جريمة اختطاف الاطفال
يقصد بخطف الأطفال ، أخذ طفل عنوة وسرقته من أهله أو الأوصياء عليه قانونا. ويكون سنه تحت سن الرشد بنية ابتزاز الوالدين، أو طلب شيء منهم، أو لتجارة الأعضاء البشرية، أو لاستغلال الطفل في أعمال غير مشروعة.
مقدمة
تثير مسألة الحماية القانونية للأطفال جدلا كيرا في الوقت الراهن، بسبب الانتشار المستمر والمتزايد للانتهاكات. ضد هذه الفئة الضعيفة الني لا حول ولا قوة لها، لتحقيق أغراض متعددة غير مشروعة وبعيدة كل البعد عن السلوكيات الإنسانية.
إن جريمة إختطاف الأطفال رغم ما تحظى به من نقاشات ودراسات، إلا أنها جريمة قديمة استفحلت مؤخرا بشكل كبير. هذا ما دفع بالدارسين في مختلف المجالات لاسيما القانونيين لمناقشتها ومحاولة إيجاد سبل سريعة للحد من انتشارها، خصوصا أمام مناداة الأولياء وكل المجتمع المدني بضرورة تشديد العقاب لتحقيق الهدف من السياسة الجنائية والمتمثل أساسا في الردع.
وفي سبيل تحقيق الحماية القانونية للطفل من الانتهاكات الماسة به جندت الجهود الفقهية والقانونية لمحاولة مكافحتها. والحد منها قدر الإمكان من خلال تفعيل النصوص القانونية، إلا أن أول نقطة يجب الانطلاق منها في إطار المكافحة هو محاولة تحديد مفهوم واضح دقيق لهذه الجريمة. على نحو يسمح بتحديد السلوكيات المكونة لها تحديدا دقيقا لا يسمح بإفلات المجرمين من العقاب.
المبحث الأول : مفهوم و خصائص جريمة اختطاف الأطفال :
المطلب الأول : مفهوم الاختطاف :
سوف نقوم بعرض بحث جريمة اختطاف الأطفال و لتعريف كلمة الاختطاف، لا بد من التطرق للتعريف اللغوي ثم الاصطلاحي، حيث يعتبر تعريف هذا السلوك عنصرا فعالا في تحديد حدود الجريمة وتكوين ركنها المادي.
أ- التعريف اللغوي لكلمة الاختطاف :
إن النظر للتعريفات اللغوية لكلمة الاختطاف نجدها كثيرة ومتنوعة عسب نظرة المعرف ، فهناك من عرفها بأنها النشل ، حيف يقال اختطف الشيء وذهب به في لمح البصر فالاختطاف هنا جاء بمعني السرعة واخذ الشيء والانتزاع السريع دون سابق إنذار.
فكلمة الاختطاف مشتقة من خطف، خطفا خطفانا وهو المرور السريع، أي أخذ الشيء واستلبه بسرعة، حيث يقال خطف البرق البصر بمعني ذهب به، وخطف السمع أي استرقه.
وعرف أيضا على أنه الاختلاس والسرقة ، فهذا التعريف يعتمد على أخذ شيء مملوك للغير دون علمه. التعريفين السابقين. يتفقان في أن فعل مصطلح الخطف يتمحور حول أخذ شيء من حق الغير بسرعة على نحو لا يمكن رؤيته أو تداركه. وهذا ما يتجسد.
ب - التعريف الاصطلاحي لكلمة الاختطاف :
إن مصطلح الاختطاف استقطب اهتمام الفقهاء نظرا لما يجسده من خطورة بغض النظر عن المخل الذي ينصب عليه. هذا ما أدى إلى تعدد التعاريف الفقهية الموضحة له، حيث تتفق كلها في المعن وتختلف في المعيار المعول عليه ي التعريف.
فعرف بأنه : إبعاد المجني عليه من مكانه أو تغيير سيره وذللك بإتمام السيطرة.
هو الأخذ السريع باستخدام قوة مادية أو معنوية أو عن طريق الحيلة والاستدراج. لما يمكن أن يكون محلا لهذه الجرمة. وإبعاده عن مكانه أو تحويل خط سيره بتمام السيطرة عليه.
فقهاء علم الإجرام عرفوا الخطف بأنه ذلك الفعل الإجرامي. المخالف للقانون باستخدام القوة والاحتيال لإجبار شخص على الأسر.
المطلب الثاني : خصائص جريمة الاختطاف :
من خلال التعريفات السابقة، يتضح لنا أن جريمة اختطاف الأطفال هي ذلك الفعل المكون من سلوك أو مجموعة من السلوكيات. الغير مشروعة التي تقع على طفل بهدف المساس بحريته المكفولة دستورا بدقة . وبناء على تخطيط مسبق، على نحو يرتب له مجموعة من الأضرار المادية أو المعنوية، وبناءا على ذلك يمكن إجمال هذه خصائص هذه الجرمة فيما يلى:
أ- جرمة الاختطاف جرمة مركبة :
إن جريمة اختطاف الأطفال لا يمكن تصور أنها تتم بفعل واحد غير مشروع . بل تشمل مجموعة من الأفعال. التي تعتبر في حد ذاتها جرائم، فهي جريمة مركبة لأنه يلزم لإتمامها تتبع الطفل واستدراجه أو خطفه بسرعة ونقله من مكان لآخر واحتجازه. فهذه مجموعة من الأفعال تعتبر في حد ذاتها جرائم، لكنها تفرع من الناحية القانونية في جريمة واحدة هي اختطاف الأطفال.
ب- جرعة الاختطاف جرمة من جرائم الضرر :
تتمتع جريمة اختطاف الأطفال بهذه الخاصية انطلاقا من النتائج المترتبة عليها. فمتى حقق الجاني النتيجة الإجرامية وخطف الطفل كنا أمام جرمة من جرائم الضرر، أما إذا لم تتم الجرمة لأي سبب من الأسباب الخارجة عن إرادة الجاني كنا أمام جريمة من جرائم الخطر.
و جريمة اختطاف الأطفال حتى وإن لم تحقق النتيجة الإجرامية التي يقصدها الجاني. إلا أنها سترتب آثار على الطفل حتى وإن كانت معنوية وهذه وحدها نتيجة مادية كافية للقول بأنها من جرائم الضرر.
ج- السرعة في التنفيذ :
هذه الخاصية مستمدة بدورها من التعريفات السابقة للجريمة، ومن مصطلح الخطف في حد ذاته. الذي يقتضي ان يتم السلوك الإجرامي خفية وبسرعة تضمن عدم اكتشافه أو الحيلولة دون وقوعه، فهي جريمة وإن كانت تستغرق وقتا كبيرا في التخطيط والتعقب لإتمامها. إلا أن فعل الاختطاف في حد ذاته يتم بأسرع ما يكون.
المبحث الثاني : تمييز جريمة اختطاف الأطفال عن الجرائم المتداخلة معها
خلال عرضنا بحث جريمة اختطاف الأطفال كثيرا ما يحدث خلط بين جريمة اختطاف الأطفال. وبعض الجرائم المشابهة لها، رغم الاختلاف بينهما في الأركان والمعالم الأساسية، نذكر أهم هذه الجرائم من خلال العناصر الآتية :
المطلب الأول : الفرق بين جريمة اختطاف الأطفال و جريمة السرقة :
لقد شاع الخلط بين الاختطاف والسرقة كمفهومين حتى أن هناك من عرف جريمة اختطاف الأطفال. بأنها سرقة الطفل، لكن نقول أن الفرق بينهما شاسع، فكل منهما ينصب على أخذ ما ليس ملكا له، لكنهما يختلفان في المحل.
فالسرقة تنصب على الأشياء والأموال، أما اختطاف الطفل فمحله إنسان في مرحلة الطفولة يتم من خلال إبعاده وتقييد حريته لأي سبب من الأسباب، كما أن الأخذ في السرقة يكون خفية، أما الاختطاف قد يتم علنا وباستعمال القوة والسلاح.
كما يختلفان من حيث الغاية التي قد تقف في جرمة السرقة على حقيق الربح بأخذ المال، وفي جرمة اختطاف الأطفال قد يكون الاختطاف محضيرا لجرمة أخرى لاحقة كالقتل أو الاغتصاب.
المطلب الثاني : الفرق بين جريمة اختطاف الأطفال و جريمة عدم تسليم أحد الأبوين المحضون للحاضن :
تعتر هذه الجريمة أيضا من الجرائم الواقعة على الطفل لذلك كثيرا ما تختلط مع جرمة اختطاف الأطفال مجل الدراسة. يقصد بالمحضون الطفل الخاضع للحضانة بعد افتراق الزوجين وانحلال الرابطة الزوجية بينهما. فعدم تسليم الطفل أو إبعاده أو إخفاءه من أحد والديه. بغرض عدم تسليمه إلى حاضنه المحدد بحكم نهائي يشكل جريمة عدم تسليم المحضون للحاضن.
ويعاقب عليها بعقوبة جسدية هي الحبس من شهر إلى سنة وعقوبة مالية هي غرامة من 2000 دج إلى 100.000 دج. وتشدد العقوبة إلى 3 سنوات إذا أسقطت السلطة الأبوية عن الجاني، إذن فمتى كان فعل الاختطاف من أحد الوالدين في إطار تنفيذ حكم الحضانة خرج ذلك، عن جرمة اختطاف الأطفال التي محن بصدد دراستها، أيضا هناك معيار آخر للتمييز بين الجرعتين، فالطفل في جريمة الاختطاف هو كل من كان في مرحلة الطفولة، التي تبدأ بالميلاد وتنتهي ببلوع سن الرشد القانون، أما الطفل في جرمة عدم تسليم المحضون فهو وفقا لأحكام المادة 65 من قانون الأسرة كل من لم يبلغ 10 سنوات. إذا كان ذكرا ما لم يمدد القاضي مدة الحضانة لعدم زواج الأم، وكل من لم تبلغ سن الزواج للأنثى.
المطلب الثالث : الفرق بين جريمة اختطاف الأطفال و جريمة عدم تسليم الشخص الراعي المحضون للحاضن :
إن هذه الجرمة أيضا تختلط مع جرعة اختطاف الأطفال وحتى مع الجرمة السابق بينها، ففي حالة كان الامتناع عن تسليم المحضون للحاضن قد وقع من الشخص الذي كان يرعاه. تحققت هذه الجريمة أيضا، ويعاقب الفاعل فيها بعقوبة جسدية تتمثل ي الحبس من سنتين إلى أمس سنوات.
يمكن التمييز بين هذه الجرمة وجرمة اختطاف الأطفال وفقا لمعيار حكم الحضانة. ومعيار سن المحضون وفقا لما هو موضح في العنصر السابق.
المطلب الرابع : الفرق بين جريمة اختطاف الأطفال و جريمة الحرابة :
كثيرا ما تتداخل جرمة الحرابة مع جرمة اختطاف الأطفال من حيث المفهوم، وبالتحديد من حيف أساليب ارتكاب ونتائج كل منهما، فكلاهما قد يمهدان لجرائم أحرى كالقتل والاغتصاب وأخذ المال، فكلاهما يمسان بالحرية ويهددان الأمن والاستقرار. فجريمة الحرابة أيضا قد تمس بالطفل لكن بصورة عارضة في إطار استخدام القوة متى تواجد الطفل في مكان وقوعها، لكنها رغم ذلك تختلف عن جريمة اختطاف الطفل فهده الأخيرة تمس الطفل دون غيره وتوجه ضده على وجه الخصوص بعد التخطيط أو التعقب أو الاستدراج وتتم باستخدام القوة أو الحيلة سرا أو جهرا. فالجريمتان مختلفتان تماما فجريمة الحرابة لا يمكن تصور أن تتم سرا بدون استخدام القوة والسلاح، فمن شروط قيامها العلن والمباشرة.
المطلب الخامس : الفرق بين جريمة اختطاف الأطفال و جريمة القبض بدون وجه حق :
إن إمساك شخص وتقييد حريته دون وجه حق يشكل جريمة من الجرائم التي تتداخل أيضا في مفهومها مع جريمة اختطاف الأطفال بشكل عارض متى كان المقبوض طفلا ي نظر القانون، وحتى نميز بينهما نقول أن فعل القبض مؤقت على عكس الاختطاف الذي قد يكون مؤقت إلى غاية تحقيق الغرض منهم أو قد يستمر لفترة زمنية معينة، كما قد يكون وسيلة لجريمة أخرى كالقتل أو الاغتصاب أو الابتزاز. والقبض يتحقق بمنع الشخص من مغادرة مكان وجوده دون وجه حق أي أن يكون القابض في إطار ممارسة مهامه لكنه يخرج عن القواعد المنصوص عليها قانونا، أما الاختطاف فيشمل عدة سلوكيات من تخطيط وتعقب واستدراج والنقل من مكان لآخر واستعمال القوة والعنف. فجريمة القبض هي جريمة وقتية لا مستمرة كما هو الحال لجرمة اختطاف الأطفال وعاقب عليها المشرع الجزائري بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة و من معايير التمييز بينهما المخل والفاعل.
المطلب السادس : الفرق بين جريمة اختطاف الأطفال و جريمة الاحتجاز بدون وجه حق :
تعتبر هذه الجريمة من الجرائم المتداخلة أيضا مع جريمة اختطاف الأطفال متى كان محل الاحتجاز طفلا، فكلاهما ينصبان على سلب الحرية وتقييدها، والاحتجاز على خلاف القبض يعتبر جرمة مستمرة تبدأ بتقييد الحرية وتنتهي باسترجاعها، وهذا ما يجعلها تقترب من جريمة الاختطاف أكثر من القبض. وقد نص المشرع الجزائري عليها في المادة 291 من قانون العقوبات وأخضعها لنفس عقوبة القبض، وحتى نميز بين الاحتجاز والاختطاف لا بد من الاعتماد على معيار الغاية ففى الفعل الأول يقصد الجاني تقييد الحرية لفترة زمنية معينة، أما الفعل الثاني فتقييد الحرية هو مرحلة من المراحل فقط يمهد لجريمة أخرى لاحقة. كما يمكن أيضا الاعتماد على معيار التركيب فالاحتجاز فعل واحد يقيد حرية الضحية أما الاختطاف فهو فعل مكون من مجموعة سلوكيات كالتعقب والاستدراج والتعذيب وغيرها من السلوكيات التي تدخل في تكوين الركن المادي لجرمة اختطاف الأطفال.
المبحث الثالث : عقوبة جريمة خطف الأطفال في قانون العقوبات الجزائري بعد تعديل 2014
تعد جريمة اختطاف الأطفال من الظواهر الإجرامية الخطيرة التي اكتسحت المجتمع الجزائري في الآونة الأخيرة ، يترجم ذلك في ارتفاع نسبة الاختطاف الذي يكاد يتحول لظاهرة ،مما أدى إلى انتشار الرعب في أوساط المجتمع الجزائري ،مما جعل المشرع يلجأ إلى تعديل قانون العقوبات، تحت قانون رقم 14-01 المؤرخ في 04 فبراير 2014 .
المطلب الأول : أسباب تعديل قانون العقوبات الجزائري :
تشير المعطيات القليلة و المتوفرة أن سنة 2012 هي أخطر سنة في تاريخ الجزائر في اختطاف الأطفال حيث شغلت الكثير من الحالات الرأي العام مثل (ياسر، شيماء، سندس، صهيب، ريان ،عبد الرؤوف... الخ) هم نماذج لضحايا الجرائم البشعة في حق الطفولة الجزائرية، والقائمة تطول و الأسباب مختلفة ومتعددة، و الحلول منعدمة من اجل حماية مستقبل الجزائر من الاختطاف و الاغتصاب و القتل و تعد سنة 2012 أخطر سنة في تاريخ الجزائر من حيث الجرائم المرتكبة في حق الأبرياء و هذا بسبب ارتفاع معدل اختطاف الأطفال من اجل الاغتصاب أو القتل أو طلب الفدية أو الانتقام أو المتاجرة بالأعضاء، و غيرها من الأغراض الأخرى و في وقت مازالت فيه الجزائر بعيدة كل البعد عن قضايا حقوق الطفل، تبدو الإحصائيات والأرقام الرسمية بالغة الخطورة لحالات الاختطاف، و الإبعاد القسري للأطفال، مما يحتم على السلطات المعنية في البلاد انتهاج أنجع السبل التشريعية و الآليات التنفيذية لمكافحة هذه الجرائم التي زرعت الرعب في نفوس العائلات الجزائرية ،و جعلتها تعيش حالة استنفار قصوى من أجل تأمين أبنائها.
أسباب تعديل قانون العقوبات الجزائري
فالأولياء دعوا إلى القصاص لإنهاء هذا الإجرام، كما دعت نقابات التربية و جمعيات أولياء التلاميذ وزارة التربية الوطنية إلى تشكيل لجنة مكونة من مختصين نفسيين، تتكفل بزيارة مختلف المؤسسات التربوية لتأهيل التلاميذ نفسيا ، و تخفيف وطأة المخاوف عنهم ، و إرشادهم لكيفية تجنب الأخطار التي يتعرضون لها في الشوارع ، و أجمعت نقابات التربية وجمعيات أولياء التلاميذ على أن وضع حد لجريمة اختطاف الأطفال يتطلب وضع حلول جذرية بتضافر جهود الجميع من أجل إخراج الأطفال من الأزمة النفسية في حالة سماعهم بحالة اختطاف. و هذه الاضطرابات النفسية قد تخل بنموهم النفسي و العقلي السليم، و بذلك يصبح هاجس الخوف هو العامل المسيطر في شخصية الطفل.
لذلك كان اقتراح جمعيات أولياء التلاميذ واضحا، وذلك بفتح نقاش واسع حول الجريمة من أخصائيين نفسانيين و علماء اجتماع ورجال قانون و السلطات الوصية، وذلك بفرض قوانين صارمة تصل إلى حد القصاص. مما يعني وجوب تطبيق عقوبة الإعدام على مختطفي الأطفال. مما جعل المشرع في الجزائر، يتفطن إلى إدخال تعديلات على قانون العقوبات سنة 2014 عن طريق القانون رقم 14 - 01 سابق الذكر، وذلك لمكافحة جريمة الاختطاف و ضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
المطلب الثاني : عقوبة الفاعل الأصلي في حريمة خطف الأطفال :
إن التعديل الذي جاء به المشرع الجزائري في قانون العقوبات قانون رقم 14-01 المؤرخ في 04 فبراير 2014 مس المواد الآتية : 291-293 مكرر في قانون العقوبات الجزائري و 293 مكرر 1 ق ع ج جاء بسبب ارتفاع جريمة خطف الأطفال في الجزائر.
أولا : عقوبة المادة 293 مكرر 1 :
هذه المادة تعاقب كل من يخطف أو يحاول خطف القاصر لم يكمل ثماني عشرة (18) سنة وتنص المادة على أنه : { يعاقب بالسجن المؤبد كل من يخطف أو يحاول خطف قاصر لم يكمل ثماني عشرة (18) سنة ، عن طريق العنف أو التهديد أو الاستدراج أو غيرها من الوسائل. وتطبق على الفاعل العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 263 أي عقوبة الإعدام من هذا القانون، إذا تعرض القاصر المخطوف إلى تعذيب أو عنف جنسي أو إذا كان الدافع إلى الخطف هو تسديد فدية أو إذا ترتبت عليه وفاة الضحية. لا يستفيد الجاني من ظروف التخفيف المنصوص عليها. في هذا القانون مع مراعاة أحكام المادة 294 أدناه }. من خلال هذه المادة يتضح أن المشرع الجزائري يعاقب على جريمة خطف القاصر أقل من ثماني عشرة سنة بعقوبة السجن المؤبد، وما نستخلصه من هذه المادة ما يأتي: أن عملية اختطاف القاصر تمت عن طريق العنف أو التهديد أو الاستدراج أو غيرها من الوسائل.
-المشرع لم يحدد مدة الاختطاف وبالتالي لا عبرة للمدة هنا.
-أنه يعاقب على الشروع في هذه الجريمة بنصه " أو يحاول..." .
-تعرض القاصر المخطوف إلى التعذيب أو عنف جنسي أو كان الدافع هو تسديد فدية، أو إذا ترتبت عليه وفاة الضحية.
-عدم استفادة الجاني من ظروف التخفيف المنصوص عليها في هذا القانون.
-كل هذه الحالات إذا توفرت في الجاني، فإن العقوبة هي السجن المؤبد ،وهي عقوبة مشددة عن العقوبة التي كانت قبل هذا التعديل ، و التي كانت تصل إلى حد أقصى من 10 سنوات إلى 20 سنة.
ثانيا : عقوبة المادة 291-293 مكرر :
إن المادة 291 و المادة 293 مكرر تعاقبان على الخطف بصفة عامة فالمادة 291 تنص على أنه : " يعاقب بالسجن المؤقت من عشر سنوات (10) إلى عشرين سنة (20) سنة كل من اختطف أو قبض أو حبس أو حجز أي شخص بدون أمر من السلطات المختصة وخارج الحالات التي يجيز أو يأمر فيها القانون بالقبض على الأفراد. وتطبق ذات العقوبة على من أعار مكانا لحبس ولحجز هذا الشخص. إذا استمر الحبس والحجز لمدة أكثر من شهر فتكون العقوبة السجن المؤبد ".
وما نستخلصه من هذه المادة ما يلى: -العقوبة المقررة لجريمة الاختطاف أو القبض أو الحبس أو الحجز للأشخاص دون أمر السلطات، و خارج الحالات التي يجيز أو يأمر فيها القانون بالقبض على الأفراد، هي السجن المؤقت من 10 سنوات إلى 20 سنة بدون غرامة مالية. - عدم تحديد سن المخطوف أو نوع الجنس.
- تكييف العقوبة هنا يكون بالخطف أو القبض أو الحبس أو الحجز بدون أمر من السلطات وخارج القانون.
- معاقبة الشريك بنفس عقوبة الفاعل الأصلي، والشريك هنا هو كل من أعار مكانا لحبس أو لحجز الشخص المخطوف.
- تشدد العقوبة إلى السجن المؤبد في حالة استمرار الحبس أو الحجز لمدة أكثر من شهر. أما المادة 293 مكرر فتنص على أنه : كل من يخطف أو يحاول خطف شخص عن طريق العنف أو التهديد أو الاستدراج، يعاقب بالسجن المؤقت من (10) سنوات إلى (20) سنة وبغرامة 1.000.000 دج إلى 2.000.000 دج. ويعاقب الفاعل بالسجن المؤبد إذا تعرض الشخص المخطوف إلى التعذيب أو عنف جنسي أو إذا كان الدافع إلى الخطف هو تسديد فدية أو تنفيذ شرط أوامر.
وتطبق على الفاعل العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 263 من هذا القانون إذا أدى الخطف إلى وفاة الشخص المخطوف. أي الإعدام. لا يستفيد الجاني من ظروف التخفيف المنصوص عليها في هذا القانون مع مراعاة أحكام المادة 294 أدناه وما نستخلصه من هذه المادة ما يأتي :
عقوبة المادة 291-293 مكرر :
- العقوبة هي السجن المؤقت من 10 سنوات إلى 20 سنة وبغرامة مالية من 1.000.000 دج إلى 2.000.000 دج. - اشتراط اقتران فعل الخطف أو مجرد محاولة الخطف مع استخدام العنف أو التهديد أو استدراج الشخص المخطوف. - عدم تحديد سن المخطوف ونوع الجنس.
- تشدد العقوبة إلى السجن المؤبد في حالة تعرض الشخص المخطوف إلى تعذيب أو جنسي أو إذا كان الدافع إلى الخطف دفع فدية أو تنفيذ شرط أو أمر أو في حالة وفاة الشخص المخطوف.
- عدم الاستفادة من ظروف التخفيف المنصوص عليها في هذا القانون. ومن خلال النصوص التي عدلها المشرع الجزائري و المتمثلة في المواد 291 والمادة 293 مكرر و 293 مكرر1، نلاحظ أن المشرع شدد من عقوبة الخطف وهي عقوبة السجن المؤبد بالإضافة إلى فرضه غرامة مالية فى المادة 293 مكرر، وما نلاحظه في نص المادة 293 مكرر1 الخاصة بعقوبة خطف القصر" هو أن المشرع فرض عقوبة السجن المؤبد مباشرة بمجرد خطف أو محاولة خطف القاصر، حيث أنه في هذه المرة لم يتسامح مع الجناة عكس العقوبات التي فرضها قبل هذا التعديل والتي كانت تصل إلى السجن المؤقت.
فكثرة جرائم خطف الأطفال هي التي جعلت المشرع يشدد العقوبة ،ولكن ما يعاب على المشرع الجزائري أنه لم يفرض عقوبة الإعدام وهي العقوبة التي طالب المجتمع الجزائري بفرضها على الجناة، فهل قيام المشرع بسن عقوبة السجن المؤبد يكون قد وصل إلى إيجاد حل لجريمة خطف الأطفال أم أن المجتمع الجزائري بمطالبته بفرض عقوبة الإعدام هو أفضل حل للحد من هذه الجريمة ؟.
وعليه نلاحظ أن المشرع الجزائري بفرضه لعقوبة السجن المؤبد هو سلوك أولي لفرض عقوبات تكميلية لاحقة تكون أكثر شمولية وتفصيل، لكون الجريمة دخيلة على المجتمع الجزائري، وهذا ما يزيد من اجتهاد رجال القانون وأهل الاختصاص في التعديلات القادمة لتفادي ثغرات قانون العقوبات الحالي و تعديلاته في هذا المجال.
خاتمة :
يتضح من خلال ما تقدم أن الوقوف على مفهوم جرمة اختطاف الأطفال يقتضي منا تعريف كل المصطلحات المكونة لهذه الجريمة لعدم وجود تعريف كامل لها سواء من الناحية اللغوية أو الاصطلاحية، أما قانونا فتعريف الجريمة غائب في مختلف التشريعات المقارنة عما فيها التشريع الجزائري الذي يتحدث ي جرعة الاختطاف تارة عن الطفل حديث الولادة وتارة عن القاصر الذي لم يكمل الثمانية عشر سنة، حيف أن هذه المسألة تحتاج لتدقيق أكثر للمصطلحات للوقوف الدقيق على معنى الطفل محل جرمة الاختطاف.
لذلك يمكن القول أن جريمة اختطاف الأطفال تتحقق بوقوع فعل الاختطاف الذي يضم كل سلوك مخطط وسريع منصب على الأشخاص أو أي وسيلة تنقلهم من مكان لآخر باستخدام القوة المادية أو المعنوية للحرمان من الحرية أو تقييدها بشكل مؤقت لأي سبب من الأسباب والذي يهدف لتحقيق جرائم أخرى كالقتل والابتزاز والاغتصاب، على أن يقع هذا السلوك على طفل في مرحلة الطفولة في نظر القانون، ففى التشريع الجزائري قد تقع الجرمة على الطفل أو القاصر.
نلاحظ أيضا أن جريمة الاختطاف تتداخل مع بعض الجرائم المشابهة لها كالحرابة التي لا يمكن أن تتم إلا باستخدام القوة وقي أماكن علنية، والسرقة الي تقع على الأشياء دون الأشخاص، كما ميزنها أيضا عن عدم تسليم المحضون لحاضنه التي تقع من طرف أحد الأبوين أو كل من كلف قانونا برعايته، وفرقنا بينها وبين القبض الذي يتم من طرف أشخاص خولهم القانون ذلك لكن خارج الإجراءات المقررة للقابض، كما تختلف جرمة اختطاف الطفل عن الاحتجاز الذي يقتصر على سلوك قيد الحرية فقط دون أن يمتد إلى نقل الشخص من مكان لآخر ودون أن تلحقه جرائم أخرى كما هو الشأن للاختطاف.
المراجع :
1- أحسن بوسقيعة ، الوجيز في القانون الجزائي العام، دار هومه، الطبعة الرابعة عشر، الجزائر، 2014.
2- المكي دردوس، الموجز في علم الإجرام، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2006.
3- أنيس حسيب السيد المحلاوي، نطاق الحماية الجنائية للأطفال، دار الفكر الجامعي، الطبعة الأولى، مصر، 2016.
4- بكير بن حمودة حاج عيسى، الأطفال والعنف- أصله، منابعه، اكتسابه وطرق علاجه، دار الخلدونية، الجزائر، 2011.
5- جابر كاظم الصجيري، جريمة التعذيب في قانون العقوبات، منشورات زين الحقوقية، الطبعة الأولى، لبنان، 2015.
6- جيلالي بغدادي، الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية، المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار، الجزائر ، 2006.