بحث عقد الإمتياز الفلاحي في القانون الجزائري
المبحث الأول مفهوم عقد الامتياز الفلاحي.
المطلب الأول عناصر عقد الامتياز الفلاحي
المطلب الثاني : الطبيعة القانونية لعقد الامتياز الفلاحي.
المبحث الثاني : حقوق طرفي عقد الامتياز الفلاحي
المطلب الأول : حقوق والتزامات المستثمر
المطلب الثاني : حقوق الدولة
المبحث الثالث : تسوية وضعية الحائزين للعقار الفلاحي دون مستندات قانونية
المطلب الأول : وضعية الأشخاص الذين يحوزون وثائق رسمية غير مشهرة
المطلب الثاني : الأشخاص الحائزين لعقود غير موثقة
المبحث الرابع : تسوية وضعية الحائزين للعقار الفلاحي المخليين بالتزاماتهم
المطلب الأول : عدم تسديد الإتاوة
المطلب الثاني : وضعية البنايات المشيدة على الأراضي الفلاحية
خاتمة.
مقدمة :
إن العقار في الجزائر و خاصة العقار الفلاحي، مسألة صعبة جدا تتطلب معرفة جيدة للقوانين والسياسات التي تعاقبت عليه حتى يمكننا التعرف على ميزة وأنواع الأراضي الفلاحية في الجزائر والأطر القانونية التي هيكلة في مراحل متفاوتة من حيث المدة ، إذ أن هذه الأراضي الزكية قد عرفت وابلا من النظم التشريعية لا تحكمها لغة واحدة ولا عقيدة أو إيديولوجية واحدة، فما عرفته الجزائر منذ القدم، من عهد ماسينيسا و ملوك نوميديا الي الفتح الاسلامي و الاستعمار الفرنسي ، كان له تأثير مباشر على وضعية العقار بصفة عامة والعقار الفلاحى بصفة خاصة، فلقد عرف هذا الأخير عدة نظم قانونية منذ القدم حيث قام ماسينيسا بتأهيل عددا كبيرا من المزارعين الامازيغ و شجعهم على الاسقرار والتحضر.
ثم بزغ فجر الإسلام على ربوع الجزائر، فمن نظام أراضي الخراج أثناء الفتوحات الإسلامية، إلى نظام أراضي البايلك في العهد العثماني ثم إلى نظام الدومين العام والدومين الخاص أثناء الاحتلال الفرنسي ووصولا إلى ما عرفته هذه الأراضيلاسيما تلك التابعة للدولة بعد الاستقلال إلى يومنا هذا، لكن معرفة أسباب تعقد وضعية العقار الفلاحي والأنظمة المطبقة بشأنه، لن يتأت إلا من خلال معرفة المراحل الكبرى التي مرت على هذه الأراضي الفلاحية إذ مرت عليها عدة حضارات تحمل في طياتها عقائد وايديولوجيات مختلفة.
كان أول نص يتعلق باستغلال الأراضي الفلاحية بعد الاستقلال هو المرسوم رقم 63 -65 المؤرخ في 22 -03-1963، المتضمن تنظيم الاستغلالات الفلاحية الشاغرة.
غير أن هذا النوع من التسيير نتج عنه اختلال في التموين والتسويق ، الأمر الذي جعل من هذا الأسلوب من التسيير عدم الفعالية ، من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.
ونتيجة لذلك صدر الأمر رقم 68-653 المؤرخ في 30 -09- 1968 ، الخاص بالتسيير الذاتي في الفلاحة. الذي جعل من العمال منتجين ومسؤولين ، إذ منح لهم هذه الأراضي ، بدون مقابل ، ولمدة غير محدودة .
لكن لا يجوز لهم التصرف في هذه الأراضي او امتلاكها بالتقادم او إيجارها او الحجز عليها، كما أنه لا يجوز استغلاها إلا بصفة جماعية .
بعد هذا صدر الأمر 71-73 المؤرخ في 08 -11-1971، المتعلق بالثورة الزراعية التي كانت تهدف الى التوزيع العادل والفعال لوسائل الإنتاج ، وأول هذه الوسائل الأراضي الفلاحية.
وهذا الأمر منح الأراضي الفلاحية ، بدون مقابل لاستغلاها بصفة جماعية او فردية ، في شكل تعاونيات فلاحية. وقد تنازلت الدولة عن حق الانتفاع للفلاحين ، بصفة مؤبدة وهذا الحق ينتقل الى الورثة الذكور دون الإناث ، لكنه غير قابل للتنازل او التصرف فيه او الحجز عليه ، ولا يمكن إثقاله بأي حق عيني عقاري ولا يمكن أن يؤجر.
غير أن ضعف النتائج الاقتصادية المسجلة في الميدان الفلاحي ، ونظرا لكثرة التدخلات والعراقيل ، وعدم التحكم في التسيير ، وتقييد المبادرات الشخصية ، وغير ذلك من الصعوبات، التي حالت دون تحقيق الفعالية الاقتصادية للقطاع الفلاحي ، دفع بالدولة الى التفكير في إصلاحات جذرية لتسيير القطاع العام ، لمواجهة التأثيرات السلبية للازمة الاقتصادية العالمية بصفة عامة ، والى إعادة النظر في هيكلة قطاع التسيير الذاتي في الفلاحة، وتعاونيات قدماء المجاهدين ، وكل التعاونيات الإنتاجية للثورة الزراعية الفاشلة ، بصفة خاصة.
وعلى هذا الأساس ، شهدت البلاد إصلاحات اقتصادية ، كان هدفها الأول هو إبعاد الدولة عن التسيير المباشر لعدد من القطاعات الاقتصادية ، ومن بينها القطاع الفلاحي .
وقد عرف القطاع الفلاحي خلال هذه الفترة أهم الإصلاحات ، منذ الاستقلال حيث مرت هذه الإصلاحات بمرحلتين لإعادة الهيكلة .
المرحلة الأولي بدأت في سنة 1981 ، وتعتبر هذه المرحلة تجسيدا ميدانيا لمقررات اللجنة المركزية لحرب جبهة التحرير الوطني ، في دورها المنعقدة في جوان 1980 و التي نصت على دعم القطاع الفلاحي ، وتطهيره من مختلف الانحرافات ، وتحسين الاستغلالات الزراعية.
تطبيقا للتعليمة الرئاسية رقم 14 المؤرخة في 17-03-1981 المتعلقة بإعادة الهيكلة وكلف الفلاحة والثورة الزراعية ، بتطبيق إعادة الهيكلة في القطاع الفلاحي ، بحيث يشرف وزير على أجهزة التنفيذ ، المتمثلة في لجنتين ، لجنة ولائية ، ولجنة وطنية ، وقامت اللجنتان بالإشراف على عمليات إعادة الهيكلة للقطاع الفلاحي التي انتهت في سنة 1983بصدور القانون رقم 83-18.
المرحلة الثانية ، بدأت في سنة 1987 ، في جملة من الإصلاحات بموجب القانون 87-19 المؤرخ في 08 -12-1987 ،المتضمن ضبط كيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية وتحديد حقوق المنتجين وواجباتهما. وهذا القانون هو عبارة عن إعادة النظر في كيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للدولة ، التي نظمها قانون الثورة الزراعية والنصوص المتعلقة بالتسيير الذاتي للمزارع . وكان يهدف هذا القانون الى تفادي الأخطاء السابقة و إعطاء أكبر ضمانات للمستفيدين ، بمنحهم حقا عينيا عقاريا ، قابل للنقل والتنازل و الحجز ، وهو حق انتفاع دائم ، ينتقل الى الورثة الذكور والإناث ، و ملكهم الأملاك السطحية ، ملكية تامة وهو يعتبر طفرة نحو الخوصصة ، لصدوره في ظل دستور 76 ، المتبني المنهج الاشتراكي و في الواقع فإن مشكل العقار الفلاحي ، لا علاقة له بمن يملك الأرض ، و إنما المشكل، يكمن في الاستغلال والاستعمال ، و من فعالية الضوابط القانونية و مطابقتها مع الواقع .
فكون ملكية الرقبة تبقى للدولة ، لا يمنع من استغلال واستعمال الأراضي الفلاحية استغلالا أمثل و أفضل و المحافظة على وجهتها الفلاحية ، أي احترام تخصيصها ، ذلك أن عدم استغلال الأراضي الفلاحية يعتبر في نظرنا تعسفا في استعمال الحق ، أي أنه خطأ تقصيري، وجبر الضرر فيه ، لا يكون عن طريق التعويض ، بل يكون عن طريق التجريد من حق الملكية .
وبما أن للعقار الفلاحي أبعاد اقتصادية واجتماعية و سياسية فقد جاء قانون 10-03 بهدف تحديد قواعد استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة ، ورفع الإنتاج والإنتاجية ، من أجل تلبية الحاجات الغذائية للسكان ، وذلك بإعادة الاعتبار ، لدور المنتجين ، وتمكينهم من ممارسة مسؤولياتهم في استغلال الأراضي الفلاحية ، بعيدا عن أي تدخل في التسيير من أي طرف ، وإلغاء كل العراقيل مهما كان نوعها ، كما يهدف هذا القانون ، الى تفادى الأخطاء السائقة ، بإعطاء المستثمر الفلاحي ، ضمانات أكبر وهذا بمنحه حقا عينيا عقاريا قابلا للتنازل .
وقد جاء القانون رقم 10-03 المؤرخ في 15 -08 -2010 لتحديد الإطار القانوي لاستغلال الأراضي الفلاحية ، التي يقوم باستغلالها واستثمارها " المستثمر صاحب حق الامتياز".
ويمنح حق الامتياز ، بموجب تصرف قانون بين الدولة والمستثمر ، و أهم انر لهدا التصرف ، هو إنشاؤه لحق عيني عقاري ، وهو ما اصطلح على تسميته " بحق الامتياز" .
المبحث الأول : مفهوم عقد الامتياز الفلاحي :
يهدف قانون 10-03 الى تحديد شروط وكيفيات استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة ، ويشمل مجال تطبيقه الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة التي كانت خاضعة للقانون 87-19.
ويعرف عقد الامتياز ، وفقا لأحكام المادة 04 من القانون 10-03 المؤرخ في 15-08-2010، الذي يحدد شروط وكيفيات استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة ، بأنه ( العقد الذي تمنح بموجبه الدولة شخصا طبيعيا من جنسية الجزائرية يدعى في صلب النص "المستثمر صاح الامتياز" حق استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة ، وكذا الأملاك السطحية المتصلة بجا ، بناءا على دفتر شروط ، يحدد عن طريق التنظيم لمدة أقصاها 40 سنة ، قابلة للتجديد ، مقابل دفع إتاوة سنوية ، نضبط كيفيات تحديدها ، وتحصيلها وتخصيصها بموجب قانون المالية ).
واهم عناصر عقد الامتياز ، هي أطراف العقد ، موضوع العقد، أو محله ، مدة عقد الامتياز، المقابل المالي ، و على هذا الأساس سنقسم هذا المبحث الى مطلبين.
المطلب الأول ، نتناول فيه ، عناصر عقد الامتياز الفلاحي .
المطلب الثاني ، نخصصه ، للطبيعة القانونية لعقد الامتياز الفلاحي .
المطلب الأول : عناصر عقد الامتياز الفلاحي :
من أهم عناصر عقد الامتياز ، هي أطراف العقد ، موضوع العقد أو محله، مدة عقد الامتياز ، و المقابل المالي. وسنتناول هذه العناصر في الفروع التالية :
الفرع الأول : أطراف عقد الامتياز الفلاحي :
لعقد الامتياز طرفين أساسين هما المستثمر "صاحب حق الامتياز" ، و الدولة المانحة لحق الامتياز بصفتها مالكة الرقبة ممثلة في الديوان الوطني للأراضي الفلاحية.
أولا - المستثمر صاحب حق الامتياز :
إن عملية توزيع الأراضي الفلاحية ، على المستثمرين أصحاب حق الامتياز ، لا يمكن أن تتم بشكل عاطفي او عشوائي وإلا فقدت الغرض الذي خصصت من أجله ، ولذلك يجب أن تمنح الأراضي الفلاحية الى عمال المستثمرات الفلاحية ، وعلى هذا الأساس ، يجب أن يكون المستثمر "صاحب حق الامتياز" شخص الطبيعي جزائري الجنسية ، وهذا يعبر عن مظهر من مظاهر السيادة الوطنية ، ولذلك لا يمنح حق الامتياز إلى الشخص الأجنبي و لا الى الشخص المعنوي .
والمستثمر "صاحب حق الامتياز " ، هو المنتح الفلاح ، العضو في المستثمرة الفلاحية الجماعية أو الفردية ، الذي استفادة من أحكام قانون 87-19 ، و حصل على حق الانتفاع الدائم ، و الحائز على عقد مشهر في المحافظة العقارية أو قرار من الوالي وفقا لأحكام المادة 05 من القانون 10-03.
ويجب أن يكون المستثمر " صاحب حق الامتياز" ، قد وفى بالتزاماته بمفهوم القانون 87-19، و لذلك يجب أن لا يكون من المقصين من الاستفادة بموجب أحكام المادة 07 من القانون 10-03 و هم الأشخاص الذين حازوا على الأراضي الفلاحية ، أو اكتسبوا حقوقا خرقا للأحكام التشريعية و التنظيمية المعمول بها ، أو اللذين كانوا موضوع إسقاط حق صادر عن طريق القضاء ، أي اللذين ألغى القضاء قرارات استفادتهم .
و يقصى كذلك كل شخص سلك سلوكا غير مشرفا أثناء ثورة التحرير . وفقا لأحكام المادة 19 من القانون 10-03 أما الأشخاص المطروحة قضاياهم على العدالة ، فتؤجل معالجة حالاتهم ، الى غاية صدور أحكام نهائية.
ثانيا - الدولة مالكة الرقبة :
لعل من أهم أسباب إعادة النظر في قانون المستثمرات الفلاحية ، و سن قانون 10-03، هو إعادة الاعتبار للدولة ، باعتبارها مالكة لرقبة الأراضي الفلاحية ، التابعة لأملاكها الخاصة .
وهذه الطريقة تبقى الدولة تراقب الأراضي الفلاحية التي تملك أجود و أخصب الأراضي ، فإذا كان صاحب حق الامتياز ، يملك حقا عينيا عقاريا على الأرض ، فإن الدولة تملك الرقبة.
و إذا كان المستثمر صاحب حق الامتياز ، يملك سلطة التمتع بالأرض و استغلالها فإن هذا التمتع يكون في حدود قانونية تتماشى و سياسة الدولة في التنمية الوطنية و مقتضيات المصلحة العامة.
وعلى هذا الأساس ، يجب على المستثمر صاحب حق الامتياز ، عند استعمال حقه مراعاة طبيعة ووظيفة الأرض الممنوحة له ، و احترام تخصيصها.
ويمثل الدولة الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، الموضوع تحت وصاية وزارة الفلاحة التنمية الريفية ، باعتباره منظم و ضابط السياسة الفلاحية . لكن الديوان لا يمثل الدولة مباشرة على أساس ، أنه يجب عليه الحصول على رأي مديرية أملاك الدولة الوطنية وموافقتها أو رأي الوالي حسب الحالات.
الفرع الثاني : موضوع الامتياز عقد الامتياز الفلاحي :
إن موضوع او مجال عقد الامتياز الفلاحي و ، فقا لأحكام المادة الثانية من القانون 10-03، هو استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة و استثمارها ، كذا الأملاك السطحية و التي كانت خاضعة لأحكام القانون 87-19 ، و الذي منح لمستغليها المنتجين الفلاحين حق الانتفاع الدائم على مجمل الأراضي ، و حق امتلاك الأملاك السطحية .
وتجدر الإشارة ، الى أن الأراضي الفلاحية التي كانت خاضعة لقانون 87-19 تنحصر في الأراضي التابعة للدولة ، وأراضي البلديات ، واراضي العرش ، والأراضي التي كانت خاضعة لنظام التسيير الذاتي في الزراعة ، والأراضي التي لا وارث لها او لا مالك لها والأراضي المؤممة والمتبرع بها لصندوق الثورة الزراعية والتي لم يطالب بجا أصحابها في الآجال المحددة في المادة 18من الامر رقم 95-26 المعدل والمتمم لقانون التوجيه العقاري والأراضي الموضوعة تحت حماية الدولة ، و التي لم يطالب بها أصحابها او لم تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في المادة 85 مكرر 01 من الامر رقم 95-26.
الفرع الثالث : مدة عقد الامتياز الفلاحي :
ملك القانون 87-19 المستفيدين من حق الانتفاع الدائم على الأراضي الفلاحية.
أما عقد الامتياز الفلاحي في قانون 10-03، فهو حق مؤقت مدته 40 سنة ، قابلة للتجديد ، بطلب من المستثمر صاحب حق الامتياز ، و للمستثمر صاحب حق الامتياز ، طلب فسخ العقد قبل انتهاء المدة القانونية ، و للدولة كذلك مالكة الرقبة ، حق فسخ العقد قبل انقضائه في حالات الإخلال بالتزام استغلال هذه الأراضي وفقا لتخصيصها.
الفرع الرابع : المقابل المالي :
وفقا لأحكام المادة 04 من القانون 10-03 يمنح حق الامتياز ، في مقابل دفع إتاوة سنوية، تعتبر كضريبة على الأرض لا على الإنتاج أو الدخل ، وجدد وعاؤها و كيفية تحصيلها وخصيصها بموجب قانون المالية . وعدم دفع الإتاوة لمدة موسمين فلاحين بعد إشعارين غير مثمرين ، يؤدي الى الفسخ الإرادي للعقد ، من قبل الإدارة ، و يعتبر ذلك إخلالا بالالتزام .
المطلب الثاني : الطبيعة القانونية لعقد الامتياز الفلاحي :
نصت المادة 04 من قانون 10-03 على أن عقد الامتياز هو (....عقد تمنح بموجبه الدولة....) ، بمعنى أن هذا العقد وفقا للمعيار العضوي هو عقد إداري . لكن دفتر الشروط الذي جاء به المرسوم التنفيذي رقم 10-326 المؤرخ في 23 -12- 2010 الذي بحدد كيفيات تطبيق حق الامتياز لاستغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة. و الذي جاء محتويا على جميع العناصر و حقوق و التزامات المستثمر صاحب حق الامتياز، نص كذلك على سلطات الإدارة خاصة الفسخ الانفرادي ، و هو ما يطرح عدة تساؤلات حول الطبيعة القانونية لعقد الامتياز ، فهل دفتر الشرود هو جز من العقد أو منفصلا عنه؟ . خاصة وان إمضاؤه يتم بين المستثمر "صاحب حق الامتياز" والديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، على عكس العقد الذي يكون بمعية مديرية الأملاك الوطنية وهي المختصة بذلك . لكي يتضح الأمر بجب تحديد طبيعة الوثيقتين . دفتر الشروط و العقد نفسه. وسنتناول ذلك ، في الفرعين التاليين.
الفرع الأول : دفتر الشروط :
هذه الوثيقة تحتوي على جميع الأحكام و الحقوق و الالتزامات المفروضة .
وهي جن لا يتجزأ من عقد الامتياز ، و يترتب على عدم وجود دفتر الشروط ، بطلان العقد.
وعلى هذا الأساس ، فإن دفتر الشروط ، وثيقة متعلقة بالعقد ، و يعتبر دفتر الشروط، عملا قانونيا من الأعمال القانونية المنشئة لعقد الامتياز ، ولذلك فإن دفتر الشروط يعد مرحلة من مراحل إعداد عقد الامتياز الفلاحي.
قد جاء دفتر الشروط محتويا على 09 مواد تناولت حقوق المستثمر صاحب حق الامتياز والتزاماته ، و كيفية ممارسة الرقابة ، من طرف الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ومدة عقد الامتياز ونهايته ، و أسباب الفسخ الانفرادي لعقد الامتياز و الشروط المالية.
جليا بأن جميع ، أحكام دفتر الشروط ، جاءت على شكل تنظيم غير قابل للتفاوض و الإعداد الانفرادي لدفتر الشروط لا يسئ و لا يمس بالطابع التعاقدي له.
وعندما يقدم المستثمر صاحب حق الامتياز ملف تحويل حق الانتفاع الدائم الى حق امتياز ، يبدا الإيجاب. أما القبول فيكون بقبول الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، مباشرة استدعاء المستثمر صاحب حق الامتياز ، لإتمام شكليات التوقيع على دفتر الشروط.
توقيع دفتر الشروط ، يقوم الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، بإرسال الملف و دفتر الشروط ، لإدارة الأملاك الوطنية ، قصد إعداد عقد الامتياز الفلاحي.
الفرع الثاني : عقد الامتياز الفلاحي :
يتم اعداد عقد الامتياز الفلاحي ، من طرف مديرية الأملاك الوطنية ، و يتم ذلك بعد الانتهاء من توقيع دفتر الشروط ، فهو لا يحتوي على أي من الحقوق و الالتزامات فجميعها مدرجة في دفتر الشروط و هو عقد إداري .
يتضح مما سبق ذكره ، بأن عقد الامتياز الفلاحي ، يتكون من جزأين أساسيين هما دفتر الشروط ، و العقد الإداري . فلا يمكن نفاذ عقد الامتياز ، إلا بإتمام إجراءات بأن الطبيعة القانونية لعقد الامتياز بأنه إعداد الوثيقتين و إدماجهما معا . ومنه تصح عبارة عن عقد إذعان.
وتجدر الإشارة ، الى أن عقد الامتياز الفلاحي ، ينشئ حقا عينيا عقاريا أصليا يخول لصاحبه ، حقوقا عديدة ، و يكتسب حق الامتياز ابتدها بعقد الامتياز المكون من دفتر الشروط و العقد الإداري حد ذاته . و يمكن أن يكتسب حق الامتياز انتقالا و ذلك في حالة التنازل عن حق الامتياز ، وعدم التمسك حق الشفعة من المستثمرين الآخرين ، و لا من الديوان الوطني للأراضي الفلاحية .
يكتسب حق الامتياز انتقالا بالشفعة ( بالنسبة لمالك الرقبة إذا بيع الكل أو البعض من حق الانتفاع ، أو بيع حق الانتفاع الشائع أو إذا بيعت الرقبة ) ، و ذلك في حالة تنازل المستثمر صاحب حق الامتياز في الشيوع ، عن حقه بمقابل وعليه إخبار الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، ممثل الدولة مع تبليغ مبلغ التنازل ، و هوية المترشح لاقتناء الحق ، و في هذه الحالة ، يخطر الديوان الوطني الأعضاء الآخرين ، قصد مماريتهم المحتملة لحقهم في الشفعة.
في حالة قبولهم ، يكون حق الامتياز ، حقا مكتسبا انتقالا بالشفعة ، أما في حالة الرفض أو السكوت ، فيمكن للديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، ممارسة حقه في الشفعة .
و في جميع الحالات لا يبقى عقد الامتياز ساري المفعول ، إلا للمدة المتبقية من حق الامتياز الأصلي .
المبحث الثاني : حقوق طرفي عقد الامتياز الفلاحي :
يرتب عقد الامتياز الفلاحي ، حقا عينيا عقاريا، و يترتب عن هذا الحق عدة حقوق أخرى ممنوحة للمستثمر صاحب حق الامتياز ، ليستطيع استغلال و استثمار الأراضي الفلاحية الممنوحة له ، و في مقابل ذلك ، بجد بأن للدولة مالكة الرقبة ، عدة حقوق يمثلها في ذلك الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، و لذلك سنقسم هذا المبحث الى مطلبين.
المطلب الأول ، نتناول فيه ، حقوق والتزامات المستثمر.
المطلب الثاني ، نتناول فيه ، حقوق الدولة.
المطلب الأول : حقوق والتزامات المستثمر :
منح القانون 10-03 ، عدة حقوق للمستثمر صاحب حق الامتياز ، ليقوم باستغلال الأراضي الفلاحية ، الممنوحة له بكل حرية ، و يستطيع توسيع نطاق فلاحته وعصرنتها وعلى هذا الأساس ، جعل المشرع حق الامتياز حقا قابلا للتنازل و التوريث و الرهن .
و لا يكون التجريد من هذه الحقوق ، إلا بموجب قانون نزع الملكية للمنفعة العامة الأمر الذي يضمن تعويضا عادلا و منصفا ، للمستثمر صاحب حق الامتياز.
وفي مقابل ذلك رتب القانون 10-03 عقوبات على المستثمر عند الإخلال بالتزاماته ، مثل حويل الوجهة الفلاحية للأراضي او الأملاك السطحية ، او عدم استغلال الأراضي الفلاحية ، سنعالج هذه الحقوق والالتزامات في الفروع التالية :
الفرع الأول : حقوق المستثمر :
للمستثمر صاحب حق الامتياز ، عدة حقوق ، أهمها ، حرية التنازل عن حق الامتياز ، قابلية حق الامتياز للإستخلاف ، رهن حق الامتياز ، حرية الاستغلال والاستثمار.
أولا : حرية التنازل عن حق الامتياز :
تنص المادة 15 من القانون 10-03 على أنه ( في حالة التنازل عن حق الامتياز يمكن للمستثمرين الآخرين ، أصحاب امتياز نفس المستثمرة الفلاحية ، أو عند الاقتضاء الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، ممارسة حق الشفعة طبقا للتشريع المعمول به ).
يتضح من نص هذه المادة بأنه يمكن التنازل عن حق الامتياز ، لكن هذا الحق غير مطلق خاصة إذا كانت المستثمرة الفلاحية مكونة من عدة مستثمرين ، أصحاب حق امتياز ، ففي هذه الحالة ، أي في حالة ما إذا كان المتنازل صاحب حق الامتياز في الشيوع ، يجب عليه أن يخطر الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، و هذا الأخير ، يخطر الأعضاء الآخرين لنفس المستثمرة كتابيا، )مع وصل التسليم) ليخبرهم بمبلغ التنازل ، و هوية المترشح لاقتناء الحق ، و ذلك قصد ممارستهم المحتملة لحقهم في الشفعة ، و يمهلهم مدة 30 يوما للإفصاح عن رغبتهم ، وعند إبداء الأعضاء الآخرين الرغبة في اقتناء الحق المعروض للبيع ، يخبر الديوان المستثمر صاحب حق الامتياز ، قصد مباشرة شكليات التنازل.
و في حالة ما إذا كان الرد سلبيا ، أو في حالة عدم الرد في الأجل المحدد يمكن للديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، أن يقتني بنفسه حق الامتياز.
وتجدر الملاحظة ، الى أن المشرع لم يتطرق الى الشروط الواجب توافرها في الشخص المترشح لاقتناء حق الامتياز.
أما إذا كانت المستثمرة فردية ، فإنه يجب على المستثمر صاحب حق الامتياز إخطار الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، بمبلغ التنازل ، و هوية المترشح للاقتناء ، و في هذه الحالة يستطيع الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، بممارسة حق الشفعة ، و في حالة عدم ممارسته هذا الحق يرخص للمستثمر بالتنازل ، بعد موافقة الوالي .
وتجدر الملاحظة ، بأن الأملاك التي يكتسبها الديوان الوطني للأراضي الفلاحية عن تمنح عن طريق المزايدة أو بالتراضي ، بعد ترخيص من الوزير المكلف طريق الشفعة ، بالفلاحة و التنمية الريفية .
وقد أشارت المادة 14 من القانون 10-03 على أنه ( يمكن التنازل مجانا لأحد ذوى حقوق المستفيد ، للمدة المتبقية من الامتياز ، في حالة العجز ، او بلوغ سن التقاعد( والديوان ، في هذه الحالة ، لا يمكنه ، و لا يستطيع ممارسة حق الشفعة ، لكون الشفعة لا تكون إلا في حالة التنازل بمقابل ، كما هو الحال في الشريعة العامة ( بيع العقار) ، و لذلك لا شفعة في التنازل المجان من ذوي الحقوق.
ثانيا : قابلية حق الامتياز للإستخلاف :
حق الامتياز ، مال عقاري قابل للتوريث والحجز ، وفقا لأحكام المادة 13 من القانون 10-03، و قابلية التوريث ، هي للورثة الشرعيين الذكور و الإناث ، وقد منح القانون 10-03الورثة مدة سنة ، ابتداء من تاريخ وفاة مورثهم ، من أجل اختيار أحد الحالات الواردة في المادة 24 من ذات القانون ، و هي نفس الحالات الواردة في أحكام المادة 25 من القانون 87-19 هذه الحالات هي :
-اختيار أحد الورثة لتمثيلهم ، و هو يتكفل حقوق و أعباء مورثهم ، في المستثمرة الفلاحية ، على أن يراعي في ذلك ، أحكام قانون الأسرة في حالات وجود القصر.
-التنازل بمقابل او مجانا لأحدهم .
-التنازل عن حقوقهم حسب الشروط المحددة في هذا القانون .
بعد انقضاء أجل مدة سنة واحدة ، و عدم اختيار الورثة لأية حالة من الحالات السابقة ، يخطر الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، الجهة القضائية المختصة لإسقاط حق الامتيـاز.
ثالثا : رهن حق الامتياز :
نصت المادة 12 من القانون 10-03 على أنه ( بغض النظر عن أحكام القانون المدني، يخول حق الامتياز ، المنصوص عليه في هذا القانون ، حق تأسيس رهن يثقل الحق العيني العقاري الناتج عن الامتياز لفائدة هيئات القرض) ، يتضح من هذا النص بأن حق الامتياز العقاري ، هو مال عقاري ، خول للمستثمر صاحب حق الامتياز ، تأسيس رهن عقاري عليه من أجل تمويل المستثمرة الفلاحية ، وعصرنتها ، وإعادة تجهيزها من جديد ،يمكن للمستثمر صاحب حق الامتياز ، الحصول على قروض الاستثمار و قروض الاستغلال.
رابعا : حرية الاستغلال و الاستثمار :
منح القانون 10-03 ، صاحب حق الامتياز ، عدة حقوق أخرى الى جانب الحق في التنازل ، و التوريث ، و الرهن ، الحق في استغلال و استثمار الأراضي الفلاحية والأملاك السطحية ، موضوع عقد الامتياز ، شريطة أن يكون ذلك لأغراض فلاحية ، مع احترام القيود الواردة في القانون 10-03 ، و دفتر الشروط .
و على هذا الأساس يستطيع المستثمر صاحب حق الامتياز ، الاستغلال الحر للأراضي الفلاحية والأملاك السطحية . وعدم الاستغلال يعتبر إخلالا بالتزام يوجب الفسخ الانفرادي لعقد الامتياز ، من طرف الإدارة ، كما جب أن يكون الاستغلال لأغراض فلاحية وتجدر الإشارة الى أن قانون 10-03 ، منح للمستثمر صاحب حق الامتياز الحق عقد الامتياز المسبق ، بناه على طلبه ، الى جانب حقه في في فسخ التنازل المجاني.
او بمقابل عن حق الامتياز ، شريطة أن يقوم المستثمر بإشعار مسبق ، قبل سنة ، وذلك من أجل إيجاد مستثمر جديد ، ويبقى للمستثمر الحق في التعويض وفقا لأحكام المادة 26 من القانون 10-03 والتي تنص على أنه ( يترتب على نهاية الامتياز الحق في تعويض تحدده إدارة الأملاك الوطنية بالنسبة للأملاك السطحية ..... ويكون مبلغ التعويض قابلا للطعن أمام الجهات القضائية المختصة ).
وقد سمح القانون 10-03 ، لصاحب حق الامتياز الحصول على أكثر من حق امتياز لتوسيع استثماراته الفلاحية ، في إطار المستثمرة الفلاحية المشكلة من قطعة واحدة.
وللمستثمر صاحب حق الامتياز الحق في تكوين مستثمرة فردية ، وهذا الحق يضمنه دفتر الشروط وفي هذه الحالة ، يجب على المستثمر تقدم طلب الى الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، الذي يفصل فيه.
الفرع الثاني : التزامات المستثمر :
نظرا للأهمية الاقتصادية والوظيفة الاجتماعية للأرض الفلاحية ، يلتزم المستثمر صاحب حق الامتياز ، وفقا لأحكام المادة 22 و 23 من القانون 10-03 بأن يقوم بإدارة المستثمرة الفلاحية مباشرة شخصيا ، ويجب عليه القيام بتسيير واستغلال وحماية الأراضي الفلاحية والأملاك السطحية الملحقة بها ، الممنوح امتيازها بصفة منتظمة ودائمة ومطابقة لأحكام التشريع المعمول به ولأحكام قانون 10-03 ، وكذا البنود والشروط والالتزامات المحددة في دفتر الشروط و بأن لا يقوم بتحويل الوجهة الفلاحية للأراضي او الأملاك السطحية، وبأن يقوم باستغلال الأرض الممنوحة له وكذلك الأملاك السطحية ، خلال فترة سنة واحدة ، أي خلال الموسم الفلاحي ، وان لا يؤجر من الباطن الأراضي الفلاحية او الأملاك السطحية ، وأن يسدد الإتاوة في وقتها المحدد ، وفي حالة الإخلال بهذه الالتزامات يمكن لإدارة الأملاك الوطنية ، أن تقوم بفسخ عقد الامتياز بالطرق الإدارية ، بعد إخطار من الديوان الوطني للأراضي الفلاحية.
و تنص المادة 28 من القانون 10-03 على أنه ، ( يترتب على كل إخلال من المستثمر صاحب حق الامتياز ، بالتزاماته ، بمعاينة محضر قضائي ، طبقا للقانون ، إعذاره من الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، حتى يمتثل لأحكام هذا القانون ، ودفتر الشروط والالتزامات التعاقدية .
وفي حالة عدم امتثال المستثمر صاحب حق الامتياز ، بعد انقضاء الأجل المذكور في الإعذار للمبلغ قانونا ، تقوم ادارة الأملاك الوطنية ، بعد إخطار من الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، بفسخ عقد الامتياز بالطرق الإدارية .
ويكون فسخ عقد الامتياز قابلا للطعن ، أمام الجهة القضائية المختصة ، في أجل شهرين ابتداء تاريخ تبليغ هذا العقد ، من الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ).
يتضح من خلال نص المادة السالفة الذكر ، بأنه في حالة الإخلال بالالتزامات من طرف المستثمر صاحب حق الامتياز ، يمكن فسخ عقد الامتياز بالطرق الإدارية ، بعد اعذار المستثمر صاحب حق الامتياز عن طرق الحضر القضائي ، الذي يحرر محضر معاينة بوجود المخالفة أولا ، وفي حالة عدم الامتثال ، يفسخ عقد الامتياز بالطرق الإدارية ، وللمستثمر صاحب حق الامتياز، حق الطعن في قرار الفسخ ، أمام الجهات القضائية المختصة ، خلال شهرين من تاريخ تبليغ قرار الفسخ .
المطلب الثاني : حقوق الدولة :
للدولة باعتبارها مالكا لحق الرقبة في الأراضي الفلاحية ، وباعتبارها صاحبة سلطة وسيادة في تنظيم وتيرة الاقتصاد ،وتوجيه الاستثمار ، حق الشفعة ، في حالة التنازل عن حق الامتياز ، ولها سلطة الرقابة ، ولها كذلك الحق في تجريد حقوق المستثمر من أجل المنفعة العامة . وسنتناول ذلك في الفروع التالية.
الفرع الأول : حق الشفعة :
للدولة ، بصفتها مالكة الرقبة ، حق الشفعة ، وقد جاء هذا الحق في جميع أنظمة الاستغلال السابقة ، ويمثل الدولة في هذا الحق الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، الذي له صفة المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري ، ذلك أن الديوان الوطني للأراضي الفلاحية يعتبر مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري ، تتمتع بالشخصية المعنوية ، والاستقلال المالي ، يخض للقواعد الإدارية المطبقة على الإدارة في علاقاته مع الدولة ، ويعتبر تاجرا في علاقاته مع الغير ، وهو خت تصرف وصاية وزارة الفلاحة والتنمية الريفية ، ويعد الديوان الوطني للأراضي الفلاحية الأداة الأساسية لتنفيذ السياسة الوطنية العقارية الفلاحية ومن مهامه تحويل حق الانتفاع الدائم الى حق امتياز ، ويقوم بمسك بطاقات المستثمرات الفلاحية وفهرستها .
وتجدر الإشارة ، الى أن حق الشفعة في قانون 10-03، يختلف عما كان عليه في القانون 87-19 ، وذلك لتعديل نظام الاستغلال ، ذلك أن المشرع منح الشريك في الشيوع في حالة التنازل عن حق الامتياز ، رخصة الشفعة كدرجة أولي من الدولة مالكة الرقبة ، وذلك تشجيعا لتجميع الأراضي الفلاحية وتشجيعا على العمل الجماعي للأرض ، ولذلك تأت الدولة كدرجة ثانية عند رفض المستثمرين في الشيوع اكتساب الحق او في حالة عدم ردهم .
أما في حالة التنازل عن حق الامتياز في مستثمرة فردية ، فإن الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، له حق الشفعة كصاحب مرتبة أولي .
الفرع الثاني : حق الرقابة :
لقد اعتبر المشرع الجزائري أن الأرض ثروة ، والدولة مسؤولة عن ضمان استغلاها استغلالا أمثل ، واعتبر المشرع من جهة أخرى أن تحويل الأرض عن وجهتها الفلاحية يعتبر تعسفا في استعمال الحق ، وهذا الموقف أملته الوظيفة الاجتماعية للأرض .
وعلى هذا الأساس ، نجد بأن تدخل الدولة من أجل فرض رقابتها على الأرض الفلاحية يكون بطريقتين ، الطريقة الأولي ، بممارسة الدولة لحق الشفعة ، والطريقة الثانية بمراقبة عدم إخلال المستثمر صاحب حق الامتياز ، بالالتزامات الواردة في دفتر الشروط .
وقد نصت المادة 04 من دفتر الشرود على أنه ( دون الإخلال بالمراقبات الأخرى الممارسة في إطار التشريع والتنظيم المعمول بحما ، يمكن للديوان الوطني للأراضي الفلاحية، أن يمارس الرقابة على المستثمرة الفلاحية ، في كل وقت للتأكد من مطابقات النشاطات المقامة عليها في أحكام قانون 10-03....).
وعلى هذا الأساس ، فالديوان الوطني للأراضي الفلاحية ، باعتباره ممثلا للدولة يمكنه أن يقوم بالرقابة في أي وقت يشاء ، للمستثمرة الفلاحية ، وذلك من أجل الحفاظ على بمعاينة عدم الاستفلال للأراضي الأراضي الفلاحية ، واحترام تخصيصها ، فهو الذى يقوم الفلاحية ، والاشراف على فسخ عقد الامتياز .
الفرع الثالث : إمكانية التجريد من الحقوق :
في حالة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ، تستطيع الدولة مالكة الرقبة أن تسترجع الأراضي الفلاحية ، المدمجة في القطاع العمراني ، بموجب أدوات التعمير والتجريد هنا لا يعتبر كعقوبة للإخلال بالالتزامات من طرف المستثمر صاحب حق الامتياز ، وإنما يعتبر التجريد من الحقوق في هذه الحالة ، هو حالة نزع الملكية للمنفعة العامة.
المبحث الثالث : تسوية وضعية الحائزين للعقار الفلاحي دون مستندات قانونية :
أفرزت عملية تحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق امتياز طبقا للقانون رقم 10-03 عدة وضعيات لأشخاص يستغلون العقار الفلاحي التابع للملكية الخاصة للدولة بطريقة غير قانونية، وبناء على الملفات المقدمة من قبلهم فإن الأمر يتعلق بالأشخاص الذين يحوزون على عقود تنازل موثقة غير مشهرة أو عقود عرفية و غيرها من الأوضاع غير القانونية التي حالت دون تحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق امتياز في الآجال القانونية المقررة في القانون رقم 10-03.
وقد عالج المشرع العديد من هذه الوضعيات بموجب اجراءات التنظيم الداخلي يعد الامتياز النمط الساري المفعول في استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للملكية الخاصة للدولة التي ضبط القانون رقم 10-03 المؤرخ في 15-08-2010 شروط وكيفيات استغلاها ، وقد قضى هذا القانون بإلغاء القانون رقم 87-19 المؤرخ في 08-12-1987 يتضمن كيفية استغلال الأرضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية وتحديد حقوق المنتجين وواجباتهم.
كما ألزم هذا القانون أصحاب المستثمرات الفلاحية الجماعية والفردية المستفيدين من القانون رقم 87-19 بإيداع ملفاتهم أمام الديوان الوطني للأراضي الفلاحية من أجل تقدم طلبات تحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق امتياز بشكل فردي تطبيقا لنص المادة 09 من القانون رقم 10-03 خلال أجل ثمانية عشر شهرا ابتداء من صدور هذا القانون في الجريدة الرسمية.
وبناء عليه يتولى الديوان دراسة ملفاتهم وتسليم عقود الامتياز، إلا أن واقع الحال بين صعوبة بل استحالة إتمام هذه العملية في الآجال المحددة لها، لبروز عدة إشكالات قانونية أعاقت إتمامها نظرا لمخلفات القانون رقم 87-19المعقدة.
هذا القانون الذي سمح للمستفيدين منه بالتنازل عن حق الانتفاع الدائم بعقود توثيقية تخضع للتسجيل والشهر، غير أن الواقع أفرز وضعيات لأشخاص تم التنازل لهم عن حق الانتفاع الدائم لكن بطريقة مخالفة للنص القانون، سواء تعلق الأمر بالتنازل بموجب عقود توثيقية غير مشهرة أو التنازل بعقود عرفية. فضلا عن ذلك نلاحظ أن المشرع في مختلف النصوص القانونية وفي كل المراحل السياسية والاقتصادية التي عرفتها البلاد يسعى للحفاظ على العقار الفلاحي من الزوال فمنع التوسع العمران على حسابه باعتباره ثورة لازمة للحفاظ الأمن الغذائي الذي يتعلق بالحق في الحصول على الغذاء السليم والحياة النشطة بتعبير المادة الثالثة من قانون التوجيه الفلاحي، غير أن الواقع شهد زحف الاسمنت على العقار الملاحي وهي وضعيات تثير اشكالا عند تحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق امتياز بمقتضى القانون رقم 10-03.
وعليه تكمن أهمية الموضوع في حصر الوضعيات غير القانونية التي يجب إيجاد حلول قانونية لتسويتها، من أجل غلق هذا الملف نهائيا، والتركيز على إشراكها في عملية التنمية للنهوض بالقطاع الفلاحي وتغطية السوق المحلي والوطني بالحاجات الأساسية للمواطن من مأكل ومشرب وملبس، ولن يتأتى هذا إلا بضبط الحالات التي تستدعي تسوية ملفاتها، وحديد شروط التسوية وهو الهدف الذي تسعى الدراسة للوقوف عليه.
- تشترط المادة 05 من القانون رقم 10-03 لتحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق امتياز أن يكون المستفيد في اطار القانون رقم 78-19 سواء كان في مستثمرة فلاحية فردية أو جماعية أن يكون حائزا على عقد رسمي مشهر في المحافظة العقارية، أو قرار من الوالي، وقد اعترض اللجان الولائية التي تقوم بدراسة ملفات تحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق امتياز عدة إشكالات قانونية تمثلت في تقدم بعض الفئات لتسوية ملفاتهم لكنهم يحوزون على عقود رسمية غير مشهرة، منهم من لا يحوزون لا على عقد موثق ومشهر، وبناء على ذلك سنتطرق للوضعيتين على التوالي :
المطلب الأول : وضعية الأشخاص الذين يحوزون وثائق رسمية غير مشهرة :
أفرز تعامل الديوان الوطني مع الملفات المودعة لديه وجود أشخاص تقدموا بطلب التسوية، لا يحوزون على الوثائق المطلوبة في القانون رقم 10-03 المحددة في المادة 05 منه، ويتعلق الأمر بعدة وضعيات يمكن ذكرها وفقا للتسلسل الآتي :
أولا/ الأشخاص الذين تحصلوا على حق الانتفاع الدائم بموجب عقود تنازل :
يتعلق الأمر بالأشخاص الذين تحصلوا على حق الانتفاع الدائم بموجب عقود توثيقية أبرموها مع المستفيدين من القانون رقم 87-19 ، حيث كان هذا الأخير يمنح لهم الحق في التنازل عن حق الانتفاع الدائم طبقا للمواد من 23، 24، 25 و31 منه وعليه فإنه لتمام انتقال حق المستفيد يشترط القانون رقم 87-19 في التنازل أن يستوفي الشروط التالية:
1- ان يتم التنازل للعمال في القطاع الفلاحي وللأشخاص المؤهلين لممارسة النشاط الفلاحي.
2- لا يمكن التنازل لعضو في المستثمرة الفلاحية أو لعضو في مستثمرة أخرى، فلا يمكن للشخص حيازة اكثر من حق انتفاع دائم واحد.
3- أن يتم التنازل بعد موافقة الأعضاء الآخرين.
4- أن يحرر التنازل في الشكل الرسمي من قبل موثق ويخضع للشكليات الخاصة بالتسجيل والشهر بالمحافظة العقارية طقا للمادة 35 من القانون رقم 87-19.
وفي غياب مثل هذه الشروط يمكن للدولة أن تمارس حق الشفعة وفقا للإجراءات المقررة في هذا القانون .
وعليه فإن العقود الموثقة المسجلة في مصلحة الضرائب والموثقة تم تسوية وضعيتها القانونية وسلم الديوان الوطني للأراضي الفلاحية عقود الامتياز لأصحابها، بينما الأشخاص الحائزين لعقود رسمية غير مشهرة فـإنهم لا يمتلكون الصفة القانونية لتحويل حق الامتياز لهم.
وطبقا لما هو منصوص عليه في القانون رقم 10-03 فإن الديوان الوطني للأرضي الفلاحية قام بتحويل ملفاتهم على اللجنة الولائية طقا للمادة 06 من المرسوم التنفيذي رقم 10-326 بالرغم من افتقادهم الصفة القانونية التي تخول تحويل حقوقهم إلى حق امتياز لكن كثرة الملفات المودعة التي تحمل هذه الخصائص اضطر الجهات المختصة لإيجاد حلول لتسوية وضعية هؤلاء الأشخاص، فتمت التسوية وفقا للشروط التي حددتها التعليمة رقم 654 مؤرخة في 11-09-2012 والمتعلقة بمعالجة ملفات تحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق امتياز من قبل لجان الولاية المعدلة بالتعليمة رقم 1808 المؤرخة في 05-12-2017، والتي تطلبت الشروط التالية لتسوية الوضعية للمتنازل له والتي تتمثل في الآتي :
- أن يتحصل المتنازل له على حق الانتفاع المؤبد من خلال عقد توثيقي أو يحمل إمضاء خاص.
- أن يكون المقتني أي المتنازل له يستوفي شروط استغلال الأرض الفلاحية التابعة لملكية الخاصة للدولة في كل من القانون رقم 87-19 والقانون 10-03.
- أن يستغل الأرض فعليا.
- غياب الدعوى القضائية و/أو الإجراءات المرفوعة لدى المحاكم المختصة.
ثانيا/ حالات المنح للمجاهدين وذوي الحقوق :
المنصوص عليها في أحكام المنشور الوزاري المشترك رقم 838 المؤرخ في 24-11-1996 معالجة الملفات حسب الشخص المعني :
- لا يملك قرار المنح ولكن اسمه مدون على قائمة اللجنة الولائية
- يمتلك قرار التخصيص لكنه لم يستغل الأرض.
ثالثا/ الحالات التي تم التكفل بها طبقا للتعليمة الوزارية المشتركة رقم 1808 المؤرخة في 05-12-2017 :
والمتعلقة بمعالجة ملفات تحويل حق الانتفاع إلى حق امتياز من قبل لجان الولاية : نصت هذه التعليمة على حالات جديدة تم التكفل بها وهى كالآتي:
1- حالات وقف حق الانتفاع :
وهي الحالة المطابقة للحالة الأولى التي حددتها التعليمة رقم 654 المؤرخة فيل 2012/09/11، والتي اشترطت أن يكون حق الانتفاع المؤبد تم الحصول عليه بموجب عقد توثيقي أو يحمل امضاء خاص، شريطة أن يكون المقتني يستوفي شروط استغلال الأرض الفلاحية التابعة لملكية الخاصة للدولة في كل من القانون رقم 87-19 والقانون 10-03 ، وان يستغل الأرض فعليا، وغياب الدعوى القضائية و/أو الاجراءات المرفوعة لدى المحاكم المختصة.
2- حالات ابرام اتفاقيات مع الأطراف الثالثة :
يتعلق الأمر باتفاقية الشراكة أو الإيجار المبرمة قبل إصدار القانون رقم 10-03 المؤرخ في 15-08-2010 من خلال عقد توثيقي أو توكيل قانون أو إمضاء خاص، والتي تمت بموجبها
عملية الاستثمار في البنى التحتية أو عملية الغرس، تتم معالجة هذه الحالات على أساس محاضر إثبات تحرر من قبل المحضر القضائي والديوان الوطني للأراضي الفلاحية ومديرية المصالح الفلاحية:
- انتهاء العلاقة بين الطرفين بتاريخ طلب التحويل أو التسوية،
دعم المستثمر الأولي بشرط الاستغلال الشخصي والفعلي للأرض .
تبقى العلاقة بين الطرفين سارية المفعول حتى تاريخ طلب التحويل أو التسوية : يتم تأكيد الشريك أو المستأجر أو صاحب التوكيل بشرط استيفاء شروط القانون 10-03 وأنه يستغل فعليا الأرض.
3- حالة الحصول على عدة حصص :
تتعلق التسوية بالمزارع المتحصلة على عدة حصص داخل المزرعة الواحدة أو عدة مزارع بشرط أن:
-الكل يشكل بمجموعة متجاورة ذات قطعة واحدة.
- احترام الحد الأقصى للمساحة المسموح بها.
- الموافقة من طرف المصالح الولائية للديوان الوطني للأراضي الفلاحية.
إذا كان الحصول على العديد من الحصص يدعوا الى التشكيك في المبدأ الذي تم سنه بموجب المادة 06 من القانون رقم 10-03 فإن التعامل مع الملفات سوف يخضع للأحكام المتعلقة بالملكية المشتركة المنصوص عليه في المادة 11 من القانون نفسه.
في ضوء المبادئ المنصوص عليها في المادتين 6 و16 من القانون 10-03 (الملكية المشتركة المتساوية الحصص والحد الأقصى للمساحة ) تتم المعالجة من خلال الخروج من الملكية المشتركة.
المطلب الثاني : الأشخاص الحائزين لعقود غير موثقة :
تنازل بعض المنتجين الفلاحيين المستفيدين من القانون رقم 87-19 على حق الانتفاع الدائم بموجب عقود عرفية، ومن الناحية القانونية تعتبر هذه العقود عديمة الأثر، فقد اشترط القانون رقم 87-19 في المادة 35 منه لصحة التنازل من الناحية الشكلية أن يفرغ في شكل رسمي ويخضع لشكليات التسجيل والشهر، وهو حكم موافق للإطار العام الذي يحكم التصرفات العينية العقارية، حيث جاء في القانون المدني المادة 793 منه والمادة 165 والمادة 324 مكرر والمادتين 15 و16 من الأمر رقم 75-74 إن الحقوق العينية العقارية لا وجود لها في مواجهة المتعاقدين والغير إلا باستيفاء الشكليات المحددة في القانون من رسمية وتسجيل وشهر، وعليه فإن القانون رقم 10-03 لن يخرج في أحكامه عما هو مقرر في النصوص العامة المنظمة للعقار.
ولذلك امتنع الديوان الوطني للأراضي الفلاحية عن تسليم عقود الامتياز لهم ، وأحال ملفاتهم على اللجنة الولائية المختصة تطبيقا للمادة 06 من المرسوم التنفيذي رقم 10-326 التي جاء فيها: " في حالة ما إذا تطلبت دراسة الملف معلومات تكميلية أو استحق تحققا من الوثائق أو الوقائع المصرح بها، يرسل الديوان الوطني للأراضي الفلاحية هذه الملفات إلى لجنة ولائية يرأسها الوالي للدراسة" .
وقد تبين من خلال الوثائق المودعة عدم إمكانية التسوية طبقا لهذا القانون ولذلك تدخلت الدولة، وأصدرت التعليمات اللازمة لتسوية وضعية هؤلاء الحائزين .
وقد تمت تسوية الوضعيات بناءا على التعليمة الوزارية المشتركة رقم 654 المؤرخة في 11-09-2012، والتعليمة الوزارية الصادرة عن الأملاك الوطنية المؤرخة في 09-10-2012، تندرج هذه الحالة ضمن المعاملات التي يقوم بها المتحصل على حق الانتفاع المؤبد من خلال عقد توثيقي أو يحمل إمضاء خاص، شريطة أن يكون المقتني حيث يكون المتنازل له يستوفي شروط استغلال الأرض الفلاحية التابعة لملكية الخاصة للدولة في كل من القانون رقم 87-19 والقانون10-03،
- يستغل الأرض فعليا.
- غياب الدعوى القضائية و/أو الإجراءات المرفوعة لدى المحاكم المختصة.
وهو ما تم التأكيد عليه بموجب التعليمة الوزارية المشتركة رقم 1808 المؤرخة في 05-12-2017 والمتعلقة بمعالجة ملفات تحويل حق الانتفاع إلى حق امتياز من قبل لجان الولاية.
وعليه في الأخير يمكننا القول أنه تتم تحويل حق الانتفاع إلى حق امتياز بناء على الإجراءات المحددة في القانون رقم 10-03، حيث يودع الطلب مرفقا بالملف أمام الديوان الوطني للأراضي الفلاحية الذي يتولى دراسة الملف، فإذا كانت الملفات تتطلب دراسة تكميلية أو تستدعي تحقيقا في الوثائق أو الوقائع المصرح بها يرسل الديوان الملفات للجنة ولائية طبقا للمادة 06 من المرسوم التنفيذي رقم10-326.
و بعد دراسة الملفات المحالة فنكون أمام فرضين طبقا للمادة 08 من المرسوم التنفيذي رقم 10-326، فإذا تم قبول الملف يعيد الوالي إرساله إلى الديوان طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 05 يتولى هذا الأخير إتمام عملية التحويل فيوقع على دفتر الشروط المنصوص عليه في أحكام المادة 04 من القانون رقم 10-03 ويرسل الملف إلى إدارة أملاك الدولة قصد إعداد عقد الامتياز الذي يخضع للشكليات المحددة قانونا والمتمثلة في التسجيل والشهر تطبيقا لنص المادة 6 من القانون رقم 10-03.
أما إذا لم يقبل الملف فيصدر الوالي قرار مسبب برفض منح الامتياز ويرسل نسخه منه إلى الديوان الوطني للأراضي الفلاحية ويمكن للطالب رفع دعوى أمام الجهة القضائية المختصة في هذا الشأن .
المبحث الرابع : تسوية وضعية الحائزين للعقار الفلاحي المخليين بالتزاماتهم :
من الملفات التي تم إيداعها أيضا ملفات المستفيدين من القانون رقم 87-19 الذين لم يدفعوا المستحقات المالية وكذا الأبنية غير المشروعة المخالفة لما هو منصوص عليه في القانون رقم 87-19، وعليه تعد هذه الوضعيات من الاشكالات القانونية التي استوقفت الديوان الوطني للأرضي الفلاحية في اتمام عملية تحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق امتياز وهو ما سنتناوله على التوالي.
المطلب الأول : عدم تسديد الإتاوة :
منح القانون رقم 87-19 المستثمرات الفلاحية للمنتجين الفلاحين حق الانتفاع الدائم على مجمل الأراضي الفلاحية، مقابل الزامهم بدفع إتاوة يحدد وعاؤها وكيفيات تحصيلها في قوانين المالية (المادة 06(، يختلف مقدارها تبعا لتصنيفها المحدد من قبل اللجان الولائية المختصة حسب المادة 80 و81 من القانون رقم 88-33 المؤرخ في 31-12-1988 يتضمن قانون المالية لسنة (الجريدة الرسمية العدد 54 الصادرة بتاريخ 31 12 1989).
وهذا الالتزام تم التأكيد عليه بموجب القانون رقم 10-03 المادة 04 منه كما أكدت عليه قوانين المالية ومنها ما جاء في المادة 41 من قانون المالية التكميلي لسنة 2010 ( الجريدة الرسمية العدد 49 الصادرة بتاريخ 29-05-2010 ) المعدلة بموجب قانون المالية لسنة 2011 القانون رقم 11-11 المؤرخ في 18-07-2011 المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2012 ( الجريدة الرسمية العدد 40 الصادرة بتاريخ 30-07-2012) وهو ما تم التأكيد عليه بموجب التعليمة رقم 2274 المؤرخة في 04-03-2014 المتعلقة بحساب الإتاوة المستحقة، الصادرة عن أملاك الدولة.
وبالرغم من أن دفع الإتاوة هو أحد ابرز الالتزامات العقدية المترتبة على عاتق المستفيد من القانون رقم 87-19، والتي يعد مانعا من تحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق امتياز طبقا للمادة 05 و06 من القانون رقم 10-03، لكن مع ذلك تم تسليم هؤلاء المخالفين عقود امتياز على أن يلتزمون بتسديدها وفقا لرزنامة الاستحقاق المتفق عليها.
وإذا لم يلتزموا بالتسديد وفقا للمواعيد القانونية المحددة سيتم فسخ عقد الامتياز وفقا المذكرة رقم 5006 المؤرخة في 16-05-2015 تتعلق بتحصيل إتاوة حق الامتياز صادرة عن المديرية الوطنية للأملاك الوطنية والمذكرة رقم 4858 المؤرخة في 05-05-2014 تتعلق بمنح الامتياز في إطار القانون رقم 10-03.
كما ان في القانون رقم 10-03 المادتين 28 و29 منه، والمواد 09 ,07, 03 من نموذج دفتر الشروط الملحق بالمرسوم التنفيذي رقم 10-326 أن عدم دفع الإتاوة سنتين متتاليتين وبعد توجيه إعذارين غير مجديين يترتب عنه فسخ عقا الامتياز.
المطلب الثاني : وضعية البنايات المشيدة على الأراضي الفلاحية :
يعتبر البناء على الأرضي الفلاحية من أكبر المخاطر التي تهدد ديمومة استغلال العقار الفلاحي وفقا لطبيعته ووفقا لما أعد له، ومن أجل القضاء على التوسع العمراني على حساب الأراض الفلاحية أقر المشرع الجزائري للفلاحين في مختلف النصوص القانونية المنظمة الأطر القانونية للبناء على الأرض الفلاحية، وعليه إذا رجعنا للقانون رقم 87-19 نلاحظ أنه من بين الحقوق التي خولها القانون رقم 87-19 للمستفيدين منه الحق في إقامة بناءات على الأرضي الفلاحية، ويعد البناء استثناء على الأصل الذي هو استغلال الأرض الفلاحية بالزراعة ببعض الأبنية المخصصة للفلاحة ولذلك ضبط المشرع والسقي ونحو ذلك غير أن المشروع الفلاحي يرتبط بحاحه هذا الحق في إطار القانون رقم 87-19 وفي إطار قانون التهيئة والتعمير.
وقد عرف بعض الفقهاء البناء غير المشروع بأنه :
" السكن الذي يفتقد الشرعية في احتلال الأرض أو في خصائص السكان ".
أو أنه السكن العشوائي يعد تلبية غير نظامية لحاجة أساسية وهي تأمين السكن على حساب الأرض الزراعية المحيطة بتلك المدن غير أن الواقع الذي واجه الديوان الوطني للأراضي الفلاحية وجود أنماط بناء مخالفة لما هو منصوص عليه قانونا وصل البعض منها إلى حد تحويل نمط الأرض الفلاحية تماما وتغيير طابعها الفلاحي.
وبالرغم من أن هذا البناء مخالف للقانون ويرتب المتابعة الجزائية والمدنية للمخالف بإجماع النصوص القانونية ) المادة 34 و35 من القانون 90-25 المعدل والمتمم والمادة 04 من المرسوم التنفيذي رقم 90-51 )
لكن نلاحظ أنه قد تمت تسوية وضعية المخالفين بناء على التعليمة رقم 06 المؤرخة في 11-06-2012 الصادرة عن المديرية العامة للأملاك الوطنية، وقد ميزت هذه الأخيرة بين عدة وضعيات:
1 إذا كانت المباني مشيدة من المستفيدين فإن نكون أمام فرضين:
- إذا كانت المباني صالحة للمستثمرة الفلاحية ولا تضر بالنشاط الفلاحي فتسوى الوضعية.
- إذا المباني ليست لها علاقة بالمستثمرة ونشاطها فيتم متابعة المخالفين أمام القضاء وسم إسقاط حق الانتفاع عنهم تطبيقا لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 90-51.
2 إذا كان الغير هو من شيد البناء بتواطؤ مع المستفيد فيتم إسقاط حق الانتفاع عنه.
خاتمة :
في خاتمة هذا البحث نستنتج أن العقار الفلاحي التابع للدولة في الجزائر شهد منذ الاستقلال إلى يومنا هذا عدة نظم وتشريعات وسياسات عقارية متباينة خلقت نوعا من التذبذب في العلاقة بين الفلاح والأرض، حيت تم استحداث نمط جديد لتسيير استغلال الأراضي الفلاحية بموجب القانون 08-16 المؤرخ في 03-08- 2008 المتضمن التوجيه الفلاحي ألا وهو حق الامتياز، ليتم تكريسه بموجب القانون 10-03 المؤرخ في 15-08-2010 المحدد لشروط وكيفيات استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة وكذا المرسوم التنفيذي 10-326 المؤرخ في 23-12-2010 المحدد لكيفيات تطبيق حق الامتياز لاستغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة، حيث يتم بموجب عقد الامتياز منح حق عيني عقاري على الأرض الفلاحية لصاح صاحب الامتياز، مقابل إتاوة سنوية و لمدة محددة بـ 40 سنة.
كما تم منح صاحب الامتياز مجموعة من الحقوق وتحميله بمجموعة من الالتزامات بموجب القانون ، 10-03 وجعل من إخلاله بهذه الالتزامات عقوبات تصل إلى حد فسخ عقد الامتياز، ولصاحب الامتياز الحق في اللجوء للقضاء حيث أقر القانون 10-03 والمرسوم التنفيذي 10-326 الحالات التي يتم فيها اللجوء إلى هيئات القضاء العادي، والحالة التي يتم فيها اللجو للقضاء الإداري .
كما نجد أن ذات القانون قد فعل من دور هيئات الرقابة المتمثلة في الديوان الوطني للاراضي الفلاحية، حيث نجد أنه منح للديوان الوطني للأراضي الفلاحية والصناديق والمنظمات الخاصة بمراقبة استغلال الأراضى الفلاحية، سلطات واسعة في تطبيق السياسة العامة المتعلقة بالتوجيه الفلاحى المنصوص عليه بموجب القانون 08-16.
كما نجده أعطى للإدارة سلطات واسعة فيما يتعلق بتحرير العقد وإصداره وإنهائه، دون الرجوع للجهة القضائية عكس ما كان عليه في القانون 87-19 المؤرخ في : 08-12-1987 المتضمن كيفية ضبط استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية وتحديد حقوق المنتجين وواجباتهم، وهو ما يعد إلغاء لمبدأ الرضا بين الطرفين في العقد.
كما أن المشرع الجزائري ومن خلال إصداره لمجموعة قانونية هامة وإدراجه لجملة من الإجراءات القانونية تفعيله لهيئات وأجهزة رقابية هدفه من خلال كل هذا هو حماية الأرض الفلاحية وضمان استغلاها استغلالا أمثلا و الحيلولة دون تغيير وجهتها الفلاحية وحمايتها من نهبها بطرق غير شرعية.
وفي نهاية هذا الموضوع نستخلص جملة من النتائج كما يلى :
- بالرغم من الإيجابيات التي تضمنها القانون 10-03 إلا أنه لا يخلو من سلبيات أثرت على عملية استغلال الأرض الفلاحية وأثرت على العلاقة بين الفلاح والأرض، حيث بحد أن القانون 87-19 قد نص على حق الانتفاع الدائم للأرض الفلاحية التابعة للدولة مما يجعل الفلاح يستقر بأرضه ويعتبرها كأنها ملك له، لكن وبصدور القانون 10-03 الذي أقر وكرس حق الامتياز بمدة محددة بـ 40 سنة وهذا ما خلق شبه انفصال بين الفلاح والأرض التي لم يعد يعتبرها ملك له وبالتالي تقل رغبته في بذل الجهد الكافي للاعتناء بالأرض وبالتالي يقل منتوجها وهو ما يؤثر على الأهداف المسطرة من طرف الدولة للنهوض بالقطاع الفلاحي لأجل تحقيق التنمية المستدامة.
- ومن السلبيات أيضا هو أن القانون الجديد يتناقض مع قانون الاستثمار الذي لا يفرق بين المستثمر الأجني والجزائري، حيث كان لابد من فتح المجال للاستثمار الأجنبي لما له من ايجابيات في تطوير وعصرنة القطاع الفلاحي.
- إضافة إلى تضمنه لإجراء الفسخ عقد الامتياز عن طريق الإدارة مباشرة دون اللجوه للعدالة يعتبر تعسفا في حق المستثمر الفلاحي، حيث يعتبر اللجو إلى القضاء أهم ضمانة تمنح بموجب القانون للمستثمر الفلاحي.
- وكأحد أهم العراقيل التي واجهت إدارة أملاك الدولة هو نص المادة 16 من القانون 10-03 المتعلقة بالقطع المتناثرة، حيث تعتزم الإدارة تقدم مقترح بتعديل المادة وتضمينها استثناءات، حيث توجد مجموعة من العقود لم يتم تحريرها لحد الآن بسبب مشكل القطع المتناثرة.
- من الناحية العملية نجد أن الدور الرقابي للديوان الوطني للأراضي الفلاحية غير مفعل ويتجلى ذلك من خلال بطء إجراءات تحويل حق الانتفاع الدائم إلى حق امتياز.
- كما أن عملية المسح شكلت عائق كبير أمام إدارة أملاك الدولة، حيث أغلب الأراضي الفلاحية لم يتم مسحها، ولتسريع العملية صدرت تعليمة وزارية مشتركة رقم: 654 التي تحث على ضرورة تسريع عملية تحرير العقود وذلك باعتماد المسح المعد بالنظام الشخصي على أن لا يتجاوز فارق المساحة 05 بالمائة من المساحة الأصلية أي 20/1.
المراجع.