المبحث الثاني : المصالحة في قانون الصرف
لقد مرت المصالحة في جرائم الصرف بثلاثة مراحل نوردها فيما يلي :
o مرحلة الإجازة : وإمتدت من سنة 1963 إلى غاية 1969 وكانت هذه المرحلة على فترتين :
§ الأولى : خلال هذه الفترة كانت جرائم الصرف تخضع للأمر رقم 45/1088 المؤرخ في : 30/05/1945 وهو تشريع فرنسي , حيث كان يجيز المصالحة في جرائم الصرف .
§ الثانية : حيث أجازت المادة 53 من قانون المالية لسنة 1970 للوزير المكلف بالمالية والتخطيط أو أحد ممثليه المؤهلي إجراء مصالحة مع مرتكبي جرائم الصرف ضمن الشروط التي حددها الوزير.
o مرحلة التحريم : وإمتدت من 1975 إلى سنة 1986 حيث تم تكريس هذا التحريم بإلغاء قانون المالية لسنة 1970 وصدور الأمر رقم 75/46 المؤرخ في 17/06/1975 المعدل والمتمم للأمر رقم 66 /165 المؤرخ في :08/06/1966 المتضمن قانون اللإجراءات الجزائية وبموجبه تم تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 06 من قانون الإجراءات الجزائية التي كانت تجيز المصالحة في المواد الجزائية بالنص صراحة على تحريم المصالحة في المسائل الجزائية .
o مرحلة إعادة الإجازة : و امتدت من 1987 إلى غاية سنة 1996 , وكانت هذه المرحلة على ثلاثة فترات :
§ الاولى : حيث أجازت المادة 103 من قانون المالية لسنة 1987 لوزير المالية إجراء مصالحة مع مرتكبي جرائم الصرف عندما تتعلق بالنقود بالعملة الأجنبية القابلة للتحويل , فخلال هذه الفترة عرفت المصالحة إجازة مشروطة .
§ الثانية : عرفة هذه الفترة إتساعا في مجال تطبيق المصالحة في جرائم الصرف وذلك من خلال تعديل المادة 265 من قانون الجمارك بموجب قانون المالية لسنة 1992 التي أصبحت تجيز المصالحة في المواد الجمركية , وكذلك تعديل المادة 340 من نفس القانون بموجب القانون 90/16 المؤرخ في 08/07/1990, وذلك بإزالة أي لبس عن إستقلال مخالفة التنظيم النقدي المنصوص عليه في قانون العقوبات عن المخالفة الجمركية من حيث العقوبات .
§ الثالثة : حيث أصبحت المصالحة جائزة في كل جرائم الصرف في مختلف صورها , وذلك بصدور الأمر رقم 96/22 المؤرخ في 09/07/1996 المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال .
بعد التطرق إلى المراحل التي مرت بها المصالحة في مجال الصرف سوف نبين شروطها والأشخاص المرخص لهم بالتصالحة مع الإدارة ثم آثارها في المطالب التالية .
المطلب الأول : شروط المصالحة في مجال الصرف
تخضع المصالحة في مجال الصرف إلى شروط موضوعية وإجرائية , وكذا إلى شروط أخرى تتعلق بأطراف المصالحة نوردها فيما يلى :
الفرع الأول : الشروط الموضوعية والإجرائية .
أ – الشروط الموضوعية : حسب نص المادة التاسعة من الأمر رقم 96/22 المؤرخ في 09/07/1996 المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال فإن المصالحة جائزة في مختلف صور جرائم الصرف .
غير أنه استثناء على ذلك فقد نصت المادة العاشرة من نفس الأمر على عدم جواز إجراء المصالحة مع المتهم الذي يكون في حالة عود , ففي هذه الحالة تحال مباشرة محاضر معاينة الجريمة إلى نيابة الجمهورية من أجل المتابعة القضائية .
ولكن ما يقصد بحالة العود ؟
يأخذ مفهوم العود مدلولين إثنين هما , سبق الإدانة من أجل جنحة من جنح الصرف , أو سبق التصالح من أجل إرتكاب جنحة من جنح الصرف , ويستشف ذلك من أحكام المادة الثالثة من المرسوم التنفيذي 97/285 المؤرخ في : 14/07/1997 المتضمن تحديد شروط إجراء المصالحة في مجال مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج[54] .
ولكن إثر تعديل نص المادة العاشرة المذكورة أصبحت المصالحة جائزة حتى مع متهم في حالة عود .
ب – الشروط الإجرائية : تتمثل هذه الشروط فيما يلي :
01 – طلب مرتكب المخالفة : يمكن لمرتكب جريمة الصرف أن يطلب إجراء مصالحة وذلك حسب نص المادة 02 من المرسوم رقم 03/111 المؤرخ في 05/03/2003 المحدد لشروط إجراء المصالحة في مجال جرائم الصرف وتنظيم اللجنة الوطنية واللجنة المحلية للمصالحة وسيرها , فما هي هذه الشروط ؟
1. Å شكل الطلب : الأصل أن يكون الطلب كتابيا , وإن كان المرسوم السالف الذكر لم يفر الكتاية صراحة ولا يشترط في الطلب صيغة أو عبارة معينة , كما يجب أن يقدم الطلب من مرتكب المخالفة شخصيا إذا كان شخصا طبيعيا ومن المسؤول المدني إذا كان مرتكب المخالفة قاصرا , ومن ممثله الشرعي إذا كان الفاعل شخصا معنويا .
2.
3. Å ميعاد تقديم الطلب : يستنتج من المادة التاسعة مكرر من الأمر 96/22 المعدل والمتمم بالأمر 03/111 أن طلب إجراء المصالحة يقدم في أجل أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ معاينة المخالفة , لكن ما مصير الطلب المقدم بعد إنقضاء مهلة الثلاثة أشهر من تاريخ معاينة المخالفة ؟ , يتبين من الفقرة الأخيرة من المادة 09مكرر السالفة الذكر أنه يجوز إجراء المصالحة حتى بعد مباشرة المتابعات و إلى غاية صدور حكم قضائي نهائي [55].
4. • ضرورة إيداع كفالة : حسب نص المادة 03 من المرسوم 03/111 فإنه يجب على مقدم الطلب أن يقوم بإيداع كفالة تمثل 30% من قيمة محل الجنحة لدي المحاسب العمومي المكلف بالتحصيل قبل النظر في طلب المصالحة .
2- موافقة الإدارة : إن تحديد الجهة المخول لها سلطة الموافقة على المصالحة يخضع إلى قيمة محل الجنحة وذلك كما يلي :
أ – إذا كانت قيمة محل الجنحة لا تتجاوز 500 ألف دينار جزائري , أو إذا أرتكبت المخالفة دون علاقة بعملية للتجارة الخارجية :
هنا يوجه طلب المصالحة إلى اللجنة المحلية للمصالحة التي تتكون من مسؤول الخزينة في الولاية رئيسا , ومسؤول الجمارك في الولاية عضوا , ومدير البنك المركزي بمقر الولاية عضوا هو الآخر .
يتم إستدعاء أعضاء اللجنة المحلية للمصالحة من رئيسها , ويتم إعلامهم بالملفات الواجب دراستها قبل عشرة أيام على الأقل من تاريخ الإجتماع , وتتخذ قرارات اللجنة المحلية للمصالحة بأغلبية أصوات أعضائها .
وترسل نسخة من مقرر المصالحة الممنوحة إلى وزير المالية ويبلغ مقرر منح المصالحة أو رفضها في خلال
15 يوم التي تلي إمضاءه بموجب محضر تبليغ أو رسالة موصى عليها لا مع وصل استلام أو أية وسيلة قانونية أخرى .
وحسب المادة 09 من المرسوم التنفيذي 03/111 يتحدد مبلغ المصالحة بتطبيق نسبة متغيرة تتراوح ما بين 200% و 250% من قيمة محل الجنحة , والمشرع هنا لم يميز بين الشخص الطبيعي والمعنوي .
ويمنح لمرتكب المخالفة أجل 20 يوم إبتداءا من تاريخ إستلام مقرر المصالحة لدفع مبلغها وإلا تودع ضده شكوى لدى الجهة القضائية المختصة , وعندما يرفض طلب المصالحة ترد الكفالة إلى المخالف .
ب – إذا كانت قيمة محل الجنحة تتجاوز 500 ألف دينار جزائري :
هنا يوجه طلب المصالحة إلى اللجنة الوطنية للمصالحة والتي تتكون من : ممثل رئاسة الجمهورية رئيسا , وممثل عن رئاسة الحكومة , و وزير المالية وكذا محافظ بنك الجزائر أعضاءا , ونميز هنا بين حالتين :
5. 1 الحالة الأولى : إذا كانت قيمة محل الجنحة تتجاوز 500 ألف دينار وتقل عن 50 مليون دينار , فهنا اللجنة تتخذقراراتها بأغلبية الأصوات , وفي حالة التساوي يرجح صوت الرئيس طبقا للمادة 07 من المرسوم 03/111 , وحسب نص المادة الرابعة منه فإنه لتحديد مبلغ المصالحة لا بد من التميز بين ما إذا كان مرتكب المخالفة شخصا طبيعيا أو معنويا , فإذا كان طبيعيا فمبلغ المصالحة يتحدد بتطبيق نسبة متغيرة تتراوح مابين 200% و 400% من قيمة محل الجنحة , وإن كان المخالف شخصا معنويا فمبلغ المصالحة يتحدد بتطبيق نسبة تتراوح مابين 400% و700% من قيمة محل الجنحة دائما .
6. 1 الحالة الثانية : إذا كانت قيمة محل الجنحة تساوي 50 مليون دينار أو تفوقها , في هذه الحالة وحسب نص المادة 05 من المرسوم 03/111 تبدي اللجنة الوطنية للمصالحة رأيا مسببا وترسل الملف إلى الحكومة لإتخاذ القرار في مجلس الوزراء , ويجب أن لا يقل مبلغ المصالحة الذي تقترحه اللجنة الوطنية للمصالحة في رأيها عن ضعف قيمة محل الجنحة بالنسبة للشخص الطبيعي وعن أربعة أضعاف عن هذه القيمة بالنسبة للشخص المعنوي .
الفرع الثاني : الشروط المتعلقة بأطراف المصالحة
يتمثل أطراف المصالحة في الإدارة من جهة وطالب المصالحة من جهة أخرى , فمن هم الأشخاص المؤهلين قانونا بإجراء المصالحة , ومن هم الأشخاص المرخص لهم بالتصالح مع الإدارة ؟
الإدارة :
حددت أحكام الأمر 96-22 المعدل والمتمم , وكذا احكام المرسوم 03-111المؤهلين قانونا لاجراء المصالحة وذلك كما يلي :
1- اللجنة المحلية للمصالحة : وتتكون من مسؤول الخزينة في الولاية رئيسا , مسؤول الجمارك في الولاية ومدير البنك المركزي في مقر الولاية اعضاءا , وحتى تكون هذه الجنة مؤهلة لاجراء المصالحة يجب ان تكون قيمة محل الجنحة لاتتجاوز 500 ألف دينار إذا ارتكبت المخالفة دون علاقة بعملية للتجارة الخارجية , وتتخذ هذه الجنة قراراتها بأغلبية الأصوات وترسل نسخة من مقرر المصالحة الى وزير المالية .
2- اللجنة الوطنية للمصالحة : وتتكون من ممثل رئاسة الجمهورية رئيسا , وممثل رئاسة الحكومة ,ووزير المالية ومحافظ بنك الجزائر أعضاءا , وحتى تكون هذه اللجنة مختصة بإجراء المصالحة يجب أن تكون قيمة محل الجنحة تتجاوز 500 ألف دينار وتقل عن 50مليون دينار ,وتتخذ هذه اللجنة قراراتها بأغلبية أصوات أعضائها , وفي حالة التساوي يرجح صوت الرئيس .
3- الحكـــومة : إذا كانت قيمة محل الجنحة تساوي 50 مليون دينار أو تفوقها , تبدي اللجنة الوطنية للمصالحة رأيا مسببا فقط , وترسل الملف إلى الحكومة لاتخاذ القرار في مجلس الوزراء وهذا ما نصت عليه المادة 05 من المرسوم 03/111 .
الاشخاص المرخص لهم بالتصالح مع الإدارة :
حسب أحكام الأمر 96/22 فإنه يمكن لمرتكب المخالفة الذي قد يكون شخص طبيعي او معنوي طلب التصالح مع الإدارة .
1. الشخص الطبيعي : يجب أن يكون متمتع بالأهلية المطلوبة لمباشرة حقوقه المدنية وأن يكون بالغ سن الرشد الجزائي , وحسب المادة 02 /02 من المرسوم 03/111 إذا كان مرتكب المخالفة قاصر وبلغ سن الثالثة عشر من عمره , فإنه يمكنه التصالح عن طريق مسؤوله المدني , وإذا لم يبلغ هذه السن بعد فلا يسأل جزائيا وبالتالي لا مجال للحديث عن المصالحة فيما يخصه
2. الشخص المعنوي : حسب نص المادة الأخيرة فإنه إذا كان مرتكب المخالفة شخصا معنويا يجوز له التصالح مع الإدارة بواسطة ممثله الشرعي والقانوني .
المطلب الثاني : آثار المصالحة في جرائم الصرف
يترتب عن على المصالحة آثار تخص المتهم والغير نتناولها في الفرعين التاليين :
الفرع الأول : آثار المصالحة بالنسبة للمتهم
تتمثل آثار المصالحة بالنسبة للمتهم فيما يلي :
إنقضاء الدعوى العمومية :
يترتب على المصالحة إنقضاء الدعوى العمومية حسب المادة 09 مكرر من الأمر 96-22 المعدل و المتمم بالأمر 01-03 , وذلك سواء تمت المصالحة قبل المتابعة القضائية أو بعدها أو حتى بعد صدور حكم قضائي ما لم يحز على قوة الشيئ المقضي , فإذا حصلت المصالحة قبل المتابعة فيحفظ الملف على مستوى الإدارة المعنية ,أما إذاحصلت المصالحة بعد المتابعة القضائية فيمكن تصور مايلي :
1 - إذا كانت القضية على مستوى النيابة ولم يتخذ بشأنها أي إجراء يحفظ الملف على مستوى النيابة .- إذا كانت القضية أمام قاضي التحقيق أو غرفة الإتهام تصدر الجهة المختصة أمرا أو قرارا بأن لا وجه للمتابعة بسبب حصول المصالحة .
2 - إذا كانت القضية أمام جهات الحكم فإنه يحكم بانقضاء الدعوى العمومية بفعل المصالحة , ولا يحكم بالبراءة [56].
3 - إذا كانت القضية أمام المحكمة العليا يتعين عليها التصريح برفض الطعن بسبب المصالحة بعد التأكدمن وقوعها [57] .
أثر التثبيت : ونقصد بذلك تثبيت الحقوق التي إعترف بها المخالف للإدارة أو التي اعترفت بها الإدارة للمخالف , ولكن غالبا ما يكون أثر تثبيت الحقوق محصورا على الإدارة .
ولم يحدد المشرع مقابل المصالحة وأحال بهذا الخصوص على التنظيم وترك للإدارة الحرية في تحديده , إذ اكتفى بوضع الحدين الأدنى والأقصى حسب ما سبق بيانه وفقا للمادتين 04 , 09 من المرسوم التنفيذي رقم 03-111.
ويبين في مقرر المصالحة تخلي مرتكب المخالفة على محل الجنحة وعلى وسائل النقل , فتنتقل ملكيتها إلى الخزينة العامة والأملاك العامة .
الفرع الثاني : آثار المصالحة بالنسبة للغير
يقصد بالغير هنا الفاعلون الآخرون والشركاء , فهل ينتفع الغير بالمصالحة ولا يضار منها ؟
أ – لا ينتفع الغير بالمصالحة :
تنحصر آثار المصالحة على من يتصالح مع الإدارة وحده ولا تمتد للفاعلين الآخرين الذين إرتكبوا معه نفس المخالفة , ولا إلى شركائه , و إذا تمت المصالحة مع أحد المخالفين فإنه تتم متابعة الاشخاص الآخرين الذين ساهموا معه في إرتكاب المخالفة , ولكن هل القضاء ملزم بالحكم على المتهمين غير المتصالحين بكامل الجزاءات المالية المقررة قانونا للمخالفة المرتكبة أم أنه عليه بخصم المبلغ الذي دفعه المتهم المتصالح ؟
تعاقب المادة 01 مكرر من الأمر 96/22 على جنح الصرف بمصادرة البضاعة محل الجنحة ووسيلة النقل المستعملة في الغش , و إذا لم تحجز الأشياء المراد مصادرتها أو لم يقدمها المتهم لسبب ما يتعين على الجهة القضائية المختصة أن تقضى على المدان بغرامة تقوم مقام المصادرة وتساوي قيمة هذه الأشياء , فإذا ضبط شخصان بمكتب جمركي عند الحدود وهما يحوزان على مبالغ مالية بالعملة الصعبة مخبأة داخل سيارة , ويقوم أحدهما وهو صاحب السيارة بإجراء مصالحة مع إدارة الجمارك فيتخلى على إثرها على سيارته وعلى كامل المبلغ المالي , فهل يحكم على الفاعل الثاني في حالة متابعته قضائيا بغرامة تساوي قيمة العملة الصعبة و وسيلة النقل تقوم مقام مصادرتهما , أم أنه يحكم عليه بالحبس والغرامة الجزائية دون الجزائين المذكورين ؟
يرى الأستاذ أحسن بوسقيعة أنه يجوز هنا الحكم على المتهم بالحبس والغرامة الجزائية فقط على أساس أنه لا يجوز مصادرة الشيئ مرتين , وهذا ما إستقرت عليه المحكمة العليا قبل صدور الأمر رقم 96-22 [58].
ب- لا يضار الغير من المصالحة :
إذا ما أبرم أحدالمتهمين مصالحة مع الإدارة فإن شركائه والمسؤولين مدنيا لا يلزمون بما يترتب على تلك المصالحة من آثار في ذمة المتهم الذي عقدها .
وإذا أخل أحد المتهمين بالتزاماته لا يجوز للإدارة الرجوع على أي منهما , ما لم يكن من يرجع إليه ضامنا له او متضامنا معه , أو أن المتهم كان قد باشر المصالحة و بصفته وكيلا عنه , كما أنه لا تلزم المصالحة المضرور ولا تسقط حقه في التعويض لإزالة الضرر الذي أصابه بسبب المخالفة .
و اعتراف المتهم الذي تصالحت معه الإدارة بارتكاب المخالفة لا يشكل دليلا لإثبات إذناب باقي شركائه .
المبحث الثالث : المصالحة في قانون المنافسة والأسعار .
نظم القانون رقم 04-02 المؤرخ في 23-06-2004 المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية المصالحة في الجرائم المنصوص عليها فيى هذا القانون.
وتجدر الاشارة الى أنه كانت المصالحة المتعلقة بالمنافسة نص عليها الامر 95-06 المؤرخ في 25-01-1995 المتعلق بالمنافسة ، وإثر صدور قانون المنافسة الجديد رقم 03-03 المؤرخ في 19-07-2003 لم يتناول في نصوصه المصالحة و ألغى الأمر 95-06 ، ولقد كان هذا الاخير يضم في أحكامه القواعد المتعلقة بالممارسة التجارية , إلا أنه صدر قانون مستقل رقم 04-02 والذي تناول المصالحة في الجرائم المتعلقة بمخالفة القواعد المطبقة على الممارسات التجارية و عالج أحكام المصالحة في الجرائم التي ترتكب مخالفة لقواعد هذا القانون , و حدد شروطها وآثارها ونتناولهما بالتفصيل في المطلبين التاليين.
المطلب الأول : شروط المصالحة
تتضمن شروطا موضوعية , وأخرى إجرائية نتطرق إليها في الفرعين المواليين :
الفرع الأول : الشروط الموضوعية
حصر القانون رقم 04-02 المؤرخ في 23-06-2004 المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية في المادة 60 منه مجال المصالحة في جرائم مخالفة القواعد المتعلقة بالممارسات التجارية , والمادة من القانون المذكور أعلاه تشترط لإجراء المصالحة في هذه الجرائم توفر شروط منها ما يتعلق بطبيعة الجريمة وأخرى تتعلق بمرتكب الجريمة.
أولا = الشروط المتعلقة بطبيعة الجريمة :
يستشف من تلاوة نص المادة 60 من القانون رقم 04-02 المؤرخ في 23-06-2004 المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ان المصالحة جائزة في جرائم ممارسة التجارة , وبالرجوع إلى نص القانون نجد أن المشرع قد صنف الجرائم المخالفة لقواعد الممارسات التجارية الى الفئات التالية :
01 – عدم الاعلام بشروط البيع , ونصت عليها المادة 32 من القانون السالف الذكر وعقوبتها هي من 10 ألاف دينار الى 100 الف دينار.
02 – عدم الفوترة : نصت عليها المادة 33 وعقوبتها هي 80 بالمئة من المبلغ الذي كان يجب فوترته .03 – عدم مطابقة الفوترة : المادة 34 وعقوبتها غرامة من 10 ألاف الى 50 ألف دج.
04 – ممارسات تجارية غير شرعية :ومنصوص عليها في المادة 35 وهي تتعلق بالمخالفات المنصوص عليها في المواد من 15 الى 20 والعقوبة المقررة لهذه المخالفات هي الغرامة من 100 ألف الى 3 ملايين دج.
05 – ممارسات أسعار غير شرعية : ومنصوص عليها في المادة 36 وهي تتعلق بالمخالفات المنصوص عليها في المادتين : 22 , 23 وعقوبتها الغرامة من 20 ألف الى 200 ألف دج.
06 – الممارسات التجارية التدليسية : ومنصوص عليها في المادة 37 وهي تتعلق بمخالفة أحكام المادتين :
24 ,25 وعقوبتها الغرامة من 300 ألف الى 10 ملايين دينار.
07 – الممارسات التجارية غير النزيهة والممارسات التعاقدية التعسفية ومنصوص عليها في المادة 38 وهي تتعلق بالمخالفات المنصوص عليها في المواد 26, 27 ,28 ,29 وعقوبتها الغرامة من 50 ألف الى 5 ملايين دج.
وبالرجوع إلى مجمل هذه المخالفات نجدها كلها تخضع للمصالحة , ما عدا الجرائم النصوص عليها في المواد : 37 , 38 والمتعلقة بالممارسات التجارية التدليسية وكذا الممارسات التجارية غير النزيهة والممارسات التعاقدية التعسفية كون عقوبتها تتجاوز المبلغ المحدد في المادة 60 لإجراء المصالحة ، حيث تنص الفقرة الاخيرة من هذه المادة :" عندما تكون المخالفة المسجلة في حدود غرامة تفوق ثلاثة ملايين 3.000.000 دج , فإن المحضر المعد منطرف الموظفين المؤهلين يرسل مباشرة من طلرف المدير الولائي المكلف بالتجارة الى وكيل الجمهورية المختص إقليميا قصد المتابعات القضائية ".
وتجدر الملاحظة أن المادة 33 تحدد مبلغ الغرامة بنسبة 80 بالمئة من المبلغ الذي يجب فوترته ومن ثمة تخضع للمصالحة بحسب ما إذا كانت هذه النسبة من المبلغ تشملها حكم المادة 60.
ثانيا = الشروط المتعلقة بمرتكب الجريمة :
تنص المادة 62 من القانون 04-02 السالف الذكر على أنه " في حالة العود حسب مفهوم المادة 47 الفقرة 02 من هذا القانون لا يستفيد مرتكب المخالفة من المصالحة , ويرسل المحضر مباشرة من طرف المدير الولائي المكلف بالتجارة الى وكيل الجمهورية المختص إقليميا قصد المتابعات القضائية ".
يستشف من هذه المادة أن المصالحة في مجال مخالفة قواعد ممارسة التجارة غير جائزة إذا كان مرتكبها في حالة عود , ويعتبر في حالة عود في مفهوم هذا الأمر التاجر الذي يقوم بمخالفة جديدة رغم صدور عقوبة في حقه منذ أقل من سنة سواء من قبل السلطة الإدارية أو من قبل القضاء.
وهكذا وطبقا لنص المادة 47 الفقرة 02 يأخذ مفهوم العود مدلولين إثنين :
من سبق الحكم عليه قضائيا بسبب جريمة من جرائم المنافسة منذ أقل من سنة , وإذا كان هذا المفهوم ينسجم عموما مع أحكام القانون العام فإنه خرج عليه من حيث عدم إشتراطه صدور حكم يقضي بعقوبة الحبس وعدم إشتراطه إنقضاء مدة 05 سنوات بين الحكم الأول وإرتكاب الجريمة الثانية [59].
من سبق وأن صدرت ضده عقوبة من قبل السلطة الإدارية بسبب جريمة من جرائم المنافسة منذ أقل من سنة , وهنا نجد أن المشرع خرج كليا على أحكام قانون العقوبات بحيث ربط حالة العود بعقوبة إدارية , وهي الجزاءات التي لا يأخذ بها قانون العقوبات عند تقرير حالة العود.
الفرع الثاني : الشروط الإجرائية
إن المصالحة في جرائم مخالفة قواعد ممارسة التجارة كما هو الحال بالنسبة لجرائم الصرف والجمارك , ليست حقا لمرتكب الجريمة ولا هي إجراء إلزامي بالنسبة للإدارة المكلفة بالتجارة و مخالفة قواعد ممارسة التجارة , وإنما هي مكنة جعلها المشرع في متناولهما , بحيث يجوز للمخالف أن يطلب الإستفادة منها , ويجوز للوزير المكلف بالتجارة وممثله على مستوى الولاية إجراؤها , ونتناول هذه الشروط فيمايلي :
01 - طلب مرتكب المخالفة :
تنص المادة 60 من القانون السابق في فقرتها الثانية والثالثة على أنه يجوز للوزير المكلف بالتجارة أو المدير الولائي المكلف بالتجارة أن يقبل بمصالحة إذا كانت الغرامة المقررة للمخالفة المعاينة في حدود المبالغ المحددة في نص هذه المادة.
وتضيف المادة 61 في فقرتها الأخيرة أنه : " في حالة عدم دفع الغرامة في أجل 45 يوم إبتداءا من تاريخ الموافقة على المصالحة يحال الملف على وكيل الجمهورية المختص إقليميا قصد المتابعات القضائية " , يستشف من تلاوة الفقرتين ولاسيما عبارتي " يقبل" و " في حالة الموافقة " , أن المصالحة في مجال جرائم مخالفة قواعد ممارسة التجارة تتم بناءا على طلب مرتكب المخالفة الذي من الأفضل أن يكون كتابيا يعبر فيه صراحة عن إرادته في المصالحة.
ورغم عدم النص عليه صراحة يشترط أن يقدم الطلب من مرتكب المخالفة شخصيا إذا كان شخصا طبيعيا , ومن المسؤول المدني إذا كان مرتكب المخالفة قاصرا , ومن ممثله الشرعي إذا كان شخصا معنويا.
لم يحدد المشرع ميعادا معينا لتقديم الطلب , غير أنه يستشف من تلاوة الفقرة الأخيرة من المادة 61 من القانون 04-02 أنه على مرتكب المخالفة أن يقدم طلبه بإجراء المصالحة في أجل اقصاه 45 يوما من تاريخ معاينة المخالفة.
كما تنص الفقرة المذكورة على أنه في حالة عدم الموافقة على المصالحة يحال الملف في أجل أقصاه 45 يوما, إبتداءا من تاريخ تحرير محضر معاينة المخالفة على وكيل الجمهورية المختص إقليميا , وبالضرورة ستكون هذه المهلة أقل في الحالات التي تكون فيها المصالحة من إختصاص الوزير المكلف بالتجارة أي عندما تكون عقوبة الغرامة المقررة للمخالفة تفوق مبلغ 01 مليون دينار أوتقل عن 03 ملايين دينار, حتى يتسنى للوزير الرد على الطلب ضمن الأجل القانوني أي في مهلة 45 يوم من تاريخ تحرير محضر معاينة المخالفة.
و قد يحدد القانون 04-02 الجهة التي يوجه إليها الطلب , غير أنه يستشف من حكم المادة 60 من هذا القانون أن الطلب يوجه حسب مبلغ الغرامة المقررة جزاء المخالفة إما إلى الوزير المكلف بالتجارة أوإلى المديرالولائي المكلف بالتجارة , فيوجه الطلب إلى الوزير المكلف بالتجارة اذا كانت عقوبة الغرامة المقررة للخالفة تفوق مبلغ 01 مليون دينار أوتقل عن 03 ملايين دينار , ويوجه الطلب إلى المدير الولائي المكلف بالتجارة إذا كانت عقوبة الغرامة المقررة للمخالفة أقل من مليو دينار.
ومهما يكن فان الخطأ في توجيه الطلب إلى أي منهما , لا يترتب عليه أي أثر قانوني.
02 - موافقة الإدارة :
سبق القول أن المصالحة في مجال مخالفات المنافسة على غرار المصالحة في المجالين الجمركي والمصرفي , ليست حقا لمرتكب المخالفة وإنما هي مكنة جعلها المشرع في متناول الوزير المكلف بالتجارة , أو المدير الولائي المكلف بالتجارة, فلهما حق اللجوء إليها أو تركها.
وعلى هذا الأساس فإذا كان القانون يشترط على مرتكب المخالفة تقديم طلب مصالحة إلى الوزير المكلف بالتجارة أو المدير الولائي المكلف بالتجارة , فإنه لا يلزمهما بقبول الطلب بل ولا حتى بالرد عليه , وإذا إلتزمت الإدارة الصمت فهذا تعبير عن الرفض وليس عن القبول .
- فإذا كان مبلغ الغرامة المقررة قانونا للمخالفة تفوق 01 مليون دينار أوتقل عن 03 ملايين دينار تكون الموافقة من الوزير المكلف بالتجارة حسب المادة 60 فقرة 3 من القانون .
- وإذا كان المبلغ أقل أو تساوي من مليون دينار تكون الموافقة من المدير الولائي المكلف بالتجارة , المادة 60 فقرة 02.
لم يضبط القانون المذكور كيفية تحديد غرامة الصلح مما يجعل الإدارة تتمتع بسلطة تحديد بدل المصالحة بكل حرية.
و يصدر الوزير المكلف بالتجارة أو المدير الولائي المكلف بالتجارة مقرربمنح المصالحة , يحدد فيه المبلغ الواجب الدفع وأجل الدفع والجهة المكلفة بالتحصيل وهي الخزينة العمومية.
ثم يقوم المدير الولائي المكلف بالتجارة بدون تمهل بتبليغ مقرر المصالحة أيا كان مصدره إلى مقدم الطلب برسالة موصى عليها مع وصل الإستلام حسب المادة 04 من المرسوم 95-335 .
و يمنح لمقدم الطلب أجل 30 يوم إبتداءا من تاريخ إستلام مقرر المصالحة ,لتسديد مبلغ تسوية الصلح مرة واحدة للخزينة العمومية , وفي حالة عدم دفع هذا المبلغ في الأجل المحدد يحال الملف إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا من أجل مباشرة المتابعات القضائية [60].
وقد أعطت المادة 61 من القانون 04/02 الحق للمخالف إجراء معرضة في غرامة المصالحة وهذا بنصها على أنه " للأعوان الاقتصاديين المخالفين الحق في معارضة غرامة المصالحة أمام المدير الولائي الوكلف بالتجارة أو الوزير المكلف بالتجارة.
يحدد أجل معارضة الغرامة بثمانية أيام من تاريخ تسليم المحضر لصاحب المخالفة وقد أشارت نفس المادة في فقرتها الثالثة والرابعة أنه يمكن للوزير المكلف بالتجارة والمدير الولائي المكلف بالتجارة أن يجري تعديل في مبلغ غرامة المصالحة.
المطلب الثاني : أثار المصالحة في مجال قواعد ممارسة التجارة
إن آثار المصالحة يختلف بإختلاف أطرافها , فكما ورد سابقا بأن قيام المصالحة في المسائل الجزائية يقتضي قيام نزاع بين طرفين أحدهما إدارة والثاني شخص متابع من أجل مخالفة قانون جزائي. ومفاد المصالحة في جميع الحالات واحدة وهي تفادي عرض النزاع على القضاء , وبالتالي فإن أثارها تختلف حسب طبيعة كل نزاع [61].
الفرع الأول : أثر المصالحة تجاه طرفيها
إن أهم أثر للمصالحة الجزائية هو حسم النزاع تماما كما هو الحال بالنسبة للصلح المدني , ويترتب عن ذلك إنقضاء ما إدعى به المتصالحين وتثبيت حقوقهما , ومن ثمة فللمصالحة في قواعد ممارسة التجارة أثران يتمثلان في إنقضاء الإدعاءات وتثبيت الحقوق المتفق عليها.
أولا : أثــــر الإنقضاء :
تتفق كل القوانين الجزائية التي تجيز المصالحة , على حصر آثارها في مرحلة ماقبل صدور حكم قضائي نهائي و قد نصت المادة 61 من القانون 04-02 فقرة 05 على أن المصالحة تنهي المتابعة الجزائية , علما أن التشريع المتعلق بجرائم مخافة قواعد ممارسة التجارة يحصر المصالحة في فترة ماقبل صدور حكم قضائي نهائي , بل وقبل إرسال محضر إثبات المخالفة إلى النيابة العامة.
ثانيا : أثــــر التثبيت :
تؤدي المصالحة الجزائية إلى تثبيت الحقوق , سواء تلك التي إعترف بها المخالف للإدارة أو تلك التي إعترفت بها الإدارة له , والمشرع لم يحدد مقابل الصلح فيما يخص جرائم مخالفة قواعد ممارسة التجارة وأحال بهذا الخصوص إلى التنظيم تاركا الحرية للإدارة في تحديده.
غير أنه بالرجوع إلى 60 من القانون 04-02 فإنه تم تحديد إختصاص إجراء المصالحة بحسب مبلغ الغرامة المقررة قانونا جزاءا للمخالفة وهي كالتالي :
{ إذا كان مبلغ الغرامة يفوق مبلغ مليون ويقل عن 03 ملايين دج يكون تحديد غرامة المصالحة من إختصاص الوزير المكلف بالتجارة.
{ إذاكان مبلغ الغرامة أقل أو يساوي مليون دينار يكون تحديد غرامة المصالحة من إختصاص المدير الولائي المكلف بالتجارة.
و في حالة غياب تحديد دقيق لمبلغ غرامة الصلح , تكون للإدارة المختصة كامل السلطة في تحديد هذا المبلغ في حدود الحدين الأدنى والأقصى المقررين جزاءا للمخالفة المعنية , كما هو الحال بالنسبة للقاضي , وفي كل الأحوال تنتقل ملكية غرامة الصلح إلى الخزينة العمومية [62].
الفرع الثاني : آثار المصالحة تجاه الغير.
إن تطبيق قاعدة عدم إنصراف أثر العقد إلى غير متعاقديه طبقا للقواعد العامة تطبق في مجال المصالحة بالنسبة لمخالفات المنافسة ويترتب على ذلك عدم انتفاع الغير بالمصالحة وأن لايضار من جرائها.
أولا : عدم إنتفاع الغير بالمصالحة :
يقصد بالغير في مجال القانون المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية 04-02 الفاعلون الآخرون والشركاء فما مدى تطبيق قاعدة عدم انتفاع الغير بالمصالحة بالنسبة لجرائم مخالفة قواعد الممارسة التجارية , على الفاعلين الآخرين والشركاء لأن اعتبار المسؤولين المدنيين والضامنين من الغير ؟
بالنسبة لمخالفات قواعد الممارسة التجارية فإنه تكون العقوبة الجزائية شخصية على كل واحد بغض النظر عن إجراء أحدهم مصالحة مع الإدارة , وبالتالي فالقضاء ملزم بالحكم على المتهمين غير المتصالحين بكامل الجزاءات المالية المقررة قانونا للمخالفة المرتكبة , فلكل متهم عقوبته دون الرجوع إلى أن مصالحة أحدهم تؤدي إلى عدم الحكم على باقي المتهمين.
ثانيا : لا يضار الغير من المصالحة :
رجوعا إلى مبدأ شخصية العقوبة فإنه أصلا لايترتب ضررا على المصالحة بالنسبة للغير , فأثرها محصورا على طرفيها وبالتالي لايجوز للإدارة الرجوع على المتهين عند إخلال طالب المصالحة بإلتزاماته , كما لايلزم الغير بالمصالحة التي أجراها أحدهم مع الإدارة.
فلا يمكن للإدارة أن تحتج بإعتراف المتهم الذي تصالحت معه, بإرتكاب المخالفة لإثبات إذناب شركائه , فمن حق كل أحد منهم نفي الجريمة ضده بكل طرق الإثبات , ولا يكون للضمانات التي قدها المتصالح كذلك أي أثر على باقي المخالفين [63].
المبحث الرابع : المصالحة في مجال المخالفات التنظيمية
تأخذ المصالحة في مواد المخالفات التنظيمية صورتين : غرامة الصلح المنصوص عليها في المادة 381 من قانون الإجراءات الجزائية , والغرامة الجزافية المنصوص عليها في المادة 392 من نفس القانون , ويتفق الإجراءان من حيث الشروط الموضوعية في المحاور الكبرى ويختلفان في مسائل أخرى سوف نذكرها بالتفصيل لاحقا , وسنتناول الشروط الموضوعية والإجرائية والخاصة بالمصالحة في هذا المجال ضمن المطلب الأول وفي المطلب الثاني نتطرق إلى آثار ها بإختصار , وذلك لأنها تقترب إلى حد بعيد من آثار المصالحة في جرائم المنافسة واالأسعار التي تناولناها سابقا.
المطلب الأول : شروط المصالحة
يشترط القانون لتمام المصالحة في المخالفات التنظيمية توافر مجموعة من الشروط , بعضها يتعلق بمحل المصالحة وبعضها بالإجراءات الشكلية الواجب إستفاؤها والبعض الأخر بأطراف المصالحة, نتناول هذه الشروط ضمن فروع ثلاثة.
الفرع الأول : الشروط الموضوعية :
تأخذ المصالحة في مواد المخالفات التنظيمية كما قلنا سابقا صورتين : غرامة الصلح المنصوص عليها في المادة 381 من قانون الإجراءات الجزائية والغرامة الجزافية المنصوص عليها في المادة 392 من نفس القانون , وعليه نتناول الشروط الموضوعية في مخالفات القانون العام البسيطة ثم في مخالفات قانون المرور.
أولا : مخالفات القانون العام البسيطة ( غرامة الصلح ) :
يخضع الصلح في هذا المجال للشروط الآتي بيانها :
الأصل أن كل مخالفات القانون العام البسيطة يجوز تسويتها عن طريق غرامة الصلح غير أن المادة 391 من قانون الإجراءات الجزائية أوردت أربع إستثناءات على هذه القاعدة تفرغ المبدأ من محتواه , وتتمثل فيما يأتي [64]:
- إذا كانت المخالفة تقع تحت طائلة جزاء آخر غير الجزاء المالي أو كانت تعرض مرتكبها لتعويض أضرار تلحق بالأشخاص أو بالأشياء أو لعقوبات تتعلق بالعود وبموجب هذا الشرط تستبعد كل مخالفات قانون العقوبات من مجال تطبيق غرامة الصلح لكونها تعرض كلها مرتكبها لعقوبة الحبس.
- إذا كان ثمة تحقيق قضائي , علما أن المادة 66 تجيز التحقيق القضائي في مواد المخالفات.
- إذا أثبت المحضر أكثر من مخالفتين ضد شخص واحد.
- في الأحوال التي تنص فيها تشريع خاص على إستبعاد إجراء غرامة الصلح وهكذا نلاحظ أن المادة 390 المذكورة أعلاه ضيقت من مجال تطبيق غرامة الصلح إلى درجة أنها حولت المبدأ الذي جاءت به المادة 381 قانون إجراءات جزائية إلى إستثناء.
ثانيا : مخالفات قانون المرور ّ الغرامة الجزافية :
يخضع الصلح في مجال مخالفات قانون المرور للشروط الأتي بيانها :
أجازت المادة 392 فقرة 1 قانون إجراءات جزائية كقاعدة عامة التسوية الودية للمخالفات بدفع غرامة جزافية , وعملا بأحكام بهذه المادة نص القانون رقم : 01-14 المؤرخ في 19 أوت 2001 المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها المعدل والمتمم بالقانون 04-16 المؤرخ في 10-11-2004 ، على إمكانية تسوية بعض مخالفات قانون المرور تسوية ودية عن طريق دفع غرامة جزافية قيمتها محددة نصا.
ولقد حددت المادة 120 من القانون المذكور مجال تطبيق نظام الغرامة الجزافية , في حين نصت المادة 119 من نفس القانون على الحالات التي لا تطبق فيها الغرامة الجزافية , وهما حالتين :
- إذا كانت المخالفة المثبتة تعرض مرتكبها إما لعقوبة أخرى غير العقوبة المالية , وإما لتعويض عن الضرر المسبب للأشخاص أو الممتلكات.
- في حالة المخالفات المتزامنة والتي لا يترتب على إحداها على الأقل تطبيق الإجراء المتعلق بالغرامة الجزافية.
الفرع الثاني : الشروط الإجرائية :
تختلف المصالحة في مجال المخالفات التنظيمية بشأن الشروط الإجرائية عن المصالحة في المجالات الأخرى في النقاط الآتي بيانها :
- يتعين على ممثل النيابة العامة عرض الصلح قبل أي متابعة جزائية , ومن ثم فإن عرض الصلح إجراء مسبق في المخالفات التنظيمية.
- كما تتميز المصالحة في مجال المخالفات التنظيمية عن باقي المجالات بكون الصلح فيها يتم إما مع ممثل النيابة العامة وهذا في مخالفات القانون العام البسيطة , وإما على مستوى الشرطة القضائية وذلك فيما يخص مخالفات قانون المرور.
و نتناول الشروط الإجرائية فيما يلي :
أولا : مخالفات القانون العام البسيطة :
يخضع الصلح في هذا المجال للشروط الإجرائية المبينة في المواد 381 إلى 390 قانون الإجراءات الجزائية والتي نلخصها في مرحلتين :
1-عرض التسوية الودية :
ترجع المبادرة في طلب الصلح بالنسبة للمخالفات التي تخضع لإجراء غرامة الصلح إلى النيابة العامة , وقد نصت المادة 381 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي : " قبل كل تكليف بالحضور أمام المحكمة يقوم عضو النيابة العامة المحال عليه محضر مثبت لمخالفة بإخطار المخالف بأنه مصرح له بدفع مبلغ على سبيل غرامة صلح مسا للحد الأدنى المنصوص عليه قانونا لعقوبة المخالفة " فمن هذه المادة نستنتخ أن وكيل الجمهورية يقوم قبل أن يكلف المخالف بالحضور امام المحكمة بأنه مرخص له بالتسوية الودية للمخالفة وذلك بدفع مبلغ مالي يمثل غرامة الصلح تحدد بموجب قرار , وقد أضافت المادة 383 من قانون الإجراءات الجزائية ما يلي : " ترسل النيابة العامة إلى المخالف في خلال 15 يوما من القرار بموجب خطاب موصى عليه بعلم الوصول , إخطارا مذكورا فيه موطنه ومحل ,إرتكاب المخالفة وتاريخها وسببها , والنص القانوني المطبق بشأنها ومقدار غرامة الصلح والمهل وطرق الدفع المحددة في المادة 384 ".
2- موافقة مرتكب المخالفة :
إضافة إلى المرحلة الأولى المتمثلة في عرض التسوية الودية من طرف وكيل الجمهورية للمخالف , يجب كذلك أن يبدي هذا الأخير موافقته على ذلك في مهلة 30 يوما الموالية لإخطاره بذلك , و أن يدفع دفعة واحدة نقدا أو بحوالة بريدية مبلغ غرامة الصلح بين يدي محصل مكان سكناه أو المكان الذي ارتكبت فيه المخالفة وهذا حسب ما نصت المادة 386 من قانون الإجراءات الجزائية على أن يبلغ القائم بالتحصيل النيابة لدى المحكمة بدفع غرامة الصلح إذا تم صحيحا وذلك في ظرف 10 أيام من تاريخ الدفع , وإذا لم يقوم المخالف بدفع الغرامة في مهلة 45 يوما من تاريخ تسلمه الإخطار فإنه يحال على المحكمة طبقا لإجراء التكليف بالحضور.
ثانيا : مخالفات قانون المرور :
يتم الصلح في مخالفات قانون المرور بين الشرطة القضائية ومرتكب المخالفة وفق نظام الغرامة الجزافية , وقد نص المشرع الجزائري على الصلح في القانون رقم : 14/01 المؤرخ في 19 أوت 2001 المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها المعدل والمتمم بالقانون رقم 04/16, في المواد : 118 , 119 , 120 , ومن استقراء النصوص السابقة نستنتج أن الصلح في مخالفات قانون المرور يتم على مرحلتين :
01 - عرض التسوية الودية : يقوم عضو الشرطة القضائية الذي أثبت المخالفة بعرض التسوية الودية على مرتكب المخالفة بمجرد معاينتها وذلك بتسليم إشعار بالمخالفة لسائق المركبة او في حالة غيابه يتركه له على المركبة , يتضمن هذا الإشعار طبيعة المخالفة المرتكبة ومبلغ الغرامة الجزافية واجبة الأداء.
02 - موافقة مرتكب المخالفة : بناءا على الإشعار المذكور يتجه المخالف , في حالة موافقته على العرض , نحو إحدى قباضات الضرائب أو أحد مكاتب البريد لشراء طابع بقيمة مبلغ الغرامة الجزافية المحددة له وهو طابع مميز تصدره وزارة المالية خصيصا لهذا الغرض , ويقوم المخالف بإلصاق الطابع المذكور في الإشعار المذكور بالمخالفة في المكان المخصص له ثم يكمل البيانات الناقصة في الإشعار ويرسله إلى المصلحة المعينة فيه خلال خمسة عشر 15 يوما من تاريخ معاينة المخالفة , وفي حالة عدم دفع الغرامة الجزافية في الآجال المذكورة أعلاه يرسل المحضر إلى الجهة القضائية المختصة . في هذه الحالة ترفع الغرامة إلى أقصى حد طبقا لأحكام المادة 120 المذكورة سابقا.
الفرع الثالث : الشروط المتعلقة بأطراف المصالحة :
الإدارة :
يجب أن يكون ممثل الإدارة الذي يجري المصالحة مع مرتكب المخالفة موظفا مختصا قانونا , ذلك أن صحة المصالحة مشروطة بمدى إختصاص ممثل الإدارة ومن ثمة تبطل المصالحة التي يجريها موظف غير مختص أو تجاوز حدود اختصاصه , ونظرا للطابع الإستثنائي الذي تكتسبه المصالحة ولقوتها غير المألوفة فإن الترخيص بها يكون صريحا وبمقتضى نص تشريعي , وتكون السلطات المختصة بها معينة تعيينا دقيقا وفق تدرج رتبهم وتبعا لذلك تكون سلطة التصالح مسندة بصورة ضيقة لموظفين معينين , ويكون اختصاصهم تدريجيا ومحددا بحسب أهمية القضية وجسامة المخالفة المرتكبة , ويتمثل ممثلو الإدارة الذين يجوز لهم إجراء المصالحة في :
" وكيل الجمهورية : أجازت المادة 381 من قانون الإجراءات الجزائية لوكيل الجمهورية المختص محليا بإخطار مرتكب المخالفة البسيطة غير المنصوص عليها في قانون العقوبات بأن له دفع مبلغ على سبيل غرامة الصلح وذلك قبل أي متابعة , ويشترط لصحة الإجراء أن يكون وكيل الجمهورية مختص محليا , وهذا يقتضي أن تكون المخالفة قد ارتكبت في دائرة اختصاصه أو أن يكون مرتكب المخالفة يقيم بدائرة اختصاصه.
" ضابط الشرطة القضائية : أجازت المادة 118 من القانون رقم : 01-14 المؤرخ في 19 أوت 2001 المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها المعدل والمتمم, تسوية مخالفات قانون المرور بطريقة ودية عن طريق دفع غرامة جزافية , حيث يقوم عضو الشرطة القضائية الذي أثبت المخالفة بعرض التسوية الودية على مرتكب المخالفة بمجرد معاينتها , وهذا بدفع الغرامة الجزافية التي لا يتجاوز حدها الأقصى 5000 دينار في غضون خمسة عشر 15يوما التي تلي تاريخ معاينة المخالفة , وفي حالة عدم دفع الغرامة الجزافية ضمن هذا الأجل يرسل المحضر إلى الجهة القضائية المختصة , حتى يكون الإجراء صحيحا يتعين أن يصدر عن عضو الشرطة القضائية الذي أثبت المخالفة أو من أحد مسئوليه في دائرة إختصاص المحكمة التي ارتكبت فيها المخالفة.
المتصالح مع الإدارة :
يمكن التصالح مع مرتكبي المخالفات التنظيمية سواء المتعلقة بالمخالفات البسيطة أو مخالفات فانون المرور , ويستوجب أن يكون مرتكب المخالفة بالغا أو متمتعا بقواه العقلية , ولا يمكن تصور المصالحة مع الشريك لكون أن القانون لا يعاقب على الاشتراك في المخالفات التنظيمية وهذا حسب نص المادة 44 فقرة 04 من قانون العقوبات.
المطلب الثاني : آثار المصالحة في المخالفات التنظيمية
تختلف آثار المصالحة في المخالفات التنظيمية باختلاف أطرافها ,وهذا على غرار آثار المصالحة في المواد الأخرى , التي ترمي في النهاية إلى تفادي عرض النزاع على القضاء , غير أن الآثار المترتبة في هذا المجال تنحصر على طرفيها , وبالتالي لا تنصرف آثار المصالحة إلى الغير( الفاعلون الآخرون والشركاء ) بحيث لا ينتفع ولا يضار منها, فالقضاء ملزم بالحكم على المتهمين غير المتصالحين وذلك باعتبار أن الجزاءات المقررة للمخالفات التنظيمية هي جزاءات جزائية بحتة , فيكون لكل متهم عقوبته وفقا لمبدأ شخصية العقوبة , وبالنتيجة لا يترتب ضرر على المصالحة بالنسبة للغير , ولا يلزم باقي المتهمين بالمصالحة التي أبرمها أحدهم مع الإدارة .
وترتب على المصالحة تجاه طرفيها انقضاء ما نزل عنه كل من ةالمتصلحين عن ادعاءاتهم , وتثبيت ما اعترف به كل من المتصالحين للآخر من حقوق , فنتناول الأثرين باختصار- لسبق تناولهما ضمن المبحث السابق - فيما يلي :
الفرع الأول : أثر الإنقضاء
يترتب على المصالحة بين طرفيها انقضاء الدعوى العمومية , وهذا بدفع غرامة الصلح , أو الغرامة الجزافية وذلك حسب المادتين : 381 و 392 من قانون الإجراءات الجزائية في فقرتيهما الأولى . فالمادة 392 مثلا نصت على أنه : " يمكن أن تنقضي الدعوى العمومية الناشئة عن مخالفة , في المواد المنصوص عليها بصفة خاصة في القانون , بدفع غرامة جزافية داخلة في قاعدة العود . ويمكن أن يتم تسديد الغرامة خلال الثلاثين يوما من تحقق المخالفة لدى المصلحة المذكورة في الإخطار بالمخالفة , بواسطة طابع غرامة يعادل مبلغ الغرامة الواجب الأداء . وإذا لم يجرى التسديد في المهلة المنصوص عليها في الفقرة الثانية أعلاه يحال محضر المخالفة على وكيل الجمهورية الذي يرفعه بدوره إلى القاضي مشفوعا بطلباته " .
وحتى ترتب المصالحة هذا الأثر يجب أن تجرى في فترة ما قبل صدور حكم قضائي , بل وقبل إرسال محضر إثبات المخالفة إلى نيابة الجمهورية.
الفرع الثاني : أثر التثبيت
تؤدي المصالحة الجزائية إلى تثبيت الحقوق , وغالبا ما يكون أثر التثبيت محصورا على الإدارة وذلك بحصولها على بدل المصالحة الذي تم الاتفاق عليه , والمتمثل في مبلغ غرامة الصلح , و لقد حدد المشرع فيما يخص المخالفات التنظيمية مبلغ غرامة الصلح الذي يجب أن يكون مساويا للحد الأدنى للعقوبة المقررة قانونا للمخالفة المرتكبة بالنسبة للمخالفات التي تقبل نظام غرامة الصلح ( المادة 381 من قانون الإجراءات الجزائية ) , وتساوي مبلغ الغرامة المقررة قانونا لهذه المخالفة بالنسبة للمخالفات التي تقبل نظام الغرامة الجزافية ( المادة 392 من قانون الإجراءات الجزائية ).
وقد حددت المادة 120 من قانون تنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها رقم 01-14 قيمة الغرامة الجزافية على النحو الآتي :
-200 دينار جزائري للمخالفات المستوجبة غرامة لا تتجاوز قيمتها القصوى 300 دينار جزائري.
-300 دينار جزائري للمخالفات المستوجبة غرامة لا تتجاوز قيمتها القصوى 800 دينار جزائري.
-800 دينار جزائري للمخالفات المستوجبة غرامة لا تتجاوز قيمتها القصوى 1500 دينار جزائري.
-1500 دينار جزائري للمخالفات المستوجبة غرامة لا تتجاوز قيمتها القصوى5000 دينار جزائري.
وقد حددت المادة 119 المذكورة سابقا , الحالات التي لا يمكن فيها تطبيق الإجراء المتعلق بالغرامة الجزافية , وفي كل الأحوال بمجرد دفع غرامة الصلح أو الغرامة الجزافية تصبح ملكا للخزينة العمومية
الـخـاتمـة
جــاء في كلـمة القـاضي الأول في البـلاد , رئـيس الجمـهورية , بمـــناسبة إفـتتاحه للســنة القــضائية 2003/2002 قوله : ﴿... فــعلى القــاضي أن يكون واعيا و مدركا لمسئوليته , ويمكــنكم بترجــيح الصـلح على المقـاضاة أن تخفـفوا من اكتظاظ المـحاكم و تيســـروا حـياة المواطنــين الذين يلجــؤون إليكم ... ﴾ . فما أحوجـنا إلى الصـلح و خاصة في هذا الظرف بالـذات , إنـه الصــلح بأبعاده الأخلاقية والاجتماعية و الإقتصادية , و مـــا يهـــمنا هــنا هـو الصـلح كآلية فــعالة وأســلوب متمــيز لإنهاء النـــزاعات أيــا كــان طابــعها , فــقد رأينا أن المــشرع أجــازه في المواد المدنية بنص المادة 17 من قانون الإجراءات المدنية كأصـل عــام , و جعـــله إستــثناءا و في حــــالات خــاصة جـــدا في المــواد الجـــزائية بنــص المادة 6 من قانون الإجراءات الجزائية.
إلا أنه يتجلى لنا بوضوح من خلال دراستنا لموضوع الصلح في مختلف القوانين الجزائرية و هذا انطلاقا من تكييفه القانوني إذ هو عقد , و انتهاءا به كإجراء يتم أمام الجهات القضائية أو خارجها , و هذا سواء في المنازعات ذات الطابع المدني أو الجزائي , أنه لم يحقق الأهداف المرجوة و لا الغاية المقصودة منه , و لعل السبب الأول الذي وصلنا إليه هي هذه النصوص القانونية الجامدة التي عالجت الصلح بأحكام غير فعالة تفتقر للديناميكية و أضحت نصوصا بلا روح فكانت النتيجة أن فشل القضاء و الجهات المنوط بها القيام بهذا الإجراء الفشل الذريع.
وعليه فانه بالنظر إلى الدور المهم الذي يلعبه الصلح في تقليص المنازعات المطروحة على القضاء كان على المشرع أن يجعله إجباري في المواد المدنية وهذا قبل رفع أي دعوى قضائية و ذلك بدءا بتعديله لنص المادة 17 من قانون الإجراءات المدنية , فعدم نجاح الصلح على مستوى الجهات القضائية ليس مرده عدم نجاعة هذا الأسلوب بل إن فتور إرادة المشرع أو حتى ربما عزوفه عنه في الكثير من الحالات و كذا غياب النية الحقيقية لترسيخه هي إرهاصات تقف وراء عدم فعالية النصوص القانونية التي تناولت الصلح , و نعتقد أن تفعيلها و إثرائها بالشكل الكافي سيبعث فيها الروح , وعندها سنجد القاضي يتحرك بفاعلية لتحقيق الأهداف المبتغاة من الصلح من خلال نصوص قانونية حية وفعالة.
و أما في المواد الجزائية , فالصلح أو المصالحة كأسلوب استثنائي مطبق في حدود ضيقة فقد رأينا أنه يثير الكثير من الجدل و الإشكاليات , و ربما مرد ذلك , أولا إلى تكييفها القانوني , فالطابع التعاقدي للمصالحة الجزائية لا يحي يعني بالضرورة أنها عقد فأوجه الخلاف بين المصالحة في المسائل الجزائية و الصلح المدني أقوى من أوجه الشبه بينهما فهي بالدرجة الأولى إجراء ثم إنها اقرب ما تكون إلى الجزاء الإداري أو قل إنها ذات طبيعة خاصة , و ثانيا لاصطدامها بمبدأ راسخ في القانون الجنائي , وهو عدم قابلية الدعوى العمومية للتنازل عنها.
و لكن ما لمسناه أمام الجهات القضائية من تراكم في الملفات , و بطئ الفصل في الدعاوى , و ما يترب عن ذلك من فقدان العقوبة لوظيفتها كأداة للردع العام و الخاص يدفعنا بالدعوى إلى التوسيع في هذا الاستثناء و الذهاب إلى انتهاج الصلح في مجالات أرحب و في حالات أكثر , ما دام أن الصلح ليس خطرا على المجتمع , بل إن قيمنا الروحية و تقاليد مجتمعنا المتجذرة عبر العصور تجعلنا لا نمانع في انتهاج هذا السبيل و العمل على إيجاد آليات فعالة لضمان نجاعته.
وعلى كل فلا معنى للصلح سواء في الجانب المدني أو الجزائي إذا لم توضع له ضوابط تحكمه و تهيئه الأرضية الخصبة.
و عليه فمن دراستنا السابقة لموضوع الصلح و الوقوف على أهم إشكالا ته , ومن خلال التربص الذي أجريناه , تمكنا من الخروج بجملة من الاقتراحات والملاحظات العملية التي أردنا أن نثري بها هذا الموضوع , وهي تتلخص في النقاط التالية :
{ ضرورة إحترام القضاة للوصف القانوني للأحكام التي تتناول الإشهاد بالصلح , وذلك بجعلها نهائية لكون أن الصلح ينهي النزاع بصفة نهائية طبقا لنص المادة 462 من القانون المدني , وهذا عكس ما وجدناه عمليا , حيث تصدر الأحكام بصفة ابتدائية [1] .
{ جعل الصلح إجباري في كل القضايا المدنية , كإجراء جوهري لكون أن تركه جوازي جعل القضاة قليلا ما يلجؤون إليه.
{ توسيع نطاق المصالحة في الجانب الجزائي لتشمل مجالات متعددة وحالات أكثر , والخروج من محدوديته من حيث الشروط والآثار.
{ إجراء دورات تكوينية وأيام دراسية ترمي إلى ترسيخ الصلح كثقافة وقيمة إجتماعية و روحية و كأسلوب مميز لإنهاء النزاعات, يستحق كل العناية والإهتمام.
{ العمل على إيجاد قضاة متخصصين في هذا المجال , و لما لا يكون قضاء أو فرع خاص بالصلح القضائي على غرار ما هو موجود في العديد من الدول.
{ تفعيل دور القاضي لإنجاح جلسات الصلح , و كذا الإهتمام بجلسات الصلح الواقعة خارج جهاز القضاء من خلال تفعيل دور مكاتب و لجان المصالحة و تدعيم القائمين عليها بتربصات ميدانية.
{ توسيع الصلح خارج مجال ساحة القضاء و ذلك بإيجاد جهات غير قضائية تسعى إلى إجراء الصلح بشكل إجباري قبل اللجوء إلى القضاء , حيث أن الملاحظ من الناحية العملية أن حالات الصلح الواقعة خارج دائرة القضاء أكثر نجاحا من الصلح القضائي.
و على كل فهذا الموضوع اليوم أصبح مطلب ملح و أكثر من ضرورة , فبعد أن غفل عنه المجتمع ها هو اليوم يعود إليه بقوة , و يحتاج إلى دراسات معمقة و متخصصة و إلى وقفات ميدانية , و إن كل ما أردناه هو أن نلقي نظرة شاملة على أغلب القوانين التي تناولت أحكامها هذا الإجراء , و حسبنا أننا وضعنا الخطوط العريضة و الأحكام العامة للصلح ,على أن نجد في المستقبل فضاءات أخرى تتناول جزئياته و دقائقه بالتفصيل و الإثراء , و تقف عند كل إشكاليا ته بالتحليل و المعالجة , عسى أن نصل إلى منظومة قانونية وقضائية متكاملة في ميدان الصلح , لتنظم و تحكم مجتمعا متسامحا ومتشبعا في قيمه وثقافته بمبادئ وأحكام وأبعاد الصلح.
الهوامش :
- أنظر مثال ذلك بالملحق [1]
- الإختيار لتعليل المختار للموصلي , الجزء الثاني الصفحة 254 [2]
- د: محمود زناتى : نظم القانون الروماني . ص : 250 [3]
- د :أحسن بوسقيعة المصالحة في المواد الجزائية بوجه عام وفي المادة الجمركية بوجه خاص ,الطبعة الأولى ,الديوان الوطني للأشغال التربوية ,2001 [4]
- النص الفرنسي أدق من النص العربي على أساس أن الصلح ينعقد بتنازل كل طرف عن جزء من حقه أو مما يدعيه وليس عن الحق كله كما جاء في النص [5]
- د: إبراهيم أحمد زكي بدوي : القاموس القانوني ,فرنسي- عربي, مكتبة لبنان ص:67-69 [6]
- وهو نفس النص في القانون المدني المصري في المادة 551 منه وأضافت " ...والتي تنشأ عن إرتكاب إحدى الجرائم " [7]
- د: عبد الرزاق السنهوري , الوسيط في شرح القانون المدني , الجزء الخامس , دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان [8]
- د: عبد الرزاق السنهوري - المرجع السابق [9]
- د: عبد الرزاق السنهوري - المرجع السابق [10]
- القواعد العامة تقضي بأن الغلط في القانون كالغلط في الواقع يجعل العقد قابلا للإبطال [11]
- د: عبد الرزاق السنهوري ,المرجع السابق [12]
- د: عبد الرزاق السنهوري ,المرجع السابق [13]
- د: عبد الرزاق السنهوري ,المرجع السابق [14]
- د: عبد الرزاق السنهوري , المرجع السابق [15]
- الصلح في المنازعات المدنية والإدارية , مذكرة من إعداد الطالبة القاضي : لشهب نسيمة , الدفعة الحادية عشر 2000 / 2003 المعهد الوطنى للقضاء [16]
- خلافا لما هو جاري في التشريعات العربية التي تستعمل مصطلحا واحدا للتعبير عن الصلح أيا كان موضوعه إستعمل المشرع الجزائري مصطلح "الصلح " في المواد المدنية , ومصطلح " المصالحة " في المواد الجزائية , مع الإشارة إلى أنه إستعمل كذلك مصطلح " المصالحة " في قانون العمل [17]
- سنبين هذه المراحل في الفصل الخاص يالصلح في المواد الجزائية [18]
- أنظر تفصيل ذلك ,تحت عنوان : "مدى توافق المصالحة في المواد الجزائية مع الشريعة الإسلامية " ,د: أحسن بوسقيعة ,المرجع السابق ,الصفحة :21 [19]
- د : أحسن بوسقيعة ,المرجع السابق [20]
- أنظر تفصيل ذلك تحت عنوان :" الوجه الجزائي للمصالحة في المواد الجزائية " , د: أحسن بوسقيعة ,المرجع السابق , الصفحة :238 وما بعدها [21]
- الإختيار لتعليل المختار للموصلي , الجزء الثاني الصفحة 254 [22]
- د : محمود زناتى : نظم القانون الروماني . ص:250 [23]
- د : أحسن بوسقيعة المصالحة في المواد الجزائية بوجه عام وفي المادة الجمركية بوجه خاص ,الطبعة الأولى ,الديوان الوطني للأشغال التربوية ,2001 [24]
- النص الفرنسي أدق من النص العربي على أساس أن الصلح ينعقد بتنازل كل طرف عن جزء من حقه أو مما يدعيه وليس عن الحق كله كما جاء في النص [25]
- د: إبراهيم أحمد زكي بدوي : القاموس القانوني ,فرنسي- عربي, مكتبة لبنان ص :67-69 [26]
- وهو نفس النص في القانون المدني المصري في المادة 551 منه وأضافت " ...والتي تنشأ عن إرتكاب إحدى الجرائم " [27]
- د: عبد الرزاق السنهوري , الوسيط في شرح القانون المدني , الجزء الخامس , دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان [28]
- د: عبد الرزاق السنهوري - المرجع السابق [29]
- د: عبد الرزاق السنهوري - المرجع السابق [30]
- القواعد العامة تقضي بأن الغلط في القانون كالغلط في الواقع يجعل العقد قابلا للإبطال [31]
- د: عبد الرزاق السنهوري ,المرجع السابق [32]
- د: عبد الرزاق السنهوري ,المرجع السابق [33]
- د: عبد الرزاق السنهوري ,المرجع السابق [34]
- د: عبد الرزاق السنهوري , المرجع السابق [35]
- الصلح في المنازعات المدنية والإدارية , مذكرة من إعداد الطالبة القاضي : لشهب نسيمة , الدفعة الحادية عشر -2000 - 2003 - المعهد الوطنى للقضاء [36]
- خلافا لما هو جاري في التشريعات العربية التي تستعمل مصطلحا واحدا للتعبير عن الصلح أيا كان موضوعه إستعمل المشرع الجزائري مصطلح "الصلح " في المواد المدنية , ومصطلح " المصالحة " في المواد الجزائية , مع الإشارة إلى أنه إستعمل كذلك مصطلح " المصالحة " في قانون العمل [37]
- سنبين هذه المراحل في الفصل الخاص يالصلح في المواد الجزائية [38]
- أنظر تفصيل ذلك ,تحت عنوان : "مدى توافق المصالحة في المواد الجزائية مع الشريعة الإسلامية " ,د: أحسن بوسقيعة ,المرجع السابق ,الصفحة :21 [39]
- د : أحسن بوسقيعة ,المرجع السابق [40]
- أنظر تفصيل ذلك تحت عنوان :" الوجه الجزائي للمصالحة في المواد الجزائية "
- د: أحسن بوسقيعة ,المرجع السابق , الصفحة :238 وما بعدها [41]
- كان العمل بالمصالحة قبل صدور قانون الجمارك في 21-07-1979 وذلك تطبيقا للأمر 62 -157 الصادر في 31-12-1962 الذي أبقى العمل بالقوانين السابقة التي لا تمس بالسيادة الوطنية [42]
- البضائع التي تخضع إلى قيود هي البضائع التي يجوز إستيرادها أو تصديرها غير أن جمركتها موقوفة على تقديم سند أو رخصة أو شهادة أو إتمام إجراءات خاصة [43]
- المرسوم رقم 92-126 المتضمن كيفبات تطبيق المادة 21 من قانون الجمارك [44]
- الدكتور: أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص: 71 [45]
- الدكتور : أحسن بوسقيعة أحسن , المرجع السابق , ص : 76 [46]
- المادة 265/5 من قانون الجمارك [47]
- قرار وزير المالية المؤرخ في 22-06-1999 [48]
- المادة 03 من المرسوم 99-195 المؤرخ في 16-08-1999[49]
- المواد 02 ,04 من المرسوم 99-195 [50]
- المادة 49 فقرة 1 من قانون العقوبات [51]
- الغرفة الجزائية القسم الثالث , ملف :122072 قرار غير منشور .وارد في كتاب الدكتور : أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص: 188 [52]
- الغرفة الجزائية القسم الثالث , قرار الصادر في 09-06-1991, ملف رقم 71509 , غير منشور, وارد في كتاب ,د : أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص:192 [53]
- الدكتور: أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص: 83 [54]
- أصدرت المحكمة العليا قرار في 05-01-1999 ملف رقم: 180580 , غير منشور , قضت فيه أن عدم مراعاة مهلة الثلاثة أشهر لإرسال المحضر إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا من أجل المتابعة لا يترتب عليه البطلان [55]
- هذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها الصادر في 09-06-1991ملف رقم : 71509 ( غير منشور ) [56]
- هذا ما قضت به المحكمة العليا في قرارها الصادر في 25-01-1999 ملف 169982, وكذلك في القرار الصادر في 25-01-1999 ملف رقم 184011 [57]
- الدكتور : أحسن بوسقيعة , المرجع السابق , ص: 208 [58]
- حسب أحكام العود الواردة في المادة : 54 وما بعدها من قانون العقوبات [59]
- لقد سجلت عدة ملاحظات على المرسوم التنفيذي رقم 95/335 المتعلق بتطبيق غرامة الصلح في كون مجمل أحكامه مخالفة للأمر رقم 95/06 السالف الذكر وللمادة 91 منه تحديدا التي جاء هذا المرسوم تطبيقا لها . ( أنظر الدكتور أحسن بوسقيعة – المرجع السابق - ص 110 -111 ) [60]
- أنظر الدكتور أحسن بوسقيعة , المرجع السابق - ص 186 [61]
- أنظر الدكتور أحسن بوسقيعة – المرجع السابق , ص : 200 [62]
- الدكتور أحسن بوسقيعة – المرجع السابق – ص 202 [63]
- أنظر الأستاذ : شوقي الشلقاني – مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائي الجزء الثاني- الطبعة الثالثة 2003 –ص 422 [64]
المراجع :
أولا : الـكـتـب
1) الاختيار لتعليل المختار للموصلي , الجزء الثاني .
2) د: محمود زناتى : نظم القانون الروماني .
3) د :أحسن بوسقيعة , المصالحة في المواد الجزائية بوجه عام وفي المادة الجمركية بوجه خاص , الطبعة الأولى, الديوان الوطني للأشغال التربوية,2001 .
4) د: إبراهيم أحمد زكي بدوي:القاموس القانوني,فرنسي- عربي, مكتبة لبنان .
5) د: عبد الرزاق السنهوري , الوسيط في شرح القانون المدني , الجزء الخامس , دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان - .
6) الأستاذ : عمر زودة , طبيعة الأحكام بإنهاء الرابطة الزوجية وأثر الطعن فيها
7) الإمام أبي عبد الله بن احمد الأنصري القرطبي , الجامع لأحكام القرآن , المجلد الثالث , الجزء الخامس , دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع , بيروت1995 .
8) د : بلحاج العربي , شرح قانون الأسرة الجزائري ,الزواج والطلاق , الجزء الأول , ديوان المطبوعات الجامعية , ص: 357 .
9) الأستاذ : فضيل سعد , شرح قانون الأسرة الجزائري في الزواج الطلاق .
10) الأستاذ: أحمية سليمان ,آليات تسوية منازعات العمل والضمان الاجتماعي في القانون الجزائري , ديوان المطبوعات الجامعية 1998 .
11) الأستاذ : رشيد واضح , منازعات العمل الفردية والجماعية في ظل الإصلاحات الإقتصادية في الجزائر , دار هومة ,الطبعة :2003 .
12) الأستاذ :سعيد طربيت , سلطة المستخدم في تسريح العمال تأديبيا , ديوان المطبوعات الجامعية ,طبعة : 2001 .
13) راشد راشد – الأوراق التجارية , الإفلاس والتسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري – طبعة ثانية 1994 .
14) الدكتور مصطفى كمال طه – القانون التجاري – الدار الجامعية بيروت –
15) أنظر الأستاذ : شوقي الشلقاني – مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري , الجزء الثاني- الطبعة الثالثة 2003 .
ثانيا : الــمـجـلات
1) المجلة القضائية , العدد الأول , سنة 1990 .
2) المجلة القضائية , العدد الأول , سنة 1995 .
3) المجلة القضائية , العدد الثاني , سنة 1995 .
4) المجلة القضائية , العدد الأول , سنة 1996 .
5) المجلة القضائية , العدد الثاني , سنة 2000 .
6) المجلة القضائية العدد الخاص غرفة الأحوال الشخصية , سنة 2001
7) ملتقى قضاة الغرف الإدارية – وزارة العدل – 1992 .
8) نشرة القضاة , العدد 56 .
9) نشرة القضاة , العدد 50 .
ثالثا : المـذكـرات
1) الصلح في المنازعات المدنية والإدارية , مذكرة من إعداد الطالبة القاضي : لشهب نسيمة , الدفعة الحادية عشر -2000 / 2003 - المعهد الوطني للقضاء.
2) الصلح في المنازعات الإدارية , بحث للحصول على شهادة ماجستير في القانون , فرع الإدارة والمالية , من إعداد الطالب فضيل العيش , جامعة الجزائر, 2001/2002 ,
3) جلسة الصلح والتحكيم بين الزوجين , مذكرة نهاية التخرج لنيل شهادة ليسانس في العلوم القانونية والإدارية , من إعداد الطالبتين : بلعباس نوال , بوعلاقة أسماء , جامعة البليدة , 2002/2003 .
رابعا : قرارات المحكمة العليا
1- ملف رقم : 96688 , قرار بتاريخ : 18-01-1994
قضية ( م,ح ) ضد ( ع , خ ) , إجراء الصلح .
الحكم بالتطليق للضرر ولعدم الإنفاق – إلزام الزوج بدفع تعويضات وأوامر بالنفاذ المعجل فيما يخص النفقة – طعن بالنقض – كون أن الحكم بالطلاق قد صدر دون إجراء محاولة الصلح المنصوص عليها في المادة 49 من قانون الأسرة – نقض .
إن الحكم بفك الرابطة الزوجية , لا يصدر إلا بعد اتخاذ إجراءات الصلح بين الزوجين عملا بأحكام المادة 49 من قانون الأسرة .
- نشرة القضاة العدد 50
2- ملف رقم : 103637 قرار بتاريخ : 19-04-1994
قضية ( ق , أ ) ضد( ح , ن )
طلاق بالتراضي – صلح – عدم جواز استئنافه .
المادتان ( 459 و 462 قانون مدني ) .
من المقرر قانونا أن الصلح عقد ينهى به الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان به نزاعا محتملا , وذلك بأن يتنازل كل منهما على وجه التبادل عن حقه .
من المقرر أيضا : أنه ( ينهي الصلح النزاعات التي يتناولها ويترتب عليه إسقاط الحقوق والادعاءات التي تنازل عنها أحد الطرفين بصفة نهائية ) .
ومتى تبين – في قضية الحال - أن قضاة المجلس لما قبلوا إستئناف الحكم القاضي بالصلح المقام بين الطرفين والذي شهدت عليه المحكمة أخطؤو في تطبيق القانون , لأن الإستئناف لا يرفع إلا ضد الأحكام التي صدرت إثر نزاع بين الأطراف بخلاف الصلح الذي يبرم بين الأطراف الذين جعلوا حدا للنزاع وان دور المحكمة ينحصر في مراقبة صحة وسلامة هذا الصلح لأن الصلح عقد ينهي به الأطراف نزاعا قائما , طبقا لأحكام المادتين 459 و 462 من القانون المدني , ومتى كان كذلك إستوجب نقض القرار المطعون فيه .
- الإجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية عدد خاص 2001 .
3- ملف رقم : 71801 , قرار بتاريخ : 21-05-1991
قضية : ( ح , ص ) ضد ( د , ب ) .
عودة الولد المكفول - لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية - سماع رأي الولد المميز - إجراء جوهري يجب إحترامه قبل الحكم .
- المادة 461 من القانون المدني , والمادة 124 من قانون الأسرة -
من المقرر قانونا أن المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية والنظام العام لا يجوز الصلح بشأنها إلا بنص خاص .
ومن ثم فإن قضاة الموضوع بإعتمادهم على وثيقة الصلح في إسناد كفالة البنت من دون سماع رأيها وتخييرها بين البقاء عند – مربيها أو الذهاب لوالدها – رغم أنه تجاوزت سن التمييز , فإنهم بذلك خرقو القانون وأستحق قرارهم النقض .
-المجلة القضائية العدد الأول 1996.
4- ملف رقم : 200198 , قرار بتاريخ :21-07-1998
قضية : ( ع , م ) ضد (ر , أ ) .
تطبيق محاولة الصلح .
أحوال شخصية .
الحكم نهائيا بالطلاق - طعن بالنقض - لعدم إجراء محاولة الصلح بين الطرفين وصدور الحكم بلفظ الطلاق رغم أن المرأة ( الزوجة ) هي التي طلبت فك الرابطة الزوجية , رفض .
إن محاولة الصلح بين الطرفين في دعاوى الطلاق ليست من الإجراءات الجوهرية و أن لفظ الطلاق أو التطليق تصدر دائما نهائية .
- نشرة القضاة العدد 56 .
5- ملف رقم : 57812, قرار بتاريخ : 25-12-1989
قضية : ( ب ف ) ضد ( أ م ع ) .
طلاق -عدم القيام بالإجراءات السابقة له - خطأ في تطبيق القانون .
( المادة 49 , 55 , 56 من قانون الأسرة )
من المقرر قانونا انه لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضي وعند نشوز أحد الزوجين يحكم القاضي بالطلاق وإذا إشتد الخصام بين الزوجين وعجزت الزوجة عن إثبات الضرر وجب تعيين حكمين للتوفيق بينهما من ثم فإن القضاء بخلاف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون ولما كان ثابتا في قضية الحال أن المجلس القضائي لما قضى بالطلاق دون مراعاة أحكام المواد التالية 49 ,55 , 56 من قانون الأسرة يعد بقضائه كما فعل خالف القانون وتجاوز اختصاصه , ومتى كان كذلك إستوجب نقض القرار المطعون فيه .
6- ملف رقم 174132 قرار بتاريخ 23-10-1997
قضية (ح أ ) ضد ( ف ز )
الحكم بالتطليق – طعن – لعدم تمكين الزوج من حضور جلسة الصلح – رفض الطعن .
( أحوال شخصية )
أن عدم حضور أحد الطرفين لجلسة الصلح رغم تأجيل إجرائها عدة مرات يجعل القاضي ملزما بالفصل في الدعوى رغم عدم حضور أحدهما لأن المادة 49 من قانون الأسرة تحدد مهلة إجراء الصلح بثلاثة أشهر .
7- ملف رقم 75141 قرار بتاريخ 18-06-1991
قضية ( ع ل ) ضد ( ج خ )
طلاق - الحكم به دون إجراء محاولة الصلح - خطأ في تطبيق القانون
( المادة 49 من قانون الأسرة )
من المقرر قانونا أنه لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضي ومن ثم فإن القضاء وبما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون.
ولما كان من ثابت - في قضية الحال - إن قضاة الموضوع الذين قضوا بالطلاق بين الزوجين دون القيام بإجراء محاولة الصلح بين الطرفين يكونوا قد أخطأوا في تطبيق القانون ومتى كان ذلك إستوجب نقض القرار المطعون فيه.