مفهوم أهلية التعاقد مفهوم الأهلية
الاهلية كما نعرف أهلية وجوب و هي صلاحية الشخص لإكتساب الحقوق و تحمل الإلتزامات وأيضا أهلية اداء و هي قدرة الشخص في التصرف بامواله.
و هو ما نقصده في هذا بالمقام. و هذه الاهلية لا تثبت لكل شخص مهما بلغ من العمر كما هو الحال بالنسبة لاهلية الوجوب و إنما تشترط التمييز و هي تختلف من شخص لاخر إذ يعتبر من بلغ سن 19 سنة كامل الاهلية بالنسبة للقانون المدني الجزائري.
كما يشترط ان تكون خالية من العوارض (الجنون و العته و السفه و الغفلة) ففي هذه الحالة تكون الاهلية إما معدومة او ناقصة.
تمييز الأهلية عن الولاية المال وعن عدم قابلية المال لتصرف :
- الاهلية و الولاية على المال :
الولاية على المال تعني صلاحية الشخص للتصرف في مال غيره. كصلاحية الولي او الوصي او المقدم(القيم) في التصرف في اموال القصر او المحجور عليهم. بينما تعني صلاحية الشخص بالنسبة لامواله و نفسه.
- الاهلية و عدم قابلية المال للتصرف :
فد يوقف بعض الاشخاص اموالهم لمصلحة احد الجمعيات الخيرية. و بالتالي لا يستطيع التصرف في هذه الاموال لكن عدم قابلية المال للتصرف في هذه الحالة لا ترجع إلى نقص او إنعدام في الاهلية و إنما يرجع إلى عدم قابلية هذه الاموال للتصرف باي وجه من الاوجه.
الأهلية في التعاقد :
يشترط أن يتمتع أطراف العقد بأهلية التعاقد، ويقصد بالأهلية هنا أهلية الأداء أي قدرة الشخص على أن يصدر منه تصرف قانوني صحيح أي صلاحيته لأن يقوم بإبرام العقد المذكور ولا تكفي أهلية الوجوب أي مجرد صلاحية الشخص لتحمل الالتزامات وتلقي الحقوق ولو لم يباشر ذلك بنفسه.
أهلية الأداء : (capacité d’exercice)
هي صلاحية الشخص لإبرام التصرفات القانونية, أي "القدرة على التعبير بنفسه عن إرادته تعبيرا منتجا لآثاره القانونية في حقه وذمته" . وهكذا, فأهلية الوجوب تثبت لكل إنسان, أما أهلية الأداء فلا تثبت إلا إذا أثبت الشخص أنه قادر على التمييز بين النفع والضرر.
الفرع الأول : مناط أهلية الأداء
أولا : الأساس الفقهي
مناط أهلية الأداء ثبوت العقل والتمييز، فغير المميز وهو الطفل والمجنون، يكون معدوم الأهلية، والمميز الذي لم يبلغ الحلم يكون ناقص الأهلية، ومن بلغ الحلم عاقلاً يكون كامل الأهلية . واضح من هذا البيان أن مباحث الحكم ألتكليفي كلها تتعلق بالإنسان وأن أهلية الأداء لا يمكن أن تتحقق في غير الإنسان، ولو كانت ناقصة، وعلى هذا فإنها تكون معدومة بالنسبة للشخص الاعتباري وهذا لا نزاع فيه.
ثانيا : الأساس القانوني
مناط أهلية الأداء هو التمييز (بلوغ سن معينة), والإدراك(سلامة العقل), وحرية الإرادة (التصرف دون إكراه مادي أو معنوي) ومجال أهلية الأداء هو إبرام التصرفات القانونية سواء كانت تصرفات تبادلية كالبيع والإيجار أو تصرفات بإرادة منفردة كالتبرع, والوصية, والوعد بجائزة, لأن هذه التصرفات جميعها قوامها إرادة الإنسان سواء كانت تبادلية أم فردية. أما الأعمال المادية سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة, عمديه أو بالإهمال أي بإرادة الشخص أو بغير إرادته, تتحقق آثارها بناء على نص القانون وليس بناء على الإرادة الشخصية, ومثال ذلك القتل العمدي والقتل بالإهمال, يلتزم الفاعل بالتعويض لأن قوام التصرفات المادية هو القانون لا الإرادة.
الفرع الثاني : تدرج أهلية الأداء
تتدرج أهلية الشخص بتدرج سني عمره وقدرته على التمييز و الإدراك بين الفعل النافع والضار من : الانعدام إلى النقصان إلى الكمال
أولا : أهلية الأداء المعدومـة
تنص المادة 42 (المعدلة) من القانون المدني على أنه : "لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن, أو عته, أو جنون. يعتبر غير مميز من لم يبلغ 13 سنة". ومعنى انعدام أهلية الصغير الذي لم يبلغ 13 سنة بطلان كل تصرفاته ولو كان التصرف نافعا له كقبول تبرع مالي. والبطلان هنا يشمل كل تصرفات الصغير ويكون لكل ذي مصلحة أن يتمسك به ويقضي به القاضي من تلقاء نفسه لأنه يتعلق بالنظام العام. ويترتب على الحكم بالبطلان إعادة الأمر كما كان عليه قبل لتعاقد.
ثانيا : أهلية الأداء الناقصة
وهي المرحلة التي يتجاوز فيها القاصر سن 13 سنة دون أن يبلغ 19 سنة (سن الرشد المدني). ففي هذه المرحلة لا يكون الشخص عديم الأهلية أو كاملها, وإنما يكون ناقص الأهلية كما جاء في المادة 43 (معدلة) من القانون المدني التي تنص على : "كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد, وكل من بلغ سن الرشد وكان سفيها أو ذا غفلة, يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون" ويختلف حكم الصبي المميز في تصرفاته بحسب مايلي :
1- إذا كان التصرف نافعا له نفعا محضا كقبول تبرع أو هبة فإن التصرف يكون صحيحا .
2- إذا كان التصرف ضارا له ضررا محضا كهبة أمواله, يكون باطلا بطلانا مطلقا ويجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان وللمحكمة أن تقضي بهذا البطلان من تلقاء نفسها ، وتقع هذه التصرفات باطلة حتى لو أجازها الولي.
3- إذا كان التصرف يدور بين النفع والضرر يكون باطلا بطلانا نسبيا كالبيع والمقايضة, بمعنى أن يكون قابلا للإبطال لمصلحة القاصر بواسطة الولي أو الوصي أو الصبي نفسه بعد بلوغه سن الرشد. ومن جهة أخرى, وبالنسبة لمسؤوليته, فقد نصت المادة 125 من القانون المدني على أن :
"لا يسأل المتسبب في الضرر الذي يحدثه بفعله أو امتناعه أو بإهمال منه أو عدم حيطته إلا إذا كان مميزا".
وتقضي المادة 100 مدني بأن حق الإبطال يزول بالإجازة الصريحة أو الضمنية، كما تقضي المادة 101 المعدلة بأن الحق في طلب الإبطال يسقط بالتقادم، إذا لم يتمسك به صاحبه خلال 5 سنوات من يوم زوال سبب نقص الأهلية. فيما تنص المادة 83 من قانون أسرة على اعتبار تصرفات ناقص الأهلية موقوفة على إجازة الولي أو الوصي إذا كانت مترددة بين النفع والضرر .
ثالثا: أهلية الأداء الكاملة تكتمل أهلية الشخص ببلوغه 19 سنة كاملة :
وهو سن الرشد المدني وتقع كافة تصرفاته صحيحة, طبقا للمادة 40 من القانون المدني التي تنص على ما يأتي :
"كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية, ولم يحجر عليه, يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية, وسن الرشد تسعة عشر سنة (19) كاملة
".