مذكرة تخرج إلتزام البائع بتسليم
المبيع في القانون الجزائري
المبحث الأول مفهوم التسليم
المطلب الأول أهمية التسليم
المطلب الثاني تعريف التسليم وتحديد عناصره
المطلب الثالث كيفية التسليم
الفرع الأول : التسليم القانوني
الفرع الثاني : التسليم الحكمي
المبحث الثاني : محل الالتزام بالتسليم
المطلب الأول: حالة المبيع
الفرع الأول : التغيير الضار بالمبيع
الفرع الثاني : التغيير المفيد للمبيع
المطلب الثاني: مقدار المبيع
الفرع الأول: حالة نقص المبيع
الفرع الثاني: حالة زيادة المبيع
الفرع الثالث: تقادم الدعاوى الناشئة عن نقص المبيع أو زيادته
المطلب الثالث: ملحقات المبيع
المطلب الرابع : مكان التسليم وزمانه ونفقاته
الفرع الأول : مكان التسليم
الفرع الثاني : زمان التسليم
الفرع الثالث : نفقات التسليم
المبحث الثالث : تبعة هلاك الشيء المبيع قبل التسليم
المطلب الأول: تحديد نطاق تبعة الهلاك
المطلب الثاني : تبعة الهلاك الكلي قبل التسليم
المطلب الثالث: تبعة الهلاك الجزئي وحالة نقص قيمة المبيع بسبب التلف
المبحث الرابع : جزاء الإخلال بالالتزام بالتسليم
المطلب الأول : التنفيذ العيني
الفرع الأول : مطالبة الدائن للتنفيذ العيني
الفرع الثاني : فرض القاضي التنفيذ العيني
المطلب الثاني : فسخ العقد والتعويض
الفرع الأول : فسخ عقد البيع
الفرع الثاني : التنفيذ عن طريق التعويض
الخاتمة
لتحميــل الملف بصيغة DOC
إضغط هنــــــــا
أو
هنــــــــا
مقدمة
يعتبر عقد البيع من أهم العقود المسماة وأقدمها وأكثرها شيوعا، إذ أنه الوسيلة الرئيسية لتبادل الأموال بين الأفراد، إلا أنه لم يكن معروفا منذ البداية بل سبقته إلى الوجود المقايضة أي التقايض بالسلع بحيث بموجبها يحصل الشخص على سلعة يرغب فيها مقابل سلعة يملكها، ولصعوبة توافق رغبات المقايضين وحاجاتهم كان من الضروري البحث عن وسيلة أخرى تستقيم بها المعاملات وتتداول بها الثروات تتمثل في جعل أحد السلع ذات منفعة عامة تنسب إليها باقي السلع، ومن هنا وجدت فكرة المعادن الثمينة وظهرت النقود كمقياس مشترك للقيمة وظهر معها عقد البيع الذي أصبح يعتبر من أهم العقود المدنية وأكثرها شيوعا في حياتنا المعاصرة لذلك اهتمت مختلف التشريعات بتنظيمه وأدرجته ضمن قائمة العقود المسماة متصدرا قائمة العقود الناقلة بالملكية.
ومن بين هذه التشريعات عرفه المشرع الجزائري في نص المادة 351 من التقنين المدني بأنه :" البيع عقد يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حق مالي آخر في مقابل ثمن نقدي"
والبيع بهذا المعنى ذو اثر مزدوج إذ ينتج عنه نقل الحق من البائع إلى المشتري، ويتضمن وفاء المشتري بالثمن إلى البائع نظير تلقي ملكية المبيع، فهو يعتبر بالنسبة للبائع بيعا، وبالنسبة للمشتري شراء، وبالتالي فان البيع يجمع بين خاصيتين يجعلانه من الناحية القانونية يمثل طائفتين من العقود هما طائفة العقود الناقلة للملكية وطائفة العقود الملزمة للجانبين.
وانتقال الحق في الملكية يترتب عنه إمكانية المشتري في استغلال واستعمال الشيء المبيع ولذا يلتزم البائع بتسليم المبيع له، وبالتالي يعتبر الالتزام بالتسليم من أهم الالتزامات التي يفرضها القانون على البائع بل هو جوهر عقد البيع ومحور أحكامه، وعلى هذا الأساس نطرح الإشكالية التالية: فيما تتمثل أحكام الالتزام بالتسليم؟
اعتلى التسليم في القانون القديم أهمية كبيرة ومن بينها القانون الروماني والقانون الفرنسي القديم إذ كان يعتبر شرطا أساسيا لانتقال الملكية فيهما، بينما في القوانين الحديثة ليس له دور في انتقال الملكية بل يعتبر أثرا مترتبا عن عقد البيع.
كما تظهر هذه الأهمية في أن التقنين المدني الجزائري جعل الالتزام بالتسليم من مستلزمات عقد البيع، فإذا كان القصد من البيع هو نقل الملكية وتمتع المشتري بسلطات المالك فان هذا الأمر لا يتجسد في الواقع إلا من خلال الالتزام بالتسليم الذي يمكن المشتري الحيازة الكلية للمبيع حتى يتمكن من الانتفاع به ذلك لأن حق الملكية يتضمن الانتفاع وهو لا يكون إلا عن طريق الحيازة مباشرة كانت أو غير مباشرة، بحيث جاء في المادة 167 من التقنين المدني الجزائري : " الالتزام بنقل حق عيني يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى التسليم".
تنص كذلك المادة 364 من نفس التقنين على أنه : يلتزم البائع بتسليم الشيء المبيع للمشتري في الحالة التي كان عليها وقت البيع . ويلاحظ أن التسليم الذي نص عليه المشرع في هاتين المادتين هو التسليم الذي يؤدي إلى نقل الحيازة من البائع إلى المشتري بغض النظر عن انتقال الملكية أو عدمها.
وتظهر أهمية التسليم بوجه خاص في أن حصوله يعتبر وفاء للالتزام بالتسليم وطريقا لانقضائه، فضلا على أن المشتري يصبح منذ اتمام عملية التسليم قادرا على الانتفاع الكامل بالشيء المبيع ومن ثم يكون قد حقق الغاية من الشراء .
إضافة إلى ذلك فان التسليم يقوم بدور كبير وخطير في نفس الوقت لاستقرار ملكية الأشياء المعينة بذاتها للمشتري الذي تم تسليمها له ومن ثم يصبح محصنا من قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية، وعلى وجه الخصوص إذا تصرف البائع بالشيء نفسه إلى مشتر اخر حسن النية فالتسليم يمنع المشتري الثاني من المطالبة بالشيء المبيع، وان كان له أن يرجع على البائع بالتعويض على أساس إخلال البائع بالتزامه اتجاهه.
كما أنه إذا لم يكن التسليم في القانون الحديث لازما لنقل الملكية إلا أنه قد يفيد في نقلها كما هو الأمر إذا كان المبيع من الأشياء المعينة بالنوع لأن الملكية في هذه الأشياء لا تنتقل إلا بفرز المبيع، وفرز المبيع يتم عادة عند التسليم، وفي هذه الحالة تتزامن عملية تسليم المبيع بعملية نقل الحق فيه.
ونظرا لندرة الدراسات الأكاديمية التي تعنى بدراسة موضوع الالتزام بالتسليم في عقد البيع اخترته موضوعا لبحثي، كما أنه و بالرغم من الأهمية البالغة لهذا الالتزام إلا أن المشرع الجزائري أفرد له سبع مواد فقط لتنظيمه وهي المواد من 364 إلى 370 من التقنين المدني وبذلك لم يتسنى له تحديد مضمونه تحديدا دقيقا، كذلك نجد أن جل التشريعات تحيل أحكام الالتزام بالتسليم في سائر العقود إلى عقد البيع.
المبحث الأول : مفهوم التسليم
المطلب الأول : أهمية التسليم
تبدو أهمية التسليم كالتزام يقع على عائق البائع في الأمور الآتية :
أولا : أن المشتري يصبح منذ إتمام عملية التسليم قادرا على الانتفاع الكامل بالشيء المبيع ومن ثم يكون المشتري قد حقق الغاية من الشراء .
ثانيا : إن التسليم يقوم بدور كبير وخطير في نفس الوقت بالنسبة لاستقرار ملكية الأشياء المعينة بذاتها للمشتري الذي تم تسليمها له ومن ثم يصبح محصنا من قاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز وعلى وجه الخصوص إذا تصرف البائع بالشيء نفسه إلى مشتر آخر حسن النية فالتسليم يضع المشتري الثاني من المطالبة بالشيء المبيع وإن كان له أن يرجع على البائع بالتعويض على أساس إخلال البائع بالتزامه تجاهه .
ثالثا : من المعروف في الأشياء المعينة بنوعها أن ملكيتها لا تنتقل إلا بفرزها وفرز المبيع يتم عادة عند التسليم في هذه الحالة تمتزج عملية التسليم بنقل الملكية للحق حتى تبدوا أنها السبب لانتقال الملكية .
رابعا : التسليم في القانون الروماني والقانون المدني الفرنسي القديم كان يعتبر شرطا لانتقال الملكية فيهما , فإذا لم يتم التسليم للشيء المبيع إلى المشتري فإن الملكية لم تكن تنتقل إليه بينما التسليم في القوانين الحديثة فقد أصبح التسليم مجرد أثر يترتب على عقد البيع ولا دور له في انتقال الملكية .
المطلب الثاني : تعريف التسليم وتحديد عناصره
تنص المادة 367 /1 من القانون المدني الجزائري بأنه: ( يتم التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يتسلمه تسلما ماديا ما دام البائع قد أخبره بأنه مستعد لتسليمه بذلك ...) .
ومن هذه الفقرة التي وردت في المادة 367 مدني جزائري يتضح لنا أن التسليم عبارة عن وضع الشيء المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع حيازته والانتفاع به دون أن يعرقل ذلك أي عائق حتى ولو لم يتم تسليمه تسليما ماديا .
ويتضح من هذا النص أن تنفيذ البائع لالتزامه بالتسليم يقتضي توافر عنصرين :
- الأول : وضع المبيع تحت تصرف المشتري
, بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق , فإذا وجد عائق يحول بين المشتري وحيازة المبيع والانتفاع به فإن البائع لا يكون قد نفذ التزامه بالتسليم , سواء كان العائق راجعا إلى فعل البائع أو إلى فعل الغير , مع ملاحظة أن وجود مستأجر في العين المبيعة لا يعتبر عائق متى كان عقد الإيجار نافذا في حق المشتري , وكان البائع قد أعلمه به إذ يصبح المستأجر حائزا لحساب المشتري لا لحساب البائع , ويسري مثل هذا الحكم في حالة ما إذا كانت العين المبيعة محملة بحق انتفاع واقتصر البائع على بيع ملكية الرقبة .
- الثاني : إعلام البائع للمشتري بأن المبيع قد وضع تحت تصرفه ولا يلزم لهذا الإعلام شكل خاص ولا يلزم فيه إعلان رسمي بل هو يتم بكافة الطرق لكن لا يكفي مجرد علم المشتري بأن المبيع قد أصبح تحت تصرفه بل يجب أن يكون هذا العلم ناتجا عن إخطار البائع له .
وإذا توفر هذان العنصران فإن البائع يكون قد نفذ التزامه بالتسليم ولو لم يكن المشتري قد حاز المبيع حيازة مادية أو فعلية , فتنفيذ البائع لالتزامه بالتسليم يتم بالتسليم القانوني .
المطلب الثالث : كيفية التسليم
والتسليم إما أن يكون تسليما قانونيا , وأما أن يكون تسليما حكميا :
الفرع الأول : التسليم القانوني :
وقد نصت عليه المادة 367 مدني جزائري , ويقع بتوافر عناصر التسليم التي سبق وحددناها , ويتحقق العنصر الأول للتسليم القانوني بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بالطريقة التي تتفق مع طبيعته , فإذا كان المبيع عبارة عن عقار (أرض أو دار) فإن تسليمه يقتضي تخلية البائع للأرض أو الدار بحيث يصبح في مقدور المشتري وضع يده عليه , وقد يتطلب الأمر في هذه الحالة , أن يقوم البائع بتسليم مفاتيح الدار والمستندات التي تثبت ملكيته للمبيع .
أما إذا كان المبيع منقولا ماديا , فان تسليمه للمشتري يتم عادة بالمناولة , أي بالتسليم المادي أو الى نائب المشتري , أو بتحويل سند الشحن أو الايداع أو التخزين للمشتري في حالة ما يكون المنقول مشحونا أو مودعا أو مخزونا في جهة ما .
وإذا كان المنقول غير معين بالذات فان تسليمه يتم عن طريق إفراز المبيع بحضور المشتري ودعوته لتسلمه .
وإذا كان المبيع عبارة عن حق مالي , كحق مرور , أو كحق انتفاع فيقع التسليم بقيام البائع بتسليم المشتري سندات الحق المنشئ له , وان لم يوجد , فيكون بترخيص البائع للمشتري في استعمال الحق مع تمكينه من ذلك , وإزالة ما قد يحول بينه وبين استعمال حقه , والأمر كذلك إذا كان الحق المبيع حقا ذهنيا كحق المؤلف .
وإذا كان المبيع عبارة عن حق شخصي , كما في حوالة الحق فان تسليمه للمشتري (المحال إليه) يتم بوضع الحق تحت تصرفه عن طريق تسليمه سند الحق لتمكينه من استعماله في مواجهة المحال عليه .
ويتوفر العنصر الثاني , بإعلام البائع نفسه المشتري بوضع المبيع تحت تصرفه , ولذلك لا يكتفي في هذا الشأن بمجرد علم المشتري , بل يجب أن يكون هذا العلم مستمدا من البائع نفسه , وذلك منعا لكل لبس حول حقيقة علم المشتري بوضع المبيع تحت تصرفه , وهذا الإعلام لا يتطلب شكلا محددا , فيجوز أن يتم بإنذار رسمي أو بجواب موصى عليه أو بطريقة شفهية .
الفرع الثاني : التسليم الحكمي :
وقد يتم التسليم بمجرد تراضي المتعاقدين على البيع , وهذا تسليم حكمي , ويكون ذلك بالاتفاق على تغيير صفة الحيازة , ويقوم التسليم الحكمي مقام التسليم القانوني وقد نصت عليه المادة 367 فقرة 2 من القانون المدني الجزائري بقولها: (وقد يتم التسليم بمجرد تراضي الطرفين على البيع إذا كان المبيع موجودا تحت يد المشتري قبل البيع أو كان البائع قد استبقى المبيع في حيازته بعد البيع لسبب آخر لا علاقة له بالملكية (
يتبين لنا من هذه الفقرة أن التسليم الحكمي يتميز عن التسليم القانوني في أنه يتم بتراضي الطرفين (البائع والمشتري) باعتباره اتفاق أو تصرف قانوني ( وليس بعمل مادي) , ويقع هذا النوع من التسليم بالاتفاق على أن المبيع قد تم تسليمه من البائع إلى المشتري .
كما يتضح كذلك أن التسليم الحكمي له صورتان :
الصورة الأولى : إذا كان المشتري يحوز المبيع قبل البيع حيازة عرضية باعتباره مستأجرا أو مستعيرا أو مودعا لديه أو مرتهنا رهن حيازة , فبمجرد الاتفاق على البيع تتغير صفة حيازته فيصير حائزا بصفته مالكا عن طريق الشراء .
الصورة الثانية : وهي الصورة العكسية , صورة البائع الذي يظل حائزا للمبيع بعد البيع على سبيل الإيجار أو العارية أو الانتفاع أو الرهن أو الوديعة , فتتغير صفة حيازته من حائز لحساب نفسه الى حائز لحساب المشتري .
وفي الحالتين يعتبر التسليم قد تم للمشتري بمجرد العقد .
المبحث الثاني : محل الالتزام بالتسليم
محل الالتزام بالتسليم، هو المبيع المتفق عليه في عقد البيع، وبالتالي يجب أن يتم تسليمه من قبل البائع بالحالة التي كان عليها المبيع وقت إبرام عقد البيع، وبالمقدار الذي حدد في العقد وكذا ملحقاته التي تتبعه، ولأهمية دراسة هذه المسائل ، سنتكلم عن كل واحد منها بشيء من التفصيل :
المطلب الأول : حالة المبيع :
تنص المادة 364 من القانون المدني الجزائري، على أنه : (يلزم البائع بتسليم الشيء المبيع للمشتري في الحالة التي كان عليها وقت البيع(
من المادة السابقة يتبين أن البائع يلتزم بتسليم المبيع المتفق بالحالة التي كان عليها المبيع وقت إبرام عقد البيع وهذه الحالة قد يتفق عليها، فإذا وجد اتفاق بينهما فالعقد شريعة المتعاقدين، وإن لم يوجد وجب على البائع تسليم المبيع إذا كان منقولا معنيا بذاته , وفقا لصفاته وحالته التي كان عليها وقت إبرام العقد... مثال:_ أرض: (.. الحدود والمساحة, مالها من حقوق, وما عليها من تكاليف ,...) , أما إذا كان المبيع منقولا معينا بنوعه فقط , فإن البائع يلتزم بتسليم شيء من درجة جودة الشيء المتفق عليه , وان لم يكن هناك اتفاق على البائع تسليم شيء من صنف متوسط .
قد يطرأ على المبيع تغير ما , قد يكون ضارا بالمشتري , و قد يكون نافعا , في هذه الحالة يختلف الحكم في الحالتين :
الفرع الأول : التغيير الضار بالمبيع :
عند قيام الدليل على مثل هذا ها التغير فإنه يعتبر ضارا بالمشتري في نفس الوقت , والبائع هو المسؤول سواء رجع التغيير لفعله الشخصي , أو فعل غيره , ذلك أن البائع يلتزم بتحقيق غاية , ووجود هذا التغير يعنى إخلاله بتنفيذ التزامه وفقا لما تقضيه المادة 364 من القانون المدني الجزائري , هنا يكون البائع أمام أمرين :
1- تنفيذ التزامه عنيا في حدود استطاعته بإزالة التغير الضار.
2- تعرضه لحق المشتري في الرجوع عليه بالتعويض أو مطالبته لفسخ العقد مع التعويض والبائع مسؤول عن التغيير , حتى ولو كان بفعل القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ على أساس أن إلزامه التزام بتحقيق نتيجة.
الفرع الثاني :- التغيير المفيد للمبيع :
إذا كان سبب التغير أجنبي , فالزيادة من نصيب المشتري دون مقابل , كزيادة العقار عند كونه بجانب نهر , أما في حالة كون سبب التغير بفعل البائع (كالتحسينات), فتعتبر تحسينات البائع تحسينات في ملك الغير مع علمه بذلك , هنا للمشتري المطالبة بإزالة التحسينات على نفقته , والتعويض إن كان له وجه , أو استبقاء التحسينات مقابل دفع قيمتها مستحقه الإزالة , أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن المبيع نتيجة هذه الأعمال .
المطلب الثاني : مقدار المبيع :
تنص المادة 365/1 من القانون المدني الجزائري أنه : (إذا عين في عقد البيع مقدار المبيع كان البائع مسؤولا عما نقص منه بحسب ما يقضي به العرف , غير أنه لا يجوز للمشتري أن يطلب فسخ العقد لنقص في المبيع إلا إذا ثبت أن النقص يبلغ من الأهمية درجة لو كان يعلمها المشتري لما أتم البيع(
يتبين من النص السابق , أنه إذا كان قد حدد مقدار المبيع في العقد (كالمساحة, أو العدد, أو الكمية) , فإن البائع يلتزم في مواجهة المشتري وفقا للمقدار الذي حدد في العقد , فإذا نفذ البائع بما التزم به , فليس للمشتري أن يرجع عليه بشيء .
لكن قد يقع أن يكون المقدار المبيع المسلم للمشتري أقل مما حدد , أو أكثر مما أتفق عليه , فيكون لكليهما , حينئذ , الحق في الرجوع على بعضيهما .
الفرع الأول : حالة نقص المبيع :
في حالة اكتشاف المشتري نقصا في المبيع وفقا للمقدار المتفق عليه في العقد , يكون البائع مسؤولا عما نقص من المبيع , إلا إذا أوجد اتفاق على التسامح فيما إذا وجد نقص في حالة المبيع , أو أن يكون العرف قد جرى بالتسامح بهذا النقص , عندئذ تنتفي مسؤولية البائع , وتنتفي معها أحقية المشتري في الرجوع على البائع .
يكون مضمون حق المشتري في حالة اكتشاف النقص على الخيار بين إنقاص الثمن وفسخ العقد , إلا أن فسخ العقد لا يكون إلا إذا كان النقص في مقدار المبيع جسيما , حيث لو كان يعلمه المشتري لما تعاقد , وذلك كله بناء على حكم الفقرة الأولى من المادة 365 من القانون الجزائري .
الفرع الثاني : حالة زيادة المبيع :
تنص الفقرة الثانية من المادة 365 من القانون الجزائري : (وبالعكس إذا تبين أن قدر الشيء المبيع يزيد على ما ذكر بالعقد , وكان الثمن مقدرا بحسب الوحدة , وجب على المشتري إذا كان المبيع غير قابل للتقسيم أن يدفع ثمنا زائدا إلا إذا كانت الزيادة فاحشة , ففي هذه الحالة يجوز له أن يطلب فسخ العقد كل هذا كالم يوجد اتفاق يخالفه(
يتبين من حكم الفقرة السابقة ، أنه قد يكون هناك زيادة عن المقدار المتفق عليه بين البائع والمشتري ، هنا يتوجب علينا أعمال الاتفاق القائم بينها في تسوية هذا الأمر، وفي حالة انعدام مثل هذا الاتفاق ، نفرق بين أمرين :
أولا : إذا كان الشيء المبيع غير قابل للتقسيم (التبعيض) ، أو كان تقسيمه يترتب عليه ضرر بالبائع فعلى المشتري أن يدفع ثمنا تناسب مع الزيادة ، إلا إذا تبين أن الزيادة في المبيع بلغت حدا من الجسامة بحيث لو كان يعلمها المشتري وقت العقد ما أبرم العقد ، ومن ثم يجوز له أن يفسخ العقد .
ثانيا : إذا كان المبيع قابلا للتقسيم (التبعيض) فإن المشتري لا يلتزم إلا بالمقدار المتفق عليه في العقد إذا كان الثمن مقدر على أساس الوحدة (المتر، أو الطن، أو القنطار...الخ) ولا يجوز للمشتري أن يجبر البائع على تسليمه المقدار الباقي في مقابل زيادة الثمن , و لا يجوز للبائع من جهة أخرى إلزام المشتري بأن يأخذ المقدر الزائد مقابل ثمن يدفعه المشتري يتناسب مع المقدار الزائد .
لكن ما حكم ما إذا كان الثمن مقدر في عقد البيع جملة واحدة وليس بسعر الوحدة ثم تبين أن في المبيع زيادة في مقداره ؟ يذهب الفقه إلى أن الزيادة من نصيب المشتري دون أن يدفع مقابلا لزيادة أي شيء وذالك بسبب أن المقدار ورد على سبيل الوصف، ثم لتقصير البائع في تحديد الثمن جملة دون تحديد .
الفرع الثالث : تقادم الدعاوى الناشئة عن نقص المبيع أو زيادته :
تنص المادة 366 من القانون المدني الجزائري على أنه : ( إذا وجد في قدر المبيع نقص أو زيادة , فان حق المشتري طلب إنقاص الثمن أو فسخ العقد , وحق البائع في طلب تكملة الثمن يسقطان بالتقادم بعد مضي سنة من وقت تسليم المبيع تسليها فعليا(
يتبين من نص المادة السالفة الذكر خضوع هذا النوع من الدعاوى للتقادم قصير المدة , حيث حددت المدة من طرف المشروع بسنة كاملة , وحكمة ذلك في رغبة المشرع في استقرار المعاملات القانونية .
ومدة التقادم القصير يبدأ منذ إتمام عملية التسليم الفعلي للمبيع إلى المشتري , وليس التسلم الحكمي ، حيث أن اكتشاف النقص أو الزيادة من المشتري أو البائع لا يتحقق إلا بإتمام عملية التسليم الفعلي للمبيع .
والدعاوى التي أخضعها المشرع الجزائري لأحكام المادة 366 هي كالتالي:
أولا: دعوى إنقاص الثمن :
وهي تثبيت المشتري في حالة ما تبين وجود نقص في المبيع .
ثانيا: دعوى فسخ عقد البيع :
وهي دعوى تثبت للمشتري أيضا في حالتين :
1- حالة وجود نقص جسيم في المبيع ، وهو النقص الذي لو كان يعلم به المشتري لما أبرم العقد .
2- حالة وجود زيادة في المبيع ، وإذا كان لا يقبل التجزئة (التبعيض) وثمنه قدر بحساب الوحدة .
ثالثا : دعوى تكملة الثمن :
وهي دعوى تثبت للبائع إذا تبين وجود زيادة في المبيع , وكان لا يقبل التجزئة , وثمنه قد قدر بحساب الوحدة .
المطلب الثالث : ملحقات المبيع :
لم ينظم المشرع الجزائري حكم ملحقات المبيع كما فعل المشرع المصري, وعلى الرغم من هذا النقص التشريعي فإننا نستطيع أن نتلمس من القواعد العامة في القانون , حكم ما يعتبر من ملحقات المبيع .
نصت الفقرة الثانية من المادة 107 من القانون المدني الجزائري بأنه : (لا يقتصر العقد على التزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب , بل يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون , والعرف والعدالة , بحسب طبيعة الالتزام ) , وعليه فان نقل ملكية أحد الأشياء , يؤدي إلى انتقال ما يعتبر من الملحقات الضرورية للشيء المبيع وكل ما أخذ بصفة دائمة لاستعماله , وهذا يعنى أن تسليم المبيع من قبل البائع يجب أن يشمل كل ما يعتبر من الملحقات الضرورية للمبيع , و إلا كان التسليم ناقصا وليس تاما .
إضافة إلى ما سبق فإننا نستطيع أن نتلمس حكم ملحقات المبيع من قواعد انتقال الحقوق من شخص إلى آخر, والتي تتمثل في :
1-قاعدة أن الشخص إلى غيره بأكثر مما يملك وهي التي تعني , أن الشخص إذا نقل حقا من حقوقه , فإنه ينقله للمتلقي بما لهذا الحق وما عليه , لأن فاقد الشيء لا يعطيه .
2-قاعدة الفرع يتبع الأصل وهي التي تعنى , أن كل ما يعتبر تابعا لحق من الحقوق يأخذ حكم الأصل في وجود و عدمه في بطلانه وصحته , فإن ما انتقل هذا الحق من شخص لآخر انتقل إلى الشخص المنقول إليه متبوعا بملحقاته .
إن ملحقات المبيع هي مجموعة الحقوق والالتزامات شخصية كانت أم عينية , والتي أعدت بصفة دائمة لتكون تابعة للأصل وملحقة به ليتمكن صاحب الحق بمجموع هذه الحقوق وهذه الالتزامات من أن يستعمل حقه وفقا للغرض المقصود من وجود الحق في حيازته, وبعبارة أخرى هي مجموعة الحقوق والالتزامات التي تتبع الحق وتنزل منزل الفرع , بحيث لا يمكنها الإفتكاك منه أو تقوم منفصلة عنه .
من التعريف تعتبر كل الحقوق العينية والتكاليف المرتبط بالمبيع والتي من شأنها أن تضيق أو توسع من نطاق الحق الذي نشأ للمشتري على المبيع وهو حق الملكية , وذلك لما لهذه الحقوق و التكاليف من ميزة التتبع , فإذا كان المبيع عبارة عن أرض زراعية , اعتبر من ملحقات المبيع حقوق الارتفاق والمزروعات غير الناضجة دون المزروعات الناضجة .
وكذلك تعتبر من ملحقات المبيع, كل ما أعد لخدمة العقار من مواشي أو آلات زراعية, وكذلك المخازن وبيوت الفلاحين إذا وجدت.
و تعتبر دعاوى الضمان ( دعوى منع التعرض ودعوى الاستحقاق, ودعوى العيوب الخفية ) من قبيل الملحقات للشيء المبيع, وتعتبر كذلك من ملحقات الحق الشخصي الدفوع المتعلقة بسند انتقاله.
المطلب الرابع : مكان التسليم وزمانه ونفقاته :
الفرع الأول :- مكان التسليم :
طبقا للقواعد العامة , مكان التسليم هو المكان الذي يوجد فيه المبيع وقت العقد إذا كان المبيع معينا بذاته , أما إذا كان المبيع معينا بنوعه فيتم التسليم في موطن البائع إلا إذا وجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك , إذا تنص المادة 282 من القانون المدني الجزائري على أنه : ( إذا كان محل الالتزام شيئا معنيا بالذات وجب تسليمه في المكان الذي كان موجود فيه وقت نشوء الالتزام ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك. أما في الالتزامات الأخرى فيكون الوفاء في المكان الذي يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء أو في المكان الذي يوجد فيه مركز مؤسستة إذا كان الالتزام متعلقا بهذه المؤسسة ).
وبناءا على أحكام المادة 368 من القانون المدني الجزائري, والتي تقرر انه( إذا وجب تصدير المبيع إلى المشتري فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك) , فان مكان التسليم في حالة الاتفاق على أن يقوم البائع بتصدير المبيع إلى المشتري إنما هو المكان الذي اتفق على إرسال المبيع إليه , فإذا اتفق المشتري مع البائع على أن يقوم هذا الأخير بتصدير الشيء المبيع إلى وهران فتكون وهران هي مكان التسليم .
الفرع الثاني : زمان التسليم :
إذا لم يتفق على تأجيل التسليم , فالأصل أن على البائع تنفيذ التزامه فور نشوئه , وهذا ما أكده نص المادة 281 فقرة 1 من القانون المدني الجزائري بأنه : ( يجب أن يتم الوفاء فور ترتيب الالتزام في ذمة المدين ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك ).
أي يجب أن يكون فور انعقاد البيع ولو كان هناك اتفاق على تأجيل التزام المشتري بدفع الثمن . ويلاحظ ما قد يقضي به العرف بمنح البائع مهلة للتسليم بعد انعقاد العقد.
باقي المذكرة قم بتحميلها أعلي الموضوع..........