شرح العقوبات الانضباطية هي الجزاء الذي يوقع على مرتكب المخالفات الوظيفية في القطاع العام وهي عقوبات ذات طبيعة تأدبية أو مالية أو منهية للعلاقة الوظيفية.
العقوبة الانضباطية بصفة عامة وسيلة من الوسائل الادارية الرادعة تطبقها الادارة على الموظف المخالف وذلك لقصد الحفاظ على حسن سير المرفق العام .
إنها الجزاء الذي يلحق بالموظف العام دون غيره من أفراد المجتمع فيؤدي الى حرمانه من بعض او كل المزايا الوظيفية التي يتمتع بها سواء بصفة مؤقتة او نهائية .
وعرفت أيضا بأنها وسيلة السلطة لضمان إحترام القواعد القانونية وتحقيق السير المنتظم والمضطرد والفعال للمرافق العامة.
يتضح من التعريف أعلاه أن العقوبة الانضباطية تصيب الموظف أثناء خدمته الوظيفية و يتطلب في من تفرض عليه صفة الموظف، ويعاب على هذا التعريف أنه قصر توقيع العقوبة الانضباطية على الموظف أثناء خدمته الوظيفية فقط ، في حين أن مجلس الدولة الفرنسي عد اخلال الموظف بواجبات وظيفته مخالفة انضباطية حتى سلوكه خارج نطاق الوظيفة من الممكن ان يعرضه للمسؤولية الانضباطية فيما إذا أخل بكرامة الوظيفة ومقتضياتها إذ يستوجب على الموظف أن يتجنب في تصرفاته كل ما يمس مركزه القانوني ، أما القانون المصري فقد أجاز كذلك أن توقع عقوبات على الموظف الذي يترك الوظيفة ، وكذلك القانون العراقي أخذ بفرض عقوبات علي الموظف بعد انتهاء خدمته .
تمهيد :
لكل موظف حقوقا تتولد بمجرد إكتسابه مركزه القانوني بالتعبين، ويقابلها في الطرف الاخر مجموعة من الالتزامات والواجبات التي ينبغي التقيد بها وبخلاف دلك يكون عرضة لتوقيع العقوبة الانضباطية.
عند مباشرة الموظف للوظيفة العامة تترتب عليه التزامات وواجبات تمليها عليه قوانين الوظيفة العامة ، فإذا ما أخل الموظف بتلك الالتزامات والواجبات فإنه يتعرض للعقوبة الانضباطية التي بدورها تعد ضمانة فعالة لاحترام الموظف لواجباته الوظيفية لأنها تهدف الي ردعه عن ارتكاب المخالفة الانضباطية ، كذلك تهدف العقوبة الانضباطية في نفس الوقت إلى ان يكون لها ردع عام وهو الخوف من العقوبة الانضباطية وبالتالي دفع الموظفين للتصرف بحذر تجاه واجباتهم الوظيفية .
ويسود الوظيفة العامة إعتباران ويكون التوفيق بينهما ليس سهلا وهما الفاعلية ، والضمان ، حيث إن الإدارة وهي مكلفة بالمحافظة على سير المرفق العام بإنتظام واطراد تسعى الى بسط سلطتها في مساءلة الموظف انضباطيا ، ومن أجل تحقيق الفاعلية في العمل الاداري منحت أغلب التشريعات الوظيفية الادارة سلطة تقديرية لمتابعة نشاط الموظفين وكل ما يصدر عنهم من إخلال بواجبات الوظيفة العامة .
ويعد التقدير الوسيلة التي تمارسها السلطة الانضباطية من خلال منحها قدرا من الحرية التي تتمثل في مجال العقوبات الانضباطية بقدرتها على الاختيار من بين العقوبات الانضباطية .
وفي مقابل السلطة التقديرية الممنوحة للإدارة فإن المشرع يضمن للموظف حقوقه من خلال عد تعسف الادارة في إستخدام سلطتها التقديرية وعدم التعدي على الحدود والضوابط التي وضعها المشرع ، فلكي تحافظ الادارة على ممارسة سلطتها في التقدير يجب أن لا يوصم عملها بعيب المشروعية، ويجبعليها أن تحقق التوازن بين مبدأ الفاعلية والضمان وعدم تغليب احدهما على الاخر، فعلى السلطة الانضباطية مراعاة مبدأ شرعية العقوبة الانضباطية ، فبالرغم من منح الادارة سلطة تقديرية في اختيار العقوبة الا أنها مقيدة بالعقوبات التي أوردها المشرع على سبيل الحصر ، وكذلك يجب عليها مراعاة مبدأ التناسب في اختيار العقوبة الانضباطية مع المخالفة المرتكبة بإعتباره ضمانة فعالة في مواجهة سلطة الادارة وذلك لما تحققه هذه الضمانة من رعاية لمصالح الموظفين وحقوقهم .
وفي حالة عدم قناعة الموظف بالعقوبة الانضباطية المفروضة عليه يحق له استخدام الضمانة التي كفلها له المشرع وهي الطعن بالعقوبة الانضباطية امام القضاء الإداري ، وتعتبر هذه الضمانة من الضمانات المهمة التي يحرص الموظف على استخدامها وتتمثل في نقل واقعة الموظف من سلطة الادارة الى القضاء الذي بدوره يقوم بفحص حالة الموظف المعاقب من الادارة فيما اذا كان فعله يشكل مخالفة للقانون من عدمها .
فإدا تبين للقضاء الإداري إن هناك انحراف عند الادارة في إستخدام سلطتها التقديرية في توقيع العقوبة الانضباطية سواء من ناحية عدم ثبوت الواقعة بحق الموظف بصورة تامة ، أو لم يكن تكييفها للواقعة قانونيا سليما مما يؤدي إلى فرض عقوبة على الموظف لا تتناسب مع فعله أو غلو في تقدير العقوبة ، فإن القضاء الإداري يتصدى لذلك الانحراف من خلال السلطات الممنوحة له ، فله أن يلغي العقوبة الانضباطية أو يخفضها أو يصادق عليها أو يحكم بالتعويض إن كان هناك مقتضى ، فللقضاء إلغاء القرار الإداري المعيب بأحد أركانه تطبيقا لمبدأ المشروعية وحرصا على حقوق الموظف بعدم انتقاص الإدارة منها ، وله أن يخفض العقوبة الإنضباطية اذا كانت شديدة لا تتناسب مع المخالفة المرتكبة ، أما اذا ثبت للقضاء براءة الموظف ومطالبته بالتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء فرض العقوبة فله الحكم بالتعويض ، هذا بالنسبة الى الدول المقارنة ، أما بالنسبة الى العراق فلا يحق للقاضي الاداري الحكم بالتعويض وإذا كان هناك مقتضى للتعويض فللموظف المعاقب الذهاب الى القضاء العادي ليحكم له بالتعويض.
الفرق بين العقوبة الانضباطية والعقوبة التأديبية :
- العقوبة الانضباطية هي إحدى العقوبات الواردة في قانون الوظيف العمومي والقطاع العام.
- العقوبة التأديبية هي عقوبة قد تكون تابعة للعقوبة الانضباطية أو مستقلة عنها مثل نقل الموظف من مكان عملة الحالي إلى مكان آخر سواء بقصد ارهاقة أو إلحاق الضرر المادي به.
خصائص العقوبة الإتضباطية :
تمتاز العقوبة الانضباطية على وفق التعريفات التي سبق ذكرها ببعض الخصائص التي تساهم في بلورة مفهومها من أهمها:
1- المرونة : هذه الخاصية تعطي السلطة الانضباطية الامكانية في التصدي للأفعال التي تخل بواجبات الوظيفة ومقتضياتها، وتوقيع العقاب العادل والمناسب الدي ينسجم مع ظروف المرفق العام وأوضاعه، ومما لاشك فيه أن هذه المرونة ليست مطلقة ،بل مقيدة بقواعد وإجراءات معينة تخضع للرقابة.
2- الفئوية : يقصد بها أنها تنصب على شريحة او فئة وهم الموظفون، أي أن العقوبة الانضباطية من الناحية القانونية هي الحكم أو القرار الذي ينصب تأثيره في المركز القانوني للموظف سواء كان اثره يقتصر علي حقوقه الوظيفية ومزاياها بعضها أو كلها ،بصفة مؤقتة أو نهائية، وتمتاز
العقوبة التأديبية من حيث طبيعتها في مسها الجانب المعنوي والمادي من شخصية الموظف.
أهداف العقوبة الإنضباطية :
يستهدف من وراء فرض العقوبة الانضباطية على الموظف المخالف الوصول الى جملة أهداف نبينها طبقا للآتي:
1- ضمان حسن سير العمل في المرافق العامة :
حيث يرى فقهاء القنون الاداري أن النظام الانضباطي لا يستهدف العقاب ذاته بل يهدف الى ضمان حسن سير المرفق العام بإنتظام وإطراد، فأساس العقاب هو وجوب سير المرافق العامة ويمثل التأديب الضمانة الفعالة لتوجيه الموظف للقيام بواجباته من أجل سير المرفق العام.
2- إصلاح المرفق العام :
يرى بعض الفقهاء أن الانضباط يستهدف في الحقيقة كشف العيوب في هيكل البناء الاداري تمهيدا لإصلاحه بما يضمن عدم ارتكاب المخالفات مستقبلا.
3- الردع :
يتناول الردع عنصرين في مجال الانضباط هما:
العنصر الاول: يتعلق بمرتكب المخالفة الانضباطية حيث يهدف العقاب الي ردعه والحيلولة دون عودته الى المخالفة مرة ثانية.
العنصر الثانى: يتعلق بالموظفين كافة حيث يهدف العقاب الى ردع أو منع الاخرين من سلوك طريق الموظف المذنب، وليس المقصود بالردع هنا الشدة بل العقاب المناسب والعادل الذي من
شأنها أن يحقق الاهداف المذكورة .
العقوبات ذات الطبيعة التأديبية والمالية :
أولا : التنبيه : ويكون بإشعار الموظف تحريريا بالمخالفة التي ارتكبها وتوجيهه لتحسين سلوكه الوظيفي.
ثانيا : الإنذار: ويكون بإشعار الموظف تحريريا بالمخالفة التي ارتكبها وتحذيره من الإخلال بواجبات وظيفته مستقبلا .
رابعا : التوبيخ : ويكون بإشعار الموظف تحريريا بالمخالفة التي ارتكبها والأسباب التي جعلت سلوكه غير مرضي ويطلب إليه وجوب اجتناب المخالفة وتحسين سلوكه الوظيفي .
خامسا : إنقاص الراتب : ويكون بقطع مبلغ من راتب الموظف الشهري بنسب متفاوتة .
سادسا : تنزيل الدرجة : ويكون بأمر تحريري يشعر فيه الموظف بالفعل الذي ارتكبه .
سابعا : التوقيف عن العمل لمدة محدودة : تتراوح بين 1 يوم و 8 أيام.
ثامنا : العزل : ويكون بتنحية الموظف عن الوظيفة بصورة نهائيا.
العقوبات التأديبية وفق القانون الجزائري : أمر رقم 06-03 يتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية
المادة 163 : تصنف العقوبات التأديبية حسب جسامة الأخطاء المرتكبة إلى أربع (4) درجات :
1 - الدرجة الأول :
- التنبيه،
- الإنذار الكتابي،
- التوبيخ.
2 - الدرجة الثانية :
- التوقيف عن العمل من يوم (1) إلى ثلاثة (3) أيام،
- الشطب من قائمة التأهيل.
3 - الدرجة الثالثة :
- التوقيف عن العمل من أربعـة (4) إلى ثمانية (8) أيام،
- التنزيل من درجة إلى درجتين،
- النقل الإجباري.
4 - الدرجـة الرابعة :
- التنزيل إلى الرتبة السفلى مباشرة،
- التسريح.
المادة 164 : يمكن أن تنص القوانين الأساسية الخاصة، نظــرا لخصوصــيات بعــض الأسـلاك، علــى عقوبات أخــرى في إطار الدرجات الأربع المنصوص عليها في المادة 163 أعلاه.
المادة 165 : تتخذ السلطة التي لها صلاحيات التعيين بقرار مبرر العقوبات التأديبية من الدرجة الأولى والثانية بعد حصولها على توضيحات كتابية من المعني.
تتخذ السلطة التي لها صلاحيات التعيين العقوبات التأديبية من الدرجة الثالثة والرابعة بقرار مبرر، بعد أخد الرأي الملزم من اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء المختصة، المجتمعة كمجلس تأديبي،
والتي يجب أن تبتّ في القضيـة المطروحة عليهـا في أجل لا يتعدى خمسة وأربعين (45) يوما ابتداء من تاريـخ إخطارها.
المادة 166 : يجب أن يخطر المجلس التأديبي، بتقرير مبرر من السلطة التي لها صلاحيات التعيين، في أجل لا يتعدى خمسة وأربعيـن (45) يوما ابتداء من تاريخ معاينة الخطأ.
يسقط الخطأ المنسوب إلى الموظف بانقضاء هذا الأجل.
المادة 167 : يحق للموظف الذي تعرض لإجراء تأديبي أن يبلغ بالأخطاء المنسوبة إليه وأن يطلع على كامل ملفه التأديبي في أجل خمسة عشر (15) يوما ابتداء من تحريك الدعوى التأديـبية.
المادة 168 : يجب على الموظف الذي يحال على اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء المجتمعة كمجلس تأديبي المثول شخصيا، إلاّ إذا حالت قوة قاهرة دون ذلك.
ويبلّغ بتاريخ مثوله قبل خمسة عشر (15) يوما على الأقل، بالبريد الموصى عليه مع وصل استلام.
يمكن الموظف، في حالة تقديمه لمبرر مقبول لغيابه أن يلتمس من اللجنة المتساوية الأعضاء المختصة المجتمعة كمجلس تأديبي، تمثيله من قبل مدافعه.
في حالة عدم حضور الموظف الذي استدعي بطريقة قانونية، أو حالة رفض التبرير المقدم من قبله تستمر المتابعة التأديبية.
المادة 169 : يمكن الموظف تقديم ملاحظات كتابية أو شفوية أو أن يستحضر شهودا.
ويحق له أن يستعين بمدافع مخول أو موظف يختاره بنفسه.
المادة 170 : تتداول اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء المجتمعة كمجلس تأديبي، في جلسات مغلقة.
يجب أن تكون قرارات المجلس التأديبي مبررة.
المادة 171 : يمكن اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء المختصة المجتمعة كمجلس تأديبي طلب فتح تحقيق إداري من السلطة التي لها صلاحيات التعيين، قبل البت في القضية المطروحة.
المادة 172 : يبلّغ الموظف المعني بالقرار المتضمن العقوبة التأديبية، في أجل لا يتعدى ثمانية (8) أيام ابتداءً من تاريخ اتخاذ هذا القرار. ويحفظ في ملفه الإداري.
المادة 173 : في حالة ارتكاب الموظف خطأ جسيما، يمكن أن يؤدي إلى عقوبة من الدرجة الرابعة، تقوم السلطة التي لها صلاحيات التعيين بتوقيفه عن مهامه فورا.
يتقاضى المعني خلال فترة التوقيف المنصوص عليها في الفقرة أعلاه، نصف راتبه الرئيسي وكذا مجمل المنح ذات الطابع العائلي.
إذا اتخذت في حق الموظف الموقوف عقوبة أقل من عقوبات الدرجة الرابعة، أو إذا تمت تبرئته من الأعمال المنسوبة إليه أو إذا لم تبت اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء في الآجال المحددة، يسترجع الموظف كامل حقوقه والجزء الذي خصم من راتبه.
المادة 174 : يوقف فورا الموظف الذي كان محل متابعات جزائية لا تسمح ببقائه في منصبه.
ويمكن أن يستفيد خلال مدة لا تتجاوز ستة (6) أشهر، ابتداء من تاريخ التوقيف من الإبقاء على جزء من الراتب لا يتعدى النصف.
ويستمر الموظف في تقاضي مجمل المنح العائلية.
وفي كل الأحوال، لا تسوّى وضعيته الإدارية إلا بعد أن يصبح الحكم المترتب على المتابعات الجزائية نهائيا.
المادة 175 : يمكن الموظف الذي كان محل عقوبة تأديبية من الدرجة الثالثة أو الرابعة، أن يقدم تظلما أمام لجنة الطعن المختصة في أجل أقصاه شهر واحد ابتداء من تاريخ تبليغ القرار.
المادة 176 : يمكن الموظف الذي كان محل عقوبة من الدرجة الأولى أو الثانية أن يطلب إعادة الاعتبار من السلطة التي لها صلاحيات التعيين، بعد سنة من تاريخ اتخاذ قرار العقوبة.
وإذا لم يتعرض الموظف لعقوبة جديدة، تكون إعادة الاعتبار بقوة القانون، بعد مرور سنتين من تاريخ اتخاذ قرار العقوبة.