شرح تسبيب الأحكام والقرارات القضائية
و اهميته بالنسبة لتحقيق العدالة
المبحث الاول الاطار الموضوعي لتسبيب الاحكام و القرارات القضائية
المطلب الأول : تعريف التسبيب للأحكام و القرارات القضائية
المطلب الثاني : طبيعة تسبيب الاحكام و القرارات القضائية ومجاله
المبحث الثاني : مبدأ و أهمية تعليل القرارات والأحكام والأوامر القضائية
المطلب الأول : مبدأ تعليل القرارات والأحكام والأوامر القضائية
المطلب الثاني : أهمية تعليل القرارات والأحكام والأوامر القضائية
خاتمة
مقدمة :
تسبيب الحكم يعد ضمانة قانونية مهمة لمنع القاضي من أن يجور في حكمه والوسيلة التي تسهل على القاضي عملية إسقاط المادة القانونية على الواقعة محل النزاع وتكييفها تكييفاً صحيحاً ؛ فالتسبيب له أثر واضح على الحكم من حيث القوة والضعف ؛وكذا من ناحية قناعة المدعي والمدعى عليه بالحكم الصادر بالقضية وكذا دفع سوء الضن عن القاضي ولا شك أن الدوافع الأخلاقية والأدبية الناجمة عن المجتمع تجعل القاضي العادل يستشعر الإحراج من شبهة عدم الحياد فيلجاً إلى تبرير وتعليل قراراته بالقدر الكافي لدرأ أي شبهة تحوم حول عمله أو شخصه .
إن إلزامية تسبيب القرارات والأحكام والأوامر القضائية له أهمية كبيرة، ويعتبر من أهم الضمانات التي قررها القانون وفرضها على القضاة، والتسبيب أداة فعالة في إظهار عدالة الأحكام وصحتها بما يجعلها محل واعتبار من الناس في المجتمع وخاصة الخصوم والرأي العام والقضاة، فواجب العدالة يحتم على محكمة أول درجة تسبيب أحكامها ضمانا ضد تعسف القاضي وانحرفه، بل أن تسبيب الأحكام يعتبر تطورا هاما لصالح حقوق الإنسان وأداة فعالة لتفادي استبداد القضاة، إذا ما سعوا إلى ذلك كما أنه ضمانة هامة وجادة تكفل للمحكوم عليهم التحقق من شرعية الإجراءات والأحكام الصادرة ويتيح تسبيب الأحكام للرأي العام أن يعرف لماذا قضى في الدعوى على وجه معين فيدعم ثقته في جدية عمل القضاء واعتماده فيه على عمل صحيح (1).
ويتضح من استقراء النصوص التشريعية أن المقصود بالحكم القضائي هو كل قرار يصدر في الخصومة أو في أمر يتعلق بهاء والحكم يصدر من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا في خصومة رفعت إليها وفق إجراءات معينة ويصدر في موضوع الخصومة أو في شق منها أو مسألة متفرعة عنها .
والحكم في الموضوع معناه إبداء القاضي رأيه النهائي في موضوع الخصومة المطروحة أمامه؛ فالهدف من رفع الخصومة إلى القضاء ومن السير فيها هو الوصول إلى حكم يتفق مع حقيقة مراكز الخصوم فيها ويبين حقوق كل منهم فيضع حدا للنزاع بينهم وقد يحدث ألا يحسم الحكم النزاع بين الخصوم وإنما ينهي الخصومة وحدها كالحكم الصادر بقبول الدفع الشكلي تسبيب الأعمال القضائية على ضوء قانون الإجراءات المدنية والإدارية والحكم الصادر بسقوط الخصومة أو بانقضائها بالتقادم، وقد ينهى الحكم النزاع أو الخصومة وإنما يأمر بإجراء وقتي.
وتنقسم الأحكام من حيث الحجة المترتبة عليها إلى أحكام قطعية وغير قطعية، ومن حيث قابليتها للطعن إلى أحكام ابتدائية ونهائية وحائزة لقوة الشيء المقضي فيه ومن حيث صدورها حضورية أو غيابية ؛وتنقسم الأحكام من حيث الحجية المترتبة عليها إلى أحكام قطعية وأحكام غير قطعية والحكم القطعي " Définitif " هو الحكم الذي يحسم النزاع في موضوع الدعوى أو في شق منه أو في مسألة متفرعة عنه سواء تعلقت المسألة بالقانون أو بالوقائع كالحكم باختصاص المحكمة أو بعدم قبول الدعوى أو بالحكم بإلغاء تقرير الخبير، أما الأحكام غير القطعية فهي تسمى بالأحكام الوقتية أو الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع Jugements Provisoires الأحكام المؤقتة أما Jugements d’avant dire droitهي أحكام الغرض منها اتخاذ إجراء تحفظي أو وقتي لحماية مصالح الخصوم أو لحفظ أموالهم حتى يتم الفصل في موضوع النزاع، فيقصد منها إذن مجرد تفادي الأضرار الناتجة عن إطالة إجراءات الخصومة دون أن يتم التقدم بالقضية للفصل في موضوعها.
يجب الإشارة أن الحكم القضائي هو لجوء القاضي لإعلان سلطته القضائية للفصل في منازعة معروضة أمامه أي استعمال القاضي لفكره لكي يصل إلى خيار من الخيارات المتعددة المطروحة أمامه للوصول إلى نتيجة معينة يراها قد تحسم النزاع المطروح وتقدم له الحل الذي يراه متماشيا مع القانون والقاضي عند استعماله لفكره فالقاضي عندما يستعمل فكره فإنه يبدأ في التعرف على الوقائع ليطبق حكم القانون عليها إذن وبما أن الحكم القضائي هو إعلان عن إرادة المشرع وهذه الإرادة لن تظهر إلا عن طريق فكر القاضي وهذا الفكر لابد أن تحكمه قواعد المنطق التي تؤدي بالنتيجة التي توصل إليها القاضي .
غير أن القاضي لابد أن يلجأ إلى المنطق القانوني والمنطق القضائي في تسبيب حكمه لكي نقول أن القاضي قد قام بعمله فيقصد بالتسبيب تضمين الحكم الأسباب motifs الضرورية التي أدت إلى وجوده أو العوامل التي أدت إلى صدوره ويقصد بكلمة سبب عند رجال الفقه والقضاء احتواء الحكم على الأسباب الواقعية والقانونية التي أدت إلى صدوره بمعنى تضمين الحكم الأسباب الضرورية والكافية التي بررت وجوده ؛أي معرفة الدوافع التي أدت بالقاضي أثناء ممارسته لوظيفته إلى إصدار الحكم على تلك الطريقة .
تكمن أهمية دراسة موضوع التسبيب في جوانب عديدة خاصة ما تعلق منها بتحقيق الأمن القضائي الذي قلما يتحقق عند الكثير من الناس لجهل الكثير منهم بالأمور القانونية، لاعتقادهم بعدم موضوعية القضاء وعدم حياده ،والتشكيك في نزاهة القضاة فضلاً أن سعي القضاة نحو الحق والوصول إليه لن يتأتى إلا من خلال وسائل وآليات معينة .
الإشكالية التي يطرحها هذا الموضوع :
ما هي الأعمال التي تستوجب التسبيب ؟ وهل يؤثر عدم التسبيب أو قصوره على صحة العمل القضائي ؟
المبحث الاول : الاطار الموضوعي لتسبيب الاحكام و القرارات القضائية
يتعين علينا أولاً ضبط بعض المفاهيم التي من شأنها أن تساعدنا على التحكم في هذا الإجراء فعلينا تحديد مفهوم التسبيب .
المطلب الأول : تعريف التسبيب للأحكام و القرارات القضائية :
نعرض في المطلب الأول لمدلول التسبيب في اللغة والفلسفة والفقه ثم نحصر مفهومه القانوني طبقاً لقانون الإجراءات المدنية والإدارية ثم نبين أهمية التسبيب وفوائده.
الفرع الأول : مفهوم التسبيب :
إن الإحاطة بمدلول التسبيب اللغوي والفلسفي وكذا الفقهي والقانوني له أهمية بالغة في النظام القانوني لأن التسبيب لا يقتصر على القانون فحسب بل يُستخدم في الكثير من العلوم الأخرى كعلم الفلسفة والمنطق وعلم الاجتماع وحيث أن القاضي يستعين بهذه العلوم في عمله ولا يمكنه الاستغناء عنها عند قيامه بالقياس والاستدلال والاستنباط وإسقاط القانون على الواقع.
أولا : التسبيب لغة :
التسبيب في اللغة العربية مصدر كلمة سبب والسبب هو كل شيء يُتوصل به إلى غيره.
وقد يكون بمعنى الطريق ومنه قوله تعالى ((وآتيناه من كل شيء سببا فاتبع سببا)) والسبب هو ما يوصل الى الشيء فالباب موصل إلى البيت والحبل موصل الى الماء وهكذا، ويسمى أيضاً بالتعليل والتبرير، ووفقا لهذا المدلول فإن أسباب الحكم هي ما تسوقه المحكمة من أدلة واقعية وحجج قانونية تستند عليها للتوصل للحكم وله أيضاً مفهوم الدافع والباعث (la Motivation) الذي يدفع بالشخص للقيام بفعل معين، ويقال باللغة الفرنسية Motiver le jugement يعني يسبب الحكم.
ثانيا : التسبيب فلسفة :
التسبيب فلسفياً هو عبارة عن مقدمات تؤدي إلى نتائج محددة تترتب عليها دلائل قاطعة وحتى تكون النتائج صحيحة لابد وأن تكون المقدمات صحيحة أيضاً، فالمقدمات (الواقعة والنص القانوني الذي تخضع له) سبب النتيجة ؛ومتى اجتمعت في الفعل لزمت عنهما النتيجة فكلمة سبب في لغة المنطق تُطلق على القٌدرة الفعلية على تفهم الأمور وفق قواعد التفكير الصحيحة بما يترتب عليه في النهاية صحة القرار الذي توّصل إليه، وأسباب الحكم وفقاً لقواعد المنطق هي مجموعة المقدمات والأسانيد المنطقية في القياس و الاستقراء التي تقود إلى النتيجة الواضحة والمنطقية التي انتهى إليها القاضي.
ثالثا : التسبيب فقها :
في الفقه الوضعي يُطلق التسبيب على بيان الأسباب الواقعية والقانونية التي قادت القاضي إلى الحكم الذي نطق به؛ والأسباب الواقعية هي التأكيدات والإثباتات التي تتصل بالواقع في مادياته وفيما يتعلق بوجود الواقعة أو عدم وجودها وإسنادها إلى القانون.
أما الأسباب القانونية فهي خضوع الواقعة الثابتة للقانون بعد تكييفها التكييف القانوني الذي ينطبق عليها وبالتالي تشتمل على المعنى العام المجرد للقاعدة القانونية وعلى العنصر الخاص المحدد الفردي للواقعة.
والتسبيب هو التسجيل الدقيق الكامل للنشاط المبذول من القاضي حتى النطق بالحكم؛ وهو وسيلة القاضي في التعليل على صحة النتائج التي انتهى إليها في منطوق الحكم الذي أصدره.
رابعا : التسبيب قانوناً :
لم يُبين المُشرّع الجزائري مثله مثل المشرع الليبي والمصري وكذلك الفرنسي مدلول التسبيب ولكنه اكتفى بالنص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أنه : (( يجب أن تكون الأوامر والأحكام والقرارات مسببة )) وكذا بنص المادة 277 من نفس القانون على أنه :
( لا يجوز النطق بالحكم إلا بعد تسبيبه ، ويجب أن يسبب الحكم من حيث الوقائع والقانون؛ وأن يشار إلى النصوص المطبقة.
يجب أيضاً أن يستعرض بإيجاز وقائع القضية وطلبات و ادعاءات الخصوم و وسائل دفاعهم.
ويجب أن يرد على كل الطلبات والأوجه المثارة.
يتضمن ما قضى به في شكل منطوق).
فالتسبيب وفقاً لهذا المدلول يعني بيان الأسباب الواقعية والقانونية وأسباب الرد على الطلبات المهمة والدفوع الجوهرية التي قادت القاضي إلى الحكم الذي انتهى إليه.
ومن خلال هذا يمكن تعريف التسبيب كالآتي :تسبيب الأحكام القضائية هو بيان الأسس الواقعية والقانونية التي بنى عليها القاضي منطوقه الصادر عند إصدار الحكم القضائي، إذ أنه ليس عملية تلقائية تتم نتيجة عمل إجرائي وحيد بل هو نتيجة للعديد من الأعمال الإجرائية التي تتخذ في خصومة معينة والتي الهدف منها الحصول على هذا الحكم ، وأن عريضة الدعوى تحمل الأساس الواقعي وأحيانا القانوني لما يريده المدعي من تأكيد لمركزه الموضوعي وإزالة الشك والتجهيل عنه و يأتي المدعى عليه ويقدم دفوعه محاولاً بها دحض ادعاءات المدعي حتى لا يستجاب لطلبه ؛ ونفس الدور يقوم به كل من يدخل أو يتدخل في الخصومة طبقا للقواعد العامة ، ثم يأتي دور القاضي حيث يرجح الأسباب المنطقية من حيث الوقائع ويسقط عليها الأسباب القانونية المناسبة لها بطريقة متسلسلة مترابطة ومنطقية تؤدي به إلى نتيجة منطقية يتقبلها العقل.
المطلب الثاني : طبيعة تسبيب الاحكام و القرارات القضائية ومجاله :
الفرع الأول : طبيعة التسبيب :
لقد نصت بعض الدول على الالتزام بالتسبيب في دساتيرها واعتبرته التزاما دستورياً ونصت عليه دول أخرى في قوانينها الإجرائية فأعتبر التزاما قانونيا أما المشرع الجزائري ولأهمية التسبيب فقد نص عليه في كل من الدستور والقوانين الإجرائية فهل يعتبر التسبيب في الجزائر التزام قانوني أم دستوري؟
أولا : التسبيب التزام دستوري :
إن من بين الدول التي نصت على إلزامية التسبيب في دساتيرها إيطاليا في المادة 111 وبلجيكا في المادة 97 وهولندا في المادة 89 واليونان في المادة 93 فقرة 3 والكويت في المادة 53 من دستورها.
ونص الدستور الجزائري لسنة 2020 في المادة 169 على التسبيب بقوله ((تعلل الأحكام و الاوامر القضائية، وينطق بالأحكام القضائية في جلسات علانية ((.
وكلمة تعلل هي كلمة مرادفة لكلمة تُسَبَب كما سبق بيانه في المدلول اللغوي واعتبر أغلب الفقهاء ذكر هذه الدول التسبيب في دساتيرها لا يعطيه صبغة الالتزام الدستوري لعدم نصها على ذلك صراحة.
إلا أن البعض الآخر يرى أن الالتزام بالتسبيب بالنص عليه في الدستور أصبح التزاما دستورياً على عاتق القاضي مادام أن النص الدستوري ذكر الأحكام القضائية بمفهومها الواسع أي شمل الأوامر والأحكام والقرارات فيما يخص جميع الهيئات القضائية وبالتالي فإن القوانين التي تتناول التسبيب عليها مراعاة أنه التزام دستوري فلا ينبغي لها إقصاء أي نوع- من الأحكام القضائية مهما كان نوعه- من التسبيب باعتباره ضمانة دستورية للخصوم.
ثانيا : التسبيب التزام قانوني :
أوجب المشرع في قانون الإجراءات المدنية القديم ( أمر 154-66 ) التسبيب على قضاة المحاكم في المادة 38 وعلى قضاة المجالس في المادة 144 وكذا قضاة المحكمة العليا في المادة 264.
أما قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد (قانون 09-08) فقد شمل كل الجهات القضائية بما فيها الهيئات التي أغفلها القانون القديم فنص في المادة 11 منه على أنه ((يجب أن تكون الأوامر والأحكام والقرارات مسببة)).
وكذا بنص المادة 277 من نفس القانون على أنه (لا يجوز النطق بالحكم إلا بعد تسبيبه ؛ ويجب أن يسبب الحكم من حيث الوقائع والقانون وأن يشار إلى النصوص المطبقة.
يجب أيضاً أن يستعرض بإيجاز وقائع القضية وطلبات وادعاءات الخصوم ووسائل دفاعهم. ويجب أن يرد على كل الطلبات والأوجه المثارة.
يتضمن ما قضى به في شكل منطوق).
والمادة 554 منه نصت على أنه : (( لا يجوز النطق بالقرار إلا إذا كان مسبباً يجب أن يكون القرار مسبباً من حيث الوقائع ومن حيث القانون .مع الإشارة إلى النصوص المطبقة )).
والمادة 358 منه جاءت بثلاثة أوجه للنقض تتعلق بالتسبيب سواء بانعدامه أو بالقصور فيه أو بتناقضه مع منطوق الحكم.
ولم يكتف المشرع في هذا القانون بإلزام القاضي بتسبيب أعماله القضائية بصفة عامة بل اشترط عليه التسبيب عند القيام بكل إجراء يتعلق برفض طلب أو إجراء يخرج عن المألوف إذ نجده يقيد القاضي في الكثير من الحالات فالمادة 144 تلزم القاضي بتسبيب استبعاد نتائج الخبرة والمادة 419 تلزمه بالتسبيب إذا حمّل خصماً غير خاسر الدعوى بالمصاريف ؛ والمادة 451 تقيده بالتسبيب عند الأمر بخبرة طبية في قضايا التطليق.
والمادة 56 تشترط أن يكون الحكم بالتخلي عن النزاع لجهة قضائية أخرى مسببا، والمادة 311 توجب أن يكون الأمر على العريضة مُسبباً ، والمادة 603 تتعلق بتسبيب رئيس الجهة القضائية الأمر بتسليم نسخة تنفيذية ثانية ؛ المادة 633 عند الفصل في إشكالات التنفيذ بأمر مسبب غير قابل لأي طعن ، المادة 680 تسبيب أمر تقدير وخصم مصاريف الحجز المادة 836 تتعلق بتسبيب وقف تنفيذ القرارات الإدارية، المادة 924 عند رفض قاضي الاستعجال بمجلس الدولة الطلب الاستعجالي يكون بأمر مسبب المادة 1027 ((يجب أن تكون أحكام التحكيم مسببة)).
- إضافة إلى القانون تناولت مدونة أخلاقيات مهنة القضاة الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء في 23-12-2006 تطبيقاً للمادة 64 من القانون العضوي 11-04 المتضمن القانون الأساسي للقضاء مسألة تسبيب الأحكام لما لهذه المسألة من أهمية، فنصت على أن تسبيب الأحكام واجب وعلى القاضي تسبيب أحكامه في الآجال المطلوبة وبصفة شخصية أي بدون تفويض فلو كان زوجه أو أحد أقاربه قاضيا أو محاميا فلا يستطيع القاضي تفويض مسالة تسبيب أحكامه إلى هؤلاء وإلا عُدَ منه خطأ مهنيا تترتب عليه مسؤولياته التأديبية.
وأشارت المدونة إلى وجوب حرص القاضي عند تسبيبه للأحكام على حسن الصياغة والاسترسال والتبسيط وإظهار قدرته على تلخيص الوقائع بأمانة.
ومقارنة مع التشريعات الأجنبية نجد قوانين المرافعات في الدول العربية على ذات المنهج ؛ فقد نصت في قوانينها الإجرائية على إلزامية التسبيب ؛ ففي القانون اللبناني (م 412) ، وقانون المرافعات الكويتي (م 199) ، والقانون التونسي (م 123 فقرة 4) والقانون أخلاقيات مهنة القضاة.
الفرع الثاني : مجال التسبيب :
نقصد بنطاق التسبيب المجال الذي يلزم فيه القاضي بالتسبيب فليس كل عمل يقوم به القاضي يعتبر عمل قضائي وليس كل عمل قضائي واجب التسبيب لذلك سنتناول التسبيب في كل من الأعمال القضائية والولائية والإدارية.
أولا : تسبيب الأعمال القضائية :
يعتبر الحكم القضائي غاية العمل القضائي، وهو هدف النشاط الإجرائي للخصوم جميعا بالرغم من اختلاف أهدافهم ، و تعارض مصالحهم حيث يحاول كل خصم إقناع القاضي بأنه أولى بالرعاية ، وأحق بالحماية القضائية من الخصم الآخر وتتمثل مرحلة إصدار الحكم القضائي المرحلة الأساسية في الخصومة القضائية ، لأن الحكم القضائي هو خاتمة المطاف في العمل القضائي ، وهو قصد المدعي من رفع الدعوى القضائية ، و هدف المدعى عليه كذلك من وراء طلباته و دفوعه المختلفة.
فما هو الحكم القضائي؟
لم يحظ تعريف "الحكم القضائي" باهتمام غالبية الفقهاء بوجه عام كاهتمامهم بتعريف القضاء نفسه ، ويرجع ذلك إلى أنهم اقتصروا على تعريف القضاء للدلالة على الحكم ؛ لأن القضاء في حقيقته ، يدور على معنى الفصل بين المتخاصمين ، إضافة إلى أن اللغويين يطلقون لفظ الحكم على القضاء والقضاء على الحكم .
الحكم هو القرار الصادر من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا ؛ ومختصة (( أو صارت مختصة بعدم الاعتراض على اختصاصها في الوقت المناسب)) في خصومة رفعت إليها وفق قواعد الإجراءات سواء أكان صادراً في موضوع الخصومة أو في شق منه أو في مسألة متفرعة عنه، بهدف حسم هذا النزاع سواء في الموضوع أو في الإجراءات ويصدر في شكل مكتوب.
والحكم بهذا المعنى يكون استعمالا لسلطة القاضي القضائية ؛فهو يصدر في خصومة نشأت من خلال ممارسة حق الدعوى بواسطة الطلب القضائي الذي يتضمن منازعة بين شخصين أو أكثر وهو بذلك يتميز عن غيره من القرارات التي يصدرها القاضي استعمالا لسلطته الولائية كما أنه يتميز عن الأعمال المتعلقة بإدارة القضاء التي تقوم بها المحكمة بهدف تنظيم سيرها كمرافق عامة.
فنصت المادة 277 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أنه :
" لا يجوز النطق بالحكم إلا بعد تسبيبه ، ويجب أن يسبب الحكم من حيث الوقائع والقانون وأن يشار إلى النصوص المطبقة.
يجب أيضاً أن يستعرض بإيجاز وقائع القضية وطلبات وادعاءات الخصوم ووسائل دفاعهم.
ويجب أن يرد على كل الطلبات والأوجه المثارة.
يتضمن ما قضى به في شكل منطوق ".
و الحكم القضائي هو القرار الصادر من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا ومختصة بإصداره في خصومة قضائية وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية سواء كان صادرا في موضوع الخصومة القضائية، أو في شق منه أو في مسألة متفرعة عنه.
إذن الحكم يتميز بالخصائص التالية :
1- أنه يصدر بما للمحكمة من سلطة قضائية ؛ أي يصدر في خصومة .
2- يتعين أن يكون الحكم مكتوبا في الشكل المقرر شأنه شان أية ورقة من أوراق المرافعات التي تتسم بالشكلية و بالرسمية .
فالأصل أن القرار الصادر من هيئة غير قضائية لا يعد حكما ولو كان من بين أعضائها أحد القضاة والقرار الصادر من المحكمة بما لها من سلطة ولائية لا يعد حكما ما لم ينص القانون على خلاف ذلك .
إلا أن الهيئة القضائية حسب التنظيم القضائي الجزائري هي المحكمة العادية والإدارية والمجلس القضائي والمحكمة العليا ومجلس الدولة ومحكمة التنازع ومجلس المحاسبة وكذا المجلس الأعلى للقضاء يعتبر هيئة قضائية إدارية عند انعقاده كهيئة تأديبية يُطعن في أحكامه بالنقض أمام مجلس الدولة وبالتالي فإن أحكام هؤلاء كلها يجب أن تسبب طبقاً للمادة 11 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية التي تنص على أنه (( يجب أن تكون الأوامر والأحكام والقرارات مسببة)).
وهناك من ذهب أبعد من ذلك فقد إعتبر أن بعض اللجان الوطنية التأديبية التي من بين أعضائها يوجد قضاة أنها جهة قضائية إدارية نهائية تصدر أحكاماً قضائية يطعن فيها بالنقض أمام مجلس الدولة مما يتعين تسبيبها مثل اللجنة المصرفية لمجلس النقد والقرض ولجنة البورصة ولجنة الطعن الوطنية لنقابة المحامين الفاصلة في تأديب المحامين ومجلس المنافسة كونه يتشكل من قضاة وله صلاحيات قضائية لكن قراراته تبقى ابتدائية يطعن فيها بالاستئناف أمام الغرفة التجارية لمجلس قضاء الجزائر العاصمة.
أما المادة 554 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية فخصت قرارات المجالس القضائية بأنه :
(( لا يجوز النطق بالقرار إلا إذا كان مسبباً مُسبقاً .
يجب أن يكون القرار مسبباً من حيث الوقائع ومن حيث القانون مع الإشارة إلى النصوص المطبقة)).
وبخصوص نص المادة 11 من نفس القانون على الأوامر فيقصد بها تلك الأوامر الصادرة في المسائل الاستعجالية وكذا الأوامر على العرائض طبقاً للمادة 311 منه وتلك الخاصة بالتنفيذ وتسليم نسخة تنفيذية ثانية وتقدير وخصم المصاريف .... وغيرها من الأوامر القضائية طبقاً للمواد 603، 633 ، 680 وبالتالي يستثنى من المادة 11 الأوامر الولائية والإدارية كما سيأتي بيانه لاحقا.
لكن بالنسبة للأوامر على العرائض فقد اختلف فيها الفقهاء قبل صدور قانون الإجراءات المدنية والإدارية 08-09 إن كانت تعتبر من الأعمال القضائية أم من الأعمال الولائية لعدم قابليتها آنذاك للطعن فلم تكن عليها رقابة عكس الأحكام القضائية؛ لكن بصدور هذا القانون نصت المادة 311 منه صراحة على وجوب تسبيب الأوامر على العرائض مثلها مثل الأحكام القضائية بالإضافة إلى قابليتها للمراجعة والتعديل من طرف القاضي الذي أصدرها في حالة قبول الطلب مما يجعلها أشبه للإلتماس بإعادة النظر وكذا قابليتها للإستئناف أمام المجلس القضائي في حالة رفض الطلب مما يجعلها أشبه للأوامر الإستعجالية، وبالتالي يمكن القول أن الأوامر على العرائض أصبحت من الأعمال القضائية.
وأما بخصوص الحكم التحكيمي فإنه بمثابة حكم قضائي رغم أنه ليس قضائي ، كونه صادر من شخص ليس له صفة القاضي ولا يقوم بخدمة عامة ويسمى المُحكم، ذلك لآن المشرع أقر نظام التحكيم احتراما لإرادة الخصوم ونص صراحة في المادة 1027 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أنه ((يجب أن تكون أحكام التحكيم مُسببة )) والحكمة من تسبيب الحكم التحكيمي هو تمكين القاضي المختص بتنفيذ الحكم التحكيمي من بسط رقابته عليه ليصدر أمراً بالتنفيذ أو أمراً مسبباً برفض التنفيذ.
حالات لا يجب فيها تسبيب الأعمال القضائية :
هناك بعض الأحكام تقتضي طبيعتها أن تخرج إلى حيز الوجود من دون أن تكون في حاجة إلى تسبيب يبررها ,كما أنه قد توجد بعض الحالات لا ضرورة فيها للتسبيب خاصة بالنسبة لبعض أجزاء الحكم ,وذلك لأنها قد تشكل جزءا طبيعيا أو نتيجة منطقية لطلب أصلي أو فرعي بت فيه ومثال ذلك :
1- حق زيارة الأب لأولاده : فإن منح القاضي حضانة الأولاد إلى الأم ينتج عنه حق الأب في زيارتهم فهو حق طبيعي ناتج عن صفته الأبوية ومترتب مباشر من حق الأم في الحضانة الناتجة عن واقعة الطلاق؛ ويعتبر الفصل فيه من ضروريات الفصل في الموضوع.
2- أحكام غير قطعية تتعلق بتنظيم سير الخصومة : فهذه الأحكام لا يجب تسبيبها لأن مجرد النطق بالحكم بإجراء من هذه الإجراءات يفصح في ذاته عن سبب صدوره ولا يتطلب الأمر تسبيبه، ومثال ذلك : الأحكام التي تأمر بإجراء خبرة أو معاينة أو إرجاء الفصل ,لأنها تدخل في سلطة قضاة الموضوع التقديرية ومع ذلك فهناك من يرى وجوب تسبيبها ولو تسبيبا بسيطا.
3- أحكام تعد قائمة على أسباب الحكم في الموضوع ومرتبطة به : ومثال ذلك ما إذا قرر القاضي تخفيض مقدار الغرامة التهديدية أو إلغائها فإنه لا يلزم بتسبيب خاص بذلك لكونها خاضعة لتقديره المحض.
4- الأحكام التي تصدر باتفاق الخصوم : فإن القاضي لا يسببها إلا في حدود تكريس نص الاتفاق الحاصل ولتثبيته لا غير.
5- الأحكام التي تمنح الحضانة للأم : فليس بواجب على القاضي تسبيبها لأن الأم هي ذات الحق في الحضانة بصفة أساسية ,وإن المشرع افترض صلاحيتها لذلك وهذا ما لم يطعن في أحقيتها ,فإذا أبدى الخصم أي طعن ذْ في أحقيتها تعين على القاضي تسبيب منح الحضانة لها أو رفضها عنها.
وبصفة عامة تكون الأحكام التي تنزع الحضانة عن الأم معللة وجوبا .
6- الأحكام التي تمنح الفوائد القانونية : لا يجب تسبيبها لأن القانون هو الذي حدد نسبتها وقررها.
ثانيا : تسبيب الأعمال الولائية :
إن العمل الأصلي والأساسي للقضاة هو الأعمال ذات الطبيعة القضائية البحتة وهو إصدار الأحكام لفصل المنازعات، أما الأعمال الولائية فإن القاضي يمارسها بما له من حق الولاية ، فمصدر سلطة القاضي في ممارسة هذه الأعمال هو ولايته العامة باعتباره واحداً من الحكام أو ولاة الأمور الذين يملكون توجيه الناس تحقيقاً لما فيه مصلحتهم ومصلحة المجتمع الذي ينتمون إليه.
ويرجع إسناد العمل الولائي للقاضي إلى توافر ضمانات خاصة فيه كالعلم بالقانون والخبرة في تطبيقه.
النظام القانوني للأعمال الولائية :
لا تخضع الأعمال الولائية لنظام قانوني موحد ؛ فهي ذات نظام قانوني خاص مزيج من الطبيعة القضائية والطبيعة الإدارية ؛ فالنظام القانوني لها لا يمثل النظام القانوني للأعمال القضائية ولا يمثل النظام القانوني للأعمال الإدارية.
- يتم النطق بالأعمال الولائية في جلسة لا يشترط أن تكون علنية فنصت المادة 272 من ق إ م إ على أنه :
" يتم النطق بالأحكام الفاصلة في النزاع علنيا.
- يصرح بالأوامر الولائية بغير ذلك ".
لا تتمتع هذه الأعمال بحجية الشيء المقضي فيه فالطالب يستطيع إعادة تقديم نفس الطلب الذي تم رفضه ويستطيع رفع دعوى في الموضوع ولو كان هناك تعارض بينها وبين الطلب الولائي الذي تم رفضه .؛كذلك فإن سلطة القاضي في المسألة لا تنقضي بإصدار القرار الولائي ؛ إذ لا يستنفد القاضي سلطته بمجرد إصدار القرار، فهو يستطيع أن يرجع في قراره السابق أو يعدله ويستطيع إصدار قرار سبق له رفض إصداره.
من سمات العمل الولاثي أنه لا توجد مواجهة في إجراءات هذا العمل لأنه لا يوجد طرفان بالمعنى الصحيح ؛ ولا يقبل التدخل في إجراءات العمل الولائي لأن موضوع هذه الإجراءات هو إعمال مصلحة مشروعة لشخص معين؛ وأن القاضي يتمتع في عمله الولائي بدور إيجابي سواء في تقدير ملائمة العمل أو القرار.
يجوز رفع دعوى بطلان أصلية لإلغائه وإزالة آثاره لأنه لا يحوز الحجية ؛ ويمكن التمسك ببطلانه عن طريق الدفع وأنها لا تخضع لطرق الطعن التي تخضع لها الأحكام القضائية.
ومن الأمثلة على الأعمال الولائية ما يلي :
- الحكم الصادر بضم أو فصل الملفات
- الأمر بشطب القضية من الجدول .
- الإذن ببيع و مصادرة المحجوزات لدى الضرائب قبل حدود أجالها.
- الإذن بمصادرة وبيع المحجوزات لدى الجمارك.
- رخصة الترشيد لإبرام الزواج.
- رخصة الزواج بامرأة ثانية.
- رخصة الخروج من التراب الوطني للقاصر.
- الأمر بتسجيل عقود الحالة المدنية.
- الأمر بتصحيح العقود الخاطئة.
- الأمر بتعديل عقود الحالة المدنية.
- الأمر بمنح لقب عائلي.
- تعيين أو استبدال خبير أو محضر قضائي مختص إذا كانت المعاينة ذات طبيعة.
- توجيه إنذار لاسيما الإنذارات المطلوب الرد عليها.
- توقيع الحجوز أو تدابير استعجالية تحفظية.
- شهادات وعقود الكفالة.
- ترشيد القصر.
- إجراءات حماية حقوق أموال القصر.
- تعيين مقدم.
- الترخيص بتمديد إنعقاد الجمعية العامة للشركات.
ولم ينص القانون على تسبيب هذا النوع ذلك لما فيه من إهدار لوقت القاضي وما يؤديه التسبيب من تأخر في صدور العمل القضائي ، وذلك من أجل الوصول على عدالة سريعة، وأن الأوامر المبنية على الطلب والمعاينات تصدر بناءاً على سلطة تقديرية كاملة للقاضي، بالإضافة إلى أنها ليست مبنية على مقدمات وتؤدي إلى نتيجة منطقية صحيحة، وهذا وفقاً لقانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري، وكذا المصري غير أنه يشترط تسبيب الأوامر الصادرة المخالفة لأوامر سابقة أو عند إصدار أمر برفض الطلب، ونفس النهج انتهجته تشريعات الدول العربية بخلاف المشرع الفرنسي الذي نص صراحة على تسبيب الأوامر المبنية على الطلب، غير أن القضاء يأخذ بتسبيب هذه الأوامر في حالة إصدار أمر مخالف لأمر سابق سواء صدر من نفس القاضي الذي أصدر الأمر أو من غيره ، وذلك حتى يتمكن الطالب من معرفة الأسباب التي بني عليها.
ثالثا : تسبيب الأعمال الإدارية :
يمارس القضاة إلى جانب الأعمال القضائية والولائية أعمالا تتعلق بإدارة وتنظيم حسن سير مرفق القضاء، ومن هذه الأعمال الأمر بتوزيع المهام وأقسام المحكمة على القضاة وتحديد مواعيد الجلسات وساعتها.
ويطلق الفقه على هذه الأعمال مصطلح أعمال الإدارة القضائية وذلك على أساس أن القضاء كوظيفة فنية تحتاج إلى نشاط يتمثل في إدارة مصالح القضاء.
ولا تعتبر هذه الأعمال ولائية لأنها لا تتعلق بمصالح الأفراد وانما تتعلق بتنظيم القضاء باعتباره مرفقاً من مرافق الدولة.
فالطبيعة القضائية لهذه الأعمال ليست أعمالا قضائية بالمعنى الضيق وليست أعمالا ولائية ،ولكنها ذات طبيعة إدارية محضة ؛وهذه الأعمال لا يجوز الطعن فيها بطرق الطعن المختلفة، ووجود سلطة تقديرية مطلقة للقاضي عند ممارستها حتى يتمكن القاضي من إدارة مرفق العدالة بشكل ملائم.
ونخلص مما تقدم إلى أن أعمال إدارة القضاء لا تخضع للنظام القانوني للأعمال القضائية ولا للنظام القانوني للأعمال الولائية ؛فتسبيب الأعمال الإدارية لا يثير أي خلاف لأن الاعتراف بالطبيعة الإدارية لها يخرجها من طائفة الأحكام ، وكذا من طائفة الأعمال الولائية ومن ثم فهي لا تسبب.
المبحث الثاني : مبدأ و أهمية تعليل القرارات والأحكام والأوامر القضائية
المطلب الأول : مبدأ تعليل القرارات والأحكام والأوامر القضائية :
إن تعليل القرارات والأحكام والأوامر القضائية يتيح الفرصة أمام المتهم لإعمال رقابته المباشرة على المحكمة من أجل التعرف على ما إذا كانت قد أحاطت بوجهة نظره في الدعوى إحاطة كافية، واستطاعت أن تفصل فيها سواء بما يتفق أو يتعارض معها، وذلك يستطيع الوقوف على الأسباب التي حملها على الأخذ بوجهة النظر هذه دون غيرها وفي حالة عدم اقتناعه بما ذهبت إليها المحكمة، بإمكانه استعمال حقه في الطعن المقرر له قانونا (2). مما تقدم يتضح جليا الأهمية البالغة لتسبيب الأحكام وفعاليتها في تكريس العدالة الجنائية رغم أن هناك من يرى بأنه لا داعي لتسبيب الأحكام الجنائية اعتقادا منه بأنه مضيعة للوقت حيث أن الخصوم ليسوا بحاجة إلى ذكر الأدلة في الحكم لأن كلا منهم سبق وأن اطلع على أدلة وحجج خصمه أثناء المرافعة فلا داعي لذكرها مرة أخرى عند إصدار الحكم وكذا الحال بالنسبة للجمهور، هم أيضا ليسوا بحاجة إلى معرفة أسباب القضايا التي لا تهمهم (3). وقد عنيت أغلب القوانين الإجرائية بإلزامية تعليل الأحكام القضائية ومنها قانون الإجراءات المصري في المادة 310 منه وقانون الإجراءات الجنائية الفرنسية في المادة 485 منه. أما المشرع الجزائري فقد تميز عن التشريعات السابق ذكرها بتكريسه هذا المبدأ دستوريا قبل أن ينص عليه في قانون الإجراءات الجزائية بحيث نصت المادة 169 من الدستور : ( تعلل الأحكام و الاوامر القضائية، وينطق بالأحكام القضائية في جلسات علانية ). ليأتي نص المادة 379 من قانون الإجراءات الجزائية وينص ( كل حكم يجب أن ينص على هوية الأطراف وحضورهم أو غيابهم في يوم النطق بالحكم، ويجب أن يشتمل على أسباب ومنطوق وتكون الأسباب أساس الحكم). وأكدت عليه المادة الأولة من ق إ ج الفقرة السادسة " .. وجوب أن تكون الأحكام والقرارات والأوامر القضائية معللة .."" وسنحاول من خلال هذا المطلب تناول مفهوم التسبيب في الفرع الأول و الشروط الواجب توافرها في التسبيب في الفرع الثاني.
الفرع الأول : مفهوم التسبيب
يعتبر التسبيب في اللغة العربية مصدر كلمة سبب والسبب هو الحبل، فالسبب يطلق على كل حبل انحدر من فوق ولا يدعى الحبل سببا حتى يصعد به وينحدر به وهو أيضا الحبل الذي يتوصل به إلى الماء ، ثم استعير لكل ما يتوصل به إلى شيء فالسبب كل شيء توصل به إلى غيره، والجمع أسباب فهو اسم يتوصل به إلى المقصود والسبب كل شيء يتوصل به إلى غيره (4). وإذا ما أردنا التوصل إلى معرفة المقصود بتسبيب الأحكام الجنائية، علينا أن نتعرف على ما يقصد بأسباب الحكم : لأن الأخيرة هي المحور الذي تدور عليه عملية تسبيب الأحكام. ولمعرفة المقصود بالتسبيب أو بأسباب الحكم نتطرق إلى جملة من التعريفات، عرف الدكتور مأمون سلامة أسباب الحكم بأنها : " ما يستند إليه الحكم في التدليل على النتائج إلى وصل إليها من منطوقه " (5). وعرفه الدكتور أحمد فتحي سرور:" الأدلة التي اعتمدت عليها المحكمة كمصدر لاقتناعها وإصدار حكمها " (6). وعرفها الأستاذ ملياني بغدادي : " هي الأساليب التي يقوم عليها المنطوق من الناحيتين الموضوعية والقانونية " (7). من مجمل التعريفات المشار إليها أعلاه يتضح أن ما قصده الشراح بأسباب الحكم هو الأدلة التي يبنى عليها الحكم (8).
الفرع الثاني : الشروط الواجب توافرها في التسبيب
يحتاج التسبيب إلى عناية خاصة إذ يجب أن يتضمن التسبيب بيانا كافيا عن الواقعة المسندة إلى المتهم، فضلا عن بيانات أخرى تعتبر جوهرية فيه، وإلا كان معيبا مستوجب نقضه (9)، ولذا وجب تقرير شروط جوهرية لهذه التسبيب وأهمها :
أولا : أن تكون الأدلة المعتمدة كأسباب للحكم مأخوذة من أوراق الدعوى
يتوجب على المحكمة أن تبني حكمها على أدلة مستمدة من أوراق الدعوى، بعد أن تم طرحها على بساط البحث بالجلسة فإذا ما استندت المحكمة إلى دليل لا أصل له في التحقيقات أو غير موجودة في الدعوى عند ذالك تكون أسباب الحكم التي تذكرها مشوبة بعيب الخطأ في الإسناد، ويترتب على ذلك بطلان حكمها نتيجة خلوه من أسباب حقيقية أي بمعنى عدم قيامه على أساس قانوني صحيح (10). والخطأ في الاستناد يمكن أن يتحقق كلما استند الحكم إلى واقعة جوهرية ادعت الحكمة بوجودها وهي غير موجودة مثال ذلك أن يستند الحكم على أقوال منسوبة إلى شاهد وهو لم يقلها أو إلى اعتراف متهم وهو لم يصدر منه أو عبارة مهمة إلى تقرير طبي غير واردة فيه وهو ما نشهده شخصيا في بعض الأحكام القضائية (11).
ثانيا : يجب أن تكون الأسباب واضحة
لا يشوبها غموض ولا إبهام من أجل أن نكون أمام تسبيب قانوني صحيح للأحكام الجنائية لابد وأن تكون أسباب الحكم واضحة جلية بعيدة عن كل إجمال وإبهام يحول دون معرفة مدى صحة الحكم في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى وذلك يجب إيراد أسباب الحكم أو ملخصها الوافي لأن ذلك سيساعد من يطلع على الحكم بأن يقتنع بصحته فضلا على مساهمته في تسهيل رقابة المحكمة المختصة بنظر الطعن المقدم إليها بصدد ذلك الحكم (12).
وهذا ما أقرته المحكمة العليا بالقول " لما كان الثابت، في قضية الحال، أن قضاة المجلس لم يبينوا العناصر المعتمدة في تقدير التعويض فإن قرارهم القاضي على الطاعن بدفع تعويضات إضافية يعد مشوبا بالقصور في التسبيب "قرار الصادر عن غرفة الجنح والمخالفات بتاريخ 04-07-1988 فصلا في الطعن رقم 48235 ( منشور بمجلة المحكمة العليا، العدد 1991/2، الصفحة 218) (13).
المطلب الثاني : أهمية تعليل القرارات والأحكام والأوامر القضائية :
تعليل الأحكام القضائية صار مبدأ عالميا وقد نصت المادة 162 من دستور الجزائر لعام 2016 على تعليل الأحكام القضائية والنطق بها في جلسات علنية، اما المشرع الفرنسي فقد وجد نفسه مضطرا للتراجع عن عدم تعليل الأحكام الجنائية بعد الانتقادات الموجهة لفرنسا من طرف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فاوجد المادة 365-1 بقانون 10 أوت 2011 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية والتي تفرض ذكر الأعباء التي توصلت اليها المحكمة ضد المتهم والمستخرجة من الوقائع المنسوبة اليه وذلك في ورقة التسبيب الملحقة بورقة الأسئلة والتي يحررها الرئيس او أحد القضاة المساعدين له ومن خلال الاطلاع على هذا النص يستخلص ان التعليل يكون في حالة الإدانة بذكر الأعباء ولم يذكر أي شيء حول البراءة لكن المشرع الجزائري أشار صراحة الى تعليل الحكم بالبراءة أيضا (15). ومما سبق سنتناول هذا المطلب من خلال فرعين بحيث سنتناول في الفرع الأول القاعدة في تسبيب الأحكام و الغاية من التسبيب في الفرع الثاني.
الفرع الأول : القاعدة في تسبيب الأحكام
يتعلق تعليل وتسبيب الحكم بحيثيات المحكمة بالسندات التي يتضمنها ملف الدعوى وبيانها بشكل مفصل متى كانت هي الأدلة الحاسمة في تكوين قناعة المحكمة بالبراءة أو الإدانة (16). يرد التسبيب عادة بعد عبارة : ( وعليه فإن المحكمة ) أو ( وعليه فإن المجلس ) للدلالة على إنتهاء مرحلة وبداية مرحلة أخرى، و التسبيب هو تبرير للنتيجة التي توصل إليها الحكم ( ومن الناحية اللغوية فإن السبب هو كل ما يتوصل به إلى الغير )، وهذا التبرير يجب أن يعتمد على المنطق السليم وعلى الأحكام القانون ، ويعتبر بالرد على طلبات ودفوع الأطراف ومذكراتهم المودعة بصفة قانونية ، وإعطاء التكييف القانوني السليم للوقائع ، وبذلك فهو يعبر على جدية المحكمة وإطلاعها على تفاصيل النازلة وتطبيق القانون بشئنها بصفة سليمة والتسبيب ينصب على الوقائع والقانون، فيتعرض للأفعال والأقوال ، تم ينتقل إلى التكييف القانوني وتطبيق النصوص على الوقائع والرد على الدفوع، ويستحسن أن تكون بداية التسبيب بمهيد يلخص مزاعم الأطراف والوسائل التي يعتمدون عليها وتسمى إصطلاحا بالفرنسية Exorde أو Préliminaire ، ولا مانع إذا كانت الوقائع المتعددة والمتشعبة أن يوردها القاضي في شكل فقرات ذات عناوين تم تتبعها مباشرة حيثيات المناقشة والتحليل الهادف إلى تبرير المنطوق (17).
الفرع الثاني : الغاية من التسبيب
ليس جديدا من أن النص على أي إجراء أو إحتلال لموقع ما في أي مرحلة من مراحل الخصومة الجزائية ، إنما يكون بغرض الوصول إلى أهداف معينة من خلاله ، وكذلك الشأن بالنسبة لإجراء تسبيب الأحكام إذ لا يخلو من الأهداف المرجوة الذي أراد المشرع تحقيقها من خلال سنه لهذا الإجراء ، وهي أهداف من الإجتهاد الفقهي أخذ الإجتهاد القضائي بكثير منها وهي عمومها لا تخرج عن الأهداف التالية (18) :
- إن تسبيب الأحكام من أعظام الضمانات التي فرضها القانون على القضاة وهي تشكل ضمانا للقضاة على حسن قيامهم بعملهم وضمان للخصوم ، إذ يمكنهم من معرفة مبررات الحكم حتى إذا رضوا به قبلوه وإذا رفضوه تضلموا منه أمام الجهات القضاء الأعلى.
- إنه يدفع القاضي إلى العناية بحكم وتوخي العدالة في قضاءه حتى لا يصدر الحكم تحت تأثير العاطفة أو على أساس فكرة مبهمة لم تستبن معالمها وخفيت تفاصيلها ، إذ لابد من أن يكون الحكم بعد التفكير والتروي ونتيجة لأسباب واضحة محصورة كانت النتائج تمحيص مزاعم الخصوم ووزن ما إستندو إليه من أدلة واقعية وحجج قانونية.
- إقناع الخصوم بعدات الأحكام مما يؤدي بهم إلى احترامها على إقتناع بعادلتها.
- تمكين المحكمة العليا من ممارسة حقها في الرقابة على الأحكام والقرارات القضائية على أحسن وجه ،إذ أن عدم تضمين الأحكام والقرارات والأوامر لأسباب التي أستند عليها يشكل عائقا أمامها للقيام بمهمتها في الرقابة (19).
خاتمة :
التسبيب الذي يقوم به القاضي هو تسبيب موضوعي وليس شخصي ؛لما لهذا العمل من أهمية ودور في إقناع الخصوم والرأي العام وجهة النقض بعدالة الحكم ؛وكذا إسهامه في إثراء الفكر القانوني وتقدمه وإبعاد الشبهات عن القاضي وحمايته من الضغوطات «وأن تسبيب الحكم في الجزائر هو التزام قانوني منصوص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية تكريساً لنص الدستور عليه.
غير أن ليس كل ما يصدر عن الهيئات القضائية يعتبر عملا قضائياً فأعمال القضاة تتعدد بحسب موضوع العمل فمنها العمل القضائي البحث وهو الأساس و يتمثل في إصدار الأحكام القضائية الفاصلة في النزاعات أو المتعلقة بها ؛ومنها ما يصدره القاضي لما يتمتع به من سلطة الأمر والولاية على الأشخاص للحفاظ على مصالحهم وتسييرها وهي الأعمال الولائية ؛ومنها ما يصدر عنه لما يتمتع به من سلطة إدارة الأعمال القضائية للحفاظ على حسن سير مرفق القضاء وتسييره وهي الأعمال الإدارية وأن المشرع نص على إلزامية تسبيب الحكم القضائي دون سواه من الأعمال الأخرى.
كما أن ليس كل عمل قضائي واجب التسبيب فهناك بعض الأحكام تقتضي طبيعتها أن تخرج إلى حيز الوجود من دون أن تكون في حاجة إلى تسبيب يبررها، كما أنه قد توجد بعض الحالات لا ضرورة فيها للتسبيب خاصة بالنسبة لبعض أجزاء الحكم ،وذلك لأنها قد تشكل جزءا طبيعيا أو نتيجة منطقية لطلب أصلي أو فرعي بت فيه، كالحكم بحق زيارة الأب لأولاده ومنح الحضانة للأم المطلقة إذا لم ينازع فيها والأمور التي تدخل في السلطة التقديرية للقاضي والأمور التي فصل فيها المشرع كالنسب القانونية في بعض المجالات وكذا الأحكام التي تصادق على إتفاق الأطراف.
ونخلص كذلك إلي أن القاضي مهما كان متمكناً في مجالات القانون والعلوم الأخرى ومهما كانت ثقافته القانونية وغير القانونية ثرية فإنه إذا كان يجهل قواعد التسبيب ولا يطبقها سواء عند تحرير حكمه أو مراقبة تسبيب الهيئة الأقل منه درجة ، فإن عمله لا يحقق العدالة المطلوبة وفق ما حدده له المشرع كما أن بعض الفقهاء ولأهمية التسبيب ينصحون القضاة بتسبيب كل أعمالهم حتى تلك التي أعفاهم القانون من تسبيبها لما في ذلك من حماية لهم فالقاضي إذا ما تمت محاسبته على أعماله الولائية أو الإدارية قد ينسى تبرير قراراته التي مر عليها زمن طويل فإن كان قد سببها فإنه يجد ما يحميه مدون فيها.
المراجع :
- بربارة عبد الرحمان، شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية : منشورات البغدادي، ط1 2008 ، البليدة - الجزائر.
- سائح سنقوقة، قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد، ج1 : دار الهدى،ط1-2011 عين ميلة - الجزائر.
- أحمد محيو، المنازعات الإدارية، ترجمة فائز أنجق، د ط : ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر.
- عوابدي عمار، نظرية المسؤولية الإدارية، ط 02 : ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2004
- رشيد خلوفي، قانون المنازعات الإدارية، الجزءِ الثالث، ط 02 : ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2013.
- تسبيب الأعمال القضائية على ضوء قانون الإجراءات المدنية والإدارية بشار عدنان ملكاوي شرح نصوص قانون أصول المحاكمات المدنية، دار وائل ، ط1، 2009، بالأردن.
- عبد الحميد المنشاوي، كنوز المرافعات : دار الجامعة الجديدة، ط2 2010- الإسكندرية- مصر.
- عبده جميل غصوب، الوجيز في قانون الإجراءات المدنية : المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع -ط1- 2010 ، بيروت- لبنان.
- محمود السيد التحيوي ، تسبيب الحكم القضائي : مكتبة الوفاء القانونية ،ط1 ،2011 الإسكندرية - مصر.
- محمود السيد التحيوي ، إصدار الحكم القضائي : مكتبة الوفاء القانونية ، ط1 -2011 الإسكندرية - مصر.
- نبيل اسماعيل عمر، تسبيب الأحكام القضائية : دار الجامعة الجديدة، ط1 ، 2008 ، الأزاريطة - مصر.
- نبيل اسماعيل عمر، الفساد في الاستدلال : دار الجامعة الجديدة، ط1 ، 2011 ، الإسكندرية- مصر.
- نبيل اسماعيل عمر، قانون أصول المحاكمات المدنية : منشورات الحلبي الحقوقية ،ط1 ،2008 ، الإسكندرية - مصر.
- يوسف محمد المصاروة، تسبيب الأحكام : دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط2 ، 2010 ، عمان - الأردن .
التهميش :
1- علي فضل البوعينين، ضمانات المتهم في مرحلة المحاكمة، القاهرة دار النهضة العربية، 2006 ، ص 435.
2- حسن شبيت خوين، ضمانات المتهم في الدعوى العمومية أثناء مرحلة المحاكمة، رسالة الماجستير ، كلية القانون- جامعة بغداد ، 1989، ص 170.
3- حسن بشيت خوين، المرجع السابق ، ص 170.
4- المعجم الوسيط مجمع اللغة العربية، الجزء الأول ، الطبعة الثانية، 1960، ص411.
5- مأمون سلامة ، الإجراءات الجنائية، ج2، بيروت، مطبعة دار الكتب، 1972، ص 252.
6- أحمد فتحي سرور، أصول قانون الإجراءات الجنائية، المرجع السابق، ص 755.
7- مولاي ملياني بغدادي، الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري، الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، 1992، ص 405.
8- علي فضل البوعينين ، المرجع السابق، ص 435.
9- د. عمرو عيسى الفقى، ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية، المكتب الفني للإصدارات القانونية، طبعة 1999، مصر، ص 9.
10- رؤوف عبيد، ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية و أوامر التصرف في التحقيق، القاهرة ، دار الفكر العربي، 1977، ص6.
11- شهيرة بولحية،، الضمانات الدستورية للمهم في مرحلة المحاكمة، أطروحة مقدمة لنيل دكتوراه علوم في الحقوق ، تخصص عام ، السنة الجامعية 2015/2016،.ص 35.
12- عبد الأمير العيكلي، أصول الإجراءات الجنائية، بغداد ، مطبعة جامعة بغداد، 1977، ص 233.
13- نجيمي جمال، قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على ضوء الإجتهاد القضائي، الجزء الثاني ، دار هومة ، طبعة الثالثة 2017، ص209.
14- محمد مصطفي القللي، مرجع سابق ، ص 393.
15- مختار سيدهم ، من الاجتهاد القضائي للغرفة الجنائية للمحكمة العليا ، ص 172.
16- علي شملال، المستحدث في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، التحقيق والمحاكمة، الكتاب الثاني ، دار هومة ، طبعة 2017، الجزائر ، ص 218.
17- نجمي جمال ، دليل القضاة في الحكم في الجنح والمخالفات في التشريع الجزائري على هدي المبادئ الدولية للمحاكمخة العادلة ، الجزء الثاني ، دار هومة للطبع والنشر والتوزيع ، الجزائر 2014 ، ص 393.394.
18- محمد زاكي أبو عامر، الإثبات في الواد الجزائية، الفنية للطباعة والنشر، الإسكندرية، من دون سنة الطبع، ص 239.
19- د. عمرو عيسى الفقى، المرجع السابق ، ص 132.