بسم الله الرحمن الرحيـــم
تحليل المادة 41 من القانون المدني الجزائري
التعسف في إستعمال الحق
تنص المادة 41 من القانون المدني الجزائري على ما يلي :
( يعتبر استعمال الحق تعسفا في الأحوال التالية .
- اذا وقع بقصد الإضرار بالغير .
-اذا كان يرمي الى الحصول على فائدة قليلة بالنسبة الى الضرر الناشئ الى الغير
- اذا كان الغرض منه الحصول على فائدة غير مشروعة . )
الجانب الشكلي :
أ/- البناء اللغوي :
نص المادة 41 من القانون المدني الجزائري جاء قصيرا وتناول موضوع التعسف في استعمال الحق وصوره ، اما عن الأخطاء المطبعية فلم ترد في النص ماعدا لفظة ( حق ) في بداية المادة التي من الفروض أن تعرف ب: …… .أل … ..
ب/- البناء النحوي :
أسلوب المادة كان أسلوبا مباشرا واضحا ليس فيه أي غموض او إبهام وتحدث عن موضوع التعسف في استعمال الحق .
ج/- تحليل مضمون النص :
تحدث المشرع في المادة 41 من ق م ج على موضوع التعسف في استعمال الحق وذكر بأن مستعمل الحق يكون متعسفا في استعماله في حالات ثلاث هي عندما يكون نية مستعمل الحق الإضرار بالغير او كان يرمي الى الحصول على فائدة زهيدة مقارنة بالضرر الناشئ للغير او ان الفائدة هي غير مشروعة
• والإشكال المطروح :
متى يصبح صاحب الحق متعسفا في استعماله لحقه ؟
حتى لا يصبح استعمال الحق شيئا مطلقا .
ونتناول هذا الموضوع الذي بين أيدينا بواسطة الخطة التالية :
مقدمة :
مبحث تمهيدي : أسس التعسف في استعمال الحق .
المبحث الاول : معايير التعسف في استعمال الحق .
المطلب الاول : المعيار الشخصي .
المطلب الثاني : المعيار الموضوعي .
المبحث الثاني : جزاء التعسف في استعمال الحق .
المقدمة :
إن القارئ للمادة 41 من ق م ج يدرك أنها تنص على موضوع التعسف في استعمال الحق القيد بوظيفة الحق ذاتها أي المراد من هذا الحق في حد ذاته ، فالقانون لا يحمي الحق ومستعمله إلا اذا استعمل هذا الحق في الأطر الشرعية ولم يصل استعماله حد الإضرار بالغير ، او إن مصلحة صاحب الحق تخلفت حال استعماله .
والمشرع الجزائري عند سنه لهذه المادة لابد انه اعتمد على معايير أسس لموضوع التعسف في استعمال الحق لذلك لابد من التطرق لأسس التعسف في استعمال الحق .
المبحث التمهيدي : أسس التعسف في استعمال الحق .
يدخل التعسف في استعمال الحق في تظام المسؤولية التقصيرية اذ يعتبر المتعسف قد ارتكب خطأ في استعمال حقه ويتحقق هذا متى انحرف عن سلوك الرجل العادي سواء كان الخطأ جسيما او يسيرا .
وهناك من يرى ان نطاق التعسف في استعمال الحق أوسع حيث بالنضر للفقرتين 2/3 من المادة 41 نجد انهما تخرجان عن مجال الخطأ تماما وهذا ما يراه الأستاذ علي علي سليمان اذ يقول : ( التعسف في استعمال الحق قد استمدته قوانينا العربية من الشريعة الإسلامية أصلا ، وهذه الشريعة لا تقيم المسئولية في حالة التعدي على أساس الخطأ بل تنضر إليها نضرة موضوعية ……… فيعتبر التعسف في استعمال الحق مستقلا عن نظام المسئولية التقصيرية ) .
المبحث الأول : معايير أسس التعسف في استعمال الحق .
السؤال الذي يطرح على كل دارس للمادة 41 من ق م ج هو .
متى يصبح الشخص متعسفا في استعمالا حقه ؟
المطلب الاول: المعيار الشخصي .
بالرجوع للمادة 41 من ق م ج الفقرة 01 ، نخلص انه من قراءة العبارة ( …… .اذا وقع بقصد الأضرار بالغير …… .)
أن المشرع اعتمد على المعيار الشخصي أي بالرجوع الى نية وقصد الشخص مستعمل الحق كلما كان من وراء هذا القصد او النية الضرر بالغير المقابل لهذا الشخص .
وحتى نوضح هذا نعطي مثالا من الواقع فالذي يبني حائطا او يغرس شجرة تحجب النور عن جاره يكون قد تعسف في استعمال حقه .
المطلب الثاني : المعيار الموضوعي .
المادة 41 من ق م ج الفقرتان 2/3 نصتا على ( ……… - اذا كان يرمي الى الحصول على فائدة قليلة بالنسبة الى الضرر الناشئ للغير .
- اذا كان الغرض منه الحصول على فائدة غير مشروعة . )
وعند تحليل هاذين الفقرتين نجد ان هناك صورتان للمعيار الموضوعي الصورة الأولى :
اذا كان استعمال الحق يرمي به صاحبه الى الحصول على فائدة قليلة او تافهة مقارنة بالضرر الناشئ للغير .
فالشخص قد يعتبر متعسفا مع ان له مصلحة في استعمال حقه انطلاقا من كون المصلحة تعتبر زهيدة ولا تتناسب مع الضرر الذي يصيب الغير
ومثال ذلك من يغرس شجرا بهدف توفير الرطوبة في مسكنه وفي في نفس الوقت يحجب النور عن جاره إذ بالمقارنة بين المصلحة والضرر نجد انهما غير متناسبتان إذ الضرر اكبر بالمقارنة مع مصلحة توفير الرطوبة التي تعتبر زهيدة .
والمشرع الجزائري نص في نفس السياق في المادة 708/02 على ما يلي ( غير انه ليس لمالك الحائط ان يهدمه مختارا دون عذر قانوني ، إن كان هذا يضر الجار يستر ملكه بالحائط ) . وهي صورة لما سبق فالجار ضرره كبيرا من تهدم الحائط وصاحب الحائط مصلحته قليلة من هدم الحائط إلا اذا كان هناك عذر قانوني وشرعي .
الصورة الثانية : عدم مشروعية المصلحة .
ومثال ذلك ان شخصا يستعمل منزله لسبب غير شرعي مخالف لنظام العام والآداب العامة ، وهذا يضهر بصفة مباشرة وواضحة لكن قد تكون المصلحة غير المباشرة ومثال ذلك فصل رب العمل للعامل نتيجة انخراطه في نقابة العمال .
ويجدر الذكر هنا ان هناك من الفقهاء من أضاف معيارا ثالثا للمعيارين السابقين ولم تذكره المادة 41 من ق م ج هو معيار ( الضرر الفاحش ) لكن ذكره المشرع في النصوص التي تحدثت عن مضار الجوار غير المألوفة وهذا تطبيقا لأحكام الشريعة الإسلامية ، او ما نصت عليه المادة 691 ق م ج ( يجب على المالك ألا يتعسف في استعمال حقه الى يضر بملك الجار . )
المبحث الثاني : جزاء التعسف في استعمال الحق .
نراعي في هذا البحث نقطتين هما . المطلب الاول : قبل حدوث التعسف .
أن جزاء التعسف في استعمال الحق قد يكون جزاء وقائيا وذلك عندما يظهر التعسف في استعمال الحق بصفة واضحة قبل تمامه ، فيمكن منع صاحب الحق منع الاستعمال التعسفي لحقه .
المطلب الثاني : بعد حدوث التعسف.
وفي حالة حدوث التعسف فعلا فانه يحكم على المتعسف بالتعويض لصالح المضرور كما قد يلزم كذالك بإزالة الضرر ذاته كلما كان ذلك ممكنا
الخلاصة :
ان المادة 41من ق م ج قد نصت على استثناء للمبدأ العام استعمال الحق هذا الاستثناء هو التعسف في استعمال الحق والمشرع الجزائري بين ثلاث صور للتعسف في استعمال الحق
وضحتها المادة هي : 01 - اذا كان الهدف الأضرار بالغير
02 - الحصول على فائدة زهيدة بالنضر الى الضرر الناشئ للغير
03 - الفائدة غير الشرعية .