بحث حول التقادم المسقط و التقادم المكسب في القانون
الفصل الاول التقادم المسقط
الفصل الثاني التقادم المكسب للملكية العقارية
الفصل الثالث بعض الانواع الاخري من التقادم
الفصل الرابع : إنقطاع التقادم
مقدمة :
يترتب على مضي مدة من الزمن على بعض الحقوق دون المطالبة بها و التي تكون في ذمة المدين، او بعض العقارات و الاراضي التي تكون تحت حيازة افراد، سقوط او انقضاء حق الطرف الآخر الذي لم يبادر الي المطالبة بحقه خلال فترة زمنية حددها القانون حسب الحالة إن انقضاء الالتزام أو ما يعرف بالتقادم وهو يرد على كل الحقوق والدعاوى الشخصية والعينية فيما عدا حق الملكية ودعاوى الاستحقاق.
- إن التقادم هو نظام قانوني يشكل فيه الزمن عنصرا اساسِيا ولقد أخذت به معظم التشريعات القانونية بما فيها التشريع الجزائري ،وذلك لاعتبارات عديدة تتعلق بالمصلحة العامة، ووجوب احترام الأوضاع المستقلة والتي مر عليها مدة زمنية معينة، وكذلك من أجل التخفيف عن المدين عبء إثبات براءة ذمته من دين سكت عنه الدائن مدة طويلة من الزمن، وعليه فإن نظام التقادم يحقق الثقة بين الناس، كما يؤدي إلى استقرار المعاملات؛ لأنه يقوم على اساس مبدأ احترام الأوضاع المستقرة، والتي مر عليها فترة زمنية طويلة، والتقادم في القانون وبسبب مضي المدة الزمنية المحددة أصبح يعد سبب من أسباب اكتساب الملكية، كما ويعد وسيلة لانقضاء الالتزام ، وأصبح أيضًا التقادم وسيلة لانقضاء الحق الذي لم يطالب به صاحبه لمدة زمنية معينة.
التقادم بصورة عامة هو مرور مدة زمنية محددة في القانون تختلف باختلاف الحقوق، لاكتساب الحائز للحق الذي حازه خلال هذه المدة دون أن يعرف له مالك أو يطالب به أحد ما، كما وهو يبرئ المدين من الدين الذي التزم به طالما كان الدائن ساكتا عن المطالبة به خلال المدة التي يحددها المشرع في القانون، وتميز التشريعات القانونية بين نوعين من التقادم :
الأول هو التقادم المسقط وهو : " النوع الذي يفرض وضعا سلبيا يتمثل في عدم مطالبة الدائن بحقه أو عدم استعماله للحق المقرر له بمجوب القانون"، في حين النوع الثاني هو التقادم المكسب والذي يفرض وضع إيجابي على عكس النوع الأول والمتمثل بأمر مهم ألا وهو الحيازة.
والتقادم المسقط يعد سببًا من أسباب انقضاء الالتزام، وذلك من خلال مضي المدة القانونية المحددة بموجب القانون على استحقاق هذا الالتزام، أي أن التقادم المسقط سوف يسقط الحق طالما أن الدائن لم يطالب المدين به عند استحقاقه، وعلى هذا الأساس فإن التقادم المسقط يؤدي إلى انقضاء الحقوق الشخصية والعينية ما عدا حق الملكية، إذ لم يبادر صاحب الحق إلى استعمال حقه أو المطالبة به خلال المدة المحددة قانونًا، كذلك فإن التقادم المسقط لا يعتد فيه حسن النية، ويعد المشرع القانوني أن التقادم المسقط سببًا من أسباب انقضاء الالتزام شأنه في ذلك شأن الوفاء بالالتزام.
نظرا للأهمية العظمى التي يحظى بها التقادم، فقد اختلفت التعارف الواردة بشأنه بين القانون، الشريعة الإسلامية والفقهاء باعتباره من أهم المبادئ الأساسية التي وضعها القانون، ناقشها الفقه وحللها الشرع وهذا نظرا للصلة الوطيدة التي تربطه بأمور الحيا ة ومتقلبات الأحوال ومجريات المنازعات اليومية وهذا ما يتطلب منا إجراء دراسة معمقة حوله و الإلمام به.
يعتبر التقادم نظام قانوني يقوم أساسا على فكرة قوامها فوات الميعاد أو الزمن الذي يؤدي غالبا إلى سقوط الحق ما لم يتمسك به صاحبه خلال الفترة التي منحها إياه القانون، ونظرا لأهميته في حياة الأشخاص، فإننا نجده في كل التشريعات، سواء المدنية أو التجارية وحتى الجزائية.
الفصل الاول التقادم المسقط
التقادم المسقط يعد سببا من أسباب انقضاء الالتزام، وذلك من خلال مضيّ المدة القانونية المحددة بموجب القانون على استحقاق هذا الالتزام، أي أن التقادم المسقط سوف يسقط الحق طالما أن الدائن لم يطالب المدين به عند استحقاقه، وعلى هذا الأساس فإن التقادم المسقط يؤدي إلى انقضاء الحقوق الشخصية والعينية ما عدا حق الملكية، إذ لم يبادر صاحب الحق إلى استعمال حقه أو المطالبة به خلال المدة المحددة قانونا، كذلك فإن التقادم المسقط لا يعتد فيه حسن النية، ويعد المشرع القانوني أن التقادم المسقط سببًا من أسباب انقضاء الالتزام شأنه في ذلك شأن الوفاء بالالتزام.
المبحث الأول : القاعدة العامة والاستثناءات للتقادم المسقط :
يتقادم الالتزام ـ قاعدة عامة ـ بانقضاء خمس عشرة سنة في معظم القوانين العربية، وذلك فيما لم يرد فيه نص خاص يقرر مدة أطول أو أقصر. من ذلك سقوط الحق في طلب إبطال العقد بسبب نقص الأهلية أو عيب الإرادة بثلاث سنوات. وسقوط دعوى التعويض عن العمل غير المشروع وعن الإثراء بلا سبب بثلاث سنوات، وإلى جانب النصوص القانونية الخاصة بعض الاستثناءات من القاعدة العامة، فقد أورد التقنين المدني بعد القاعدة العامة التي وضعها استثناءات أخرى. فثمة حقوق تتقادم بخمس سنوات، وهي الحقوق الدورية المتجددة كأجرة المباني والأراضي الزراعية ومقابل الحكر، والفوائد والإيرادات المرتبة والمهايا والأجور والمعاشات. كما تتقادم بخمس سنوات أيضاً حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين، على أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل من أعمال مهنتهم وما تكبدوه من مصروفات. وتتقادم بسنة واحدة حقوق التجار والصناع عن أشياء ورّدوها لأشخاص لا يتجرون في هذه الأشياء، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم، وكذلك حقوق العمال والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات. على أنه يجب على من يتمسك بهذا التقادم الحولي أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً.
ولا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي عينها القانون.
يحدد القانون في صورة خاصة مددا لتقادم بعض الحقوق، سواء أكان ذلك في نصوص القانون المدني أو في قوانين أخرى، نقتصر هنا على الإشارة إلى بعضها في القانون المدني، ولتحديد هذه المدة نجد أن هناك قاعدة عامة حدد على أساسها فترة زمنية معينة وورد عليها العديد من الاستثناءات وسوف نعالج كلا من القاعدة العامة و الاستثناءات الواردة عليه في فرع مستقل لكل منهما.
المطلب الأول : كيفية حساب مدد التقادم :
من المقرر قانونا أن حساب المدة في التقادم المسقط يكون بالأيام لا بالساعات وفقا لنص المادة 314 ق م التي تنص بأنه تحسب مدة التقادم بالأيام لا بالساعات ولا يحسب اليوم الأول، وتكمل المدة بانقضاء آخر يوم منها. ومن هنا تقضي القاعدة بأن اليوم الذي يحدث اليوم المعتبر في نظر القانون هو الذي يبدأ منه سريان التقادم، ولا يدخل في الحساب بل يبدأ من اليوم الذي يليه، وبالمقابل فلا تكتمل المدة إلا بانقضاء آخر يوم منها. وهذا ما سنبينه من خلال الفرعين التاليين.
تحسب مدة التقادم بالأيام لا بالساعات، ولا يحسب اليوم الأول، وتكتمل المدة بانقضاء آخر يوم منها. ولا يبدأ التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص، إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدَّين مستحق الأداء. وبخاصة لا يسري التقادم بالنسبة إلى دين معلَّق على شرط واقف إلا من الوقت الذي يتحقق فيه الشرط، وبالنسبة إلى ضمان الاستحقاق إلا من الوقت الذي يكتب فيه الاستحقاق، وبالنسبة إلى الدين المؤجل إلا من الوقت الذي ينقضي فيه الأجل.
الفرع الأول : إعمال التقادم المسقط وأثره :
حساب مدة التقادم المسقط إلى العديد من القواعد البسيطة في حسابها التي تمثل القواعد العامة التي يخضع لها حساب المدة أيا كانت سواء تعلقت بمدد تقادم مسقط أو مكسب أو بمواعيد سقوط أو بمواعيد مرافعات ومن هذه القواعد نذكر :
-أن المدة تحسب بالتقويم الميلادي لا الهجري وذلك عملا بالمادة 03 من التقنين المدني الجزائري التي تنص على أن " تحسب الآجال بالتقويم الميلادي ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ".
-أن المدة تحسب بالأيام لا بالساعات، ومعنى هذا عدم حساب كسور الأيام. ويؤدى هذا الى عدم احتساب اليوم الأول الذي بدأ سريان التقادم فيه، ويتم التقادم بانقضاء اليوم الأخير.
مثلا إذا استحق الدين في يوم 20 أكتوبر 1985، فإن التقادم يتم بانقضاء يوم 20 أكتوبر 2000 فالتقادم بدء بانقضاء اليوم الذي يقابل نفس اليوم الذي بدأ فيه التقادم بعد المدة المحددة قانونا.
من المتفق عليه في الفقه والقضاء أنه اذا صادف وكان اليوم الأخير من التقادم من أيام العطلات أو المواسم أو الأعياد ، فان مدة التقادم تمتد الى اليوم التالي أو الى يوم يستطيع الدائن أن يتخذ فيه إجراء ، وهو ما يبرر أن هذا الأمر يعد من قبيل القوة القاهرة التي توقف سريان التقادم لحين زوالها .
أـ الدفع بالتقادم :
يجب على صاحب المصلحة أن يتمسك بالتقادم، ولا يجوز للقاضي أن يقضي به من تلقاء نفسه. ومعنى ذلك أن التقادم ليس من النظام العام. وصاحب المصلحة هو المدين والكفيل وحائز العقار المرهون ضماناً لذات الدين والمدين المتضامن بقدر حصة شريكه ودائن المدين. ويجوز التمسك بالتقادم في أي حالة كانت عليها الدعوى. ولكن لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
ب ـ النزول عن التقادم :
لا يجوز النزول عن التمسك بالتقادم قبل ثبوت الحق فيه أي قبل اكتمال مدته. أما إذا اكتملت هذه المدة كان للمدين أن ينزل عن التمسك به. ويكون النزول صريحاً بتعبير صادر من المدين باللفظ أو بالكتابة. ويخضع إثبات النزول الصريح للقواعد العامة في إثبات التصرفات القانونية.
وقد يكون النزول ضمنياً إذا أمكن استخلاصه من مسلك للدائن يقطع حتماً بقصد النزول، كأن يطلب المدين بعد التقادم مهلة لوفاء الدين أو يقدم كفيلاً أو رهناً. وعند الشك لا يفترض النزول. والأهلية اللازمة لصحة النزول هي أهلية التصرف، فلا تكفي أهلية الإدارة، ولا تلزم أهلية التبرع. ـ هذا ولا يسري النزول في حق دائن المدين إذا صدر إضراراً بهم.
الفرع الثاني : بدأ سريان التقادم :
تنص المادة 315 فقرة 1 ق م على أنه " لا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء"...
القاعدة العامة إذن أنه يبدأ سريان التقادم من وقت استحقاق الدين، فيكون الدائن خلال هذه المدة قادرا على مطالبة المدين بالدين وفي حالة عدم مطالبته فإن هذا الأخير يتقادم جزاء له على إهماله .
يلاحظ أن هذه القاعدة تقودنا إلى العديد من الحلول التفصيلية التي لا تعد إلا مجرد تطبيقات لها والتي حرص المشرع رغم ذلك على النص عليها وهذه التطبيقات هي :
-إذا كان الدين معلق على شرط واقف فإن تقادمه لا يبدأ في السريان إلا من اليوم الذي يتحقق فيه الشرط لأنه لا يكون معلوما، أما إذا كان الشرط سيتحقق فيصبح الدين مستحقا، أما إذا كان الدين معلق على شرط فاسخ فإن تقادمه يبدأ في السريان من تاريخ استحقاقه أي قبل تحقق الشرط .
فإذا تحقق الشرط زال الالتزام بأثر رجعي، و لذلك فانه اذا اكتملت مدة التقادم قبل تحقق الشرط سقط الالتزام بالتقادم سواء تحقق الشرط أم لم يتحقق.
-إذا كان الدين مضاف الى أجل واقف فإن تقادمه لا يبدأ في السريان إلا منذ حلول الأجل بانقضائه أو بسقوطه أو بالنزول عنه ممن له مصلحة فيه، واذا كان الدين مقسطا الفاسخ لأن هذا الدين يكون مستحق الأداء منذ وجوده إلى أن يتحقق الشرط.
فإن كل قسط فيما يتعلق بالتقادم يعتبر دينا مستقلا ويسرى تقادمه من وقت حلول أجله وكذلك الحال بالنسبة للديون الدورية المتجددة كالفوائد والأجور، فكل دين يحل منها ويبدأ تقادمه في السريان من وقت حلول
الفرع الثالث : أثر التقادم المسقط :
إذا اكتملت مدة التقادم ولكن لم يتمسك به المدين بعد فإن الالتزام يبقى التزاماً مدنياً لا تتغير طبيعته. ويترتب على ذلك صحة الوفاء به ولو كان الموفي جاهلاً اكتمال مدة التقادم، وصحت كفالته وجازت المقاصة به. فإذا تمسك المدين بالتقادم سقط الالتزام مدنياً ولكن تخلف عنه التزام طبيعي لا يجوز جبر المدين على الوفاء به، ويسقط مع الدين توابعه من كفالة أو رهن أو اختصاص أو امتياز. كذلك يسقط مع الدين ملحقاته كالفوائد، حتى ولو كانت تلك الملحقات لم يمض عليها مدة التقادم الخاص بها. ويستند سقوط الدين بالتقادم إلى الوقت الذي بدأ فيه التقادم. على أن سقوط الالتزام بالتقادم عن طريق الدعوى لا يمنع من التمسك بوجوده عن طريق الدفع.
المطلب الثاني : الأصل في مدة التقادم المسقط :
يتقادم الالتزام - كأصل عام - بانقضاء خمسة عشر سنة في معظم القوانين العربية، وذلك ما لم يرد فيه نص خاص يقرر مدة أطول أو أقصر .
في هذا الصدد، تنص المادة 308 ق م على ما يلى : " يتقادم الالتزام بانقضاء خمسة عشر سنة فيما عدا الحالات التي ورد فيها نص خاص في القانون ".
يلخص من هذا النص أن المشرع الجزائري وضع قاعدة عامة يسري عليها التقادم وذلك، بانقضاء خمسة عشر سنة، واعتبر ن جميع الالتزامات أيا كان مصدرها أو موضوعها وبغض النظر عن صفتها المدنية أو التجارية تتقادم بمضي هذه المدة.
التقادم المسقط في قاعدته العامة - لا يقوم على قرينة الوفاء، بقدر ما يقوم على ضرورة احترام الأوضاع المستقرة، التي مضى عليها من الزمن ما يكفى للاطمئنان إليها واحاطتها بسياج من الثقة المشروعة.
وقد قضى تطبيقا لذلك بأن للمدين أن يتمسك بالتقادم احتياطا ولو كان قد بدأ بالمنازعة في وجود الدين ذاته، وهو ما لا يستقيم مع فكرة قرينة الوفاء .
هناك إلى جانب التقادم الطويل كأصل عام أو ما يعرف بالقاعدة العامة هناك عدة استثناءات وردت عنها.
الاستثناءات التي وردت ضمن القواعد المتعلقة بالتقادم المسقط :
أورد المشرع على القاعدة العامة في مدد التقادم المسقط نوعين من الاستثناءات، أولهما يتمثل في الاستثناءات الواردة في المادة 309 ق م ، والأخرى تلك الواردة في نصوص أخرى سواء في القانون المدني أو غيره .
المبحث الثاني : التقادم بمرور سنة ( التقادم الحولي )
تنص المادة 312 ق م على أنه : " تتقادم بسنة واحدة الحقوق الآتية : حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الاقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم " .
المبالغ المستحقة للعمال الأجراء الآخرون مقابل عملهم على من يتمسك بالتقادم لسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلا، وهذه اليمين توجه تلقائيا من القاضي إلى ورثة المدين أو إلى أوصيائهم إن كان الورثة قاصرين على أنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء .
ظاهر من هذه المادة أن الحقوق التي تسقط بالتقادم الحولي هي :
حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها، فبديهي على صاحب الحق أن يكون تاجرا أو صانعا وأن تتعلق الأشياء التي قام بتوريدها بما يزاوله من تجارة.
حقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة، فمن المقرر قانونا و عملا بقرارات المحكمة العليا، وبناءا على المادة 312 ق م " تتقادم بسنة (1) واحدة الحقوق الآتية :
- حقوق التجار، والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الاقامة، وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم،
-المبالغ المستحقة للعمال والاجراء الآخرون مقابل عملهم.
يجب على من يتمسك بالتقادم لسنة، أن يحلف اليمين على انه أدى الدين فعلا وهذه اليمين توجه تلقائيا من القاضي إلى ورثة المدين أو إلى أوصيائهم أن كان الورثة قاصرين على انهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء ".
تتقادم بسنة حقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم كما توجه اليمين تلقائيا من القاضي لمن هذه يتمسك بمثل هذا التقادم هذا من جهة ومن جهة أخرى ، ومتى حرر سند بحق من هذه الحقوق فلا يتقادم، عملا بأحكام المادة 313 من ذات القانون، إلا بانقضاء خمسة عشر سنة، حيث تم تحرير فواتير بمناسبة هذه الخدمات صادق عليها المطعون ضده فهي مقبولة و يمكن اعتبارها سندا يثبت حقوق الطاعن و يمدد في أجل التقادم لأكثر من سنة.
وعليه، و باعتمادهم لتقرير التقادم على المادة 312 من القانون المدني فقط و دون فقرتها الأخيرة، لم يعطى القضاة لقرارهم الأساس القانوني السليم و عرضوه للنقض و الإبطال دون حاجة لمناقشة الوجه الثاني .
وأساس هذا التقادم القصير هو قرينة الوفاء، ومبنى هذه القرينة أن الحقوق التي يرد عليها التقادم هي حقوق عادية تزخر بها الحياة اليومية، لذا لم تجرى العادة على تحرير سند بها أو على السكوت طويلا عن استيفائها، فإن حرر سند بتلك الديون انقلب تقادمها إلى خمسة عشر سنة وهذا حسب المادة 213 فقرة 2 ق م.
يستطيع الدائن دحض قرينة الوفاء بمضي سنة واحدة ويكون هذا عندما يوجه القاضي اليمين المتممة إلى المدين الذي يتمسك بهذا التقادم الحولي أو الى ورثته من بعد وفاته أو من ينوب عنهم ان كانوا قاصرين، ويحلف أنه وفى الدين فعلا، فإن هو حلف سقط دين الدائن بالتقادم، واذ هو رفض أن يحلف على أداءه الدين فعلا ألزم بالوفاء رغم مضي السنة ورغم تمسكه بالتقادم.
ثانيا : في القانون التجاري الجزائري :
المادة 461 : " جميع الدعاوى الناشئة عن السفتجة والمرفوعة على قابلها تسقط بمضي ثلاثة أعوام من تاريخ الاستحقاق.
و تسقط دعاوى الحامل ضد المظهرين أو الساحب بمضي عام واحد من تاريخ الاحتجاج المحرر في المدة القانونية أو من تاريخ الاستحقاق إذا كانت السفتجة مشتملة على شرط الرجوع بلا مصاريف.
لا تسري مدة التقادم في حالة رفع الدعوى إلا من يوم آخر إجراء قضائي ولا يطبق التقادم إذا كان قد صدر حكم أو اعتراف بالدين بموجب إجراء مستقل.
لا يكون لانقطاع التقادم من أثر إلا بالنسبة لمن اتخذ ضده الإجراء القاطع.
على أن الأشخاص المدعى عليهم بالدين يلزمون عند الطلب بأداء اليمين على براءة ذمتهم، كما يلزم ورثتهم أو خلفاؤهم على أن يؤدوا يمينا على أنهم يعتقدون عن حسن نية أنه لم يبق شيء من الدين ".
و من بين الاستثناءات الواردة في القانون التجاري ما يلى :
-تقادم خاص للدعاوى الناشئة، عن عقد نقل الأشياء، مدتها سنة واحدة طبقا لنص المادة 61 من القانون التجاري .
-تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد نقل الأشخاص، مدتها ثلاث سنوات طبقا لنص المادة 74 من القانون التجاري .
- تقادم خاص لدعاوى الناشئة عن السفاتج والسندات لأمر، مدتها ثلاث أعوام بالنسبة للدعاوى المرفوعة على حاملها وعام واحد بالنسبة لدعاوى المظهرين على بعضهم البعض أو على الساحب المادة 461 من القانون التجاري.
- تقادم خاص بدعوى الرجوع بالنسبة لحامل الشيك ضد المظهرين أو الساحب أو الملزمين الآخرين مدته ستة أشهر من تاريخ انقضاء مهلة التقديم، و كذلك دعاوى الرجوع المتعلقة بمختلف الملزمين بوفاء الشيك على بعضهم بعض.
-تتقادم دعوى حامل الشيك على المسحوب عليه بمضي ثلاث سنوات، و هذا ما نصت عليه المادة 527 من القانون التجاري .
المبحث الثالث : التقادم بمرور سنتين
تنص المادة 310 ق م على أنه " تتقادم بسنتين حقوق الأطباء و الصيادلة والمحامين، والمهندسين والخبراء، ووكلاء التفليسة والسماسرة، والأساتذة والمعلمين بشرط أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل مهنتهم وعما تكبدوه من مصاريف "
المادة 742 قانون البحري الجزائري "مع التحفظات لأحكام المادتين 743 و 744 المذكورتين أدناه ، تتقادم الدعاوى الناتجة من عقد النقل البحري بمرور سنتين من يوم تسليم البضاعة أو اليوم الذى كان يجب أن تسلم فيه ".
يلاحظ أن التعداد الوارد في المادة المادة 310 ق م جاء على سبيل الحصر لا المثال، وحقوق هذه الفئات تتقادم بمضي مدة قصيرة وهي 2 سنتين وذلك بشرط أن يطالب هؤلاء بحقوقهم فور إنجاز ما أدوه من عمل، وفضلا عن ذلك فإنه من الإرهاق إجبار المدين على الوفاء بديون مضت عليها هذه المدة الطويلة.
فما يمكن استنتاجه من خلال نص المادة السالفة الذكر أن مدة التقادم المسقط لدى فئة المهنيين المذكورين فيه هي سنتين، ولا تسري إلا إذا توف شرطين :
أ- الشرط الأول : أن يكون الحق واجبا لأحد أصحاب المهن المذكورين أعلاه فإذا تعلق الأمر بحق واجب لغير أصحاب هذه الحرف، فإن مدة التقادم السارية هي خمسة عشر سنة.
ب - الشرط الثاني : أن يكون الدين المستحق لفائدتهم جزاء لما أدوه من عمل تقضيه وما تكبدوه من مصاريف لأداء هذا العمل، وأساس قصر هذه المدة هو قرينة الوفاء.
- من خلال نص هذه المادة يستخلص أن كل ديون هؤلاء تتقادم بمضي سنتين من تاريخ إنهاء العمل الموكل اليهم، وهذا التقادم القصير مبناه أن عادة هؤلاء استيفاء حقوقهم فور إنهاء العمل المطلوب منهم، ثم ان تلك الأعمال تعتبر مصدر رزقهم، وبالتالي فإن تقادم حقوقهم أساسه قرينة الوفاء، خاصة وأن الغالب أن لا يحرر سند عن تلك الحقوق. أما لو حرر سند عن ذلك فإن التقادم ينقلب إلى خمسة عشر سنة وفق ما تقضي به المادة 313 فقرة 2 ق م.
- اما بالنسبة للقانون البحري فتتقادم الدعاوي الناتجة عن النقل البحري بمرور سنتين 2 من يوم تسليم او المفترض لتسليم البضاعة فيه.
المبحث الرابع : التقادم الرباعي
تنص المادة 313 ق م على أنه : " تتقادم بأربع سنوات الضرائب و الرسوم المستحقة للدولة ويبدأ سريان التقادم ولا الرسوم السنوية من نهاية السنة التي تستحق عنها وفي الرسوم المستحقة عن الأوراق القضائية من تاريخ انتهاء المرافعة في الدعوى أو من تاريخ تحريرها اذا لم تحصل مرافعة.
ويتقادم بأربع سنوات أيضا الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها.
ولا تخل الأحكام السابقة بأحكام النصوص الواردة فى القوانين الخاصة .
من خلال المادة السالفة الذكر يستخلص أن الحقوق التي تتقادم بأربع سنوات هي أساسا الضرائب و الرسوم المستحقة للدولة، يعتد بنفس المادة على من دفع الضريبة أو رسما غير مستحقا للدولة، أما بدء سريان هذا التقادم فهو من نهاية السنة التى استحقت عنها الضريبة أو الرسم أو من تاريخ دفعها ومتى وجبت تلك الضرائب عن أوراق قضائية فيبدأ تقادمها من تاريخ تحريرها، ومتى حررت لأجل مرافعة قضائية، فمن تاريخ انتهاء تلك المرافعة.
المطلب الاول : تعريف التقادم الرباعي :
هو التقادم الذي يتم باكتمال اربعة 4 سنوات
ومنه يقصد به
سقوط الحق بعد مضي اربعة سنوات من دون المطالبة به. كذلك الديون تسقط بموجب التقادم الرباعي أي بعد مرور اربعة سنوات.
المطلب الثاني : شرح مبدأ التقادم الرباعي :
من خلال المادة 311 ق م السالفة الذكر يستخلص أن الحقوق التي تتقادم بأربع سنوات هي أساسا الضرائب و الرسوم المستحقة للدولة،
يعتد بنفس المادة على من دفع الضريبة أو رسما غير مستحقا للدولة، أما بدء سريان هذا التقادم فهو من نهاية السنة التي استحقت عنها الضريبة أو الرسم أو من تاريخ دفعها ومتى وجبت تلك الضرائب عن أوراق قضائية فيبدأ تقادمها من تاريخ تحريرها، وإذا حررت لأجل إجراءات قضائية، فمن تاريخ انتهاء تلك الإجراءات.
وعليه يجب علي القابض الإدلاء بكل اجراء من اجراءات التحصيل والشروع فيه
و إلا فسوف يكون امد التقادم الرباعي المذكور متحقق و بنتيجة يجب
التصريح بسقوط حق الخزينة العامة في تحصيل هذه الضرائب.
وعليه تنقضي الديون المستحقة للغير، و تسقط بالتقادم، و تنقضي نهائيا لصالح الهيئات العمومية المدينة بها لأجل 04 سنوات، ابتداءا من اليوم الأول من السنة المالية التي أصبحت فيها تلك الديون مستحقة، حيث يعتبر هذا التقادم نوعا من الجزاء ضد الدائنين المتأخرين في المطالبة بحقوقهم ، وعلى المحاسب أن يتحقق من أن الديون المأمور بدفعها، لم يسقط اجلها بالتقادم، إلا انه هناك حالات لا يطبق فيها، كوجود مانع مبرر شرعا، مثل عديمي الأهلية ، الغائبين، والمحكوم عليهم بعقوبات جنائية، إذا لم يكن لهم نائب قانوني.
أما حالة الطعن القضائي فإنها توقف سريان السقوط الرباعي، إلى غاية صدور القرار القضائي النهائي المثبت لحق الدائن، و لا يقبل الطعن بعد انتهاء مدة التقادم ، فلا بد على المحاسبين أن يدرسوا الملفات، الديون المتقادمة وتقرير قبول ها للدفع أو رفضها وفقا للقانون وتحت مسؤوليتهم. المطلب الثالث : الاساس القانوني لتقادم الرباعي :
المادة 311 قانون مدني : تتقادم بأربع (4) سنوات الضرائب، والرسوم المستحقة للدولة ويبدأ سريان التقادم والرسوم السنوية من نهاية السنة التي تستحق عنها وفي الرسوم المستحقة عن الاوراق القضائية من تاريخ انتهاء المرافعة في الدعوى أو من تاريخ تحريرها إذا لم تحصل مرافعة.
ويتقادم بأربع (4) سنوات أيضا الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها.
ولا تخل الأحكام السابقة باحكام النصوص الواردة في القوانين الخاصة.
يجب توخي النصوص القانونية الآتية :
المادة 36 من قانون المحاسبة العمومية رقم 90-21 المؤرخ في 15-05-1990 والتي جاء ضمن فحواها :
" يجب على المحاسب العمومي قبل قبوله لأية نفقة أن يحقق مما يلي :
- أن الديون لم تسقط أجالها أو أنها محل معارضة .."
المادة 66 : لا يجوز التخلي عن الحقوق و الديون العمومية و عن كل تخفيض مجاني لهده الديون الا بمقتضى أحكام قوانين المالية أو قوانين تصدر في مجال الجباية و أملاك الدولة و الجباية البترولية .
و كل مخالفة لأحكام هده المادة تعرض صاحبها للعقوبـات المنصـوص عليهـا في المـادة 79 من قانون رقم 84-17 المؤرخ في 7 يوليو سنة 1984 و المتعلق بقوانين المالية , المعدل .
المـادة 67 : يترتب على الطعن الذي يقدمه المدينـون أمـام الجهة القضائيـة المختصة ضد البيان التنفيذي, توقيف التحصيل , غير أن الطعن لا يكون توقيفا اذا ما قدم ضد حكم بدفع باقي الحساب .
- المواد 36-66-67 تحيلنا إلى
القانون رقم 84-17 المتعلق بقوانين المالية في مادتيه 16 و 17 والذي بدوره يحيلنا الي :
التعليمة رقم 4119 المؤرخة في 30 ماي 1989 الصادرة عن مديرية المحاسبة حول التقادم الرباعي لاسيمى المادتين 16 و 17 من
قانون 84-17.
المادة 16 قانون 84-17 :
{ تسقط بالتقادم وتسدد نهائيا لفائدة المؤسسات العمومية المعنية،كل الديون المستحقة للغير من طرف الدولة أو الولاية أو البلدية أو مؤسسة عمومية مستفيدة من اعانات ميزانية التسيير ،عندما لم تدفع هذه الديون قانونا في
أجل أربع سنوات ابتداءا من اليوم الأول للسنة المالية،التي أصبحت فيه مستحقة وذلك مالم ينص قانون المالية صراحة على خلاف ذلك }.
المادة 17 قانون 84-17 :
{ لا تطبق أحكام المادة 16 أعلاه على الديون التي قد لايتم الأمر بصرفها ودفعها بفعل الإدارة في الآجال المشار إليها في تلك المادة.
كما لايمكن تطبيق هذه الأحكام في الحالات المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 316 من القانون المدني.
عند الإقتضاء وفي حالة رفع الطعن لدى هيئة قضائية،توقف آجال السقوط الرباعي من تاريخ رفع الطعن إلى تاريخ صدور القرار القضائي النهائي والمثبت لحق الدائن }.
- إستثنت المادة 17 من
القانون 84-17 الحالات المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 316 من القانون المدني وهما :
- لا يسري التقادم كلما وجد مانع مبرر شرعا يمنع الدائن من المطالبة بحقه كما لا يسري فيما بين الأصيل والنائب.
- ولا يسري التقادم الذي تنقضي مدته عن خمس سنوات في حق عديمي الأهلية والغائبين والمحكوم عليهم بعقوبات جنائية إذا لم يكن لهم نائب قانوني.
المبحث الخامس : التقادم الخمسي ( الخماسي ) :
وبمقتضاه يتقادم الحق بمضي خمسة سنوات، ويخضع لهذا النوع من التقادم الحقوق الآتية : الحقوق الدورية المتجددة، حقوق بعض أصحاب المهن الحرة والحقوق الناشئة من الأوراق التجارية، طبقا لنص المادة 309 ق م.
أ/ الحقوق الدورية المتجددة :
تنص المادة 309 فقرة 1 ق م على أنه : " يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين ، كأجرة المباني والديون المتأخرة والأجور والمعاشات.. "
يتضح من هذا النص أن المشرع وضع قاعدة للتقادم الخماسي وجعلها تنطبق على الحقوق الدورية المتجددة ،إلا أنه لم يحصر هذه الحقوق، بل ذكر أمثلة منها والذي يوضح هذا القول هو استخدام المشرع في صياغته نص العبارات التالية" كأجرة المباني، الديون المتأخرة" وبالتالي لا يمنع النص إدخال حقوق دورية أخرى غير المنصوص عليها في النص .
فما المقصود بصفة الدورية و المتجددة للحقوق؟
صفة الدورية : هو ذلك الحق الذي يستحق في مواعيد متتالية (كل أسبوع، كل شهر أوكل سنة) ويستوى أن يكون مصدر الدورية هو الاتفاق ( كالأجرة، الايجار، الفوائد الاتفاقية، أقساط الهاتف أو التأمين أو القانون، المعاشات والفوائد الاتفاقية(
المقصود بالتجديد : هو أن الحق يستحق كلما مضت فترة زمنية محددة وبصفة متكررة، دون أن يؤدي هذا إلى الإنقاص من قيمته طالما ظل مصدره قائما، ومثاله فوائد الديون فهي تستحق بصفة متكررة دون أن يمس هذا أصل الدين .
العلة من قصر تقادم هذه الحقوق إلى خمس سنوات ترجع إلى طبيعتها المتجددة فأجرة المباني مثلا هي مقابل الانتفاع بالعين المؤجرة وهي بطبيعتها دورية ومتجددة وتستحق في موعد دوري، ونفس الأمر بالنسبة إلى المعاشات والأجور فهي تتميز بطابع دوري لمدة غير معلومة فهي تتوقف على مدى حياة صاحبه وأن الأجور قوامها وحدة زمنية متكررة.
لقد حرص المشرع أيضا من وراء حصر هذه الحقوق إلى خمس سنوات إلى عدم تراكمها ما لم تستوفي في مواعيدها وخشية من إرهاق المدين في سدادها بعد ذلك.
يلاحظ أيضا من نص المادة 309 ق م أن المشرع أضاف فقرة أخرى والتي تنص على : " غير أنه لا يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيئ النية، ولا الريع الواجب أدائه على متصرف المال المشاع للمستحقين الا بانقضاء خمسة عشر سنة"
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشرع ذكر لنا نوعين لا يسقط فيهما التقادم إلا بانقضاء خمسة عشر سنة وهما :
-الريع المستحق في ذمة الحائز سيئ النية : إذا حاز شخص بنية تملكه ر: علمه الأكيد بأنه ليس له الحق في تملكه، يعتبر سيئ النية في الحيازة .
ولقد خصص المشرع لهذا النوع من الأشخاص تقادم طويل يدوم خمسة عشر سنة والهدف من ذلك عدم تشجيعهم في الاستمرار في ممارسة أعمال الغصب والحيلة على ملك الغير.
- الريع الواجب أدائه على متصرف المال الشائع للمستحقين: فهذه كذلك لا تسقط بخمس سنوات، وانما تتقادم وفقا للقاعدة العامة والت تحدد بخمسة عشر سنة.
يرجع السبب في استبعاد هذه الديون إلى أنها ليست دورية ولا متجددة ومن ثم لا يصح أن يسري عليها حكم التقادم الخماسي بحسب الأصل، فلما كان مصدر الدين في كلتا الحالتين هو العمل غير المشروع ، فقد كان مقتضى ذلك أن تطبق المادة 133 ق م و التي تنص على أنه " تسقط دعوى التعويض بانقضاء خمسة عشر سنة من يوم وقوع الفعل الضار "
وعلى ذلك تنص المادة 309 فقرة 2 على أنه لا يسقط الريع في كلتا الحالتين إلا بانقضاء خمسة عشر سنة ، وذلك رجوعا إلى القاعدة العامة في التقادم المسقط.
ب/ حقوق بعض أصحاب المهن الحرة :
تنص المادة 310 قانون المدني الجزائري علي أنه : " تتقادم بسنتين حقوق الاطباء، والصيادلة، والمحامين، والمهندسين والخبراء، ووكلاء التـفليسة، والسماسرة، والاساتذة، والمعلمين بشرط أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل مهنتهم وعما تكبدوه من مصاريف "
تسقط حقوق المهن الحرة كالمحامين و الصيادلة و السماسرة و المهندسين بمرور 2 سنتين من تاريخ تقديم الخدمة أي تسقط وتتقادم حقوق أصحاب المهن الحرة التي سبق ذكرها بمرور سنتين.
و تنص المادة 376 قانون مدني مصري على أنه: " تتقادم بخمس سنوات حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين، على أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل مهنتهم و عما تكبدوه من مصاريف قصد المشرع في هذا النص إلى تحديد أصحاب المهن الحرة التي تتقادم حقوقها بمضي خمس سنوات ولهذا، فإن غيرهم يرجع فيه إلى الأصل وتكون مدة التقادم خمسة عشر سنة.
أساس هذا التقادم هو قرينة الوفاء، لذا لا يجوز للمدين التمسك بهذا التقادم إذا أتى بعمل يتنافى وهذه القرينة.
المطلب الأول : تعريف و اساس التقادم الخمسي :
الفرع الأول : تعريف التقادم الخمسي :
بشكل عام هو مضي مدة معينة من الزمن على حق قائم لم يتم المطالبة به سواء كان هذا الحق مصدره المجتمع أو الفرد أو الدولة.
- يقصد بتقادم ايضا مضي فترة معينة من الزمن على وضع أحدهم يده على حق دون أن يعرف له مالكاً، أو مضي تلك الفترة على سكوت أحدهم عن المطالبة بحقه فيمن وضع يده عليه في تلك الفترة الزمنية .
هو التقادم الذي يتم باكتمال خمس 5 سنوات.
ومنه يقصد به
سقوط الحق بعد مضي خمس سنوات عليه.
الفرع الثاني : أساس التقادم و التقادم الخماسي (الخمسي) :
أ - أساس التقادم :
يقوم التقادم على أساس دعم استقرار التعامل وبالتالي النظام العام إذ لا يعقل أن يظل الناس يطالب بعضهم بعضا إلى ما لا نهاية ، كما يؤسس التقادم أيضا على قرينة الوفاء ، أي أن مرور فترة التقادم على ديون معينة يفيد أن أصحابها استوفوها وٌد يقوم التقادم أحيانا على اعتبار آخر هو أن المدين يدفع دينه من ريعه لا من رأسماله ، خاصة في الديون الدورية المتجددة ، وتراكم مبالغ الديون على المدين مما يرهقه بحيث يضطره إلى دفع المستحقات من رأسماله لا من ريعه ، لذلك قرر المشرع مدد التقادم قصيرة بشأنها 3.إذن بشكل عام الحكمة من التقادم هي استقرار المراكز القانونية.
التقادم المسقط :
يكون من جانب مالك العين التي وضعت اليد عليها ومرت المدة المحددة في القانون دون أن يطالب بالعين التي يملكها فهذه المدة تسقط حقه فيها بعد مرور هذه المدة القانونية.
ب - أساس التقادم بخمس سنوات :
أساس التقادم الخمسي أن المدين فيها عادة ما يدفعها مما يتقاضاه ،وتراكم تلك الديون عليه لمدة تزيد عن خمس سنوات يؤدي إلى إرهاقه بحيث يضطره ذلك إلى أدائها من رأسماله ،ثم إن هذا التقادم لا يبني على قرينة إن مضي المدة يفيد أدائها من المدين ذلك أن المشرع أبقى مدة التقادم على حالها حتى ولو أقر بها المدين.
ج - الأساس القانوني للتقادم الخمسي : مثال المادتين :
المادة 309 فقرة 1 قانون مدني { يتقادم بخمس (5) سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين كأجرة المباني، والديون المتأخرة، والمرتبات والاجور، والمعاشات}.
المادة 777 قانون تجاري { تتقادم كل الدعاوى ضد الشركاء غير المصفين أو ورثتهم أو ذوي حقوقهم بمرور خمس سنوات اعتبارا من نشر انحلال الشركة بالسجل التجاري}.
المطلب الثاني : التقادم بخمس سنوات في القانون المدني :
تتقادم بمدة 5 سنوات كل الحقوق التي تتميز بصفتي الدورية والتجدد وهو ما نصت عليه المادة 309 فقرة 1 : يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين كأجرة المباني ،والديون المتأخرة ،والمرتبات والأجور ، والمعاشات. فما معنى الصفة الدورية والمتجددة للحقوق.
أ- صفة الدورية :
الحق الدوري هو الحق الذي يستحق في مواعيد متتالية(كل أسبوع ،كل شهر، كل سنة) يستوي أن يكون مصدر الدورية هو الاتفاق (الأجرة ، الإيجار ، الفوائد الاتفاقية ، أقساط الهاتف ، أقساط الـتأمين ) أو القانون (المعاشات ، الفوائد القانونية)
ب - صفة التجدد :
يكون الحق متجددا ً إذا كان ما يؤدى منه لا ينقص من أصله هو الحق الذي يستحق في مواعيد متتالية كل أسبوع ،كل شهر، كل سنة)
المطلب الثالث : التقادم بخمس سنوات في القانون التجاري :
أ- شروط أعمال التقادم الخمسي في القانون التجاري :
يشترط لأعمال التقادم الخمسي طبقا لأحكام المادة 777 من القانون التجاري الجزائري عدة شروط وهي:
1- أن تكون الشركة المنحلة شركة تجارية.
2- أن تكون الشركة التجارية قد تم انقضائها وانحلت. أما إذا كانت الشركة باقية، فإن مسؤولية الشركاء عن ديونها تظل قائمة.
3- أن يتم شهر الشركة المنقضية بالطرق المقررة قانونا وفي جميع الحالات التي يكون فيها الشهر واجبا.
4- إذا نشأ الدين أو إستحق بها. حل الشركة، فلا يبدأ التقادم الخمسي في هذه الحالة إلا من تاريخ نشأة الدين أو استحقاقه لا من تاريخ حل الشركة (إذن لا يتقادم الحق قبل وجوده واستحقاقه( .
5- لا يسري التقادم الخمسي على دعاوى الشركاء فيما بينهم أو على دعاوى الغير علي المصفى بصفته هذه ولو كان من الشركاء.
ب - بدء سريان التقادم الخماسي وانقطاعه :
طبقا لأحكام المادة 777 تحاري يسري التقادم الخمسي اعتبارا من تاريخ نشر انحلال الشركة بالسجل التجاري ولا يخضع هذا التقادم للقواعد العامة في التقادم المسقط.
الحقوق الناشبة عن الاوراق التجارية :
أساس هذه الحقوق هو افتراض الوفاء، لذا لا يجوز للمدين التمسك به اذا أثار دفعا يتعارض وقرينة الوفاء. هذا التقادم لا يقبل الوقف غير أنه يقبل الانقطاع، وفي هذه الحالة يسري تقادم جديد من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع.
ومدة التقادم الجديدة هي خمس سنوات كذلك، إلا إذا صدر حكم بالدين وحاز قوة الشيء المحكوم فيه، إلا إذا اعترف المدين بالدين بسند منفرد، إذ ينقضي الدين القديم وينشأ دين جديد، بشرط أن يكون التجديد لاحقا لاستحقاق الورقة التجارية. وفي هاتين الحالتين لا يسقط الدين إلا بخمس عشرة سنة.
لما كان مبنى هذا التقادم هو قرينة الوفاء فقد تطلب المشرع في المادة 194 ق ت أن يؤدي المدين الذي يتمسك بهذا التقادم يمينا على براءة ذمته من الدين، واذا توفى المدين كان على ورثته، إذا تمسكوا بالتقادم، أن يحلفوا يمينا على أنهم يعتقدون حقيقة أنه لم يبق شيء مستحق من الدين، وتوجيه هذه اليمين متروك إلى الدائن وحده، فلا يجوز للقاضي أن يوجهها من تلقاء نفسه، لأنها تعتبر يمينا حاسمة
المبحث السادس : التقادم العشري : المادة 142 ق م { تسقط دعوى التعويض عن الاثراء بلا سبب بانقضاء عشر(10) سنوات من اليوم الذي يعلم فيهمن لحقته الخسارة بحقه في التعويض، وتسقط الدعوى في جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق}.
المادة 828 ق م { إذا وقعت الحيازة على عقار أو على حق عيني عقاري وكانت مقترنة بحسن النية ومستندة في الوقت نفسه إلى سند صحيح فإن مدة التقادم المكسب تكون عشر(10) سنوات.
ولا يشترط توافر حسن النية الا وقت تلقي الحق.
والسند الصحيح هو تصرف يصدر عن شخص لا يكون مالكا للشيء أو صاحبا للحق المراد كسبه بالتقادم.
ويجب إشهار السند}.
1-الاثراء بلاسبب :
المقصود به هو الاختلال بين ذمتين ماليتين فكل شخص ولو غير مميز يثري بدون سبب مشروع على حساب شخص آخر يلزم في حدود ما أثري به بتعويض هذا الشخص عما لحقته من خسارة
يلاحظ أن المشرع الجزائري اشترط أن يكون الإثراء قائما وقت رفع الدعوى وأن يكون المستفيد حسن النية فإذا كان سيء النية كنا بصدد العمل غير المشروع-المسؤولية التقصيرية.
أركان الإثراء :
-أن يوجد إثراء في جانب المدعى عليه حسن النية.
-أن يوجد افتقار في جانب المدعي ترتب عليه ذلك الإثراء.
- ألا يكون ثمة سبب قانوني لذلك الإثراء.
سقوط دعوى التعويض عن الاثراء بلا سبب :
تسقط دعوى التعويض عن الاثراء بلا سبب بانقضاء عشر سنوات (10) من اليوم الذي يعلم فيه من لحقته الخسارة بحقه في التعويض .
و تسقط الدعوى في جميع الاحوال بانقضاء خمسة عشر (15) سنة من اليوم الذي ينشا فيه هذا الحق
2- اكتساب العقار :
اشترط المشرع الجزائري لاكتساب الملكية العقارية بالتقادم العشري (التقادم القصير ( توافر شرطين هما حسن النية و السئد الصحيح ، فبمجرد توافر الحيازة لهذين الشرطين يمكنه اكتساب ملكية العقار بمضي المدة القصيرة ( و هي عشر سنوات(
كما نصت على ذلك المادة 828 مدني جزائري ، و لقد عرفت المادة السابقة السئد الصحيح و هو على غير العادة بالرغم من أن بعض التعريفات تترك للفقه.
أولا : مبدأ حسن النية :
هي فكرة اخلاقية تتجسد في اتجاه الإرادة إلى عدم الإضرار بالغير
وعليه هذا المبدأ يعتر قاعدة أخلاقية تحولت إلى قاعدة قانونية يؤدي إعمالها إلى قيام توازن عقدي، يعود ظهور هذا المبدأ لعصور قديمة منها القانون الروماني، فاعتبر مصدرا من مصادر القاعدة القانونية في هذه الفترة وبموجيه كان يتدخل القاضي لفرض التزامات التعاقدية علي طرفي العقد.
ولقد نصت الكثير من القوانين الوضعية بما فيها القانون الجزائري على مبدأ حسن النية، فحرمت كل فعل أو ترك يتعارض مع حسن النية ومقتضياته المشرع ألزم المتعاقدين بمراعاة حس النية والالتزام بمقتضياته، سواه في المرحلة السابقة على التعاقد وفي مرحلة التنفيذ، وألزم القاضي حل خلافات المتعاقدين أو الأطراف على ضوء ما تمليه القوة الملزمة للعقد وحسن النية.
أمثالة تطبيقية :
إن مبدأ حسن النية ينبغي أن يسود في كافة العقود وقد أشار إلى ذلك معظم التشريعات المعاصرة منها للشرع الجزائري في المادة 107 من القانون المدني، إلا أن هناك عقود يبرز فيها هذا المبدأ بصفة واضحة اعتبرها الفقه من عقود حسن النية مثال :
1- حسن النية في عقد التأمين :
يعتبر عقد التأمين من العقود المبنية عل حسن النية وهذا الأخير يلعب دورا كبيرا في انعقاد عقد التأمين وتنفيذه لذا يجب على المؤمن له أن يقدم الدائن من بيانات حقيقية عن الخطر المؤمن له وكل كتمان في هذ الشأن يبطل العقد كما يلزم المؤمن له بأن يتخذ كل الاحتياطات المناسبة لمنع تحقيق الخطر لأن للمؤمن لا يكون له أي دراية عن الخطر للمؤمن منه إلا من خلال المعلومات التي يعلمها من المؤمن له ذا تجد كثيرا من الشراح درجوا على وصف التأمين بأنه من عقود حسن النية.
2- مبدأ حسن النية في عقد الاستهلاك :
يعتبر مبدأ حسن النية آلية فعالة وعامة يمكن إعمالها في العقد لمتح بعض الحماية للمعاقد الضعيف ولخلق نوع من التوازن العقدي إلا أن هذا المبدأ يلعب دورا كبيرا في عقد الاستهلاك سواء في مرحلة انعقاده أو تنفيذه كون أن عقد الاستهلاك يتميز عن سائر العقود الأخرى باعتباره من عقود الإذعان.
إستنتاج :
يشمل مبدأ حسن النية كافة المراحل التي يمر بها العقد، فهو يعرف في مرحلة التفاوض على العقد بمبدأ حسن النية قبل التعاقد، ويعرف أثناء مرحلة تنفيذ العقد بمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود. حسن النية يقتضي تحلي المتعاقد بالنزاهة من جهة وإبداء قدر من المرونة من جهة أخرى، وذلك لتسهيل العقد، فيجب على كل طرف أن ينفذ التزاماته الملقاة على عاتقه وفقا لمضمون العقد،
مع مراعاة حسن النية ومنع القانون كل متعاقد يكون متعسفا في استعمال حقه في المجال التعاقدي .
إذا كان المتعاقد ملزما بتنفيذ العقد حسب ما اتفق عليه مع المتعاقد الآخر، فانه يجب عليه أن يكون وفقا لحسن النية، الذي يعد في القانون المعاصر قاعدة عامة تشمل جميع العقود.
وانطلاقا مما تقدم :
- إن مبدأ حسن النية كان التزام أخلاقي وأصبح قاعدة قانونية تعترف بها اغلب التشريعات المعاصرة لما له من أهمية في العقود.
-إن مبدأ حسن النية يرتب التزامات على المتعاقد في مرحلة المفاوضات لم ينص عليه صراحة في النصوص القانونية الجزائرية.
- إن مبدأ حسن النية هو الدافع الأساسي لإنجاح المفاوضات والتوصل إلى العقد النهائي.
- أن الالتزامات التي تبثق عن مبدأ حسن النية هي على سبيل المثال لا الحصر.
- يقتضي حسن النية في العقود التزام بالأمانة والتعاون والبعد عن الغش والخداع.
- أن حسن النية هي مفترضة لذا الشخص وان إنباتها يكون بإثبات نقيضها إلا وهو سوء النية، ويكون إثبات حسن النية وسوئها لكافة طرق الإثبات.
- أن المشرع أعطي السلطة للقاضي للتدخل لفرض هذا المبدأ علي الأطراف المتعاقدة في العقد وله السلطة التقديرية في ذلك، ومن ثم لا يخضع حكم القاضي لرقابة المحكمة العليا ما دام كان حكمه صائبا.
- أن هناك بعض العقود التي يطغى عليها مبدأ حن النية لما له من دور مهم في حماية الطرف المذعن (التامين)، وحماية الطرف الضعيف من الشروط التعسفية.
ثانيا : السند الصحيح :
عرف المشرع الجزائري السئد الصحيح بموجب الفقرة 3 من المادة 828 قانون مدني بأنه : (والسند الصحيح هو تصرف يصدر عن شخص لا يكون مالكا للشيء أو صاحبا للحق المراد كسبه بالتقادم ويجب إشهار السند) .
السند الصحيح وفق القانون المدني الجزائري لا يقصد به في هذا النص الكتابة المثبتة للتصرف القانوني الصادر إلى الحائز ، بل المقصود هو التصرف نفسه الصادر إلى الحائز الذي تستند إليه الحيازة، كالبيع الذي بموجبه اشترى الحائز العقار محل الحيازة.
شروط السند الصحيح :
أولا : أن يكون السند الصحيح تصرفا قانونيا صادرا إلى الحائز :
يشترط القانون أن يستند الحائز إلى حيازته إلى عمل أو تصرف قانوني و هو أعمال أو تصرفات الإرادة المحضة التي تتجه إلى إحداث أثر قانوني ، أو هي اتجاه الإرادة إلى إنشاء حق ،نقله أو تعديله و هذا يعني أن الآثار الناجمة عن تلك الأعمال لا تقع بقوة القانون بل بسلطان الإرادة.
و هذا الشرط هو الذي يجعل الحيازة صحيحة و غير مشوبة بشبهة الغصب في نظر الحائز و اعتقاده.
ثانيا : أن يكون السند الصحيح ناقلا للملكية أو الحق العيني محل الحيازة :
كما أوضحنا سالفا بأن يكون السبب الصحيح تصرفا قانونيا، و هذا التصرف يجب أن يكون ناقلا للملكية أو الحق العيني بطبيعته، كعقد البيع ( المادة 315 مدني جزائري ) الذي هو أكثر شيوعا و تداولا في الحياة العملية، و عقد المقايضة ( المادة 413 مدني جزائري )، و الذي يعد تصرفا قانونيا ناقلا للملكية كمقايضة شخص، ما منزلا يملكه بماشية اي عقار معبر، بالذات ، و عقد الهبة (المادة 205 و 206 من قانون الأسرة الجزائري) و الوصية ( المادة 184 من قانون الأسرة الجزائري ).
ثالثا : يجب أن يكون التصرف القانوني صادرا من غير المالك أو صاحب الحق العيني :
وهذا هو العيب الذي يقوم على أساسه السند الصحيح، لأنه لو صدر من المالك لكسب المتصرف إليه دون حاجة إلى الاستناد إلى حيازة أو تقادم ، و لا يمكن اعتبار التصرف القانوني سندا صحيحا إلا إذا كان صادرا من غير مالك الحق، و لا يهم بعد ذلك أن يكون المتصرف غير مالك أصلا، أو أنه كان مالكا ثم زالت ملكته بأثر رجعي كما لو أبطل سنده أو فسخ .
رابعا : يجب أن يكون التصرف القانوني سندا حقيقيا موجودا :
يشترط في السند الصحيح بأن يكون له وجود قانوني، فالسئد الصحيح عمل قانوني صالح بذاته لنقل الملكية و لا يعيبه سوى كونه صادر من غير مالك، و فيما عدا ذلك يلزم أن يتوافر فيه ما يلزم توافره في التصرف القانوني الناقل للملكية، و عليه فان العقد الصوري لا يجوز الاستناد إليه باعتباره سندا صحيحا.
فإذا ما كان ظاهرا العقد ناقلا للملكية و حقيقته غير ذلك ، كما لو باع في الواقع فان المشتري بالعقد الصوري لا يستطيع أن يتمسك بالتقادم القصير لانتفاء السند الصحيح.
و كذلك لا يعد سندا صحيحا التصرف المزور إذ لا وجود له أصلا.
و كذلك لا يعد العقد الباطل بطلانا مطلقا سندا صحيحا، لانعدام أهلية التعاقد، أو لعدم مشروعية مل العقد أو سببه أو لعيب في الشكل كعدم الكتابة مثلا بالنسبة للتصرفات المتعلقة بحقوق عينية عقارية ، كونه مثل هذا العقد لا جود له في نظر القانون ، و لا يمكن أن يترتب عليه نقل الملكية أو الحق العيني حتى لو كان صادرا من المالك.
خامسا : يجب أن يكون السند الصحيح مشهرا :
لقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 828 : (والسئد الصحيح هو تصرف يصدر عن شخص لا يكون مالكا للشيء أو صاحبا للحق المراد كسبه بالتقادم. ويجب إشهار السند (.
و بالتالي نستخلص من هذه المادة أن العقد غير المشهر لا يصح أن يكون سندا صحيحا، لأنه لا يؤدي إلى نقل الملكية باعتبار أن المشرع الجزائري اشترط الشهر لنقلها.
فالمراد بالسند الصحيح هو السند الذي يؤدي إلى نقل الملكية و الذي كان ينقلها فعلا لو أن ناقل الملكية كان مالكا للشيء قد نصت المادة 793 ق م على أنه : (لا تنقل الملكية أو لحقوق العينية الأخرى في العقار سواء كان ذلك بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا روعيت الإجراءات التي ينص عليها القانون وبالأخص القوانين التي تدير مصلحة شهر العقار.(
و تنص كذلك المادة 15 من الأمر 75-74 المؤرخ في : 12-11-1975 و المنظم للشهر العقاري77 على : (كل حق للملكية و كل حق عيني آخر يتعلق بعقار لا وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ يوم إشهارهما في مجموعة البطاقات العقارية، غير أن نقل الملكية عن طريق الوفاة يسري مفعوله من يوم وفاة أصحاب الحقوق العينية(
تنص المادة 16 من نفس الأمر على : ( أن العقود الإرادية و الاتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تصريح أو تعديل أو انقضاء حق عيني، لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلا من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العقارية(
و يتضح من النصين المذكورين أعلاه أن المشرع الجزائري قد اشترط القيام بإجراءات الشهر العقاري في العقد الناقل للملكية العقارية، و إلا فلا أثر له فيما بين المتعاقدين و لا بالنسبة للغير إلا من يوم شهره.
الفصل الثاني التقادم المكسب للملكية العقارية
الحيازة المؤهلة لكسب الحق بالتقادم
الشروط الخاصة بالتقادم المكسب
توافر حسن النية لاكتساب الملكية بالتقادم
المبحث الأول : تعريف وانواع التقادم المكسب
مطلب الأول : تعريف التقادم المكسب
التقادم المكسب وسيلة يكسب بها الحائز ملكية العقار أو الحق العيني عليه اذا استمرت حيازته مدة معينة و يتمسك بكسب هذا الحق.
و هو نظام يقوم على اعتبارات تتصل بالصالح العام و تهدف إلى استقرار التعامل حيث ورد في المذكرة الايضاحية للقانون المدني الفرنسي أنه " من بين القواعد المنصوص عليها في القانون المدني الأكثر ضرورة للنظام الاجتماعي .
و ينحصر مجال التقادم المكسب في الحقوق العينية التي يجوز حيازتها على غرار التقادم المسقط الذي يتسع مجاله ليشمل جميع الحقوق المالية.
المشرع الجزائري حدد من خلال المواد 827 - 828 - 829 من القانون المدني ثلاثة أنواع للتقادم المكسب تقادم طويل تقادم قصير و تقادم الحقوق الميراثية و كل نوع من أنواع التقادم يرد على حق معين فالتقادم الطويل يؤدي إلى كسب الحق العيني العقار وحدها و على رأسها حق الملكية اذا استمرت حيازة هذا الحق مدة 15 سنة طبقا للمادة 827 من ق.م.ج أما التقادم القصير يؤدي إلى كسب الحق العين فقّط من استمرت حيازات مدة 10 سنوات بشرط أن يكون الحائز له حسن النية و مسنئدا فى حيازته إلى سبب صحيح طبقًا لنص المادة 828 ق م.ج و امن دون انقطاع أو وقت التقادم المكسب هو وسيلة لانقضاء حق سكت عنه صاحبه عند اقتضاءه أو استعماله مدة معينة 7 وايرى الدكتور السنهورى أن التقادم المسقط يقضى الحقوق الشخصية و الحقوق العينية ما عدا حق الملكية إذا لم يستعمل صاحب الحق حقه مده معينة و منه فالتقادم المسقط يعني وسيلة للتخلص من الالتزام بمجرد مرور مدة فهو واقعة سليمة * شمل في سكوت صاحب الحق طوال المدة القانونية المحددة للتقادم .
المطلب الثاني : التقادم الطويل و التقادم المكسب العشري :
النوع الأول : التقادم الطويل :
يسري على العقار المنقول و به يكون للحائز أن يكسب الملكية أو حق العيني محل الحيازة اذا استمرت حيازته 15 سنة و هو التقادم الذي نصت عليه م 827 ق م ج.
النوع الثاني : التقادم المكسب العشري :
لا يسري إلا على العقار فقط و به يكون للحائز أن يكسب الملكية أو الحق العينى محل الحيازة إذا استمرت حيازته 10 سنوات و كانت مقترئنة بحسن النية و مسندة إلى سيب صحيح.
و عليه تنقسم شروط التقادم المكسب إلى طائفتين : شرط الحيازة و شرط استمرار الحيازة مدة معينة.
المبحث الثاني : شروط التقادم المكسب
المطلب الاول : شرط الحيازة :
يجب لإكتساب الحق العيئي بالتقادم المكسب أيا كانت مدته أن توجد حيازة قانونية صحيحة مستوفية لعنصريها المادى و المعنوى » و أن تصدر مباشرة من الحائز أعمال مادية ولحسابه و عليه إذا كانت الحيازة العرضية فلا تكون مؤهلة لاكتساب الحق بالتقادم إلا اذا تغيرت صفة حيازته من عرضية إلى أصلية و دلت بفعل الغير أو بفعل من يعارض به حق المالك. و ما يقال عن الحيازة العرضية يقال عن الحيازة القائمة على عمل من أعمال التسامح أو الإباحة فهذه الأخيرة تتوقف على طلب المالك و مهما طالت مدة استعمال الغير للحق المتسامح فيه فإنه لا يجوز كسبه بالتقادم مهما طالت مده استعمال الغير للحق المتسامح فيه.
المطلب الثاني : شروط استمرار الحيازة مدة معينة :
إن الحيازة المؤهلة لكسب الحق بالتقادم يجب أن تستمر فترة من الزمن يقدرها الشرع حتى يتيح للمالك الحقيقي الكافي للاعتراض على هذه الحيازة و استرداد العقار من الحائز و ذلك معناه أن التقادم يحتج به على مالك لم يطالب بحقه وقتا يقدره المشرع و يعد كافيا لتفضيل الحائز عليه من بعله.
و تختلف حسب نوع التقادم ما إذا كان تقادما قصيرا أو طويلا.
و القاعدة العامة أن مدة التقادم المكسب هي 15 سنة و هي المدة الطويلة في التقادم الطويل و ذلك طبقا للمادة 827 من القانون المدني الجزائري و إسنادا تكون 10 سنوات في التقادم المكسب القصير, المادة 828 من نفس القانون و تبين من نص المادة 829 كذلك أن هناك نوع ثالث من التقادم مدته 33 سنة في الحقوق الميراثية بقولها :
"لا يكتسب بالتقادم جميع الأحوال الحقوق الميراثية إلا إذا دامت الحيازة ثلاثا و ثلاثين سنة ” و بالتالي الوارث الحائز للحق العيني لأحد شركاءه في الميراث على الشيوع فإنه يمتلكه إذا دامت حيازته له 33 سنة و بقي الوريث صاحب الحق ساكتا طيلة هذه المدة و لم يطالب بحقه في الميراث.
وقضت المحكمة العليا أن تقادم حقوق الارث الوارد في النص المادة هو تقادم مكسب و على الوارث الذي يطالب بحقه في الإرث طيلة 33 سنة اثبات دوام حيازته.
إلا أن الحيازة بسوء النية لا تمنع من اكتساب الحق بالتقادم الطويل لأنه شرط مقصور على التقادم المكسب القصير و يجب فضلا عن ذلك أن تكون الحيازة خالية من العيوب لأن الحيازة المعيبة لا تؤدي إلى التملك بالتقادم هذا ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة 802 الفقرة الثانية من القانون المدني و هو ما جاء في المادة الأولى من المرسوم رقم 352/83 على أنه :
كل شخص يحوز في تراب البلديات ... حيازة مستمرة غير منقطعة و لا متنازع عليها و علانية وليست مشوبة بلبس . يمكنه أن يطلب من الموثق المسؤول عن مكتب التوثيق المختص اقليميا اعداد عقد شهرة يتضمن الاعتراف بالملكية.
باستقرار هذا النص نجد أن المشرع حاول أن يضبط الشروط الواجب توفرها في الحيازة التي تمكن صاحبها من اللجوء إلى الموثق المطالبة بإعداد عقد شهرة يتضمن الاعتراف بالملكية على أساس التقادم المكسب.
و عليه فإن ما يشترطه القانون في الحيازة يعد من الوقائع المادية التي يجوز اثباتها بكافة الطرق مكا قرر المجلس الأعلى سابقًا أنه لا يجوز اثبات الحيازة بجميع الوسائل بما في ذلك الإقرار و اليمين لان الحيازة واقعة مادية.
و هو الأمر الذي انتهت اليه المحكمة العليا مضيفة أن الحيازة من مسائل الواقع التي لا تخضع لوقاية المحكمة العليا.
وهو ما يوافق قرار محكمة النقض الفرنسية و محكمة النقض المصرية و الذى جاء فيه :
للمحكمة أن تعتمد في ثبوت الحيازة على تقارير الخبراء و لو كانت مقدمة في دعوى أخرى تأخذ ضمن الفرائض المستفادة من الأوراق بما تطمئن اليه من أدلة الشهود .... و أن تستند إلى ما تقض به في دعوى أخرى."
وقد يتعذر على الحائز أحيانا أن تثبت ممارسة الحيازة الكافية التي تمكنه من تملك العقار بالتقادم المكسب.
و لأجل ذلك و مراعاة لمتطلبات التنمية الفلاحية و البناء عمل المشرع الجزائري إلى تقليص مدة الحيازة إلى سنة واحدة تطبيقًا للمادة 23 من المرسوم التنفيذي رقم 254/91 المتضمن انشاء شهادة الحيازة على أن المدة المنصوص عليها في القانون المدني و باقي القوانين الأخرى تعد من النظام العام لا يجوز الاتفاق على تعديلها بإطالتها أو تقصيرها .
إلا أن المشرع ينص على الملكية عن طريق الحيازة لإثبات المدة حينما افترض قيام قرينة عدم انقطاع الحيازة. اذ يكفى على الحائز أن يثبت أنه حائز فى الوقت الحالى و أنه حاز فى الوقت سابق ليفترض فيه أنه حاز فى الفترة ما بين الزمنين و على المدعى عليه اثبات عكس ذلك.
كما يجوز لمدعي الملكية في اثباته للمدة أن يضم إلى حيازته مدة حيازة سلفه ففي المقام عليه اثبات بداية حيازة سلفه و كذا حيازته الحالية فتقوم لفائدة قرينة على تواصل مدة الحيازة فيه هذا ما قضت به محكمة النقض المصرية أن :
ادعاء الخلف الخاص الملكية بالتقادم طويل المدة بضم حيازة سلفه يقتضى انتقال الحيازة إلى الخلف على نحو يمكنه معه من السيطرة الفعلية على العقار ... و يستوى في ذلك أن يكون عليها في وضع يد مدعي الملكية أو في وضع يد سلفه أو بالإشراك بينهما".
لكن متى تنتقل الملكية إلى الحائز ؟ هل من وقت بذئ التقادم أو وقت اكتساب لمدته؟
تنتقل الملكية بأثر رجعي أي يكتسب الحائز الملكية من يوم وضع اليد على العقار و المحكمة من ذلك حماية لحقوق الغير الذي يتعامل مع الحائز و حفاظا على الأوضاع الظاهرة “و هو ما انتهى إليه القضاء المصرى » حينما اعتبر الملكية تتتقل إلى الحائز بأثر رجعى من وقت بدىئ الحيازة فيعتير مالكا طوال مدة التقادم .
إلا أن الحائز الذي وضع يده على عقار في ظل سريان القانون القديم تكون حيازته تطبيقا للمادة 2262 من القانون المدني الفرنسي.
لكن التعديل الذي مس القانون المدني الجزائري نص على استناد في الفقرتين 2 و 3 من المادة 07 مفاده أن العبرة بأقصر مدة للتقادم سواء بموجب الأحكام الجديدة أو ما يقضي من مدة التقادم القديمة حيث يلاحظ على هذا الاستثناء أن المشرع يعتني بمصلحة واضح ليد فيما يتعلق بمدة و استمرارية الحيازة تزداد حضضوه في اكتساب ملكية العقار فى مواجهة المالك الحقيقي.
نص المشرع الجزائري على حساب مدة التقادم المكسب , حيث بدأ حساب المدة من اليوم التالي لليوم الذي بدأت فيه الحيازة في مقابل ذلك للمالك انطلاقا من هذا الوقت أن يحمي حقه بدعوى الاستحقاق.
و بالتالي يتضح لنا حساب مدة التقادم يبدأ من اليوم التالي لليوم الذي بدأت فيه الحيازة و تحسب المدة بالأيام لا بالساعات . لذلك لا يدخل اليوم الأول في حساب التقادم لأنه يكون في أغلب الأحيان غير كامل و يدخل في حساب المدة ما يعوض أثناءها من المواسم و الأعياد و العطل.
و الحق العيني المحدد على شرط لا يبدأ سريان التقادم فيه إلا من وقت تحقيق الشرط و بالنسبة للحق العيني المفتون بأجل لا يبدأ سريان التقادم فيه إلا من وقت حلول الأجل لأن الحق العيني و ان كان موجودا من وقت صدور التصرف بأثر رجعي فإنه لا يكون نافذا إلا من وقت تحقيق الشرط و العبرة في سريان التقادم بنفاذ الحق لا بوجوده.
سواء كان التقادم المكسب طويل أم قصير أوجب المشرع شرط ممارسة الحيازة قانونية و صحيحة و شرط المدة المقرر قانونا حتى يعتد بطلب الحائز في الحصول على سند يعترف بملكيته , بناءا على الحيازة و التقادم المكسب .
المطلب الثالث : الشروط الخاصة بالتقادم المكسب القصير :
إن التقادم المكسب القصير من مهمته ايثار الحائز الذي يتوافر لديه السند الصحيح و حسن النية بالإضافة إلى الشروط المتطلبة في التقادم المكسب الطويل و التي سبق أن تعرضا لها فيما سبق التقادم القصير هو تقادم خاص بالعقارات و الحقوق العينية العقارية.
و قد نص المشرع الجزائري في المادة 828 على أن مدة التقادم المكسب القصير هي 10 سنوات و تسري عليها قواعد التقادم المكسب الطويل من حيث وقوعه و الميادين التي يمكن أن تسري عليها و التمسك به أمام القضاء.
والتقادم المكسب القصير يخص العقارات دون المنقولات و المشرع الجزائري استثنى منها حقوق الارتفاق الظاهرة فهي تكتسب بالتقادم المكسب الطويل فقط.
و تجدر الاشارة إلى أن حائز حق الملكية الذي يع عليها حق الارتفاق له أن يكتسب الملكية و الارتفاق معا بالتقادم القصير اذا ما توافرت شروطه.”
ويشترط في التقادم المكسب القصير أن يتوافر لدى الحائز السند الصحيح و حسن النية طيلة 10 سنوات كاملة دون انقطاع.
فيما يلي نتناول شرط السند الصحيح و شرط حسن النية .
السند الصحيح :
تنص المادة 828 فقرة 02 من القانون المدني الجزائرى على ما يلي : السند الصحيح هو تصرف يصدر عن شخص لا يكون مالكا للشيء أو صاحبا للحق المراد كسبه بالتقادم و يجب اشهار السند.
يشترط في السند الصحيح أن يصدر من غير المالك إلى الحائز بموجب تصرف قانوني من شأنه أن ينقل الملكية و قبل عرض هذان الشرطان لابد من تبيان ماهية السند الصحيح الذي يعتد به كشرط خاص بالتقادم المكسب بالتقادم المكسب العشري.
ماهية السند الصحيح :
يرى الفقه الفرنسي أن تسمية شرط السند الصحيح ” تسمية في غير محلها و أنها غير دقيقة حيث أن مفهوم السند الصحيح مثلما جاء في القانون المدني منقولا حرفيا في مفهوم الذي وضعه قدماء الرومان و الذى نقله بعدها Pothier و يرى الفقه الفرنسي السند " هو تصرف قانوني عكس ما يرمي إليه المعنى اللغوي و لا يراد به الوسيلة المكتوبة بل العملية القانونية حيث يرمي التصرف القانوني المسمى بالسند الصحيح إلى نقل الملكية أو أي حق عيني آخر كالبيع التبادل الهبة الوصية أما القسمة الصفات هي كذلك لأنها عقود تصريحية.
في حين عقود الايجار الوديعة القرض ليسوا بالسند الصحيح لأنها لا تحول الحق العيني للشيء المؤجر أو المعار أو المفترض لكن فقط الحق الشخصي عليه يعد المستأجر المودع المقترض ليسوا بحائزين لكن محتفظينDétenteur
و قد يرد إلى أذهاننا السؤال التالي : إذا كان الحائز قد تلقى الحيازة بموجب احدى التصرفات سالفة الذكر لماذا لم يصبح بذاته ملكا لا حائزا طالما كان التصرف ينقل ملكية الحق العيني؟
و عليه كان بالأجدر أن يكون مالكا من أن يتحصن بقواعد الحيازة و التقادم العشري المكسب حتى يصيح مالكا ؟
الأمر كذلك لأن التصرف لم يحقق غايته الأمر الذي يجعل من فائدة السند الصحيح سندا ناقلا للملكية و الذي لم يؤديها في دوره الأصلي لأنه سند مكسب للملكية غير فعال inefficace و عليه من غير اللائق تسميته 'صحيح و عليه لا يتماشى مع القواعد القانونية لأئه كذلك لم يؤدي دوره الناقل للملكية.
غير أن القانون أقر له أثر يتمثل في امكانية استعماله و تعزيزيه مع تقادم قصير المدى 10 سنوات
شروط السند الصحيح :
الشرط الأول : وجود السئد :
أي أنه يجب أن يكون للسند وجود قانوني فلا يكفي أن يظن الحائز فقط بوجود السند و عليه قبل البحث عن مدى حسن أو سوء نية الحائز يجب التحقق من وجود السند فعلاء و بالتالي فالنائب القانوني الحائز للعقار بموجبه وصية و الذي لا يعم أنه ألغى نيابته إلا أنه حسن النية ليس بحامل للسند الصحيح و الأمر كذلك لمن يعتقد أنه اشترى عقارا و يضم في حيازته قطعة أرضية صغيرة مجاورة له و يحوزها فإن عقّد البيع الذي يستند إليه لإثبات حيازته لهذه الأخيرة لا يعتبر سندا صحيحا لأنه لا يكفى مجرد اعتقاد الحائز بوجود السند بل لا بد من وجوده حقيقة.
الشرط الثاني : أن يكون السند صحيحا :
إن الحائز لحق عيني بموجب عقد يعتقد أنه صحيح إلا أنه عقد باطل فهو حائز حسن النية لكن ليس له سند الصحيح فالعقد الباطل بطلانا مطلقا لا يعتبر سند صحيحا والا يعتبر سندا صحيحا فهو يكون معدما ويحق لكل ذي مصلحة التمسك به؟.
ولا يصلح سندا صحيحا لتصرف قانوني باطل إذ لا يكون له وجود قانوني سواء كان العقد باطلا من ناحية الشكلية مثلا لعدم كتابته في ورقة رسمية اذا كان المشرع يشترط الرسمية في العقود الناقلة للحق العيني العقاري أو يكون من حيث الموضوع باطلا لعدم مشروعية السبب أو صدور السئد من عديم أما التصرفات القانونية القابلة للإبطال فهي تصرفات صحيحة و موجودة قانونيا و منتجة لأثارها إلى أن يقضي ببطلانها من قبل صاحب المصلحة فهي بذلك تصح أن تكون سندا صحيحا بكسب الملكية بالتقادم القصير قبل الحكم بإبطاله.
و العبرة في هذا الاقدام أن يكون التصرف القانوني قابل للإبطال بسبب أخر غير صدوره من غير المالك كبيع ملك الغير أو هبة ملك الغير.
كذلك التصرف القانوني القابل للإبطال الصادر من غير المالك يصلح أن يكون سندا بل هي السئد في حد ذاته.
و تطبيقا لذلك فإن من يشتري عقارا من ناقص الأهلية غير المالك فإذا كان حسن النية و حاز العقار مدة 10 سنوات أن يستند إلى عقد البيع باعتباره سندا صحيحا في تمسكه بالتقادم القصير ضد المالك الحقيقي.
أما التصرف القانوني المعلق على شرط واقف فلا يكون نافذا إلا من وقت تحقق الشرط فلا يصح كسند صحيح إلا من وقت تحقق الشرط.
أما السند الظني و هو السند لا وجود له إلا في مخيلة الحائز و مثاله أن يتلق الحائز عفار لتنفيذ وصية تبين فيما بعد أم الموص رجع عنها قبل وفاته ففي هذه الحالة يتوفر حسن النية لدى الحائز لكن حيازته مستندة إلى سند ظني لا وجود له في الواقع فلا يكتسب الملكية بالتقادم القصير.
الشرط الثالث : أن يكون السند الصحيح بطبيعته ناقلا للملكية :
كما لو كان التصرف صادر من المالك الحقيقي كعقّد البيع الهبة التبادل و غيرها من التصرفات القانونية الناقلة للملكية حيث استثنى المشرع من ذلك العقود التي تتوقف على مجرد استعمال و انتفاع بالعقار كعقد الايجار و الوديعة و عقد الوكالة بوجه عام جميع العقود التي تنشأ التزامات شخصية فهي لا تكون ناقلة للملكية و بالتالي لا تصح كسند صحيح فلا يكتسب بواسطتها الملكية بالتقادم القصير كذاك لا تعتبر سند صحيح التصرفات الكاشفة عن حق القسمة الاختيارية مثلا لا تصلح سند صحيحا لكونها ليست ناقلة للحق فهى كاشفة له فقط .
كذلك الأحكام القضائية لا تعتبر ناقلة للملكية و لا يمكن اعتبارها سند صحيح غير أن حكم رسو المزاد يعتبر بمثابة بيع من المدين إلى الراسي عليه المزاد فيكون تصرفا قانونيا ناقلا للملكية
-الصلح لا يصلح أن يكون سندا صحيحا فهو كاشف للحق وا ليس ناقل له.
هذا طبق للمادة 16 من الأمر رقم 74/75 اعتبرت أن التصرفات التي تقع على الحق العيني العقار لا ترتب أثارها من يوم استئجارها في حين تضمنت المادة 14 منه إلزامية الإشهار في مجموعة البطاقات العقارية ما يلى :
- العقود الرسمية سواء كانت منشئة ناقلة معدلة للملكية العقارية و القرارات و الأحكام القضائية.
-المحاضر المعدة من قبل مصلحة مسح الأراضي.
- كل التعديلات للوضعية القانونية لعقار محدد و مسجل فى البطاقات العقارية.
لذلك لابد أن يكون السند الصحيح مشهرا يكسب بنقل الملكية لأن المراد بالسند الصحيح و السند الناقل للملكية و هذا ما نصت عليه المادة 828 فقَرة 02 من القانون المدني الجزائري على هذا الشرط بقولها :
السند الصحيح هو تصرف يصدر عن شخص لا يكون مالكا للشيء أو صاحب لاحق المراد كسبه بالتقادم و يجب اشهار السند".
و في ها الصدد اشترط المشرع لانتقال الملكية العقارية اتباع اجراءات الشهر في المادة 793 ق م ج و تطبيقا لذلك فإن المادة 15 من الأمر رقم 74/75 اعتبرت أنه لا وجود للحقوق العينية العقارية للغير إلا من تاريخ شهرها في مجموعة البطاقات العقارية غير أن نقل الملكية عن طريق الوفاة يسري مفعوله من يوم وفاة أصحاب الحقوق العينية .
الشرط الرابع : أن يكون السند الصحيح صادر من غير المالك :
و هذا من العيب الذي على السند الصحيح لأنه لو صدر التصرف من المالك لكسب المتصرف إليه دون حاجة للاستناد إلى حيازة أو تقادم فالتقادم القصير خاص بالحيازة المقترنة لسند صادر من غير المالك أما اذا كان الحائز قد تلقاها من المالك نفسه فلا يحتاج إلى الاستناد إلى التقادم و عليه اذا قام سبب يؤدي إلى بطلان العقد أو فسخه فلا يستطيع المتصرف له أن يتمسك بالتقادم القصير لكي يحول دون ابطال العقد أو فسخه.
الشرط الخامس : أن يتعلق السند الصحيح بالحق العيني محل الحيازة :
يجب أن تكون هناك علاقة تامة و قاطعة و ربط بين السند الصحيح و العقار محل الحيازة و هذا بالنسبة لشروط السند حتى يعد كأساس أولي لادعاء الحائز بالحيازة و التقادم المكسب قصير المدى إلا أن الحائز للسند الصحيح لوحده ليس له أن يتمتع التقادم المكسب القصير لاكتساب الملكية بل فضلا عليه يجب أن يكون حسن النية.
حسن النبة :
نصت عليها الفقرة الأولى من المادة 828 من القانون المدني الجزائري على شرط توافر حسن النية لاكتساب الملكية بالتقادم القصير.
المقصود بحسن النية :
أن يكون الحائز قد اعتقد وقت تلقيه الملكية أو الحق العينى أنه تلقّاه من المالك أو الحق من صاحبه و يستوي في ذلك أن يكون الغلط الذي وقع فيه الحائز غلطا في الواقع أو في القانون.
فالأولى كأن يتعامل شخص مع مالك سابق للعقار تكون ملكيته قد أبطلت و الحائز يجهل بذلك.
ولتحديد حسن النية وضع المشرع الجزائري معيارين في المادتين 824 و 825 من القانون المدني الجزائري .
المعيار الأول :
و هي المعيار الشخصي يتمثل في اعتقاد الحائز بحسن النية عندما لا يعلم بالعيب الذي طرأ على السند الصحيح و الذي يتمثل في صدوره من غير مالك أما العيوب الأخرى التي تشوب السند الصحيح فان علم الحائز بها لا يستعيد توافر حسن النية لديه طالما أنها لا تنافي اعتقاده بأن تصرف مالك العقار أو الحق العيني كأن يكون التصرف باطلا أو صوريا.
المعبار الثاني :
و هو معيار موضوعي حيث اعتبر فيه المشرع الحائز حسن النية اذا كان جهله لاعتدائه على حق الغير ناشئًا عن خطأ جسيم كمن يشتري عقارا دون أن يطلب من بائعه سندات تثبت ملكيته حتى لو اعتقد هذا الحائز أن البائع هو المالك المادة 824 ق م ج .
- و الخطأ الجسيم هو ما لا يرتكبه شخص قليل العناية أو مهمل و العبرة في تقدير حسن النية هي نية الحائز نفسه إلا اذا كان عديم الارادة فتكون العبرة بنية من يمثله كما وضع المشرع معيار موضوعيا أخر في المادة 825 فقرة 02 من القانون المدئي الجزائري.
و الأخذ بالمعيار الموضوعي يؤدي إلى تفادي النتائج الغير منطقية التي gag إليها الأخذ بالمعيار الشخصي وحده اذ قد يؤدي هذا المعيار إلى ترجيح مصلحة الحائز الغاصب على مصلحة المالك الحقيقي.
ويجب أن يتوافر حسن النية لدى الحائز في الوقت الذي كان يتلقى فيه الملكية أو الحق العيني أثناء تعامله مع الذي يعتقد أنه المالك الحقيقي أو صاحب الحق طبقا للمادة 828 ق.م.ج و بالتالي يجب توافر حسئن النية وقت تحرير العقد الرسمى و شهره بالمحافظة العقارية لأنه الوقت الذى تتنقل إليه الملكية وهو وقت كافي فلا يشترط أن يبقى حسن النية بعد ذلك ساريا مدة 10 سئوات يعني لا يهم أن يصبح الحائز سيء النية فيما بعد . لأن الحق ينقل في القانون الجزائري بالشهر بحيث :
لا يشترط توافر حسن النية إلا من وقت تلفي الحق * المادة 828 فقرة 02 ق.م.ج , فلو علم بعدها الحائز بأن المالك ليس مالكا يؤثر ذلك على حسن النية استنادا على الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر.
أما فيما يخص مسألة اثبيات حسن النية فالقاعدة العامة تقضى بأن حسن النية هو دائما مفترض فى الحائز حتى عن حالة الغلط في القانون إلى أن يقوم الدليل على عكس ذلك , و هذا ما نص عليه المشرع من المادة : 03/824 ق م ج .
وعلى المالك الحقيقي الذي يرفع دعوى الاستحقاق أن يثبت سوء نية الحائز أثناء تلقي الملكية بجميع طرق الاثبات لأن حسن النية واقعة مادية و تخضع لتقدير القضاة.
تطبيقا لذلك أصدرت غرفة الأحوال الشخصية للمحكمة العليا اجتهاد قضائي مفاده أن :
" المدعية فى الطعن حازت و استغلت العقار مدة 13 سنة بناءا على سند رسمي صحيح و مشهور وقد حازته بحسن النية و لم ترتكب أي خطأ أو غش عندما سلموها العقار محل النزاع وبناءا على الصفات سالفة الذكر فإن المدعية في الطعن تكون قد اكتسبت هذا العقار بالتقادم المكسب "
أما إذا بدأت الحيازة قبل سريات التقادم المكسب القصير بسوء النية كما لو كان الحائز واضعا يده على العقار يعلم أنه ليس مملوكا ثم اشتراه بعد ذلك و أشهر التصرف فتبقى حيازته بسوء النية وعليه أن يقيم الدليل على العكس و يثبت أنه حسن النية وقت الشهر المادة 826 ق م ج هكذا حث المشرح اخذ المشرع الفرنسي في المادة 2269 و المشرع المصري في المادة 02/969 حين تقضيان بحسن النية وقت اكتساب الملكية.
تبدأ مدة التقادم المكسب القصير من وقت توافر السند الصحيح و حسن النية وقت تلقي الحق لدى الحائز و المحكمة من ذلك قررها المشرع لمصلح الحائز حسن النية الذي لا يعلم أنه يعتدي على عقار غيره و أنه تلقى الملكية من غير المالك و عليه بفضل قواعد التقادم المكسب القصير له أن يصبح مالكا لما تلقاه.
و على المحكمة التي تفصل في دعوى التقادم المكسب أن تتأكد من مدى توافر شروطه مع مراعات المدة المحددة في نوعية التقادم المكسب الطويل منه أو القصير و النظر في وجود الفعل الحقيقي للحيازة و وصف التقادم كيف ثم و بالتالي يرمي التقادم المكسب القصير إلى تغطية العيب الذي لحق ملكية الحائز و المتمثل في عدم ملكية من تلقى منه الحائز حقه ذلك في مواجهة المالك الحقيقي و على أن مدة التقادم مهما اختلفت يجب أن تستمر من دون وقف أو انقطاع حتى يرتب التقادم المكسب أثره المتمثل في كسب الملكية العقارية .
الفصل الثالث الاستثناءات حول التقادم الواردة في نصوص أخر ى
القاعدة العامة في مدة التقادم هي خمسة عشر سنة ، فيما لم يرد نص خاص يقدر مدة أقل أو أكثر بالنسبة إلى التزام معين غير أن هناك حقوق غير قابلة للتقادم التي يمكن للنظام العام التعامل فيها ، كالحقوق المتعلقة بالحالة المدنية والحقوق المتعلقة بالاسم .
أولا : البطلان النسبي :
تنص المادة 101 ق م على ما يلي " يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال خمس سنوات "...
المقصود هنا بإبطال العقد هو الاسم الذي يطلق على البطلان النسبي حسب التقنين المدني، وحسب هذه المادة، فإن الحق في ابطال العقد يسقط بخمس سنوات، أو بمضي خمسة عشر سنة حسب الأحوال، فاذا انقضت هذه المدة أ . العقد صحيحا ولا يجوز بعد ذلك ابطاله لا عن طريق الدعوى ولا عن طريق الدفع. وهكذا يستقر الوجود القانوني للعقد بعد أن كان مهددا بالزوال العقد بعد ذلك في حكم المجاز.
وجاء في الفقرة الثانية من نفس المادة101 ق م بأنه " ويبدأ سريان هذه المدة في حالة نقص الأهلية من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب، وفي حال الاكراه من يوم انقطاعه، غير أنه لا يجوز التمسك بحق الابطال لغلط أو تدليس أو اكراه إذا انقضضت عشر سنوات من وقت تمام العقد " .
ثانيا : دعوى التعويض عن الاثراء بلا سبب :
تنص المادة 142 من ق م بأنه : " تسقط دعوى التعويض عن الاثراء بلا سبب بانقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من لحقته الخسارة بحقه في التعويض، وتسقط الدعوى في جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشر سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق "
من هذا النص يتبين أن هذه الدعوى تتقادم:
- بعشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من لحقته الخسارة بحقه في المطالبة بالتعويض وشخص من يلزم بذلك، اذ أنه متي علم ما اصابه من افتقار وعرف الشخص الذي اثري على حسابه فيصبح لا عذر له ومن ثم يتعين عليه رفع الدعوى في خلال هذه المدة.
- وخمسة عشر سنة من يوم قيام الالتزام اذا كان لا يعلم بافتقاره وبمن أثرى على حسابه، ومن ثم لا تبدأ سريان المدة الا من تاريخ علمه بذلك" .
ثالثا : دعوى ضمان العيوب الخفية :
نصت المادة 383 ق م على أنه : " تسقط بالتقادم دعوى الضمان بعد انقضاء سنة من يوم تسليم المبيع حتى و لو لم يكتشف المشتري العيب الا بعد انقضاء هذا الأجل ما لم يلتزم البائع بالضمان لمدة أطول.
غير أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بسنة التقادم متى تبين له أنه أخفى العيب غشا منه "
من خلا ل هذا النص يتضح أن مدة التقادم في دعوى ضمان العيوب الخفية،
تخضع للتقادم القصير و المشرع جعل هذه المدة تسري من وقت تسليم لا من وقت العلم بالعيب، و هذا تحقيقا لاستقرار المعاملات و لا يكون البائع مهددا بهذا الضمان مدة طويلة، و الحكمة من جعل مدة التقادم أي سنة تسري من يوم التسليم حتى يتمكن المشتري من فحص المبيع خلال تلك المدة،
ليتبين له إذا كان فيه عيب موجب للضمان، واذا انقضت السنة سقطت بالتقادم دعوى ضمان العيب الخفي، حتى لو كان المشتري لم يعلم بالعيب إلا بعد انقضاء هذه المدة.
و مدة سنة يجوز قطعها وفقا للقواعد العامة في قطع التقادم، اذا توافر سبب من أسباب وقف و قطع التقادم، ولا يجوز الاتفاق على تقصير هذه المدة و هو الأصل، و استثناء من ذلك أنه يمكن الاتفاق على اطالتها، وهذا ما ورد في نص المادة 383 ق م في العبارة ما لم يلتزم البائع بالضمان لمدة أطول.
يتبين من نص المادة أن مدة التقادم في ضمان العيب الخفي تكون أطول في حالتين :
الحالة الأولى : إذا اتفق المتعاقدين على إطالة مدة السنة.
الحالة الثانية : وفي حالة ما اذا أثبت المشتري أن البائع قد تعمد اخفاء العيب غشا حتى بعد انقضاء السنة، كان له أن يرفع دعوى ضمان العيب في خلال خمس عشر سنة من وقت البيع لا من وقت التسليم رجوعا الى الأصل.
رابعا : الدعوى الناشئة عن الفضالة :
عرفت المادة 150 ق م الفضالة : " هي أن يتولى شخص عن قصد القيام بشأن لحسا شخص آخر، دون أن يكون ملزما بذلك "
أما فيما يخص تقادم دعوى الفضالة، فنجد أن المشرع قد تطرق لها في نص المادة 159 ق م والتي تنص : " تسقط الدعوى الناشئة عن الفضالة بانقضاء عشر سنوات من اليوم الذى يعلم فيه كل طرف بحقه، وتسقط في جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشر سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق "
مفاد هذا النص أن دعوى الرجوع على الفضولي تتقادم بعشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه رب العمل بشخصية الفضولي، وربما يلتزم به نحوه وقد يحدث أن تكون مدة سقوط الدعوى خمسة عشر سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق .
خامسا : دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن :
تنص المادة 359 ق م على أنه " تسقط بالتقادم دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن إذا انقضت ثلاث سنوات من يوم انعقاد البيع "
يتضح من هذا النص أن دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن يسرى عليها التقادم من يوم انعقاد البيع، والغبن ليس سببا لبطلان عقد البيع وانما هو سبب لتكملة الثمن، ذلك أن المشرع لا يسمح بأن يباع العقار بأقل من أربعة أخماس قيمته.
مثال ذلك أن القضاء يحكم بسقوط تقادم دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن التي رفعها الطاعن اعتمادا على تاريخ رفع الدعوى الثانية المؤرخة في 17-10-1996 هو تأسيس خاطئ، إذ كان ينبغي احتساب بداية مدة التقادم من تاريخ رفع الدعوى الأولى المؤرخة في 17-10-1995 الذى يعتبر إجراء قضائي يوقف بدء سريان التقادم المحدد بثلاث سنوات ابتداء من تاريخ انعقاد البيع مما يجعل دعوى تكملة الثمن رفعت ضمن الأجل القانوني ومتى كان كذلك فإن قرار المجلس قد خرق أحكام المادة 359 ق م مما يستوجب نقضه
سادسا : دعوى التأمين :
تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى على النحو الذي قررته المادة 624 ق م.
تنص أيضا المادة 27 من قانون التأمين على أنه : " يحدد أجل تقادم جميع دعاوى المؤمن له أو المؤمن الناشئة عن عقد التأمين بثلاث سنوات ابتداء من تاريخ الحادث الذي نشأت عنه. "
يتضح من نص المادة السالفة الذكر أن الدعاوى التي يسري عليها التقادم الثلاثي هي تلك الدعاوى الناشئة مباشرة عن عقد التأمين والذي يربط المؤمن بالمؤمن له ولا يسري عليهما التقادم إلا من وقت العلم بالحادثة التي تولدت عنها الدعوى .
سابعا : دعوى ضمان المهندس المعماري والمقاول :
يجب أن ترفع دعوى الضمان خلال عشر سنوات و هذا طبقا لنص المادة 554 ق م
" يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى ولو كان التهدم ناشئا عن عيب في الأرض ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.
وتبدأ مدة السنوات (10) العشر من وقت تسلم العمل نهائيا.
ولا تسري هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين الفرعيين ."
وعليه إذا تم اكتشاف العيب أو التهدم في خلال السنة العاشرة من وقت تسليم البناء كان أمام رب العمل العام ثلاث سنوات أخرى لرفع دعوى الضمان، واذا انقضت هذه المدة الأخيرة و لم ترفع الدعوى تكون قد سقطت بالتقادم ولا يمكن سماعها. وهذا حسب نص المادة 557 ق.م : " تتقادم دعاوى الضمان المذكورة أعلاه بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم واكتشاف العيب" .
فضمان المهندس والمقاول يكون في حالة التهدم أو العيوب التي تصيب المنشآت الثابتة أو التهدم الناتج عن عيب في الأرض، سواء كان التهدم جزئيا أو كليا. والعيب الموجب لضمان هو القائم قبل التسليم، بحيث أنه إذا كان بعد التسليم لا يكون موجب لضمان.
للدائن بالضمان أن يطالب في دعوى الضمان التنفيذ العيني، اذا كان تهدم كلي أو جزئي، فله حق طلب اعادة ما تهدم على نفقة المدين بالضمان كما له حق في اصلاح العيب ان وجد مع جواز الحكم بالتعويض.
ومدة تقادم دعوى الضمان يمكن أن ترد عليها أسباب تقطعها كرفع دعوى موضوعية، وإقرار المقاول أو المهندس بحق رب العمل في الضمان
ثامنا : دعوى المسافر تجاه صاحب الفندق او النزل :
نص المشرع الجزائري على مدة خاصة للتقادم دعوى المسافر تجاه صاحب النزل مدتها ستة أشهر تبدأ منذ مغادرة المسافر النزل او الفندق وتعتبر هذه المدة، مدة تقادم وليست مدة سقوط
نص المادة 601 ق م : " يجب على المسافر أن يخطر صاحب الفندق أو النزل بسرقة الشيء أو ضياعه أو تلفه بمجرد علمه بوقوع شيء من ذلك فإن أبطأ في الاخطار دون مسوغ سقطت حقوقه ".
وتسقط بالتقادم دعوى المسافر تجاه صاحب الفندق أو النزل بانقضاء ستة (6) أشهر من اليوم الذي يغادر فيه الفندق أو النزل على الرغم يلاحظ ان المدة هي قصيرة.
الفصل الرابع إنقطاع التقادم
لا يسرى التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً. وكذلك لا يسرى التقادم بين الأصيل والنائب. وأيضاً لا يسرى التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات في حق من لا تتوافر فيه الأهلية أو في حق الغائب أو في حق المحكوم عليه بعقوبة جناية إذا لم يكن له نائب يمثله قانوناً. ويترتب على وقف التقادم في هذه الحالات أن المدة التي يقف التقادم خلالها لا تحسب ضمن مدة التقادم، وتحسب المدة السابقة والمدة التالية .
كما ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، وبالتنبيه أو بالحجز، وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو توزيع، وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه في إحدى الدعاوى. كما ينقطع التقادم إذا أقر المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً. ومن قبيل الإقرار الضمني أن يترك المدين تحت يد الدائن مالاً مرهوناً رهناً حيازياً تأميناً لوفاء الدين، ووفاء المدين بقسط من الدين أو فوائده، وطلبه مهلة للوفاء. ويترتب على الانقطاع سقوط المدة السابقة على قيام سببه والمدة التي تمضي خلال قيامه. فإذا زال السبب بدأ تقادم جديد مماثل في طبيعته ومدته للتقادم الأصلي. على أنه إذا انقضى السبب الذي قطع التقادم بحكم نهائي تكون مدة التقادم الجديد خمس عشرة سنة، أياً كانت مدة التقادم. وكذلك إذا انقطع التقادم الحولي بإقرار من المدين كانت مدة التقادم خمس عشرة سنة.
المبحث الاول : وقف التقادم
المطلب الأول : مفهوم وقف التقادم
القاعدة العامة : حتى يحقق التقادم أثره، لا بد من أن يسري طوال الفترة المحددة له
- خمسة عشر سنة
- خمس سنوات
- اربع سنوات
- سنتين
- سنة واحدة
يقصد بالوقف أن يتعطل سريان التقادم مدة ما بسبب مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ،على أن يعود التقادم سيرته الأولى متى زال هذا المانع ولا يدخل بطبيعة الحال الفترة التي وقف التقادم أثناءها.
ويمكن تعريف وقف التقادم على أنه طروء عارض ما يؤدي إلى تعطيل سريان مدة التقادم، و ذلك بعدم احتسابالمدة التي يتعذر على الدائن خلالها المطالبة بحقه في نطاق الإطار الزمني لمدة التقادم. فإذا زال العارض استأنف التقادم سريانه من النقطة التي وقف عندها.
والعلة من تقرير نظام وقف التقادم هو الرغبة في حماية الدائن الذي لا يستطيع لوجود مانع ما ، من أن يطالب بحقه قضاء فإذا كان من بين أسس نظام التقادم هو استخدامه كوسيلة لعقاب الدائن المهمل من ناحية وكقرينة وفاء مستفادة من سكوته فان مثل هذه الأسس لا محل لافتراضها وإعمالها إذا ثبت أن الدائن لم يكن في إمكانه أن يطالب بحقه خلال مدة معينة ، ولهذا كان من العدالة ألا يسري التقادم ضد هذا الدائن طالما ظل المانع قائما ، فإن زال المانع ، عاود التقادم سيره.
المطلب الثاني : أسباب وقف التقادم
المعيار العام : هو وجود مانع يتعذر معه على الدائن المطالبة بحقه (لا تشترط الاستحالة)
ويمكن رد الوقف إلى موانع مادية و أخرى أدبية وقانونية :
أولا : موانع وقف التقادم المتعلقة بالدائن
- وتتعلق هذه الحالة بــ :
- حالة عديم الأهلية
- المحكوم عليه بعقوبة جنائية .
- الغائب.
كل هؤلاء يوقف سريان التقادم ضدهم متى زادت مدة تقادم حقوقهم عن 05 سنوات ، وهذا سواء كان لهم نائب قانوني أو لم يكن لهم نائب قانوني ويستمر هذا الوقف طيلة فترة فترة عدم أهليتهم أو غيبتهم وفي هذا إرهاق للمدين خاصة متى كان لهؤلاء نائب قانوني .
أما في الحالة التي يقل فيها التقادم عن 05 سنوات فانه يوقف التقادم في حقهم متى لم يكن لهم نائب قانوني أما في الحالة العكسية فلا يوقف التقادم .
ثانيا : الموانع المادية
المانع المادي هو الظرف / العقبة الذي لا يستطيع معها الدائن المطالبة بحقه أمثلة:
- ظروف عامة ( كالحروب والثروات ...)
- غياب الدائن غيبة اضطرارية دون وجود من يمثله قانونا ً
- جهل الدائن بوجود حق له (شريطة أن يكون جهله لسبب جدي و مشروع و دون تقصير منه)
ثالثا : وقف التقادم لوجود علاقة معينة بين الدائن والمدين (الموانع الأدبية)
قد يحدث أن توجد بين الدائن والمدين علاقة خاصة من شأنها جعل مطالبة الدائن بحقه مستحيلا أو صعبا وهو ما يعرف ب المانع المادي وهو وجود علاقة رابطة تمنع الدائن من مطالبة المدين بحقه (و هو أمر يترك لتقدير المحكمة التي تدرس كل حالة على حدة، فتأخذ بالمعيار الشخصي). أمثلة :
- القرابة (ابن + أب(
- الصداقة (الأصدقاء)
- الزواج (زوج + زوجة(
- النيابة (الأصيل + النائب)
- العمل (رئيس + مرؤوس: في القطاع الخاص فقط(
المطلب الثالث : أثار وقف التقادم
إذا وقف سريان التقادم ، فان المدة التي وقف سريان التقادم في خلالها لا تحسب ضمن مدة التقادم ، ولكن تحسب المدة السابقة والمدة التالية 1 أي أنه يترتب على وقف التقادم أن المدة التي انقضت قبل وقفه تبقى قائمة دون أن يضم إليها المدة التي التقادم خلالها موقوفا وبعد سريان استئناف سريان التقادم تؤخذ في الاعتبار المدة السابقة على الوقف.
-إذا كانت مدة التقادم لم تبدأ بالسريان بعد = يتأخر بدء حسابها إلى حين زوال المانع.
-إذا كانت مدة التقادم قد بدأت بالسريان = يعتد بالمدة السابقة +يقف سريانها منذ وقت حصول المانع+ يعود سريانها منذ وقت زوال المانع. 2