شرح عقوبة محاولة القتل في الجزائر
الجريمة غير المكتملة مادة 30 ق ع
إن العقاب علي الشروع في الجنايات يأخذ نفس العقوبة المقررة لهذه الجناية وحسب نص المادتين 261 و 263 ق ع فإن العقوبة المقررة لجريمة القتل هي :
- الإعدام
- السجن المؤبد
- السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة.
وعليه فإن أي محاولة أو شروع حسب الحالة في محاولة القتل يأخذ نفس العقوبة للجريمة التامة في جناية القتل.
وضعت لنا المادة 30 قانون عقوبات القاعدة والأصل في التشريع العقابي وهو أن الشروع في أي جناية تأخذ العقوبة المقررة لهذه الجناية ذلك أن المشرع في الجزائر سوى من حيث العقوبة بين الشروع وبين الجريمة التامة اعتدادا بالارادة الاجرامية للفاعل فهي واحدة في حالة الشروع وحالة الفعل التام اعتناقا من المشرع بالمذهب الشخصي كمعيار للشروع فلا حاجة اذن للنص على عقاب الشروع في كل الجناية وارادة في قانون العقوبات.
- نص المادة 30 ق ع { كل محاولات لارتكاب جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ أو بأفعال لا لبس فيها تؤدي مباشرة إلى ارتكابها تعتبر كالجناية نفسها إذا لم توقف أو لم يخب أثرها إلا نتيجة لظروف مستقلة عن إرادة مرتكبها حتى ولو لم يمكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها }.
- نص المادة 261 ق ع { يعاقب بالإعدام كل من ارتكب جريمة القتل أو قتل الأصول أو التسميم .
ومع ذلك تعاقب الأم، سواء كانت فاعلة أصلية أو شريكة في قتل ابنها حديث ا لعهد بالولادة السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة على أن لا يطبق هذا النص على من ساهموا أو اشتركوا معها في ارتكاب الجريمة }.
- نص المادة 263 ق ع { يعاقب على القتل بالإعدام إذا سبق أو صاحب أو تلى جناية أخرى كما يعاقب على القتل بالإعدام إذا كان الغرض منه إما إعداد أو تسهيل أو تنفيذ جنحة أو تسهيل فرار مرتكبي هذه الجنحة أو الشركاء فيها أو ضمان تخلصهم من عقوبتها
ويعاقب القاتل في غير ذلك من الحالات بالسجن المؤبد }.
من المقرر قانونا أنه لثبوت المحاولة يجب توفر الشروط التالية :
- البدأ في التنفيذ.
- أن يوقف التنفيذ أو يخيب أثره لأسباب لا دخل لارادة الفاعل فيها.
- أن يقصد به ارتكاب جناية أو جنحة –الغرفة الجنائية ملف رقم 83315 قرار 191.02.05 المجلة القضائية العدد الثاني 1993 صفحة 164.
متى ثبت أن المتهم طعن الضحية بالخنجر فأصابها بعدة ضربات ولم يتوقف الا بعد فرارها من محكمة الجنايات أدانت بمحاولة القتل العمدي بعد ما وضعت له سؤالا وأجابت عليه بنعم طبقت صحيح القانون
( الفرقة الجنائية ملف رقم 49143 قرار 19.02.16 المجلة القضائية العدد الرابع 1993 صفحة 221 ).
شرح :
إن المحاولة في المجال الجزائي تعتبر جريمة ناقصة بالنظر إلى أن الجاني يشرع في تنفيذ الجريمة ولكن النتيجة الإجرامية لا تتحقق إما لتدخل عامل خارج عن إرادته أو وقف نشاطه الإجرامي ومنعه من تحقيق النتيجة الإجرامية وتسمى المحاولة في هذه الحالة بالجريمة الموقوفة.
وإما لخيبة اثر فعله، بحيث أتى كل الأفعال التي تمكنه من تحقيق النتيجة ومع ذلك لم تتحقق وتسمى المحاولة في هذه الحالة بالجريمة الخائبة .
مثل امتناع الأم عن إرضاع طفلها قصد قتله، ويتمكن شخص من أخذه منها وينقذ حياته فان الأم تكون قد ارتكبت محاولة القتل. بالرغم من أن المحاولة جريمة لا تقع تامة، بحيث ينعدم فيها عنصر النتيجة الإجرامية، إلا أن المشرع مع ذلك يعاقب عليها.
وسبب ذلك أن المشرع الجنائي لا يجرم تلك الأفعال التي تمس بمصالح الجماعة الأساسية فقط وإنما أيضا الأفعال التي تهدد تلك المصالح بالخطر.
وفعل الجاني في المحاولة يهدد المصالح، إذ انه يتجاوز مرحلة العزم والتصميم، ويبدأ في الأعمال التحضيرية، والتنفيذ، والنتيجة إن لم تتحقق فذلك راجع لأسباب قد تكون خارجة عن إرادة الجاني.
أركان الشروع في الجريمة :
يشترط المشرع لتوافر الشروع أركان ثلاثة :
الأول عنصر مادي خارجي هو البدء في التنفيذ والثاني عنصر معنوي داخلي و هو قصد إركاب جنابة أو جنحة و الثالث أن يوقف الفعل أو يخيب أثره لسبب خارج عن إرادة الفاعل .
أولا: البدء في التنفيذ :
يعرف الفقيه "
قيلي " البدء في التنفيذ الذي يعد شروعا معاقبا عليه بأن الفعل التنفيذي هو بدء الجريمة و جزء مكمل لها و لا يمكن فصله عنها فإذا ما أخذت الجريمة التي كان الجاني ينوي مفارقتها في مجموعها يحسب تعريفها القانوني و تساءلت ما إذا كان الفعل المذكور بعد جزءا منها أم لا و كان الجواب بالإيجاب فالفعل يكون تنفيذيا و إلا فهو عمل تحضيري .
يعتبر البدء في التنفيذ هو الفيصل بين المباح و المحظور و قد حرص المشرع على بيان هذا المعني فنص صراحة على أنه لا يعتبر شروعا في الجريمة مجرد العزم على ارتكابها ولا الأعمال التحضيرية لها
و لم تعطي القوانين الوصفية لهذا الركن نصيبه الكافي من التعريف و يتجلى سب ذلك في تعدد الجرائم مما يصعب جمعها في نص واحد مانع وقد يهيئ للمجرمين منفذ الهروب من العقاب بارتكاب أعمال لم يحط المشرع لمثلها و لم ينص على العقاب عليها ، فكان الحاصل أن سلك المشرع سبيل التعميم و الغموض في وضع الصيغة المميزة للأفعال المعاقب عليها مما أدى إلى إختلاف القول و تعدد النظريات في تحديد المراد و شروطه .
- العنصر الأول من عنصري الركن المادي للشروع في الجريمة بحسب المادة 30 من قانون العقوبات الجزائري هو البدء في التنفيذ بأفعال لا لبس فيها تؤدي مباشرة إلى ارتكاب الجريمة وهذا يؤكد اعتناق المشرع الجزائري للمذهب الشخصي كمعيار للشروع إذ يكفي ارتكاب الفعل المادي الذي يؤدي مباشرة إلى الجريمة في نظر الفاعل فيعتبر الجاني شارعا في سرقة اعتد ضبطه حاملا سلاحا أو أداة للفتح في فناء المنزل وكذلك إذ دخل الجاني حقل المجني عليه ليلا لإتلاف المزروعات ، فإن ذلك يتحقق به البدء في التنفيذ متى كانت تؤدي مباشرة إلى ارتكاب الجريمة وكذلك في كل الأعمال التحضيرية بأفعال لا لبس فيها تؤدي مباشرة إلى ارتكاب الجريمة وفقا للمادة 30 من قانون العقوبات الجزائري.
ثانيا : الركن المعنوي
ليس للركن المعنوي في الشرع إلا صورة واحدة وهي العمد الذي يعتبر من طبيعة الشروع لغة وقانونا ، لأن الشروع نشاط هداف يسعى الفاعل من ورائه إلى تحقيق أمر يتمثله ويريده و قد نص القانون صراحة على لزوم العمد وذلك في المادة 30 من قانون العقوبات الجزائري و المادة 45 من قانون العقوبات المصري أن يكون البدء في التنفيذ مقترنا بقصد ارتكاب جناية أو جنحة و مؤدى ذلك أنه شروع في الجرائم الغير عمدية ، فمن يقود سيارته بسرعة كبيرة فيوشك أن يقتل غيره لا يعد شارعا في القتل الخطأ .
كذلك لا شروع بوجه عام في الجرائم التي تتجاوز نتيجتها قصد فاعلها ، لأن القانون يحمل الفاعل تبعة النتيجة التي ترتب على فعله رغم أنه لم يردها على أنه يحب مع ذلك التفرقة بين طائفتين من هذه الجرائم طائفة يسأل فيها الجاني عن النتيجة التي حدثت بشرط أن تكون هذه النتيجة غير مقصودة من جانبه وهذه الطائفة لا يتصور الشروع فيها ومنها الضرب المقضي إلى الموت ، فالجاني لا يعاقب بالعقوبة المقررة لهذه الجريمة إلا إذا كانت إرادته لم تتجه إلى إحداث الوفاة أما إذا إتجهت إليها فإنه يسأل عندئذ عن قتل العمد ، أما الطائفة الثانية فيسأل فيها الجاني عن النتيجة سواء أرادها أم لا وهذه الطائفة يتصور الشروع فيها في حالة إتجاه الإرادة إلى نتيجة ومنها الضرب المقضي إلى عاهة.
ثالثا : الجريمة الخائبة ( le délit manque )
تعتبر الجريمة المستحيلة صورة خاصة للجريمة الخائبة أو الشروع الخائب ففي كل منهما يستنفذ الجاني السلوك الإجرامي اللازم لتحقيق النتيجة الإجرامية ومع ذلك لا تتحقق تلك النتيجة لسبب خارج عن إرادته ، أما إذا كان عدم إتمام الجريمة راجع إلى إرادة الفاعل نفسه إذ يعدل عن إحداث النتيجة ، فيما يسمى بالعدول الإختياري فعندها تنتقي جريمة الشروع ولا يعاقب عليها .