بحث حول عقد الوديعة
وفق القانون الجزائري المادة 590 قانون مدني
الوديعة عقد يسلّم بمقتضاه المودع شيئا منقولا إلى المودع لديه على أن يحافظ عليه لمدّة و على أن يردّه عينا
المادة 591 ق م ج :
" على المودع لديه أن يتسلم الوديعة . و ليس له أن يستعملها دون أن يأذن له المودع في ذلك صراحة أو ضمنيا "
المادة 571 ق م ج :
" الوكالة أو الإنابة هو عقد بمقتضاه يفوّض شخص شخصا آخر للقيام بعمل شيء لحساب الموكل و بإسمه "
المادة 578 ق م ج :
" لا يجوز للوكيل أن يستعمل مال الموكل لصالح نفسه "
المادة 598 ق م ج :
" إذا كانت الوديعة مبلغا من النّقود أو أي شيء آخر مما يستهلك و كان المودع لديه مأذونا له في إستعماله أعتبر العقد قرضا "
المادة 1/111 من القانون رقم 10-90 ، لسنة 1990 و المتعلق بالنّقد و القرض :
" تعتبر أموال متلقاة من الجمهور ، تلك التي يتم تلقيها من الغير ، و لا سيّما بشكل ودائع ، مع حق إستعمالها * حق التصرف فيها * لحساب من تلقاها بشرط إعادتها "
المادة 1/35 من القانون رقم 12-86 لسنة 1986 ( الملغى ) و المتعلق بنظام البنوك و القرض :
" يشكل أي مبلغ مودع لدى مؤسسة قرض ، دينا على هذه المؤسسة سواء في ذلك أصل هذا المبلغ أو فوائده المحتملة"
المادة 117 من القانون 10-90 المتعلق بالنّقد و القرض :
الرجوع إلى مضمون هذه المادة المذكورة أعلاه فيما يخص التكييف القانوني للوديعة النّقدية المخصصة لغرض معيّن .
خطة البحث
مقدمة
المبحث الأول ماهية عقد الوديعة
المطلب الأول تعريف عقد الوديعة
المطلب الثاني : خصائص عقد الوديعة
المبحث الثاني : أركان عقد الوديعة
المطلب الأول : الرضا والأهلية المطلب الثاني : المحل والسبب
المبحث الثالث : آثار عقد الوديعة
المطلب الأول : التزامات المودع عنده
المطلب الثاني : التزامات المودع
خاتمة
مقدمـــة :
للوديعة دور مهم في جميع المجتمعات قديمها وحديثها، بل إنها لا يمكن لأي مجتمع أن يستغني عنها في أي زمن، ولكن هذا القول لا ينفي اختلاف دور الوديعة في المجتمعات الحديثة عنه في المجتمعات القديمة؛ ففي هذه الأخيرة كانت الوديعة تستخدم لأغراض مختلفة، إذ كان الفرد يقوم بإيداع أمواله خشية من السرقة أو النهب، ولاسيما في بعض الأزمنة التي كانت تسود فيها الحروب والاضطرابات الداخلية وانعدام الأمن، كما كان بعض الأفراد يعمد إلى إيداع أمواله لدى الغير، إن اضطر للسفر بحثاً عن عمل أو اضطر إلى ترك بلده للالتحاق بالجيش في أوقات الغزوات والحملات العسكرية...
أما في المجتمعات الحديثة فقد احتلت الوديعة مكانا مهما في جميع البلدان، لكونها مرتبطة جوهريا بالأنشطة الاقتصادية وتدول السلع والأموال، فتودع في مصارف ومستودعات حتى يحين موعد تسليمها لأصحابها.
ونظرا لأهمية الموضوع وتشعب أفكاره وارتباط بعضها البعض، فإن محاولة دراستها تطرح إشكاليات يمكن بلورتها على الشكل التالي :
المبحث الأول: ماهية عقد الوديعة
المطلب الأول : تعريف عقد الوديعة :
تعريف الوديعة :
الوديعة لغة : ما استودع وأودع الشيء : صانه والوديعة واحدة الودائع ، وأودعته مالاً : دفعته إليه ليكون وديعة .
الوديعة اصطلاحاً : المال المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض أو هي المال الذي يودع عند شخص لأجل الحفظ ويطلق التعريف على العين المودعة ذاتها وعلى العقد المنظم للإيداع .
وعرفها القانون المدني الجزائري في المادة 590: " الوديعة عقد يسلم بمقتضاه المودع شيئا منقولا الى المودع لديه على أن يحافظ عليه وعلى أن يرده عينا "
ويعتبر عقد الوديعة من العقود الواردة على العمل ، ويسمى من سلم المال مودعا والذي يتسلمه مودعا عنده أو مستودعا ويسمى المال المودع وديعة .
ولا يشترط للوديعة ألفاظ خاصة ، لأنه لا يوجد في القانون ألفاظ خاصة للتعبير عن العقود
تعريف العقد
فالعقد لغة : هو جعل عقدة في الشيء يقال عقد البيع وعقّد اليمين " ولكن يؤاخذكم بما عقّدتم الأيمان " . وعقد الزهر أي تضامت أجزاؤه فصار ثمراً.
العقد اصطلاحاً: اتفاق بين طرفين يلتزم كل منهما بتنفيذ ما اتفقا عليه كعقد البيع ، وعرفه الدكتور مصطفى الزرقا بقوله " ارتباط إيجاب بقبول يظهر أثره في محله " .
المطلب الثاني : خصائص عقد الوديعة :
من التعريف السابق الذي ذكرته ، يتبين لنا بعض الخصائص المهمة لعقد الوديعة وهي كالآتي :
أ ـ عقد الوديعة هو عقد رضائي ينعقد بمجرد ارتباط الإيجاب بالقبول وتطابقهما. ولكن بعض التشريعات، كالتشريع الفرنسي يعدّ الوديعة عقداً عينياً لا يكفي توافر الرضا لانعقاده، وإنما يشترط إضافة إلى ذلك تسليم الشيء المودع للمودع عنده.
ب ـ عقد الوديعة هو من حيث المبدأ من عقود التبرع. تعد الوديعة غير المأجورة من عقود التفضل، ولكن إذا اشترط فيها الأجر فتكون الوديعة عندئذٍ من عقود المعاوضة، وتسمى الوديعة المأجورة.
ج ـ عقد الوديعة هو من حيث المبدأ من العقود الملزمة لجانب واحد وهو المودع عنده. أما الوديعة المأجورة فهي من العقود الملزمة للجانبين. ويلتزم المودع عنده بحفظ الشيء المودع، ولا يقوم عقد الوديعة من دون هذا الالتزام.
د ـ يغلب الاعتبار الشخصي في عقد الوديعة، ويترتب على ذلك أن الوديعة تنتهي بموت المودع عنده. ويمكن للمودع أن يطلب رد الشيء المودع قبل انقضاء الأجل شريطة أن لا يكون الأجل في مصلحة المودع عنده.
المبحث الثاني : أركان عقد الوديعة
المطلب الأول : الرضا والأهلية:
أـ الرضا: الوديعة هي عقد رضائي يكفي لانعقاده توافق الإيجاب والقبول. وتطبق هنا القواعد العامة لنظرية العقد. والمودع هو من حيث المبدأ مالك الشيء المودع. ويجوز
أن يكون نائباً عن المالك، كالوكيل والوصي. وكذلك يجوز لمن له حق الانتفاع بالشيء أن يودعه عند غيره حتى لو لم يكن مالكاً له، كالمستعير والمستأجر.
بـ الأهلية: الإيداع بالنسبة للمودع هو عمل من أعمال الإدارة، وبالتالي لا تشترط فيه أهلية التصرف حتى لو كانت الوديعة مأجورة. ويترتب على ذلك أن القاصر المأذون له في إدارة أمواله يكون أهلاً لإبرام عقد الوديعة، وبالتالي لا يشترط في المودع أن يكون بالغاً راشداً وتتوافر لديه أهلية التصرف.
في حين أن المودع عنده يجب أن تتوافر فيه أهلية التصرف، وبالتالي يكون راشداً، وذلك لأنه يلتزم بموجب العقد بحفظ الشيء المودع وبرده، وقد ينجم عن ذلك الالتزام مسؤوليات شديدة.
المطلب الثاني : المحل والسبب :
أـ المحل: وهو الشيء المودع، وفي الوديعة المأجورة يكون الأجر محلاً آخر لعقد الوديعة. ويشترط في الشيء المودع أن يكون موجوداً، ومعيناً أو قابلاً للتعيين، ولا
يخالف النظام العام والآداب فلا يجوز مثلاً إيداع الأشياء المهربة أو المخدرات. ويمكن أن يكون الشيء المودع منقولاً أو عقاراً، ولكن ترد الوديعة غالباً على الأشياء المنقولة.
بـ السبب : وهو في عقد الوديعة ـ طبقاً للنظرية الحديثة في السبب ـ الباعث الدافع إلى التعاقد، فإذا كان الباعث الدافع غير مشروع تكون الوديعة باطلة، كأن يخفي المودع
عند المودع عنده أشياء مسروقة.
المبحث الثالث : آثار عقد الوديعة
إذا كانت الوديعة غير مأجورة فلا تنشأ التزامات إلا على المودع عنده، أما إذا كانت مأجورة فتنشأ عندئذٍ التزامات متبادلة على عاتق الطرفين.
المطلب الأول : التزامات المودع عنده:
يلتزم المودع عنده بموجب عقد الوديعة بـ:
أ ـ تسلم الشيء المودع :
والتسلم هنا التزام وليس ركناً للعقد. ويكون التسلم باستيلاء المودع عنده على الشيء استيلاءً مادياً. ويمكن أن يكون التسلم حكمياً، وذلك إذا كان الشيء المودع بين يدي المودع عنده قبل انعقاد الوديعة بسبب مشروع كالإيجار أو الرهن الحيازي. وإذا رفض المودع عنده تسلم الشيء المودع فيمكن إجباره على ذلك عن طريق التنفيذ العيني للالتزام. ولكن قد يضر ذلك بمصلحة المودع الذي تزعزعت ثقته بالمودع عنده، وبالتالي يمكن له أن يطالب المودع عنده بالتعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة رفضه تسلم الشيء المودع.
أما إذا كانت الوديعة مأجورة، أو تعذر على المودع عنده في الوديعة غير المأجورة حفظ الوديعة لأسباب مشروعة جاز له إذا لم يكن قد تسلم الشيء المودع أن يتحلل من الالتزام بتسلم الشيء المودع.
ب ـ حفظ الشيء المودع :
وهو الالتزام الأساسي المترتب على عقد الوديعة، والالتزام بحفظ الشيء هو التزام ببذل عناية وليس بتحقيق غاية، والعناية هي عناية الرجل المعتاد إذا كانت الوديعة بأجر، أما إذا كانت الوديعة غير مأجورة فيجب على المودع عنده أن يبذل من العناية في حفظ الشيء المودع ما يبذله في حفظ ماله إذا كانت هذه العناية أقل من عناية الرجل المعتاد، أما إذا كانت عنايته أكثر من عناية الرجل المعتاد فلا يطلب منه سوى عناية الرجل المعتاد.
ويترتب على ذلك أنه إذا هلك الشيء المودع بين يدي المودع عنده بسبب أجنبي فتبعة الهلاك تقع على المودع. ولا يكون المودع عنده مسؤولاً عن هلاك الشيء المودع إلا إذا كان ذلك نتيجة تقصير منه.
ولا يجوز للمودع عنده استعمال الشيء المودع من دون أذن صريح أو ضمني من المودع بذلك. كما لا يجوز له أن يحل غيره محله في حفظ الشيء المودع من دون إذن صريح من المودع، باستثناء ما إذا كان مضطراً إلى ذلك بسبب ضرورة عاجلة.
ج ـ رد الشيء المودع :
يلتزم المودع عنده أن يسلم الشيء المودع بمجرد طلبه. ولكن إذا كان الأجل قد عين في العقد لمصلحة المودع عنده فلا يلتزم هذا الأخير بتسليم الشيء المودع إلى المودع إلا عند انقضاء الأجل. ويلتزم المودع عنده برد الشيء عيناً أي ذات الشيء المودع، وإذا تعذر على المودع عنده رد الشيء عيناً، وكان قد حل محله مقابل له فعليه أن يرد هذا المقابل للمودع، ومثل ذلك أن تستملك الإدارة الشيء المودع للمنفعة العامة ويتقاضى المودع عنده بدل الاستملاك، فعليه أن يرد هذا البدل للمودع.
ويلتزم المودع عنده برد ثمار الشيء المودع أيضاً، كأرباح السندات ومحصول الأرض… ويكون الرد للمودع نفسه أو لورثته بعد وفاته.
ويمكن للمودع عنده أن يمتنع عن رد الوديعة حتى بعد انقضاء الأجل إذا كان الامتناع مستنداً إلى سبب مشروع، وذلك تطبيقاً لقاعدة الحق في الحبس، وكذلك لقاعدة الدفع بعدم التنفيذ. أما إذا امتنع المودع عنده عن رد الوديعة من دون سبب مشروع فيحق للمودع أن يستردها بموجب دعوى قضائية، وهي دعوى شخصية يطلب فيها المودع استرداد الوديعة وملحقاتها وثمارها. وإذا تعذر على المودع استرداد الوديعة عيناً يحق له الرجوع على المودع عنده بالتعويض. وقد يترتب على امتناع المودع عنده عن رد الوديعة مسؤولية جزائية.
المطلب الثاني : التزامات المودع :
يلتزم المودع بموجب عقد الوديعة بما يأتي :
أ ـ دفع الأجر :
وذلك عندما تكون الوديعة مأجورة. والأصل في الوديعة أن تكون غير مأجورة، وبالتالي إذا لم يتفق في العقد على أجر فلا يستحق المودع عنده أجراً عن عمله.
ب ـ رد المصروفات:
إذا أنفق المودع عنده مصروفات في سبيـل حفظ الشيء فيجب على المودع أن يرد له هذه المصروفات، أما المصروفات النافعة والمصروفات الكمالية تنطبق بشأنها القواعد العامة، ولا ينشأ الالتزام بردها من عقد الوديعة، وإنما من فعل الاتفاق. وعندما ينفق المودع عنده مصروفات لحفظ الشيء المودع ينقلب عقد الوديعة غير المأجورة من عقد ملزم لجانب واحد إلى عقد ملزم لجانبين.
يلتزم المودع بتعويض المودع عنده عن كل ما لحق به من خسارة بسبب الوديعة.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرِّع كرَّس أحكاماً خاصة لبعض أنواع الوديعة، مثل الوديعة الناقصة والوديعة الاضطرارية والوديعة في الفنادق.
خاتمة
عقد الوديعة هو عقد يلتزم به شخص أن يستلم شيء من شخص آخر على أن يتولى حفظ هذا الشيء وعلى ان يرده عينا يعتبر عقد الوديعة من العقود الواردة على العمل ويسمى من سلم المال مودعا والذى يتسلمه مودعا عنده أو مستودعا ويسمى المال المودع وديعة ولا يشترط للوديعة ألفاظ خاصة لأنه لا يوجد في القانون ألفاظ محددة للتعبير عن العقود بما فيها أيضا عقد الوديعة
و أركان عقد الوديعة كسائر العقود هي الرضا والأهلية و المحل والسبب بالنسبة للرضا فإن الوديعة هي عقد رضائي يكفي لانعقاده توافق الإيجاب والقبول. وتطبق هنا القواعد العامة للنظرية العقد والمودع هو من حيث المبدأ مالك الشيء المودع .
أما أهلية الإيداع بالنسبة للمودع هو عمل من أعمال الإدارة، وبالتالي لا تشترط فيه أهلية التصرف إن القاصر المأذون له في إدارة أمواله يكون أهلا لإبرام عقد الوديعة، وبالتالي لا يشترط في المودع أن يكون بالغا راشدا وتتوافر لديه أهلية التصرف في حين أن المودع عنده يجب أن تتوافر فيه أهلية التصرف، وبالتالي يكون راشدا، وذلك لأنه يلتزم بموجب العقد بحفظ الشيء المودع وبرده وقد ينجم عن ذلك الالتزام مسؤوليات شديدة .
المحل وهو الشيء المودع، وفي الوديعة المأجورة يكون الأجر محلا آخر لعقد الوديعة ويشترط في الشيء المودع أن يكون موجودا، ومعينا أو قابلا للتعيين و لا يخالف النظام العام والآداب فلا يجوز مثلا إيداع الأشياء المهربة أو المخدرات. ويمكن أن يكون الشيء المودع منقولا أو عقارا ولكن ترد الوديعة غالبا على الأشياء المنقولة.
السبب في عقد الوديعة طبقا للنظرية الحديثة هو الباعث و الدافع إلى التعاقد فإذا كان الباعث و الدافع غير مشروع تكون الوديعة باطلة كأن يخفي المودع عند المودع عنده أشياء مسروقة.