عواقب البناء بدون رخصة في الجزائر
تعرف جريمة البناء بدون رخصة بأنها كل إنشاء لبناء مهما كان نوعه أو جسامته يقوم به الشخص في غياب رخصة البناء والذي يعرضه للإدانة من طرف القاضي الجزائي بالعقوبات المنصوص عليها قانونا, أيضا عرفها الفقه بانها قرار اداري تجيز بموجبه السلطة الادارية المختصة البناء بعد التحقق من احترام قواعد التعمير.
واقع البناء بدون رخصة الذي يواجه الدولة الجزائرية مند سنوات من خلال البنايات الغير قانونية سواء كانت قصديرية أو فوضوية أو حتى منازل فخمة أو مشاريع سكنات ترقوية، وإن كان لكل زمان أسبابه فإنها ترجع حاليا إلى الأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر والنزوح الريفي، والنمو السكاني المفرط الذي أدى إلى أزمة سكن أضف إلى ذلك عدم فعالية الإطار القانوني والتنظيمي المطبق في هذا المجال، ونقائص ميكانيز مات الرقابة القبلية والبعدية نتيجة مماطلة الإدارة في إتخاد إجراءات إحترام قواعد العمران وموقفها السلبي اتجاه المخالفات.
تحقيقا للتوازن بين الملكية والحق في البناء و وظيفتهما الإجتماعية، أكد المشرع الجزائري أن نوعية البنايات وإدماجها في المحيط، وإحترام المناظر الطبيعية والحضرية ، وحماية التراث الحضري والمحيط المبني، تعد من المنفعة العامة ، لهذا وضع الضوابط والمقاييس وأحكام الرقابة القبلية و البعدية على إنشاء وتنفيذ عمليات البناء وذلك عن طريق النصوص القانونية الخاصة برخص وشهادات التعمير، التي من بينها خصة البناء .
ولقد فرض المشرع عقوبات على مخالفة أحكام تلك النصوص باعتبارها تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة، وسياسية، واجتماعية، واقتصادية، وثقافية، تعلو على المصالح الذاتية للأشخاص.
وبالتالي أصبح البناء يخضع للقانون الجزائي وذلك باعتبار ان قواعد التهيئة والتعمير" قواعد آمرة من النظام العام وتعد من قبيل الأحكام التي تجرم وتقمع السلوكات التي من طبيعتها إحداث إضطراب في المجتمع" والماس بالمصلحة العامة.
و تعد جريمة البناء بدون رخصة من أهم الجرائم الخاصة بقانون التهيئة والتعمير التي يتم المتابعة الجزائية. على أساسها أمام القضاء الجزائري مقارنة بالجرائم الأخرى مثل عدم مطابقة البناء لرخصة البناء أو جريمة إنشاء تجزئة أو مجموعة سكنية دون خصة تجزئة، أو جريمة عدم إنجاز البناية في الأجل المحدد في رخصة البناء...إلخ.
الجزاءات المقررة لجريمة البناء بدون رخصة.
- المادة 77 قانون التهيئة و التعمير 90-29
- المادة 50 المرسوم التشريعي 94-07 الملغاة
- المادة 79 من القانون 08-15 ملاحضة هذا القانون حددت مدة صلاحيته بخمسة سنوات.
إن العقوبات الجزائية المقررة لجريمة البناء بدون رخصة أوردها المشرع الجزائري في نص المادة 77 من القانون رقم 90-29 المتعلق بالتهيئة والتعمير التي نصت علي انه :
( يعاقب بغرامة تتراوح بين 3000 دج و 300.000 دج عن تنفيذ اشغال او استعمال أرض يتجاهل الالتزامات التي يفرضها هذا القانون والتنظيمات المتخذة لتطبيقه أو الرخص التي تسلم وفقا لأحكامها).
ويمكن الحبس لمدة شهر إلى ستة أشهر في حالة العودة إلى المخالفة ويمكن الحكم أيضا بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين ضد مستعملي الأراضي أو المستفيدين من الأشغال أو المهندسين المعماريين أو المقاولين أو الأشخاص الآخرين المسؤولين على تنفيذ الأشغال المذكورة.
فكل شخص قام بأشغال بناء أو استعمل أرض يتجاهل الالتزامات التي يفرضها هذا القانون أي القانون رقم 90-29 المتعلق بالتهيئة والتعمير كأن يقوم بالبناء بدون رخصة أو الهدم دون رخصة أو البناء مع مخالفة رخصة البناء أو مخالفة القواعد العامة للبناء أو مخالفة قواعد مخطط شغل الأراضي أو المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير فإنه يعاقب بغرامة تتراوح ما بين 3000 دج و300.000 دج فبعدما تم بيان خطورة أشغال البناء بدون رخصة والأخطار المترتبة عنه والتي قد تصل إلى المخاطرة بحياة مشيد البناء أو الغير فإن العقوبات المقررة لهذه الأفعال لا تتناسب إطلاقا مع حجم خطورة الأفعال.
في حين نجد أن المشرع المصري مثلا ومن خلال نص المادة 102 من القانون رقم 119لسنة 2008 (أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات أو الغرامة التي تقل عن مثلي قيمة الأعمال المخالفة ولا تجاوز ثلاث أمثال هذه القيمة كل من قام بإنشاء مبان أوإقامة أعمال أو توسيعها أو تعديلها أو تدعيمها أو ترميمها أو هدمها بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة...).
فالمشرع المصري جعل من العقوبة رادعة ويمكن أن تصل إلى حدإقامة أعمال أو توسيعها أو تعديلها أو تدعيمها أو ترميمها أو هدمها بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة...).
فالمشرع المصري جعل من العقوبة رادعة ويمكن أن تصل إلى حد خمس سنوات وهذا نظرا لخطورة هذه الأفعال التي قد يترتب عليها المساس بحياة أو صحة و سلامة الأشخاص. كما أن المشرع الجزائري بموجب
نص المادة 77 من القانون رقم 90-29 جعل من العقوبة عامة على كل شخص يخالف أحكام القانون رقم 29/90 في حين أن المشرع المصري أورد عدة عقوبات على عدة أعمال متعلقة بالبناءات والعقوبات متفاوتة بين كل عمل وآخر. كما أن المشرع الفرنسي أيضا نوع من العقوبات باختلاف أشغال البناء التي تمت دون ترخيص فكل بناء غير مصرح به فيه عقوبة مالية تقدر من 1200 أورو إلى أورو وهذا بموجب المادة ل- 480/ 4 من قانون التعمير الفرنسي.
إذ كان هناك وقف للأشغال من طرف المحكمة ومع ذلك واصل المخالف عملية البناء أو الهدم بدون رخصة فإن العقوبة تصل إلى 75.000 يورو ومدة الحبس إلى 03 أشهر فقد نص المشرع الفرنسي على مختلف الحالات أما المشرع الجزائري فقد أجملها في نص واحد يتعلق بمخالفة أحكام قانون التهيئة والتعمير.
والمشرع المصري من خلال نص المادة 50 من القانون رقم 119 لسنة 2008 فقد بين حالات العود والتي تكون إما بعد الأمر بوقف الأشغال الصادر من المحكمة أو الإدارة ومع ذلك يواصل المخالف عملية البناء.
إلا أن المشرع الجزائري بموجب نص المادة 77 الفقرة الثانية من القانون رقم 25/90 فقد نص على تشديد العقوبة في حالة العودة إلى المخالفة وهي الحبس من شهر إلى ستة أشهر والعقوبة هاته ليست فقط ضد مالك البناء وإنما حتى ضد مستعملي الأراضي أو المستفيدين من الأشغال أو المهندسين المعماريين أو المقاولين أو الأشخاص الآخرين المسؤولين على الأشغال المذكورة.
فيكون المشرع الجزائري قد أجمل العقوبة وجعلها واحدة ضد جميع مخالفات البناء التي تتجاهل أحكام القانون رقم 90-29 أو الرخص التي تسلم وفقا لأحكامه عكس ما كان عليه في المادة 50 من المرسوم التشريعي رقم 94-07 الملغاة التي فصلت في العقوباتوأظن أنه حسنا فعل المشرع بإلغاء هاته المادة كون العقوبات المقررة بشأنها تكاد لا تساوي شيء في وقتنا الحالي ولكن المشرع الجزائري تدارك الأمر بموجب القانون رقم 08-15 وجاء بمواد قانونية تحتوي على عقوبات مشددة؛ لكنه لم يقم بإلغاء المادة 77 من القانون رقم 90-29 ولم يقم بتعديلها صراحة فتبقى هي الأخرى سارية المفعول.
خاصة أن الكل يجمع أن القانون رقم 08-15هو قانون مؤقت جاء لتسوية وضعية معينة يسري لمدة 05 سنوات وهذا بموجب المادة 94 منه التي تنص ينتهي سريان مفعول إجراءات مطابقة البنايات وإتمام إنجازها كما تنص عليها أحكام هذا القانون في أجل خمس سنوات ابتداء من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. لكن الحق أن العقوبات المقررة في هذا القانون تعتبر رادعة نوعا ما بالنظر إلى المادة 77 السالفة الذكر فنجد مثلا نص المادة 79 من القانون رقم 15-08 تعاقب من شيد بناء بدون رخصة بغرامة من 50.000 دج إلى 100.000 دج وكل من يحاول التشييد بدون رخصة وفي حالة العود يعاقب المخالف بالحبس من 06 أشهر إلى سنة.
وجاءت المادة 74 من نفس القانون التي تعاقب بالحبس من 06 أشهر إلى سنتين وبغرامة من 100.000 دج إلى مليون دينار كل من ينشئ تجزئة أو مجموعة سكنية دون رخصة تجزئة وحقيقة قد شدد هذا القانون في العقوبة عندما يقوم هذا يؤثر أيما تأثير على العمران والنظرة الجمالية للتعمير.
وعاقبت المادة 75 منه الشخص الذي يقوم بالبناء داخل تجزئة لم يحصل صاحبها على رخصة تجزئة بغرامة من 100.000 دج إلى 1.000.000 دج وتطبق نفس العقوبة المذكورة بموجب المادتين 74 و75 على المقاول الذي أنجز الأشغال والمهندس المعماري والمدني والطوبوغرافي أو كل صاحب دراسة أعطى أوامر تسببت في المخالفة.
وإذا تحصل صاحب البناء على رخصة بناء ولم ينجز البناء في الأجل المحدد في الرخصة فإنه يعاقب بغرامة من 50.000 دج إلى 100.000 دج وهو ما نصت عليه المادة 78 من القانون رقم 08-15.