993, ص98.
[36]نشرة القضاة الصادرة عن وزارة العدل, العدد55, الجزائر, 1999, ص244.
[37]نشرة القضاة الصادرة عن وزارة العدل, العدد54, الجزائر, 1999, ص72.
[38]بومخيلة مبروك, الإيجارات التجارية في ظل التعديلات الجديدة للقانون التجاري, يوم دراسي, رئيس غرفة بمجلس قضاء بويرة, 2005, ص29.
[39]العقون الأخضر, المرجع السابق, ص25.
[40]المجلة القضائية الصادرة عن قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, العدد02, الجزائر, 1996, ص118.
[41] المجلة القضائية الصادرة عن قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, العدد02, الجزائر, 1999, ص120.
[42] حمدي باشا عمر, المرجع السابق, ص117.
[43]المجلة القضائية الصادرة عن قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, العدد02, الجزائر, 1985, ص52.
[44] المجلة القضائية الصادرة عن قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, العدد03, الجزائر, 1990, ص91.
[45] حمدي باشا عمر, المرجع السابق, ص 163.
[46] المجلة القضائية الصادرة عن قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا, العدد03, الجزائر, 1991, ص81. أنظر في هذا: حمدي باشا عمر, المرجع السابق, ص 8. علاوة على ذلك حسب المادة 169 من القانون التجاري يستفيد الحرفي من أحكام الإيجارات التجارية مثله مثل التاجر والصناعي وهذا بصريح العبارة الواردة في المادة المذكورة, لكن يشترط أن يكون مقيد في سجل الصناعة التقليدية والحرف, وبالرجوع أيضا إلى الأمر رقم 96/01 المؤرخ في 10 يناير 1996 الذي يحدد القواعد التي تحكم الصناعة التقليدية والحرف.
[47] يستوعب الفرع القانوني"قانون الأعمال الذي توسع إلى القانون الاقتصادي" هذه المتغيرات فإلى جانب القانون العام المنظم للأنشطة التجارية (القانون التجاري) هناك القوانين الخاصة (الملحقة له) والمنظمة للميدان الاقتصادي مثل القانون المتعلق بالبنوك, الضرائب, المنافسة, التأمين, حماية المستهلك وقمع الغش, الاستثمار, العلامات التجارية...الخ.