التقادم المسقط في الجزائر.
بحث حول التقادم المسقط في القانون الجزائري.
الإطار المفاهيمي للتقادم المسقط
تعريف التقادم المسقط
أساس التقادم المسقط
المبحث الثاني : إعمال التقادم المسقط والآثار المترتبة عنه
المطلب الأول : كيفية إعمال التقادم المسقط
المطلب الثاني : إسقاط الحقوق بالتقادم في القانون المدني
المبحث الثالث : النظام القانوني لمدة التقادم المسقط
المطلب الاول : مدة التقادم المسقط
المطلب الثاني : كيفية حساب مدة التقادم المسقط
المبحث الرابع : وقف التقادم المسقط وانقطاعه
المطلب الأول : وقف التقادم المسقط
المطلب الثاني : انقطاع التقادم المسقط
خاتمة
مقدمة :
التقادم هو نظام قانوني يشكل فيه الزمن عنصرا اساسِيا ولقد أخذت به معظم التشريعات القانونية بما فيها التشريع الجزائري ،وذلك لاعتبارات عديدة تتعلق بالمصلحة العامة، ووجوب احترام الأوضاع المستقلة والتي مر عليها مدة زمنية معينة، وكذلك من أجل التخفيف عن المدين عبء إثبات براءة ذمته من دين سكت عنه الدائن مدة طويلة من الزمن، وعليه فإن نظام التقادم يحقق الثقة بين الناس، كما يؤدي إلى استقرار المعاملات لأنه يقوم على اساس مبدأ احترام الأوضاع المستقرة، والتي مر عليها فترة زمنية طويلة، والتقادم في القانون وبسبب مضي المدة الزمنية المحددة أصبح يعد سبب من أسباب اكتساب الملكية، كما ويعد وسيلة لانقضاء الالتزام ، وأصبح أيضا التقادم وسيلة لانقضاء الحق الذي لم يطالب به صاحبه لمدة زمنية معينة،.
التقادم بصورة عامة هو مرور مدة زمنية محددة في القانون تختلف باختلاف الحقوق، لاكتساب الحائز للحق الذي حازه خلال هذه المدة دون أن يعرف له مالك أو يطالب به أحد ما، كما وهو يبرئ المدين من الدين الذي التزم به طالما كان الدائن ساكتا عن المطالبة به خلال المدة التي يحددها المشرع في القانون، وتميز التشريعات القانونية بين نوعين من التقادم :
الأول هو التقادم المسقط وهو : " النوع الذي يفرض وضعا سلبيا يتمثل في عدم مطالبة الدائن بحقه أو عدم استعماله للحق المقرر له بمجوب القانون " و هو عكس التقادم المكسب.
والتقادم المسقط يعد سببا من أسباب انقضاء الالتزام، وذلك من خلال مضيّ المدة القانونية المحددة بموجب القانون على استحقاق هذا الالتزام، أي أن التقادم المسقط سوف يسقط الحق طالما أن الدائن لم يطالب المدين به عند استحقاقه، وعلى هذا الأساس فإن التقادم المسقط يؤدي إلى انقضاء الحقوق الشخصية والعينية ما عدا حق الملكية، إذ لم يبادر صاحب الحق إلى استعمال حقه أو المطالبة به خلال المدة المحددة قانونا، كذلك فإن التقادم المسقط لا يعتد فيه حسن النية، ويعد المشرع القانوني أن التقادم المسقط سببًا من أسباب انقضاء الالتزام شأنه في ذلك شأن الوفاء بالالتزام.
المبحث الأول : الإطار المفاهيمي للتقادم المسقط.
التقادم المسقط هو مضي مدة معينة على استحقاق الدين دون المطالبة به من طرف الدائن، يترتب على ذلك سقوط حقه في المطالبة به إذا تمسك من له مصلحة فيه، فهو وسيلة للتخلص من الالتزام بعد مضي هذه المدة، لهذا عالجه المشرع في الباب الخاص بأسباب انقضاء الالتزام.
فالدائن يجد حقه بعد مضي مدة التقادم المسقط عاريا عن الحماية القانونية المستفادة من الدعوى، إذ يكون للمدين حينئذ أن يتمسك ضد الدائن بالوسيلة الناشئة عن مضي المدة،غير أنه ونظرا للأهمية التي يتمتع بها التقادم، فقد تعددت التعاريف واختلفت الآراء حوله بين فقهاء القانون الوضعي، الفقه الإسلامي وكذا القانون.
التقادم عبارة عن مرور فترة زمنية معينة على استحقاق الدين دون المطالبة به، فيسقط بذلك حقا (شخصيا أو عينيا).
أو هو دفع موجه إلى دعوى الدائن يؤدي إلى سقوط حق المطالبة بالدين إذا تمسك به من له مصلحة فيه.
المطلب الأول : تعريف التقادم المسقط.
إن تعريف التقادم المسقط ليس واحدا، ذلك أن التقادم يختلف بحسب القانون الذي يحكمه وينظر قواعده.
الفرع الأول : التعاريف الواردة بشأن التقادم المسقط.
لغة : مأخوذة من القدم وهو السبق والتقدم .
اصطلاحا : هو الدفع الموجه إلى دعوى الدائن يؤدي إلى سقوط حق المطالبة بالدين إذا تمسك به له مصلحة فيه.
أولا : تعريف التقادم المسقط في الشريعة الإسلامية :
الأصل في جميع الشرائع السماوية ومنها الشريعة الإسلامية، هو عدم فوات الحق بمرور الزمن ذلك لسبب أن الحق قديم، وأن الملك لله وحده يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء.
فالحق في الفقه الإسلامي لا يسقطه تقادم الزمن، بل هو لاحق بذمة من هو عليه لمن هو له حتى تبرأ ذمته بالاستيفاء أو الإبراء، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا يبطل حق إمرئ مسلم وإن قدم " فالحرام لا يصبح حلالا بمرور فترة من الزمن، فأصل الحق باق في ذمة صاحبه.
وقد اعتمد الفقه الإسلامي مبدأ التقدم على أنه مانع لسماع الدعوى بالحق الذي مر الزمن ولم يعتمده على أنه سببا مسقطا للحق الذي مر عليه الزمن.
أما بخصوص المدة التي لا يجوز أن تسمع فيها الدعوى فقد اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية حولها، فمنهم من جعلها 36 سنة، ومنهم 30 سنة.
أما البعض الآخر، فقد استحسن أن يجعلها 15 سنة، أما القضاء فقد أصبح يحكم بعدم قبول الدعوى إذا أنكرها الخصم ودفع بها على أساس مرور الزمن، وفي هذا الصدد تقر محكمة النقض بأن الشريعة الإسلامية لا تعترف بالتقادم المسقط، وتقر بأن الحق يبقي لصاحبه ولو مر عليه الزمن، ولكن إعمالا لقاعدة تخصيص القضاء بالزمان والمكان شرع منع سماع الدعوى لفوات الميعاد وذلك على أساس غير مبني على بطلان الحق بل القصد من وراء منع المشرع عدم السماع للدعوى هو قطع التزوير والحيل.
ثانيا : الأصل التاريخي للتقادم :
تأخر التقادم المسقط في القانون الروماني عن التقادم المكسب في الظهور، فقد كانت الدعاوى في هذا القانون تدوم إلى عهد طويل أبدية لا تتقادم، والدعاوى التي كانت تتوقف بمدة معينة هي الدعاوى البريطورية إذ كان البريطور يمنحها مدة سنة واحدة، ثم أصدر البريطور تيودس في سنة 424 م قانونا قرر فيه أن الدعاوى شخصية كانت أو عينيهتتقادم في الأصل بثلاثين سنة وبعضها يتقادم إستثناءا بأربعين سنة.
وقد قام جوستيان في مجموعاته بالجمع والخلط بين التقادم المسقط والمكسب بعد ما كان منفصلين، وانتقل هذا الخلط إلى التقنين المدني الفرنسي والذي كان مصدرا للكثير من الاضطراب والتشويش في الفهم لأحكام التقادم سواء في القانون الروماني أو القانون الفرنسي وأخذ التقادم الثلاثي الذي عرفه القانون الروماني طريقه إلى القانون الفرنسي القديم على أن العادات الجرمانية وبعضها كان يجعل التقادم سنة واحدة، والقانون الكنسي قد عمل كثيرا على تعديل أحكام القانون الروماني في التقادم بإقامته على قرينة الوفاء والأوامر الملكية وقد خلقت كثيرا من مدد التقادم
القصيرة واحتفظ ببعضها التقنين المدني الفرنسي، وما منح لبعض الهيئات كالكنيسة وأملاك الناج من ميزة في ألا يجري في حقها التقادم، أو في أن يجري تقادم أطول كل هذا زاحم نفوذ القانون الروماني وعدل عن أحكامه في التقادم.
فالمصادر التاريخية للتقادم في التقنين المدني الفرنسي هي إذن القانون الروماني وقانون الكنيسة والعادة الجرمانية والأوامر الملكية.
ويكفي أن نتصور مجتمعا لم يدخل التقادم في نضمه القانونية لندرك إلى أي حد يتزعزع فيه التعامل وتحل الفوضى محل الاستقرار، فالتقادم المسقط لا يقوم على قرينة الوفاء أكثر مما يقوم على وجوب احترام الأوضاع المستقرة التي مضى عليها ما يكفي من الزمن للاطمئنان إليها واحاطتها بسياج من الثقة.
لذا لابد من تحديد وقت معين أو مدة محددة ما إذا انقضت لا يستطيع الدائن المطالبة بحقه والا ظلت الأجيال تطالب بعضها البعض بديون مضت عليها عليها أجيال طويلة ولأجل هذه الاعتبارات شرع التقادم وأخذت به جميع الشرائع.
ثالثا : تعريف التقادم المسقط فقهيا :
هناك عدة تعاريف للتقادم المسقط فى القوانين الوضعية واختلف فيها الفقهاء نذكر على سبيل المثال :
لقد عرفه الدكتور نبيل إبراهيم سعد بأنه " عبارة عن مضي مدة معينة على إستحقاق الدين دون أن يطالب به الدائنين فيترتب على ذلك سقوط حقه في المطالبة إذا تمسك بالتقادم من له مصلحة فيه "
كما عرفه أيضا الدكتور سلطان سعد بأنه " الدفع الموجه إلى دعوى الدائن يؤدي إلى سقوط حق المطالبة بالدين إذا تمسك به من له مصلحة فيه " .
وعرفه الدكتور جلال محمد إبراهيم بأنه " انقضاء الحق إذا مرت عليه مدة معينة دون أن يطالب به الدائن أو دون ان يستعمله صاحبه وهو بهذا المعنى العام يشمل الحقوق الشخصية والحقوق العينية عدا حق الملكية فهو بصدد الحقوق الشخصية يفي انقضاء الالتزام إذا أهمل الدائن المطالبة به مدة معينة متى تمسك بذلك المدين "
أما التعريف الوارد لمحمد حسين، فقد عرفه بأنه مضي مدة معينة على استحقاق الدين دون المطالبة به. ويترتب على مضي المدة هذا الوضع انقضاء الدين بالتقادم المسقط، فيكون للمدين أن يدفع به في أية مطالبة يحركها الدائن بعد ذلك، فعدم المطالبة بالحق مع استمرار هذا الوضع، المدة التي يحددها القانون يترتب عليها سقوط الحق بالتقادم .
رابعا : تعريف التقادم المسقط في القانون المدني الجزائري :
لم يورد المشرع الجزائري تعريف واضحا وصريحا للتقادم، بل اكتفى بذكره في المواد من 308 الى 322 من القانون المدني مبينا أنواعه، ومدد التقادم وأسباب انقطاع التقادم ووقفه، مبينا كيفية التمسك به والأثار التي بترتب عنه، واعتبرها كأحد الأسباب التي تؤدي إلى انقضاء الالتزام من دون الوفاء به، وترك للفقه مهمة تعريفه .
من خلال كل ذلك يمكن تقديم تعريف بسيط للتقادم بحسب القانون المدني فهو " ذلك الأسلوب الذي ابتدعه المشرع لانقضاء الالتزام إذا لم يقم الدائن خلالها بأي عمل قانوني للحصول على حقه ".
لقد أقر المشرع بفكرة التقادم كوسيلة للانقضاء الالتزام بمرور الزمن ما لم يقم الدائن خلالها بأي عمل قانوني للحصول على حقه، وهذا ما يعني أن عدم استعمال الحق من طرف صاحبه .
يؤدي إلى انقضاء الالتزام فالدائن الذي لم يطلب الوفاء بالالتزام القائم في ذمة المدين طوال المدة التي حددها إياه المشرع في القانون، ثم يقوم برفع الدعوى أمام القضاء للمطالبة بحقه بالوفاء بعد تلك المدة وذلك عن طريق الدفع به، وتبرأ ذمته من الالتزام إذا حكم القاضي بذلك.
المطلب الثاني : أساس التقادم المسقط :
التقادم في الواقع لا يقوم على أساس قانوني بحت، إذ أن مضي مدة من الزمن لا يؤدي لإحداث أثر قانوني، فهو لا يؤدي إلى اكتساب أي حق أو سقوطه ما لم تضف إليه عناصر أخري .
على هذا الأساس، ثارت عدة تساؤلات حول التقادم المسقط هل هو قرينة للوفاء باعتبار أنه يقوم على افتراض أن الدائن استوفي حقه خلال المدة التي حددها إياه المشرع، فليس من المعقول أن يظل الدائن ساكتا عن المطالبة بحقه مالم يستوفي دينه.
انتقد هذا الموقف على أساس أن المدين ليس دائما يقوم بالوفاء وعلى ذلك فإن القانون يجيز للمدين التمسك بالدفع بالتقادم لإسقاط دعوى المطالبة بالدين المرفوعة من الدائن، لذلك يمكن القول بأن قرينة الوفاء غير نافعة ولا تصلح لاعتبارها سببا للتقادم .
وذهب اتجاه آخر إلى القول بأن أساس التقادم يقوم على قرينة الإبراء، معني هذا أن مضي فترة التقادم يفترض فيها أن الدائن تنازل عن حقه للمدين ويقوم على أساس الإبراء المفترض .
ولقد وجد هذا الرأي صدى في القانون اللبناني و تحديدا في المادة 360 ق م بأن مرور الزمن يعد بمثابة برهان على إبراء ذمة المدين وقرينة الإبراء الناشئة عنه لا ترد ولا تقبل برهن.
لقد انتقد هذا الاتجاه بأنه يخالف القاعدة العامة التي تقول بأن " النزول على الحق لا يفترض" إضافة إلى ذلك، نص المادة 320 ق م التي تنص على أنه " يرتب عن التقادم انقضاء الإلزام، ولكن يتخلف في ذمة المدين التزام طبيعي" ولو أنه يقوم على أساس الإبراء لما قرر المشرع تخلف الالتزام الطبيعي وراء الالتزام المدني.
لا يقوم التقادم المسقط على قرينة الوفاء ولا على الإبراء، بل يقوم على أساس احترام الأوضاع المستقرة، يؤدي إلى أن المدين يستطيع أن يدفع بالتقادم مطالبة الدائن مع إقراره بأنه لم يوفي الدين وأن الدائن لم يبرئه منه.
المبحث الثاني : إعمال التقادم المسقط والآثار المترتبة عنه.
من المعلوم أن التقادم في المسائل المدنية ليس متعلق بالنظام العام، و لا يجوز للمحكمة ان تثيره من تلقاء نفسها، ما لم يدفع به المدين، وهذا على أساس ضمير المدين ووجدانه، إذ يجب على المدين التمسك بالتقادم، كما يجوز للأشخاص غير المدين التمسك بالتقادم في بعض الحالات، وبمفهوم المخالفة هل يجوز للمدين أو لغيره النزول عن التقادم المسقط ؟.
إذا كانت هناك حقوق قابلة للإسقاط بالتقادم المسقط، فهناك أيضا مجموعة من الحقوق التي لا تقبل الإسقاط، أو بمعنى آخر لا يرد عليها التقادم. من هنا سنبين كيفية إعمال التقادم .
المطلب الأول : كيفية إعمال التقادم المسقط
الأصل العام أنه يجب التمسك بالتقادم لكن المشرع أورد استثناء عن القاعدة العامة وهو جواز النزول عن التقادم ذلك في حالات معينة.
الفرع الأول : التمسك بالتقادم المسقط :
تنص المادة 321 ق م على أنه : " لا يجوز للمحكمة أن تقضي تلقائيا بالتقادم بل يجب أن يكون ذلك بناءا على طلب المدين أو بناءا على طلب دائنيه أو أي شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين.
ويجوز التمسك بالتقادم في أي حالة من حالات الدعوى ولو أمام المحكمة الاستئنافية " .
يفهم من هذه المادة أنه لكي يحدث التقادم أثره ينبغي ان يتمسك به من له مصلحة فيه، فالتقادم ليس متعلق بالنظام العام ولا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها بل لابد من التمسك به.
وبمعنى آخر فإن التقادم ليس إلا دفع يدفع به المدين مطالبة الدائن عند إقامة الدعوى وهذا الدفع لا يثيره القاضي من تلقاء نفسه، لأنه لا يعتبر من النظام العام، وهذا الدفع يجوز إثارته في أي حالة كانت عليه الدعوى ولو كانت أمام محكمة الاستئناف، ولا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض فإنه غير جائز لاختلاطه بين القانون والواقع .
إذا كان الأصل أن المدين هو الذي يتمسك بالتقادم، فإن هناك حالات أين يمكن لأشخاص آخرون التمسك به. فعلاوة عن الخلف العام والخلف الخاص يستطيع الكفيل أيضا التمسك بتقادم الدين المكفول، وللمدين المتضامن التمسك بالتقادم لصالح مدين آخر متضامن معه بقدر حصة ذلك المدين وذلك طبقا للمادة 230 من القانون المدني الجزائري التي تنص على أنه إذا انقضى الدين بالتقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين فلا يستفيد من ذلك باقي المدينين إلا بقدر حصة هذا المدين.
ولحائز العقار - وهو من آلت إليه ملكية العقار المرهون - أن يدفع بتقادم الدين المضمون بالرهن ليتخلص من التنفيذ على العقار، كما يمكن لدائني المدين التمسك بالتقادم نيابة عنه، وفي حالة تعدد الدائنين فإنه من الأصلح للدائن المتأخر أن يطلب تقادم دين دائن متقدم عنه، هذا فيما يخص الديون الممتازة ،و من الأسباب التي تدفع إلى التمسك بالتقادم ما يلي:
- أنه ليس من النظام العام.
-التمسك بالتقادم أمر يتصل اتصالا وثيقا بضمير المدين، فإذا كان المدين مطمئنا إلى أن ذمته غير مشغولة بالدين دفع بالتقادم ليوفر على نفسه مشقه إثبات براءة ذمته بعد مرور هذه المدة الطويلة.
-التقادم من شأنه أن يثير وقائع كثيرة لا يتيسر للقاضي أن يستخلصها من تلقاء نفسه من واقع الأوراق والمستندات ولابد أن يثيره الخصوم.
الفرع الثاني : التنازل عن التقادم المسقط :
إذا كانت القاعدة العامة هو وجوب التمسك بالتقادم في أي حالة كانت عليها الدعوى فهل بمفهوم المخالفة يجوز للمدين أو لكل ذي مصلحة النزول عنه؟ أو بمعنى آخر متى يمكن للمدين النزول عن التقادم ؟
نصت المادة 322 ق م على أنه " لا يجوز التنازل عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه، كما لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي عينها القانون. وانما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن يتنازل ولو ضمنا عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه، غير أن هذا التنازل لا ينفذ في حق الدائنين إذ صدر إضرارا بهم " .
و يلخص من هذا النص الأحكام الآتية :
أولا : عدم جواز النزول عن التقادم مقدما :
يقوم هذا النص على مبررات اجتماعيه مرتبطة بالصالح العام، فلا يجوز النزول عن التقادم مقدما قبل ثبوت الحق فيه، وهذا بالنسبة لجميع أنواع التقادم، وأيا كانت طبيعته ومدته. والسبب في عدم جواز هذا النوع من النزول راجع لرغبة المشرع في حماية المدين، وذلك بأنه إذا اتبع هذا النزول لفرض عليه في كافة أنواع العقود.
ثانيا: عدم جواز الاتفاق على تعديل مدة التقادم :
لا يمنع القانون النزول عن التقادم، مقدما بل لا يجوز أيضا الاتفاق على تعديل مدة التقادم، سواء بإطالتها أو تقصيرها، وهذا ما هو منصوص عليه في المادة 322 ق م والغاية من تحريمها من طرف المشرع أن المدين لا يكون دائما الشخص الضعيف الجدير بالحماية، بل قد يكون الشخص القوي الذي يفرض على الدائن شروطه كشركات النقل والتأمين مثلا. وبهذا جعل القانون مدد التقادم من النظام العام لا يجوز إطالتها ولا تقصيرها إلا فى الحالات التي ينص القانون على جواز ذلك.
ثالثا : النزول عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه :
ويكون صحيحا بعد اكتمال مدته وهذا طبقا للفقرة 02 المادة 322 ق م فيستطيع بذلك المدين النزول عنه لأنه لا يكون واقعا تحت ضغط الدائن فبمجرد ثبوت الحق صار المدين سيء الموقف يستطيع أن يتنازل عن التقادم وذلك بزوال الاعتبارات التي توجب حصر التنازل قبل اكتمال مدته.
صور النزول عن التقادم :
ليس هناك شكل معين للتنازل فقد يكون بالكتابة، الإقرار أو بالبينة، كما أنه قد يكون صريحا أو ضمنيا يستخلص من وقائع الدعوى ومن الظروف والملابسات المحيطة به.
أ/ النزول الصريح :
قد يكون النزول عن التقادم من قبل المدين وذلك بعد ثبوت الحق صريحا، بحيث لا يشترط شكل معين أو عبارات خاصة، بل كل تعبير عن الإرادة يفيد معني النزول ويجب الاعتداد به .
قد يكون النزول الصريح كتابة، كما إذا قام المدين بتحرير سند على نفسه بالدين بعد تقادمه ويكتب في السند أنه تنازل عن التمسك بالتقادم، كما يمكن أن يكون النزول الصريح شفوي .
أي باللفظ بشرط خضوعه للقواعد العامة للأثبات، فيجب الإثبات بالكتابة أو ما يقوم مقامها إذا زادت قيمة الدين المتقادم مائة ألف دينار جزائري وفقا لنص المادة 333 ق م .
ب/ النزول الضمني :
ومن قبل هذا النزول أنه يستخلص من وقائع قاطعة الدلالة، كطلب المدين من الدائن مهلة لدفع الدين رغم اكتمال مدة التقادم كما يمكن استخلاصه من السلطة التقديرية لقاضى الموضوع، فإذا لاحظ وجود شك حول واقعة النزول من عدمها فإن هذا الشك يفسر بعدم النزول لأن هذا الأخير لا يفترض .
الفرع الثالث : أهلية التنازل عن التقادم :
تنص الفقرة 2 من المادة 322 ق م على أنه " وانما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن ينزل".
الأهلية الواجبة للنزول عن التقادم هي توفر أهلية التصرف ولا تكفي أهلية الإدارة ولا تلزم أهلية التبرع، و أن تكون من شخص آهل للتعهد بالإلزام الذي سرى عليه ميعاد التقادم، ويترتب على هذا أن الصغير والمحجور لا يستطيع أي منهما أن ينزل عن حقه في التمسك بالتقادم، كذلك لا يستطيع الوصي و غيره أن ينزل عن حق الصغير أو المحجور التمسك بالتقادم من غير إذن المحكمة، أما بالنسبة للوكيل فلا يجوز للوكيل العام، التنازل عن التقادم الذي تم لمصلحة موكله مالم يكن لديه تعويض خاص من الموكل .
المطلب الثاني : إسقاط الحقوق بالتقادم في القانون المدني.
لا تعتبر كل الحقوق قابلة للإسقاط بالتقادم، إنما هناك مجموعة من الحقوق لا يرد عليها التقادم ولا تكون محلا له، لأنها خارجة عن دائرة التعامل، حيث لا يجيز النظام العام التعامل فيها.
لهذا، كان لازما علينا دراسة الحقوق التى لا تقبل الإسقاط بالتقادم ثم الحقوق التي تسقط بالتقادم وذلك من خلال الفرعين التاليين.
الفرع الأول : الحقوق التي لا تقبل الإسقاط بالتقادم :
هناك حقوق لا تقبل الإسقاط بالتقادم المسقط كحق الملكية، إذ هذه الحقوق تتمتع بالطابع الدوام، كذلك الحقوق المتعلقة بالحالة المدنية ونذكر على سبيل المثال، الحقوق المتعلقة بالأشخاص كالحق في النسب لا يسقط بالتقادم. إذا كانت دعاوى البطلان تتقادم بمضي خمس عشر سنة، فإن الدفع بالبطلان لا يسقط بالتقادم وغير ذلك من الحقوق التي لا تقبل الإسقاط بالتقادم و نجيزها كالتالي :
أولا: الحقوق التي لا يجيز النظام العام التعامل فيها :
من قبيل هذه الحقوق تلك المتعلقة بالحالة المدنية، إلا ما تفرع عنها من حقوق مالية. فالحق في النسب مثلا : لا يسقط بالتقادم، ولكن يسقط ما ترتب على النسب من حقوق مالية، كنفقة متجمدة ونصيب الوارث في التركة، كما أن الحقوق المتعلقة بالاسم لا تسقط هي الأخرى بالتقادم .
ثانيا : الرخصة لا تقبل التقادم :
إذا كان الحق يتقادم، فإن الرخصة لا تقبل التقادم، وهذا على سبيل المثال أن حق الفرد لا يتقادم في اتخاذ المهنة التي يريدها مادام أنه استوفى كل الشروط، ولا حقه في أن يبني و يغرس في أرضه، ولاحقه في أن يجبر جاره على وضع حدود لأملاكهما المتلاصقة، ولاحقه في المرور بأرض مجاورة إذا كانت أرضه محبوسة عن الطريق العام، ولاحقه في الشرب والجري والمسيل، ولاحقه في طلب قسمة المال الشائع، فكل هذه رخص تتعلق بالحرية الشخصية أو بحق الملكية وكلاهما لا يقبلان التقادم .
ثالثا : دعوى الصورية :
المقصود بالصورية هو اصطناع مظهر كاذب في تكوين تصرف قانوني، أو إخفاء حقيقة معينة، وراء مظهر قانوني كاذب وهي تتضمن، في كل الأحوال، وجود إنفاق مشترك يزدوج بالاتفاق الظاهر ليعدم أو يغير أو ينقل أثاره، وهي لا تسقط بالتقادم سواء رفعت من أحد المتعاقدين أو من الغير، لأن المطلوب فيها هو تقرير أن العقد الظاهر لا وجود له، وهي حقيقة قائمة مستمرة ليس من شأن التقادم أن يؤثر فيها.
رابعا : الدفع بالبطلان المطلق :
لا يسقط الدفع بالبطلان المطلق بالتقادم، إذا كانت القاعدة في القانون الفرنسي القديم أن الدعوى تنقضي بالتقادم، فإن الدفع دائم لا يتقادم، وهذه القاعدة قد انتقلت إلى القانون الفرنسي الحديث، واعترف بها الفقه والقضاء الفرنسي، وأخذ بها القضاء المصري في الكثير من الأحكام، لأنها تتماشى مع طبيعة الدفع.
وطبقا لما قيل في تبرير هذه القاعدة أن التقادم إنما يرد على الدعوى ولا يرد على الدفع، إذ أن الدعوى هي وسيلة للمدعي في استعمالها قبل مضي مدة التقادم، أما إذا لم يستعملها خلال تلك المدة يسقط حقه. أما الدفع فهو وسيلة للمدعى عليه يدفع به دعوى المدعي، ولن يستطيع المدعى عليه استعمال حقه هذا قبل أن ترفع عليه الدعوى، ومن أجل هذا فإن حقه في هذا الدفع لا يسقط بمضي المدة مهما طالت.
ونأتي ببعض تطبيقات هذه القاعدة :
-1 دعوى البطلان تتقادم بخمس عشرة سنة من وقت انعقاد العقد وفقا لنص المادة 141 فقرة 2 مدني، ولكن الدفع بالبطلان لا يسقط بالتقادم مهما طالت المدة مثلا: إذا باع شخص أرض، وكان البيع باطل، وسلم البائع الأرض للمشتري، يستطيع البائع رفع دعوى البطلان خلال خمسة عشرة سنة من وقت صدور البيع، أما إذا رفع الدعوى خلال هذه المدة سقط حقه في ذلك ، أما في حالة ما إذا لم يسلم البائع الأرض للمشتري، فهو ليس في حاجة لرفع دعوى البطلان مادام الأرض في يده، أما إذا طالب المشتري بتسليم الأرض أمكنه أن يدفع هذا الطلب ببطلان البيع.
ولكن متى يتمسك بهذا الدفع ؟
لا يمكن للبائع التمسك بالدفع إلا بعد أن يرفع المدعى أو المشتري عليه دعوى المطالبة بالتسليم.
إذا فرضنا أن المشتري قام برفع دعوى التسليم بعد انقضاء خمس عشر سنة، فانه تجب على البائع التمسك بالدفع ببطلان البيع ولو بعد انقضاء خمسة عشر سنة وهي مدة تقادم، لأنه لا يمكن أن يتمسك بهذا الدفع إلا بعد رفع دعوى التسليم. وهذا معناه أنه إذا كانت دعوى البطلان تسقط بالتقادم، فإن الدفع بالبطلان لا يتقادم.
2- إذا تقادم الدين فسقط بأثر رجعي أي من وقت بدء سريان التقادم، فإذا كان المدين قد دفع أثناء سريان التقادم بعض أقساط الدين، فإنه لا يستطيع بعد سقوط الدين بالتقادم أن يسترد من الدائن ما دفعه فإذا دفع دعوى استرداد غير المستحق، استطاع الدائن أن يدفع هذه الدعوى بوجود الدين رغم تقادمه فتكون الأقساط المدفوعة مستحقة لا يجوز استردادها .
الفرع الثاني : الحقوق التي تسقط بالتقادم :
إذا كان حق الملكية لا يسقط بعدم الاستعمال مهما طال الزمن، وذلك لعدم وجود نص في القانون يقضي بذلك، فإن حق الملكية يختلف عن سائر الحقوق المالية الأخرى شخصية كانت أو عينية. فالحقوق الشخصية تنقضي بالتقادم المسقط وهذا ما نصت عليه المادة 374 من التقنين المدني المصري بقولها :
"يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشر سنة."
كذلك فإن الحقوق العينية التبعية، كالرهن بنوعيه الرسمي والحيازي، وحق الاختصاص وحق الامتياز، تنقضي بانقضاء الحقوق الشخصية أو الالتزامات التي تضمنها هذه التأمينات.
كما تنقضي، كذلك بعدم الاستعمال الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن حق الملكية وهذا ما نوضحه كالآتي :
أولا: سقوط حق الانتفاع بالتقادم :
حق الانتفاع هو حق عيني أصلي متفرع عن حق الملكية، وهو حق يثبت لشخص يسمى المنتفع على شيء مملوك للغير، ويكون له بمقتضاه سلطة استعمال الشيء الذي عليه واستغلاله دون التصرف فيه، إذ تظل سلطة التصرف للمالك.
والمهم أن حق الانتفاع حق مؤقت بطبيعته، ينتهي بانتهاء الأجل المتفق عليه، كما ينتهي هذا الحق بعدم الاستعمال أي بالتقادم المسقط لمدة خمس عشرة سنة، وهذا ما عبرت عليه المادة 995 من التقنين المدني المصري بقولها : " ينتهي حق الانتفاع بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة "
حق الانتفاع كسائر الحقوق العينية المتفرعة عن حق الملكية وليس له طابع الدوام، فيسقط بالتقادم المسقط، أي بعدم الاستعمال لمدة خمسة عشر سنة.
كما ينقطع التقادم بمعاودة الاستعمال من جانب المنتفع أو من ينوب عنه كمستأجر أو مستعير ولو مرة واحدة حتى وان انطوت هذه المعاودة على إساءة في الاستعمال. يقف هذا التقادم إذا وجه مانع يتعذر معه على المنتفع أن يستعمل الشيء كما لو كان المنتفع قاصرا، وليس له ولى أو وصي يمثله قانونا وتبدأ مدة الخمس عشرة سنة من آخر عمل استعمال قام به المنتفع ويترتب على انتهاء حق الانتفاع عودة ذلك الحق إلى مالك الرقابة فتعود إليه سلطات المالك كاملة بعد أن كانت مجزأة إلى انتفاع وملكية الرقابة .
ثانيا : سقوط حق الاستعمال وحق السكنة بالتقادم :
1-حق الاستعمال :
هو حق عيني يتقرر لشخص على شيء مملوك لغيره، ويخول صاحب هذا الحق استعمال الشيء لنفسه ولأسرته، فهو فرع عن حق الانتفاع، إذ أن هذا الأخير يخول صاحبه حق الاستعمال وحق الاستغلال، أما هذا الحق فلا يخول صاحبه إلا حق الاستعمال، فإذا كان لشخص الحق في استعمال حديقة، فله أن يجني الثمار لنفسه ولعائلته، فلا يجوز له بيع هذه الثمار لأن ذلك يعتبر استغلالا وليس استعمالا.
2-حق السكنى :
هو فرع عن حق الاستعمال، إذ هو مقصور على نوع معين من الاستعمال وهو السكنى فمحل حق السكن هو الدار سكن فيها صاحب الحق وأسرته، وعلى ذلك يكون حق الانتفاع هو أهم الحقوق الثلاثة، فإذا تخصص للاستعمال دون الاستغلال، كان حق استعمال واذا تخصص الاستعمال للسكن دون غيرها من ضروب الاستعمال، كان هذا الحق السكنى.
يتضح مما تقدم، أن كلا من حق الانتفاع وحق الاستعمال يرد على العقار وعلى المنقول.
أما حق السكنى فلا يرد إلا على العقار وبالذات على دار السكن.
ينقضي حق الاستعمال وحق السكنى بالأسباب التي ينقضي بها حق الانتفاع ومن بين هذه الأسباب، سقوطها بعدم الاستعمال لمدة خمس عشر سنة، أي أن التقادم المسقط يرد على كل منهما، كما يمكن أن يكتسب كل منهما بالتقادم المكسب .
المبحث الثالث : النظام القانوني لمدة التقادم المسقط.
يخضع التقادم المسقط في نظامه إلى العديد من القواعد والأحكام التي تنظمه وتضبطه، مع مراعاة جميع الإجراءات القانونية التي تحكم مدده في شتى ميادين القانون، الذي يدرس كيفية حسابها وبدء سريانها مع مراعاة أحكام الوقف والانقطاع.
المطلب الاول : مدة التقادم المسقط :
يحدد القانون في صورة خاصة مددا لتقادم بعض الحقوق، سواء أكان ذلك في نصوص القانون المدني أو في قوانين أخرى، نقتصر هنا على الإشارة إلى بعضها في القانون المدني، ولتحديد هذه المدة نجد أن هناك قاعدة عامة حدد على أساسها فترة زمنية معينة وورد عليها العديد من الاستثناءات وسوف نعالج كلا من القاعدة العامة و الاستثناءات الواردة عليه في فرع مستقل لكل منهما.
الفرع الأول : الأصل في مدة التقادم المسقط :
يتقادم الالتزام - كأصل عام - بانقضاء خمسة عشر سنة في معظم القوانين العربية، وذلك ما لم يرد فيه نص خاص يقرر مدة أطول أو أقصر.
في هذا الصدد، تنص المادة 308 ق م على ما يلى : " يتقادم الالتزام بانقضاء خمسة عشر سنة فيما عدا الحالات التي ورد فيها نص خاص في القانون ".
يلخص من هذا النص أن المشرع الجزائري وضع قاعدة عامة يسري عليها التقادم وذلك، بانقضاء خمسة عشر سنة، واعتبر ن جميع الالتزامات أيا كان مصدرها أو موضوعها وبغض النظر عن صفتها المدنية أو التجارية تتقادم بمضي هذه المدة.
التقادم المسقط في قاعدته العامة - لا يقوم على قرينة الوفاء، بقدر ما يقوم على ضرورة احترام الأوضاع المستقرة، التي مضى عليها من الزمن ما يكفى للاطمئنان إليها واحاطتها بسياج من الثقة المشروعة.
وقد قضى تطبيقا لذلك بأن للمدين أن يتمسك بالتقادم احتياطا ولو كان قد بدأ بالمنازعة في وجود الدين ذاته، وهو ما لا يستقيم مع فكرة قرينة الوفاء .
هناك إلى جانب التقادم الطويل كأصل عام أو ما يعرف بالقاعدة العامة هناك عدة استثناءات وردت عنها.
الفرع الثاني : الاستثناءات التي وردت ضمن القواعد المتعلقة بالتقادم المسقط :
أورد المشرع على القاعدة العامة في مدد التقادم المسقط نوعين من الاستثناءات، أولهما يتمثل في الاستثناءات الواردة في المادة 309 ق م ، والأخرى تلك الواردة في نصوص أخرى سواء في القانون المدني أو غيره .
أولا : في القانون المدني الجزائري.
1- التقادم الخماسي :
وبمقتضاه يتقادم الحق بمضي خمسة سنوات، ويخضع لهذا النوع من التقادم الحقوق الآتية : الحقوق الدورية المتجددة، حقوق بعض أصحاب المهن الحرة والحقوق الناشئة من الأوراق التجارية، طبقا لنص المادة 309 ق م.
أ/ الحقوق الدورية المتجددة :
تنص المادة 309 فقرة 1 ق م على أنه :
"يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين ، كأجرة المباني والديون المتأخرة والأجور والمعاشات.. "
يتضح من هذا النص أن المشرع وضع قاعدة للتقادم الخماسي وجعلها تنطبق على الحقوق الدورية المتجددة ،إلا أنه لم يحصر هذه الحقوق، بل ذكر أمثلة منها والذي يوضح هذا القول هو استخدام المشرع في صياغته نص العبارات التالية " كأجرة المباني، الديون المتأخرة ". وبالتالي لا يمنع النص إدخال حقوق دورية أخرى غير المنصوص عليها في النص .
فما المقصود بصفة الدورية و المتجددة للحقوق؟
صفة الدورية : هو ذلك الحق الذي يستحق في مواعيد متتالية (كل أسبوع، كل شهر أوكل سنة) ويستوى أن يكون مصدر الدورية هو الاتفاق.
( كالأجرة، الايجار، الفوائد الاتفاقية، أقساط الهاتف أو التأمين أو القانون، المعاشات والفوائد الاتفاقية).
المقصود بالتجديد : هو أن الحق يستحق كلما مضت فترة زمنية محددة وبصفة متكررة، دون أن يؤدي هذا إلى الإنقاص من قيمته طالما ظل مصدره قائما، ومثاله فوائد الديون فهي تستحق بصفة متكررة دون أن يمس هذا أصل الدين .
العلة من قصر تقادم هذه الحقوق إلى خمس سنوات ترجع إلى طبيعتها المتجددة فأجرة المباني مثلا هي مقابل الانتفاع بالعين المؤجرة وهي بطبيعتها دورية ومتجددة وتستحق في موعد دوري، ونفس الأمر بالنسبة إلى المعاشات والأجور فهي تتميز بطابع دوري لمدة غير معلومة فهي تتوقف على مدى حياة صاحبه وأن الأجور قوامها وحدة زمنية متكررة.
لقد حرص المشرع أيضا من وراء حصر هذه الحقوق إلى خمس سنوات إلى عدم تراكمها ما لم تستوفي في مواعيدها وخشية من إرهاق المدين في سدادها بعد ذلك.
يلاحظ أيضا من نص المادة 309 ق م أن المشرع أضاف فقرة أخرى والتي تنص على : " غير أنه لا يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيئ النية، ولا الريع الواجب أدائه على متصرف المال المشاع للمستحقين الا بانقضاء خمسة عشر سنة ".
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشرع ذكر لنا نوعين لا يسقط فيهما التقادم إلا بانقضاء خمسة عشر سنة وهما :
-الريع المستحق في ذمة الحائز سيئ النية : إذا حاز شخص بنية تملكه ر: علمه الأكيد بأنه ليس له الحق في تملكه، يعتبر سيئ النية في الحيازة .
ولقد خصص المشرع لهذا النوع من الأشخاص تقادم طويل يدوم خمسة عشر سنة والهدف من ذلك عدم تشجيعهم في الاستمرار في ممارسة أعمال الغصب والحيلة على ملك الغير.
- الريع الواجب أدائه على متصرف المال الشائع للمستحقين : فهذه كذلك لا تسقط بخمس سنوات، وانما تتقادم وفقا للقاعدة العامة والت تحدد بخمسة عشر سنة.
يرجع السبب في استبعاد هذه الديون إلى أنها ليست دورية ولا متجددة ومن ثم لا يصح أن يسري عليها حكم التقادم الخماسي بحسب الأصل، فلما كان مصدر الدين في كلتا الحالتين هو العمل غير المشروع ، فقد كان مقتضى ذلك أن تطبق المادة 133 ق م و التي تنص على أنه " تسقط دعوى التعويض بانقضاء خمسة عشر سنة من يوم وقوع الفعل الضار ".
وعلى ذلك تنص المادة 309 فقرة 2 على أنه لا يسقط الريع في كلتا الحالتين إلا بانقضاء خمسة عشر سنة ، وذلك رجوعا إلى القاعدة العامة في التقادم المسقط.
ب/ حقوق بعض أصحاب المهن الحرة :
تنص المادة 310 قانون المدني الجزائري علي أنه : " تتقادم بسنتين حقوق الاطباء، والصيادلة، والمحامين، والمهندسين والخبراء، ووكلاء التـفليسة، والسماسرة، والاساتذة، والمعلمين بشرط أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل مهنتهم وعما تكبدوه من مصاريف ".
تسقط حقوق المهن الحرة كالمحامين و الصيادلة و السماسرة و المهندسين بمرور 2 سنتين من تاريخ تقديم الخدمة أي تسقط وتتقادم حقوق أصحاب المهن الحرة التي سبق ذكرها بمرور سنتين.
و تنص المادة 376 قانون مدني مصري على أنه: " تتقادم بخمس سنوات حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين، على أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل مهنتهم و عما تكبدوه من مصاريف قصد المشرع في هذا النص إلى تحديد أصحاب المهن الحرة التي تتقادم حقوقها بمضي خمس سنوات ولهذا، فإن غيرهم يرجع فيه إلى الأصل وتكون مدة التقادم خمسة عشر سنة.
أساس هذا التقادم هو قرينة الوفاء، لذا لا يجوز للمدين التمسك بهذا التقادم إذا أتى بعمل يتنافى وهذه القرينة.
ج / الحقوق الناشبة عن الاوراق التجارية :
أساس هذه الحقوق هو افتراض الوفاء، لذا لا يجوز للمدين التمسك به اذا أثار دفعا يتعارض وقرينة الوفاء. هذا التقادم لا يقبل الوقف غير أنه يقبل الانقطاع، وفي هذه الحالة يسري تقادم جديد من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع.
ومدة التقادم الجديدة هي خمس سنوات كذلك، إلا إذا صدر حكم بالدين وحاز قوة الشيء المحكوم فيه، إلا إذا اعترف المدين بالدين بسند منفرد، إذ ينقضي الدين القديم وينشأ دين جديد، بشرط أن يكون التجديد لاحقا لاستحقاق الورقة التجارية. وفي هاتين الحالتين لا يسقط الدين إلا بخمس عشرة سنة.
لما كان مبنى هذا التقادم هو قرينة الوفاء فقد تطلب المشرع في المادة 194 ق ت. أن يؤدي المدين الذي يتمسك بهذا التقادم يمينا على براءة ذمته من الدين، واذا توفى المدين كان على ورثته، إذا تمسكوا بالتقادم، أن يحلفوا يمينا على أنهم يعتقدون حقيقة أنه لم يبق شيء مستحق من الدين، وتوجيه هذه اليمين متروك إلى الدائن وحده، فلا يجوز للقاضي أن يوجهها من تلقاء نفسه، لأنها تعتبر يمينا حاسمة.
2- التقادم بأربع سنوات :
تنص المادة 313 ق م على أنه : " تتقادم بأربع سنوات الضرائب و الرسوم المستحقة للدولة ويبدأ سريان التقادم ولا الرسوم السنوية من نهاية السنة التي تستحق عنها وفي الرسوم المستحقة عن الأوراق القضائية من تاريخ انتهاء المرافعة في الدعوى أو من تاريخ تحريرها اذا لم تحصل مرافعة.
ويتقادم بأربع سنوات أيضا الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها.
ولا تخل الأحكام السابقة بأحكام النصوص الواردة فى القوانين الخاصة .
من خلال المادة السالفة الذكر يستخلص أن الحقوق التي تتقادم بأربع سنوات هي أساسا الضرائب و الرسوم المستحقة للدولة، يعتد بنفس المادة على من دفع الضريبة أو رسما غير مستحقا للدولة، أما بدء سريان هذا التقادم فهو من نهاية السنة التى استحقت عنها الضريبة أو الرسم أو من تاريخ دفعها ومتى وجبت تلك الضرائب عن أوراق قضائية فيبدأ تقادمها من تاريخ تحريرها، ومتى حررت لأجل مرافعة قضائية، فمن تاريخ انتهاء تلك المرافعة.
3- التقادم بسنتين :
تنص المادة 310 ق م على أنه " تتقادم بسنتين حقوق الأطباء و الصيادلة والمحامين، والمهندسين والخبراء، ووكلاء التفليسة والسماسرة، والأساتذة والمعلمين بشرط أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل مهنتهم وعما تكبدوه من مصاريف "
من خلال نص هذه المادة يستخلص أن كل ديون هؤلاء تتقادم بمضي سنتين من تاريخ إنهاء العمل الموكل اليهم، وهذا التقادم القصير مبناه أن عادة هؤلاء استيفاء حقوقهم فور إنهاء العمل المطلوب منهم، ثم ان تلك الأعمال تعتبر مصدر رزقهم، وبالتالي فإن تقادم حقوقهم أساسه قرينة الوفاء، خاصة وأن الغالب أن لا يحرر سند عن تلك الحقوق. أما لو حرر سند عن ذلك فإن التقادم ينقلب إلى خمسة عشر سنة وفق ما تقضي به المادة 313 فقرة 2 ق م .
4- التقادم الحولي :
تنص المادة 312 ق م على أنه : " تتقادم بسنة واحدة الحقوق الآتية : حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الاقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم " .
المبالغ المستحقة للعمال الأجراء الآخرون مقابل عملهم على من يتمسك بالتقادم لسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلا، وهذه اليمين توجه تلقائيا من القاضي إلى ورثة المدين أو إلى أوصيائهم إن كان الورثة قاصرين على أنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء.
ظاهر من هذه المادة أن الحقوق التي تسقط بالتقادم الحولي هي :
حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها، فبديهي على صاحب الحق أن يكون تاجرا أو صانعا وأن تتعلق الأشياء التي قام بتوريدها بما يزاوله من تجارة.
حقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة، فمن المقرر قانونا و عملا بقرارات المحكمة العليا، وبناءا على المادة 312 ق م " تتقادم بسنة (1) واحدة الحقوق الآتية :
-حقوق التجار، والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الاقامة، وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم،
-المبالغ المستحقة للعمال والاجراء الآخرون مقابل عملهم.
يجب على من يتمسك بالتقادم لسنة، أن يحلف اليمين على انه أدى الدين فعلا وهذه اليمين توجه تلقائيا من القاضي إلى ورثة المدين أو إلى أوصيائهم أن كان الورثة قاصرين على انهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء ".
تتقادم بسنة حقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم كما توجه اليمين تلقائيا من القاضي لمن هذه يتمسك بمثل هذا التقادم هذا من جهة ومن جهة أخرى ، ومتى حرر سند بحق من هذه الحقوق فلا يتقادم، عملا بأحكام المادة 313 من ذات القانون، إلا بانقضاء خمسة عشر سنة، حيث تم تحرير فواتير بمناسبة هذه الخدمات صادق عليها المطعون ضده فهي مقبولة و يمكن اعتبارها سندا يثبت حقوق الطاعن و يمدد في أجل التقادم لأكثر من سنة.
وعليه، و باعتمادهم لتقرير التقادم على المادة 312 من القانون المدني فقط و دون فقرتها الأخيرة، لم يعطى القضاة لقرارهم الأساس القانوني السليم و عرضوه للنقض و الإبطال دون حاجة لمناقشة الوجه الثاني .
وأساس هذا التقادم القصير هو قرينة الوفاء، ومبنى هذه القرينة أن الحقوق التي يرد عليها التقادم هي حقوق عادية تزخر بها الحياة اليومية، لذا لم تجرى العادة على تحرير سند بها أو على السكوت طويلا عن استيفائها، فإن حرر سند بتلك الديون انقلب تقادمها إلى خمسة عشر سنة وهذا حسب المادة 213 فقرة 2 ق م.
يستطيع الدائن دحض قرينة الوفاء بمضي سنة واحدة ويكون هذا عندما يوجه القاضي اليمين المتممة إلى المدين الذي يتمسك بهذا التقادم الحولي أو الى ورثته من بعد وفاته أو من ينوب عنهم ان كانوا قاصرين، ويحلف أنه وفى الدين فعلا، فإن هو حلف سقط دين الدائن بالتقادم، واذ هو رفض أن يحلف على أداءه الدين فعلا ألزم بالوفاء رغم مضي السنة ورغم تمسكه بالتقادم.
ثانيا : في القانون التجاري الجزائري :
المادة 461 : " جميع الدعاوى الناشئة عن السفتجة والمرفوعة على قابلها تسقط بمضي ثلاثة أعوام من تاريخ الاستحقاق.
و تسقط دعاوى الحامل ضد المظهرين أو الساحب بمضي عام واحد من تاريخ الاحتجاج المحرر في المدة القانونية أو من تاريخ الاستحقاق إذا كانت السفتجة مشتملة على شرط الرجوع بلا مصاريف.
لا تسري مدة التقادم في حالة رفع الدعوى إلا من يوم آخر إجراء قضائي ولا يطبق التقادم إذا كان قد صدر حكم أو اعتراف بالدين بموجب إجراء مستقل.
لا يكون لانقطاع التقادم من أثر إلا بالنسبة لمن اتخذ ضده الإجراء القاطع.
على أن الأشخاص المدعى عليهم بالدين يلزمون عند الطلب بأداء اليمين على براءة ذمتهم، كما يلزم ورثتهم أو خلفاؤهم على أن يؤدوا يمينا على أنهم يعتقدون عن حسن نية أنه لم يبق شيء من الدين ".
و من بين الاستثناءات الواردة في القانون التجاري ما يلى :
-تقادم خاص للدعاوى الناشئة، عن عقد نقل الأشياء، مدتها سنة واحدة طبقا لنص المادة 61 من القانون التجاري .
-تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد نقل الأشخاص، مدتها ثلاث سنوات طبقا لنص المادة 74 من القانون التجاري .
- تقادم خاص لدعاوى الناشئة عن السفاتج والسندات لأمر، مدتها ثلاث أعوام بالنسبة للدعاوى المرفوعة على حاملها وعام واحد بالنسبة لدعاوى المظهرين على بعضهم البعض أو على الساحب المادة 461 من القانون التجاري.
- تقادم خاص بدعوى الرجوع بالنسبة لحامل الشيك ضد المظهرين أو الساحب أو الملزمين الآخرين مدته ستة أشهر من تاريخ انقضاء مهلة التقديم، و كذلك دعاوى الرجوع المتعلقة بمختلف الملزمين بوفاء الشيك على بعضهم بعض.
-تتقادم دعوى حامل الشيك على المسحوب عليه بمضي ثلاث سنوات، و هذا ما نصت عليه المادة 527 من القانون التجاري .
الفرع الثالث : الاستثناءات الواردة في نصوص أخرى :
القاعدة العامة في مدة التقادم هي خمسة عشر سنة ، فيما لم يرد نص خاص يقدر مدة أقل أو أكثر بالنسبة إلى التزام معين غير أن هناك حقوق غير قابلة للتقادم التي يمكن للنظام العام التعامل فيها ، كالحقوق المتعلقة بالحالة المدنية والحقوق المتعلقة بالاسم.
أولا : البطلان النسبي :
تنص المادة 101 ق م على ما يلي " يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال خمس سنوات "...
المقصود هنا بإبطال العقد هو الاسم الذي يطلق على البطلان النسبي حسب التقنين المدني، وحسب هذه المادة، فإن الحق في ابطال العقد يسقط بخمس سنوات، أو بمضي خمسة عشر سنة حسب الأحوال، فاذا انقضت هذه المدة أ . العقد صحيحا ولا يجوز بعد ذلك ابطاله لا عن طريق الدعوى ولا عن طريق الدفع. وهكذا يستقر الوجود القانوني للعقد بعد أن كان مهددا بالزوال العقد بعد ذلك في حكم المجاز.
وجاء في الفقرة الثانية من نفس المادة101 ق م بأنه " ويبدأ سريان هذه المدة في حالة نقص الأهلية من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب، وفي حال الاكراه من يوم انقطاعه، غير أنه لا يجوز التمسك بحق الابطال لغلط أو تدليس أو اكراه إذا انقضضت عشر سنوات من وقت تمام العقد ".
ثانيا : دعوى التعويض عن الاثراء بلا سبب :
تنص المادة 142 من ق م بأنه : " تسقط دعوى التعويض عن الاثراء بلا سبب بانقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من لحقته الخسارة بحقه في التعويض، وتسقط الدعوى في جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشر سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق "
من هذا النص يتبين أن هذه الدعوى تتقادم:
-بعشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من لحقته الخسارة بحقه في المطالبة بالتعويض وشخص من يلزم بذلك، اذ أنه متي علم ما اصابه من افتقار وعرف الشخص الذي اثري على حسابه فيصبح لا عذر له ومن ثم يتعين عليه رفع الدعوى في خلال هذه المدة.
- وخمسة عشر سنة من يوم قيام الالتزام اذا كان لا يعلم بافتقاره وبمن أثرى على حسابه، ومن ثم لا تبدأ سريان المدة الا من تاريخ علمه بذلك ".
ثالثا : دعوى ضمان العيوب الخفية :
نصت المادة 383 ق م على أنه : " تسقط بالتقادم دعوى الضمان بعد انقضاء سنة من يوم تسليم المبيع حتى و لو لم يكتشف المشتري العيب الا بعد انقضاء هذا الأجل ما لم يلتزم البائع بالضمان لمدة أطول.
غير أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بسنة التقادم متى تبين له أنه أخفى العيب غشا منه ".
من خلا ل هذا النص يتضح أن مدة التقادم في دعوى ضمان العيوب الخفية، تخضع للتقادم القصير و المشرع جعل هذه المدة تسري من وقت تسليم لا من وقت العلم بالعيب، و هذا تحقيقا لاستقرار المعاملات و لا يكون البائع مهددا بهذا الضمان مدة طويلة، و الحكمة من جعل مدة التقادم أي سنة تسري من يوم التسليم حتى يتمكن المشتري من فحص المبيع خلال تلك المدة،
ليتبين له إذا كان فيه عيب موجب للضمان، واذا انقضت السنة سقطت بالتقادم دعوى ضمان العيب الخفي، حتى لو كان المشتري لم يعلم بالعيب إلا بعد انقضاء هذه المدة.
و مدة سنة يجوز قطعها وفقا للقواعد العامة في قطع التقادم، اذا توافر سبب من أسباب وقف و قطع التقادم، ولا يجوز الاتفاق على تقصير هذه المدة و هو الأصل، و استثناء من ذلك أنه يمكن الاتفاق على اطالتها، وهذا ما ورد في نص المادة 383 ق م في العبارة ما لم يلتزم البائع بالضمان لمدة أطول.
يتبين من نص المادة أن مدة التقادم في ضمان العيب الخفي تكون أطول في حالتين :
الحالة الأولى : إذا اتفق المتعاقدين على إطالة مدة السنة.
الحالة الثانية : وفي حالة ما اذا أثبت المشتري أن البائع قد تعمد اخفاء العيب غشا حتى بعد انقضاء السنة، كان له أن يرفع دعوى ضمان العيب في خلال خمس عشر سنة من وقت البيع لا من وقت التسليم رجوعا الى الأصل.
رابعا : الدعوى الناشئة عن الفضالة :
عرفت المادة 150 ق م الفضالة : " هي أن يتولى شخص عن قصد القيام بشأن لحسا شخص آخر، دون أن يكون ملزما بذلك "
أما فيما يخص تقادم دعوى الفضالة، فنجد أن المشرع قد تطرق لها في نص المادة 159 ق م والتي تنص : " تسقط الدعوى الناشئة عن الفضالة بانقضاء عشر سنوات من اليوم الذى يعلم فيه كل طرف بحقه، وتسقط في جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشر سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق "
مفاد هذا النص أن دعوى الرجوع على الفضولي تتقادم بعشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه رب العمل بشخصية الفضولي، وربما يلتزم به نحوه وقد يحدث أن تكون مدة سقوط الدعوى خمسة عشر سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق.
خامسا : دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن :
تنص المادة 359 ق م على أنه " تسقط بالتقادم دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن إذا انقضت ثلاث سنوات من يوم انعقاد البيع "
يتضح من هذا النص أن دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن يسرى عليها التقادم من يوم انعقاد البيع، والغبن ليس سببا لبطلان عقد البيع وانما هو سبب لتكملة الثمن، ذلك أن المشرع لا يسمح بأن يباع العقار بأقل من أربعة أخماس قيمته.
مثال ذلك أن القضاء يحكم بسقوط تقادم دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن التي رفعها الطاعن اعتمادا على تاريخ رفع الدعوى الثانية المؤرخة في 1996-10-17هو تأسيس خاطئ، إذ كان ينبغي احتساب بداية مدة التقادم من تاريخ رفع الدعوى الأولى المؤرخة في 1995-10-17 الذى يعتبر إجراء قضائي يوقف بدء سريان التقادم المحدد بثلاث سنوات ابتداء من تاريخ انعقاد البيع مما يجعل دعوى تكملة الثمن رفعت ضمن الأجل القانوني ومتى كان كذلك فإن قرار المجلس قد خرق أحكام المادة 359 ق م مما يستوجب نقضه.
سادسا : دعوى التأمين :
تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى على النحو الذي قررته المادة 624 ق م.
تنص أيضا المادة 27 من قانون التأمين على أنه : " يحدد أجل تقادم جميع دعاوى المؤمن له أو المؤمن الناشئة عن عقد التأمين بثلاث سنوات ابتداء من تاريخ الحادث الذي نشأت عنه ".
يتضح من نص المادة السالفة الذكر أن الدعاوى التي يسري عليها التقادم الثلاثي هي تلك الدعاوى الناشئة مباشرة عن عقد التأمين والذي يربط المؤمن بالمؤمن له ولا يسري عليهما التقادم إلا من وقت العلم بالحادثة التي تولدت عنها الدعوى .
سابعا : دعوى ضمان المهندس المعماري والمقاول :
يجب أن ترفع دعوى الضمان خلال عشر سنوات و هذا طبقا لنص المادة 554 ق م
" يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى ولو كان التهدم ناشئا عن عيب في الأرض ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.
وتبدأ مدة السنوات (10) العشر من وقت تسلم العمل نهائيا.
ولا تسري هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين الفرعيين ".
وعليه إذا تم اكتشاف العيب أو التهدم في خلال السنة العاشرة من وقت تسليم البناء كان أمام رب العمل العام ثلاث سنوات أخرى لرفع دعوى الضمان، واذا انقضت هذه المدة الأخيرة و لم ترفع الدعوى تكون قد سقطت بالتقادم ولا يمكن سماعها. وهذا حسب نص المادة 557 ق.م : " تتقادم دعاوى الضمان المذكورة أعلاه بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم واكتشاف العيب " .
فضمان المهندس والمقاول يكون في حالة التهدم أو العيوب التي تصيب المنشآت الثابتة أو التهدم الناتج عن عيب في الأرض، سواء كان التهدم جزئيا أو كليا. والعيب الموجب لضمان هو القائم قبل التسليم، بحيث أنه إذا كان بعد التسليم لا يكون موجب لضمان.
للدائن بالضمان أن يطالب في دعوى الضمان التنفيذ العيني، اذا كان تهدم كلي أو جزئي، فله حق طلب اعادة ما تهدم على نفقة المدين بالضمان كما له حق في اصلاح العيب ان وجد مع جواز الحكم بالتعويض.
ومدة تقادم دعوى الضمان يمكن أن ترد عليها أسباب تقطعها كرفع دعوى موضوعية، وإقرار المقاول أو المهندس بحق رب العمل في الضمان.
ثامنا : دعوى المسافر تجاه صاحب الفندق او النزل :
نص المشرع الجزائري على مدة خاصة للتقادم دعوى المسافر تجاه صاحب النزل مدتها ستة أشهر تبدأ منذ مغادرة المسافر النزل او الفندق وتعتبر هذه المدة، مدة تقادم وليست مدة سقوط.
نص المادة 601 ق م : " يجب على المسافر أن يخطر صاحب الفندق أو النزل بسرقة الشيء أو ضياعه أو تلفه بمجرد علمه بوقوع شيء من ذلك فإن أبطأ في الاخطار دون مسوغ سقطت حقوقه ".
وتسقط بالتقادم دعوى المسافر تجاه صاحب الفندق أو النزل بانقضاء ستة (6) أشهر من اليوم الذي يغادر فيه الفندق أو النزل على الرغم يلاحظ ان المدة هي قصيرة.
المطلب الثاني : كيفية حساب مدة التقادم المسقط :
من المقرر قانونا أن حساب المدة في التقادم المسقط يكون بالأيام لا بالساعات وفقا لنص المادة 314 ق م التي تنص بأنه تحسب مدة التقادم بالأيام لا بالساعات ولا يحسب اليوم الأول، وتكمل المدة بانقضاء آخر يوم منها. ومن هنا تقضي القاعدة بأن اليوم الذي يحدث اليوم المعتبر في نظر القانون هو الذي يبدأ منه سريان التقادم، ولا يدخل في الحساب بل يبدأ من اليوم الذي يليه، وبالمقابل فلا تكتمل المدة إلا بانقضاء آخر يوم منها. وهذا ما سنبينه من خلال الفرعين التاليين.
الفرع الأول : حساب مدة التقادم المسقط :
حساب مدة التقادم المسقط إلى العديد من القواعد البسيطة في حسابها التي تمثل القواعد العامة التي يخضع لها حساب المدة أيا كانت سواء تعلقت بمدد تقادم مسقط أو مكسب أو بمواعيد سقوط أو بمواعيد مرافعات ومن هذه القواعد نذكر :
-أن المدة تحسب بالتقويم الميلادي لا الهجري وذلك عملا بالمادة 03 من التقنين المدني الجزائري التي تنص على أن " تحسب الآجال بالتقويم الميلادي ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ".
-أن المدة تحسب بالأيام لا بالساعات، ومعنى هذا عدم حساب كسور الأيام. ويؤدى هذا الى عدم احتساب اليوم الأول الذي بدأ سريان التقادم فيه، ويتم التقادم بانقضاء اليوم الأخير.
مثلا إذا استحق الدين في يوم 20 أكتوبر 1985، فإن التقادم يتم بانقضاء يوم 20 أكتوبر 2000 فالتقادم بدء بانقضاء اليوم الذي يقابل نفس اليوم الذي بدأ فيه التقادم بعد المدة المحددة قانونا.
من المتفق عليه في الفقه والقضاء أنه اذا صادف وكان اليوم الأخير من التقادم من أيام العطلات أو المواسم أو الأعياد ، فان مدة التقادم تمتد الى اليوم التالي أو الى يوم يستطيع الدائن أن يتخذ فيه إجراء ، وهو ما يبرر أن هذا الأمر يعد من قبيل القوة القاهرة التي توقف سريان التقادم لحين زوالها.
الفرع الثاني : بدأ سريان التقادم :
تنص المادة 315 فقرة 1 ق م على أنه " لا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء"...
القاعدة العامة إذن أنه يبدأ سريان التقادم من وقت استحقاق الدين، فيكون الدائن خلال هذه المدة قادرا على مطالبة المدين بالدين وفي حالة عدم مطالبته فإن هذا الأخير يتقادم جزاء له على إهماله .
يلاحظ أن هذه القاعدة تقودنا إلى العديد من الحلول التفصيلية التي لا تعد إلا مجرد تطبيقات لها والتي حرص المشرع رغم ذلك على النص عليها وهذه التطبيقات هي :
-إذا كان الدين معلق على شرط واقف فإن تقادمه لا يبدأ في السريان إلا من اليوم الذي يتحقق فيه الشرط لأنه لا يكون معلوما، أما إذا كان الشرط سيتحقق فيصبح الدين مستحقا، أما إذا كان الدين معلق على شرط فاسخ فإن تقادمه يبدأ في السريان من تاريخ استحقاقه أي قبل تحقق الشرط .
فإذا تحقق الشرط زال الالتزام بأثر رجعي، و لذلك فانه اذا اكتملت مدة التقادم قبل تحقق الشرط سقط الالتزام بالتقادم سواء تحقق الشرط أم لم يتحقق.
-إذا كان الدين مضاف الى أجل واقف فإن تقادمه لا يبدأ في السريان إلا منذ حلول الأجل بانقضائه أو بسقوطه أو بالنزول عنه ممن له مصلحة فيه، واذا كان الدين مقسطا الفاسخ لأن هذا الدين يكون مستحق الأداء منذ وجوده إلى أن يتحقق الشرط.
فإن كل قسط فيما يتعلق بالتقادم يعتبر دينا مستقلا ويسرى تقادمه من وقت حلول أجله وكذلك الحال بالنسبة للديون الدورية المتجددة كالفوائد والأجور، فكل دين يحل منها ويبدأ تقادمه في السريان من وقت حلول .
المبحث الرابع : وقف التقادم المسقط وانقطاعه.
إن نظام التقادم أو عدم سماع الدعوى يقوم على أساس أن المشرع قد ترك للدائن فترة كافية من الزمن يمكنه خلالها أن يطالب بحقه، بحيث أنه إذا قعد الدائن عن هذه المطالبة يمكن سقوط هذا الحق، فإنه يكون من الطبيعي ألا يحاسب الدائن عن مدة كان لا يستطيع خلالها أن يطالب بحقه، لذلك يكون من الضروري ألا تدخل هذه المدة في حساب مدة التقادم وفي هذه الحالة يكون التقادم متوقف عن السريان، كما قد يحدث خلال سريان التقادم سبب من أسباب التي تؤدي إلى قطع التقادم وهذا يؤدي إلى زوال كل أثره حتى يتحقق سبب الانقطاع، ويبدأ تقادم جديد في السريان بعد زوال السبب الذي أدى إلى انقطاع التقادم.
المطلب الأول : وقف التقادم المسقط.
إن التقادم لا يسري بالنسبة لمن لا يستطيع المطالبة بحقه، فكما وجد ظرف يمنع الدائن المطالبة بحقه، فإنه يجب وقف التقادم في حقه إلى زوال ذلك المانع، فما مفهوم الوقف و ماهي أسباب الوقف و أثاره ؟
الفرع الاول : المقصود بالوقف :
يقصد بالوقف التعطل أو التوقف المؤقت عن سريان التقادم مدة معينة بسبب وجود مانع يتعذر على الدائن أن يطالب بحقه، بحيث يقف سريان التقادم طوال فترة وجود هذا المانع، فإذا زال المانع عادت مدة التقادم إلى السريان.
القاعدة العامة هي أن التقادم لا يسري بالنسبة لمن لا يستطيع المطالبة بحقه، فكلما وجد ظرف يمنع الدائن من المطالبة بحقه فإنه يجب وقف التقادم حتى يزول ذلك المانع، فيستأنف سيره وتحسب الفترة التي ظل فيها هذا المانع قائما ولكن تحسب المدة السابقة له إن وجدت كما تحسب المدة التالية له .
الحكمة من تقرير وقف التقادم هو حماية الدائن الذي لا يستطيع لوجود مانع ما، من المطالبة قضائيا بحقة، وهذا باعتبار أن أساس التقادم هو عقاب الدائن المهمل من ناحية، وقيام قرينة الوفاء المستفادة من سكوته من ناحية أخرى، والظروف التي تمنع سريان التقادم إما أن تكون قانونية، و إما أدبية و تجمعها قاعدة أن التقادم لا يسري ضد من لا يستطيع المطالبة بحقه.
نص المشرع الجزائري من خلال نص المادة 316 ق م على : " لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه الدائن أن يطالب بحقه، وكذلك لا يسري فيما بين الأصيل والنائب ولا يسري التقادم الذي لا تزيد مدته عن خمس سنوات في حق عديمي الأهلية والغائبين والمحكوم عليهم بعقوبات جنائية إذا لم يكن لهم نائب قانوني، ولا يسري التقادم الذي تزيد مدته عن خمس سنوات في حق الأشخاص المذكورين في الفقرة السابقة ولو كان لهم نائب قانوني طيلة مدة عدم أهليتهم" .
أوردت المادة 316 السابق ذكرها أسباب وقف التقادم، و هذه الأسباب ترجع إلى وجود مانع يحول بين الدائن وبين المطالبة بحقه إعمالا لقاعدة أن التقادم لا يسري ضد من لا يستطيع أن يطالب قضاء حقه.
الفرع الثاني : أسباب الوقف :
طبقا لنص المادة 316 فقرة 1 ق م : " لا يسري التقادم كلما وجد مانع مبرر شرعا يمنع الدائن المطالبة بحقه، كما لا يسري فيما بين الأصيل والنائب ".
هناك أسباب الوقف ترجع إلى الدائن، وأخرى إلى ظروف خارجية، أي الظروف المادية والمعنوية.
أسباب وقف التقادم التي ترجع إلى الظروف الخارجية لم يحددها المشرع الجزائري، ذلك لأنه يطبق القاعدة العامة التي تنص على وقف التقادم كلما وجد عند صاحب الحق مانع، كالحرب مثلا أو نشوب فتنة، فيؤدي هذا الظرف إلى عدم تمكن صاحب الحق من المطالبة بحقه أو منع المحاكم من مباشرة عملها، ولقد اعتبر القضاء الجزائري الحرب التحريرية سببا لوقف التقادم. كما قد يكون المانع القانوني أو الأدبي، إضافة إلى الظروف الخارجية هناك أسباب أخرى متعلقة بالدائن و بحالته الشخصية و هذا ما نفصله فيما يلى.
أولا : أسباب الوقف المتعلقة بالدائن.
تتعلق هذه الحالة بعديمي الأهلية والغائب والمحكوم عليه بعقوبة جنائية فكل هؤلاء يوقف سريان التقادم ضدهم متى زادت مدة تقادم حقوفهم عن خمس سنوات، وهذا سواء كان لهم نائب قانوني أو لم يكن لهم نائب قانوني ويستمر هذا الوقف طيلة فترة عدم أهليتهم أو غيبتهم وفي هذا إرهاقا للمدين متى كان لهؤلاء نائب قانوني، أما في الحالة التي يقل فيها التقادم عن خمس سنوات فإنه يوقف في حقهم متى لم يكن لهم نائب قانوني أما في حالة العكسية يوقف التقادم .
ثانيا : أسباب الوقف المرتبطة بظروف مادية أو معنوية.
1- المانع المادي :
يتعذر على الدائن المطالبة بحقه بسبب ظرف مادي اضطراري أقرب ما يكون إلى القوة القاهرة، كقيام حرب، حيث تنقطع معه المواصلات ويتوقف العمل القضائي، فيتعذر على الدائن أن يطالب بحقه فيقف التقادم أيا كانت مدته إلى حين زوال المانع.
2- المانع القانوني :
يتعذر على الدائن المطالبة بحقه أو يحول دون ذلك ومثال ذلك اتخاذ ذمة الدائن و المدين ثم يزول السبب الذي أدى إلى اتخاذ الذمة بأثر رجعي، هنا لا تدخل فترة اتحاد الذمة في حساب مدة التقادم، ويقف سريانه خلال تلك المدة لاستحالة مطالبة الدائن بنفسه، وهذا ينطبق في حالة ما إذا وجدت علاقة قانونية خاصة بين الدائن والمدين مثال ذلك العلاقة الأصيل والنائب والوكيل بالموكل هنا يقف سريان التقادم بالنسبة للحقوق الناتجة عن هذه العلاقة لذلك من الأفضل انتظار التصفية بين الطرفين.
3- المانع الأدبي بين الدائن والمدين :
يتعذر على الدائن المطالبة بحقه مثلا عند وجود علاقة الزوجية وعلاقة القرابة كالأخوة و البنوة ..،وفي كل الحالات يترك القاضي الموضوع تقدير ما إذا كان هناك مانع يتعذر فيه على الدائن أن يطالب بحقه أم لا.
بهذا يكون المشرع الجزائري قد خالف المشرع اللبناني والفرنسي، حيث حدد كل منهما والتي ينحصر فيها المانع الأدبي بينما المشرع الجزائري وضع مبدا عام يجعل كل مانع أدبي يراه القاضي كافيا لوقف التقادم وهذا ما نصت عليه المادة 316 ق م : كلما وجد مانع مبرر شرعيا يمنع الدائن من مطالبة بحقه.
4- الحالة الشخصية عند الدائن :
يقف التقادم الذي تزيد مدته عن خمس سنوات اذا كان الدائن غير كامل الأهلية أو غائبا أو محكوم عليه في جناية ما دام ليس له نائب يمثله قانونا، ذلك أن الدائن في هذه الحالة لا يستطيع المطالبة بحقه قضاءا.
غير أن المشرع المصري جعل الوقف هنا قاصرا على التقادم الذي تزيد مدته عن خمسة سنوات، أما التقادم بخمس سنوات أو أقل فقد رأى بأن الأسباب التي دعته الى تقصير المدة اللازمة للتقادم أفضل وأحق بالرعاية من مصلحة الدائن عديم الأهلية أو النائب أو المحكوم عليه بعقوبة جبائية.
المشرع الجزائري رأى أن يوقف التقادم الخمسي وما دونه إذا لم يكن للدائن نائبا يمثله، على أساس أنه ليس له حسن الإدراك أو الوسائل المادية ما يمكنه من المطالبة بحقوقه.
ثالثا : الأسباب الموضوعية لوقف التقادم :
تتمثل في ارتباط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية وهذا ما نصت عليه المادة 133 ق م بحيث أنه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة و كانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد بانقضاء المواعيد فان الدعوى بالتعويض إلا تسقط الا بسقوط الدعوى الجنائية، فالدعوى المدنية لا تتقادم هنا بل قائمة مع الدعوى الجنائية حتى يستطيع المضرور في الوقت الذي يعاقب فيه الجاني أي أن يتقاضى منه التعويض المدني لذا فسريان التقادم بالنسبة الى الدعوى المدنية يقف طوال المدة التي فيها الدعوى الجنائية.
الفرع الثالث : أثار وقف التقادم المسقط :
إذا وقف التقادم فإن مدة هذا الوقف لا تحسب ضمن التقادم، وتحسب المدة السابقة واللاحقة على هذا الوقف، إذا افترضنا أن التقادم مدته خمس سنوات، ثم مات الدائن بعد سنتين وورثه عديم الأهلية ولم يعين له وصي إلا بعد ثلاث سنوات، فيعود سريان التقادم بعد تعيين الوصي ولا تحسب مدة الثلاث سنوات ولكن تدخل مدة السنوات السابقة على الوقف وبمعنى آخر فإن مدة التقادم تمتد بالقدر الذي وقف فيه سريان التقادم فتكون في ثماني سنوات.
المطلب الثاني : انقطاع التقادم المسقط :
على خلاف وقف التقادم الذي هو عبارة عن التوقف المؤقت عن السريان لمدة معينة وذلك لسبب وجود مانع يتعذر على الدائن أن يطالب بحقه، وبعد زوال هذا المانع يستأنف سريانه، فإن انقطاع التقادم عبارة عن عدم اعتداد كلي لمدة التقادم التي مضت قبل حصول الانقطاع، ووجوب بدء تقادم جديد. واذا كان الوقف يتعلق بالدائن، فان الانقطاع قد يأتي من الدائن لكن بإرادة صريحة في المطالبة بحقه، و قد يتعلق بالمدين أيضا عن طريق إقرار بحق الدائن.
الفرع الأول : المقصود بالانقطاع :
يقصد بانقطاع التقادم الغاء مدة التقادم السارية نتيجة لإجراء يتخذه الدائن أو نتيجة اقرار يصدره من المدين، بحيث تبدأ مدة تقادم جديدة من وقت زوال السبب الذي أدى الى الانقطاع .
الفرع الثاني : أسباب انقطاع التقادم المسقط :
إن الأسباب التي تقطع التقادم إما أن تكون صادرة من الدائن، وذلك بالمطالبة أو بما يقوم مقامه، واما أن تكون صادرة من المدين وذلك بإقراره لحق الدائن.
أولا: انقطاع التقادم لأسباب تعود الى الدائن.
1- المطالبة القضائية :
ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية، والمقصود بها هو مطالبة الدائن بحقه الذي في ذمة المدين أمام القضاء. وهذا طبقا لنص المادة 317 ق م وطبقا لقرار المحكمة العليا، ينقطع التقادم المسقط للحق في التعويض، برفع دعوى قضائية وليس بتقديم شكوى إلى النيابة العامة، إذ يجب أن تكون مرفوعة من الدائن ضد المدين وليس العكس. كما يجب أن تكون المطالبة القضائية صحيحة من حيث الشكل، والا كانت باطلة ولا ترتب قطع التقادم إذ لا يهم أن ترفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة نوعيا أو محليا.
وتكون مطالبة الدائن بحقه من مدينه في صورة دعوى فإنها تكون في صورة طلب عارض من الدائن. ويجب كذلك أن تقبل المطالبة القضائية، فإن رفضت بسقوطها فلا ترتب قطع التقادم .
2- التنبيه :
ينقطع التقادم بالتنبيه الذي يصدر من الدائن إلى المدين أي إعلان السند التنفيذي، والمقصود هو إجراء يقوم به الدائن قصد التنفيذ بحقه، وتكليف المدين بالوفاء تمهيدا لاتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري ضده، وهذا الاجراء لا يقضي المطالبة القضائية، وانما يتيح للدائن اقتضاء حقه بشكل مباشر .
التنبيه أقوى من المطالبة القضائية، وهو يسبق التنفيذ على أموال المدين، ويشترط أن يكون التنبيه صحيحا حتى يقطع التقادم، كذلك يجب أن يكون صحيحا السند الواجب التنفيذ الذي يستند إليه التنفيذ.
3- الحجز :
ينقطع التقادم أيضا بالحجز، سواء كان حجزا تنفيذيا كالحجز على العقار أو على المنقول، أو حجزا تحفظيا، كالحجز تحت يد المدين والحجز التنفيذي يسبقه تنبيه، وهو يقطع التقادم، أما الحجز التحفظي فلا يسبقه هذا التنبيه، ولذا فلا ينقطع التقادم إلا من وقت توقيع الحجز التحفظي.
4- طلب الدائن لقبول حقه في تفليسة المدين :
نصت المادة 317 ق م ج كما رأينا : " ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة بالتنبيه أو بالحجز، وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليسة المدين أو في توزيع أو بأي عمل يقوم به الدائن أثناء مرافعة لإثبات حقه ".
فتدخل الدائن في المطالبة بحقه في تفليسة المدين أو تقدمه ومطالبته بحقه في توزيع أموال المدين يقطع التقادم الساري ضده.
كذلك تمسك الدائن بحقه أثناء سير الدعوى عن طريق تقديمه طلبا عارضا في دعوى مرفوعة عليه فإن ذلك يقطع التقادم الساري ضد الدائن. واذا كان الطلب الذي يتقدم به الدائن في تفليسة المدين يقطع التقادم، فإن من باب أولى أن يتحقق هذا الأثر إذا طلب الدائن شهر إفلاس المدين.
ثانيا : انقطاع التقادم لأسباب تعود الى المدين.
قضت المحكمة العليا في هذا الصدد على أنه : " ينقطع التقادم اذا أقر المدين بحق الدائن اقرارا صريحا أو ضمنيا... "
لما تبين أن الطاعن قد أثار دفعا بانقطاع التقادم بتقديم وصل بدفع المستحقات فإن هذه الواقعة في حالة ثبوتها من شأنها أن تشكل دفعا جزئيا للحقوق المطلوبة وبالتالي إقرارا ضمنيا قبل الطاعن.
ولما تبين أن قضاة المجلس لم يعتدوا بالدفع المثار، فإنهم لم يبينوا موقفهم من الواقعة المذكورة والنتائج القانونية المترتبة عنها، فإنهم يكونون قد عرضوا قرارهم للنقض.
يبين لنا القرار القضائي أنه إذا أقر المدين بحق الدائن إقرارا صريحا أو ضمنيا، فإن ذلك يقطع التقادم، أي يعتبر نزولا عن التمسك بمدة التقادم التي سبقت الإقرار، وبالتالي يبدأ تقادم جديد من وقت صدور الاقرار.
الإقرار الصريح لا يشترط فيه شكل خاص، فأي تعبير عن الارادة يفيد معنى الاقرار بالدين سواء كان مكتوب أو غير مكتوب، موجها لدائن أو الى غيره.
أما الاقرار الضمني فيستخلص من أي عمل يمكن أن يفيد معنى الاقرار و من أمثلة الاقرار الضمني أن بطلب المدين من دائنة أجلا للوفاء، و السلطة التقديرية للقاضي الموضوع اذا كان العمل الذي قام به المدين منطويا على اقرار ضمني.
فإذا انقطع التقادم لأي سبب من الأسباب السابق، سقطت كل المدة السابقة على سبب الانقطاع وبدأ تقادم جديد يسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع، وبحيث تكون مدته هي مدة التقادم الأول.
والإقرار يجب أن يصدر قبل استكمال التقادم مدته و إلا فلن يرد عليه الانقطاع، فالإقرار الورثة بالدين الثابت في ذمة مورثهم لا يترتب عليه قطع التقادم.
يلاحظ أن المشرع قد اعتبر الإقرار إقرارا ضمنيا في حالة ما إذا ترك المدين تحت يد الدائن مالا مرهونا حيازيا تأمينا لوفاء الدين. ولكن لا يعتبر من قبيل الإقرار الضمني بالمدين، فقيام المدين بالاعتراف بالدين وإقراره في نفس الوقت ببراءة ذمته منه لأن الإقرار القاطع للتقادم هو الإقرار ببقاء الدين في ذمة المدين .
الفرع الثالث : أثار قطع التقادم :
تنص المادة 319 ق م على ما يلي : " اذا انقطع التقادم بدأ تقادم جديد يسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع و تكون مدته هي مدة التقادم الأول "
على أنه إذا حكم بالدين وحاز الحكم قوة الأمر المقضي به أو إذا كان الدين مما يتقادم بسنة واحدة وانقطع تقادمه بإقرار المدين، كانت مدة التقادم خمس عشر سنة، إلا أن يكون الدين المحكوم به متضمنا لالتزامات دورية متجددة لا تستحق الأداء إلا بعد صدور الحكم. ويترتب من هذا أنه يترتب أثران على انقطاع التقادم.
1- سقوط المدة السابقة على سبب الانقطاع :
إن انقطاع التقادم لأي سبب من الأسباب فإن المدة التي سبقت الانقطاع تعتبر كأن لم تكن وبالتالي لا يجوز احتسابها مرة أخرى و لو بدأ تقادم جديد، أما الوقف فالمدة الموقوفة لا تحسب من مدة التقادم ولكن مع احتساب المدة التي سبقت الوقف أو التي تليه.
2- بدأ تقادم جديد بعد توقف سبب الانقطاع :
إذا زال سبب الانقطاع فإن تقادما جديدا يبدأ في السريان، و لكن من أي وقت يبدأ التقادم الجديد في السريان ؟.
إن بدأ سريان التقادم الجديد يختلف باختلاف سبب الانقطاع، بحيث اذا كان سبب الانقطاع هو المطالبة القضائية، فانه يستمر طوال مدة نظر الدعوى، أما إذا صدر حكم نهائي لصالح الدائن، فإن التقادم الجديد يبدأ من اليوم التالي لصدور الحكم، واذا صدر الحكم برفض دعوى الدائن، أو تنازل المدعي عن دعواه، فان أثر الدعوى يزول من حيث قطع التقادم، و يعتبر الانقطاع كان لم يكن، و تدخل مدة نظر الدعوى في حساب مدة التقادم الذي كان قد بدأ سريانه إذا كان سبب الانقطاع راجع لإقرار المدين، فإن التقادم الجديد يبدأ في سريانه اعتبارا من اليوم التالي للإقرار مستخلصا من وجود مال مرهون رهنا حيازيا تحت يد الدائن.
إذا رفعت الدعوى الى محكمة غير مختصة وصدر حكما بعدم الاختصاص فلا يؤثر هذا الحكم على انقطاع التقادم، ويبدأ التقادم الجديد من وقت صدور الحكم النهائي بعدم الاختصاص.
إذا كان سبب الانقطاع هو التنبيه بالوفاء، فإن التقادم الجديد يسري فورا عقب التنبيه، واذا كان سبب انقطاع التقادم راجع في تفليس أو توزيع بقي أثر الانقطاع قائما حتى يقفل التفليسة أو التوزيع.
3- اختلاف مدة التقادم الجديد عن التقادم القديم :
الأصل أن التقادم الجديد الذي يحل محل التقادم القديم الذي انقطع يكون منتفقا في مدته و طبيعته مع التقادم القديم، و يستثني ذلك في حالتين.
الحالة الأولى : صدور حكم نهائي حائز على قوة الشيء المقضي به لأن الحكم يقوي الحق و يبعث فيه حياة حديدة.
الحالة الثانية : إذا انقطع التقادم بإقرار المدين وكان من الديون التي تسقط بمضي المدة، فإنها تتحول إلى خمسة عشر سنة بالانقطاع لأن التقادم يقوم على قرينة الوفاء، والاقرار يهدم هذه القرينة و يقطع مدة التقادم ويصبح الدين دينا عاديا يتقادم بالمدة العادية طبقا للمادة 319 فقرة 2 ق م .
خاتمة :
ان التقادم كنظام قانوني متميز له كبير الأثر على استقرار المعاملات فان نظرنا له من جهة الحقوق ففكرة التقادم المسقط مؤداها أن كل حق شخصي مستحق الآداء ينقضي ويزول اذا لم يقم صاحبه بالمطالبة به عن طريق القضاء خلال فترة زمنية معينة يحددها المشرع عادة بنص خاصوان نظرنا لفكرة التقادم من جهة الالتزام هو انقضاء الالتزام دون الوفاء به .
كما أن هنالك بعض الأموال والعقارات غير قابلة لأن تكون محل للتقادم من حيث الأصل؛ والسبب في ذلك يعود إلى ارتباطها بالنظام العام، كالحق في طلب قسمة مال شائع كما لا يرد التقادم على أموال وعقارات تعود ملكيتها للدولة أو للدوائر والهيئات الحكومية التابعة لها، كذلك من غير المتصور أن تكون أموال الأوقاف التي تخصص لخدمة الناس، والجمعيات الخيرية ذات النفع العام والطابع الخيري من الأموال التي يمكن كسبها بالتقادم ،فلا يقر القانون لمن يضع يده على هذا النوع من الأموال أيّ حق، حتى وإن طالت المدة الزمنية التي جرت خلالها عملية وضع اليد أو الاستحواذ عليها.
المراجع :
- محمد صبري السعدي، الواضح في شرح القانون المدني، النظرية العامة للإلتزام، أحكامالإلتزام، دار الهدى للطباعة، الجزائر، 2010.
- دربال عبد الرزاق، الوجيز في أحكام الإلتزام في القانون المدني الجزائري، دار العلوم للنشر والتوزيع، الجزائر، 2004.
- خليل أحمد حسن قدادة، الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري، ط2، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1992.
- محمد حسنين، الوجيز في نظرية الإلتزام مصادر الإلتزام وأحكامها في القانون المدني الجزائري، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1989.
- محمد أحمد عابدين، التقادم المكسب والمسقط في القانون، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2002.
- جلال محمد إبراهيم النظرية العامة للإلتزام القسم الثاني، أحكام الإلتزام، مطبعة الإسراء، القاهرة، 2000.
- عبد القادر الفار، أحكام الإلتزام ( أثار الحق في القانون المدني )، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2005.