logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





26-02-2022 06:10 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 26-04-2013
رقم العضوية : 343
المشاركات : 312
الجنس :
الدعوات : 7
قوة السمعة : 200
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : طالب

بحث المسؤولية الجنائية في القانون الجزائري
المبحث الأول الأساس الفقهي للمسؤولية الجنائية
المطلب الأول مذهب حرية الاختيار (النظرية التقليدية)
المطلب الثاني : مذهب الحتمية (النظرية الواقعية)
المطلب الثالث : التوفيق بين المذهبين
المبحث الثاني : الأساس القانوني للمسؤولية الجنائية وموقف المشرع الجزائري
المطلب الأول : التشريعات الجنائية المعاصرة
المطلب الثاني : قيام المسؤولية الجنائية في التشريع الجزائري
المطلب الثالث : موقف المشرع الجزائري

خاتمة

مقـدمة
تشكل المسؤولية الجزائية الدعامة الأساسية التي يقوم عليها حق تقرير الجزاء الجنائي، حيث ترمي إلى تحمل كل شخص تبعة عمله المجرم بخضوعه للجزاء المقرر قانونًا، وعليه فلا يمكن تحميل الشخص المسؤولية الجنائية إلا إذا ثبت في حقه خطأً يتمثل في اقترافه لفعل يجرمه القانون، وأن يكون أهلا لتحمل نتائج أخطائه.
ولا شك في اعتبار ذلك من أهم المبادئ التي ظفرت بها القوانين الجنائية بعد كفاح طويل ضد المفـاهيم التقليديـة القائمة على الانتهاك الفردية الإنسان واختلال في موازين العدالة.
إذ صار التركيـز علـى أهلية الإنسان وإدراك غايته من أهم ميزات التطور التي طبعت القانون الجنائي في مجـال ترسيخ معالم المسؤولية الجنائية على أساس الخطأ الشخصي والأهلية الفردية. حيث لم يعد هناك وجود لمسؤولية الأموات أو الحيوانات أو المسؤولية الجماعية _ أين كانـت عواقـب تصرفات الشخص لا تقتصر عليه فقط بل تمتد لتشمل كـذلك أشـخاص لا علاقـة لهـم بالجريمة_ كما كان يجرى في الماضي. بل أصبحت هذه المسؤولية تقوم على الإنسان الحي المدرك المختار عن الجرائم التي يرتكبها.
حيث تعرف المسؤولية على أنها المؤاخذة أو تحمل التبعة، أي أنها الحالة الأخلاقية والقانونية التي يكون فيها الإنسان مسؤولا ومطالبا عن أمور وأفعال أتاها إخلالا بنواميس وقواعد وأحكام أخلاقية واجتماعية وقانونية.
والمسؤولية بهذا المعنى قد تكون مسؤولية أخلاقية أو أدبية، وقـد تكـون مـسؤولية قانونية، فالمسؤولية الأخلاقية تنعقد وتترتب كجزاء أخلاقي وأدبي على مخالفـة قواعـد ونواميس وواجبات أخلاقية وأدبية وهي لا تدخل في دائرة القانون.
أما المسؤولية القانونية فهي الالتزام بتحمل الأثار القانونية، مضمونها الجـزاء الـذي يرتبه القانون على مخالفة كل قاعدة من قواعده. وللمسؤولية القانونية بدورها صور عـدة تختلف باختلاف فروع القانون، فقد تكون مسؤولية إدارية أو مدنية أو جنائية...الخ. حيـث يتولى كل فرع من هذه الفروع بوضع الأحكام الخاصة بكل مسؤولية في المجال المتعلقـة به.
حيث نجد أن كافة التشريعات الجنائية تأخذ بمبدأ المسؤولية الجنائية كأساس قانوني لحق المعاقبة، و لكنها في معظمها تفادت تعريفها و تحديدها بصورة واضحة، وصريحة مكتفية بالتركيز عليها بصورة غير مباشرة.
و من خلال جملة التعريفات الفقهية، يمكن أن نعرفها بأنها: الالتزام بتحمـل الأثـار القانونية المترتبة على توافر أركان الجريمة (الشرعي، المادي، المعنوي)، و موضوع هذا الالتزام هو فرض عقوبـة أو تدبير احترازي حددهما المشرع في حالة قيام مسؤولية أي شـخص ويعنـي هـذا التعريف أن المسؤولية ليست ركن من أركان الجريمة ولا تدخل فـي تكوينهـا القـانوني، و إنما هي الأثر المترتب عن تحقيق كل عناصر الجريمة، حيث تؤدي عند ثبوت أركـان الجريمة إلى خضوع الجاني للجزاء الذي يقرره القانون و ذلك بموجـب حكـم قـضائي، و يتوافق هذا التعريف مع اشتقاق لفظ المسؤولية فهو مرادف للمساءلة، أي سؤال الجـاني عن السبب في اختياره الجريمة باعتبارها سلوكًا مناقضا لنظم المجتمع و مـصالحه، ثـم التعبير عن اللوم الاجتماعي إزاء هذا المسلك، و إعطاء هذا التعبير المظهـر المحـسوس اجتماعيا في شكل العقوبة.
على أن الاختلاف واضح بين المـسؤولية الجنائيـة والـركن المعنوي للجريمة ذلك أن هذه الأخيرة هي مقدمة يتعين التثبت منها أولا قبل القول بقيام المسؤولية. كما تفترق المسؤولية الجنائية عن الأهلية الجنائية، فالأهليـة هـي صـلاحية مرتكب الجريمة لأن يسأل عنها، فهي بذلك حالة أو تكييف قانوني لإمكانيات شخص للحكم بعد ذلك على مدى صلاحيته للمسؤولية بمعنى أن الأهلية الجنائية هي تقييم أو تقـدير لحالة الفرد النفسية والعقلية، بحيث تكون لديه القدرة على تحمل تبعة عمله. ولا تتحقق لـه هذه الأهلية ابتداءا إلا إذا توافر لديه العقل والرشـد بحيـث يكـون قـادر علـى التمييـز والإدراك وعليه لا يلزم أحد بنتائج أفعاله الجرمية ما لم يكن أهلا للالتزام بها، الأمـر الذي يستنبط منه المبدأ القائم بمثابة القاعدة أنه : " يعتبر مسؤولا جنائيا كل شخص يملـك الأهلية لهذه المسؤولية.
وبعبارة أخرى يمكن القول إن المسؤولية الجزائية هي عبارة عن الأثر المترتب عن تحقق كل عناصر الجريمة، فاذا تخلف أحد عناصرها لا تقوم المسؤولية الجزائية.
حيث يمكن أن نلاحظ كم أن حق تقرير الجزاء الجنائي قد تطور من مفاهيمه السابقة الى مفهومه الحالي، وهذا نتيجة للعديد من الدراسات والآراء الفقهية القانونية على الصعيد العالمي الأمر الذي يجعلنا نطرح الإشكالية الاتية :
ما هي الأسس الفقهية والقانونية للمسؤولية الجنائية؟ وما اساس قيام المسؤولية الجنائية في التشريع الجزائري ؟

المبحث الأول: الأساس الفقهي المسؤولية الجنائية
أساس المسؤولية الجزائية يعني الركيزة التي تبنى عليها هذه المسؤولية الجزائية، والشروط الواجب توفرها لقيام هذه المسؤولية الجزائية، وبمجرد توفر هذه الشروط تقوم المسؤولية الجزائية وعنـدما تتقـرر مسؤولية الفاعل عن الجريمة فمعنى ذلك أن المسؤولية استندت الى أساس خـاص يبـرر مشروعية الجزاء تبعا لهذه المسؤولية ومنه يتوجب تطبيقه على مرتكب الفعل المجرم.
ولقد ثار الخلاف حول هذا الأساس، وهو يقـوم على الاختلاف في مسألة الجبر والاختيار بمعنى هل أعمال الإنسان المختلفة ترجـع الـى محض إرادته واختياره أم أنه مدفوع عليها بعوامل خارجة عنه لا قبل له بمغالبتها، وذلك بظهور نظريتين تناولان أسس المسؤولية الجزائية هما :
المطلب الأول : مذهب حرية الاختيار (النظرية التقليدية)
مفاد هذه النظرية أن الإنسان يملك حرية التصرف في أعماله، ويستطيع أن يختار الطريق الذي يريده من بين شتى الطرق التي تعرض عليه، دون أن يكون مجبرا على إتباع طريق معين، فإذا سلك طريق الجريمة بمحض اختياره أين كان يسعه ألا يرتكبها، فإنه يكون مسؤولا عنها.
وعلى هذا فالجريمة هي وليدة إرادة الفاعل الحرة، ويكون أساس المسؤولية الجنائية تبعا لذلك هو المسؤولية الأدبية أو الأخلاقية. غير أن المسؤولية عن الجريمة لا تتم إلا إذا توافر إلى جانب الإرادة عنصر حرية هذه الإرادة، أما إذا انعدمت هذه الحرية بأن كان الفاعل مكرها غير مدرك لما يفعل، أو كما لو كان مجنونًا أو قاصرا ففي هذه الحالات تنعدم أما إذا كان ناقص الإدراك أو الإرادة، فإن تقدير مسؤوليته يكون بقدر مسؤولية الفاعل (نصيبه من الحرية والإدراك. ومن ثم فإنه لا يسأل مسؤولية جنائية كاملة، وإنما يسأل مسؤولية مخففة تبعا لنقص إدراكه أو إرادته. وبذلك يتحقق في العقوبة معنيان (وفق ما يتجه اليه هذا المذهب) وهما العدالة والزجر، إذ تقضي العدالة أن ينال المدرك المختار للجريمة جزاءه، والزجر لأنه لا يتحقق إلا إذا وجه لمن يستطيع أن يكيف سلوكه على ما يريد.
وإذا استعرضنا المدارس الفكرية والفلسفات القديمة في هذا المجال نرى أن الفلسفة الاغريقية تقوم في جوهرها على الاعتقاد المطلق بحرية الانسان في اختيار أفعاله المختلفة، وهذا الاعتقاد هو ما يأخذ به أصحاب الفكر الاعتزالي الذين يعتقدون أن الانسان قادر وخالق لأفعاله خيرها وشرها، مستحق على ما يفعله ثوابا وعقابا في الدار الاخرة، والخالق منزه من أن ينسب اليه شر وظلم لأنه لو خلق الظلم لكان ظالما كما لو خلق العدل لكان عادلا.
ويقول مؤسس مذهب المعتزلة واصل بن عطاء في هذا الصدد ان العبد هو الفاعل للخير والشر والايمان والكفر والطاعة والمعصية وهو المجازى على فعله.
كما اتفق بعض من فقهاء الشريعة الإسلامية حول هذا الرأي، حيث استدلوا بالعديد من الآيات القرآنية التي تدل على حرية الاختيار لدى الانسان واحتجوا بها منها قوله تعالى بعد بسم الله الرحمان الرحيم "ان الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا" سورة ال عمران الآية 177، كما ورد أيضا في الآيات 8-9-10 " ونفس ما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها" من سورة الشمس
يرى أنصار هذا المذهب أن أساس المسؤولية يكمن في حرية الاختيار، فالإنسان البالغ العاقل له ملكات عقلية تسمح له بالقدرة على التمييز بين الخير والشر، بين الطيب والخبيث، بين الحلال والحرام، مدركا لعواقب أفعاله متحكما في سلوكه أتيا في ذلك من الأفعال ما أراد، فالشخص إذا ارتكب فعلا نهي عنه القانون أو امتنع عن فعل أمر به القانون وجبت مسائلته عما وقع منه. وعلى ذلك فإن مسؤولية الشخص لا تنتفي إلا إذا فقد هذا الأخير قدرته على الاختيار ذلك أن معاقبته سوف تكون ظلما من جهة وغير مجدية من جهة أخرى. وذلك أن الغاية من العقاب هي الردع ولا تتحقق هذه الغاية بالعقاب مع التجرد من قدرة الإدراك أو حرية الاختيار. وعليه فإن المذهب التقليدي يكون قد قبل حرية الاختيار والإدراك كأساس للمسؤولية الجنائية فإذا ما غاب ذلك انتفت مسؤولية الجاني.
لقد ظهرت عدة مدارس التي اتبعت هذا التوجه أهمها:
1- المدرسة التقليدية : أسسها الإيطالي سيزار دي يكاريا وذكر مبادئها في كتابه الجرائم والعقوبات الصادر سنة 1764.
2- المدرسة التقليدية الحديثة : ظهرت مع نهاية القرن 18 وبداية قرن 19 من أنصارها "سالي" " روسي" "كارصون" " كارو" (فرنسا) ومنها إيطاليا " كرارا"
المطلب الثاني : مذهب الحتمية (النظرية الواقعية)
وبالمقابل ذهب جانب آخر من الفقه القانوني إلى إحلال فكرة المسؤولية الاجتماعية محل المسؤولية الأدبية، وهو اتجاه المدرسة الواقعية أو الجبرية، حيث انتقدت هذه المدرسة الرأي السابق القائل بحرية الاختيار كأساس للمسؤولية الجنائية، كون أن ذلك يؤدي إلى حصر المسؤولية في نطاق ضيق، في حين أن التعويل على مذهب الجبرية من شأنه أن يوسع من مجال هذه المسؤولية لتشمل جميع الأشخاص الذين تفترض خطورتهم، فأساس هذا المذهب أن سلوك الإنسان لا يعد وأن يكون نتيجة حتمية بحكم خضوعه لمجموعة من الظروف والعوامل التي تفرض عليه هذا السلوك فشأنه كشأن سائر المخلوقات فهي جميعها تخضع لقانون السببية التي لا دخل لأي مخلوق فيها، وعليه فالإنسان لم يختر الجريمة بمحض إرادته، وإنما هي نتيجة حتمية تعود إلى مجموعة من الظروف قد تكون ظروف كامنة فيه، أو ظروف اجتماعية والتي تحيط به أو صفات شخصية موروثة أو مكتسبة، وهكذا إذا أردنا أن نقرر مسؤولية الجاني، فلن تكون وفق هذا المذهب أي على أساس حرية الاختيار بل على حق المجتمع في الدفاع عن نفسه اتجاه هذا المجرم الذي أضحى يشكل مصدرا خطرا.
و منه تكون مسؤوليته مسؤولية اجتماعية قائمة على مجموعة من التدابير الكفيلة لمواجهة الخطورة الكامنة فيه.
و يرى هؤلاء أن التقليديين و حتى المحدثين منهم في درجة تقديرهم لدرجة مسؤولية الجاني ينظرون إليه كما لو كان موضوعا تحت ناقوس من زجاج بينما ينظرون إليه هم من خلال مختلف الظروف الشخصية و البيئية و الاجتماعية فاستعداد المجرم الذاتي للإجرام و ما يحيط به من الظروف الاجتماعية كالجهل و الفقر و سوء التربية و خطاء السوء و ما يساعد على ذلك من تغيير في الفصول و غيرها من العوامل الطبيعية كلها تتدخل بنصيب كبير أو ضئيل في حدوث الجريمة، فالجريمة ما هي الإنتاج لازم لاجتماع هذه العوامل المختلفة و متى توافرت لدى شخص ما فهو مسوق حتما إلى ارتكاب الجريمة إذ أنه متى توافرت الأسباب و ترتبت النتيجة و يستطرد أصحاب هذا الرأي بأن القول بأن الجريمة نتيجة حتمية لعوامل مختلفة ليس معناه ترك فاعلها و شأنه لأنها مقدرة عليه، بل يتعين على المجتمع أن تتخذ عندئذ الوسائل الكفيلة بحماية، فكما الفرد محتوم عليه وقوع الجريمة تحت تلك العوامل المختلفة كلك فإن المجتمع محتوم عليه الرد على فعل الجاني دفاعا عن كيانه فالعبرة في اختيار التدبير الذي تتخذ حيات الجاني ليست هي درجة مسئوليته بل درجة خطورته لذلك قسّم بعض أنصار هذا المذهب المجرمين إلى فئات أربعة :
1. المجرمون بالولادة.
2. المجرمون بالعاطفة.
3. المجرمون بالمصادفة.
4. المجرمون المجانين.
ونرى هؤلاء يتخذون حيال كل فئة التدبير الذي يتفق مع خطورة أفرادها وقد أضاف فريق آخر من هذا المذهب إلى أن التقسيمات خاصة بالمجرمين المعتادين، وقد جلب هذا الاصطلاح أنصار ورجال علم الإجرام، وكان له أثره في إثراء الكتابات عن هؤلاء المجرمين واقتراح التدابير التي تتفق مع حالتهم.
ويعيب البعض على المدرسة التقليدية أنها فصلت بطريقة حاسمة بين الوقاية والجزاء بالرغم من أنهما ليس الا وجهين للدفاع الاجتماعي ذاته، ويجب العمل على التوفيق بينهما في النشاط الذي تقوم به الدولة ضد الجريمة، على أن يكون لكل من هذين الوجهين تنظيم قانونية خاص، لأن لكل منهما نقطة انطلاق وغرض مختلف.
وتتحقق الوقاية بالإجراءات البوليسية للأمان وببدائل العقوبة أما الجزاء فيتحقق عن طريق جهاز العدالة الجنائية الذي لا يتخذ إلا بعد ارتكاب جريمة بهدف منع العود بواسطة تدابير احترازية غير محددة المدة. مؤيدي ما تقدم أن أنصار هذا الرأي ينظرون إلى الجريمة باعتبارها ذنبا يستقبحه الضمير و يترتب عليه المسؤولية الجنائية، و لا تصبح العقوبة جزاء هذا الذنب تفضي بالمجازاة عليه العدالة المطلقة أو العدالة مع المصلحة، و إنما تصبح وظيفة العقاب مجرد وسيلة للدفاع عن المجتمع، و تختلف الوسيلة تبعا لاختلاف الأشخاص، و أن التعبير بالعقوبة عن هذه الوسيلة خطأ في التسمية، ذلك أن فكرة التفكير و إرضاء الشعور بالعدل لا يعني بها المجتمع عند تقدير هذه الوسيلة فهو إنما يعني بالدفاع عن نفسه ووقاية آمنة في المستقبل، لذلك فإنه لا ينظر إلى الجاني نظرة الثأر و التشفي منه، بل العكس ينظر باعتباره منكوب سيئ الحظ و يعمل على إصلاحه بقدر المستطاع. ومجمل القول إنه بينما لا يكفي أصحاب المذهب التقليدي في قيام المسؤولية الجنائية بصدور الجريمة من الفرد بل يشترطون حلقه وسطى بينهما وهي أن يكون الجاني مخطأ، فإن أصحاب المذهب الواقعي يغفلون تلك الحلقة الوسطى ويكتفون بمجرد صور الجريمة هي الفرد فخطورة الفرد ليست ذنبه ومسئوليته الأدبية هي المسؤولية أمام المجتمع ويكتفي في ذلك صدور الجريمة من الفرد أي إسناد الفعل الضار إليه.
لم يرتكز أنصار هذا المذهب على حرية الاختيار كأساس للمسؤولية الجنائية على غرار المذهب التقليدي فالحقيقية في رأيهم أن السلوك الإجرامي شأنه شأن كافة الظواهر الطبيعية والاجتماعية خاضع لقانون السببية، ناشئ عن تفاعل بين شخصية الجاني وظروف بيئية خاصة. فالمذهب الوضعي ينادي بالخطورة الإجرامية الكامنة في الجاني كأساس بديل للمسؤولية الجنائية التي ترتكز على حرية الاختيار، ذلك أن هذه الخطورة تدفع المجتمع بأن يوجهها ويبعد عن نفسه عواقبها وهذا الأمر الذي أدى إلى اتساع إقامة المسؤولية على هذا الأساس فتشمل بذلك الصغير والكبير، العاقل والمجنون، ذلك أن أساس المسؤولية ليس حرية الاختيار والإدراك، إنما الخطورة الإجرامية.
أهم مدارسها :
1- المدرسة الوضعية : لمبروزو
2- المدرسة النفسية : دراسة الظروف النفسية للإنسان
3- المدرسة الاجتماعية : أهم أنصارها "كراماتيا"
المطلب الثالث: التوفيق بين المذهبين :
وهذا الخلاف بين المذهبين دفع ببعض الفقهاء إلى إقامة المسؤولية الجنائية على أساس مذهب توفيقي يأخذ بحسنات كل مذهب و تفادي عيوبه دون التخلي عن المبادئ الأساسـية في المسؤولية الأخلاقية القائمة على أساس حرية الاختيار والتمييز، بالإضافة إلى الاهتمام بالظروف الداخلية و العوامل الشخصية أو الخارجية أو الاجتماعية واعتبار هذه الظـروف ضرورية و الأخذ بها دون إهمال حرية الإنسان و إرادته وذلك بالاعتراف بالمسؤولية المخففة على أساس نقص الاختيار لدى ناقص التمييز والاعتراف بعدم قيام المسؤولية عند من انتفت لديه حرية الاختيار تماما. والتسليم بهذه النتيجة لا يحول دون إتخاذ تـدابير الأمن أو التدابير الوقائية في مواجهة الأشخاص الذين ثبتت خطورتهم على المجتمع بالرغم من كونهم ليسوا أهلاً للمسؤولية الجنائية الكاملة.
ويمكن ايجاز أهم النتائج التي توصل اليها هذا التوفيق بين هذين المذهبين:
1- من الخطأ القول إن تصرفات الانسان تأتي بإرادته وحدها وأنه هو الحكم المسيطر في ارادته حيث يمكن للعوامل الخارجية أن تأثر عليه.
2- من الخطأ القول أن تصرفات الانسان تأتي تحت حكم العوامل المختلفة وأن ارادته ليست الا منفذة لحكم هذه العوامل وأوامرها، حيث يمكن للإنسان العاقل التمييز بين ما هو ضار ونافع ويمكنه الى حد
ما أن يقاوم الدوافع الى الطريق الضار.
3- ان الانسان إذا انساق وراء رغباته وشهواته وقصر في مقاومة الدوافع المختلفة التي تدفعه الى الطريق الضار عد ملوما وبالتالي يستحق العقاب.
4- التسليم بانعدام المسؤولية الجزائية لبعض الجناة لسبب من الأسباب المتعلقة في ضعف قواهم العقلية أو فقدها لوجود شذوذ في تكوينهم الفيزيولوجي لا يمنع من اتخاذ الإجراءات الاحتياطية أو التدابير الاحترازية للوقاية من شرورهم وأذاهم.
وقد نتج عن هذه النتائج استنتاج عدة شروط لازمة لقيام المسؤولية الجزائية هي :
-1- التمييز : يقصد بالتمييز قدرة الانسان على فهم وإدراك ماهية الأفعـال التـي تـصدر عنـه والمقصود بفهم ماهية الفعل، هو فهمه من حيث كونه تترتب عليه نتائجه العادية ولـيس المقصود فهم ماهيته في نظر القانون الجنائي، فالإنسان يسأل عن فعله ولو كان يجهل أن القانون يعاقب عليه عملا بقاعدة لا يعذر أحد بجهل القانون.
-2- حرية الاختيار : يقصد بحرية الاختيار أو الإرادة، هي قدرة الإنسان في توجيه نفسه إلى عمل معـين أو الامتناع عنه، دون تدخل مؤثرات خارجة عن إرادته والتي قد تفرض عليه إتباع وجهة معينة، ففي هذه الحالة يصح القول بمسؤوليته عن الفعل الذي ارتكبه أما إذا كان مـضطرا إلى ذلك بحكم ظروف وعوامل تؤثر في توجيه إرادته، وذلك كحالة المكره فهنا لا يمكن قيام مسؤوليته ومن ثم تفترض الإرادة أن يكون الفاعل حر فـي اختيار تـصرفاته بصورة مطلقة، غير مرغم ولا مكره ولا مضطر، وأن يكون سيد نفسه قادرا على الـتحكم في سلوكه ونشاطه وأفعاله لا محكوما فيها أو محمولا عليها. واعتماد الإرادة الحرة شرطًا لتوفر المسؤولية الجنائية مبدأ قانوني مكرس أيضا في التشريعات الجنائية الحديثـة
وعليه يتضح أن الإدراك أو التمييز يختلف عن الارادة، فبينما هـذه الأخيـرة هـي توجيه الذهن لتحقيق عمل من الأعمال فإن الإدراك هو القدرة علـى فهـم ماهيـة الفعـل وتقدير النتائج، وهو ما يظهر مثلا في حالة المجنون إذ له من إرادة فيما يفعـل ولكنـه معدوم الإدراك لا يستطيع أن يميز بين ما هو مباح له وما هو ممنوع عليه، فإرادته ليست بإرادة واعية. لكن هذا لا يمنع من إقامة إجراءات احترازية عليه وقاية من أذاه.
المبحث الثاني: الأساس القانوني للمسؤولية الجنائية وموقف المشرع الجزائري
المطلب الأول : التشريعات الجنائية المعاصرة
إن كل مرتكب لأفعال مجرمة توجب مساءلته جنائيا، بالنسبة للشخص الطبيعي لا يثار أي إي إشكال طالما أنه مخاطب بأكوام القانون الجنائي على أنه ترمي التشريعات الحديثة إلى مساءلة الأشخاص الاعتبارية، وسوف نوضح ذلك من خلال التعرض لما جاءت به للتشريعات الحديثة لمساءلة النص المعنوي إذا كان محل المساءلة الجزائية قديما هو الإنسان " الشخص الطبيعي" فإن قيام جماعة الأفراد إلى جانب هذا الأخير لتحقيق ما يعجز عنه بمفرده خدمة له ولغيره، جعلها ذات كيان مميز عن كيان الأفراد الذي تتكون منه، إذ أنها لم تغن بغناء أحدهم واستوجبت ظهور فكرة الشخص المعنوي أو الاعتباري
حيث يعرف أنه من المسلمات في نظر القانون العام الحديث أن يعترف بالشخصية القانونية لكل إنسان، ولكن دعت عدة اعتبارات أخرى إلى الاعتراف بالشخصية القانونية لغير الأشخاص الطبيعيين، إما لمجموعة من الأفراد وإما لمجموعة من المصالح، ومن هنا جاءت فكرة الشخصية الاعتبارية أو المعنوية.
وبالتالي فالشخص المعنوي هو مجموعة أشخاص او مجموعة أموال تتكاتف وتتعاون او ترصد لتحقيق غرض وهدف مشروع بموجب اكتساب الشخصية القانونية، ومع التطور الحديث في مجتمعاتنا توجب إقامة عدة تجمعات من الأفراد والأموال على شكل أشخاص معنوية وقد أدى هذا الانتشار إلى اتساع الجرائم المرتكبة الواقعـة منها على الأشخـاص أو الأموال، كالمساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، تكوين جمعيات الأشرار، تبييض الأموال، وأضحى الشخص المعنوي غطاء يتستر به لارتكاب أفعال مضرة بأمن الدولة في الداخل أو الخارج عن طريق ممثليه الذين يقومون بالتصرفات والأعمال المادية بإسمه ولحسابه الخاص ومنه استوجب على المشرع تنظيم المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية باعتبارها أشخاص غير طبيعية لكن قابلية تطبيق العقاب عليها في حالة ما اذا قامت بمخالفة النصوص القانونية.
يقصد بالشخص الاعتباري مجموعة من الأشخاص و الأموال تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة في ذلك عن الأشخاص المكونين لها و لقد عددته المادة 40 من القانون المدني الجزائري في " الدولة و الولاية و البليدة و المؤسسة و الدواوين العامة ضمن الشروط التي يقررها القانون و المؤسسات الاشتراكية و التعاونية و كل مجموعة يمنحها القانون الشخصية الاعتبارية ".
و لقد بدأت فكرة مساءلة الشخص المعنوي أو الاعتباري جنائيا في أمريكا في الولاية " نيويورك" حيث نصت المادة 13 من قانون العقوبات الذي صدر في أول ديسمبر 1782م على عقاب الشخص الاعتباري بغرامة قدرها 5000 دولار بدلا من العقوبات السالبة للحرية التي توقع على الشخص الطبيعي ثم بعد ذلك انتشرت الفكرة في أمريكا و إنجلترا و في الدول التي أخذت عنها.و في عام 1929 استعرضت مؤتمر بوخارست مسؤولية الشخص المعنوي و اختتم المؤتمر على أن الشخص الاعتباري تتوافر لديه الأهلية القانونية و لكن لا تتوافر فيه الأهلية الجنائية لارتكاب الجريمة و هو في ذلك يتشابه مع عديمي الأهلية من الأشخاص الطبيعيين. فلا توقع على الشخص المعنوي عقوبة و إنما تتخذ تدابير احترازية كالحل و الوقف و تقييد النشاط.و يستند الرأي الراجع في النفقة و القضاء إلى عدم الاعتراف للشخص الاعتباري بالأهلية الجنائية على حجة أن تلك الأهلية تقوم على الإدراك و حرية الإرادة بمعنى على عناصر ذهنية و نفسية التي يتمتع بها الإنسان فقط دون غيره فهو الذي ارتكب الجريمة و هو الذي يتحمل المسؤولية الجنائية حتى و لو كان قد ارتكب الجريمة لحساب الشخص الاعتباري.هذا بالإضافة إلى أنه يمكن أن تطبق عليه العقوبات المقررة للجرائم كالإعدام و العقوبات السالبة للحرية، إلا أنه إذا ما هدد الشخص الاعتباري مصالح المجتمع مثلا بكثرة ممارسة الرشوة من طرف ممثلي الشخصي الاعتباري وجب اتخاذ تدابير احترازية اتجاهه.و قد نص المشرع الجزائري في المادة 09 فقرة 05 من قانون العقوبات على خل الشخص الاعتباري ضمن العقوبات التكميلية كذلك نص في المادة 17 على أن حل الشخص الاعتباري هو منعه من ممارسة نشاطه و لو كان تحت اسم آخرين أو مديرين أو أعضاء مجلس إدارة أو مسيرين على حل الشخص الاعتباري تصفية أمواله مع المحافظة على حقوق الغير حسن النية.كما أنه قد تتخذ ضد الشخص الاعتباري تدابير الأمن العينية و هذا ما نصت عليه المادة 25 من قانون العقوبات و المتمثلة في: مصادرة الأموال- إغلاق المؤسسة و يكون الغلق مؤقتا أو نهائيا ضمن الحالات و الشروط المنصوص عليها في المادة 26.
إن دراسة إشكالية إقرار المشرع الجزائري لمساءلة الأشخاص المعنوية جنائيا، يستلزم منا التمييز بين مرحلتين:
-1- مرحلة ما قبل التعديل القانوني رقم 04-15 المعدل والمتمم لقانون العقوبات: لم يكن المشرع يقرر قاعدة يتم بموجبها مساءلة الأشخاص المعنوية جنائيا وتبين أحكامها، ومع ذلك كان يأخذ بها في حالات استثنائية
-2- مرحلة ما بعد التعديل رقم 04-15 المعدل والمتمم لقانون العقوبات: حيث أورد المشرع قاعدة عامة قرر بموجبها الأخذ بالمسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية على مستوى قواعد القانون الموضوعي والإجرائي بالمعنى المتعارف عليه فقها وقضاء.
المرحلة الأولى ما قبل التعديل :
المبدأ المستقر في هذه المرحلة أن المشرع الجزائري لم يكن يأخذ بفكرة المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية، وذلك إعمالا لمبدأ شخصية العقوبة الذي يعد مبدآ دستوريا وأن الشخص الطبيعي وحده هو المسؤول جنائيا، إلا أن هذا لا ينفي وجود استثناءات على هذا المبدأ في نصوص خاصة تقررت بموجبها مساءلة الأشخاص المعنوية ومنه فهذه المرحلة تميزت بمبدأ عام هو عدم جواز مساءلة الشخص المعنوي واستثناءات له :
مبدأ عدم جواز مسائلة الشخص المعنوي :
من خلال التمعن في قانون العقوبات الجزائري في هذه المرحلة نلاحظ أن ما أورده المشرع من أحكام متعلقة بالأشخاص المعنوية لا تشكل نظرية عامة بصدد مساءلتها جنائيا وانما أوردت ضمن العقوبات التكميلية المطبقة على الأشخاص الطبيعيين إذا ما تقررت مساءلتهم جنائيا، وذلك في المادة 9 التي نصت على العقوبات التكميلية، وأوردت من بينها في البند 3..." حل الشخص الاعتباري" ولقد جاءت المادة 17 ق ع لتعرف عقوبة حل الشخص المعنوي على أنه " منعه من الاستمرار في نشاطه وذلك حتى ولو كان تحت اسم آخر أو مع مديرين أو أعضاء مجلس إدارة أو مسير آخرين، ويترتب على ذلك تصفية أمواله، مع المحافظة على حقوق الغير حسن النية " .
ما يعني أن المشرع أقر إمكان معاقبة الشخص المعنوي بمناسبة معاقبة الشخص الطبيعي – ممثله – عن الجريمة كما أن المشرع أقر إمكان أن تتخذ ضده مباشرة تدابير الأمن العينية، والتي نصت عليها المادة 20 بقولها "تدابير الأمن العينية هي : مصادرة الأموال وغلق المؤسسة، كما نصت المادة 26 ق ع على أنه " يجوز أن يؤمر بإغلاق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا في الحالات وبالشروط المنصوص عليها في القانون".
هذه هي مجموعة النصوص الموجودة على مستوى قانون العقوبات والمتعلقة بالشخص المعنوي، إلا أن البعض يرى أن هذا التحليل للمواد السابقة مردود عليه من عدة أوجه :
غياب أدنى أثر في قانون العقوبات لما يمكن اعتباره دليلا أو حتى قرينة لإقامة المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية، والاستناد إليه للقول أن عقوبة "حل الشخص المعنوي" هي عقوبة مقررة للشخص المعنوي الذي ارتكب بذاته جريمة، وهذا ما يجعلنا نقول أن حل الشخص المعنوي كما جاء في قانون العقوبات الجزائري هو عقوبة تكميلية مقررة للشخص الطبيعي الذي يرتكب جناية أو جنحة وليس للشخص المعنوي ذاته الذي يرتكب الجريمة، فضلا عن أن الإشكال المختلف عليه ليس معاقبة الشخص المعنوي بل حول مدى قدرته على ارتكاب الجرائم أي مدى إمكان إسناد الجريمة إليه ، فارتكاب الجرائم شيء والمعاقبة عليها شيء آخر.
حيث لم يحدد المشرع شروط تطبيق هذه العقوبة، التي ولأنها عقوبة تكميلية، لا يجوز الحكم بها إلا إذا نص القانون صراحة عليها كجزاء لجريمة معينة، وبالرجوع إلى قانون العقوبات والقوانين المكملة له لا نجد فيه إطلاقا حل الشخص المعنوي كعقوبة لجناية أو جنحة، كما أن القول بأن المشرع أقر إمكان معاقبة الشخص المعنوي بالحل في م 19، فإن ذلك لا يعني أن المشرع أقر إمكانية مساءلة الشخص المعنوي جنائيا إذ أن معاقبة الشخص المعنوي شيء ومساءلته جنائيا شيء آخر. وهو الأمر الذي يعني كما استنتج البعض أن المشرع الجزائري لا يعترف بهذا النوع من المسؤولية، ومع أن المشرع الجزائري كما أسلفنا لم يقرر صراحة المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية في قانون العقوبات، نجد هذه المسؤولية مكرسة في بعض القوانين الخاصة، في حين لم تستبعدها قوانين أخرى، والمشرع الجزائري في هذا كان يجنح إلى ما هو عليه الفقه التقليدي، فضال عن أنه كان ينقل جل أحكامه من القانون الفرنسي الذي كان بدوره– كما أسلفنا– في قانون العقوبات القديم لا يقرر هذه المسؤولية.

الاستثناء الوارد على مبدأ عدم جواز مسائلة الشخص المعنوي جزائيا :
حيث أقرت هذا الاستثناء بعض النصوص القانونية نذكر منها :
- الأمر رقم 75 – 37 المؤرخ في 29 أفريل 1975 المتعلق بالأسعار وقمع المخالفات الخاصة بتنظيم الأسعار، ويأتي على رأس القوانين التي أقرت المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية في المادة 61 منه، التي نصت على أنه " عندما تكون المخالفات المتعلقة بأحكام هذا الأمر مرتكبة من القائمين بإدارة الشخص المعنوي أو مسيريه أو مديريه.... باسم ولحساب الشخص المعنوي، يلاحق هذا الأخير بذاته وتصدر بحقه العقوبات المالية المنصوص عليها في هذا الأمر، فضلا عن الملاحقات التي تجري بحق هؤلاء في حالة ارتكابهم خطأ عمديا.
- قانون 90 ـ 22 مؤرخ في 18 أوت 1990 يتعلق بالسجل التجاري و الذي يلزم كل شخص تاجر ـ طبيعي أو معنوي ـ يمارس التجارة أن يتقيد في السجل التجاري ـ وكل مخالفة لذلك يعاقب عليها حسب المادة 26 بغرامة مالية تتراوح بين 5000د ج و 20000د ج ، وفي حالة العود تضاعف الغرامة المالية المنصوص عليها في الفقرة الأولى أعلاه.
- قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة الصادر بموجب القانون رقم 90/36 المؤرخ 31/12/1990 المتضمن قانون المالية لسنة 1991 المادة 38 منه المعدل بقانون رقم 91-25 المؤرخ 18-15-1991 المتضمن قانون المالية لسنة 1992( المواد من 4 إلى 57 )حيث أقر قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي حيث نصت المادة 303 منه في المقطع 9 على ما يلي :
" عندما ترتكب المخالفة من قبل شركة أو شخص معنوي آخر تابع للقانون الخاص، يصدر الحكم بعقوبات الحبس المستحقة وبالعقوبات التكميلية ضد المتصرفين والممثلين الشرعيين أو القانونيين للمجموعة "وتضيف الفقرة الثانية" ويصدر الحكم بالغرامات الجزائية المستحقة ضد المتصرفين أو الممثلين الشرعيين وضد الشخص المعنوي دون الإخلال، فملخص هذا الأخير بالغرامات الجنائية المنصوص على تطبيقها.
وهذه بعض أمثلة لعدة قوانين أخرى جزائية تكميلية تعاقب الشخص المعنوي.
المرحلة الثانية ما بعد التعديل :
لقد تبنى المشرع الجزائري بموجب تعديل قانون العقوبات بالأمر 04-15 صراحة مبدأ المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية، وذلك بموجب نص المادة 51 مكرر في باب المسؤولية الجنائية والتي نصت على أنه " باستثناء الدولة والجماعات المحلية والأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام، يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته أو ممثليه الشرعيين عندما ينص القانون على ذلك، أن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي لا تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعل أصلي أو كشريك في نفس الأفعال وبموجب هذا النص لم يعد هنالك مجال للجدل أو النقاش حول موقف المشرع الجزائري من الإشكالية، فنجده زيادة على إقراره لهذه القاعدة، قد حدد العقوبات التي يمكن تطبيقها على الأشخاص المعنوية إذا ما تقررت مساءلتها جنائيا، فاستحدث لذلك بابا كاملا سماه " الباب الأول مكرر" تحت عنوان "العقوبات المطبقة على الأشخاص المعنوية" والذي يلي بذلك الباب الأول الخاص بالعقوبات المطبقة على الأشخاص الطبيعيين ، و قد قرر استقال هذه العقوبات المقررة للأشخاص المعنوية عن تلك المطبقة عن الأشخاص الطبيعيين عن نفس الجرائم ، و قد تناولت هذه الأحكام المادتان 18و18 مكرر، قررت الأولى العقوبات المطبقة على الأشخاص المعنوية
في مواد الجنايات والجنح أما الثانية فجاءت بتلك المطبقة عليها في مواد المخالفات، ما يدل أن مجال متابعتها يعتبرا واسعا وحتى تكتمل نظرية المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية في التشريع الجزائري فقد استحدث المشرع أحكاما مكملة لذلك على مستوى القواعد الشكلية، في قانون الإجراءات الجنائية، الذي عرف بدوره تعديلا متزامنا مع تعديل قانون العقوبات، وذلك بموجب الامر04 -14 ( حيث استحدث المشرع بموجبه فصلا هو الفصل الثالث تحت عنوان "في المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية" والذي تضمن الأحكام الإجرائية المتعلقة بمتابعة الشخص المعنوي من حيث تحديد الجهات القضائية المختصة بالمتابعة والتحقيق والمحاكمة، ومدى إمكان إخضاع الشخص المعنوي لإجراءات الرقابة القضائية، وهو ما نصت عليه المواد 65 مكرر إلى 65 مكرر 3، ومن خلال النصوص السابقة يمكن أن نستخلص أهم خصائص المسؤولية الجنائي للأشخاص المعنوية في التشريع الجزائري، نجملها في التالي:
- أن المشرع الجزائري أقر صراحة مسايرة الاتجاه الحديث في الفقه الذي يرى ضرورة مساءلة الأشخاص المعنوية جنائيا، استجابة للضرورات الاقتصادية والاجتماعية وتماشيا مع الدور الذي تلعبه الأشخاص المعنوية في المجتمع الجزائري.
- أنها مسؤولية محدودة حيث لا تطبق إلا على الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص مع استبعاد الدولة الجماعات المحلية وكافة الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام.
- أنها مسؤولية مشروطة، بمعنى أنه ينبغي لقيامها أن يثبت ارتكاب الجريمة لحساب الشخص المعنوي من ناحية، وممن حددتهم المادة وهم أجهزة الشخص المعنوي أو ممثليه الشرعيين.
- أنها مسؤولية محددة، بمعنى أنها تنحصر في الحالات المنصوص عليها قانونيا، بخالف الشخص الطبيعي الذي يمكن أن يسأل عن أية جريمة، وفي هذا يساير المشرع الجزائري ما أورده المشرع الفرنسي من أحكام في هذا الصدد، حيث لم يورد قاعدة عامة تسأل بموجبها الأشخاص المعنوية عن كافة الجرائم إلا تلك التي لا يتصور ارتكابها من طرف شخص معنوي بل ضيق ذلك واشتراط لمتابعة الشخص المعنوي عن فعل ما، أن يكون منصوص عليه قانونيا، وهذا يعني وجوب الرجوع إلى القسم الخاص من قانون العقوبات، لتحديد الجرائم التي يجوز أن تسأل منها الأشخاص المعنوية والى النصوص الواردة في القوانين الخاصة.

إن إقرار مساءلة الشخص المعنوي جنائيا لا تعني إعفاء الأشخاص الطبيعيين الممثلين له من المتابعة الجزائية كفاعلين أو كشركاء في نفس الجريمة، ومن نص المادة 31 مكرر يتضح أن المتابعة الجنائية تتخذ أحد الصور التالية :
ـ متابعة الشخص المعنوي لوحده في مواجهة ممثله عندما ترتكب الجرائم باسمه ولحسابه من طرف أجهزته و ممثليه الشرعيين دون متابعة هؤلاء، حينما لا يثبت في مواجهتهم جرم شخصي.
ـ متابعة الشخص المعنوي والأشخاص الطبيعيين الممثلين له معا، عندما ترتكب من طرفهم جرائم باسم ولحساب الشخص المعنوي بصفتهم فاعلين أو شركاء عندما ينسب إليهم كذلك خطأ شخصي.
ـ متابعة الأشخاص الطبيعيين الممثلين للشخص المعنوي، منفردين وهي الحالات التي يرتكبون فيها أخطاء شخصية ليست باسم ولا لحساب الشخص المعنوي.

أن المشرع الجزائري، قرر بنص المادتين 18و18 مكرر العقوبات التي تطبق على الأشخاص المعنوية بعضها عقوبات أصلية وأخرى عقوبات تكميلية أو تبعية تطبق عليه بصفته فاعلا أصليا أو شريكا.
أن العقوبات التي قرر المشرع الجزائري تطبيقها على الشخص المعنوي كثيرة تتماشى وطبيعته " كالغر امة، الإغلاق، الحل، الإقصاء من الصفقات العمومية....." ومتنوعة تختلف بحسب اختلاف الجرم المقترف " جناية، جنحة، مخالفة "، ونشير هنا أن أحكام المسؤولية الجنائية أصبحت أكثر ثراء واستجابة لمتطلبات نظرية المسؤولية الجنائية بموجب تعديل قانون العقوبات التالي بموجب القانون 06 ـ 22 وكذلك بالأحكام التبعية التي أوردها بالتوازي على مستوى قانون الإجراءات الجزائية بالأمر 06-22الذي أضاف أحكاما جديدة تجعل من هذه النظرية أكثر تكاملا،
ومن مجموع النصوص القانونية، السابق دراستها، يمكن القول إن شروط قيام المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية تنحصر في أربع شروط هي :
- الشرط الأول : أن تكون الأشخاص المعنوية ممن يمكن مساءلتها جنائيا.
- الشرط الثاني : أن تكون الجريمة ممن يمكن مساءلة الأشخاص المعنوية عنها.
- الشرط الثالث : أن تقع الجريمة من شخص له حق التعبير عن إرادة الشخص المعنوي.
- الشرط الرابع : ضرورة ارتكاب الجريمة باسم ولحساب الشخص المعنوي.
المطلب الثاني : قيام المسؤولية الجنائية في التشريع الجزائري
لقيام المسؤولية الجزائية يستوجب حدوث واقعة توجب المسؤولية ‏الجزائية وشرط الواقعة الموجبة للمسؤولية الجنائية أن تكون جريمة وكذا حتى تتحقق (م ج) لا بد من ‏وجود شخص معين يحملها ويلزم في هذا المسؤول شرطان، أن يكون أهلا لتحمل المسؤولية والثاني أن ‏يكون هو مرتكب الجريمة.‏
موجب المسؤولية الجنائية : حتى تقوم (م ج) لا بد أن تكون هناك جريمة وقعت وأن نستوفي الجريمة ‏أركانها وان يكون الشخص خاضعا لقانون العقوبات.‏
حيث لا تقوم المسؤولية الجزائية الا بقيام الأهلية الجنائية والتي بدورها لا تقوم أيضا الا باجتماع أمرين هما :
التميز وحرية الاختيار، يقصد بها: مجموعة الصفات الشخصية اللازم توفرها في الشخص حتى يمكننا ‏أن ننسب إليه الواقعة الإجرامية، التي اقترفها عن إدراك واردة،‏ وعليه فهي تقييم أو تقدير لحالة الفرد النفسية والعقلية بحيث تكون لديه القدرة على تحمل تبعة عمله، ‏ولا تتحقق الأهلية إلا إذا توافر العقل والرشد بحيث يكون قادرا على التمييز والإدراك.
المشرع الجزائري لم يحدد شروط المسؤولية صراحة على غرار غالبية التشريعات المقارنة، ولكن نستشف بمفهوم المخالفة من نصوص المواد من 47 إلى المادة 51 من قانون العقوبات – التي تحدثت عن موانع المسؤولية – أن المشرع يحددها على أساس الإدراك وحرية الاختيار، وسوف نقوم بتوضيح شروط المسؤولية على النحو التالي :
1/ الإدراك :
ونعني بالإدراك الوعي " أي قدرة الإنسان على فهم ماهية أفعاله وتقدير نتائجها " والمقصود بفهم ماهية الفعل ونتائجه هو فهمه من حيث كونه فعلا تترتب عنه نتائجه العادية والواقعية وليس المقصود منه فهم ماهية في نظر قانون العقوبات، فالإنسان يسأل عن فعله حتى ولو كان يجهل أن القانون يعاقب عليه، إذ العلم بقانون العقوبات والتكييف الجنائي المستخلص منه مفترض في الجاني.
2/ الإرادة :
أما الإرادة " فهي التوجيه الذهني إلى تحقيق عمل أو امتناع معين " ويجب أن تكون حرة، بحيث يستطيع توجيهها إلى ما يريد من السلوك سواء كان فعلا أو امتناعا، وتفترض الإرادة الحرة أن يكون لدى الإنسان عدة خيارات أو بدائل وأن يكون له القدرة على الموازنة أو المفاضلة بينها.
ويتعين أن يتوافر كل من الإدراك والإرادة وقت إتيان الفعل المكون للجريمة بحيث يجب أن يتعاصر معهما، فإن انتفى أحدهما أو كلاهما انتفت المسؤولية الجنائية دون أن يؤثر ذلك على وصف الجريمة الجريمة الذي يبقى قائما.‏
المطلب الثالث : موقف المشرع الجزائري
لا شك أن المشرع الجزائري قد اعترف بحرية الاختيار إقامة المسؤولية الجزائي على هذا الأساس والدليل على ذلك أنه استبعد المسؤولية الجزائية في الحالات التي انتفت فيها حرية الاختيار، ذلك أن النصوص القانونية جاءت صريحة، فالمادة 47 من قاع ج
تنص على: " لا عقوبة على من اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة لا قبل له بدفعها ".
بالإضافة إلى المادة 49: "لا توقع على القاصر الذي لم يكتمل الثالثة عشر إلا تدابير الحماية أو التربية،
نجد أن هذه المواد صميم الموضوع الذي نحن بصدد دراسته وسوف نوضح كل مادة على حدى بالتحليل والتفسير.
تبين هذه النصوص علة امتناع المسؤولية الجزائية في فقدان حرية الاختيار تماما بنص المادة 47 وتقرر امتناع المسؤولية في حالة الإكراه لانتفاء الحرية أيضاء وكذلك ‎ المادة 49 هذه القاعدة بالنسبة لفقدان التمييز وهو صورة من صور فقدان حرية الاختيار :
ويعني ذلك أن انتفاء حرية الاختيار يؤدي إلى امتناع المسؤولية الجزائية لتخلف الأساس الذي تقوم عليه.
لكن الملاحظ أن حرية الاختيار قيدها المشرع الجزائري أسوة بالتشريعات الحديثة التي وقعت بين مذهب حرية الاختيار ومذهب الحتمية, فالمشرع الجزائري يعد تدابير أمن للمجنون بنص المادة 47 ق.ع بالرغم من عدم قيام المسؤولية.
كما يقرر تدابير؛ حالة قيام المسؤولية بالنسبة للصبي الغير المميز بنص المادة 49 ق.ع فالمادة 47 تنص على : " لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكابالجريمة وذلك دون الإخلال بأحكام الفقرة 02 من المادة 21 كما تنص المادة 21 ق.خ.ج على أن : « الحجز القضائي في مؤسسة نفسية في وضع الشخص بناء على قرار قضائي في مؤسسة مهيأة لهذا الغرض وذلك بسبب خلل في قواه العقلية قائم وقت ارتكاب الجريمة أو اعدراه بعد ارتكابها يبدو موقف المشرع الجزائري واضحا أيضا في الأخذ بمذهب حرية الاختيار المقيدة فيما ينص عليه بالاعتراف بالمسؤولية المخففة عند إنقاص حرية الاختيار في الفقرة 03 من المادة 49 بقولها على: "يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13 إلى 18 عاما لتدابير الحماية.
خلاصة القول بأن المشرع الجزائري يعترف بحرية الاختيار كأساس للمسؤولية.
ولكنها حرية مقيدة تقتضي وضع تدابير وقاية في الحالات الني تقوم فيها هذه المسؤولية أو عدم قيامها أو انتقاصها.

خـاتمة :
مكنتنا دراسة بحثنا هذا الى معرفة تطور المسؤولية الجزائية التاريخي وطبيعتها، والمذاهب الفقهية التي جرت الى تفسيرها والشروط اللازمة لاستيفائها، والنصوص القانونية المعاصرة التي تناولتها، وموقف المشرع الجزائري منها، حيث من إقامة العقاب على كل من له علاقة بالجاني ومحاكمة الأموات والحيوانات الى تطبيق مبدأ شخصية العقوبة، ووجوب استيفاء الجاني شرطي الإرادة الحرة والتمييز، فيعاقب أو تطبق في حقه تدابير الاحتراز اذا كان ناقص الأهلية، كالجنون أو قصر السن أو الاكراه...الخ
وأيضا شملت المسؤولية الجزائية الأشخاص المعنوية في النصوص التشريعية الحديثة فأصبح القضاء مختصا بمسائلة هذه الأشخاص غير الطبيعية التي تمتاز بالصفة القانونية في حالة ارتكابها لفعل مخالف للتشريع ومعاقبة الأفراد الطبيعية سواءا.

المراجع :
-عمار عوابدي، نظرية المسؤولية الادارية، دراسة تأصيلية، تحليلية و مقارنة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، سنة 1994 .
-لحسن بوسقيعة-الوجيز في القانون الجزائي العام-الديوان الوطني للأشغال التربوية-طبعة 2002.
- القاضي فريد الزغبي، الموسوعة الجزائية، المجلد الاول، المدخل إلى الحقوق والعلوم الجزائية، الطبعة الثالثة، دار صادر للطباعة 1 والنشر، بيروت، سنة 1995.
- عبد الله سليمان، شرح قانون العقوبات، القسم العام، الجزء الأول " الجريمة" دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع عين مليلة (الجزائر).
- رضا فرج، شرح قانون العقوبات الجزائري، الكتاب الاول، قانون العقوبات، القسم العام، الشركة الوطنية للنشر و التوزيع، الجزائر.
-عبد الله سليمان-شرح قانون العقوبات،القسم العام،الجزء الأول-ديوان المطبوعات الجامعية-طبعة 1998.
-عبدالحميد الشواربي و عزالدين الديناصوري-المسؤولية الجنائية في قانون العقوبات و الاجراءات الجنائية-طبعة 1989.
-عبدالحكيم فودة-الموسوعة الجنائية الحديثة، التعليق على قانون العقوبات المجلد الأول-دار الفكر و القانون بالمنصورة-طبعة 202.
-عوض محمد عوض-قانون العقوبات،القسم العام-دار الجامعة الجديدة للنشر طبعة 2000.
-د.فتوح عبد الله الشاذلي-شرح قانون العقوبات،القسم العام، الكتاب الثاني، المسؤولية في الجزاء-دار الهدى مطبوعات الجامعة-طبعة 1997.
-رضي فرج-شرح قانون العقوبات الجزائري،الأحكام العامة للجريمة-ش.و.للنشر و التوزيع-طبعة 1976.
-د.رمسيس بهناء-النظرية العامة للقانون الجنائي-دار المنشأة المعارف للنشر – طبعة 1997.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
المسؤولية ، الجنائية ،









الساعة الآن 08:58 AM