شرح مهام و صلاحيات المحضر القضائي
يتولى المحضر القضائي تنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات القضائية الصادرة في جميع المجالات ما عدا المجال الجزائي وكذا المحررات أو السندات في شكلها التنفيذي.
- القيام بتحصيل الديون المستحقة وديا، أو قضائيا أو قبول عرضها أو إيداعها.
- القيام بمعاينات أو استجوابات أو إنذارات، بناء على أمر قضائي دون إبداء رأيه.
- وزيادة على ذلك يمكن انتدابه قضائيا أو بالتماس من الخصوم للقيام بمعاينات مادية بحتة، أو إنذارات دون استجواب، أو تلقي تصريحات بناء على طلب الأطراف.
نصت المادة 04 من القانون 06-03 على أن المحضر القضائي يعد ضابطا عموميا مفوضا من قبل السلطة العمومية، يتولى تسيير مكتب عمومي تحت مسؤوليته.
يستنتج من التعريف الذي وضعه المشرع للمحضر القضائي مجموعة من الخصائص تتمثل في : 1- صفة الضبطية العمومية : فالمحضر ضابط عمومي له سلطة الضبط وتنظيم خدمة ما. 2- التفويض من قبل السلطة العمومية : الدولة تتنازل عن جزء من صلاحياتها في إطار تفويض الاختصاص والتوقيع، ما يعني أن المحررات الصادرة عن المحضر تكون ممهورة بالختم الرسمي. وهو ما تؤكده المادة 32 من القانون رقم 06-03 حيث تنص " يسلم وزير العدل حافظ الأختام لكل محضر قضائي خاتما للدولة خاصا به طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما ". 3- تسيير مكتب عمومي : حيث تنشأ مكاتب المحضرين القضائيين وتلغى حسب نص المادة 3 من القانون 06-03 بموجب قرار من وزير العدل حافظ الأختام وفقا لمعايير موضوعية حددها القانون راجع المادة 2 من القانون 06-03 فمكاتب المحضرين القضائيين وفقا للمادة 4 من القانون 06-03 تخضع لشروط ومقاييس خاصة حددتها المواد 6 و7 و8 و9 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77.
إن صفة عمومية المكتب يقصد بها تقديم خدمة عمومية يستطيع الاستفادة منها كل طالب لها، ما يعني أن المحضر ملزم بتقديم الخدمة إلا إذا وجد مانع. وفي حالة رفض المحضر تقديم الخدمة يجوز للمعني رفع الأمر إلى رئيس المحكمة المختصة الذي يبث فيه بأمر - كما رأينا في المادة 18 السابقة من القانون 06-03. ويترتب على هذه الصفة تمتع المكتب بالحصانة أي الحماية القانونية، إذ لا يجوز تفتيشه أو حجز الوثائق المودعة فيه إلا بناء على أمر قضائي مكتوب، وبحضور رئيس الغرفة الوطنية أو المحضر الذي يمثله أو بعد إخطاره قانونا، وذلك تحت طائلة بطلان هذا الإجراء كما جاء في المادة 7 من القانون 06-03. لكن يلاحظ أن المشرع لم يحدد أجل الإخطار أو كيفية إعداده.
بالنظر إلى أهمية وخطورة الخدمة العمومية التي تنازلت الدولة عنها لصالح المحضر القضائي، قام المشرع بتحديدها عن طريق النص على مجموعة من الصلاحيات التي أوكله بتأديتها ولقد منح المشرع للمحضر مجموعة من الحقوق حتى يتمكن من ممارسة مهامه على أكمل وجه، وفي المقابل فرض عليه مجموعة من الواجبات التي تستلزمها خصوصية هذه المهنة .
وفي حالة إخلال المحضر بمهامه أو واجباته القانونية تقوم مسؤوليته القانونية بحسب الخطأ الذي ارتكبه.
- مهام وصلاحيات المحضر القضائي - التبليغ الرسمي
- صلاحيات المحضر في التحصيل، المعاينة والخدمة لدى الجهات القضائية
مهام وصلاحيات المحضر القضائي
أناط المشرع بالمحضر القضائي مجموعة من المهام نص عليها صراحة في المادة 12 من القانون 06-03 يتولى المحضر القضائي:
- تبليغ العقود والسندات والإعلانات التي تنص عليها القوانين والتنظيمات ما لم يحدد القانون طريقة أخرى للتبليغ،
- تنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات القضائية الصادرة في جميع المجالات ماعدا المجال الجزائي وكذا المحررات أو السندات في شكلها التنفيذي،
- القيام بتحصيل الديون المستحقة وديا، أو قضائيا أو قبول عرضها أو إيداعها،
- القيام بمعاينات أو استجوابات أو إنذارات، بناء على أمر قضائي دون إبداء رأيه.
وزيادة على ذلك يمكن انتدابه قضائيا أو بالتماس من الخصوم للقيام بمعاينات مادية بحتة، أو إنذارات دون استجواب، أو تلقي تصريحات بناء على طلب الأطراف.
كما نص المشرع على بعض المهام في قانون الإجراءات المدنية والإدارية على غرار نص المادة 600 و611 منه.
وعليه يقوم المحضر القضائي بتحرير مجموعة من الأوراق القانونية بمناسبة ممارسة صلاحياته، منها ما يتعلق بالتبليغ (محاضر التبليغ) ومنها ما يتعلق بالتنفيذ(محاضر التنفيذ)، وأخرى تتعلق بالإثبات (محاضر إثبات حالة. (
واشترط المشرع من خلال نص المادة 14 فقرة 1 من القانون 06-03 أن تحرر هذه المحررات باللغة العربية وأن تتوافر على مجموعة من الشروط أهمها التوقيع والدمغ بخاتم الدولة وإلا كانت باطلة.
إن المحررات التي يعدها المحضر القضائي تعد عقود وسندات رسمية بالنظر إلى أن من يعدها هو ضابط عمومي مختص ومفوض، وهو ما تؤكده المادة 324 من القانون المدني التي تعتبر العقد الرسمي ذلك العقد الذي يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي و شخص مكلف بخدمة عامة ما تم لديه وذلك وفقا للشروط والأشكال المطلوبة وفق سلطته واختصاصه. وهكذا يتضح أن هذه المحررات تتصف بصفتين أساسيتين: الشكلية على أساس أنها تتم وفق أوضاع قانونية معينة بحيث تشمل بيانات حددها القانون، والرسمية طالما أن من يصدرها هو ضابط عمومي، ومن ثم لها حجية مطلقة حتى يثبت تزويرها.
بناءا على ما تقدم بيانه يتجلى أن المحضر القضائي يمارس عدة مهام أهمها التبليغ الرسمي والتنفيذ الجبري ، بالإضافة إلى صلاحيات أخرى حددها المشرع كالمعاينة .
التبليغ الرسمي :
استوجب القانون تبليغ الأوراق المتعلقة بالدعوى القضائية من طرف المكلف بذلك، لذا يعد التبليغ أهم صلاحيات المحضر القضائي التي نص عليها المشرع من خلال المادة 12 السابقة والتي تضفي على التبليغ الصفة الرسمية.
يعرف التبليغ الرسمي بأنه إعلان الورقة بطريقة رسمية، أي وفقا للإجراءات المحددة قانونا للمعلن له (إعلان قضائي( .
وعرفه المشرع من خلال المادة 406 من قانون الإجراءات المدنية والادارية بـ " يقصد بالتبليغ الرسمي، التبليغ الذي يتم بموجب محضر يعده المحضر القضائي.
يمكن أن يتعلق التبليغ الرسمي بعقد قضائي أو غير قضائي أو أمر أو حكم أو قرار...".
ويستنتج من هذا التعريف أن التبليغ لا يكسب الصفة الرسمية إلا إذا قام به الشخص أو العون القضائي المكلف بالتبليغ ألا وهو المحضر القضائي، وحرر هذا الأخير محضرا بذلك مهما كان نوعه (أمر أو حكم قضائي، أو عقد غير قضائي وطني أو أجنبي(
وقد أجاز المشرع من خلال نص المادة 16 من القانون 06-03 للمحضر توكيل أداء مهمة التبليغ الرسمي إلى مساعد رئيسي أو أكثر يقوم بتوظيفهم حسب الشروط التي يحددها التنظيم-راجع المادة 15 من القانون 06-03 وإذا تجاوز المساعدون حدود مهامهم، فإن ذلك الإجراء يتعرض لجزاء البطلان ويكون المحضر وكل الذين لهم هذه المهام مسؤولا مدنيا عن أي ضرر ينجم عن ذلك تطبيقا للمادة 15 التي أجازت له توظيف مساعدين لكن تحت مسؤوليته راجع المادة 16 فقرة 3 من القانون 06-03.
جدير بالذكر أن المشرع نص صراحة في المادة 16 من القانون 06-03 على أن المساعدين الرئيسيين يشترط قبل ممارستهم لمهامهم أداء اليمين المنصوص عليها في المادة 17 من القانون على غرار المحضرين القضائيين أنفسهم تأكيدا منه على أهمية هذه المهمة وضمانا لإحترام قواعد المهنة وأعرافها. كما نشير إلى أن المادة 16 السابقة تؤكد في فقرتها الثانية أن مهام المساعدين محصورة في تبليغ الأوراق القضائية وغير القضائية فقط، وبذلك تبقى مهمة إجراء المعاينات وتنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات القضائية من اختصاص المحضرين فقط لخصوصية هذه المهام.
التبليغ الرسمي وسيلة إجرائية لترجمة مبدأ المواجهة في الخصومة باعتباره أهم مبادئ حق الدفاع. ونتيجة لذلك تولى المشرع ضبط أحكامه لضمان أداء وظيفته وتحقيق غايته بين الخصوم، إذ أستوجب أن يتضمن التبليغ الرسمي شروطا شكلية معينة ، وأن يتم في آجال موطن قانوني ، وذلك وفق إجراءات قانونية محددة. ولقد رتب المشرع جزاء البطلان في حالة مخالفة المحضر لتلك الشروط والإجراءات 1- الشروط الشكلية للتبليغ الرسمي :
لا يتم التبليغ الرسمي إلا بناء على طلب، واستلزم المشرع لصحة التبليغ توفر مجموعة من البيانات فيه لأهميتها، والتي تتمثل في: أولا- طلب التبليغ :
تنص المادة 406 فقرة 4 ق ا م ا يقوم المحضر بالتبليغ الرسمي بناء على طلب الشخص المعني أو ممثله القانوني أو الاتفاقي، ويحرر بشأنه محضرا في عدد من النسخ مساو لعدد الأشخاص الذين يتم تبليغهم رسميا". ويرجع أساس اشتراط المشرع لطلب التبليغ الذي لم يحدد شكله ما يعني انه يجيز تقديمه كتابيا أو شفهيا، إلى اعتبارين أساسين:
الأول يتمثل في عدم إرغام صاحب الشأن على المطالبة بحقه قضاء، والثاني يكمن في أن النشاط القضائي مطلوب وليس تلقائي.
من نص المادة 406 نستنتج ان الطالب يجب أن لا يكون المحضر نفسه أو أحد أقاربه. وأساس هذا الأمر هو أنه يعد حالة من حالات المنع التي نصت عليها المادة 21 من ق 06-03 السابقة بهدف تفادي التحيز والمحاباة وضمان حياد المحضر ونزاهته.
ويلزم القانون المحضر القضائي بتسلم أي طلب يقدم له لأنه ملزم بالقيام بمهامه طبقا لنص المادة 18 إلا إذا وجد مانع ما، باعتباره يمثل الدولة في تقديم خدمة عامة.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك أسباب أخرى قد تدفع المحضر للامتناع عن أداء مهامه ومنها التبليغ (تسلم الطلب)، كما في حالة احتواء الورقة المراد تبليغها على ما يخالف النظام العام أو الآداب أو يتضمن بيانات غامضة. والمعيار في رفض التبليغ ما يتعذر معه إعلان الورقة المراد تبليغها. ثانيا- البيانات الإلزامية في التبليغ الرسمي :
باستقراء نص المادة 407 من قانون الإجراءات المدنية نستخلص أن التبليغ الرسمي يجب أن يتوافر على ثلاث بيانات إلزامية، منها ما يخص المحضر ومنها ما يتعلق بطالب التبليغ، والأخرى تخص المبلغ له. أ- بيانات المحضر القضائي وتوقيعه وختمه :
باعتبار أن المحضر هو المكلف بأداء مهمة التبليغ استوجب المشرع توفر مجموعة من البيانات التي تثبت له هذه الصفة تميز أعماله في محضر التبليغ، وذلك من خلال نص المادة 407 السابقة:
بيان اسم ولقب المحضر، عنوانه المهني... وهي نفسها المبينة في المادة 18 و19 من قانون الإجراءات المدنية.
تبرز الأهمية من إدراج هذه الشروط الجوهرية في المحضر في إضفاء صفة الرسمية عليه وتحقيقا لمقتضى الاختصاص النوعي والمكاني للمحضر.
جرت العادة على ذكر المعلومات المتعلقة بالمحضر القضائي أولا في محضر التبليغ فقط للتناسق مع نص المادة 407.
أما بالنسبة للتوقيع وختم المحضر اللذان يعتبران مظهرا من مظاهر الرسمية ما يمنح القوة الثبوتية
للمحضر، فهما يردان في آخر المحضر تفاديا للإضافة أو أي تغيير وهي القاعدة العامة التي تسري على العقود الرسمية راجع المادة 324 مكرر قانون مدني . ب- بيانات طالب التبليغ :
حرص القانون على إلزامية تعيين الأطراف تعيينا نافيا للجهالة بهدف تحديد شخصية كل واحد وتميزه عن غيره.
وعلى اعتبار أن طالب التبليغ قد يكون شخص طبيعي أو معنوي، فإن المشرع أوجب توفر 3 بيانات أساسية تخص هذا الطرف وفقا للمادة 407 فقرة 3 وهي : الاسم، اللقب والموطن راجع 18 و19 من قانون الإجراءات المدنية.
وإذا كان التبليغ بطلب من الوكيل أو النائب يجب ذ كر اسم الوكيل ولقبه أولا ثم اسم الموكل ولقبه.
أما إذا كان طالب التبليغ شخص معنوي فيجب ذكر تسمية وطبيعة الشخص المعنوي ومركز نشاطه الرئيسي والبيانات الخاصة بمن يمثله والتي تثبت له الصفة الإجرائية لا صفة الدعوى التي تكون للشخص المعنوي نفسه.
القانون لم يتعرض لمسألة تعدد الأشخاص في طلب التبليغ، لكن تنطبق عليهم نفس الشروط وإن كانوا متضامنين (مثل مجموعة الورثة يجب ذكر بيانات كل وارث على حدا ولا يكفي ذكر ورثة فلان( .
نشير إلى أن الواقع العملي يثبت أن النقص الذي يشوب بيانات أطراف الخصومة قد يخلق عوائق في سيرها، ما يستدعي إضافة بيانات أخرى مهمة على غرار تلك المذكورة في المواد منها اسم الأب، وظيفة الطالب وتاريخ ميلاده ، بالنسبة لطالب التبليغ والمبلغ له. ج- بيانات تتعلق بالمبلغ له :
اشترط المشرع نفس البيانات اللازمة في طالب التبليغ على المراد تبليغه، وذلك حتى يتمكن المحضر من التعرف عليه بسهولة مما يحقق غاية التبليغ (حماية حقوق الأطراف بوصول العلم للمعنيين).
وإذا كان الشخص المراد تبليغه معنوي، فيتم توجيه التبليغ للشخص المفوض، لذلك اشترط المشرع بيان الهوية والصفة التي توضح وجه العلاقة بين مستلم التبليغ وبين المطلوب تبليغه. هذا البيان جوهري لأنه يزيل الشك أو الالتباس حول شخصية من سلم له التبليغ والتأكد من أنه مؤهل قانونا للتبليغ.
أما بالنسبة للمبلغ له للقاصر يجب ذكر اسم وصفة من يمثله قانونا (ولي أو قيم أو وصي( .
إذا تم التبليغ صحيحا بالرغم من وجود نقص أو خطأ في بيانات المبلغ له، فإجراء التبليغ لا يبطل لتحقق الغاية منه ( اعلام الطرف الاخر)، خاصة أن الطرف طالب التبليغ قد يجهل بعض البيانات عن خصمه.
محضر التبليغ يجب أن يكون خاليا من الكشط أو الشطب أو الحشر أو التصحيح، لكن اذا استوجب الأمر الكشط أو إضافة عبارة وجب على المحضر التوقيع بجوار الكشط أو الإضافة . ولا يكون ذلك إلا في حالة الضرورة وذلك لضمان الثقة في البيانات الواردة بالمحضر وحتى لا تتعرض للتلاعب والعبث.
إن الأخطاء المادية أجاز المشرع تصحيحها، والنقائص أجاز تداركها بإضافتها وذلك للحفاظ على سير الخصومة ومراعاة لمصلحة المتقاضي في ربح الوقت وتجنب النفقات، لذلك يجوز للمحضر تصحيح الأخطاء وتكملة النقصان فيما يخص البيانات الشكلية التي تعد أمور بسيطة لا تجعل من المحضر محل الشك.
يستطيع المبلغ له إثبات بكافة الطرق ما ينفي صحة البيانات التي اعتمد عليها طالب التبليغ الذي يقع عليه عبء البحث عن هويته وموطنه. لكن لا يمكن الطعن بالتزوير فيما يتعلق بما أثبته المحضر القضائي في المحضر من انتقاله إلى موطن الموجه له التبليغ لأنه غير مكلف بالتحقق من صحة الموطن فهو فقط ينتقل لإجراء الإعلان في المكان الذي حدده طالب التبليغ.
اشترط المشرع من خلال المواد 19 فقرة 4 و407 فقرة 6 و19 فقرة 7 من قانون الإجراءات المدنية والادارية، بالإضافة إلى البيانات التي تتعلق بهوية المبلغ له وموطنه بيان آخر في المحضر وهو توقيع أو بصمة المبلغ له على أصل المحضر وصورته التي تسلم للمحكمة حتى تتمكن من الرقابة، وذلك لإثبات وصول التبليغ الى المعنى ذاته أو تحققه بواسطة الغير في موطنه، كما أن التوقيع دليل على استلام محضر التبليغ.
يتبع شرط التوقيع في القانون الإشارة إلى طبيعة الوثيقة المثبتة لهوية الموقع مع بيان رقمها وتاريخ صدورها، وتقبل أي وثيقة رسمية تؤدي الغرض (بطاقة تعريف، رخصة السياقة، بطاقة مهنية تحمل صورة) أي وثيقة تحمل معلومات وصادرة عن جهة رسمية يعتد بها وهذا لتيسير إجراء التبليغ.
جدير بالذكر أن المحضر عليه التأكد من توفر الأهلية القانونية لاستلام التبليغ من خلال سن مقدم الوثيقة طبقا للمادة 410 ق ا م ا. 2- الآجال القانونية للتبليغ وموطنه : أولا- الآجال :
أكد المشرع على ذكر تاريخ وساعة التبليغ كبيان جوهري لما له من آثار قانونية بالغة الأهمية كما ورد في من قانون الإجراءات المدنية والادارية، نص المواد 407 و19 و18 فقرة 1 وذلك تحت طائلة البطلان لأنها من النظام العام. واستوجب القانون أن يتضمن تاريخ التبليغ اليوم والشهر والسنة التي حصل فيها بالحروف كما نصت المادة 407 التي فضلت أن يقترن كتابة التاريخ بالحروف وكتابته بالأرقام حتى يكون واضحا ووافيا في حال الاختلاف تكون العبرة بالحروف.
أما ذكر ساعة التبليغ فيجب أيضا ذكرها سواء بالحروف أو الأرقام أو بهما معا، حيث المشرع لم يشترط كيف.
غير أن المشرع حدد حيزا زمنيا من اليوم يمكن إجراء التبليغ خلاله لدواعي حفظ الحياة الخاصة وعدم المساس بالأمن القانوني للأفراد وهو ما نصت عليه المادة 416 من قانون الإجراءات المدنية والادارية.
ولقد حدد المشرع زمن التبليغ في اليوم ب 12 ساعة عدا أيام العطل، وقد وسع المشرع من وقت التبليغ ال الى وقت متأخر نوعا ما وهي الساعة 8 مساءا، بسبب أن هذا الوقت هو الذي يرجح أن يتواجد فيه المراد تبليغه لضمان نجاح إجراء التبليغ. وفي حالة الضرورة يرخص للمحضر بإجراء التبليغ بأمر على عريضة من رئيس المحكمة التي يباشر فيها التبليغ خارج الأوقات المحددة (الليل، العطل( .
يجب أيضا احترام ساعات العمل الخاصة بالنسبة لبعض الأشخاص المعنوية كالبنوك، ومواعيد العمل في المؤسسات في الجنوب خاصة في الصيف التي حددت من قبل الدولة، وكذلك احترام بعض الأوقات الخاصة كشهر رمضان. ثانيا- الموطن القانوني للتبليغ الرسمي :
أخذ المشرع بفكرة الموطن كمكان لتسليم التبليغ وجعله ضمانة لوصول التبليغ لصاحبه. الموطن له عنصران : مادي وهو الإقامة الفعلية، ومعنوي وهو نية الاستقرار . للموطن عدة أنواع هي: الموطن العام: والذي يتمثل إما في الموطن العادي: حسب المادة 36 قانون مدني يكمن في مقر السكنى الرئيسي أي الإقامة الحقيقية أو محل الإقامة العادي إن لم يوجد له سكن رئيسي. وإما فيالموطن القانوني: وهو الذي يقوم القانون بتحديده مثل موطن القاصر، المفقود، الغائب والمحجور عليه، فموطنهم القانوني هو موطن من ينوب عنهم قانونا أي الولي، الوصي أو القيم راجع المادة 38 قانون مدني. الموطن الخاص: هو موطن الأعمال ويتجلى في المكان الذي يمارس فيه التجارة أو الحرفة، لكن بالنسبة للمعاملات المتعلقة بهذه الحرفة أو التجارة فقط. راجع المادة 37 قانون مدني الموطن المختار : وهو الموطن الذي يختاره الشخص لتنفيذ تصرف قانوني معين، مثل اختيار موطن المحامي في رفع الدعوى. لكن يشترط المشرع كتابة الموطن حتى يمكن إثباته راجع المادة 39 قانون مدني.
الشركات التي لها عدة فروع عادة في أماكن مختلفة تعد متخذة لمقام مختار لها في كل فرع منها فيما يتعلق بالعمليات التي يجريها هذا الفرع مع الغير وليس المركز الرئيسي لها.
إذا تم التبليغ في الموطن الحقيقي مع أنه تم اختيار موطن آخر للمراد تبليغه، فإنه لا يوجد ما يمنع ذلك باعتبار الموطن الحقيقي هو المكان الأصلي لاستقرار الشخص، هذا فضلا عن تحقيق الغاية من التبليغ (لا يوجد نص ينظم هذه الحالة في قانون الإجراءات المدنية و الادارية) إذن التبليغ صحيح.
ننوه الى أنه قد يتم التبليغ في أي مكان ولو كان الشخص المبلغ له موطنا قانونيا متى ما وجده المحضر القضائي، وذلك يعد من الضمانات الهامة لعملية التبليغ، إذ أجاز المشرع في المادة 406 فقرة 3 تسليم التبليغ للمعني
في أي مكان دون الاقتصار على الموطن، لكن على المحضر القضائي مراعاة الأعراف والأخلاق العامة كأماكن العبادة أو قاعات الحفلات وكل ما من شأنه المساس بالحياة الخاصة للأفراد.
كما يجب على المحضر احترام القوانين واللوائح التي تمنع دخول أماكن معينة إلا لأشخاص محددين أو ترخيص مسبق، علي غرار المذكرات الصادرة عن المديرية العامة لادارة السجون واعادة الادماج التي تحدد كيفية تبليغ الأوراق القضائية داخل المؤسسات العقابية، كتلك الصادرة بتاريخ 24 ديسمبر 2020 والتي أعفت المحضرين من الحصول على رخص الاتصال من النيابة قصد تبليغ المحبوسين المحكوم عليهم نهائيا والطاعنين والمكرهين بدنيا، تداركا للإشكالات مع اطراف الدعاوى ومحاميهم وتفاديا لكل اتهام بالتقاعس وعدم الجدية.
حيث سمحت هذه المذكرة للمحضر المكلف بالتبليغ او التسليم ( وحصرته في مجال التكاليف بالحضور وتبليغ الأوامر والاحكام والقرارات القضائية في المواد المدنية والجزائية فقط) التوجه مباشرة الى مدير المؤسسة العقابية حيث يتواجد الشخص المراد تبليغه، ويقدم له طلب مكتوب يبين فيه الهونة الكاملة للنزيل المعني بالأجراء وكذا طبيعة السند او الوثيقة موضوع التبليغ. وللمدير السلطة في تقدير قانونية وجدية الطلب ومدى ملاءمة الاستجابة له او رفضه وفقا للقانون.
أما عن المحبوسين مؤقتا أي المتهمين، فألزمت المذكرة المحضر بخصوص التكاليف بالحضور والاحكام والقرارات القضائية الجزائية، بإرفاق الطلب الذي يقدمه الي مدير المؤسسة العقابية بمحضر التبليغ الذي حرره وكذا السند او الوثيقة محل التبليغ او التسليم، ويتولى كاتب الضبط القضائي بالمؤسسة مهمة التبليغ للمعني به مقابل المصلحة به، واذا رفض إمضائه في المحضر الذي اعده سابقا المحضر القضائي مع تدوين التاريخ ووضع ختم النزيل المعني تسلم التبليغ او الامضاء علي المحضر يثبت ذلك كاتب الضبط بالمؤسسة، على ان تسلم الوثائق المثبة لإنجاز الغرض المطلوب الي المحضر القضائي من قبل إدارة المؤسسة العقابية في اجل أقصاه 48 ساعة وبخصوص تبليغ التكاليف بالحضور والأوامر والاحكام القضائية المدنية للمحبوسين مؤقتا من تاريخ إيداع الطلب.
فأكدت المذكرة انه على المحضر الحصول مسبقا على رخصة اتصال من القاضي المختص، عملا بأحكام قانون الإجراءات المدنية والإدارية المنظمة للتبليغ والتسليم في المادة المدنية والإدارية. 3- طرق التبليغ الرسمي :
يتم التبليغ الرسمي إلى الشخص المعني بذاته، وإذا استحال ذلك يتم اللجوء إلى البدائل التي أقرها المشرع بالترتيب الذي يعد من النظام العام، مما لا يجوز تقديم البدائل عن الأصل.
ولقد أقر المشرع أن تعذر التبليغ الشخصي يتم التبليغ في موطنه لأحد الأشخاص المؤهلين قانونا لتسلم التبليغ، وإن تعذر الأمر تم التبليغ عن طريق التعليق. أولا- التبليغ الشخصي :
بعد استيفاء محضر التبليغ للبيانات المقررة قانونا، يتم تسليمه إلى الشخص المعني بالأمر أو وكيله حسب نص المادتين 408 و 409 من قانون الإجراءات المدنية والادارية.
غير أن هذا الطرف أو موكله يمكن أن يرفض تسلم محضر التبليغ الموجه له شخصيا إذ القانون لا يلزمه بتسلمه. أ- تبليغ الشخصي للمعني أو وكيله :
إن للتبليغ الشخصي أهمية كبرى تتمثل في آثاره القانونية على صدور الحكم وعلى آجال الطعن. ويستنتج من نص 406 ق إ م إ أن المشرع أوجب تبليغ المعني شخصيا حتى تتحقق الغاية من التبليغ، سواء كان هذا الشخص طبيعي أو معنوي. فتبليغ الشخص الطبيعي قد يكون له شخصيا أو لنائبه القانوني كالولي لأن هذه الفئة لا يمكنها أن تباشر التصرفات القانونية بنفسها، ويتم ذلك في موطن الممثل القانوني طبقا لأحكام المادة 38 من القانون المدني، حيث يجب على مستلم التبليغ التوقيع أي توفر فيه الأهلية.
أما عن تبليغ الشخص المعنوي شخصيا فيتم بتسليم محضر التبليغ إلى ممثله القانوني أو إلى شخص معين لهذا الغرض حيث يتم عادة تعيين إداريا ممثل لاستلام التبليغات ويخول له هذه الصلاحية بالمقر الرئيس للشخص المعنوي من قبل الممثل القانوني له المادة 408 ق ا م ا .
واقعيا المحضر القضائي لا يحقق في صلاحية الممثل القانوني للشخص المعنوي لاستلام التبليغ أي أهليته القانونية في تسلمه، وإنما يكتفي بالتصريح بأنه الممثل أو النائب لاستلام التبليغ الرسمي ويذكر اسمه وصفته أو علاقته بالشخص المعنوي، وذلك لتسهيل عملية التبليغ وتجنب الإشكالات التي تنجم عن الإفراط في الشكليات وتضيق نطاق بدائل التبليغ-راجع المادة 324 مكرر من القانون المدني .
نشير الى ان المادة 408 ق إ م إ تطرقت الى حالة الشخص المعنوي الذي يكون في حالة تصفية لأي سبب كان وتبقى شخصيته القانونية قائمة إلى غاية الإقفال، فالمصفى هنا هو الذي يتسلم المحضر سواء عينه الأطراف أم القانون كممثل لها في هذه الفترة. ب - رفض المطلوب تبليغه شخصيا استلام محضر التبليغ :
لا يوجد في القانون ما يلزم الشخص بتسلم التبليغ والتوقيع على المحضر، إذ يمكنه رفض التسلم لكن سيرتب هذا الامتناع عليه آثار قانونية حددتها المادة 411 من قانون الإجراءات المدنية والادارية، تتمثل في أمرين: اولا اعتبار التبليغ الشخصي قد تم كجزاء لتعسف الشخص في استعمال حقه من جهة، وحماية لحقوق الطرف طالب التبليغ من جهة ثانية، وعدم المماطلة في الخصومة من جهة ثالثة. ثانيا إرسال التبليغ عن طريق البريد كإجراء مكمل بعد إثبات واقعة رفض التسلم في المحضر من قبل المطلوب تبليغه، وذلك بإرسال نسخة من محضر التبليغ الرسمي برسالة مضمنة مع الإشعار بالاستلام سواء تم الاستلام فعلا أم لا لسبب معين، ويعد التبليغ عندها صحيحا.
ننوه إلى أن هناك نظام آخر نص عليه القانون هو الإشعار بالمرور يخطر فيه الأشخاص الغائبين عن موطنهم في أوقات الراحة والعطل خاصة للحضور إلى مكتب المحضر القضائي لاستلام التبليغات الموجهة لهم،
وهو طريق قد يكون إجراء مكملا مهما للتبليغ حتى يحقق غايته نظرا للمزايا التي يحققها خاصة أنه لا يؤثر على سير الخصومة وتعطيل الإجراءات. ثانيا - التبليغ في الموطن :
إذا تعذر التبليغ الشخصي يلجأ المحضر إلى التبليغ في الموطن لكن بتوافر الشروط التالية: تنص المادة 410 ق ا م ا على أن التبليغ صحيح اذا تم في الموطن الأصلي. - التبليغ يتم في موطن المطلوب تبليغه :
للمعني إلى أحد أفراد عائلته المقيمين معه أو في موطنه المختار، وهي قرينة على إتصال القريب به.
نشير إلى أن عبارة الموطن المختار في النص قد تفهم على وجهين، إما أن أفراد العائلة يمكن تبليغهم سواء في الموطن الأصلي أو المختار، أو أن التبليغ للأفراد في الموطن الأصلي أو التبليغ لأي شخص يمكن إثبات صلته بالمراد تبليغه طالما كان في المكان المختار (مثل الزملاء في العمل) وهذا يسمح بتحقيق الغاية من التبليغ، مما جعل البعض يطالبون بتوسيع قائمة المعنيين بالتسليم وعدم حصرها في أفراد العائلة. - أن يكون التبليغ لأحد أفراد العائلة:
يستنتج أن العامل أو الخادم او الحارس في البيت لا يمكن تبليغهم لأنهم يخرجون عن طائفة أفراد العائلة، وهذا فيه تضييق لإجراء التبليغ لأن الهدف هو وصول التبليغ إلى علم المعني به، كما أن هناك علاقة تجمع بين هؤلاء والمعني وإن لم تدرج تحت صفة القرابة.
وهو ما يؤخذ على النص الجديد، إذ كانت المادة 23 السابقة توسع من دائرة الأشخاص من الأقارب إلى تابعيه أو البوابين أو أي شخص يقيم بالمنزل نفسه.
كما ان مصطلح أفراد العائلة غير دقيق لان مقصود المشرع الأقارب (أي أفراد العائلة والمصاهرة)، حتى القرابة فيها قرابة مباشرة (صلة الأصول والفروع) وغير مباشرة (قرابة الحواشي( .
المحضر غير ملزم بالتحقق من صفة مستلم التبليغ، خاصة أن هؤلاء الأقارب قد يرفضون التسلم وعندها يأخذ المحضر نفس الإجراءات بالنسبة لرفض الشخص المعني نفسه أو وكيله. - عدم وجود الشخص نفسه في الموطن : لأنها علة تبليغ غيره. والمحضر غير ملزم بالتحقق من حقيقة وجوده من عدمه. - تمتع مستلم التبليغ بالأهلية : المادة 40 قانون مدني نصت على الأهلية سن الرشد وهو ما أكدته المادة 412 ق ا م ا . - عدم تعارض مصلحة مستلم التبليغ مع المطلوب تبليغه : الأصل المفترض أن يحرص مستلم التبليغ على مصلحة المعني بالتبليغ، لذلك وجود مصلحة متعارضة بينهما، يتنافى وهذه الفرضية ويمنع التبليغ (مثل الدعوى التي يرفعها أحد الشركاء لا يمكن أن يكون هو المدعي ومستلم التبليغ في آن واحد، فقد يثبت غش طلب التبليغ، مما يؤدي إلى إبطال التصرفات والإجراءات كقاعدة عامة على أساس الغش( ثالثا - التبليغ عن طريق التعليق :
إذا تعذر تبليغ الشخص نفسه أو أحد المؤهلين قانونا لاستلام التبليغ، يلجأ المحضر الى وسيلة التعليق كإجراء استثنائي نص عليه المشرع حماية لمصلحة طالب التبليغ (درء الأضرار التي قد تلحقه لأسباب لا يد له فيها( ويتم اللجوء إلى إجراء التعليق بالبلدية والمحكمة التابع لها آخر موطن كان به المراد تبليغه، في حالة: أ-الشخص المطلوب تبليغه لا يملك موطنا معروفا : وهذه الحالة تتوقف على ما يثبته المدعي في عريضة افتتاح الدعوى ابتدائيا، فإذا ثبت لديه أن المدعى عليه لا يملك موطنا معروفا ذكر آخر موطن له، وهو استثناء قرره المشرع لحماية مصلحة المدعي من تحايل المدعى عليه الذي يخفي موطنه بموجب نص المادة 412 فقرة 1 ق ا م ا الجديد. ب -امتناع من يصح تبليغه من أفراد العائلة أو الغير : دون اشتراط صلة القرابة في الموطن المختار، وهو ما نصت عليه المادة 412 فقرة 2 ق ا م ا .
نشير الى أن عملية التبليغ قانونا تكتمل بالتوقيع والاستلام معا، والملاحظ في نص المادة 412 أن المشرع نص فقط على حالة رفض الغير أو الأقارب استلام التبليغ دون الإشارة إلى التوقيع وهو ما يخالف ما جاء في نص المادة 411 التي وضحت الأمر.
ويسعى المحضر للتبليغ في الموطن الأخير، وإذا باءت محاولاته بالفشل فإنه: أولا يعد محضرا يتضمن ما فام به من إجراءات قانونية وعملية، ثم يتم تعليق نسخة منه على لوحة الإعلانات بالمحكمة والبلدية التي كان فيها آخر موطن للمطلوب تبليغه. ثانيا يقوم علاوة على التعليق بإرسال التبليغ برسالة مضمنة مع الإشعار بالاستلام إلى آخر موطن له.
قد يفهم من نص المشرع على هذا الإجراء في الفقرة الثانية من المادة 412 التي تخص حالة رفض الأقارب تسلم محضر التبليغ، بأنه خاص بهذه الحالة فقط لكن الواقع يفرض أن يشمل الإرسال بالبريد الحالتين معا، لأنه لا يوجد فرق لاحتمال وصول التبليغ عن طريق البريد المضمن إلى آخر موطن (نفس الغاية( .
اما عن أجل الإرسال فلم ينص المشرع عليه وتركه مفتوحا، لكن هذا أمر مهم لأن آثاره تنعكس على أطراف التبليغ، وبالرغم من أن التعليق إجراء مكمل إلا أنه يمكن أن يحقق الغاية من التبليغ، لذلك على المشرع تدارك هذا النقصان على غرار التشريعات المقارنة كالتشريع المصري والفرنسي اللذان حددا أجلا معقولا لا يتراخى عن وقت استكمال الإجراءات فلا تتحقق منه فائدة، لذلك حدداه بأربع وعشرون ساعة الموالية على الأكثر من التعليق في لوحة الإعلانات بالمحكمة والبلدية.
اعتبر المشرع التبليغ عن طريق التعليق تبليغا حكميا افترض المشرع صحته واعتبره من خلال المادة 412 بمثابة تبليغ شخصي، لذلك يكون الحكم الصادر حضوريا اعتباريا إذا لم يحضر المدعى عليه أو وكيله وفقا لنص المادة 293 قانون الإجراءات المدنية. ويعد التبليغ بطريق التعليق والنشر تبليغا صحيحا ينتج أثره القانوني، ويبقى للخصم بعد ذلك وبحسن نية إثبات أن عدم استلامه التبليغ يرجع لأسباب لا يد له فيها.
جدير بالذكر أن المشرع استلزم النشر كإجراء لاحق لإجراء التعليق، في حالة تجاوز قيمة الالتزام 500.000 دج ، المادة 412 فقرة 4 حيث ألزمت بالنشر في جريدة يومية وطنية بعد استئذان رئيس المحكمة التي يقع فيها مكان التبليغ وعلى نفقة طالبه. لذلك إذا كان الأمر يتعلق بالقضايا البسيطة (قيمة الالتزام صغيرة) لا تتطلب النشر (يكفي فيها التعليق( . 4- بطلان التبليغ الرسمي :
القانون يفرض شكليات معينة بهدف تحقيق الحماية القانونية للأطراف، وقد يترتب على مخالفة الشكليات بطلان الإجراءات ومن ثم زوال آثارها القانونية.
الاتجاه الحديث في قوانين الإجراءات المدنية يذهب إلى التقليل من جزاء البطلان الذي يعدم العمل الإجرائي، أي ينادي بمرونة في جزاء الشكلية. وهذا المذهب الحديث يتجه إلى التوفيق بين عدم الغلو في الشكليات وعدم التقليل من شأن الغاية من تلك الإجراءات وذلك باحترام ما اشترطه القانون منها.
البطلان، نوعان بطلان لعيب موضوعي، ينشأ عن تخلف عنصر من العناصر الموضوعية لصحة العمل الإجرائي كانتفاء الأهلية والصفة... وهو ما لا يتعلق بمجال دراستنا للتبليغ. وبطلان شكلي، وهو البطلان الذي ينطبق على التبليغ الرسمي حيث أخضعه المشرع الجزائري إلى قاعدتين أساسيتين هما: أولا - لا بطلان دون نص : والتي تعني أن ترتيب البطلان على عيب شكلي معين يتوقف على وجود نص صريح، وهو ما جاء في المادة 60 ق ا م ا " لا يقرر بطلان الاعمال الإجرائية شكلا إلا إذا نص القانون صراحة على ذلك" وهو نص عام وهناك نصوص أخرى خاصة تطبيقا لذلك مثل المواد : 107 فقرة 8 و 410 ق ا م ا. ثانيا- لا بطلان دون ضرر : تنص المادة 60 من ق اج م! "... وعلى من يتمسك به أن يثبت الضرر الذي لحقه "، فالضرر يتحقق إذا نال من حق او مصلحة الخصم الذي عليه أن يثبت وقوعه فعلا ووجود العلاقة السببية بين الإجراء المعيب وهذا الضرر.
الضرر هنا يحدد وفقا للرأي الراجح بالاعتماد على معيار الغاية من الشكل القانوني كما ذهب المشرع المصري، التكليف بالحضور تاريخ الجلسة أو وقع خطأ إذ لا ضرر إذا تحققت هذه الغاية. وبناء عليه إذا لم يتضمن محضر في تاريخها وحضر الخصم بعد التبليغ المعيب في موعد الجلسة المحدد، تكون الغاية من بيان تحديد تاريخ الجلسة قد تحققت بالتالي لا يمكنه التمسك بالبطلان.
وطالما أن الغاية من الإجراءات هي وضعها في خدمة الحق، فان المشرع يتجه أيضا إلى الإقلال من دواعي البطلان وتغليب موجبات صحة الإجراءات واكتمالها على أسباب بطلانها خدمة للغاية التي من أجلها وضعت هذه الإجراءات. ويعتمد المشرع للحد من البطلان على وسائل عديدة لضمان سير الخصومة نحو غايتها بهدف الاقتصاد في الإجراءات والوقت والنفقات، وتنحصر هذه الوسائل في التصحيح الفعلي بإزالة العيب كتكملة العمل الإجرائي المعيب بتعديل أو إضافة بيان أو العنصر الناقص، أو التصحيح الحكمي كالتنازل عن التمسك ببطلان التبليغ الذي من صوره حضور من تقرر البطلان لمصلحته كما لو تم تبليغه في يوم عطلة، على أساس تحقق الغاية من الإجراء من جهة، وافتراض نفي الضرر المحتمل بالحضور.
صلاحيات المحضر في التحصيل، المعاينة والخدمة لدى الجهات القضائية
بالإضافة إلى التبليغ والتنفيذ يقوم المحضر القضائي بمهام أخرى، أهمها القيام بالتسديد الرضائي أو القضائي للديون، إجراء التسويات والبيوع العمومية للمنقولات، كما يقوم بالمعاينات المادية والإنذارات والاستجوابات، هذا بالإضافة الى إمكانية الاستعانة بخدماته لدى الجهات القضائية . 1- تحصيل الديون :
يعمل المحضر على تحصيل الديون المستحقة وديا أو قضائيا، وعلى استرجاع المدين للمبلغ المعروض بعد الإيداع في حالة رفض المعروض عليه (الدائن) استلامه، خاصة ما تعلق منها بالتعويض الاستحقاقي من أجل إخلاء المحل التجاري. وتم تنظيم عرض الوفاء والإيداع بموجب المادة 584 و 585 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، حيث أوكلت مهمة تحرير وتبليغ عرض الوفاء إلى المحضر، على أن يتضمن محضر العرض بيانات من بينها تنبيه الدائن بأنه في حالة رفض العرض سيتم الإيداع بمكتب المحضر القضائي ومن ثم لدى الخزينة
العمومية بحساب الودائع المهني للمحضر القضائي أو بأمانة ضبط المحكمة.
ويترتب على الإيداع سقوط حق الدائن في مطالبة المدين بالحق محل العرض والإيداع، بعد مضي أجل سنة من تاريخ إيداع العرض. أما فيما يتعلق باسترجاع المدين المبلغ المعروض بعد إيداعه فلقد أجاز له المشرع استرجاع المبلغ بعد انقضاء أجل السنة ولكن بناء على أمر على عريضة.
كما رخص المشرع للمحضر في نص المادة 628 ق ا م ا في إطار مهامه، الدخول إلى الإدارات والمؤسسات العمومية أو الخاصة للبحث عن حقوق مالية عينية للمنفذ عليه أو أموال أخرى قابلة للتنفيذ، وذلك دون حاجة إلى أمر قضائي يسمح له بالقيام بعملية البحث. ويتعين على الإدارات والمؤسسات المعنية التعامل بجدية لتمكين المحضر من أداء مهامه بإعطائه بسرعة المعلومات المطلوبة دون الاعتداد في هذه الحالة بالالتزام بالسر المهني.
ويقوم المحضر القضائي بجرد هذه الأموال في محضر جرد ثم مباشرة التنفيذ عليها. وهذا إجراء يسهل الوصول الى أموال المدين خاصة سيء النية الذي يتعمد التستر على ممتلكاته ويتظاهر بالعسر من خلال استعماله ضروريات العيش فقط في حياته اليومية، والذي يؤدي إلى انتهاء عملية التنفيذ ضده بمحضر عدم وجود وهي النتيجة غير المرجوة من الدائن. 2- القيام بالمعاينات والاستجوابات :
نصت المادة 12 من قانون 06-03 على أن المحضر من صلاحياته القيام بالمعاينات التي تتم من خلال الانتقال إلى محل الشيء المراد معاينته وملاحظته ومعرفة حالته. وتجري المعاينة بعد أن يتقدم المعني بالأمر إلى رئيس المحكمة الذي يؤشر عليه ويصدر أمره على ذيل العريضة، فيقدم بمقتضاه المكلف بالتنفيذ بالانتقال إلى مكان الأشياء أو الواقعة المراد معاينتها مهما كان نوعها، بقصد الاطلاع عليها واثبات حالتها.
كما يمكن انتداب المحضر قضائيا أو بالتماس من الخصوم للقيام بمعاينات مادية بحتة أو إنذارات حالية، في أي رأي بشأن العواقب المحتملة والمستمدة من الواقع أو من القانون. هذا ويجوز للمحضر القيام بالمعاينات المادية البحتة وإنذارات دون استجواب، وتلقي تصريحات بناء على طلب الخصوم والأطراف. 3- تسخير المحضر القضائي للقيام بخدمة لدى الجهات القضائية :
إن عملية تسخير المحضرين القضائيين أمام الجهات القضائية ظهر العمل بها من خلال الإضراب الذي ساد في قطاع العدالة عام 2012 ، الذي قام به موظفي كتابة الضبط لمختلف الجهات القضائية فتم الاستعانة الجلسات المدنية والجزائية، وقيامهم بتسجيل القضايا وعرضها بالمحضرين القضائيين للاستخلافهم في حضور وضمان الحفاظ على النظام العام تحت سلطة رئيس الجلسة باعتبارهم أحد محضري الجلسات.
وتجدر الإشارة الى أن المادة 13 من القانون 03-06 لم تحدد المهام التي يمارسها المحضر القضائي أثناء تسخيره للقيام بالخدمة لدي الجهات القضائية.