شرح الشكوي الادارية او التظلم الاداري تعريف التظلم الإداري
المبحث الأول التظلم الإداري بين المفهوم والإجراءات
المطلب الأول : مفهوم التظلم الإداري
المطلب الثاني : أنواع التظلم الإداري (الشكوى (
المطلب الثالث : شروط وإجراءات رفع التظلم الإداري
المبحث الثاني : النتائج والأثار المترتبة على رفع التظلم الإداري
المطلب الأول : النتائج المترتبة على تحريك التظلم الإداري بالنسبة للأطراف
المطلب الثاني: بالنسبة لحساب الأجلال القانونية
تعريف التظلم الإداري
التظلم الإداري هو عدم رضاء صاحب الشأن بالقرار الذي علم به بواسطة النشر أو الإعلان أو العلم اليقيني، فبادر بكتابة هذا على شكل تظلم وأرسله للإدارة مصدرة القرار أو لرئيسها طالباً إعادة النظر فيه وسحبه أو إلغاؤه .
فمصدر القرار من حقه – حال علمه بعدم مشروعية قراره – أن يصحح قراره ويطهره من العيوب التي لحقته، بل يعد ذلك أفضل من إلغاء القرار قضائياً إذ أنه بذلك قد أظهر احترامه للقانون، وتقديره لوقف القضاء فغناه البحث في شرعية قراره، وأعاد للمتضرر حقوقه دون إجباره على الذهاب إلى القضاء . وهذا هو المفروض أصلاً في مصدر القرار ؛ وهذا الحق ليس مطلقاً، وإنما مقيد بذات مواعيد الطعن بالإلغاء لنفس الأسباب التي سبق أن أشرنا إلها، ويتعلق بذات القرارات التي خص المشرع الطعن فيها بمواعيد قصيرة قوامها ستون يوماً. أيضاً ما يملكه مصدر القرار فهو معترف به لرئيسه. فالسلطة الرئاسية تعطى للرئيس الإداري بالإضافة إلى السلطات التي يباشرها حيال أشخاص المرؤوسين سلطات يباشرها حيال أو بصدد أعمالهم، إذ له حق سحبها أو إلغائها أو تعديلها وذلك حسب طبيعة الاختصاص الممنوح للرئيس .
مقدمة :
من المبادئ المستقرة في نطاق القانون الإداري أن المصلحة العامة تتفوق على المصالح الخاصة، وعلى هذا الأساس تقوم الإدارة العامة، في معرض تسييرها للمرافق العامة، باتخاذ قرارات إدارية هي سبيلها لوضع المصلحة العامة في حيّز التطبيق الفعلي.
وبناءا على ذلك فإن هذه القرارات تضع في الحسبان أولاً وأخيراً وجوب سير المرافق العامة بانتظام واطّراد، فضلاً على أن ضرورة استمرارية المرفق العام هي نقطة بالغة الأهمية. على أن ما تتخذه الادارة العامة من قرارات قد يمس من قريب أو بعيد حقوق الأفراد أو يخالف مبدأ الشرعية وعلاجاً لهذا الأمر أوجد المشرع للمتضرر مسلكاً ألزمه، بادئ ذي بدء، اللجوء إليه قبل اللجوء إلى القضاء، وهو « التظلم الإداري » الذي بموجبه يطلب المتضرر من الجهة التي أصدرت القرار، أن تَعدِل عنه، فإن هي أبت ذلك يبقَ باب القضاء «المرجع الأصيل» مفتوحاً أمامه.
مفهوم التظلم الإداري إن القاعدة العامة للتظلم الإداري هي أنه اختياري، أي إن لصاحب الشأن مطلق الحرية في اللجوء أو عدم اللجوء إليه، فله من حيث المبدأ أن يتظلم إلى الجهة الإدارية المختصة قبل رفع دعواه تجنباً لمشقة التقاضي وطول مدته.
- إن الإدارة وفي إطار أدائها لمهامها تصدر أعمالا قانونية في شكل قرارات إدارية لا ترضي كلها الأفراد المخاطبين بها، مما يجعلهم يلجؤون لوسائل قانونية قد تدفع الإدارة إلى تغيير رأيها فيما صدر عنها، وهذا إما عن طريق اللجوء للجهات القضائية برفع دعوى إلغاء القرار الإداري، وكلنا نعلم مدى طول إجراءات التقاضي وتعقدها، والوسيلة الثانية تتمثل في مخاصمة الإدارة عن طريق رفع شكوى بإجراء تظلم إداري وهو الإجراء الذي سوف نعالجه من خلال هذه الدراسة بالنظر إلى التظلم الإداري ومدى فعاليته في خلق التوازن بين ما تصدره الإدارة من تصرفات قانونية وبين رضا الأفراد عن مضمونها، من هنا سنحاول طرح الإشكالية التالية :
-كيف تم تنظيم التظلم الإداري في قانون الإجراءات المدنية والإدارية؟ ومدى فعاليته في عدول الإدارة عن قراراها ؟
المبحث الأول : التظلم الإداري بين المفهوم والإجراءات
المطلب الأول : مفهوم التظلم الإداري
بعد مرور القرار الإداري بمراحل تكوينه ومشروعيته، وبعد علم المخاطبين بصدور قرارات إدارية في حقهم تأتي مرحلة دخولها حيز التنفيذ لكن قد تحدث حالة عدم رضاهم بمضمون القرارات الإدارية كليا أو جزئيا، مما يجعل القرار محل مخاصمة، وكحل ودي أولي قد يلجؤون إلى رفع تظلم للجهة الإدارية مصدرة القرار لإعادة النظر فيه وهو ما سنعالجه من خلال الفروع التالية: بدءا بتحديد المقصود بالتظلم الإداري ثم ضبط المصطلح بتمييزه عن بعض المصطلحات المشابهة له وأخيرا نلج إلى أهمية اللجوء إلى التظلم الإداري .
الفرع الأول : التعريف بالتظلم الإداري
تقوم الرقابة الإدارية إما بصفة تلقائية من جانب الإدارة نفسها، أو بناءا على تظلم يقدم إليها من الأفراد ذوي المصلحة الذين أضربهم القرار الإداري، وهو بمثابة إعطاء فرصة للإدارة لتصحيح أوجه الضرر التي قد تصيبهم في حال تنفيذ قراراتها مثلا.
ويعرف التظلم الإداري على أنه : » وسيلة لحل المنازعات الإدارية وديا، أي بين الإدارة والمخاطبين بأعمالها دون تدخل القضاء في ذلك »
لذا يطلق عليه الأستاذ أحمد محيو اسم الدعاوى الإدارية إنطلاقا من كونها دعاوى ترفع أمام الإدارة نفسها لذا فهي تتميز عن الدعاوى القضائية التي ترفع أمام القاضي.
وعرفه البعض بأنه : « هو الوصول إلى حل المشكلات الإدارية بصورة ودية، وفي وقت قصير، وبدون اللجوء إلى الطريق القضائي »
من هنا نجد أن التظلم الإداري هو اتجاه صاحب المصلحة للجهة الإدارية المختصة محتجا على قرار إداري يرى أن من شأن تطبيقه في حقه كليا أو جزئيا، قد يسبب له ضررا ماديا أو معنويا ما من شأنه التأثير على حقوق مكتسبة ومراكز قانونية قائمة.
يتم تقديم الشكوى إلى البحث في الحل الودي للنزاع القائم بين الشاكي والسلطة الإدارية صاحبة القرار الإداري، ومن هذا المنظور تشبه عملية الشكوى التظلم الإداري المسبق في قانون الإجراءات المدنية القديم، لذا نجد أن المشرع لم يفرق بين المصطلحين من خلال قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
وتجدر الإشارة إلى أنه تبقى السلطة التقديرية للجهات الإدارية المختصة في تقدير مدى إمكانية العدول عن العمل الصادر عنها، أو تعديله، ولا يلزمها القانون ولا القاضي بشيء حيال ذلك، من خلال ما سبق سنقوم بالتمييز بين نميز التظلم الإداري المسبق والطعن أو الدعوى القضائية الإدارية :
التمييز بين التظلم الإداري والطعن القضائي: أهم الفروق تتلخص في :
1- من حيث الجهة الموجه لها الطعن: يقدم الطعن الإداري إلى السلطات الإدارية المختصة التي لها حق البت في مثل هكذا طعون، أما الطعون القضائية فتحرك أمام الجهات القضائية.
2- الدعوى القضائية هي عبارة عن دعوى إلغاء تتمتع بكافة خصائص الدعوى القضائية الإدارية، وتحوز حجية الشيء المقضي والمقرر فيه خاصة وأنه يتعين على الجهات القضائية إصدار الحكم عاجلا أم أجلا، بعكس القرار الإداري الصادر في التظلم الذي لا يحظى بالحجية الكافية خاصة وأن الإدارة غير ملزمة قانونا بالرد على التظلم الإداري الموجه لها.
3- رقابة الجهات القضائية على القرار الإداري المطعون فيه هي رقابة مشروعية فقط، فتلغى القرارات دون أن يكون لها الحق في تعديلها، بينما رقابة الجهات الإدارية هي رقابة مشروعية وملائمة ولها تعديل أو إلغاء القرار الصادر عنها، او حتى استبدالها بقرارات أخرى سليمة.
4- تستعمل طريقة الشكوى أو رفع التظلم الإداري في دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الكامل فقط لكونها ترفع لحل نزاع قائم بين الخصوم خلافا لدعوى التفسير أو دعوى فحص المشروعية
الفرع الثالث : أهمية التظلم الإداري
مما لا شك فيه أن التظلم الإداري يحقق فوائد مهمة إذا ما احسن استغلاله ويظهر ذلك من خلال:
- فعلى مستوى الجهات القضائية فإنه يتم حسم المنازعة الإدارية في بدايتها دون اللجوء للقضاء، مما يقلل ويخفف العب، على كاهل القضاء ويحقق العدالة من أقرب طريق.
- أما بالنسبة للأشخاص المعنيين بالتظلم فأهميته كبيرة خاصة مع تلبية و استجابة الجهات الإدارية لمحتوى تظلمهم، كون الأمر جنبهم إجراءات التقاضي المعقدة والطويلة، خاصة وكون التظلم إجراء سهل لا يتطلب إلا شكليات بسيطة كشرط الميعاد .
- وفيما يخص الجهات الإدارية فهو وسيلة لخلق التواصل والحوار بين الإدارة والأفراد، فالإدارة لا يعني بالضرورة أنها قصدت وجود عيب لتحققه، بل قد يكون نتيجة خطأ أو سهو مما يساعد على تحريك الرقابة الإدارية الذاتية.
المطلب الثاني : أنواع التظلم الإداري (الشكوى (
كما سبق القول أن التظلم الإداري يمثل ذلك الإجراء الذي يقوم به المعني للطعن بالقرارات الإدارية التي يرى فيها عدم مشروعية كلي أو جزئي طالبا من الإدارة تصحيحها سحبها أو إلغاءها، و اعتمد الفقهاء على جملة من التصنيفات لتحديد التظلم الإداري كل وفق معيار خاص به ونذكر منا.
الفرع الأول : التظلم الإداري بحسب الالتزام القانوني بتقديمه
والذي يقدر هنا درجة الالتزام من عدمها في القيام بالتظلم الإداري المسبق أمام الجهات القضائية الإدارية، بحيث نجدها تشترط القيام بالتظلم في دعاوى دون الأخرى، أو تضع الامر اختياريا بالنسبة لصاحب المصلحة.
أولا : التظلم الإداري الإجباري
في قانون الإجراءات المدنية القديم 66-154 كان التظلم إجراء إجباري وشرط من شروط رفع دعوى الإلغاء تحت طائلة عد القبول، فيرى المجلس الأعلى برفض الدعوى لعدم القيام بطعن إداري مسبق، حيث أنه وطبقا للقرار الصادر عن المجلس الأعلى في قضية شركة سينجر ضد والي ولاية الجزائر ووزير الداخلية :« من المقرر قانونا أن الطعن بالبطلان لا يكون مقبولا إذا كان هذا الطعن قد رفض بقرار قضائي من أجل عدم القيام برفع الطعن الإداري المسبق، ومن ثمة فإن استدراك خطأ الطاعن بإعادة الطعن مرة ثانية في نفس القرار، إثر رفع طعن إداري مسبق ، يكون غير جائز قانونا قبوله»
من هنا يكون التظلم وجوبيا إذا الزم المشرع الشخص المعني الالتجاء للإدارة أولا قبل رفع دعواه أمام القضاء ومخاصمة القرار الإداري، فإذا رفع دعواه دون احترام هذا الإجراء، رفضت دعواه وإذا حاول تصليح الوضع بتقديمه وإعادة رفع الدعوى فهذا غير جائز.
والإلزام هنا يخص صاحب الشأن دون الإدارة، فلها كل السلطة التقديرية في التعامل مع التظلم، في غير ملزمة بالرد أو اتخاذ أي إجراء ضده، ويكفي صاحب الشأن أن يثبت أنه قدم التظلم للجهات الإدارية المختصة، وله في ذلك كل وسائل الإثبات ليطرحها أمام القضاء، والتظلم الوجوبي القبلي هو بمثابة فرصة منحها المشرع للجهات الإدارية لتدارك ما أرتكب من أخطاء وتصحيحها على المستوى الإداري دون اللجوء للقضاء .
ثانيا : التظلم الإداري الاختياري
بعد صدور قانون 08-09 المتعلق بقانون الإجراءات المدنية والإدارية أصبح شرط التظلم الإداري المسبق يشكل مجرد مرحلة إدارية لحل النزاع وأضحى مجرد إجراء شكوى وليس شرط، يعود القيام بها إلى السلطة التقديرية للمعني بالقرار الإداري محل النزاع، إلا ما استثنى المشرع إجباريته بموجب نصوص خاصة.
ويقصد به قيام الشخص اختياريا وبإرادته الحرة برفع شكوى للجهات الإدارية المختصة طاعنا في القرار الصادر في حقه مبينا أوجه الخطأ أو عدم المشروعية فيه، طالبا إنصافه سواء بتعديل مضمون القرار بما يتوافق ومبدأ المشروعية، إلغاءه أو سحبه.
ويكون هنا للشخص الاختيار بين رفع دعوى قضائية ضد قرار الإدارة مباشرة، وهذا يكون لاعتقاده أنه لا فائدة مرجوة من القيام بالتظلم أمام تعنت الجهات الإدارية، ويظهر ذلك من مواقفها تجاهه أو من خلال مضمون القرار، أو أنه يختار تحريك التظلم الإداري أملا في قبول الإدارة لطلباته، خاصة مع وضوح عدم المشروعية أو الخطأ في القرار الصادر ضده، ما يجنبه اللجوء للقضاء وإرهاق نفسه مع طول الإجراءات.
أما عن بعض الاستثناءات التي وردت حول إجبارية تقديم التظلم نذكر:
التظلم الإداري في ما يخص مادة الضرائب :
القرار الصادر عن مجلس الدولة في قضية (ش ع ب ) ضد مديرية الضرائب العامة لولاية بجاية :« أن كل نزاع ضريي يشترط فيه رفع تظلم إداري مسبق طبقا للمادة 337 ق ض م ... ويعد هذا الإجراء من النظام العام يتعين على القاضي إثارته تلقائيا، وعدم رفع الطعن المسبق يؤدي إلى عدم قبول الدعوى المرفوعة مباشر أمام القضاء»
التظلم الإداري في مادة الضمان الاجتماعي :
رغم أن المشرع قد فصل في مسألة التظلم الإداري واستبعده في مجال الدعوى الإدارية كأصل عام بموجب نص المادة 830، إلا أنه أبقى على الشرط قائما في بعض القضايا عملا بالنصوص الخاصة التي تفرض اللجوء إلى التظلم الإداري قبل رفع أي دعوى قضائية، كما هم منصوص عليه في القانون رقم 08-08 المؤرخ في فيفري2008 المتعلق بالمنازعات في مجال الضمان الاجتماعي ، حيث اشترط هذا القانون من أجل تسرية الخلافات التي تنشا بين هيئات الضمان الاجتماعي من جهة والمؤمن اجتماعيا أو المكلفين من جهة أخرى بمناسبة تطبيق تشريع الضمان الاجتماعي ، على ضرورة تقديم شكوى أمام لجان الطعن المسبق، قبل أي طعن أمام الجهات القضائية حيث نصت المادة 04 لقانون 08-08 بأنه : « ترفع الخلافات المتعلقة بالمنازعات العامة إجباريا أمام لجان الطعن المسبق، قبل أي طعن أمام الجهات القضائية » .
وقد يسقط شرط التظلم الإداري المسبق حتى لو أشترطه القانون كما في حالة الاستعجال، حيث أنه في القرار الإداري رقم 44299المؤرخ في 28/12/1985 في قضية (ح ع) ضد مدير الضرائب المباشرة لولاية...ومن معه أنه» متى كان التدبير الاستعجال يمتاز بطابع السرعة التي يتطلبا الإجراء، وجب عدم إخضاع الدعوى الاستعجالية للطعن الإداري المسبق ومن ثمة إعفاؤها منه دون التقيد بالأجل المنصوص عليه تحت طائلة البطلان في المادة 445 من ق ض م التي توجب في هذا المجال عرض الطلب مسبقا على نائب مدير الضرائب للولاية المختص في أجل شهر من تاريخ القرار..
الفرع الثاني : التظلم الإداري بحسب الجهة الإدارية المقدم لها
وهنا نصنف التظلم الإداري بحسب الجهة التي يرفع لها التظلم الإداري، وفي هذا الشأن يبقى الحرية لصاحب الشأن في تقديم تظلمه، متى رأى في الجهة حالة من القبول والمرونة في التعامل مع ما قدمه من تظلم.
أولا : التظلم الإداري الولائي
يملك صاحب الشأن أن يقدم تظلما إداريا إلى الجهة مصدرة القرار قبل مخاصمة القرار قضائيا، وهو الذي يتقدم به ذو المصلحة إلى من صدر منه القرار المخالف للقانون، طالب منه أن يعيد النظر في قراره، إما بسحبه، أو بإلغائه أو بتعديله أو باستبدال غيره به، بعد توضيحه لأوجه الخطأ أو عدم المشروعية التي شابت القرار.
حددت الفقرة الأولى من المادة 830 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجهة الإدارية التي توجه لها الشكوى بنصها : « يجوز للشخص المعني بالقرار الإداري تقديم تظلم أي شكوى إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار» فنجده اقتصر الأمر على الجهة الإدارية التي صدر عنها القرار و في حدود الأجل المنصوص عليه في نص المادة 829 أي خلال 4 أشهر يبدا احتسابها من تاريخ تبليغ القرار الفردي أو تاريخ نشر القرار التنظيمي أو الجماعي أن الطريقة الوحيدة المفتوحة المتمثلة في توجيه شكوى إلى مصدر القرار، طريقة بسيطة وسهلة للاستعمال، إلا أنها غير فعالة لأن تراجع صاحب القرار الإداري عن موقفه صعب وقليل الوقوع، وبالتالي الأفيد فتح المجال لرفع الشكوى أمام الرئيس الذي يعلو مصدر القرار .
لذا فالشكوى الولائية هي التي تتم أمام الموظف الإداري الذي أصدر القرار، حيث يطلب إليه العودة عن قراره، ويكون بإمكان الموظف التمسك بعمله أو إلغائه أي إبطاله بالنسبة للمستقبل، أو سحبه أي بالقيام بإخفاء كل أثاره ( الحاضرة، والماضية وفي المستقبل) ، وترجع أهمية هذا النوع في منح فرصة للجهة مصدرة القرار في مراجعة قرارها وإعادة دراسة تصرفها وتمحيصه من جديد، فإذا تبين خطأه فإنها تقوم من تلقاء نفسها بتصحيحه إلغاءه أو تعديله أو استبداله.
ثانيا : التظلم الإداري الرئاسي
وهو التظلم الذي يقدمه المتضرر من القرار إلى الرئيس الإداري لمصدر القرار، فيتولى الرئيس بناءا على سلطته الرئاسية سحب القرار، أو إلغاءه، أو تعديله، بما يجعله مطابقا للقانون، وهو وسيلة لتحريك الرقابة الرئاسية على أعمال المرؤوس، وللإشارة أنه لم يتم النص عليه في قانون الإجراءات المدنية والإدارية، لذا سنتطرق إليه من خلال نظرة الاجتهاد القضائي إليه.
بحيث ترفع أمام رئيس من صدر العمل عنه، وهذه ويعرف البعض الشكوى الرئاسية على أنها الدعوى الإدارية التسلسلية الدعوى تحرك عملية مراقبة الرئيس التي يمكن أن تؤدي لإلغاء عمل الموظف يرى الاجتهاد القضائي الجزائري أن نبدأ بالسلطة التي تعلو مصدر القرار فإن لم توجد فأمام من أصدر القرار نفسه، وهو ما أكد عليه القرار رقم 29935 الصادر عن المجلس الأعلى « ليكون الطعن الإداري مقبولا يجب أن يوافق مقتضيات المادة 275 من قانون الإجراءات المدنية القاضية برفع الطعن الإداري التدريجي أمام السلطة الإدارية التي تعلو مباشرة الجهة التي أصدرت القرار فإن لم يوجد فأمام من أصدر القرار نفسه.... »
وفي المقابل نجد القرار الصادر في نفس السنة عدم جواز تقديم التظلم الإداري إلى من أصدر القرار نفسه مع وجود سلطة تعلوه، حيث اعتبر أنه لم تقتصر المادة 275 من قانون الإجراءات المدنية على اشتراط القرار رقم 28892 الصادر عن المجلس الأعلى قبول الطعن بالبطلان،
« وجوب حصول تظلم إداري تدريجي مسبق بل حددت في نفس الوقت الجهة التي يرفع إليها التظلم الرئاسي المتمثلة في السلطة الإدارية التي تعلو مباشرة الجهة مصدرة القرار، ولم تجز رفع التظلم الرئاسي أمام من أصدر القرار نفسه إلا في حالة عدم وجود سلطة إدارية تعلوه في المرتبة... »
ويقوم الرئيس بموجب سلطته الرئاسية بإعادة النظر و مراجعة ذلك القرار، بما يؤدي عند ثبوت عدم مشروعيته اتخاذ الإجراء المناسب ضده، أو عند ثبوت عدم ملائمته زمانيا أو مكانيا أو محاولة إزالة النتائج الضارة المترتبة عليه، وهي سلطة تحددها القوانين والتنظيمات، انطلاقا من رقابة الرئيس على مرؤوسيه بحيث ويعتبر اكثر فعالية، كونها تتم بكل حياد وموضوعية.
ثالثا: التظلم الإداري الوصائي
تنص المادة 61 من قانون البلدية 10- 11على أنه : « يمكن لرئيس المجلس الشعبي البلدي وفقا للشروط والأشكال المنصوص عليها قانونا، أن يرفع تظلما إداريا، أو دعوى قضائية أمام الجهات المختصة ضد قرار الوالي الذي يثبت بطلان أو رفض المصادقة على مداولة»
أجازت المادة أن يقدم تظلما إداريا أو أن يرفع دعوى، ولم يحدد طبيعة التظلم كونه ولائي أو رئاسيا، فاصطلحنا على تسميته التظلم الوصائي انطلاقا من وصاية الوالي ورقابته على البلدية. وما من شك أن التظلم وإن كان إجراء إداريا إلا أن له منافع عدة ونكفي الإشارة أنه إجراء سريع وغير مكلف من الناحية المالية، كما قد يحسم النزاع بين المجلس البلدي والوالي المعني في أجل قصير.
لذا أحسن المشرع حين كفل لرئيس المجلس أحقية تقديم تظلم أمام الجهة الإدارية، وسواء التظلم أمام الوالي مصدر لقرار أم أمام وزارة الداخلية فإن له فوائد عدة أهمها إمكانية الوصول لحل توفيقي فاصل في النزاع يجنبنا الدعوى القضائية والنزاع الطويل أمام الهيئات القضائية المختصة .
المطلب الثالث : شروط وإجراءات رفع التظلم الإداري
وهي جملة الشروط والإجراءات التي يفترض بالمتظلم مراعاتها حال تحريكه للتظلم، منها ما هو شكلي ومنها ما هو موضوعي، ومنها ما نص عليه القانون ومنها مالم ينص عليه القانون أي شروط منطقية.
الأصل أن هذه الدعاوى الإدارية ليست بحاجة لأن تنص عليها القوانين أو التنظيمات، فممارستها حرة تماما ولا تخضع من حيث المبدأ لأية قاعدة شكلية أو إجرائية، فطالما اختار التظلم عليه أن يحترم شروطه وإجراءاته.
الفرع الأول : الشروط الشكلية لرفع التظلم الإداري
تتعلق هذه الشروط بما يتعين على المتظلم احترامه من إجراءات حتى يعتبر تظلمه مقبول شكلا، ولوحظ على التظلم الإداري أنه يقدم مكتوبا للجهة الإدارية حتى يكون دليل إثبات لباقي الإجراءات اللاحقة على رفعه، وتتلخص الشروط الشكلية في:
أولا: أن يقدم التظلم من طرف صاحب الشأن :
وهنا يقصد به صاحب المصلحة أي الشخص المعني بالقرار الإداري، ويستوي التظلم أن يكون من شخص طبيعي أو معنوي وهو ما يعتبره بعض شرط الصفة والمصلحة الشخصية، فالإدارة تتعامل معه هو شخصيا وليس مع جهات أو أطراف أخرى، يقدم من صاحب الحق نفسه أو ممثله القانوني.
ثانيا: أن يقدم التظلم إلى الجهة الإدارية المختصة :
لا يختلف الأمر لوكان التظلم رئاسيا أو ولائي، إذا كان التظلم الإداري ولائي بالنسبة للجهة مصدرة القرار فهذا لا يطرح مشكلا، ويظهر المشكل في الجهة الرئاسية، حتى يكون التظلم مجديا يجب أن يوجه إلى من يملك صلاحية إعادة النظر في القرار المتظلم لذا فلا عبرة بالتظلم الذي يقدم إلى جهات غير مختصة، وبقدم التظلم بحسب تصنيفه عادة إلى :
- التظلم الولائي يجب أن يقدم أمام الجهة التي أصدرت القرار المتظلم منه.
- التظلم الرئاسي يمكن تقديمه إلى الجهة التي تملك صلاحية التعقيب على قرارات السلطة المرؤوسة مصدرة القرار ولا يلزم مراعاة التدرج الهرمي.
- التظلم إلى جهة الوصاية لا يكون إلا في الحالات التي يضطلع فيا بصلاحيات التعقيب (الإلغاء والتعديل ) على قرارات الجهة المحلية وفق الشروط التي حددها القانون.
ثالثا: أن يقدم التظلم خلال الآجال والمواعيد المحددة :
حتى يؤدي التظلم أثاره المجدية اشترط القانون أن يقدم التظلم في الأجال القانونية المحددة، ويكون في الفترة بين صدور القرار ودخوله حيز التنفيذ وقبل رفع الدعوى، تنص المادة 830 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أنه :« يجوز للشخص المعني بالقرار الإداري، تقديم تظلم إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار في الأجل المنصوص عليه في المادة 829 أعلاه... »
من هنا نستنتج أن التظلم الإداري يقدم بعد تاريخ تبليغ أو نشر القرار الإداري وله في ذلك 04 أشهر، ويبدأ احتساب انتهاء المدة من تاريخ تقديم التظلم الذي يتعين إثباته بكل الطرق القانونية المكتوبة
رابعا: أن يقدم التظلم ضد قرار إداري تنفيذي قابل للتظلم فيه :
يعرف القرار الإداري على أنه عمل قانوني انفرادي صادر عن هيئة إدارية يهدف إلى إحداث أثر قانوني، فلا يقدم التظلم الإداري على قرار لم تصدر بعد، أو ضد عمل تحضيري صادر عن جهة إدارية، أو ضد الأعمال المادية، أو ضد قرار غير نهائي لم يتم نشره أو تبليغه إلى صاحب الشأن.
التظلم الإداري على قرار إداري بالمعنى القانوني المحدد له، بحيث يتعين أن يكون قرار إداري صادر عن جهة إدارية، تنفيذي أي يرتب كافة أثاره القانونية أي نهائيا، وهنا القرار أضر بمصلحة عامة أو خاصة للشخص المتظلم، أو من شأنه إلحاق الأذى به، يمس القرار بالمركز القانوني له،
خامسا : إثبات القيام بإجراء التظلم :
إذا كان العمل بإجراء الشكوى إختياريا، يجب على الشاي في حال رفعه لدعوى الإلغاء أن يثبت بكل الطرق المكتوبة اختياره في المرحلة الأولى طريقة الحل الودي عن طريق الشكوى وما يفسر ويبرر في نفس الوقت إثبات استعمال الشكوى هو تقديم دعوى الإلغاء خارج الأجل المنصوص عليه في المادة 829 حيث يترتب على اختيار الحل الودي تأجيل أو تأخير اللجوء لرفعها القيام بإجراء الشكوى (التظلم) طبقا للمادة 830 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فإنه يتعين على المعني بالأمر إثباته بكل الوسائل الممكنة حيث يقع عبء الإثبات على الشاكي طبقا للقاعدة المعروفة البينة على من ادعى، ففي حالة الرد الصريح من الإدارة على الشكوى يعتبر هذا الرد بمثابة دليل لقيام الشاكي بالشكوى.
أما في حالة سكوت الإدارة على الشكوى يمكن للمعني إثبات وجودها، بكل وسائل الإثبات المكتوبة والممكنة، كوصل إرسال الشكوى بالبريد الموصي به، نسخة من رسالة الشكوى مؤشر عليها بالاستلام وتاريخه من جهة المودع إليها وهو ما نصت المادة 830 الفقرة الأخيرة.
الفرع الثاني: الشروط الموضوعية لرفع التظلم الإداري
أما عن الشروط الموضوعية فتتعلق بموضوع التظلم ومضمونه، حيث يجب أن تتوفرفي التظلم حتى يؤدي الغرض منه :
أولا: أن يكون التظلم واضحا وجليا
لا يمكن للتظلم الإداري أن يكون مجديا إلا إذا قدم إلى الهيئة التي أصدرت القرار المشكوك في مشروعيته أو الهيئة الرئاسية للهيئة مصدرة القرار، كون هذه الهيئات وحدها قادرة على تقدير مشروعية القرار المطعون فيه إداريا وملائمته طالما قرر صاحب الشأن تقديم تظلم للجهة الإدارية يتعين أن يكون الطلب محددا في معناه فلا يحوي عبارات عامة وفضفاضة تحول دون معرفة طلب الطاعن بالضبط وهدفه من إلغاء تعديل أو سحب القرار الإداري.
وحتى يقدم للإدارة وتتمكن من فهمه وتحديد شخص المتظلم والقرار المتظلم منه وأسباب التظلم والهدف من وراء تقديمه، يتعين أن يحوي كل البيانات والمعلومات الكافية الوافية بعيدا عن الغموض وأي تأويل، وإذا كان غامضا فلا يؤدي أثره القانوني المرجو منه ولا يوقف سريان ميعاد رفع الدعوى الإلغاء.
ثانيا : أن يكون التظلم مجديا مبني على أسباب قانونية أو واقعية مؤثرة
يجب أن يبنى الشكوى على أسباب قانونية أو واقعية موجودة فعلا أثرت على المراكز القانونية حتى يكون للإدارة إمكانية النظر فيها، والجدوى تظهر من خلال مدى إمكانية قبول الجهة الإدارية للتظلم من عدمه، فلكي يكون التظلم الإداري مجديا لابد أن يكون للجهة الإدارية القدرة على التصرف معه، من الناحية القانونية تعديل، إلغاء أو سحب.
ويظهر عدم جدوى التظلم من خلال مضمون القرار فمثل لو أعلنت الإدارة عن إرادتها سلفا بأنها مصممة على تطبيق مضمون القرار ومصرة على التزام المخاطبين بمضمونه وأنه لا فائدة ولا جدوى من تقديم شكوى ضده لأن غير مقبول أصلا ولا يكون الطلب محل اهتمام ومراعاة منها، وأنها لن تبحث التظلمات المقدمة أوحتى تنظر فيها
المبحث الثاني : النتائج والأثار المترتبة على رفع التظلم الإداري
بمجرد تقديم التظلم الإداري للجهة الإدارية وفقا الشروط الشكلية والموضوعية المحددة، و احترامه لها، أي كما نص عليه القانون، يرتب كافة أثاره ونتائجه بالنسبة لجميع الأطراف المتعلقة به.
المطلب الأول: النتائج المترتبة على تحريك التظلم الإداري بالنسبة للأطراف
يترتب على تقديم التظلم الإداري مجموعة من النتائج بالنظر للعلاقة الثلاثية الموجودة بين أطرافه، الشخص المتظلم، الهيئة الإدارية المختصة، جهات القضاء الإداري، وهو ما سنختصره فيما يأتي:
الفرع الأول : نتائج التظلم الإداري بالنسبة للشخص المتظلم
فيما يخص الشخص الذي قدم التظلم للجهة الإدارية يؤدي هذا الأمر إلى نتيجتين:
أولا: يعتبر تقديم التظلم في حق القرار الإداري دليل على العلم اليقيني بمضمون القرار علما صحيحا نافيا للجهالة، والدليل طلب حصوله على حقوقه والحفاظ على مصالحه وثبات مراكزه القانوني، ومحاولة إزالة الضرر المادي أو المعنوي الذي يمكن أن يلحقه من جراء هذا القرار.
في حالة قبول الإدارة لتظلمه ينتهي النزاع بين صاحب الشأن والإدارة المعنية في مرحلته الأولية بطريقة ودية رضائية مما يوفر عليه كثيرا من الجهد والوقت فيما لولجا للقضاء
ثانيا : تقديم التظلم الإداري دليل على رفض المعني للقرار الصادر، كون الأمرقد يلحق به ضررا ويمس بمركزه القانوني، ويعتبر التظلم في نظره حل ودي يغني عن اللجوء للقضاء
الفرع الثاني : نتائج التظلم الإداري بالنسبة للجهة الإدارية المقدم لها التظلم
تختلف نتائج الشكوى (التظلم الإداري) بالنظر إلى الموقف الذي تتخذه الجهة الإدارية المقدم لها :
أولا : حالة قبول التظلم الإداري
قد تقبل الجهة الإدارية الموجه لها التظلم، فتقوم بتلبية طلب المعني بإلغاء، تعديل، أو إستبدال القرار الإداري أو حتى سحبه، تصحيحه إذا شابه عيب مشروعية، وبذاك يكون التظلم حقق هدفه والغرض المرجو منه.
إن أخذ التظلمات من الجهات الإدارية بعين الاعتبار و بحثها وإعادة دراستها يجعل منها محل ثقة واحترام من الموظفين فيها وحتى المنتفعين... وفي هذه الحالة نقول أن التظلم الإداري أدى الغرض منه وحل المشكل وديا دون اللجوء للقضاء، فالإدارة لا تقصد بالضرورة الإضرار بالشخص أو المساس بمركزه القانوني، فما قد يؤديه التظلم من نتائج إيجابية قد لا يمكن الوصول إليها عن طريق القضاء
ثانيا : حالة رفض التظلم الإداري
ونميز في هذه الحالة بين:
-1الرفض الصريح للتظلم الإداري :
يقصد بالرفض الصريح من جهة الإدارة هو أن تكشف بعد نظرها في التظلم أنه غير مقبول بصفة لا تحمل شكا أو غموض، أو أنها لم تنظر اليه أصلا ومرفوض حتى دون مناقشته، وللإدارة الحق في تسبيب الرفض أو عدمه.
ويشار إلى أنه لا يجوز إعادة رفع تظلم إداري أخر أو ما يسمى التظلمات المتكررة فالتظلم الأول هو الذي يؤخذ بعين الاعتبار ولا مجال لإعادته سواء كان ولائي أو تظلم رئاسيا.
-2الرفض الضمني للتظلم الإداري (حالة سكوت الإدارة : (
قد لا تجيب الإدارة على التظلم المقدم إليها سلبا أو إيجابا، فاعتبرت هذه الحالة بمثابة رفض خاصة بعد مرور الفترة المقررة للرد، بحيث تمتنع الإدارة عن القيام بأي تصرف قانوني، أو إجراء مادي تجاه القرار الإداري المتظلم منه طيلة سريان الميعاد القانوني وحتى اليوم الأخير منه.
الفرع الثالث : نتائج التظلم الإداري بالنسبة للجهات القضائية المختصة
في حالة موافقة الإدارة على طلب المتظلم فالأكيد أنه لا يتجه لجهات القضاء لرفع دعوى ضد قرار الإدارة، أما عن الرفض، فيؤدي رفض التظلم الإداري إلى خروج الأمر من يد الإدارة ودخوله إلى ولاية القضاء، فبعد أن استنفذ حلوله الودية مع الإدارة تبدا مرحلة النزاع معها قضائيا، فلصاحب الشأن النظر رفع دعوى إلغاء في القرار الإداري المتظلم منه، وتعد رقابة القضاء في هذه المرحلة رقابة مشروعية لا رقابة ملائمة.
والقاضي بعدها هو الذي يقرر ما من شأنه إلغاء القرار الإداري محل الطعن لمخالفته مبدا المشروعية من عدمه، وذلك متى وجد الأسباب لقانونية والواقعية المقنعة لذلك.
المطلب الثاني: بالنسبة لحساب الأجلال القانونية :
المشرع ورغبة منه في تشجيع الأفراد في التقدم بتظلماتهم إلى الإدارة قبل الالتجاء إلى القضاء، فإنه رتب على تقديم التظلم للإدارة قطع مدة الطعن المحددة لدعوى الإلغاء، بحيث أن التظلم لا يمكنه قطع مدة الطعن بالإلغاء إلا إذا قدم خلال تلك الميعاد الأصلي لإقامة الدعوى المدة، لأن المنطق الحقوقي يقضي ألا يكون للتظلم أي مفعول قانوني مالم يقدم ضمن بالنظر إلى اختيار المعني بالقرار الإداري تحريك التظلم الإداري من عدمه فإن ذلك يؤثر بالضرورة على احتساب الآجال القانونية، فيختلف حساب المواعيد القانونية للتظلم ولرفع دعوى الإلغاء بناءا على ذلك. ووفقا لما نصت عليه المادة 830 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية نميز بين حالتين:
الفرع الأول : حالة الاستغناء عن الشكوى :
وهي الحالة التي يقرر فيها الشخص المخاطب بالقرار الإداري رفع دعوى إلغاء ضده أمام الجهات القضائية المختصة، للنظر في مشروعية القرار الإداري الصادر من عدمها، وهنا يقرر الشخص عدم رفع أي تظلم إداري ورفع دعوى إلغاء مباشرة لأسباب خاصة أو عامة تتعلق به، ونحدد أجل رفع دعوى الإلغاء أمام جهات القضاء الإداري بمدة 4 أشهر يبدا احتسابا من تاريخ التبليغ الشخصي بنسخة من القرار الإداري الفردي أو من تاريخ نشر القرار الإداري التنظيمي أو الجماعي وفقا لنص المادة 829 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
والجهات القضائية المختصة في هذه الحالة لا يمكنها إلزام الشخص المدى القيام بأي إجراء لا يرغب في القيام به - إجراء الشكوى-، فيما يخص تقديم شكوى أو عدمه، وما عليها سوى النظر في الدعوى المقدمة والفصل في مدى مشروعيتها في حساب الآجال القانوني فإن يوم التبليغ لا يعتد به أي لا يحسب وهوما نصت عليه المادة 405 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ولا يحسب يوم انقضاء الأجل.
الفرع الثاني : حالة اختيار رفع شكوى :
تجدر الملاحظة أن اختيار المعني بالقرار الإداري القيام بإجراء التظلم الشكوى- المنصوص عليها في المادة 830 يترتب عنه يلزم الشاي بمواصلته إلى أخر مرحلة في حالة العمل بها بالضرورة عدم تمكينه من أن يرفع دعوى الإلغاء قبل استنفاذ تلك الآجال حيث تعتبر الدعوى حينها دعوى سابقة لأوانها تتزامن المدة المخصصة لرفع الشكوى مع المدة المتعلقة برفع دعوى الإلغاء، ويسمح هذا الزمن للشاكي أو المدي خلال مدة أربعة أشهر بإختيار الطريقة التي يراها مناسبة لحل النزاع القائم بينه وبين السلطة الادارية، وبتأكد له هذا القرار عند جسه نبض
مدى جدية رفع التظلم من رفع الدعوى وأين تظهر الفعالية أكثر، وهي مرحلة إختيار الشخص لتقديم التظلم الإداري حيث أن له فترة 4 أشهر لإتخاذ قرار رفع التظلم من عدمه.
وبمجرد القيام بإجراء التظلم الإداري وتقديمه للجهات المختصة، يملك الشخص صاحب التظلم أجل شهرين من يوم التبليغ للانتظار رد الإدارة، تبدأ مرحلة معالجة الشكوى وهي المرحلة التي تقوم خلالها السلطات الإدارية التي وجهت لها الشكوى بدراستها، والمدة الزمنية الممنوحة للسلطات الإدارية لمعالجة الشكوى (التظلم) هي 02 شهرين التي تنطلق إبتداءا من تاريخ تبليغ الشكوى إلى إلى السلطة المعنيه ، وتنتهي معالجة الإدارة للشكوى خلال المدة المحددة لها بتحديد موقفها منها الصريح أو الضمني، ويتجسد هذا الموقف بإصدار قرار إداري يعبر صراحة على نتيجة معالجة الشكوى أو بعدم الإجابة عنها أي سكوتها عن الشكوى الذي يعتبر بمثابة قرار إداري برفض الطلب المقدم من طرف الشاكي.
-في حالة رد الإدارة بالموافقة واستجابتها على ما تضمنه نص التظلم فالمشكل حل من أوله، وليس للمتظلم منطقيا أن يقوم برفع دعوى الإلغاء، مادام أن الإدارة قد استجابت لطلباته وبهذا ينتهي النزاع .
-في حالة رد الإدارة بالرفض فللمعني أجل (02) شهرين من تاريخ تبليغه بالرفض لرفع الدعوى القضائية، ويستوي في ذلك الرفض الكلي أو الجزئي للشكوى.
- والاحتمال الأخير هو أن تلتزم الإدارة جانب الصمت، وهذا الصمت لا يمكن أن يبرر جعل مدة الطعن بالإلغاء مفتوحة دون أي قيد لأن ذلك سيهدد استقرار بعض القرارات الإدارية.
ففي حالة سكوت الإدارة عن الشكوى ( التظلم) المرفوعة أمامها، ونعتبرها في حالة سكوت إذا لم تتخذ أي موقف سلبي كان أو إيجابي بشأنه، مع انقضاء مدة الشهرين الممنوحة لها للرد على التظلم، يعتبر هذا السكوت بمثابة قرار بالرفض ضمني للشكوى، ويصلح لأن يكون محل دعوى إلغاء ترفع أمام الجهة القضائية الإدارية .
وفي هذه منحت له المادة 830 أجل شهرين لرفع دعواه وكل تجاوز لهذه المدة يسقط حقه في الطعن القضائي.
خاتمة :
في الأخير وبعد الدراسة المقدمة للشكوى أو ما يعرف بالتظلم الإداري كإجراء أولي لحل ودي يقدمه الشخص المعني بالقرار الإداري والذي أثر على مركزه القانوني، شاكيا الإدارة تصحيح الوضع بإلغائه سحبه أو تعديله، بالنظر إلى سلطتها التقديرية في ذلك.
ويلقى التظلم الإداري نجاحه ويحقق أهدافه متى كان محل اهتمام من الإدارة سواء أكان ولائي أو رئاسيا، وعلى الرغم من أن قانون الإجراءات المدنية والإدارية جعل منه أسلونا اختياريا، إلا أنه وفي حقيقة الأمر أثبت دوره وفعاليته في حل العديد من المنازعات وديا في وقتها دون الحاجة إلى اللجوء إلى الجهات القضائية، وصحيح أنه أصبح إجراء اختياري قانونا وقضاءا، إلا أنه بالنظر إلى إيجابياته صار إجباري بالنسبة للشخص الشاكي بإعتباره أمر فرضه توفير الجهد والوقت مقارنة بالوقوف أمام القضاء....
وما يمكن اقتراحه في هذا الشأن:
1-إنشاء نص قانوني جديد يضبط إجراءات القيام بالشكوى، مضمونها وإثباتها، وتوضيحها بشيء من التفصيل.
2-استحداث جهاز إداري خاص أو لجان خاصة مهمتها دراسة الشكاوى والطعون الإدارية المقدمة على مستوى كل إدارة، الاختيارية منها والإجبارية، ولها حق القبول أو الرفض بعد ذلك.
المراجع :
القوانين :
- قانون رقم 11-10 المؤرخ في 22 يونيو 2011 المتعلق بالبلدية.
-قانون 08-08 المؤرخ في 23 فيفري 2008، المتعلق بالمنازعات في مجال الضمان الاجتماعي، ج ر العدد 11.
- القانون رقم 08-09 المؤرخ في 25 فيفري المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، ج ر العدد 21، لسنة 2008.
- قانون الضرائب.
الكتب :
1-أحمد محيو، محاضرات في المؤسسات الإدارية، ترجمة محمد عرب صاصيلا، ديوان المطبوعات الجامعية، ط4، الجزائر، 2006.
2- رشيد خلوفي ، قانون المنازعات الإدارية، الدعوى وطرق الطعن الإدارية، الجزء الثاني، ديوان المطبوعات الجامعية، ط2 ، الجزائر، 2013.
3- سعيد بوعلي، المنازعات الإدارية في ظل القانون الجزائري، داربلقيس، الجزائر، 2014.
4-عبد الته طلبه، القانون الإداري، الرقابة القضائية على أعمال الإدارة، القضاء الإداري ، منشورات جامعة حلب، ط 2، سوربا، 1997.
5-محمد بوضياف، شرح قانون البلدية، جسور للنشر و التوزيع، ط 1 الجزائر،2012.