logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





18-10-2021 01:53 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 30-03-2013
رقم العضوية : 157
المشاركات : 461
الجنس :
الدعوات : 12
قوة السمعة : 310
المستوي : آخر
الوظــيفة : كاتب

المبحث الأول مفهوم الشركة القابضة في التشريع الجزائري 
المطلب الأول تعريف الشركة القابضة في التشريع الجزائري
المطلب الثاني : الشكل القانوني للشركة القابضة في التشريع الجزائري.
المبحث الثاني : الآليات القانونية لقيام الشركة القابضة في التشريع الجزائري
المطلب الأول : الرقابة عن طريق ملكية أغلبية رأس المال
المطلب الثاني : الرقابة عن طريق السيطرة على تعيين مجلس إدارة الشركة التابعة.
خاتمة.
الدكتور هارون حسان اوروان 
 
مقدمة :
مجمع الشركات هو عبارة عن صورة من صور التركيز الاقتصادي أفرزها الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها العالم خاصة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أين أصبحت فكرة تكتل المشاريع وتو حدها من خلال تركيز إمكانياتها المادية والبشرية مسألة ضرورية وحيوية، بل أضحت شرطا جوهريا للوحدات الاقتصادية حتى تضمن بقاءها واستمرارية نشاطها وتجعلها تتكيف بصورة مستمرة مع التطورات والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.
وتعبير مجمع الشركات يطلق على تلك الوحدة الاقتصادية التي تتكون من شركتين أو أكثر، تدعى إحدى هذه الشركات بالشركة القابضة بينما يطلق على باقي هذه الشركات تسمية الشركة التابعة، بحيث تكون كل شركة من هذه الشركات مستقلة قانونا عن الأخرى، غير أنها تشكل فيما بينها وحدة اقتصادية واحدة وذلك عن طريق علاقة التبيعة التي تفرضها الشركة القابضة على الشركات التابعة باستعمال أساليب مستمدة من قانون الشركات والتي يكون مصدرها الأساسي هو مساهمة الشركة القابضة في رأسمال الشركات التابعة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إذ يمكنها  ذلك من فرض رقابتها على هذه الشركات بحكم القانون أو الواقع أو الاتفاق.
فالوحدة الاقتصادية التي يشكلها مجمع الشركات من خلال توحيد استراتيجية وأهداف كل الشركات المكونة له في إطار سياسة تكاملية ما هي إلا ترجمة لوجود هيمنة داخلية تستأثر بها الشركة القابضة تمكنها من السيطرة على باقي الشركات المنضوية تحت لواء المجمع، بحيث تجعل منها مجرد وحدات هدف إلى تحقيق الخطة الاقتصادية التي ترسمها الشركة القابضة.
تباينت مواقف التشريعات المقارنة في معالجتها للمفهوم القانون للشركة القابضة، فبينما حاولت بعض التشريعات تقلم تعريف دقيق لها يشمل كل عناصرها ومقوماتها، اكتفت تشريعات أخرى بتبيان معالمها من خلال تحديد وسائل قيامها أو عن طريق حصر موضوعات نشاطها.


في الجزائر كان أول ظهور لفكرة الشركة القابضة بمناسبة صدور القانون التجاري لسنة 1975، إلا أن مفهومها شهد العديد من التطور لاسيما خلال سنوات التسعينات التي شهدت موجة تعديلات كبيرة لمسايرة التحولات الاقتصادية التي عرفتها الجزائر أثناء هذه الفترة، حيث لم تعد فكرة الشركة القابضة تقتصر فقط على القانون التجاري بل تعدته إلى فروع قانونية أخرى.
هذا ما يدفعنا للبحث في مفهومها القانوني في التشريع الجزائري وذلك من خلال التصدي في البداية إلي التدقيق في مختلف النصوص القانونية باختلاف فروعها قصد استخرج و استنباط موقف التشريع الجزائري من تعريف الشركة القابضة ومن ثم الوقوف عند أهم خصائصها وذلك خلال المحور الأول من هذه الدراسة، أما المحور الثاني فسنخصصه إلى البحث في مختلف الأساليب القانونية التي تتمكن الشركة القابضة من خلالها السيطرة على الشركات التابعة قصد توجيه السياسة المالية والاقتصادية ها بطريقة تتوافق وتتماشى مع استراتيجية المجمع ككل.


المبحث الأول : مفهوم الشركة القابضة في التشريع الجزائري :
بالرجوع إلى مختلف النصوص القانونية في الجزائر بجد أن المشرع الجزائري قد حاول تعريف الشركة القابضة في ثلاث فروع قانونية مختلفة، بحيث تم تعريفها في القانون التجاري، وهناك تنظيم خاص بها ضمن النصوص المنظمة للمؤسسة العمومية الاقتصادية بالإضافة إلى القانون الجبائي الذي تناوها بالتنظيم كذلك، وهذا ما سوف نتناوله خلال المطلب الأول.
وبعد التطرق إلى مختلف تعاريف الشركة القابضة التي تبناها التشريع الجزائري ضمن مختلف الفروع القانونية، نرى أنه من الضروري التوقف عند أهم الأشكال القانونية التي يمكن للشركة القابضة أن تتخذها وذلك ضمن المطلب الثاني.


المطلب الأول : تعريف الشركة القابضة في التشريع الجزائري.
الفرع الأول : تعريف الشركة القابضة في التشريع التجاري :
لقد حاول التشريع التجاري الجزائري عند صدوره سنة 1975 إعطاء مفهوم للشركة القابضة بطريقة ضمنية دون أن يعطيها تسمية معينة، وذلك بمناسبة تطرقه لتعريف الشركة التابعة والشركة المساهمة، إذ اعتبر أن الشركة تكون تابعة لشركة أخرى عندما تمتلك الثانية أكثر من نصف رأسمال الأولى، أما إذا لم تتحاوز ملكيتها هذا النصاب فإنها تعتبر مساهمة في هذه الشركة.
كما ألزم المشرع التجاري الشركة التي تمتلك أكثر من نصف رأسمال شركة أخرى بإعلام الشركاء ومندوبي الحسابات بذلك، كما يلتزم مجلس إدارتها بتبيان مختلف نشاطات الشركات التابعة وأرباحها، وقد منع المشرع التجاري المساهمة المتبادلة بين الشركات التي ترتبط فيما بينها بروابط مالية مهما كانت نسبة هذه المساهمة .وأول ما نلاحظه من خلال هذه المحاولة التشريعية هو السطحية وعدم الدقة التي تناول بها المشرع الشركة القابضة، حيث أنه لم يقدم تعريفا شاملا نها ولم يبن وسائل قيام علاقة التبعية بينها وبين شركاتها التابعة، بالرغم من أنه تطرق لمفهوم المساهمة المالية التي تتجاوز نصف رأسمال الشركات التابعة باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي تحقق عنصر التبعية والسيطرة.
ونرى أن سبب ذلك يرجع إلى طبيعة النظام الاقتصادي الذي كانت تتبناه الجزائر خلال تلك الفترة والمتمثل في النظام الاشتراكي الذي يقوم على احتكار الدولة للتجارة الخارجية وتقييد التجارة الداخلية، بالإضافة إلى التضييق على كل استثمار أجنبي محتمل.


غير أننا وبالمقابل يمكن أن نستنتج من هذه المحاولة التشريعية جواز إنشاء الشركات القابضة دون عوائق قانونية، إذ أن المشرع قد أجاز وبصورة واضحة وصريحة إمكانية تملك الشركة أسهما في شركات أخرى دون أي تحديد لنسبتها، باستثناء القيد الذي وضعه والخاص بمنع المساهمة المالية المتبادلة بين الشركات، بحيث لا يجوز أن تمتلك الشركة أسهما في شركة أخرى تكون حائزة على أسهم فيها ولو بنسب ضئيلة.
وبعد التحولات الاقتصادية التي عرفتها الجزائر مع نهاية ثمانينات القرن الماضي، وموجة الإصلاحات العميقة التي مست مختلف القطاعات وعلى رأسها القطاع الاقتصادي، بجد ان المشرع الجزائري قد غير موقفه بشأن الشركة القابضة، وتحسد ذلك خلال التعديل الذي أدخله على القانون التجاري سنة 1996.


وقد عرفها بأنها الشركة التي تمتلك أكثر من 50% من رأسمال شركة أخرى ، أو عندما تملك بصفة مباشرة أو غير مباشرة جزا من رأسمالها ويخولها ذلك الحصول على أغلبية الأصوات في الجمعيات العامة لهذه الشركة، أو عندما تملك وحدها لأغلبية الأصوات في هذه الشركة بموجب اتفاق مع باقي الشركاء الآخرين أو المساهمين، كما اعتبر الشركة بأنها قابضة عندما تملك في الواقع وبموجب حقوق التصويت التي تملكها التحكم في قررت الجمعيات العامة لهذه الشركة.
وقد أعطى المشرع التجاري حالة أخرى تكون فيها الشركة قابضة وذلك عندما تمتلك بصفة مباشرة أو غير مباشرة جن يتعدى 40% من حقوق التصويت، ولا يحوز أي شريك أو مساهم آخر بصفة مباشرة أو غير مباشرة جزا أكبر من جزئها. من خلال ما عرضناه يظهر لنا جليا التغير الجذري في موقف المشرع التجاري الجزائري من تعريف الشركة القابضة، وأول ما يمكن تقديمه من تعليقات حول هذا التعريف هو التسمية التي خص بها هذه الشركة، إذ أطلق عليها مصطلح "الشركة القابضة الذي قابله في النص الفرنسي بمصطلح societe holding وهي العبارة التي أطلقتها غالبية التشريعات العربية على هذه الشركة.


وهكذا يكون المشرع الجزائري قد اتجه اتجاها مخالفا لما جاء به التشريع الفرنسي الذي لم يتبنى هذه التسمية خلال النصوص التي نظم بها هذا النوع من الشركات، بالرغم أن المشرع الجزائري قد ساير المشرع الفرنسي في طريقة تعريفه للشركة القابضة، إذ أننا بجد أن المادة 731 من القانون التجاري متطابقة تطابق تام مع المادة 233 فقرة 3 من القانون التجاري الفرنسي، بل هي عبارة عن ترجمة حرفية لها.
والسؤال المطروح في هذا الصدد يدور حول الدوافع التي جعلت المشرع الجزائري يتبنى مصطلحا لم يتبنه المشرع الفرنسي بالرغم من أنه قد استمد تعريفه هذه الشركة بشكل حرفي من التشريع الفرنسي.
ونحن نرى أن السبب الذي جعل المشرع الجزائري يتبنى هذا المصطلح هو محاولة مسايرة المصطلح الذي اعتمده في النصوص القانونية الخاصة التي جاء ها لإعادة إنعاش وإصلاح المؤسسات العمومية الاقتصادية سنة 1995، والذي استعمل فيه لأول مرة مصطلح الشركة القابضة.


الفرع الثاني : تعريف الشركة القابضة في التشريع المنظم للمؤسسات العمومية الاقتصادية :
كما أشرنا سابقا فإن مصطلح الشركة القابضة ظل غريبا عن أدبيات التشريع الجزائري إلى غاية سنة 1995، سنة صدور القانون المتعلق بتسيير رؤوس الأموال التجارية التابعة للدولة، بحيث تضمن لأول مرة مصطلح "الشركة القابضة"، الذي يعتبر مخالفا للمرجعية النظرية للنظام القانوني الجزائري، إذ أن هذا مصطلح مستورد من النظام القانون الانجلوسكسوني .
ولعل السبب الرئيسي في ذلك يرجع إلى الظروف السياسية والاقتصادية التي كانت تعيشها الجزائر خلال تلك الفترة، التي كانت تسمى بالمرحلة الانتقالية على الصعيدين السياسي وحتى الاقتصادي، بالإضافة إلى الصعوبات التي كانت تعاني منها الجزائر جراء الانخفاض الكبير الذي عرفته أسعار المحروقات بداية من النصف الثاني من سنوات الثمانينات، واضطرار الجزائر لإعادة جدولة ديونها مع صندوق النقد الدولي، والذي ترتب عنه خضوعها للخطة الاقتصادية الإصلاحية التي فرضها هذا الأخير.


ويرى الدكتور عجة الجيلالي في هذا الشأن أن استعمال مصطلح "الشركة القابضة" ورد خلال تلك الفترة كتجسيد لهوس السلطة بكل ما هو أنجلوسكسون بعد فشل تجارها مع النظام اللاتيني...ومناقشة هذا التأثر لا يكون له ارتباط مباشر حقل العلوم القانونية بل يمكن تفسيره من راوية بسيكولوجية حتة حيث تعودت السلطة لمواجهة أزماتها المتعددة على استيراد مصطلحات لها وقع نفسي على نفسية المواطن الجزائري المغروم بنموذج الحياة الأنجلوسكسونية أو الحلم الأمريكي كما يعبر عنها عادة، وضمن هذا التصور استوردت في نهاية الثمانينات مصطلح المانجمنت أو عقد التسيير بمقتضى القانون 89-07 وعقد الفاكتورينغ بمقتضى المرسوم التشريعي رقم 93-08 وعقد الفرنشيز بالنسبة إلى التبادل التجاري الخارجي... وجاء مصطلح الهولدينغ ليستخدم أيضا وبانتهازية مقصودة كمفتاح إضافي لقاطرة الإصلاحات تحاول من خلالها السلطة البرهنة على جديتها في المضي قدما نحو تحقيق إصلاح حقيقي للاقتصاد الوطني...
وقد حاول التشريع الجزائري إعطاء مفهوم متميز للشركة القابضة العمومية في مجال الشركات الاقتصادية العمومية مقارنة بمفهومها في ظل قواعد القانون التجاري على غرار الاتجاه الذي سار فيه المشرع المصري ، بحيث أوكل إليها تسيير وتنظيم ومراقبة الأموال العمومية التجارية التي تحوزها الدولة والأشخاص المعنوية العامة التي تشكل رأسمال الشركات القابضة وتتوزع في شكل أسهم أو مساهمات أو شهادات استثمار أو أي قيم منقولة أخرى.


في حين جعل أموال المؤسسات العمومية التي لم يحول رأسمالها إلى الشركات القابضة العمومية أو التي يكتسي نشاطها القانون طابعا استراتيجيا في نظر برنامج الحكومة الاقتصادي، تخضع للقوانين الأساسية لهذه المؤسسات أو لقانون خاص يحدده التنظيم ونحد أن المشرع الجزائري قد أبرز أغراض الشركة القابضة من خلال القانون المتعلق بتسيير رؤوس الأموال التجارية التابعة للدولة والمتمثلة في المشاركة في تنفيذ السياسة الاقتصادية للحكومة، كما أنه حصر بجال نشاطها في استثمار حافظة الأسهم والمساهمات والقيم المنقولة المحولة إليها بهدف زيادة مردوديتها وتنمية المجموعات الصناعية والتجارية والمالية التابعة ها وذلك من خلال الموازنة بين تدخلها في تنظيم وترشيد سياسات واستراتيجيات الاستثمار والتمويل لشركاتها التابعة والمحافظة على استقلال الذمم المالية لهذه الشركات.
من خلال استعراضنا لهذه التعاريف يظهر لنا جليا أن مفهوم الشركة القابضة العمومية يختلف عن مفهوم الشركة القابضة في القانون التجاري من عدة جوانب يمكن عرضها فيما يلي :


- رأسمال الشركة القابضة العمومية يكون مملوكا للدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة، أما الشركة القابضة في القانون التجاري يكون رأسمالها مملوكا لأشخاص خاضعين للقانون العام أو القانون الخاص.
- ترك المشرع التجاري الحرية للشركة القابضة في ممارسة الأنشطة التجارية والصناعية بمختلف أنواعها وتخصصاها، بينما حصر القانون المتعلق بتسيير رؤوس الأموال التجارية التابعة للدولة بمجال نشاط الشركة القابضة في إدارة وتسيير الشركات التابعة فقط.
- لم يبين المشرع الأدوات والأساليب التي يتحقق بها عنصر التبعية للشركة القابضة العمومية، بينما حدد المشرع التجاري ذلك بصورة دقيقة وواضحة بحيث تطرق إلى مختلف مصادر السيطرة التي تمارسها الشركة القابضة على شركاها التابعة والتي قد تكون قانونية أو حكم الواقع  أو الاتفاق.
- لم يحدد القانون التجاري الشكل القانون الذي تتخذه الشركة القابضة، بينما بجد أن الشركة القابضة العمومية يجب أن تفرع في شكل شركة مساهمة.
غير أننا نشير أن الشركات القابضة العمومية قد تم إلغاؤها بموجب الأمر01-04 المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية، الذي استبدل الشركة القابضة بشركة تسيير مساهمات الدولة  (S.G.P).



الفرع الثالث : تعريف الشركة القابضة في التشريع الجبائي :
بالنسبة لتعريف التشريع الضريبي الجزائري للشركة القابضة، فإننا نحده يختلف اختلافا ظاهرا عن تعريف القانون التجاري ها، على غرار ما لاحظناه من اختلاف في تعريف مجمع الشركات، فبالرجوع لنص المادة 138 مكرر من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة ، نجدها تطلق تسمية الشركة الأم بدل القابضة على الشركة التي تأتي على رأس المجمع، كما أنها تشترط لإعطائها هذا الوصف أن تكون نلها ملكية مباشرة لنسبة لا تقل عن 90% من رأسمال الشركات التابعة، كما أن هذه الأخيرة لا يجوز نلها أن تمتلك أي نسبة من رأسمال الشركة الأم، تحت طائلة إقصائها من الاستفادة من النظام الجبائي الخاص بمجمعات الشركات.
لعل أهم ما دفع بالمشرع الجبائي للسير في هذا الاتجاه هو محاولة تضييق نطاق تطبيق نظام الدمج الجبائي، وحصره فقط على الجمعات التي تربطها روابط اقتصادية متينة وذلك باشتراطه لنسبة تملك نسبة قصوى لا تقل عن 90% من رأسمال الشركات التابعة، كما أن اشتراطه للتملك المباشر كان هدفه تبسيط نظام الدمج الجبائي وتفادي ما قد يرافق التملك غير المباشر من تعقيدات بالإضافة إلى الصعوبات التقنية التي قد تنشأ عن المساهمات المتبادلة بين الشركة الأم وشركاتها التابعة.



المطلب الثاني : الشكل القانوني للشركة القابضة في التشريع الجزائري :
الأصل أن الشركة القابضة لا تعتبر شكلا قانونيا جديدا يضاف إلى أشكال الشركات المعروفة في القانون التجاري، بحيث يجوز لها كقاعدة عامة أن تتخذ أي شكل من أشكال الشركات سواء شركات الأموال أو الأشخاص، أو الشركات محدودة المسؤولية أو غير المحدودة، التجارية ، فتخضع لأحكام الشكل القانوني الذي اتخذته سواء من حيث قواعد الإنشاء أو خلال ممارسة أنشطتها التجارية والصناعية أو تلك القواعد المتعلقة بانقضائها فالشركة القابضة لا تمثل سوى تطبيق من التطبيقات لنوع من أنواع الشركات المعروفة في القانون التجاري، وتسمية الشركة القابضة ليست إلا وصف تتصف به هذه الشركة وذلك نظرا للمهام المتميزة التي تضطلع بها وليست لها أي علاقة بالشكل القانون للشركة الناحية العملية وبالرجوع إلى التشريعات المقارنة بجد مواقفها تختلف وتتباين حول الشكل القانوني الذي يجب أن تفرغ فيه الشركة القابضة، بحيث نحد أن بعض التشريعات قد جعلت من الشركة القابضة شكلا يضاف إلى باقي الشركات المعروفة في القانون التجاري، كما اننا بجحد جانبا آخر من التشريع يفرض على الشركة القابضة أن تتخذ شكلا قانونيا محددا، كما جد تشريعات أخرى تترك الحرية للشركة القابضة في الشكل القانون الذي تتخذه.
أما بالنسبة للتشريع الجزائري وبالرجوع إلى مختلف النصوص القانونية المنظمة للشركة القابضة في التشريع التجاري الجزائري سواء قبل التعديل أو بعده، لا بجد ما يشير إلى أن التشريع التجاري الجزائري قد اشترط شكلا قانونيا معينا تتخذه الشركة القابضة، وعليه يمكن لها أن تتخذ أي شكل من أشكال الشركات التي حددها المشرع في القانون التجاري.


ونشير في هذا الصدد أن التشريع التجاري بالرغم من أنه قد ترك كامل الحرية في اختيار الشكل القانون للشركة القابضة، إلا أن الخصائص القانونية لبعض أنواع الشركات تمرض نفسها على الشكل الذي تتخذه الشركة القابضة، إذ أن المزايا التي يمنحها العمل في إطار بمجمع الشركات تجعلنا نستبعد فرضية وجود شركات قابضة تأخذ شكل شركات الأشخاص، وذلك نظرا لخصائصها التي لا تتماشى
ومتطلبات وضروريات العمل في إطار مجمع الشركات، إذ لا يمكن لها تحقيق الأغراض التي تقوم من اجلها الشركة القابضة خاصة فكرة الاعتبار الشخصي الذي تقوم عليه شركات الأشخاص بالإضافة إلى طبيعة مسؤولية الشركاء فيها، والتي ينتج عنها محدودية قدرة هذه الشركات في استقطاب رؤوس الأموال.

وعلى عكسها بجد أن شركات الأموال وعلى رأسها شركات المساهمة تعد الوعاء القانون الأمثل للشركات القابضة ، ويرجع سبب ذلك للمميزات التي تتصف بها لا سيما ارتكازها على الاعتبار المالي للشركاء دون مراعاة أي اعتبار شخصي، الشيء الذي جعل منها أداة فائقة القدرة في استقطاب رؤوس الأموال الداخلية والخارجية اللازمة للنهوض بالمشروعات الاقتصادية الضخمة، التي تعجز عن تحقيقها شركات الأشخاص نظرا لمحدودية إمكاناتهم المادية والبشرية.
وبعكس القانون التجاري وبالرجوع إلى نص المادة 138 مكرر من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة، يظهر لنا جليا بأن التشريع الجبائي الجزائري قد حدد شكل قانون وحيد وحصري يجب ان تفرغ فيه الشركة حتى تعتبر تابعة لشركة أخرى وتكون مؤهلة للخضوع للنظام الجبائي الخاص بمجمعات الشركات، ألا وهو شركة المساهمة ، وهذا ما يجعلنا نقول أن هذا النص قد استثنى بشكل صريح كل أشكال الشركات الأخرى المعروفة في القانون التجاري.
وفي هذا الصدد بحد من يعيب على المشرع الجزائري إقصاء باقي أشكال الشركات الأخرى من الخضوع للنظام الجبائي للمجمع وذلك لأنه لا يوجد ما يبرره من الناحية المنطقية، خاصة وأن هناك  الكثير من المجمعات تضم شركات لا تتخذ شكل شركة المساهمة. عكس ما ذهب إليه المشرع الفرنسي الذي فتح الباب لكل شخص معنوي ينتمي للمجمع للخضوع للنظام الضريبي المتميز الخاص بمجمعات الشركات، بشرط أن يكون بمجموع نتائج نشاطه خاضع لنظام الضريبة على أرباح الشركات (B.S.1).

أما الشركة القابضة في ظل القانون المتعلق بتسيير رؤوس الأموال التجارية التابعة للدولة فهي تتخذ شكل شركات المساهمة التي يكون رأسمالها مملوك كليا للدولة أو تشترك فيه مع أشخاص معنوية عامة، وتخول هذه الشركة حق الملكية وجميع الحقوق المتفرعة عليه على الأسهم والمساهمات والقيم المنقولة التي تحول إليها أو تكتتب فيها باسم الدولة، وتنشأ الشركة القابضة بموجب عقد توثيقي بنفس الشروط والكيفيات التي تطبق على شركات المساهمة الخاضعة للقانون التجاري.



المبحث الثاني : الآليات القانونية لقيام الشركة القابضة في التشريع الجزائري.
إن الوحدة الاقتصادية التي يشكلها بمجمع الشركات من خلال توحيد استراتيجية وأهداف كل الشركات المكونة له في إطار سياسة تكاملية ما هي إلا ترجمة لوجود هيمنة داخلية تستأثر بها الشركة القابضة وتمكنها من السيطرة على باقي الشركات المنضوية تحت لواء المجمع، بحيث تجعل منها بمجرد وحدات هدف إلى تحقيق الخطة الاقتصادية التي ترسمها الشركة القابضة. هذه الهيمنة تتأتى للشركة القابضة عن طريق ما يسمى بفكرة الرقابة التي اعتبرها الفقه والقضاء المعيار الحقيقي لوجود علاقة التبعية بين الشركة القابضة وباقي شركات المجمع، وهي عبارة عن حالة واقعية تجعل من الشركة القابضة في وضعية هيمنة على شركات المجمع حيث تخولها سلطات إدارية ومالية واسعة في مواجهة الشركات التابعة ، فالرقابة ليست سوى أحد مظاهر التعبير القانوني عن السيطرة والهيمنة الاقتصادية.
وتتحقق الرقابة للشركة القابضة وفق مقتضيات القانون التجاري الجزائري من خلال مساهمتها في رأسمال الشركات التابعة بنسبة تمكنها من السيطرة عليها، وذلك باستعمال بمجموعة من التقنيات القانونية تتمثل في امتلاك الشركة القابضة أكثر من نصف رأسمال الشركة التابعة (مطلب أول)، أو عن طريق سيطرتها على تكوين بمجلس إدارة الشركة التابعة (مطلب ثاني).


المطلب الأول : الرقابة عن طريق ملكية أغلبية رأس المال :
تتحقق سيطرة الشركة القابضة على شركاتها التابعة من خلال مساهمتها في رأسمالها بنسبة تحقق لها أغلبية الأصوات في الجمعية العمومية، ويتأتى لها ذلك أساسا من خلال ملكيتها لنسبة أكثر من 50 %من أسهم الشركة التابعة حتى تتمكن من الهيمنة على قراراتها ، باعتبار أن الجمعية العمومية  للشركة هي السلطة المهيمنة على أهم القرارات التي تصدر عنها لاسيما تعيين بمجلس الإدارة.
ففي هذه الحالة تكون الشركة القابضة شريكا رئيسيا في الشركة التابعة، حيث تستأثر بنسبة كبيرة من أسهم هده الأخيرة ،وتعتبر النسبة الكبيرة من الأسهم التي تملكها مؤشر قوي على توافر نية السيطرة من قبل الشركة القابضة ، كما أن لنسبة ملكية رأس المال دور كبير في تحديد مدى خضوع الشركة التابعة للقابضة، فكلما كانت المساهمة المالية للشركة القابضة في الشركة التابعة كبيرة، كلما كان خضوع هذه الأخيرة للأولى أكبر.
غير أننا نشير إلى أن هذه الملكية يجب أن يكون محلها أسهم رأس المال دون أي نوع آخر من الأسهم التي تعطي فقط الحق في حصول الشريك على نسبة من الأرباح دون أن يكون له الحق في التدخل في قرارات الشركة، وهذه الأسهم تعرف بتسمية أسهم التمتع.


والفرق جوهري بين هذين النوعين من الأسهم، فاسهم رأس المال هي تلك الأسهم العادية التي يتكون من بمجموع قيمتها رأسمال الشركة، ولا يمكن لأصحابها أن يستردوا قيمتها مادامت الشركة قائمة تزاول نشاطها، ويخول هذا النوع من الأسهم لصاحبه الحصول على حقه من الأرباح التي تحققها الشركة كما له نصيب في موجودات الشركة بعد تصفيتها.
أما أسهم التمتع هي تلك الأسهم العادية التي تم استهلاكها من قبل أصحابها عن طريق تسديد قيمتها من طرف الشركة، بحيث تقوم هذه الأخيرة باسترجاع أسهمها وتعطي المساهم أسهم تمتع بدلا عنها ، وتلجأ الشركة لمثل هذه التصرفات في حالة استثمارها في مشاريع تهلك أصولها تدرجيا أو في المشاريع المحددة المدة كما لو كانت تستغل منجما أو محجرا، أو يكون نشاطها يتمثل في استغلال أحد المرافق العامة بموجب عقد امتياز ، وفي هذه الحالة حصل المساهم على القيمة الاسمية لسهمه تدريجيا قبل انقضاء الشركة.


ولما كانت أسهم التمتع ليست لها قيمة في رأس المال، فإن حيازة الشركة القابضة لأغلبية هذه الأسهم لا يخولها من الناحية العملية سلطة الاستئثار بقرارات الجمعية العامة للشركة التابعة، وبالتالي فإنها تفقد صفتها كشركة قابضة كما يشترط في الأسهم التي تحوزها الشركة القابضة في الشركة التابعة أن تكون أسهم مملوكة لها.
وليست أسهم حازتها الشركة القابضة على سبيل الوديعة أو الرهن وكأصل عام فإن هذا النوع من الرقابة لا يثير مشاكل من الناحية القانونية أو الفنية، فملكية سهم رأس المال من طرف الشركة القابضة يؤهلها للسيطرة على الجمعية العامة للشركة القابضة .
وبالتالي توجيه مختلف قراراتها، لاسيما في حالة ما إذا كانت غالبية هذه الأسهم هي اسهم ممتازة يخولها أصوات متعددة في الجمعية العامة للشركة التابعة.


المطلب الثاني : الرقابة عن طريق السيطرة على تعيين مجلس إدارة الشركة التابعة :
نظرا لثقل مهمة مجلس إدارة الشركة وصلاحياته الواسعة في تحديد مسار الشركة ورسم سياساتها فإن السيطرة على تعيين أعضائه يؤدي إلى السيطرة على الشركة ككل، وعليه بحد أن غالبية التشريعات التي نظمت الشركات القابضة، قد أقرت بوجود عنصر الرقابة في حال تمكن الشركة القابضة على تعيين أو عزل أعضاء مجلس إدارة شركاتها التابعة ،أين يتأتى لها من خلال هؤلاء الأعضاء توجيه سياسة الشركة التابعة على نحو ينسجم ويتماشى مع الخطة الاقتصادية للمجمع ككل.

والأصل أن أحقية تعيين أعضاء مجلس الإدارة تتقرر للمساهم الذي ملك أغلبية رأس المال في الشركة، لحيازته على أغلبية حقوق التصويت في الجمعية العامة باعتبارها الهيئة المخولة قانونا بتعيين أعضاء بمجلس الإدارة، فالسيطرة على الإدارة يكون مصدرها ملكية أغلبية رأس المال الذي يشكل المدخل الرئيسي لممارسة سلطة الرقابة على الشركة.



ولكننا ومن خلال التحليل الواقعي لعلاقة الشركة القابضة بشركاتها التابعة، يظهر جليا أن حق تعيين أعضاء بمجلس إدارة الشركة التابعة وإن كان ينشأ كأصل عام من خلال ملكية الشركة القابضة لأغلبية رأسمال شركاها التابعة، إلا أنه يمكن تتحقق السيطرة للشركة القابضة رغم تملكها نسبة بسيطة في رأسمالها ، وذلك إذا تم توزيع أغلبية أسهم الشركة بين عدد كبير من صغار المساهمين الذين لا يحرصون على حضور اجتماعات الجمعية العامة لعدم اهتمامهم بالمسائل الإدارية للشركة بقدر اهتمامهم بالأرباح التي يحققوها، فتكون السيطرة من الناحية الفعلية للشركة القابضة التي تملك جزءا يسرا من رأس المال.
كما يمكن أن للشركة القابضة أن تتحكم في تعيين أعضاء بجلس إدارة الشركات التابعة سواء ملكية أغلبية حقوق التصويت في الجمعية العامة بموجب ملكيتها للأسهم الممتازة أو من خلال وجود نص في القانون الأساسي للشركة التابعة أو اتفاق مع باقي الشركاء.


الفرع الأول : ملكية أغلبية حقوق التصويت في الجمعية العامة بموجب ملكيتها للأسهم الممتازة :
بمكن للشركة القابضة أن تتملك نسبة من الأسهم لا تشكل أغلبية رأس مال الشركة، إلا أنها يمكن أن تستأثر بأغلبية حقوق التصويت داخل الجمعية العامة للشركة التابعة، وبالتالي يتسنى لها الاستئثار بتعيين أو عزل أعضاء بمجلس إدارة هذه الأخيرة، ويكون لها ذلك في حالة حيازتها مجموعة من الأسهم الممتازة التي تخولها أصواتا متعددة في الجمعية العامة والأسهم الممتازة هي عبارة عن أسهم تعطي لصاحبها حقوقا وامتيازات إضافية عن تلك التي تمنحها الأسهم العادية، وغالبا ما تتخذ صورتين: تتمثل الأولى في أسهم ممتازة تعطي أصحابها الأولوية في الحصول على الأرباح والتقدم على مالكي الأسهم العادية، كما تكون لهم الأولوية في نصيبهم من موجودات الشركة عند التصفية، هذا النوع من الأسهم لا يعطى لصاحبه إلا صوتا واحدا. أما الصورة الثانية للأسهم الممتازة هي التي يطلق عليها تسمية الأسهم ذات الصوت المتعدد،
بحيث يخول هذا النوع من الأسهم صاحبه أكثر من صوت واحد في الجمعية العامة للشركة هذه الصورة الأخيرة للأسهم الممتازة اختلفت التشريعات في التعامل معها، فبينما ذهبت بعض التشريعات إلى منع إصدارها بحجة خطورتها، إذ أنها تشكل إخلالا بقاعدة المساواة بين الأسهم
وتكرس تفاوتا في حقوق وواجبات المساهمين وتمكى أقليتهم من السيطرة على الأغلبية، ذهبت تشريعات أخرى لإجازة التعامل بها على غرار التشريع الجزائري وذلك نظرا لما تحققه من امتيازات اقتصادية كاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية أو المحافظة على سيطرة المساهمين الوطنيين على قرارات الشركة.


الفرع الثاني : وجود نص في القانون الأساسي للشركة التابعة أو اتفاق مع باقي الشركاء :
يمكن للشركة القابضة أن تستأثر بحق تعيين أعضاء مجلس إدارة شركاتها التابعة دون أن تتملك التصويت سواء بملكية أغلبية أسهم رأس المال أو الأسهم التي تعطيها أغلبية حقوق لأغلبية حقوق التصويت، وذلك في حالة وجود نص في القانون الأساسي للشركة التابعة يخولها حق تعيين أعضاء محلس الإدارة، أو أن يتم إبرام اتفاق بينها وبين الشركة التابعة يقضي بأحقيتها في الاستئثار بهذا الحق .
أولا: وجود نص في القانون الأساسي للشركة التابعة يخول الشركة القابضة حق تعيين أعضاء مجلس الإدارة :
بحيث ينص القانون الأساسي للشركة التابعة صراحة بتخويل الشركة القابضة حق تعيين أو عزل كل أو أغلبية أعضاء بمحلس الإدارة في الشركة التابعة دون الحاجة إلى موافقة أي مساهم آخر حتى ولو كان مالكا لأغلبية الأصوات داخل الجمعية العامة، وبهذا تتحقق للشركة القابضة السيطرة على قرارات الشركة التابعة وتمكنها من تكييف سياستها وأهدافها مع الاستراتيجية العامة للمجمع.
ومن الناحية العملية بحد مثل هذه النصوص التي تخول الشركة القابضة هذا الحق عندما تكون الشركة القابضة أحد الأعضاء المؤسسين للشركة التابعة، حيث تفرض على باقي الشركاء المؤسسين إدراج هذا الحق في العقد التأسيسي للشركة التابعة.
ثانيا : وجود اتفاق بين الشركة والقابضة والتابعة يخول الأولى حق تعيين أعضاء مجلس إدارة الثانية :
بحيث تتمكن الشركة القابضة من السيطرة على شركاتها التابعة من خلال رابطة عقدية تربطها غالبية الأعضاء المكونين للجمعية العامة للشركة التابعة، تخول الأولى حق الرقابة والتوجيه على الثانية .
ويتم اللجوء إلى مثل هذه الاتفاقات في حال ملكية الشركة القابضة لجز بسيط من رأسمال الشركة التابعة لا تخولها حقوقا كثيرة في التصويت وتعيين أعضاء بمجلس الإدارة، فتتجه الشركة القابضة إلى إبرام اتفاقات إدارية أو فنية مع الشركة التابعة بهدف تعزيز سيطرتها عليها وحصولها على حقوق تتجاوز الحقوق التي تخولها إياها الأسهم التي تملكها .
كما أننا بجد هذا النوع من الاتفاقات في بعض الأحيان عندما لا تكتفي الشركة القابضة بالسيطرة التي تتأتى لها من ملكية أغلبية رأسمال الشركة التابعة، بحيث تقوم بعقد اتفاقات مع باقي الشركاء حتى تضمن سيطرتها على هذه الشركة وتعززها.


وفي الأخير تجدر الإشارة إلى حالة أخرى تتمكن فيها الشركة القابضة من أن تسيطر على شركة أخرى بصورة غير مباشرة عن طريق سيطرة إحدى شركاتها التابعة على شركة أخرى، فتصبح الشركة الثانية قابضة للثالثة والأولى قابضة لهذه الأخيرة، فلو افترضنا أن الشركة (أ) تملك الرقابة على الشركة (ب) من خلال تملكها لأغلبية رأسمالها، وأن الشركة (ب) تسيطر على الشركة (ج)، فإن الشركة القابضة (أ) تعد مراقبة للشركة (ب) عن طريق المشاركة في رأسمالها بصورة مباشرة، وتصبح أيضا للشركة (أ) سلطة الرقابة على الشركة (ج) بواسطة الشركة (ب) أي بطريق المساهمة غير المباشرة، وفي حالة وجود شركات تابعة للشركة (ج) فإنها تصبح تابعة للشركة (أ) كذلك "،
ويطلق الفقه على الشركة القابضة في هذه الحالة تسمية الشركة القابضة العليا، بحيث تكون لها الرقابة على عدة شركات تابعة بطريق غير مباشر من خلال إحدى الشركات التابعة التي تمتلك فيها مساهمة مباشرة، وتدعى هذه الشركة التابعة بالشركة الوسيطة .


ويحقق هذا النوع من الرقابة للشركة القابضة العليا قدرات فائقة على مضاعفة سيطرتها على رؤوس الأموال التي ساهمت بها في شركتها التابعة الوسيطة، فلو فرضنا أن الشركة القابضة العليا (أ) تملك نسبة 51% من رأسمال الشركة التابعة الوسيطة (ب) والمقدر بـ  20.000.00 دج نفترض أن نسبة 51% التي تملكها الشركة أ في رأسمال الشركة ب تقدر بـ 10.010.000 دج ثم حازت الشركة الوسيطة (ب) 51% من رأسمال ثلاث شركات أخرى يقدر رأسمال كل واحدة منها بـ 20.000.000 دج، ففي هذه الحالة تصبح الشركة القابضة العليا تسيطر على رأسمال قدره 80.000.000  دج  بالرغم من أن مساهمتها الفعلية لم تتجاوز 10.010.000 دج أي ما يعادل نسبة 1/8 من رأس المال الذي تسيطر عليه .


ويرى الدكتور محمود سمير الشرقاوي أن هناك سببين رئيسيين للجو إلى هذه الصورة من الرقابة ، يتمثل الأول في أن الدول المصدرة لرأس المال تلجا إلى استعمال هذه الوسيلة لاستثمار رؤوس أموالها في عدة دول تشكل مجموعة اقتصادية إقليمية واحدة، إذ بدلا من ظهور هذه الاستثمارات في شكل سيطرة شركات قابضة أجنبية في هذه الدول، مما قد لا يرضي الشعور القومي فيها، فإنها تقوم بإنشاء شركة وسيطة في إحدى دول المجموعة الإقليمية لتكون شركة قابضة تسيطر على شركات تابعة في الدول الأخرى الأعضاء في هذه المجموعة.
كما قد تلجأ بعض الشركات الكبرى في الدول المتقدمة إلى اعتماد نظام الرقابة عن طريق الشركة الوسيطة عند محاولتها تفادي إنشاء شركة قابضة واحدة تسيطر على عدد من الشكات التابعة في عدة دول يكون نظامها القانون صارما، فتتجه لإنشاء شركة وسيطة في دولة تتميز بنظام قانون و التي تتميز قواعده الموضوعية والإجرائية بالمرونة، فتقوم هذه الشركة الوسيطة بالسيطرة على عدد من الشركات في دول أخرى.


الخاتمة :
حاولنا من خلال هذه المساهمة تسليط الضوء على معالجة التشريع الجزائري لأهم وحدة قانونية واقتصادية يتكون منها بمجمع الشركات والمتمثلة في الشركة القابضة، وذلك بالغوص في أعماق المفهوم القانون والإطار التقني لها وقد خلصنا إلى بمجموعة من النتائج يمكن إيجازها فيما يلي :
- تناول التشريع الجزائري الشركة القابضة في ثلاث فروع قانونية مختلفة، حيث تم تعريفها في القانون التجاري، وكذا في النصوص المنظمة للمؤسسة العمومية الاقتصادية بالإضافة إلى القانون الجبائي الذي تناوها بالتنظيم كذلك.
- اختلف موقف التشريع الجزائري من الشكل القانون للشركة القابضة، فبينما لم يشترط التشريع التجاري الجزائري شكلا قانونيا معينا تتخذه الشركة القابضة، اتجه التشريع الجبائي الجزائري إلى وضع شكل قانون وحيد وحصري تفرغ فيه الشركة حتى تعتبر تابعة لشركة أخرى وتكون مؤهلة للخضوع للنظام الجبائي الخاص بمجمعات الشركات، ألا وهو شركة المساهمة، وهو نفس الشكل الذي اشترطه الأمر 25/95 المتعلق بتسيير رؤوس الأموال التجارية التابعة للدولة.
- الشكل الأنسب الذي يمكن للشركة القابضة أن تتخذه هو إحدى أنواع شركات الأموال نظرا للخصوصيات التي تتميز ها هذه الشركات لاسيما قدراتها الفائقة على استقطاب وتركيز رؤوس الأموال، بالإضافة إلى المسؤولية المحدودة للشركاء فيها.

- تتحقق الرقابة للشركة القابضة من خلال مساهمتها في رأسمال الشركات التابعة بنسبة تمكنها من السيطرة عليها، وذلك بواسطة أدوات وأساليب مستمدة من قانون الشركات من خلال  ثلاث صور: إما أن تمتلك الشركة القابضة أكثر من نصف رأسمال الشركة التابعة أو تسيطر الشركة القابضة على تكوين مجلس إدارة الشركة التابعة من خلال ملكية أغلبية حقوق التصويت في الجمعية العامة لها بموجب ملكيتها للأسهم الممتازة أو وجود نص في القانون الأساسي للشركة التابعة أو اتفاق مع باقي الشركاء، كما يمكن للشركة القابضة أن تسيطر على شركة تابعة تكون تحت سيطرة إحدى شركاتها التابعة.
-  المعيار الحقيقي للقول بوجود الرقابة لا يتمثل في بمجرد المساهمة المالية في رأسمال الشركات التابعة، وانما تتحقق الرقابة بقدرة الشركة القابضة على توجيه السياسة المالية والاقتصادية للشركات التابعة، بطريقة تتوافق وتتماشى مع استراتيجية الشركة القابضة التي تستأثر بأهم القرارات الصادرة عن الشركات التابعة لها.


المراجع :
- د عجبة الجيلالي - المضاهر القانونية للإصلاحات الاقتصادية سنة 2006.
- رابح بن زارع - شروط تطبيق النظام الجبائي الخاص بمجمع الشركات في التشريع الجزائري سنة 2014.
- حسب الله منذر و شاكر محمود - مفهوم وسمات الشركة القابضة سنة 2009.
- احمد محمود المساعدة - العلاقة القانونيى للشركة القابضة مع الشركات التابعة لها سنة 2014.
- محمد فريد العريني - الشركات التجارية المشروع التجاري الجماعي بين وحدة الاطار القانوني و تعدد الأشكال سنة 2003. 

look/images/icons/i1.gif الشركة القابضة في القانون الجزائري
  07-11-2021 08:46 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 07-05-2013
رقم العضوية : 477
المشاركات : 231
الجنس :
الدعوات : 6
قوة السمعة : 30
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : طالب
الشركة القابضة في القانون الجزائري شكرا لك علي الموضوع

look/images/icons/i1.gif الشركة القابضة في القانون الجزائري
  01-01-2024 02:25 مساءً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 13-03-2013
رقم العضوية : 114
المشاركات : 46
الجنس :
الدعوات : 3
قوة السمعة : 30
المستوي : ماستر
الوظــيفة : طالب

look/images/icons/cupidarrow.gif الشركة القابضة في القانون الجزائري
  29-03-2024 05:06 صباحاً   [3]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 16-10-2016
رقم العضوية : 8464
المشاركات : 38
الدولة : الجزائر
الجنس :
تاريخ الميلاد : 22-10-1993
قوة السمعة : 10
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : طالب
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: أمازيغ بتاريخ: 18-10-2021 01:53 مساءً المبحث الأول مفهوم الشركة القابضة في التشريع الجزائري 
المطلب الأول تعريف الشركة القابضة في التشريع الجزائري
المطلب الثاني : الشكل القانوني للشركة القابضة في التشريع الجزائري.
المبحث الثاني : الآليات القانونية لقيام الشركة القابضة في التشريع الجزائري
المطلب الأول : الرقابة عن طريق ملكية أغلبية رأس المال
المطلب الثاني : الرقابة عن طريق السيطرة على تعيين مجلس إدارة الشركة التابعة.
خاتمة.
شكرا على إفادة

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الشركة ، القابضة ، القانون ، الجزائري ،









الساعة الآن 03:49 PM