الفرق بين رد الإعتبار بقوة القانون
و رد الإعتبار القضائي مقدمة
رد الاعتبار إما أن يكون قضائيًا أو قانونيًا فرد الاعتبار القضائي هو مجموعة الإجراءات التي تتبع أمام جهة قضائية للحكم لطالبي رد الاعتبار بإعادة اعتبارهم إليهم فهو من اختصاص الهيئة القضائية تفصل فيه حسبما يتراءى لها من ظروف الطالب عما إذا كان جديرًا برد اعتباره إليه إذا حسن سيره وقوم نفسه منذ صدور الحكم عليه أم غير جدير.
أما رد الاعتبار القانوني فهو يتقرر بحكم القانون فمجرد مرور مدة يعينها القانون دون ارتكاب المحكوم عليه جرائم في خلالها يتعين رد اعتباره من تلقاء نفسه دون حاجة إلى اللجوء إلى السلطة القضائية فهو رد اعتبار حتمي.
ولا يجب الخلط بين رد الاعتبار وبين ما يسمى بالعفو الشامل أو العفو عن الجريمة أو كما يسمي بردالاعتبار التشريعي, فرد الاعتبار مكافأة شخصية على حسن سلوك المحكوم عليهم لا يكون إلا بعد تنفيذ العقوبة ولا يمحو الحكم بل يرفع آثاره بالنسبة للمستقبل أما رد الاعتبار التشريعي فهو يصدر بقانون في ظروف معينة ويكون في غالب الأحيان تدبيرًا سياسيًا يتخذ لغرض عام ويترتب عليه اعتبار الجريمة كأنها لم تكن من الوجهة الجنائية.
حيث نص قانون الإجراءات الجزائية على أنه يجوز رد الاعتبار إلى كل محكوم عليه في جناية أو جنحة.
والنص جاء عامًا مطلقًا غير مقيد بقيد فلكل محكوم عليه في جناية أو جنحة أن يطلب رد اعتباره لسابقة الحكم فيها سواء أكانت العقوبة مقيدة للحرية أم مالية وسواء أأفقدته حقوقه السياسية والمدنية أم لم تفقده.
ومن المقرر أنه لا يجوز رد اعتبار المحكوم عليه إلا مرة واحدة فلا يجوز لمن حكم برد اعتباره وارتكب جريمة حكم عليه فيها أن يجدد طلبه مرة ثانية إذ هذا النوع من المجرمين غير جديرين باحترام القانون لهم ورعايتهم ما دام قد ساء سلوكهم وعادوا إلى حياتهم الإجرامية السابقة على رد الاعتبار.
تحليل
لقد نص المشرع الجزائري على رد الاعتبار في قانون الاجراءات الجزائية في الباب السادس من الكتاب الرابع من نفس القانون
و يعتبر رد الاعتبار اجراء يستفيد منه المحكوم عليهم في جناية أو جنحة منصوص عليها في قانون العقوبات و هو مما يمكنهم من محو كل اثار الادانة ازاء افعالهم و كا ما نجم عنها من حرمان لاهليات معينة
ونتناول في موضوعنا رد الاعتبار حسب ما هو منصوص عليه في قانون الاجراءات الجزائية الجزائري الصادر بموجب القانون 06-22 المؤرخ في 20/12/2006 و هو المعمول به حاليا .
المادة 676 : يجوز رد اعتبار كل شخص محكوم عليه لجناية أو جنحة من جهة قضائية بالجزائر.
ويمحو رد الاعتبار في المستقبل كل آثار الإدانة العادلة وما نجم عنها من حرمان الأهليات.
ويعاد الاعتبار إما بقوة القانون أو بحكم من غرفة الاتهام.
في رد الاعتبار بقوة القانون
رد الاعتبار القانوني هو إزالة حكم الإدانة ومحو أثاره بالنسبة للمستقبل بقوة القانون بمرور مدة معينة من تاريخ تنفيذ العقوبة كاملة أو سقوطها بمضي المدة ، إذا لم يصدر خلال المدة المذكورة حكم بعقاب جديد ، فيصبح المحكوم عليه ابتداء من رد اعتباره في مركز من لم يسبق إدانته ، وبالتالي فإنه يترتب على رد الاعتبار محو الحكم بالإدانة بالنسبة للمستقبل وزوال ما يترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجزائية ويقوم رد الاعتبار القانوني على قرينة حسن السلوك لمجرد مضي مدة تجربة طويلة نسبياً دون أن يصدر خلالها حكم بعقوبة معينة ويهدف رد الاعتبار القانوني إلى محو أثار الأحكام الجنائية بالنسبة للمستقبل بقوة القانون، كما يفترض رد الاعتبار القانوني دائماً غياب أحكام جديدة وتنفيذ العقوبة وبذلك يتميز رد الاعتبار القانوني عن رد الاعتبار القضائي بأنه أبسط منه شروطاً وأهم مظاهر البساطة فيه أن حسن السلوك يستفاد بقوة القانون دون حاجة لإجراء أي تحقيق يجرى في شأنه وتقييم لمدى جدارة المحكوم عليه برد اعتباره إليه ويرتبط بذلك أن رد الاعتبار القانوني حتمي فلا وجه لرفضه إذا ثبت مضي مدة التجربة دون صدور حكم بعقوبة جديدة خلالهـا إذ يعد ذلك قرينـة علـى حسن سلوك المحكــوم عليــه خلال فترة التجربة .
إلا أننا ومن خلال سردنا السابق فإنه يمكننا القول بأن نظام رد الاعتبار القانوني وبما يحمل في ثناياه من مزايا قد خدشه عيب لربما يكون العيب الوحيد في تصوري وهو أن هذا النظام- رد الاعتبار القانوني – يعيد للمتهم اعتباره كحق مكتسب دونما بحث في سلوكه منذ تنفيذ العقوبة وهذا على عكس نظام رد الاعتبار القضائي والذي يتم فيه التقصي والتأكد من سلوكيات المتهم قبل أن يرد اعتباره ، وبالتالي فإنه يمكن القول أن نظام رد الاعتبار القانوني يفيد صاحب السلوك غير الأخلاقي الذي يعيش على هامش القانون وكذلك من ارتكب جرائم أخرى عديدة ولم يكشف أمرها .
المادة 677 : يعتبر رد الاعتبار بقوة القانون للمحكوم عليه الذي لم يصدر عليه خلال المهل الآتي بيانها حكم جديد بعقوبة الحبس أو عقوبة أخرى أكثر منها جسامة لارتكاب جناية أو جنحة.
1) فيما يختص بعقوبة الغرامة بعد مهلة خمس سنوات اعتبارا من يوم سداد الغرامة أو انتهاء الإكراه البدني أو مضي أجل التقادم،
2) فيما يختص بالحكم مرة واحدة بعقوبة الحبس الذي لا تتجاوز مدته ستة شهور بعد مهلة عشر سنوات اعتبارا إما من انتهاء العقوبة أو مضي أجل التقادم،
3) فيما يختص بالحكم مرة واحدة بعقوبة الحبس الذي لا تتجاوز مدته سنتين أو بعقوبات متعددة لا يتجاوز مجموعها سنة واحدة بعد مهلة خمس عشرة سنة تحتسب كما تقدم الذكر الفقرة السابقة،
4) فيما يختص بالعقوبة الوحيدة بعقوبة الحبس لمدة تزيد على سنتين أو عقوبات متعددة لا يتجاوز مجموعها سنتين بعد مضي مهلة عشرين سنة تحتسب بالطريقة نفسها.
وتعتبر العقوبات التي صدر أمر بإدماجها بمثابة عقوبة واحدة في مجال تطبيق الأحكام السابقة.
كما أن الإعفاء الكلي أو الجزئي من العقوبة بطريقة العفو يقوم مقام تنفيذها الكلي أو الجزئي.
المادة 678 : يرد الاعتبار بقوة القانون لكل محكوم عليه بعقوبة الحبس أو الغرامة مع إيقاف التنفيذ وذلك بعد انتهاء فترة اختبار خمس سنوات إذا لم يحصل إلغاء لإيقاف التنفيذ.
وتبتدئ هذه المهلة من يوم صيرورة الحكم بالإدانة حائزا لقوة الشيء المقضي.
في رد الاعتبار القضائي
رد الاعتبار القضائي هو محو الآثار الجنائية للحكم بالإدانة بالنسبة للمستقبل حيث يصبح المحكوم عليه ابتداء من رد اعتباره كأي مواطن عادي لم تصدر ضده أي أحكام جنائية ، وهو لا يتقرر إلا بحكم قضائي بناء على طلب المحكوم عليه ولا ينتج آثاره إلا من تاريخ صدور هذا الحكم ، حيث يتم بموجبه التثبت من جدارة المحكوم عليه برد الاعتبار ويمارس بشأنه القضاء سلطة تقديرية واسعة فإن شاء استجاب لطلب المحكوم عليه كما له أن يرفض .
المادة 679 : يتعين أن يشمل طلب رد الاعتبار مجموع العقوبات الصادرة التي لم يحصل محولها عن طريق رد اعتبار سابق أو بصدور عفو شامل.
المادة 680 : لا يجوز أن يرفع إلى القضاء طلب رد اعتبار إلا من المحكوم عليه فإذا كان محجورا عليه فمن نائبه القانوني.
وفي حالة وفاة المحكوم عليه يجوز لزوجه أو أصوله أو فروعه تتبع الطلب بل إن لهم أيضا أن يتلوا تقديم الطلب ولكن في ظرف مهلة سنة اعتبارا من الوفاة.
المادة 681 : لا يجوز تقديم طلب برد الاعتبار قبل انقضاء مهلة ثلاث سنوات.
وتزاد هذه المهلة إلى خمس سنوات بالنسبة للمحكوم عليهم بعقوبة جناية.
وتبتدئ المهلة من يوم الإفراج عن المحكوم عليهم بعقوبة مقيدة بالحرية ومن يوم سداد الغرامة بالنسبة للمحكوم عليهم بها.
المادة 682 : لا يجوز للمحكوم عليهم الذين يكونون في حالة العود القانوني أو لمن حكم عليهم بعقوبة جديدة بعد رد اعتبارهم أن يقدموا طلبا برد الاعتبار إلا بعد مضي مهلة ست سنوات من يوم الإفراج عنهم.
غير أنه إذا كانت العقوبة الجديدة لجناية رفعت فترة الاختبار إلى عشر سنوات.
وفيما عدا الحالة المنصوص عليها في المادة 684 فلا يجوز للمحكوم عليهم الذين سقطت عقوبتهم بالتقادم أن يحصلوا على رد الاعتبار القضائي.
المادة 683 : يتعين على المحكوم عليه فيما عدا الحالة المنصوص عليها في المادة 684 أن يثبت قيامه بسد المصاريف القضائية والغرامة والتعويضات المدنية أو إعفاءه من أداء ما ذكر.
فإن لم يقدم ما يثبت ذلك تعين عليه أن يثبت أنه قضى مدة الإكراه البدني أو أن الطرف المتضرر قد أعفاه من التنفيذ بهذه الوسيلة.
فإذا كان محكوما عليه لإفلاس بطريق التدليس فعليه أن يثبت أنه قام بوفاء ديون التفليسة أصلا وفوائد ومصاريف أو ما يثبت إبراءه من ذلك.
ومع ذلك فإذا أثبت المحكوم عليه عجزه عن أداء المصاريف القضائية جاز له أن يسترد اعتباره حتى في حالة عدم دفع هذه المصاريف أو جزء منها.
فإذا كان الحكم بالإدانة يقضي بالأداء على وجه التضامن حدد المجلس القضائي مقدار جزء المصاريف والتعويض المدني وأصل الدين الذي يتعين على طالب رد الاعتبار أن يؤديه.
وإذا لم يمكن العثور على الطرف المتضرر أو امتنع عن استلام المبلغ المستحق الأداء أودع هذا المبلغ بالخزينة.
المادة 684 : إذا حدث بعد ارتكاب الجريمة أن أدى المحكوم عليه خدمات جليلة للبلاد مخاطرا في سبيلها بحياته لم يتقيد طلب رد الاعتبار بأي شرط زمني أو متعلق بتنفيذ العقوبة.
المادة 685 : يقدم المحكوم عليه طلب رد الاعتبار إلى وكيل الجمهورية بدائرة محل إقامته ويذكر بدقة في هذا الطلب:
1) تاريخ الحكم بالإدانة،
2) الأماكن التي أقام بها المحكوم عليه منذ الإفراج عنه.
المادة 686 : يقوم وكيل الجمهورية بإجراء تحقيق بمعرفة مصالح الشرطة أو الأمن في الجهات التي كان المحكوم عليه مقيما بها.
ويستطلع رأي القاضي في تطبيق العقوبات.
المادة 687 : يستحصل وكيل الجمهورية على:
1) نسخة من الأحكام الصادرة بالعقوبة،
2) مستخرج من سجل الإيداع بمؤسسات إعادة التربية التي قضى بها المحكوم عليه مدة عقوبته وكذلك رأي المدير أو الرئيس المشرف على مؤسسة إعادة التربية عن سلوكه في الحبس.
3) القسيمة رقم 1 من صحيفة الحالة الجزائية.
ثم ترسل هذه المستندات مشفوعة برأيه إلى النائب العام.
المادة 688 : (الأمر رقم 69-73 المؤرخ في 16 سبتمبر 1969) يقوم النائب العام برفع الطلب إلى غرفة الاتهام بالمجلس القضائي.
ويجوز للطالب أن يقدم مباشرة إلى غرفة الاتهام سائر المستندات المفيدة.
المادة 689 : (الأمر رقم 69-73 المؤرخ في 16 سبتمبر 1969) تفصل غرفة الاتهام في الطلب خلال شهرين بعد إبداء طلبات النائب العام وسماع أقوال الطرف الذي يعنيه الأمر أو محاميه أو بعد استدعائه بصفة قانونية.
المادة 690 : يجوز الطعن في حكم غرفة الاتهام لدى المحكمة العليا ضمن الكيفيات المنصوص عليها في هذا القانون.
المادة 691 : لا يجوز في حالة رفض الطلب تقديم طلب جديد حتى ولو في الحالة المنصوص عليها فيالمادة 684 قبل انقضاء مهلة سنتين اعتبارا من تاريخ الرفض.
المادة 692 : ينوه عن الحكم الصادر برد الاعتبار على هامش الأحكام الصادرة بالعقوبة بصحيفة السوابق القضائية.
(الأمر رقم 75-46 المؤرخ في 17 يونيو 1975) وفي هذه الحالة لا ينوه عن العقوبة في القسيمتين 2 و3 من صحيفة السوابق القضائية.
ويجوز لمن يرد اعتباره أن يستلم بدون مصاريف نسخة من القرار الصادر برد الاعتبار ومستخرجا من صحيفة السوابق القضائية.
المادة 693 : في الحالة التي تصدر فيها المحكمة العليا حكما بالإدانة بعد رفع الأمر إليها كاملا فإن هذه الجهة القضائية تكون وحدها المختصة بالفصل في طلب رد الاعتبار.
ويجري التحقيق حينئذ في الطلب بمعرفة النائب العام لدى المحكمة المذكورة.
خاتمة
لحكم بعقوبة جناية أو جنحة يؤدي من الانتقاص من شخصية المحكوم عليه ويحول دون استعادة مكانته الاجتماعية اللائقة ودون الوصول إلى مركز شريف إذ أن الحكم بالعقاب يتبعه في غالب الأحوال الحرمان من بعض الحقوق السياسية والمدنية ويسجل في صحيفة السوابق فيتعذر على المحكوم عليه الاندماج ثانية في الهيئة الاجتماعية, كما أنه ليس من العدل أن يحرم شخص من رد اعتبارة إذا بذل مجهودًا ليحسن سيره وسلوكه وأقام الدليل على هذا بمرور فترة معينة دون أن يرتكب جرائم اخرى،لهذا قررت أغلب الشرائع أحكامًا برد اعتبار المحكوم عليهم وجعلته نظامًا مقررًا لصالح المحكوم عليهم بموجبه يستطيعون أن يحسنوا سيرهم وسلوكهم بغية مكافأتهم برد اعتبارهم إليهم كما أنه نظام مقرر لصالح الهيئة الاجتماعية نفسها فمن مصلحتها أن يندمج فيها كل من تاب وأصلح فيؤدي أعمالاً لصالح نفسه ولصالح المجموع في آن واحد - فما رد الاعتبار في الحقيقة إلا طريقة أدخلها المشرع الجزائري كي يمكِّن المحكوم عليهم من أن يستعيدوا حقوقهم السياسية والمدنية وبالتالي يندمجون في المجتمع مستردين مكانتهم السابقة للحكم.
تم تحرير الموضوع بواسطة :Harrir Abdelghani
بتاريخ:25-06-2017 11:02 مساءً