شرح حماية الحيازة
دعوى منع التعرض لحماية الحيازة
دعوى وقف الأعمال الجديدة
دعوى استرداد الحيازة
خاتمة
مقدمة
يحمى المشرع الحيازة لذاتها بصرف النظر عن كون الحائز صاحب الحق موضوع الحيازة أو ليس صاحبه، ويرجع ذلك إلى اعتبارين :
الأول : مصلحة المجتمع فى حماية الحيازة: حيث تقتضى المصلحة العامة للمجتمع حماية الحيازة لأنها تمثل الأمر الواقع وفى إباحة العدوان عليها فتح لأبواب الصراع والمشاحنات بين أفراد المجتمع مما قد يؤدى إلى استخدام العنف الأمر الذى يهدد السلام الاجتماعى والأمن العام.
الثانى : أن حماية الحيازة حماية للحق عن طريق غير مباشر: ذلك أن الغالب أن يكون الحائز هو صاحب الحق. ولهذا ينص القانون المدنى على أن الحيازة قرينة على الملكية. ومن ثم تحقق ذلك المصلحة الخاصة لصاحب الحق، لأنه يستطيع أن يحمى حقه عن طريق دعاوى الحيازة وهى أيسر من دعاوى الحق.
ونظراً للأهمية الكبيرة للحيازة نظراً للاعتبارات السابقة، حرص المشرع على حمايتها بدعاوى خاصة. هذه الدعاوى هى دعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة ودعوى استرداد الحيازة.
وقبل ان نتكلم عن هذه الدعاوي يجدر بنا ان نتكلم عن المقصود بالحيازة القانونية التي يحميها القانون
يمكن تعريف الحيازة بأنها
" حالة واقعية تنشأ عن سيطرة شخص على شئ أو على حق بصفته مالكاً للشئ او صاحب الحق عليه".
ومن خلال هذا التعريف يبدو أن للحيازة القانونية عنصرين : وهما العنصر المادى والعنصر المعنوى.
أولا : العنصر المادى
وهو القيام بالأعمال المادية التى يقوم بها عادة صاحب الحق كزراعة الأرض الزراعية أو تسوير الأرض الفضاء أو سكنى المنزل.
فكلها أعمال توحى بالسيطرة المادية على الشئ. فإذا كان العمل المادى ليس من الأعمال التى يقوم بها عادة صاحب الحق، وإنما من تلك التى يمكن أن يقوم بها صاحب الحق أو أى شخص غيره، فإن ذلك لا يكفى لتكوين العنصر المادى، فعلى سبيل المثال، فإن مجرد مرور الشخص فى أرض جاره لا يجعله جائزاً لحق ارتفاق بالمرور، لأن هذا المرور يمكن أن يقوم به أى شخص على سبيل التسامح الذى يجرى به العرف من ناحية صاحب الأرض.
ولا يشترط أن تتم الأعمال المادية بواسطة الحائز نفسه، وإنما يمكن أن تتم من أى شخص آخر يأتمر بأمر كأولاده أو أحد عماله.
ثانيا: العنصر المعنوى
وهو نية استعمال حق من الحقوق أى أن يكون لدى الحائز إرادة الحصول لنفسه على المنفعة التى يخولها له استعمال الحق أو بمعنى آخر الظهور بمظهر صاحب الحق موضوع الحيازة.
فإذا كان يقوم بهذه الأعمال باعتبار آخر فلا يتوافر هذا العنصر وبناء عليه لا تتوافر الحيازة القانونية.
فعلى سبيل المثال، إذا كان الحائز يقوم بالأعمال المادية لحساب غيره أى بوصفه مستأجراً أو مستعيراً أو حارساً فإن حيازته لا تكون حيازة قانونية وإنما تكون مجرد حيازة مادية أو عرضية لا يحميها القانون.
وعلى ذلك فحتى تكون الحيازة القانونية أو يحميها القانون للأبد أن يتوافر العنصران معاً المادى والمعنوى.
المبحث الأول : دعوى منع التعرض
تعريفها : دعوى منع التعرض هى الدعوى التى يتمسك فيها المدعى بحيازته القانونية التى يتعرض لها المدعى عليه، طالباً الحكم بمنع هذا التعرض وإزالة مظاهره.
والتعرض هو
" الإجراء الموجه إلى واضع اليد على أساس ادعاء حق يتعارض مع حق واضع اليد ".
وتعتبر دعوى منع التعرض من أهم دعاوى الحيازة.
شروط دعوى منع التعرض :
يشترط لقبول دعوى منع التعرض الشروط الآتية :
1- يجب أن يكون المدعى حائزاً حيازة قانونية
وهى عبارة عن السيطرة الفعلية للحائز على شئ أو استعماله لحق عينى باعتباره مالكاً للشئ أو صاحب الحق العينى.
وحتى تكون حيازة المدعى قانونية فلابد أن يتوافر لديه عنصراها المادى والمعنوى، على النحو الذى ذكرناه فيما سبق، دون أن تكون مشوبة بغموض أو إبهام. والغالب أن يجتمع لدى الحائز العنصران، وقد يكون العنصر المادى للحيازة لدى نائب عنه كمستأجر على سبيل المثال، وفى هذه الحالة تعتبر حيازة النائب حيازة للأصيل، فللأخير أن يستند إليها عند الحاجة، فمتى ثبتت الحيازة للمستأجر، اعتبر المؤجر مستمراً فى حيازته المدة التى لمستأجره.
2 - يجب أن تكون الحيازة ظاهرة وواضحة وهادئة :
ذلك أن القانون يحمى الحيازة بدعاوى خاصة باعتبارها قرينة على تملك العقار أو الحق العينى. لذا يشترط فى الحيازة التى يحميها القانون بدعاوى الحيازة أن تستوفى الشروط التى يستلزمها القانون فى الحيازة المؤدية لكسب الملكية بمضى المدة ولهذا يجب أن تكون:
أ - ظاهرة : بمعنى أن تكون الأعمال المادية التى يقوم بها الحائز غير خفية بحيث يستطيع أن يراها ويعلمها من يحتج عليه بالحيازة فيعترض عليها إذا شاء.
ب - واضحة : بمعنى ألا يكون فيها لبس أو غموض، ويستفاد هذا الشرط على أنه إذا كان فى الحيازة لبس فلا يحتج بها على الغير إلا من الوقت الذى يزول فيه هذا العيب.
ومن أمثلة الحيازة التى يكتنفها الغموض أن يتوفى شخص ويترك عقاراً له فى حياة أحد ورثته، ففى هذه الحالة لا يفهم ما إذا كان الابن يحوز العقار باعتباره وارثاً أم بصفته الشخصية.
كذلك أن يضع شخص يده على أرض له جزء فيها على الشيوع فلا يفهم فى هذه الحالة ما إذا كان يحوز نصيبه فقط أم أنصبة باقى الملاك على الشيوع، لأن لكل واحد من الملاك على الشيوع الحق فى الانتفاع بلعين كلها، ولا يعرف ما إذا كان الشريك على الشيوع يحوز العين كلها لنفسه أم نيابة عن باقى الشركاء.
ج - هادئة : بمعنى ألا يكون الحائز قد اكتسب الحيازة بعمل من أعمال العنف المادية أو الإكراه الأدبى، لأن استعمال الإكراه من جانب الحائز دليل على الاعتراض و المقاومة من جانب من يحتج عليه بالحيازة مما ينفى قرينة الملكية. ولكن إذا انتهى الإكراه واستقرت الحيازة بعد ذلك هادئة زال عنها عيب الإكراه وأمكن الاحتجاج بها.
ويلاحظ أنه لا يعيب الحيازة أن تكون قد اكتسبت بغير إكراه أو اكتسبت فى الأصل بإكراه ثم زال الإكراه واستقرت هادئة ثم اضطر الحائز لاستعمال القوة فى المحافظة على حيازته الهادئة أو التى أصبحت هادئة بعد أن زال عنها عيب الإكراه الذى كان يعيبها أصلاً.
3 - أن يكون العقار أو الحق العينى موضوع الحيازة مما يمكن اكتساب ملكيته بمضى مدة زمنية :
ذلك لأن الحيازة التى يحميها القانون بدعاوى خاصة هى الحيازة المؤدية إلى الملكية بمضى المدة، ولذلك فإن دعاوى الحيازة المرفوعة على الحكومة لا تقبل إذا كانت بشأن عقار يعتبر من الأملاك العامة، لأنه لا يجوز للأشخاص تملك هذه الأموال بالتقادم.
فإذا كانت الحيازة واقعة على حق عينى وجب أن يكون من الحقوق التى تكتسب بالتقادم كحق الملكية والانتفاع وحقوق الارتفاق الظاهرة، أما حقوق الارتفاق غير الظاهرة أو غير المستمرة كحق الارتفاق بعدم البناء أو المرور فلا تكتسب بالتقادم، ذلك لأن حيازتها مشوبة بالخفاء أو بشبهة التسامح، إلا إذا كان الارتفاق غير الظاهر مقرراً بنص فى القانون أو بالاتفاق، فمن الجائز حمايتها لانتفاء شبهة الخفاء والتسامح.
4- أن تكون حيازة المدعى استقرت سنة كاملة بدون انقطاع قبل حصول التعرض :
وهذه المدة مدة تحكمية رأى المشرع أنها مدة معقولة تكفى لاستقراء الحيازة وتجعلها جديرة بالاعتبار.
ولا تقبل دعوى الحيازة ممن انقطعت حيازته سواء بفعل مادى كطرده من العين أم بإجراء قانونى بحيازة خصمه. ولكن إذا كان سبب هذا الانقطاع يرجع إلى قوة قاهرة فإنه يعتد بمدة الانقطاع وتحتسب، أى لا يترتب على القوة القاهرة اعتبار الحيازة منقطعة وقت حصول الاستحالة التى منعت الحائز من مباشرة حيازته. ويجوز للمدعى أن يضيف إلى مدة حيازته مدة حيازة سلفه لكى يكمل مدة السنة التى يتطلبها القانون.
5 - أن يكون قد وقع تعرض للمدعى فى حيازته :
والتعرض هو كل عمل مادى أو قانونى يتضمن ادعاء ينطوى على منازعة للحائز فى حيازته. والتعرض المادى يقع بكل عمل مادى من شأنه أن يحرم الحائز من حيازة العين أو يعطل انتفاعه بالحيازة تعطيلاً كلياً أو جزئياً.
ومثال التعرض المادى أن يزرع شخص أو يحرث أو يبنى أرضاً فى حيازة آخر أو أن يرعى ماشيته فيها أو يقطع أشجارها أو يجنى محصولها بشرط أن تتضمن هذه الأفعال إنكاراً لحيازة الحائز. كذلك فتح نافذة تطل على عقار فى حيازة الجار لأن هذا العمل يتضمن الادعاء بحق ارتفاق المطل عليها مما يعطل الانتفاع بالعين انتفاعاً كاملاً باعتبارها خالصة من حقوق الارتفاق.
أما التعرض القانونى فهو كل إجراء قانونى ينطوى على ادعاء يتعارض مع حيازة الحائز، كأن يرسل المتعرض إنذاراً للمستأجر من الحائز بعدم دفع الأجرة للحائز ودفعها للمتعرض باعتباره حائزاً، أو أن يرسل للحائز إنذاراً بعدم البناء إذا شرع الحائز فى البناء مما يتعارض مع انتفاع الحائز بعقاره باعتباره خالصاً من حقوق الارتفاق. كذلك أن يرفع المتعرض دعوى منع التعرض على الحائز لما فى ذلك من إنكار حيازة الحائز. أما رفع دعوى المطالبة بالحق فإنها لا تعد تعرضاً للحائز فى حيازته لأن مدعى الملكية لا ينازع الحائز فى حيازته وإنما يطالبه بالحق.
6 - أن يرفع المدعى دعواه فى خلال سنة من حصول التعرض :
فإذا تراخى الحائز فى رفعها بعد أن تكون قد مضت سنة على حصول التعرض سقط حقه فى رفع الدعوى. وتحتسب مدة السنة من وقوع التعرض، فإذا تعددت الأفعال التى تعد تعرضاً، فإن كل فعل يشكل فى حد ذاته تعرضاً مستقلاً يعطى الحائز الحق فى رفع الدعوى، وعلى ذلك تحسب مدة السنة من آخر تعرض للحائز فى حيازته.
المبحث الثانى : دعوى وقف الأعمال الجديدة :
تعريفها :
هى الدعوى التى يتمسك فيها المدعى بحيازته القانونية، التى تهددها أعمال جديدة يقوم بها المدعى عليه من شأنها لو تمت أن تمس حيازته، طالباً الحكم بوقف هذه الأعمال. ومثال ذلك أن يشرع شخص فى حفر أساس فى أرضه ليقيم حائطاً ويكون من شأن هذا الحائط لو تم أن يحجب النور والهواء عن بناء الجار، فيرفع الأخير دعوى بطلب وقف البناء ليحول دون تمامه حتى يتجنب التعرض له فى حق المطل إذا تم البناء.
فهذه الدعوى دعوى وقائية ترمى إلى منع الاعتداء على الحيازة قبل وقوعه، أى أن الضرر لم يقع بالفعل ولكنه محتمل بسبب وجود أمارات تدل عليه وهى الشروع فى العمل.
شروط رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة :
تختلف دعوى وقف الأعمال الجديدة عن دعوى منع التعرض فى المسائل التالية:
1- من حيث السبب :
ففى دعوى منع التعرض يكون العمل الذى أتاه المدعى عليه تعرضاً بالفعل للحائز فى حيازته، أما فى دعوى وقف الأعمال الجديدة فليس هناك ثمة تعرض وإنما شروع فى عمل لو تم لأصبح تعرضاً.
ويترتب على ذلك أنه فى دعوى وقف الأعمال الجديدة يقع العمل سبب الدعوى على غير عقار الحائز، لأنه لو وقع على عقار الحائز لكان تعرضاً، أما فى دعوى منع التعرض فإن العمل قد يقع على عقار الحائز، وقد يقع على غيره.
2- من حيث سقوط الحق فى رفع الدعوى :
يسقط الحق فى رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة بمضى سنة على الشروع فى العمل أو بتمام العمل وصيرورته تعرضاً للحائز ولو لم يكن قد انقضى على الشروع فيه سنة. ذلك لأنه بتمام العمل نصبح فى مواجهة، تعرض بالفعل وتكون وسيلة حماية الحيازة فى هذه الحالة هى رفع دعوى منع التعرض خلال سنة من تاريخ تمام العمل. بينما يسقط الحق فى رفع دعوى منع التعرض بمضى سنة على التعرض.
وتتفق دعوى وقف الأعمال الجديدة، مع دعوى منع التعرض فى أنه يشترط فيها أن تكون الحيازة قانونية وواضحة وهادئة وأن ترد على عقار أو حق عينى يجوز تملكه بمضى المدة وأن تستمر الحيازة مدة سنة.
المبحث الثالث : دعوى استرداد الحيازة
تعريفها :
هى الدعوى التى يتمسك فيها المدعى بحيازته التى سلبت منه، طالباً الحكم بإلزام المدعى عليه بتسليم العقار إليه. وهذه الدعوى هى دعوى حيازة موضوعية تتخذ صورة الإلزام، حيث يدعى فيها المدعى الاعتداء على الحيازة، ويطلب الحكم بجزاء هذا الاعتداء، وهو جزاء عينى يتمثل فى إعادة الشئ إلى أصله وذلك بتسليم العقار إلى حائزه.
شروط رفع دعوى استرداد الحيازة :
المشرع قد عمل على تيسير شروط قبول دعوى استرداد الحيازة وذلك لأن اغتصاب الحيازة يعد أشد صور التعرض للحيازة وأخطرها نظراً لما يترتب عليه من العنف والفوضى والإخلال بالأمن القومى. وتتمثل شروط قبول دعوى الاسترداد فيما يلى :
1-أن يكون المدعى حائزاً للعقار الذى سلبت حيازته :
ويكفى أن يكون حائزاً حيازة مادية لا تتوافر فيها نية التملك، كالمودع لديه والمرتهن رهن حيازة .
كما يجوز قبول الدعوى من واضع اليد على عقار من الأموال العامة مادام لا يشترط فى الدعوى الحيازة المؤدية لكسب الملكية بالتقادم.
ويجب أن تكون الحيازة هادئة وظاهرة، وهذا بديهى فلا يقبل أن تحمى دعوى استرداد الحيازة، وقد شرعت لدفع الاعتداء الحاصل بالعنف، الحائز الذى حصل على حيازته بالعنف. ولكن إذا اكتسبت الحيازة بالإكراه ثم زال عيب الإكراه وأصبح الحائز محتفظاً بها بغير عنف فإنها تصبح جديرة بالحماية بدعوى الاسترداد إذا سلبت من حائزها بعد ذلك بالعنف.
2- أن تستمر حيازة المدعى لمدة سنة كاملة بدون انقطاع قبل سلبها :
ويستفاد ذلك من نص المادة 819 فقرة1 و 817 ق.م. ج والمادة 524 فقرة 2 ق إ م إ يستنتج على أنه يشترط لقبول دعوى استرداد الحياة أن يكون رافعها قد حاز العقار لمدة سنة على الأقل قبل سلبها.
ويجوز التجاوز عن هذا الشرط فى الحالات الآتية :
أ - إذا كان فقد الحيازة بالقوة، فالحائز الذى سلبت حيازته بالقوة يجوز له استردادها ولو لم يكن قد انقضت على حيازته سنة.
ب -إذا كانت حيازة الحائز الذى لم تنقض على حيازته سنة أحق بالتفضيل، وتكون الحيازة أحق بالتفضيل فى صورتين:
الصورة الأولى : إذا كانت إحدى الحيازتين تستند إلى سند قانونى بينما لا تستند الأخرى إلى سند قانونى.
الصورة الثانية : إذا تعادلت الحيازتان من حيث السند القانونى سوءا أكان ذلك من حيث وجوده أو عدمه، أى أن تكون كل منهما مستندة إلى سند قانونى يخول صاحبه الحيازة، أم لم تكن أيهما تستند إلى سند قانونى يخول صاحبه الحيازة كانت الحيازة الأحق بالتفضيل هى الأسبق فى التاريخ. ومثال ذلك إذا استأجر اثنان نفس العقار، فدخل أحدهما وهيأ الأرض للزراعة بحرثها مثلاً، ثم اغتصب المستأجر الآخر هذه الحيازة ببذر البذور فى الأرض، فإنه يكون للأول أن يسترد الحيازة من الثانى لتعادل سنداتها، فتكون الأفضلية للحائز الأسبق فى التاريخ.
3-أن يكون هناك سلب للحيازة :
ويقصد بسلب الحيازة حرمان الحائز من الانتفاع الكامل بالحيازة. وقد يحدث فقد الحيازة أو سلبها بالقوة، على أن ذلك لا يعنى أن يكون سلب الحيازة مصحوباً باعتداء أو تعد على شخص الحائز أو غيره، بل يكفى أن يثبت أن المغتصب وعماله قد استولوا على العقار ولم يقو خفير الحائز على رد اعتدائهم. ويجرى الفقه والقضاء على قياس الخديعة والحيلة على الإكراه.
ويستقر القضاء على قبول دعوى استرداد الحيازة ممن تسلب حيازته بناء على تنفيذ حكم قضائى أو عقد رسمى ليس طرفاً فيه، وذلك باعتبار الحيازة قد سلبت رغم إرادة الحائز لأنه لا يستطيع مقاومة هذا التنفيذ.
4 - أن ترفع الدعوى خلال سنة من فقد الحيازة أو من تاريخ العلم بها :
بحيث إذا كان فقد الحيازة قد حدث خفية بدأ سريان السنة من الوقت الذى ينكشف فيه ذلك.
5- عدم الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الحق :
وعلى ذلك لا يجوز أن يرفع المدعى عليه دعوى الحيازة بالاستناد إلى الحق، ولا تقبل دعواه بالحق قبل الفصل فى دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذى يصدر فيها إلا إذا تخلى بالفعل عن الحيازة لخصمه.
كذلك لا يجوز الحكم فى دعاوى الحيازة على أساس ثبوت الحق أو نفيه.
والمقصود بالحق فى هذه القاعدة الملكية أو الحق العينى محل الحيازة. فالقاعدة تحظر الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى ثبوت الملكية أو الحق العينى المدعى حيازته.
والحكمة فى تقرير هذه القاعدة ضمان حماية الحيازة فى ذاتها باعتبارها مركزاً واقعياً متميزاً عن الحق محل الحيازة، ولهذا يحظر إقحام مسألة الحق فى دعوى الحيازة أو إثارتها أثناء نظر هذه الدعوى حتى يتم الانتهاء من دعوى الحيازة.
خاتمة
ان المكانة التي منحها المشرع للحيازة لكي تكون سببا من اسباب كسب الملكية بالرغم من انها مجرد واقعة مادية يسيطر فيها الشخص سيطرة فعلية علي الشئ محل الحيازة فيظهر فيه بمظهر صاحب الحق جعلها تحظي بالحماية لان ذلك سيساهم في حماية الملكية وكذلك في الحفاظ علي الامن والاستقرار في المجتمع.
ومن ثم فقد اولي المشرع لها الحماية الكافية لمنع الاعتداء عليه فاجاز للحائز في حال التعرض لها او سلبها بالقوة اللجوء للقضاء وطلب الحماية من خلال الدعاوي التي عرضناها في البحث.
ونخلص في نهاية بحثنا الي ان المشرع المصري شانه كشان كثير من التشريعات الحديثة حمي الحيازة ورتب عليها اثارها سواء كانت تستند الي حق للحائز او لا تستند الي اي حق, فالحيازة تحمي لذاتها ولو لم تكن مستندة الي حق. وما دعي المشرع الي ذلك هو حماية الاوضاع الظاهرة التي استقرت حفاظا علي الامن والنظام العام في المجتمع وكذلك حماية المصالح الاقتصادية للمجتمع.
ومن ثم فان الحكمة من حماية الحيازة تقوم علي اساس فكرة حفظ الامن والاستقرار المجتمعي, لان استقرار المجتمع يتطلب عدم المساس بالحالات الواقعية.