بحث حول دعوى الإخلاء في القانون الجزائري
المبحث الاول مفهوم و أنواع الاخلاء
المطلب الاول تعريف دعوي الاخلاء
المطلب الثاني أنواع الاخلاء
المبحث الثاني : شروط قبول دعوي الاخلاء
المطلب الاول : الشروط الشكلية لدعوي الاخلاء
المطلب الثاني : الشروط الموضوعية لدعوي الاخلاء
خاتمة
مقدمة :
المسائل التي يثيرها عقد الايجار هي من أكثر المسائل ارتباطا بالأشخاص ولا سيما الايجارات المتعلقة بالعقارات التي هي عبارة عن مساكن او محلات تجارية ، نظراً لأهمية المسكن والمتجر فى حياة الانسان ، ولهذا تكثر الاسئلة عن النواحي التي تتعلق بعقود الايجار التي تبرم على هذه الاماكن
الإيجار باعتباره نظاما قانونيا لا يظهر إلا إذا وجدت الطبقة التي تحتاج إلى المكن والتي لا تستطيع في ذات الوقت تملكه، و لم يعرف المجتمع الإنساني في أول عهده عقد الإيجار إلا بعد أن عرف عقدي البيع و المعارضة.
و يرجع تأخر ظهور عقد الإيجار في الفكر القانوني إلى أن هذا الفكر في صورته القديمة لم يكن يتصور أن تكون للشخص حيازة الشيء والسيطرة طيه دون أن يكون مالكه في ذات الوقت فالملكية كانت مختلطة بالحيازة و لا يتصور أن يظهر عند الإيجار إلا إذا أمكن لهذا الفكر أن يتخلص من هذا الاندماج بين الملكية و الحيازة و الإمكان أن توجد الحيازة مستقلة عن الملكية. للإيجار أهمية بالغة فهو من الناحية الاجتماعية يعد الوسيلة التي تتمكن بها الطبقة المتوسطة و الضعيفة في المجتمع من الحصول على مسكن يأويها دون أن تضطر إلى دفع تكاليف إنشاء هذا المأوى، و لذلك نجد أن عقد الإيجار هو أكتر العقود شيوعا بين الأشخاص فقلما نجد شخصا في المجتمع لا يكون إما مؤجرا أو مستأجرا كما يكون لعقد الإيجار أهمية اقتصادية فأصحاب الملاك قد يعجزون عن استشارها بأنفسهم فيلجؤون إلى تأجيرها لمن يستطيع استثمارها و ذلك عن طريق عقد الإيجار.
لذلك نجد اغلب التشريعات تحيط هذا العقد بعناية فائقة لحماية الطرف الضعيف فيه من جهة كظيم أحكامه تنظيما دقيقا ليبقى عقد الإيجار محافظا على الأهمية الكبرى التي يحتلها في المجتمع. وعلى غرار باقي التشريعات نظم المشرع الجزائري الأحكام العامة لعقد الإيجار في القانون المدني الصادر بالأمر 75/58 المؤرخ في 26 سبتمبر1975 و بعد التطورات الاجتماعية أردف طيه ببعض النصوص التنظيمية و التشريعات اللاحقة المعدلة و المتممة و الملغية لبعض الأحكام العامة.
و منها المرسوم التشريعي 93-03 المؤرخ في 01 مارس 1993 ثم المرسوم التنفيذي 94-69 المؤرخ في 9 مارس 1994 المتضمن نموذج عقد الإيجار.
و إذا ألقينا نظرة على اجتهادات المحكمة العليا نجدها تتنوع و تتعدد بتعدد القضايا والمنازعات المطروحة أمام القضاء بشأن عقد الإيجار.
ورغم التعدد و التلاحق لهذه التشريعات فإن المكتبة القانونية تكاد تخلو من مرجع حديث يجد فيه رجال القضاء و المحاماة و أساتذة القانون بغيتهم.
ذلك أن عقد الإيجار - كما أشرنا - ذو أهمية بالغة في الحياة الاجتماعية و لأن عف الإيجار من العقود الزمنية فلا بد من أن ينتهي يوما، و حالات الانتهاء تختلف باختلاف ظروف الأطراف و أحوالهم.
وعند رغبة أحد الأطراف في الإنهاء فإن هذا يسمى بطلب الإخلاء فإذا كان الإخلاء من طرف المستأجر فإنه يكون إخلاء اختياريا مباشرا، أما إذا كان الإخلاء من طرف المؤجر فإنه يكون عن طريق طلب يقدم إلى القضاء سواء قبل نهاية عقد الإيجار أو بعد انتهائه و هو ما يسمى بدعوى الإخلاء.
ولأهمية الإخلاء سواء كان اختياريا أو عن طريق القضاء و لندرة المراجع في هذا الشأن خاصة منها الجزائرية فإن الباحث في عقد الإيجار يجد من الصعوبات ما يحفزه و يزيد من عزمه في الاطلاع على أحكام عقد الإيجار، و عليه فإن المراد من هذا البحث هو تسليط الضوء على الإخلاء كنهاية قانونية و فعلية لعقد الإيجار.
المبحث الاول : مفهوم دعوي الاخلاء وشروطها
المطلب الاول : تعريف دعوي الاخلاء
ينتهي الإيجار الذي حددت مدته بانتهاء هذه المدة و على المستأجر أن يغادر الأمكنة المؤجرة طبقا للمادة 22 من المرسوم التشريعي 93-03 دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء إلا إذا اشترط بغير ذلك صراحة في العقد.
غير انه إذا جدت ظروف غير متوقعة قبل انتهاء المدة المحددة فإن المؤجر بعد توافر هذه الظروف يحق له أن يطلب إنهاء العقد و ذلك برفع دعوى أمام القضاء تسمى دعوي الإخلاء.
كذلك الأمر إذا انتهت المدة و بقي المستأجر في العين فمن حق المؤجر رفع دعوى استعجاليه إذا يعد المستأجر مغتصبا و تسمى هذه الدعوى بدعوى الطرد.
إن دعوي الاخلاء هو إجراء قانوني يرفع لدى المحكمة المختصة، يطلب بمقتضاه المالك أو وكيله من مستأجر عقار استرداد العين المؤجرة نظراً لتوافر إحدى حالات الإخلاء المنصوص عليها قانونا
وعليه هي دعوى تقام لاسترداد حيازة عقار والمطالبة بالأضرار الناتجة عن استمرار إشغاله بغير حق الاخلاء يسمى هذا الفعل نتيجة لطرد المستأجر أو من خلال إجراء قانوني، وبالتالي، يهدف إلى منع الفرد من الاستمرار في استخدام العين المؤجرة.
عادة ما ترتبط فكرة الإخلاء بطرد ذلك المستأجر الذي يتوقف عن دفع إيجار العقار الذي يعيش فيه. يمكن أن تكون مرتبطة أيضًا بفصل الشخص الذي لا يدفع الرهن العقاري . عندما لا يدفع الشخص المبلغ المتفق عليه ، فإنه ينتهك العقد ، وهو خطأ يمكن أن يؤدي ، بمرور الوقت وفي ظل ظروف معينة ، إلى حكم محكمة ينهي الإخلاء.
يتم استخدام الإخلاء في كثير من الأحيان كمرادف للإخلاء أو الإفراج ، وهو الفعل الذي يتم من خلاله نزع ملكية المواد. يتم تنفيذ هذا التصرف بالإكراه ، مما يتسبب في تخلي المستأجر عن العقار بحيث يصبح مرة أخرى تحت تصرف صاحبه
يعتبر الإخلاء مشكلة خطيرة لمن يعانون منه. لنفترض أن رب الأسرة يُترك بدون عمل ولا يمكنه العثور على آخر بسبب أزمة اقتصادية. لذلك ، يتوقف هذا الرجل عن تلقي الدخل ولا يمكنه دفع إيجار منزله الذي يعيش فيه مع زوجته وأولاده. إذا رفض المالك إعادة التفاوض على شروط العقد ولم يكن لديه أي تفكير ، فقد ينتهي الأمر بإخلاء المستأجر وعائلته: أي ، سيتم تركهم بدون سقف وسوف ينتهي بهم الأمر بممتلكاتهم في الشارع.
المطلب الثاني : أنواع الاخلاء
ونميز بين نوعين من الإخلاء
قضائي و اداري)
أ- الإخلاء القضائي :
حيث يستطيع المؤجر التمسك بها ويطالب بإخلاء المستأجر , ولا يستطيع المستأجر التمسك بالبقاء القانوني في الحالات التالية :
- امتناع المستأجر عن دفع الأجرة .
-تأجير العين من المستأجر إلى آخر من الباطن والتنازل عنها صراحة .
-استعمال العين المؤجرة استعمال لغير الغرض المخصص لها .
- إقفال العين لمدة زمنية طويلة بدون عذر .
- تكون العين المؤجرة آيلة للسقوط وصدر قرار بذلك من الجهة المختصة وتكليف إحدى الجهات المختصة بمعاينة البناية .
-هدم العين المؤجرة لإعادة بناءها من جديد من قبل المؤجر .
-إذا رغب المؤجر في تعلية البناء الذي به العين المؤجرة ولا يمكن ذلك بوجود المستأجر .
- إذا أراد المؤجر السكن بالعين المؤجرة بنفسه أو زوجه أو أحد فروعه وذلك بعد انتهاء مدة الإيجار الأصلية .
-إذا كانت العين المؤجرة واقعة في السكن الخاص بالمؤجر ويريد شغلها بنفسه أو زوجه أو فروعه .
ب- الإخلاء الإداري:
ويقع على أملاك الدولة الخاصة والعامة .
أملاك الدولة الخاصة العقارية
:
يجوز أن تكون محل لعقد الإيجار , ولا تخضع هذه العقود للامتداد القانوني , حيث أعطى المشرع الحكومة حق إنهاء العقد بانتهاء مدته أو قبلها بدواعي المصلحة العامة ، كذلك إذا اشتمل العقد على شروط جوهرية غير مألوفة في الإيجار العادي فإن ذلك ينم عن قصد تقديم خدمات من الدولة ,وبالتالي يعطي الحكومة حق الهيمنة على هذه العلاقة وإخلاء العقار إدارياً عند مخالفة شروط العقد , ويكون الإخلاء خلال مدة لا تجاوز سنة من تاريخ الإنذار .
أما أملاك الدولة العامة :
لا يجوز أن تكون محل لعقد الإيجار لأنها مخصصة للمنفعة العامة مثل الشواطئ والشوارع …إلخ لا يطبق عليها عقد الإيجار إنما عقد إداري, حيث أن شغل الأموال العامة يكون بطبيعته بترخيص مؤقت, يجوز للحكومة سحب الترخيص أو إنهائه بإرادتها , وهو لا يخضع للامتداد القانوني .
ودعوى الإخلاء كغيرها من الدعاوى لا بد لرفعها من توفر شروط شكلية واخري موضوعية .
المبحث الثاني : شروط قبول دعوي الاخلاء
المطلب الأول : الشروط الشكلية لدعوى الإخلاء
يقتضي رفع دعوى الإخلاء توافر بعض الشروط الشكلية بقبولها من طرف القضاء هذه الشروط منها ما يتطلب في جميع الدعاوى و التي يطلق عليها الشروط العامة و منها شروط يجب توافرها في دعوى الإخلاء على وجه الخصوص و يطلق عليها الشروط الخاصة.
الفرع الأول : الشروط العامة في رفع الدعوى
طبقا لنص المادة 13 فقرة 1 ق إم ج : " لا يجوز لأي شخص ، التقاضي ما لم تكن له صفة ، وله مصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون ".
و يشترط في المصلحة أن تكون قائمة و أن تكون قبل ذلك قانونية ويقصد بأن تكون قانونية هو أن يكون الحق المدعى به يستند إلى نص في القانون يعترف به ويحميه و متى تأكد القاضي من أن المصلحة التي تستند عليها الدعوى مصلحة غير قانونية فعليه أن يحكم بعدم قبول الدعوى شكلا دون أن يتطرق لموضوعها .
كما تشترط الصفة في المدعى عليه بأن يكون هو من تجب منازعته و لذلك فإنه يتعين أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة.
وتعتبر الأهلية من الشروط الجوهرية الواجب توافرها في أطراف الدعوى ولا تقبل الدعوى التي يرفعها القاصر أو المجنون ولا تلك التي ترفع ضدهم إنما يقوم برفعها من ينوب عنهم قانونا، والأهلية المطلوبة هي أهلية التقاضي وهي عموما الأهلية المطلوبة في التصرفات القانونية.
على أن هذه الشروط العامة من النظام العام بحيث يثيرها القاضي من تلقاء نفسه ولو لم يثيرها الخصوم غير أن هناك شروط خاصة يجب توافرها لقبول دعوى الإخلاء إضافة إلى هذه الشروط العامة.
الفرع الثاني : الشروط الخاصة لرفع دعوة الإخلاء
لقبول دعوى الإخلاء لابد أن يراعي المؤجر المواعيد المنصوص عليها في المادة 475 ق م ج )ملغاة (التي تنص " تحدد آجال الإنذار المسبق كما يلي:
-شهر في إيجار المساكن المؤثثة
-ثلاثة أشهر في المساكن أو المحلات ذات الصبغة المهنية أو الصناعية التقليدية
-ستة أشهر في ديار السكنى المنفصلة والإنذار بالتخلي يعين لزوما في الآجال التالية :
15 يناير و 15 أفريل و 15 يوليو و 15 أكتوبر.
وإذا عين الإنذار بالتخلي في أجل آخر فلا يجري إلا ابتداء من الأجل الذي يليه وفي ضوء هذه المادة يجب أن يرسل من يريد رفع دعوى الإخلاء إنذارا وتنبيها بالإخلاء قبل رفع الدعوى. وقبل كل شيء نشير في إطار القانون المدني إلى أن التنبيه بالإخلاء الذي يتم عن طريق
المحضر القضائي يعتبر غير ضروري حتى يصبح المحضر نافذا واستعمال رسالة مضمونة الوصول وهو ما يظهر من جوهر القانون المدني والمأخوذ على سبيل الاستدلال من المواد 532.531.527 ) ملغاة( ق م ج
وليس للتنبيه شكل خاص فيجوز أن يكون بإنذار على يد المحضر أو بكتاب مسجل أو بكتاب عادي و هذا لا يمنع المتعاقدين من أن يشترط شكلا خاصا للتنبيه كأن يحتما أن يكون التنبيه على يد محضر أو مسجل .
كما يجب أن يشتمل التنبيه على البيانات اللازمة لمعرفة ممن صدر ولمن يصدر مع تحديد عقد الإيجار المراد إنهاءه ، ويجب أن يذكر صاحب التنبيه في وضوح أنه يريد إخلاء العين و ليس من الضروري أن يذكر في التنبيه السبب الذي دعي به إلى طلب الإخلاء و ليس من الضروري أيضا أن يذكر في التنبيه ميعاد الإخلاء فإن ميعاد الإخلاء إذا لم يذكر في التنبيه ينصرف إلى أقرب مدة يعد التنبيه بالنسبة إليها صادرا في الميعاد القانوني.
واذا أريد إثبات التنبيه و كان المتعاقدان قد اتفقا على طريقة خاصة لإثباته كإنذار رسمي على يد المحضر مثلا وجب التزام ما اتفقا عليه.
و إذا لم يكن هناك اتفاق على شيء من ذلك وجب تطبيق القواعد العامة في الإثبات و إذا وقع خلاف بين المتعاقدين في صحة التنبيه من أي وجه سواءا كان ذلك من حيث الميعاد أو من حيث الشكل أولاي سبب أخر. فالطرف الذي وجه إليه و التنبيه ويراه غير صحيح يستطيع أن يرفع دعوى بذلك بمجرد وصول التنبيه إليه .
التنبيه كما سبقت الإشارة تصرف قانوني صادر من جانب واحد و ينتج أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه و يعتبر وصوله إلى الطرف الآخر قرنية على العلم به ما لم يقع الدليل على عكس ذلك تطبيقا لنص المادة 61 ق م ج.
و لم يلزم القانون المدني أي طرف كان لاحترام مدة الانتظار مهما كانت و الواقعة بين تاريخ التنبيه و تاريخ تسجيل الدعوى المتعلقة به فلكل من المؤجر والمستأجر المتنازعين حول الإيجارات السكنية الحق في رفع دعوى قضائية أمام القضاء المختص بمراعاة شروط المادتين
474 و 475 ق م ج ) ملغاة( لذلك يتوجب على الهيئات القضائية قبول مثل هذه الدعوى شكلا و الفصل
في الموضوع و ذلك دون الآخذ بعين الاعتبار مهلة التنبيه با لإخلاء .
إن مثل هذه القراءة للمدتين من 474 و475 ) ملغاة (من القانون المدني مقبولة و متفق عليها من طرف التشريع والفقه الجزائري و المصري و الفرنسي .
و قد أصدرت محكمه مستغانم حكما صرح بقبول دعوى الإخلاء شكلا و قد رفعت الدعوى أمامها قبل انقضاء مدة الانتظار ، هذا الحكم مؤرخ في يوم 05-05-1998 وقد أيده المجلس بقرار مؤرخ في 1999-02-23 وأصبح من الاجتهادات القضائية.
جاء في القرار: " حيث أن المادة 475 من القانون المدني تتعلق بتحديد آجال الإنذار و لم تذكر صراحة ضرورة مضي ستة أشهر لرفع الدعوى إذا أنه يجوز الطعن في التنبيه بالإخلاء كما يجوز بالمقابل رفع دعوى لطلب الحكم في صحة التنبيه ممن صدر منه دون انتظار مضي ستة أشهر و يتحصل بذلك علي حكم يخوله التنفيذ بالإخلاء للعين محل النزاع بمجرد حلول ميعاد ستة أشهر دون السعي لاستصدار حكم يقضي بالطرد وبالتالي فإن الدفع بمخالفة قاعدة جوهرية في الإجراءات غير مؤسس يتعين رفضه لعدم التأسيس.
متى احترم المؤجر مواعيد التنبيه بالإخلاء المنصوص عليها في المادة 475 ق م ج )ملغاة( وبتوافر الشروط الموضوعية لدعوى فإنه يتعين على المحكمة قبول الدعوى شكلا لصحة إجراءات التنبيه و توافر شروط المادة 459 ق ا م ) قانون قديم( ثم النظر في موضوع الدعوى فإن كانت مؤسسة فإنها مصدر حكما يقضي بقبول الدعوى شكلا ثم الفصل في موضوع طلب الإخلاء إما بالقبول أو بالرفض.
الحكم الصادر في دعوى الإخلاء :
إن دعوى الإخلاء المرفوعة من طرف المؤجر على المستأجر هي دعوى عقارية ينظر فيها القسم المدني بالمحكمة الواقع في دائرة اختصاصها السكن المؤجر وذلك طبعا بعد احترام إجراءات التكليف بالحضور واجراءات رفع الدعوى ويصدر القاضي حكما بالإخلاء متى اقتنع بتوافر الشرط الموضوعي في الدعوى وإلا قضى برفضها و أخيرا يقضي الحكم بتحمل من خسر دعواه المصاريف القضائية طبقا .
المطلب الثاني : الشروط الموضوعية لدعوي الاخلاء
هناك أسباب إذا وردت على الإيجار قبل انتهاء مدته فإنها تخول للمؤخر طلب إنهاء الإيجار بحكم قضائي رغم أن مدته الأصلية لم تنته ، هذه الأسباب هي الشروط الموضوعية في دعوى الإخلاء.
الفرع الأول : عدم وفاء المستأجر بالأجرة
إن العلاقة بين المؤجر والمستأجر لا يجوز للمؤجر فيها أن يطلب إخلاء المكان و لو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا إذ لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة .
أي عندما لا يدفع المستأجر الأجرة المستحقة قانونا أو المقدرة حكم في القانون الجزائري المشرع لم يتعرض لهذا الحكم و لذلك يرجع للقواعد العامة في طلب الفسخ لأن الإيجار من العقود الملزمة للجانبين.
فيجب إذا الحصول على حكم بالإخلاء العين المؤجرة أن يكون المستأجر قد تأخر عن الوفاء بالأجرة في الميعاد الواجب الوفاء بها فيه و قد أشرنا سابقا أن ميعاد دفع أجرة يعينه الاتفاق فإن لم يوجد فالعرف فإن لم يوجد عرف دفعت الأجرة مؤخرا لا مقدما عن كل مدة من مدد الانتفاع عند انقضائها.
و يدخل في الأجرة المستحقة قانونا ملحقاتها فإذا كان المستأجر ملتزما مثلا بدفع ثمن المياه وجب عليه الوفاء بذلك و إلا عدا متأخرا عن دفع الأجرة.
و يجب أن تكون الأجرة معروفة للمستأجر بأن تكون معينة بموجب الاتفاق أو بحكم قضائي أو حددت بأجرة المثل.
كما يجب ألا يكون هناك نزاع جدي في الأجرة كما لو أدعي المستأجر أنه أجرى ترميمات ضرورية وخصم من الأجرة ما أنفقه أو ادعى أنه حبس الأجرة لكي يلزم المؤخر بإجراء الترميمات الضرورية.
فإذا رفع المؤجر دعوى الإخلاء تبت المحكمة أولا في جدية النزاع فإن قضت جديته اعتبرت المستأجر متأخرا عن دفع الأجرة و قضت بالإخلاء و إن قضت بعدم بجدية النزاع أوقفت الدعوى حتى تبت في النزاع .
و يجب علي المستأجر متى يحصل علي حكم بالإخلاء أن يتخذ إجراءات معينة حددها القانون وهي تكليف المستأجر بالوفاء ثم امتناع المستأجر رغم تكليفه ثم أرفع دعوى الإخلاء.
و يتعين على المحكمة أن تقضي بالإخلاء متى ثبت لها أن المستأجر لم يف بالأجرة المتأخرة مادامت هذه الأجرة لم تكن محل نزاع جدي وتكون للمحكمة سلطة تقديرية في منح أجل للمستأجر في تنفيذ الحكم بالإخلاء فيجوز للقاضي أن ينظر المستأجر إلى أجل لدفع الأجرة إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق المؤجر ضرر من هذا التأجيل.
بقي أن نشير أن دعوى المؤجر علي المستأجر لدفع الأجرة هي دعوى شخصية وليست دعوى عينية أو شخصية عقارية ولو أن الحق يتعلق بتأجير العقار.
والسؤال المطروح هل يجوز للبائع أن يطالب المستأجر بالأجور والتخلية في حالة تقصيره عن الدفع رغم أنه باع العين المؤجرة إلى المشتري ؟
فإذا باع المالك إلى الغير عقاره وتأخرت إجراءات انتقال الملكية وسمح المشتري للبائع بالاستفادة من حق الانتفاع فإن من حقه مطالبة المستأجر بالأجرة وبالإخلاء. وبالمقابل هل يحق للمالك الجديد المطالبة بالأجرة.
من حق المالك الجديد منذ تاريخ تسجيل البيع وشهره أن يطالب بالأجور منذ تاريخ نهاية إجراءات الشهر.
ونظرا لأن المؤجر قد يرفض قبض الأجرة تعنتا حتى يضع المستأجر في موقف الممتنع عن دفع الأجرة ويرفع دعوى الإخلاء، فقد أعطى المشرع للمستأجر الحق في أن يعرض الأجرة على المؤجر بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول.
ومجرد علم المستأجر بانتقال الملكية إلى المالك الجديد يمنع عليه دفع الأجرة إلى المالك السابق وفي حالة الدفع يكون مسئولا تجاه المالك الجديد.
و إذا قام المستأجر قبل قفل باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة من تاريخ الاستئجار حتى تاريخ الاستحقاق حتي تاريخ السداد وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية فإنه يتعين علي المحكمة رفض دعوى الإخلاء .
و إذ تكرر امتناع المستأجر عن الوفاء فإن حقه في رفع الدعوى يسقط حتى لو قام بأداء الأجرة و ملحقتها لأن من غير القبول أن يتأخر المستأجر عن الدفع مرة و يضطر المؤجر إلي مقاضاته ثم يقوم المستأجر بالدفع أمام المحكمة فلا يحكم عليه القاضي بالإخلاء ثم يمتنع عن الدفع من جديد فيضطر المؤجر إلي مقاضاته من جديدا.
و إذا ورد في عقد الإيجار شرط فاسخ صريه فإنه يجوز بمقتضى هذا الشرط الالتجاء إلي القضاء المستعجل للحصول على حكم بالطرد إعمالا للشرط الفاسخ و العقد مفسوخا من تلقاء نفسه بقوة القانون و قبل رفع الدعوى دون حاجة إلى صدور حكم بالفسخ و يحكم بطرد المستأجر من العين .
الفرع الثاني : التأجير من الباطن بغير إذن المؤجر
لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان و لو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد أسباب التالية :
إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجر من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك الأصلي و جاء بهذا الحكم القانون المدني الجزائري في المادة 505 التي تنص على لا يجوز للمستأجر أن يتنازل عن هذا الإيجار أو يؤجر إيجارا فرعيا كل ما أستأجره أو بعضه بدون موافقة صريحة من المؤخر.
كل ذلك ما لم يوجد نص قانوني يقضي بخلاف ذلك .
و يتبين من هذا النص أن التأجير من الباطن بغير إذن المؤجر يخول لهذا الأخير الحق في فسخ الإيجار و طلب الإخلاء.
للمالك طلب الإخلاء يجب توافر شرطين هما أن يقوم المستأجر بتأجير وحتى يجوز المكان المؤجر من الباطن و أن يكون هذا بغير إذن.
يشترط القانون لجواز التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار حصول المستأجر على إذن صريح كتابي وعلى هذا النحو إذا وجد في عقد الإيجار الأصلي تصريح عام يعطي للمستأجر الحق في التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار فلا يعتد به بل لا بد من وجود إذن صريح و موقع من المالك بحق المستأجر في القيام بذلك.
و اشتراك أفراد أسرة المستأجرة الذين يسكنون معه لا يعتبر تنازل عن الإيجار وذلك لأن رب الأسرة نائب عنهم و يعتبرون في هذه الحالة بحكم المستأجر الأصلي.
و إن إسكان المستأجر صهره معه لفترة معينة في ظروف خاصة لا يعتبر تأجيرا من الباطن أو تنازلا عن الإيجار لأن الصهر بمثابة الابن .
ولكن ما الحكم لو استمر الابن بالسكن مع والده بعد زواجه فهل يعتبر هذا تأجير من الباطن أم لا.
إن الابن الذي يدخل العقار منذ بدأ الإيجار له الحق في أن يستمر في السكن فيه حتى و لو تزوج لأن الأب يعتبر نائبا عن أفراد أسرته .
و إذا توافر الشرطان السابقان اا التأجير من الباطن و بدون إذن المؤجر جاز للمؤجر أن يطلب فسخ الإيجار و إخلاء المكان المؤجر و لو قبل انقضاء مدة الإيجار الأصلية فينتهي الإيجار الأصلي و ينتهي معه الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار.
و ترفع هذه الدعوى من المالك على المستأجر الأصلي لا على المستأجر من الباطن لأن موضوعها هو فسخ الإيجار الأصلي و ينتهي الإيجار من الباطن بانتهاء الإيجار الأصلي.
و إذا رفعت الدعوى تحتم على المحكمة أن تقضي بفسخ الإيجار و إخلاء المكان و تنحصر سلطتها في التثبت من أن المستأجر قد أجر من الباطن أو تنازل عن الإيجار بغير إذن المالك .
الفرع الثالث : إساءة استعمال العين المؤجرة أو استعمالها بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبني
تؤدى إساءة المستأجر استعمال العين المؤجرة إلى أحقية المؤجر في طلب فسخ الإيجار، وقد مر معنا عند الكلام عن التزامات المستأجر في المادة 495 ق م ج من أنه ملزم ببذل العناية العادية في استعمالها و المحافظة عليها ، و إذا جاوز المستأجر في استعماله للعين ما جرى عليه أغلب الناس أعتبر مسيئا في استعمال حقه، و في حاله إخلال المستأجر بالتزامه جاز للمؤجر وفقا للقواعد العامة طلب تنفيذ هذا الالتزام عينا بالكف عن إساءة استعمال العين أو إعادة الحال إلى أصله و له أن يطلب الفسخ في حاله الإخلال الجسيم و له الحق في التعويض في الخالتين إن كان له مقتضى.
فيحكم بالإخلاء إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة غير طبيعية مزعجة للراحة أو ضاره بسلامة المبني أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب العامة تناول هذا النص التزام من التزامات المستأجر هما التزامه باستعمال العين فيما أعدت له.
التزامه بالمحافظة عليها و ببذل العناية الواجبة في استعمالها.
فجعل سببا لإخلاء العين و لو أثناء سريان الإيجار استعمال المكان بطرقه تنافي شروط و تقضي القواعد العامة في هذا الصدد بأنه الإيجار أو استعماله بطريقه مضر بمصلحه المالك إذا كان استعمال العين مبينا في العقد وجب التزام ما أتفق عليه المتعاقدان فلا يجوز للمستأجر إذا كان عقد الإيجار قد بين في أي شيء تستعمل العين المؤجرة أن يستعملها في شيء آخر، و إذا خالف شروط العقد جاز للمؤجر طلب إخلاء العين دون أن تكون للمحكمة في هذا ضرر أصابه من مخالفة هذه الشروط.
سلطه تقديريه و دون حاجه لأن يثبت أنه هناك و ينبغي أن تكون الشروط التي إذا خالفها المستأجر حكم عليه بالإخلاء شروطا معقولة أما إذا كانت غير معقولة و اشترطت في العقد فلا يترتب على مخالفتها أن يحكم عليه بالإخلاء.
المستأجر بحسب القواعد العامة ملتزم باستعمال العين بحسب ما أعدت له و هو ملتزم بعدم ترك العين دون استعمال، و إذا أستعمل المستأجر المكان بطريقة تضر بمصلحة المالك وجب على القاضي أن يحكم بالإخلاء و يجب على المؤجر حتى يحكم له بالإخلاء أن يثبت أن إساءة استعمال المستأجر للعين قد ألحقت به ضررا .
و بمجرد وقو ع المخالفة يثبت للمؤجر الحق في طلب الإخلاء و يجوز للقاضي أن ينظر المستأجر إلى أجل معقول لتنفيذ حكم الإخلاء إذا استدعت الحالة ذلك و لم يلحق المؤجر من هذا التأجيل ضرر جسيم و هذا إعمالا لنص المادة 119 فقرة 2 ق م ج
الفرع الرابع : أيلولة المكان للسقوط
إذا كان المكان آيل للسقوط أي إذا كان غير قابل للترميم و لابد من هدمه فإن يعتبر في حكم المكان الذي هلك فعلا .
لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان و لا عند انتهاء المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:
إذا ثبت أن المكان المؤجر أصبح آيلا للسقوط و يخشى منه على سلامة السكان و قد جاءت بهذا الحكم المادة 518 ق م ج الملغاة حيث تنص " لا يحتج بحق البقاء في الأمكنة على المالك الذي حصل على رخصة إدارية لهدم دار ليبني بنفس الأرض دارا أخرى..... و على المالك أن يخطر كل واحد من الشاغلين مسبقا بستة أشهر ليتخلى عن الأمكنة..... "
يتبين من هذا أن للمؤجر أن يطلب فسخ الإيجار وإخلاء المكان أثناء سريان مدة الإيجار إذا ثبت أن المكان أصبح آيلا للسقوط بحيث يخشى منه على سلامة المقيمين فيه وعلى سلامة المارة.
فإذا ثبت أن المكان آيل للسقوط ولا يقبل الترميم بل لابد من هدمه حكم للمؤجر في هذه الحالة طلب فسخ الإيجار واخلاء المكان حتى يدرأ مسؤوليته لو سقط عن المقيمين فيه أو على المارة.
وهذه الأحكام لا تخرج عن تطبيق القواعد العامة ويقدم طلب الإخلاء إلى المحكمة طرف المالك لأنه هو الذي يعنيه أمر إن إزالة البناء وما دام قد ثبت أن المكان آيل للسقوط وأنه يهدد سلامة السكان ولابد من هدمه فإن المحكمة تقضي في الغالب بالإخلاء فورا إذ أن الأمر لا يحتمل التأخير.
واذا ثبت للمحكمة أن المكان يقبل الترميم ولا ضرورة لهدمه وأراد المؤجر أن يقوم بترميمه فله ذلك وإن لم يرد وأصر على فسخ الإيجار وإخلاء العين فليس للمستأجر أن يجبره على الترميم وفي هذه الحالة يرفع المؤجر طلبا إلى المحكمة للحكم بالإخلاء وبهذا أصبح هدم المنزل الآيل للسقوط سببا لإنهاء عقد الإيجار دون رجعة.
ويشترط لإقامة دعوى الإخلاء لعلة الهدم والبناء أن يحصل طالب الإخلاء على رخصة البناء قبل إقامة الدعوى وهذا في ظل المادة 518 ق م ج) الملغاة ( ويلحق بأيلولة المكان للسقوط رغبة المالك في هدم المكان المؤجر لإعادة بنائه بشكل أوسع.
الفرع الخامس: قيام ضرورة تلجئ المؤجر لشغل المكان بنفسه
جاء في قرار للمحكمة العليا بتاريخ 19-11-1990 " من المقرر قانونا أن للمالك )جزائري الجنسية) حق في استرجاع مبناه ليسكنه بنفسه أو ليسكن فيه زوجه أو أصوله أو فروعه إذا عرض على الشاغل أو المستأجر محلا صالحا للسكن بنفس البلدة و بنفس شروط المكان المسترد، و لا يمكن للمالك استعمال الحق المقرر أعلاه إلا على الأمكنة المناسبة لحاجياته الشخصية أو العائلية والمهنية عند الاقتضاء.
تنص المادة 562 ق م ج " ينقضي حق الاحتجاج بالبقاء في الأمكنة على المالك الذي يتمتع بالجنسية الجزائرية إذا عزم على استرجاع مبناه ليسكنه بنفسه أو ليسكن فيه زوجه أو أصوله أو فروعه إذا عرض على المستأجر أو الشاغل محلا صالحا للسكن... .
و قد جاء في قرار للمحكمة العليا بتاريخ 24-01-1995" للمؤجر أن يطلب استرجاع العين المؤجرة لفائدته الشخصية أو لفائدة زوجته ، أصوله أو فروعه الذين لا يتمتعون بملكية يستعطون ممارسة حق الاسترداد فيها و ليست لهم سكنات تفي بحاجياتهم و يقع عب إثبات حالة المستفيد من الاسترداد على المؤجر .
نخلص من هذا أنه يجب لطلب الإخلاء أن تقوم بالمؤجر ضرورة تلجئه لشغل المكان بنفسه أو بوالديه أو أولاده و المؤجر هو الذي يقع عليه عبء إثبات قيام الضرورة للقيام بذلك.
فإذا ادعى مثلا أن المسكن الذي يقيم فيه قد نزعت ملكيته للمنفعة العامة فعليه ان يثبت ذلك و ستطيع الإثبات بجميع الطرق ، و يدخل في ذلك البينة و القرائن لأنه يثبت واقعة مادية. كما يجب على المؤجر أن يثبت قيام الضرورة من وقت التنبيه بالإخلاء و استمرار قيامها إلى وقت النطق بالحكم، فإذا كانت الضرورة قد قامت وقت التنبيه بالإخلاء ثم انقطعت وقت النطق بالحكم قضت المحكمة برفض الدعوى. و إن ا كانت الضرورة لم تقم وقت التنبيه بالإخلاء وانما قامت بعد ذلك عند النطق بالحكم قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لبطلان التنبيه بالإخلاء .
و إذا قضى في دعوى الإخلاء برفضها لانعدام الضرورة فإن هذا لا يمنع من تجديد الدعوى إذا جدت ضرورة أخرى و لا ترفض هذه الدعوى الجديدة بسب سبق الفصل فيها لأن سببها يختلف عن الدعوى الأولى التي رفضت.
وإذا كان يحق للمؤجر أن يطلب إخلاء العين للضرورة القيام بذلك فإنه لا يجوز له أن يتعسف في استعمال هذا الحق.
ويعتبر ضرورة القيام بذلك أن ينتزع من المؤجر المسكن الذي يقيم فيه فيصبح في حاجة إلى ملكية هذا المسكن للمنفعة العامة أو كان آيلا للسقوط و لا بد من هدمه.
مسكن آخر يأويه وتحقق ذلك إذا نزعت
و نقل الموظف إلى جهة له فيها مكان أجره يجيز بوجه عام أن يطلب إخلاء هذا المكان و يجب أن تقوم الضرورة القيام بذلك بالمالك الذي يحق له وحده طلب الإخلاء و لو لم يكن المؤجر للعين المطلوب إخلاؤها و يستوي بعد ذلك عزم المؤجر في طلب استرجاع مبناه ليسكنه بنفسه أو ليسكن فيه زوجه أو أصوله أو فروعه .
الفرع السادس :
إقامة المستأجر بناء مملوكا له
إذا أقام المستأجر مبنى مملوكا له فإنه من حق المؤجر طلب إخلاء العين المؤجرة ، و قد نصت المادة 517 ق م ج) ملغاة ( أن لا حق في البقاء لمن كانت لهم عدة مساكن .
و قد جاء في قرار للمحكمة العليا بتاريخ 04-03-1992" من المقرر قانونا أنه لا حق للبقاء في الأمكنة للأشخاص في حالة ما إذا كانت لهم عدة مساكن ..... فاذا تم التأكد من تملك المستأجر دارا صالحة للسكن و ثبتت ملكيته لهذه الدار فإن من حق المؤجر أن يطلب إخلاء العين المؤجرة "
غير أن تملك المستأجر للعين يجب أن يكون بشروط هي :
-أن يكون المستأجر مالكا و أن يكون هذا التملك بعد الاستئجار .
-أن تكون هذه الدار صالحة للسكن و أن تكون خالية من أي شاغل .
و قد استقر الاجتهاد على أن المستأجر إذا تملك حق الانتفاع لدار صالحة للسكن كاف لإقامة دعوى الإخلاء لأن حق الانتفاع هو حق عيني .
و لا يكفي أن يكون المستأجر مالكا حتى يجوز طلب إخلائه للعين و إنما يجب أن تكون هذه الدار صالحة للسكن و هو شرط أساسي إذا لم يتحقق رفضت الدعوى» وللمحكمة سلطة تقدير ما إذا كانت هذه الدار صالحة للسكن أما لا، و لها في ذلك أن تستعين بأهل الخبرة لتحديد مدى صلاحية الدار للسكن.
و إذا كان المستأجر متزوجا من امرأتين و تملك دارا صالحة للسكن فليس من حقه أن يطلب بقاءه و أن يكون حائزا لدارين لكل واحدة من زوجتيه مسكنا.
وقد جاء في قرار المحكمة العليا بتاريخ 10-01-1995 " أن تعدد السكنات يفقد المستأجر حقه في البقاء و لا يمكنه التذرع بتمدد الزوجات ".
الفرع السابع : الإخلاء لعلة الترك
إن المستأجر عادة ما يستأجر دارا له و لأسرته ثم ينتقل إلى دار ثانية بسبب ازدياد عدد أفراد الأسرة فإن مثل هذا التصرف لا يعتبر تركا للعين المؤجرة لأن من حقه أن يستأجر أكثر من دار واحدة.
أما المستأجر الذي يترك العين المؤجرة تركا نهائيا ويستغني عنها فلا يحق له أن يعود إليها، وعودته إليها بعد تركه لها غير مقبول قانونيا.
والحماية التي أحاطها المشرع للمستأجر تنزع عنه إذا تملك دارا صالحة لسكناه و انتقل إليها و لم يعد يتردد على العين المؤجرة ففي هذه الحالة يعتبر تاركا لها و يجوز للمؤجر طلب الإخلاء.
إن ترك المستأجر العين المؤجرة مدة طويلة وعزوفه عن السكن فيها يعتبر قرينة كافية على عدم حاجته لها مما يجيز للمؤجر طلب الإخلاء لأن حاجته الحقيقية للسكن لم تعد قائمة.
و يعتبر ترك المستأجر العين المؤجرة فعلا إنهاء منه لعقد الإيجار و يتوجب عليه الإخلاء وتسليم العين المؤجرة خالية من الشواغل ، ومتى ثبت تركه للعين المؤجرة نهائيا فإن هذا يوهب الحكم بالإخلاء .
و عندما تقام دعوى الإخلاء لعلة الترك فمن واجب المحكمة أن تتحقق وتتأكد من أنه قد استغني عن العين المؤجرة نهائيا و لم تعد له صلة بها.
و إذا أقيمت دعوى الإخلاء فإن المحكمة لا يتوجب عليها أن تمنح المستأجر مهلة للإخلاء ذلك لآن العين المؤجرة كانت متروكة قبل أن تقام الدعوى و هذا بخلاف دعوى الإخلاء لعلة عدم الوفاء التي توجب على المحكمة إمهال المستأجر مدة لدفع الأجرة أو إخلاء العين ذلك أن الإخلاء لعلة الترك لا يتوجب معه منح مهله .
الفرع الثامن : انتقال حق الإيجار في حالة الطلاق و انتقاله في حالة وفاة
تقضي المادة 467 فقرة 2 ) قديمة ( ق م ج " و في حالة الطلاق يجوز للقاضي أن يعين من الزوجين من يمكنه أن ينتفع بحق الإيجار....... "
و قد جاء في قرار المحكمة العليا بتاريخ 03-12-1984 لما كانت أحكام المادة 467 القانون المدني التي تخول للقاضي الذي يصرح بالطلاق إعطاء السكن الزوجي للزوج الذي أسندت إليه حضانة الأولاد أخذت في اعتبارها أن السكن المذكور مؤجر و ن تأجيره باسم أحدهما ،أما إذا كان باسم غيرهما فليس لأحدهم أن يستفيد منه تحت ظل نص هذه المادة و من ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون .
ألزمت المادة467 فقرة 2 ق م ج القاضي الذي يحكم بالطلاق أن يعين في حكم الطلاق إذا كانت الزوجة حاضنة و أن يقرر حقها في البقاء في العين المؤجرة و في انتقال الإيجار إليها.
ويلتزم الزوج المطلق بتوفير مسكن مستقل مناسب للمطلقة الحاضنة وإلا كان من حقها أن تستقل بالمسكن دون الزوج المطلق.
وعن وفاة المؤجر أو المستأجر جاءت المادة 510 ق م ج على أن الإيجار لا ينتهي بموت المؤجر و لا بموت المستأجر لذلك فإن حق الإيجار ينتقل إلى ورثته تلقائيا.
و قد جاء في قرار للمحكمة العليا بتاريخ 20-06-1982 من المقرر قانونا أن الإيجار لا ينتهي بموت المؤجر أو المستأجر فإن ورثة المستأجر يتلقون ضمن تركة مورثهم حق الإيجار على السكن دون اشتراط أو فرض المعايشة السكنية مع عائلة المستأجر المتوفي و من تم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون.
إذا مات المستأجر جاز لورثته أن يطلبوا فسخ الإيجار، إذا أثبتوا أنه بسبب موت مورثهم أصبحت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم أو أصبح الإيجار يجاوز حاجتهم على أن تراعى مواعيد التنبيه بالإخلاء المبينة في المادة 475 ق م ج )ملغاة( و أن يكون طلب الفسخ في ظرف ستة أشهر على الأكثر من وقت موت المستأجر .
لذلك لا يستطيع المؤجر طلب الإخلاء مؤسسا دعواه على انفصال الزوجين أو وفاة المستأجر إلا إذا أسسها على شرط موضوعي من الشروط السابقة التي إذا توافر واحد منها فإن من حقه رفع دعوى الإخلاء على المستأجر بعد احترام بعض الإجراءات التي تسمى بالشروط الشكلية لدعوى الإخلاء.
خاتمة :
يجد الدارس لعقد الإيجار في ظل القانون الجزائري نفسه أمام مرحلتين مر بهما هذا العقد، و هما مرحلة من 75 إلى 93 و مرحلة ما بعد 01 مارس 1993 فمنذ صدور القانون المدني بالأمر رقم 58/75 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 الذي حرص المشرع فيه على إحاطة هذا العقد بالعناية اللازمة و بتنظيم أحكامه تنظيما دقيقا ، و نجده من ناحية أخرى حاول إضفاء نوع من التوازن بين مصالح المؤجر و المستأجر على الرغم من أن كفة المستأجر كانت هي الراجحة.
و يرجع رجحان هذه الكفة إلى أن الجزائر آنذاك كانت تتبع النهج الاشتراكي مما يحتم عليها مراعاة مصالح الطرف الضعيف الذي هو المستأجر في عقد الإيجار، فبالطبع هو من يحتاج إلى سكن و ليمر في وسعه تملكه، لذلك حرص المشرع على منحه الحق في البقاء إذا انتهت مدة العقد و لا يستطيع المؤجر طلب إخلاء العين و لو انتهت المدة إلا إذا عرض على المستأجر مسكنا مماثلا .
و تجسيدا لهذه الحماية منحه حق البقاء ، إلا أن المشرع لم يجعل هذا الحق مطلقا و حتى لا يميل كل الميل إلى المستأجر حاور تقييده فقصره على الشاغل حسن النية و أن يكون لديه سند إيجاري و هو ما يستفاد من نحى المادة 514 ق م .
بالمقابل - وتحقيقا للتوازن - منح القانون نفسه و في إطار هذه المواد نفسها حقا موازيا لحق البقاء هو حق الاسترجاع المخول للمؤجر .
لذلك فقد أعطت المادة 518 ق م حق الاسترجاع للمالك الذي حصل على رخصة إدارية لهدم دار ليبني دارا أخرى ، ولكن هذا الحق قيد أيضا بشرط إعلام الشاغلين مسبقا ثم عرض محل صالح للسكن بنفس البلدة.
و المادة 526 ق م ج منحت حق الاسترجاع للمالك إذا أراد أن يسكنه بنفسه و بأصوله أو فروعه أو زوجه ، و قسرت هذه المادة حق الاسترجاع على المالك جزائري الجنسية ، ثم تليها المادة 527 ق فتقيد حق الاسترداد بشرط إعلام الشاغلين و أن يحصل كل واحد منهم على مسكن مماثل.
و المطلع على المادة 520 ق م ج يجدها تنقل حق المستأجر في البقاء الذي نزح منه بمقتضى المادة 527 للسابقة الذكر إلى المساكن التي شغلوها بعد منحهم إياها من طرف المالك.
يتضح من هذين المثالين أن المشرع رغم محاولاته المتعددة التوفيق بين مصالح المؤجر و المستأجر إلا أن ميله إلى ترجيح مصلحة المستأجر كان جليا واضحا ، و لا لوم عليه في ذلك لأن التشريع يتأثر دوما بالسياسة العامة للدولة.
ومن يلقي نظرة على التشريع المصري يجده متأثرا هو الآخر بالنهج الاشتراكية فقد وصل
المشرع المصري إلى درجة وضع حد أقصى للأجرة لا يمكن تجاوزه.
واتبع هذه النهب ر في قانون إيجار الأماكن فقسم أماكن المؤجرة إلى خمسة أقسام و جعل أجرتها تحدد بنسبة مئوية من قيمة المبنى.
و بعد تصدع المعسكر الشيوعي حاولت الدول المصرية تحت لواء الاشتراكية تغير النهج وانعكس هذا التغير على المستوى التشريعي.
فأصدر المشرع الجزائري المرسوم التشريعي 93-03 المؤرخ في مارس 1993المتعلق بالنشاط العقاري الذي نصت المادة منه صراحة على إلغاء المواد من 4 و 5 إلى 537 ق م ج التي تنص على حق البقاء و فرضت المادة من نغمى المرسوم أنه إذا انقضى عقد إيجار مبرم قانونا يتقين على المستأجر أن يغادر الأمكنة مما يعني ألاحق في البقاء للشاغلين.
و لعل الأسباب التي أدت بالمشرع إلى إصدار المرسوم هو إعراض الملك عن تأجير و تمسك المستأجرين بحق البقاء و إلزامهم بمنح المستأجرين مساكن أخرى، فك حاجة له بإيجار ملكه أصك إذا كان هذا الإيجار سيجلب له الخسارة» و هو يسقى إلى الربح من وراء إيجار «.
ثم تك هذا المرسوم المرسوم التنفيذي 94/ 59المؤرخ في 9امارس 1994المتضمن نموذج عقد الإيجار فلو تساءل سائل عن الغرض من إصدار مرسوم تنفيذي لنموذج عقد الإيجار و به مواد تنص على التزامات الطرفين و مواد تنص على إنهائه بالرغم أن هذه الالتزامات المنصوص عليها في هذا النموذج لا تخرج عن تطبيق لقواعد العامة في أحكام عقد الإيجار أو في النظرية العامة للعقد.
فالمشرع عمد إلى ذكرها حرصا منه على جعل الكتابة الرسمية ركنا لك لإنعقاد العقد لا يتم العقد إلا به و هو ما يستفاد من المرسوم93-03.
المراجع
1- القوانين
1- الأمر رقم : 75-58 المؤرخ في 26-09-1979 المتضمن القانون المدني
2- الأمر رقم : 66-154 المؤرخ في 08-06-1966 المتضمن قانون الإجراءات المدنية
3- المرسوم التشريعي 93-03 المؤرخ في 01-03-1993 المتعلق بالنشاط العقاري
4 - المرسوم التنفيذي 94-69 المؤرخ 19-03-1994 يتضمن المصادقة على نموذج عقد الإيجار.
2- المؤلفات
- د/ علي فيلالي، "الالتزامات الفعل المستحق للتعويض"، الطبعة الثانية، موفر للنشر، الجزائر، 2007.
- د/ خليل أحمد حسن قدادة : الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري: عقد البيع ديوان المطبوعات الجامعية, 2003
- د /عبدالرزاق السنهوري السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني العقود الواردة على الانتفاع بالشيء- الإيجار و العارية -الجزء السادس المجلد الأول و الثاني - دار أحياء التراث العربي بيروت - لبنان مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر القاهرة 1963 .
- المحامي، ديدي محي الدين بن طجي : الطبيعة القانونية للتنبيه بالإخلاء وتطبيقه طبقا للمادة 173 قانون تجاري والمادة 474 قانون مدني - ماي 2000
- د/ بن رقية بن يوسف، أهم النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالإيجار المدني والتجاري اجتهادات المحكمة العليا الديوان الوطني للأشغال التربوية 2000 .