logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





11-03-2022 12:13 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 12-06-2021
رقم العضوية : 28091
المشاركات : 50
الجنس :
قوة السمعة : 10

مفهوم و اعمال قاضي التحقيق
fWfxdad
يناط به إجراءات البحث و التحري يعد أحد اعضاء الهيئة القضائية فهو من جهة يقوم بأعمال موظفي الشرطة القضائية من تحقيق وتحري بحثا عن الحقيقة ومن جهة ثانية فهو قاضي يصدر خلال التحقيق قرارات وأوامر متنوعة لها صفة قضائية في القضايا التي يحقق فيها.
إن قاضي التحقيق يجمع شخصه صفتين متلازمتين : فقد يقوم بالإضافة إلى التحقيق بوظائف قاضي الحكم فيستعان به عند الضرورة للقيام مقام قاضي متغيب أو في عطلة مرضية أو عطلة سنوية فيقوم مقامه ويترأس جلسات المحكمة ويصدر أحكاما مختلفة ماعدا القضايا التي قام بالتحقيق فيها فلا يجوز له الحكم فيها أصلا وإلا كان الحكم باطلا .
إذ تنص المادة 38 قانون الإجراءات الجزائية :
{ تناط بقاضي التحقيق إجراءات البحث والتحري ولا يجوز له أن يشترك في الحكم في قضايا نظرها بصفته قاضيا للتحقيق وإلا كان ذلك الحكم باطلا.
وله في سبيل مباشرة مهام وظيفته أن يستعين مباشرة بالقوة العمومية.
ويختص بالتحقيق في الحادث بناء على طلب من وكيل الجمهورية أو شكوى مصحوبة بادعاء مدني ضمن الشروط المنصوص عليها في المادتين 67 و73.
وفي حالة الجناية أو الجنحة المتلبس بها يباشر قاضي التحقيق السلطات المخولة له بمقتضى المادة 57 وما يليها }.

مقدمة
فصل تمهيدي : مدخل عام إلى مرحلة التحقيق الابتدائي
المبحث الأول : ماهية التحقيق الابتدائي
المطلب الأول : تعريف التحقيق الابتدائي وبيان أهميته ولزومه
الفرع الأول : تعريف التحقيق الابتدائي وأهميته
الفرع الثاني : لزوم التحقيق الابتدائي
المطلب الثاني : خصائص التحقيق الابتدائي
الفرع الأول : التدوين
الفرع الثاني : السرية بالنسبة للجمهور
الفرع الثالث : العلنية بالنسبة للخصوم
الفرع الرابع : المرونة
المبحث الثاني : تعريف قاضي التحقيق وضبط اختصاصاته
المطلب الأول : تعريف قاضي التحقيق وعرض خصائصه
الفرع الأول : تعريف قاضي التحقيق
الفرع الثاني : خصائصه
المطلب الثاني : اتصال قاضي التحقيق بالدعوى العمومية
الفرع الأول : عن طريق الطلب الافتتاحي
الفرع الثاني : عن طريق شكوى المضرور
المبحث الثالث : أعمال قاضي التحقيق
المطلب الأول : الانتقال للمعاينة- التفتيش وضبط الأشياء
الفرع الأول : الانتقال للمعاينة
الفرع الثاني : التفتيش
الفرع الثالث : ضبط الأشياء المتعلقة بالجريمة
المطلب الثاني : ندب الخبراء وفحص شخصية المتهم
الفرع الأول : ندب الخبراء
الفرع الثاني : فحص شخصية المتهم
المطلب الثالث : سماع الشهود-الاستجواب والمواجهة
الفرع الأول : سمـاع الشهود
الفرع الثاني : الاستجواب
الفصل الأول : أوامر قاضي التحقيق Les ordonnances du juge d'instruction
المبحث الأول : الأوامر التي تصدر في بداية التحقيق
المطلب الأول : الأمر بعدم الاختصاص و الأمر برفض التحقيق
الفرع الأول : الأمر بعدم الاختصاصOrdonnance d'incompétence
المطلب الثاني : الأمر بعدم قبول الادعاء المدني و الأمر بالتخلي عن القضية
الفرع الأول : الأمر بعدم قبول الادعاء المدني
الفرع الثاني : الأمر بالتخلي عن التحقيق في الدعوى لصالح قاضي تحقيق آخ Ordonnance de dessaisissement
المطلب الثالث : الأمر بالإحضار و الأمر بالإيداع في مؤسسة عقابية
الفرع الأول : الأمر بالإحضار mandat d'amener
الفرع الثاني : الأمر بالإيداع في مؤسسة عقابية mandat de dépôt
الفرع الثالث : الأمر بالقبض mandat d'arrêt :
المبحث الثاني : الأوامر التي تصدر أثناء التحقيق
المطلب الأول : الأمر بالرقابة القضائية
الفرع الأول : شروط تطبيق الرقابة القضائية و تحديد مدتها :
الفرع الثاني : مضمون الرقابة القضائية
الفرع الثالث : إنتهاء الرقابة القضائية
المطلب الثاني : الأمر بالحبس المؤقت
الفرع الأول : مفهوم الأمر بالحبس المؤقت و اختصاص قاضي التحقيق بإصداره
الفرع الثاني : الشروط الإجرائية الموضوعية للأمر بالحبس المؤقت
المطلب الثالث : الأمر بالإفراج المؤقت
الفرع الأول : تعريف الإفراج المؤقت و اختصاص قاضي التحقيق بإصداره
الفرع الثاني : أنواع الإفراج المؤقت
المبحث الثالث : أوامر التصرف في التحقيق
المطلب الأول : الأمر بألا وجه للمتابعة ordonnance de non lieu
الفرع الأول : تعريف الأمر بألا وجه للمتابعة
الفرع الثاني : أسباب إصدار الأمر بألا وجه للمتابعة
المطلب الثاني : الأمر بالإحالة ordonnance de renvoi
الفرع الأول : تعريف الأمر بالإحالة و تحديد طبيعته القانونية
الفرع الثاني : الأمر بالإحالة على المحكمة
الفرع الثالث : إشكالات عملية في أمر الإحالة
المطلب الثالث : الأمر بإرسال مستندات الدعوى إلى النائب العام
الفرع الأول : تعريف أمر إرسال المستندات و اختصاص قاضي التحقيق بإصداره
الفرع الثاني : شروط إصدار الأمر بالإرسال
الفصل الثاني : استئناف أوامر قاضي التحقيق على مستوى غرفة الاتهام Appel contre les ordonnances
المبحث الأول : تشكيل غرفة الاتهام وخصائص إجراءاتها
المطلب الأول : تشكيل غرفة الاتهام :composition de la chambre d'accusation
المطلب الثاني : انعقاد غرفة الاتهام
الفرع الأول : إجراءات انعقاد غرفة الاتهام
الفرع الثاني : الإعلان عن انعقاد غرفة الاتهام
الفرع الثالث : المرافعة والمداولة
المطلب الثالث : خصائص إجراءات غرفة الإتهام
الفرع الإول : السرعة في إتخاذ الإجراءات LA rapidité
الفرع الثاني : التدوين والسرية L'écriture et le secret
الفرع الثالث : الحضورية والوجاهية بالنسبة للخصوم La confrontation
المبحث الثاني : اختصاصات غرفة الاتهام
المطلب الأول : رد الأشياء المحجوزة والبت في إشكالات التنفيذ
الفرع الأول : رد الأشياء المحجوزة
الفرع الثاني : البت في إشكالات التنفيذ
المطلب الثاني : رد الاعتبار القضائي والحبس المؤقت والإفراج
الفرع الأول : رد الاعتبار القضائي
الفرع الثاني : الحبس المؤقت والإفراج
المطلب الثالث : القرارات الصادرة عن غرفة الاتهام
الفرع الأول : إجراءات إصدار القرارت
الفرع الثاني : القرارات التي تصدرها غرفة الاتهام
المبحث الثالث : مهام غرفة الاتهام
المطلب الأول : التصدي والإحالة على محكمة الجنايات ومراقبة أعمال مأموري الضبط القضائي
الفرع الأول : التصدي
الفرع الثاني : الإحالة علة محكمة الجنايات
الفرع الثالث : مراقبة أعمال مأموري الضبط القضائي
المطلب الثاني : النظر في استئناف قضايا الأحداث وتنازع الاختصاص والأمر بإجراء تحقيق تكميلي
الفرع الأول : النظر في استئناف قضايا الأحداث
الفرع الثاني : الفصل في تنازع الاختصاص
الفرع الثالث : الأمر بإجراء تحقيق تكميلي
المطلب الثالث : مناقشة الوقائع وتوجيه الاتهام
الفرع الأول : مناقشة الوقائع
الفرع الثاني : توجيه الاتهام
المبحث الرابع : الرقابة على سلطات قاضي التحقيق
المطلب الأول : استئناف أوامر قاضي التحقيق
الفرع الأول : تحديد الأوامر المستأنفة
الفرع الثاني : مواعيد استئناف
المطلب الثاني : النظر في حالات البطلان
الفرع الأول : الرقابة على ملائمة إجراءات التحقيق
الفرع الثاني : الرقابة على صحة إجراءات التحقيق
المطلب الثالث : شروط وأسباب البطلان والأشخاص الذين يجوز لهم التمسك به
الفرع الأول : أسباب البطلان
الفرع الثاني : شروط التمسك بالبطلان
الفرع الثالث : الأشخاص الذين يجوز لهم التمسك بالبطلان
خاتمة

مقدمة :
القاعدة في المتهم البراءة حتي تثبت إدانته هي عبارة عن قرينة قانونية، فهذا لا يحول دون تصنيف القرائن القانونية إلى صنفين قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس وقرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس، وقرينة البراءة هي من الصنف الأخير، أي أنها تقبل إثبات العكس بدحضها بأدلة إثبات يقينية يبنى عليها حكم قضائي.
فعند وقو ع الجريمة التي لها أثر سلبي على المجتمع، ينشأ حق الدولة في كشف مرتكبها الذي كان بفعله قد أخل بالنظام الأمني الإجتماعي، ولما كانت الدولة لا تستطيع أن تلجأ إلى تنفيذ العقاب مباشرة، فمن الضروري لجوؤها إلى القضاء ليؤكد لها هذا الحق. واللجوء إلى هذا الأخير المبتغى منه العدل، فإذا كان استقرار المجتمع وأمنه يوجبان معاقبة الجاني، فإن هذا لا يعني سوى التيقن ابتداء من أنه قد ارتكب الجريمة المتابع من أجلها، ومن ثم فإن لم يقم الدليل وانتفى وجوده تعين على المجتمع رعاية لحرية أفراده أن يترك أمر الجريمة للنسيان.
فلا يمكن تصور العدل بغير حق يرد عليه، ولا حق إلا إذا تأسس على حقيقة، هذه الأخيرة التي لا يتصور بلوغها تلقائيا أو دفعة واحدة، وإنما طبقا لقواعد معينة ووفق مراحل إجرائية تستقر جميعا فيما يسمى " بالدعوى الجزائية "، التي لا صالح للدولة من ورائها إلا معرفة الحقيقة.
هذه الأخيرة التي يبدو أنه لا يمكن تصورها من دون تحقيق الذي لازمها منذ القدم، وكان غالبا هو السبيل إلى إظهارها والكشف عنها، فالحقيقة كما يقولون لا تخرج على الناس من بئرها عارية، بل هي على الدوام ثمرة مجهود مضن وبحث شاق ومتابعة فكرية وانتقاء ذهني، فالناس ليسوا أخيارا على الدوام، بل هناك من يخافها ويحاول طمسها، لذلك فهي دائما بحاجة إلى من يكشف سرها حتى تستقر وتبدو ظاهرة، وحتى لا ينطفئ وميضها، لا بد للحقيقة من تحقيق يحقق لها ذلك.
هذا التحقيق عند اللجوء إليه في المسائل الجزائية فهو يشكل مرحلة وسطى في مسيرة الدعوى الجزائية التي تمر بمرحلة أولية هي مرحلة الاستدلال وتعقبها مرحلة وسط هي مرحلة جمع الأدلة التي يطلق عليها التحقيق الابتدائي تمييزا لها عن مرحلة التحقيق النهائي الذي تجريه المحكمة.
والتحقيق الابتدائي في هذا المعنى هو عبارة عن مرحلة تحضيرية للمحاكمة أين يتم خلالها الاجتهاد في الجمع والتنقيب على أدلة الدعوى نفيا وإثباتا ثم اتخاذ قرار الترجيح بينها في حيدة واستقلالية تامة، فهي تمثل على هذا النحو حكما محايدا بين الإتهام والمتهم أو المصفاة التي لا يمر عبرها إلى قضاء الحكم سوى الدعاوى الجاهزة للفصل فيها، ولهذا وصفت هذه المرحلة إذا ما تم اللجوء إليها بأنها "بوابة العدالة الجزائية " واروح ونواة الدعوى الجزائية.
ولقد أسند المشرع الجزائري مهمة التحقيق الابتدائي إلى كل من قاضي التحقيق كدرجة أولى وغرفة الاتهام كدرجة ثانية وبمثابة هيئة عليا للتحقيق تتشكل من ثلاثة قضاة (رئيس ومستشارين).
فنظام قاضي التحقيق عموما كان موضوعا خصبا لعدة دراسات وأبحاث ولازال، ويمكن القول أن نظاما في المنظومة القضائية الجزائية لم يثار حوله الجدل كالذي ثار حول نظام قاضي التحقيق، فبالرغم أن جذوره التاريخية الأولى تعود إلى تصريح فرنسوا الأولer 1 Francois الصادر بتاريخ 14 جافني 1522 إلا أن نظام قاضي التحقيق كتنظيم وكقاض لا زال يطرح العديد من التساؤلات.
وإن ن موضوع قاضي التحقيق يعد قديم جدا، فمع ذلك يتميز بصفة التجديد الدائم والمستمر، مما يمكن وصفه بالموضوع المتجدد جدا، وما يؤكد هذا الطرح أن مختلف التعديلات التي مست قانون الإجراءات الجزائية الجزائري طالت الإجراءات المنظمة لعمل هذا القاضي، بما يعني أنه كان دائما محور استلهام الفقه وتقييم رجال السياسة الجنائية.
لم يعد مقبولاً في ظل النظم القانونية المعاصرة حجب حق التقاضي عن أحد لأي سبب من الأسباب، فالناس سواسية أمام مؤسسات العدالة والقانون، كما لا يجوز بحكم اللزوم المنطقي الانتقاص من الضمانات المقررة للمتقاضين بمن فيهم المتهم باعتباره خصماً في الدعوى الجنائية. تلك هي المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها العدالة في قوانيننا المعاصرة والتي جرى صياغتها في مبادئ الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان في عصر الجماهير بقولها (المجتمع الجماهيري يضمن حق التقاضي واستقلال القضاء، ولكل متهم الحق في محاكمة عادلة ونزيهة).
يقصد بالتحقيق لغة بذل الجهد للكشف عن حقيقة أمر مجهول، أما قضاء التحقيق فهو الجهة المختصة بالقيام بهذا التحقيق القضائي وهما:
قاضي التحقيق وغرفة الاتهام، فهو نشاط إجرائي تقوم به وتباشره هيئة قضائية مختصة حيث يعتبر التحقيق الابتدائي مرحلة وسط بين التحقيق الأولي الذي يجريه مأمورو الضبط القضائي، والتحقيق النهائي الذي تجريه المحكمة يتم بجمع أدلة الجريمة بطرق موضوعية وشرعية وتقديرها لإعداد ملف الجريمة (جنحة- جناية) إعدادا قانونيا، والإشراف عليه قصد تقديمه للمحاكمة عند وجود أدلة كافية لإدانة المتهم وتسهيل مهمة المحكمة.

فما مدى فعالية رقابة غرفة الاتهام على أوامر قاضي التحقيق وأثرها على المركز القانوني للمتهم في مواجهة المجتمع ؟

فصل تمهيدي مدخل عام إلى مرحلة التحقيق الابتدائي
المبحث الأول : ماهية التحقيق الابتدائي
المطلب الأول : تعريف التحقيق الابتدائي وبيان أهميته ولزومه
الفرع الأول: تعريف التحقيق الابتدائي وأهميته
أولا : تعريف التحقيق الابتدائي
يقصد بالتحقيق الابتدائي مجموعة الإجراءات المتعلقة بالدعوى العمومية التي تقوم بها سلطة التحقيق. وهو بهذا التعريف يختلف عن إجراءات التحقيق الأولى أي جمع الاستدلالات التي تسبقه ويقوم بها مأمورو الضبط القضائي على اختلاف فئاتهم، وهو في نفس الوقت يختلف عن إجراءات التحقيق النهائي التي تلحقه وتجريها المحاكم التي تحال إليها الدعوى الجنائية على اختلاف أنواعها ويجرى التحقيق الابتدائي غالبا في المرحلة التي تكون وسطا بين جمع الاستدلالات والمحاكمة.
ثانيا : أهمية التحقيق الابتدائي
تبدو أهمية التحقيق الابتدائي في أنه يتضمن كافة الإجراءات التي تتخذ في الدعوى العمومية من إثبات أقوال المبلغ، والمجني عليه، وشهود الإثبات والمعاينة والتفتيش، واستجواب المتهم، وما يتخذ قبله من إجراءات الإحضار أو القبض أو الحبس الاحتياطي، وسؤال شهود النفي إن وجدوا. ومن ناحية أخرى تظهر أهمية التحقيق الابتدائي: في استقلال السلطة القائمة به، وفي حيادها أي عنايتها بفحص أدلة نفي الاتهام بنفس الفعالية التي تفحص بها أدلة إثبات التهمة في كفالة حق الدفاع للمتهمين وفي إفساح المجال لأهل الخبرة لإبداء آرائهم الفنية بما يوجبه الشرف والضمير، وفي إمكان الرجوع إلى ذلك التحقيق في أي وقت لضمان حسن سير العدالة.
كما تبرز أهمية التحقيق الابتدائي إذا ما قارناه بإجراءات جمع الاستدلالات التي لا تتوافر فيها الضمانات التي تتوافر في التحقيق وخصوصا من حيث تحريره بمعرفة كاتب مختص، وتحليف اليمين القانونية للشهود، والأهم من ذلك استجواب المتهم الذي لا يتم في محاضر جمع الاستدلال1.
الفرع الثاني : لزوم التحقيق الابتدائي
عرفنا أهمية التحقيق الابتدائي من خلال قيمته الواقعية والقانونية في الدعوى العمومية ونتساءل عن مدى لزومه أي هل يلزم إجراؤه في كل دعوى عمومية في المخالفة وفي الجنحة وفي الجناية؟
وللإجابة على هذا التساؤل نقول بأن هناك رأي يقول به بعض الفقهاء في إنجلترا مؤداه أن التحقيق الابتدائي لا لزوم له، إذ أنه تكرار للتحقيق النهائي الذي تجريه المحكمة عند نظر الدعوى، فهو ليس إلا مضيعة للوقت بلا مبرر، ويضيفون إلى ذلك أن الدفاع عن المتهم عادة يحتفظ بأوجه نظر في تنفيذ التهمة فلا يفصح عنها في التحقيق الابتدائي رغبة منه في إبنائها أمام المحكمة قي التحقيق النهائي الشفوي بقصد الاستفادة من عنصر المفاجأة بالنسبة لأطراف الخصومة، كما قالوا أيضا بأن إجراء التحقيق الابتدائي في كل الجرائم يحتاج إلى عدد كبير من المحققين قضاة كانوا أم وكلاء دولة مما يكلف الدولة نفقات باهظة.
ولكن هذا الرأي لم يصمد أمام الأهمية والقانونية للتحقيق الابتدائي ومزايا هالتي تحقق مصالح الأفراد ومصلحة المجتمع في آن واحد. وأثره البالغ في تحقيق العدالة ولذا تتجه غالبية التشريعات إلى وجوب الأخذ بنظام التحقيق الابتدائي ولزومه، خصوصا في الجرائم الخطيرة والحوادث الجسيمة التي تتشعب فيها إجراءات التحقيق والتي تحتاج إلى وقت طويل في جمع الأدلة وتصحيحها والتثبت من وقوع الجريمة بوصفها القانوني وإسنادها إلى شخص أو أشخاص معينين وغالبا ينقضي فيها وقت طويل نسبيا بين تاريخ وقوع تلك الجرائم من جهة وتاريخ نظرها أمام المحاكم المختصة من جهة أخرى، وحتى لا يطرح على القضاء غير التهم المرتكزة على أسس من الوقائع والقانون معا. ولكن ماهي الجرائم الجسيمة التي يكون التحقيق الابتدائي فيها لازما1 ؟
الجرائم التي يلزم فيها التحقيق الابتدائي تتفق أغلب التشريعات الجزائية في أن التحقيق الابتدائي يكون لازما دائما في الجرائم الجسيمة. ولكن تلك التشريعات تختلف على المعيار الذي بموجبه تتحدد تلك الجسامة أو الخطورة ويمكن توضيح ذلك الخلاف على النحو التالي :
بعض التشريعات تنص على وجوب إجراء التحقيق الابتدائي في الجنايات ويسكت عن ذكر باقي الجرائم، ويفسر هذا السكوت بأنه يجوز إحالة الدعاوى في الجنح والمخالفات عموما إلى المحاكم المختصة بنظرها وذلك بناء على محاضر جمع الاستدلالات التي يحررها مأمورو الضبط القضائي أي بدون إجراء تحقيق ابتدائي فيها، ومن هذه التشريعات ما نص عليه القانون المصري في المادة 63 والقانون الليبي في المادة 51 إجراءات.
بينما نجد بعض التشريعات ينص على لزوم التحقيق الابتدائي في الجنايات وينص على جوازه في الجنح التي تكون لها أهمية خاصة ويكون معنى ذلك أن سلطة الاتهام تكون بالخيار في الجنح فتحيل ما تراه هاما إلى التحقيق الابتدائي قبل عرضه على المحكمة المختصة، أما باقي الدعاوى في الجنح فتحيلها إلى المحكمة مكتفية بمحاضر مأموري الضبط القضائيب ومن هذه التشريعات القانون الكويتي في المادة 36 إجراءات والقانون الجزائري الذي نص في المادة 66 منه على أن يكون التحقيق الابتدائي وجوبيا في مواد الجنايات وأن يكون اختياريا في مواد الجنح ما لم ينص القانون على وجوبه في ظروف معينة وعلى أنه يجوز إجراؤه في المخالفات إذا طلبه وكيل الدولة.
بينما نجد بعض التشريعات تنص على أن يجرى التحقيق الابتدائي في كل جريمة معاقبا عليها بالحبس مدة تزيد على ستة شهور ومنها القانون العراقي في المادة 106 إجراءات، ومعنى ذلك أن التحقيق الابتدائي في العراق يكون واجبا في الجنايات عموما وفي كافة الجنح المعاقب عليها بالحبس التي تزيد مدته عن ستة أشهر1.
المطلب الثاني : خصائص التحقيق الابتدائي
يتسم التحقيق الابتدائي بخصائص ثلاث :
- هو مكتوب برمته, فالقاضي يملي على الكاتب ما يجب تدوينه في إفادات يجري الاستماع إليها, أو معاملات أو إجراءات تطرأ على الملف... وسواها.
- هو سري (باستثناء ما يتعلّق بالقرار الظني), بمعنى أنه لا يُسمح لأحد الإطلاع على مجرياته, حتى ولو كان من فرقاء الدعوى. إلا أن هذه السرية لا تشمل النائب العام الذي يتوجب عليه متابعة الدعوى باستمرار, وإبداء مطالبه ومطالعاته فيها, ومراقبة القرارات التي يتخذها قاضي التحقيق للطعن بها إذا ارتأى ذلك. إشارة إلى أن كل من يفشي سرية ملف التحقيق أو ينشر وثيقة من وثائقه, يتعرض للملاحقة الجزائية 1.
الفرع الأول : التدوين
يقصد به أن يجري التحقيق كتابة فتثبت فيه كافة الإجراءات التي اتخذت في الدعوى بمعرفة سلطة التحقيق على الوجه السابق ذكره.
تدوين التحقيق أمر لازم إذ لا يمكن الاعتماد على ذاكرة المحقق لأنها لابد أن تخونه وخصوصا بعد مرور فترة من الزمن، كما أن حياة المحقق من أمر ربه وقد لا تمتد حتى يفصل في الدعوى.
ويلزم أن يجرى تحرير التحقيق بمعرفة كاتب مختص تحت إشراف المحقق، ويوقع الكاتب مع المحقق على جميع أوراق التحقيق ويكون مسؤولا عن ترتيب تلك الأوراق.
والمحكمة من وجود كاتب التحقيق هي أن يتفرغ المحقق للناحية الفنية في التحقيق، بينما ينحصر عمل الكاتب في إثبات الإجراءات عن طريق كتابتها وتدوينها بخطه في محضر التحقيق، ولذا لا يجوز أن يكتب المحقق المحضر بخط يده، إذ أن التحقيق يكون باطلا بطلانا جزئيا فيما يتعلق بالإجراء الذي لم يثبته الكاتب بخطه، وفي ذلك يختلف محضر التحقيق عن محضر جمع الاستدلالات الذي يحرره بحسب الأصل مأمور الضبط القضائي بنفسه 2 .
والجدير بالملاحظة أن مأمور الضبط إذا استعان بكاتب لا يكون محضر تحقيقه باطلا مادام قد تم تحريره بوجوده تحت إشرافه ويتوقع منه على أوراق ذلك المحضر وذلك لأن توقيع مأمور الضبط وحده يكفي دون حاجة إلى توقيع الكاتب الذي استعان به مأمور الضبط في تحرير محضر جمع الاستدلالات. فتدوين التحقيق أمر لازم حتى يكون محضر التحقيق حجة على الكافة وتكون إجراءاته أساسا صالحا لما ينبغي عليها من نتائج.
وتدوين التحقيق لازمة قديمة لأنه كان معروفا لدى قدماء المصريين في عصور الفراعنة كانوا يستلزمون أن تكون المرافعات الجنائية كتابية حتى لا يتأثر القضاة في حكمهم ببلاغة المحامين ولا بدموع المتهمين.
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الشأن أن الأوامر التي يصدرها المحقق كأمر الإحضار وأمر القبض وأمر تفتيش الشخص أو المسكن، ليست محاضر تحقيق، وبالتالي لا يلزم أن يحررها كاتب التحقيق بخطه، ومعنى ذلك أن للمحقق أن يحرر تلك الأوامر بخط يده ويوقع عليها ويكلف أحد مأموري الضبط بتنفيذها، إلا أنه تجب الإشارة في محضر التحقيق إلى إصدار هذه الأوامر من المحقق وإثبات صدور مثل هذه الأوامر على هذا النحو يقوم بتدوينه الكاتب المختص بخط يده في محضر التحقيق الابتدائي.
الفرع الثاني : السرية بالنسبة للجمهور
تعتبر إجراءات التحقيق وكذلك النتائج التي تسفر عنها من الأسرار، بمعنى أن إجراء التفتيش في مسكن المتهم، وضبط أوراق أو أشياء فيه كلاهما يعتبران من الأسرار التي يجب عدم إفشائها، ولذلك لا يسمح عادة للناس بارتياد مكان التحقيق أو البقاء فيه بغير مقتضى.
وكذلك يجب على قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العامة وكتبة التحقيق والخبراء الذين لأعمال فنية في التحقيق، ومأموري الضبط القضائي، وغيرهم ممن يحضرون إجراءات التحقيق أو يتصلون بها بحكم وظائفهم يجب عليهم جميعا عدم إفشاء أي سر من أسرار تلك الإجراءات أو نتائجها، لأن ذلك يكون جريمة معاقبا عليها قانونا، المادة (11) ق.إ.ج1.
بقولها أن إجراءات التحري والتحقيق تكون سرية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك وكل من أفشى سر المهنة وهو مؤتمن على كتمانه يعاقب طبقا لقانون العقوبات، وعلى هذا نصت المادتان 46 و 85 من قانون الإجراءات أيضا والمادة 301 عقوبات.
ويلاحظ أن إفشاء الأسرار المعاقب عليه لا ينطبق على الشهود ولا على الخصوم في الدعوى لأنهم لا يحصرون إجراءات التحقيق بحكم مهنتهم أو وظيفتهم.
ومن البديهي أن هذه السرية تنتهي بمجرد إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة لأن إجراءات المحاكمة تكون دائما علنية، ونذكر هنا بما سبق قوله من أن سرية التحقيق والتحريات مأخوذة عن النظام التقييمي في الاتهام ولهذا تنص على سرية التحقيق تلك التشريعات التي تطبق حاليا نظام الاتهام المختلط على اعتبار أن هذه السرية هي إحدى ميزات النظام التقييمي التي أخذ بها النظام المختلط في الخصومة الجنائية.
وقد فرق قدماء المصريين منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة بين نوعين من المحاكم الجزائية الأولى محاكم عادية في الدن والأقاليم وتكون إجراءاتها علنية والثانية محاكم مخصوصة تختص بالجرائم التي تمس أمن الدولة أو الملك أو الأسرة المالكة، وقد وجدت نقوش ورسومات فرعونية قديمة تعرف بنقوش أونا (ONA) الذي اختاره الطك ليفصل في الدعوى التي أقيمت ضد الملكة، وقد ذكر في هذه النقوش الطك طلب من القاضي أ يسمع الدعوى سرا فلم يحضر أحد من الجمهور أثناء التحقيق وقام القاضي بنفسه بتدوين المحضر.
أما في الدول التي تأخذ في الإدعاء الجنائي بالنظام الاتهامي فإنها تنص في تشريعاتها أن يجري التحقيق علنا كإنجلترا والدول الذي أخذت عنها كالهند والعراق والسودان وغيرها فالتحقيق الابتدائي تكون إجراءاته علنية كما هو الحال في المحاكمات، وينص القانون السوداني على أن يسمح بالدخول إلى قاعة التحقيق لكل من يريد حضور إجراءات التحقيق بقدر ما تتسع تلك القاعة المعدة لذلك1.
الفرع الثالث : العلنية بالنسبة للخصوم
الأصل التحقيق الابتدائي أن يكون علنيا بالنسبة للخصوم، فيحضره من يشاء منهم وله أن يصطحب محاميه في حضور كافة إجراءات التحقيق.
ويقصد بالخصوم في الدعوى العمومية: المجني عليه والمتهم، والمدعي بالحق المدني، والمسؤول عن الحق المدني، والنيابة العامة. ولذا جرى العمل على إخطار الخصوم بمعرفة قاضي التحقيق عن الأوقات التي يحددها للقيام بإجراء المعاينة أو استجواب المتهم وما إلى ذلك من إجراءات هامة.
إلا أن كثيرا من التشريعات ينص صراحة على أنه يجوز إجراء التحقيق بصفة سرية إذا قامت ضرورة لذلك وهذه الضرورة تنحصر في أمرين: إما بغرض إظهار الحقيقة في الدعوى موضوع التحقيق، وإما مراعاة لمصلحة عامة، فللمحقق عند توافر أحد عنصري هذه الضرورة أن يباشر بعض إجراءات التحقيق في غيبة أطراف الخصومة أو بعضهم، على أن يطلعهم على الأوراق المثبتة للإجراءات التي اتخذت في غيبتهم بعد زوال سبب السرية، ومن هذه التشريعات قوانين الإجراءات في مصر وليبيا والكويت.
كما أن هناك بعض التشريعات تنص على أن يؤدي الشهود شهادتهم أمام قاضي التحقيق فرادى، أي واحد تلو الآخر في غيبة المتهم، وعلى ذلك تنص المادة 90 من قانون الإجراءات الجزائري، وعلى هذا تنص أيضا قوانين الإجراءات في كل من سوريا ولبنان وتونس.
ومن القواعد العامة في الإجراءات الجزائية أن الخصم ومحاميه يعتبران شخصا واحدا في كل ما يتعلق بإجراءات التحقيق الابتدائي من حيث السرية وغيرها أي أنه لا يجوز فصل أحدهما عن الآخر بحجة السرية وخصوصا أن المحامي في أثناء التحقيق الابتدائي لا يتكلم إلا بإذن المحقق، وتنص بعض القوانين صراحة على ذلك ومنها قوانين مصر وسوريا ولبنان1.
الفرع الرابع : المرونة
يحكم التحقيق حدان، حد موضوعي وحد شخصي، الأول يتعلق بموضوع الجريمة أي التهمة وما تتضمنه من وقائع وأفعال، والثاني يتعلق بالأشخاص الموجهة إليهم التهمة أو الذين يمكن أن توجه إليهم بصفتهم فاعلين أو شركاء، ويتحكم في مدى مرونة التحقيق هذان الحدان، فقد سبق أن رأينا أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص في تقديم الطلب الافتتاحي لقاضي التحقيق لفتح تحقيق، فلا يجوز للمحقق إجراء تحقيق ما ولو كان بصدد جناية أو جنحة متلبس بها بناء على مثل ذلك الطلب (المادتان 67، 60 إ. ج) الذي قد يوجه ضد شخص معلوم وقد يوجه ضد شخص غير معلوم، ففي هذه الحالة الأخيرة يسمح القانون لقاضي التحقيق أثناء مباشرة التحقيق أن يوجه الاتهام لكل شخص يرى أن هناك ما يدعو لاتهامه كوجود دلائل على مساهمته في الجريمة موضوع التحقيق المعروضة على القاضي، وهذا يعني أن هذا الأخير لا يقيده القانون من حيث الأشخاص بمن ورد ذكرهم في طلب النيابة العامة، فيجوز له أن يقحم كل شخص يراه جديرا بالاتهام في الدعوى العمومية المنظورة، وله في نفس الوقت صلاحية الأمر بألا وجه للمتابعة لصالح من يرى عدم وجود وجه لمتابعته جنائيا، فتنص الفقرة الثالثة من المادة 67 إ.ج (ولقاضي التحقيق سلطة اتهام كل شخص ساهم بصفته فاعلا أو شريكا في الوقائع المحال تحقيقها عليه، في حين نرى أن قاضي التحقيق لا يملك مثل هذه الصلاحية إذ تعلق المر بالوقائع فيقيده القانون بوجوب الالتزام بالوقائع المعروضة عليه في طلب النيابة العامة، فإذا كشف له التحقيق عن وقائع غيرها، أي وقائع جديدة لم ترد بها طلبات النيابة وجب على المحقق إحالة الوثائق المثبتة لها للنيابة التي يرجع لها المر وحدها في تقديم ما تراه بشأنها من طلبات، فتنص الفقرة الرابعة من المادة 67 إ.ج (فإذا وصلت لعلم قاضي التحقيق وقائع لم يشر إليها في طلب إجراء التحقيق وقائع لم يشر إليها في طلب إجراء التحقيق تعين عليه أن يحيل فورا إلى وكيل الجمهورية الشكاوى أو المحاضر المثبتة لتلك الوقائع1.
المبحث الثاني : تعريف قاضي التحقيق وضبط اختصاصاته
المطلب الأول : تعريف قاضي التحقيق وعرض خصائصه
الفرع الأول : تعريف قاضي التحقيق
لقاضي التحقيق نظام وخصائص تميزه عن غيره من أعضاء الجهاز القضائي حيث تختلف تماما عن خصائص أعضاء النيابة العامة وتنفرد بهذه الخصائص سلطة التحقيق.
يعتبر قاضي التحقيق أحد قضاة الهيئة القضائية حيث يتم تعيينه في مهامه بموجب مرسوم رئاسي بناء على اقتراح من وزير العدل، وتنهي مهامه بنفس الطريقة طبقا للمادة 39 (ق.إ.ج) والتي تم تعديلها بموجب القانون الصادر في جوان 2001 بحيث قبل هذا التعديل كان قاضي التحقيق يعين بموجب قرار وزاري1.
الفرع الثاني : خصائصه
يتميز قاضي التحقيق بالخصائص التالية :
أولا : حيدة قاضي التحقيق
إن مهمة قاضي التحقيق هي الفصل في النزاع القائم بين جهة الاتهام والمتهم، ويجب أن يتم هذا الفصل بطريقة حيادية عن الخصوم، إذ أن حيدة المحقق من أهم الضمانات في التحقيق، حيث تضمن نزاهة المحقق وعدم ميله إلى جانب سلطة الاتهام عنايته ببحث دفاع المتهم للوصول إلى الحقيقة. هذا وإن حيدة المحقق لا تتحقق إلا إذا كان هناك فصل بين سلطة الاتهام وسلطة التحقيق وسلطة المحاكمة.
1- استقلال سلطة التحقيق عن سلطة الاتهام
إن مبدأ استقلال سلطة التحقيق عن سلطة الاتهام فيه ضمانة لتحقيق العدالة، حيث أن جمع النيابة العامة لسلطتي التحقيق والاتهام يجعل منها خصما وحكما في ذات الوقت الأمر الذي يترتب عليه التشدد مع المتهم وعدم الاعتناء بدفاعه، وقد تبنى المشرع الجزائري مبدأ الفصل بين سلطة التحقيق وسلطة الاتهام 2.
2- استقلال سلطة التحقيق عن قضاء الحكم
بلغ حرس المشرع على حيدة سلطة التحقيق بأن جعلها كذلك مستقلة عن سلطة الحكم حيث منع قاضي التحقيق من النظر كقاضي حكم في قضايا نظر فيها كقاضي تحقيق وإلا كان ذلك الحكم باطلا (المادة 38)، غير أنه إذا كان لا يجوز لقاضي التحقيق الاشتراك في الحكم في القضايا التي حقق فيها، فإن القضاء الجزائري قد استقر على جواز تمثيل قاضي التحقيق للنيابة العامة في القضايا التي حقق فيها لأنه (لا تضارب بين دور النيابة العامة الذي يقوم به أحد أعضائها وبين قيام قاضي التحقيق أحيانا بهذا الدور)، كذلك فإن قاضي التحقيق لا يشترك في هذه الحالة فيما تصدره المحكمة من قرارات.
ثانيا : عدم مسؤولية قاضي التحقيق
لكي يقوم قاضي التحقيق بعمله على أحسن وجه لابد وأن يؤمن من المسؤولية الجنائية والمدنية عما يترتب على عمله من أخطاء. إلا أنه إذا تجاوز قاضي التحقيق حدود سلطته بارتكابه خطأ منهيا جسيما أو غشا أو تدليسا فإنه تحت طائلة المسؤولية.
ثالثا : قابليته للرد
إن قاضي التحقيق هو في الأصل قاضي حكم انتداب لهذه المهمة، وأن ما يصدر عنه يعتبر عملا قضائيا لأنه يفصل في نزاع قائم بين خصمين هما النيابة العامة والمتهم. وعلى غرار قضاة الحكم أعطى المشرع للمتهم وللمدعي المدني الحق في طلب تنحية قاضي التحقيق عن القضية وذلك لحسن سير العدالة ويتم ذلك بواسطة طلب يوجه إلى النيابة العامة (م 71).
رابعا : انعدام التبعية التدريجية
لا يخضع قاضي التحقيق لنظام التبعية التدريجية ومن ثم لا يملك رؤساؤه إصدار أية تعليمات له سواء شفوية أو كتابية لاتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق أثناء سير العمليات 1.
خامسا : ازدواجية دور قاضي التحقيق
يقو م قاضي التحقيق بمهمتين :
- القيام بإجراءات التحقيق المتمثلة في جمع الأدلة وفحصها للوصول إلى الحقيقة وإصدار الأوامر اللازمة لممارستها.
- إصدار الأوامر بشأن التصرف في التحقيق.
المطلب الثاني : اتصال قاضي التحقيق بالدعوى العمومية
الفرع الأول : عن طريق الطلب الافتتاحي
لا تخفى خطورة النفوذ الذي تتمتع به النيابة العامة باعتبارها خصما في الدعوى العمومية، حيث خول لها المشرع سلطة اختيار قاضي التحقيق لمباشرة التحقيق وتظهر هذه السلطة بجلاء عند تواجد عدة قضاة تحقيق في محكمة واحدة حيث تختار النيابة العامة القاضي المحقق بالنظر إلى عدة اعتبارات قد تتعلق بمصالح العدالة منها التخصص في بعض المسائل وطول التجربة والكفاءة حيث يوجد في هذا المجال تفاوت بين القضاة المحققين.(المادتين 67-79).
وتبدو كذلك سلطة النيابة العامة في حالة التلبس بالجريمة حيث إذا وجد قاضي التحقيق ووكيل الجمهورية في مكان الحادث في وقت واحد فلا يحقق لقاضي التحقيق إجراء التحقيق وإنما ينتظر طلبا من وكيل الجمهورية الحاضر معه. ويحق لوكيل الجمهورية عدم تعيين القاضي الحاضر معه وذلك حسبما يفهم من أحكام المادة (60). والعلة التي يتوخاها المشرع من تقرير هذا النفوذ لوكيل الجمهورية هي تفادي انفراد قاضي التحقيق بالتحقيق في القضية بعيدا عن النيابة العامة صاحبة الدعوى العمومية، وسنرى فيما بعد مدى النفوذ الذي تتمتع به النيابة العامة كخصم أثناء التحقيق1.
أولا : مضمون الطلب الافتتاحي
يتضمن الطلب الافتتاحي ما يلي :
• الوثائق التي يعتمد عليها والمتمثلة في محاضر جمع الاستدلالات (التحقيق الأولي) الذي قامت به جهات الضبط القضائي.
• تعيين القاضي المحقق باسمه.
• تحديد هوية المتهم إذا كانت معروفة، غير أنه يجوز أن يوجه الطلب ضد شخص غير مسمى.
• الوقائع المنسوبة إلى المتهم والمواد القانونية المطبقة عليها.
• طلبات وكيل الجمهورية (مثل إيداع المتهم الحبس وكل إجراء يراه لازما للتحقيق)، وإذا لم يلب قاضي التحقيق طلبات وكيل الجمهورية بخصوص إيداع المتهم الحبس يحق لوكيل الجمهورية رفع استئناف إلى غرفة الاتهام في أجل لا يتعدى 10 أيام.
يجب أن يمضي وكيل الجمهورية الطلب ويضبط تاريخه ويسجل في سجل النيابة ويبلغ إلى قاضي المحقق.
ثانيا : آثار الطلب الافتتاحي
بمجرد حصول قاضي التحقيق على الطلب الافتتاحي لإجراء التحقيق في واقعية ما، يكون قد اتصل قانونا بالدعوى العمومية وتترتب على ذلك النتائج التالية:
النتيجة الأولى :عينية الدعوى (التقيد بالوقائع)
إن اتصال قاضي التحقيق بالقضية يجعل اختصاصه عينيا وليس شخصيا أو ذاتيا. ومعنى ذلك أن قاضي التحقيق يتقيد بالوقائع التي حددتها جهة الاتهام التيس كلفته بالتحقيق دون غيرها من الوقائع، وهذا تطبيقا لمبدأ عينية الدعوى في تحقيق أفعال معينة ارتكبها المتهم. فإذا وصلت إلى علم قاضي التحقيق وقائع لم يتضمنها الطلب الافتتاحي فإنه يجب عليه إحالة الشكاوى والمحاضر المثبتة لتلك الوقائع فورا إلى وكيل الجمهورية (المادة 67 فقرة 4) 1،
حيث يمكن لوكيل الجمهورية في هذه الحالة تكليف قاضي التحقيق بالتحقيق في هذه الوقائع بطلب إضافي إن هذه الوقائع التي يكشفها قاضي التحقيق قد تظهر بناء على شكوى موجهة إليه. أو من خلال إجراءات التحقيق. وإذا قام قاضي التحقيق بالتحقيق في هذه الوقائع الجديدة التي لم يتضمنها الطلب الافتتاحي فإن الإجراءات تعد صحيحة ومنتجة لآثارها باعتبارها عملا استدلاليا من أعمال ضابط الشرطة القضائية، لأن قاضي التحقيق له اختصاصات في مجال الضبط القضائي حسب نص المادة 12.
ولكن هذه الإجراءات تعتبر باطلة بطلانا مطلقا باعتبارها من أعمال التحقيق.
غير أن قاعدة عينية الدعوى لا تمنع قاضي التحقيق التحقق من وجود الظروف الملائمة للفعل حتى يستطيع تكييفه. كما أن مبدأ عينية الدعوى لا يلزم قاضي التحقيق بالوصف القانوني للواقعة حسبما ما هو محدد في الطلب الافتتاحي وإنما يحق له تغيير التكييف وإعطاء الواقعية وصفا مغايرا لوصف جهة الاتهام على ضوء دراسته للواقعة.
النتيجة الثانية : تنحية قاضي التحقيق
يجوز لوكيل الجمهورية بعد اتصال قاضي بالدعوى تنحيته لحسن سير العدالة بناء على طلب المتهم أو المدعي المدني وإسناد التحقيق إلى قاضي آخر (المادة 51). وأعطت هذه المادة لوكيل الجمهورية سلطة تقدير طلب المتهم والمدعي المدني بشأن حيدة قاضي التحقيق حيث يقوم بدراسة مبررات طلب التنحية وله سلطة مطلقة في تنحية القاضي وفي عدم تنحيته على أن يبث في هذا الأمر خلال ثمانية أيام ويكون قراره غير قابل للطعن (المادة 71 فقرة 1) هذا ولا يجوز لوكيل الجمهورية تنحية قاضي التحقيق في غير الحالة المشار إليها في المادة 71، حيث إذا تراءى له وجود نقص في الإجراءات التي يقوم بها قاضي التحقيق فعليه انتظار ما يسفر عنه التحقيق والطعن فيه أمام غرفة الاتهام1.
النتيجة الثالثة : عدم تقييد قاضي التحقيق بالأشخاص
يؤكد المبدأ الفقهي على عدم تقييد قاضي التحقيق في تحقيقه بالأشخاص المحددين في الطلب الافتتاحي، وإنما يحق له تناول القضية بالبحث لتحديد مرتكبها سواء كان محددا في الطلب الافتتاحي أو لم يكن محددا. ويستفاد من المبدأ من نص المادة 67 فقرة 4 التي ألزمت قاضي التحقيق بالتقييد بالوائع المحالة إليه فقط، الأمر الذي يفهم منه أن قاضي التحقيق يمكن أن يوجه التهمة إلى أي شخص ساهم في الجريمة تم اكتشافه أثناء التحقيق ولم يتضمن الطلب الافتتاحي الإشارة إليه.
بالإضافة إلى هذا فإن المادة 67 فقرة 3 أعطت لقاضي التحقيق صلاحية توجيه الاتهام إلى كل شخص ساهم في الجريمة باعتباره فاعلا أصليا أو شريكا.
الفرع الثاني : عن طريق شكوى المضرور
يتصل قاضي التحقيق قانونا بالدعوى العمومية إذا ما حصل على شكوى من الشخص المضرور من الجريمة (المادة 72)، وعليه إذا تقدم المضرور بشكواه أمام قاضي التحقيق فلا يجوز لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق عدم إجراء التحقيق ما لم تكن الوقائع لأسباب تمس الدعوى العمومية نفسها غير جائز قانونا متابعة التحقيق من أجلها، أو كانت الوقائع حتى بفرض ثبوتها لا تقبل أي وصف جزائي (المادة 79 فقرة 2). ومهما يكن فإذا لم يوافق قاضي التحقيق على طلبات وكيل الجمهورية فإنه يجب عليه إصدار أمر مسبب قابل للطعن من طرف وكيل الجمهورية أمام غرفة الاتهام، وكذلك يجوز للطرف المضرور الطعن في أمر قاضي التحقيق برفض التحقيق أمام غرفة الاتهام 1 .
المبحث الثالث : أعمال قاضي التحقيق
المطلب الأول: الانتقال للمعاينة- التفتيش وضبط الأشياء
الفرع الأول: الانتقال للمعاينة
قد يحتاج قاضي التحقيق إلى معاينة الأماكن التي وقعت فيها الجريمة والأشياء الموجودة بها. وتقتضي هذه المعاينة تنقل قاضي التحقيق إلى مكان الواقعة لإجراء المعاينات اللازمة أو للقيام بتفتيشها الأمر الذي يترتب عليه تيسير مباشرة جمع الأدلة حيث تسهل دعوة الشهود للإدلاء بمعلوماتهم فور الحادث، وفضلا عن هذا فإنه كلما بادر المحقق بالانتقال إلى مكان الحادثة، كلما ساعد هذا على الوصول إلى حقيقتها قبل أن تمتد إليها يد العبث. وقد أعطى المشرع الجزائري لقاضي التحقيق سلطة تقديرية في هذا المجال بحيث يملك تقدير الحالات الضرورية للتنقل إلى مكان الحادث (المادة 79).
إجراءات التنقل إذا استدعت ضرورة التحقيق انتقال قاضي التحقيق إلى مكان الحادث، فإن هذا الانتقال قد يتم في دائرة اختصاصه أو في دائرة اختصاص أخرى.
أ- الانتقال إلى دائرة اختصاصه
إذا قرر قاضي التحقيق الانتقال إلى مكان الحادث لإجراء المعاينات اللازمة وكان ذلك داخل دائرة اختصاصه المحلي يجب عليه مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في المادة 79 وهي:
- إخطار وكيل الجمهورية الذي يمكن له مرافقته.
- الاستعانة بكاتب التحقيق.
- تحرير محضر بما يقوم به من إجراءات 1.
ب. الانتقال إلى دائرة اختصاص المحاكم المجاورة
أجازت المادة 80 لقاضي التحقيق الانتقال إلى دائرة اختصاص المحاكم المجاورة لإجراء المعاينات اللازمة والتفتيش مع مراعاة الإجراءات التالية:
- أن تكون هناك ضرورة من ضرورات التحقيق.
- إخطار وكيل الجمهورية المختص محليا (أي وكيل الجمهورية لدى المحكمة التي يرد الانتقال إلى دائرتها.
- أن يحدد في المحضر الأسباب التي دعت إلى انتقاله.
الفرع الثاني : التفتيش
أولا : تعريف التفتيش
التفتيش هو الإطلاع على محل منحه القانون حرمة خاصة باعتباره مستودع ير صاحبه لضبط ما قد يحتوي عليه من أدلة في كشف الجريمة. وينصب التفتيش على جميع الأماكن التي يمكن العثور فيها على أشياء يكون كشفها مفيدا لإظهار الحقيقة (المادة 81). فما هو المحل الذي يرد عليه التفتيش.
ثانيا : محل التفتيش
راع المشرع حرمة المسكن باعتباره مستودع أسرار صاحبه ومكان اطمئنانه ولذلك نص الدستور في المادة 50 على أنه (تضمن الدولة حرمة المسكن)، ولا تفتيش إلا بمقتضى القانون وفي حدوده، ولا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية المختصة. ماهو المسكن المراد حمايته؟
يعتبر مسكن ذلك المكان الذي يقطن فيه الشخص عادة ولا يباح لأي فرد الدخول إليه إلا بإذن منه. وتتحقق الحماية القانونية سواء كان المسكن مسكونا فعلا أو خال من السكان. وفي هذا الصدد تقول المادة 355 من قانون العقوبات (المنزل المسكون هو كل مبنى أو دار أو غرفة او كشك ولو متنقلا متى كان معدا للسكن وإن لم يكن مسكونا وقت ذاك وكافة توابعه 1.
أ- شروط التفتيش
لكي يعتبر تفتيش المسكن قانونيا ومنتجا لأثاره لابد أن تتوافر شروط موضوعية وشروط شكلية
الشروط الموضوعية :
- إجراء التحقيق
يجب أن يكون الهدف من التفتيش هو إجراء التحقيق للوصول إلى أدلة تفيد في كشف الجريمة المرتكبة، ومعنى ذلك أن التفتيش لا يصح من الناحية القانونية إلا بعد ارتكاب الجريمة حيث لا تصح مباشرته لجريمة مستقبلية ولو قامت الدلائل والتحريات على أنها ستقع بالفعل. ويستفاد هذا الشرط من نص المادة 81 التي تقول (يباشر التفتيش في جميع الأماكن التي يمكن العثور فيها على أشياء يكون كشفها مفيدا لإظهار الحقيقة). والحقيقة المقصودة في النص هي حقيقة الجريمة المرتكبة.
- أن تكون هناك فائدة من التفتيش والفائدة المراد الحصول عليها تتمثل في كشف الحقيقة، فإذا لم تكن هناك فائدة من وراء التفتيش فإن دخول قاضي التحقيق إلى البيت وتفتيشه يعد عملا غير قانوني.
- اتهام شخص معين لكي يعتبر تفتيش المسكن قانونيا لابد أن يكون هناك اتهام قائم ضد شخص معين مقيم في ذلك البيت، ولا بد أن يكون هذا الاتهام جديا، فإذا كان مستندا إلى مجرد الإخبار أو الشكاوى فلا يكفي لصحة التفتيش. وإذا كان الاتهام جديا فيستوي أن يكون المتهم قد ساهم في الجريمة باعتباره فاعلا أصليا أو شريكا، بل يكفي أن تقوم قرائن ودلائل على أن في حوزته أشياء لها علاقة بالجريمة. غير أن تقدير مدى كفاية الدلائل أمر متروك لتقدير القاضي المحقق تحت رقابة محكمة الموضوع التي إذا تبين لها عدم جدية الدلائل كان لها اعتبار التفتيش باطلا والالتفات عن الدليل المستمد منه 1.
- أن يكون التفتيش بخصوص جرائم معينة لا يوجد في قانون الإجراءات نص صريح يقصر التفتيش على جرائم معينة، غير أن الفقه قد استقر على أن التفتيش باعتباره إجراء يمس حرمة المنزل يجب أن ينصب على الجرائم ذات الجسامة كالجنايات والجنح ولا يحق تفتيش المسكن بحثا عن أدلة لكشف مخالفة لأنها من البساطة التي لا يجوز معها إهدار حرمة المسكن.
- أن يكون المسكن محددا لابد أن يقع التفتيش على مسكن الشخص الذي قامت ضده دلائل قوية عن مساهمته في الجريمة أو حيازته لأشياء لها علاقة بالجريمة ولذا يشترط أن يكون هذا المسكن محددا تحديدا كافيا لا يحتمل الخطأ أو اللبس.
الشروط الشكلية :
في مجال الشروط الشكلية يجب التفرقة بين حالتين حيث يجب توافر شروط معينة في كل حالة من حالات التفتيش وذلك بالنظر إلى صفة القائم به.
الحالة الأولى: قيام ضابط الشرطة القضائية بالتفتيش بناء على إنابة قضائية
في هذه الحالة يجب أن يكون ضابط الشرطة القضائية مدعما بالسند القانوني ويجب أن يتضمن إذن التفتيش ساعة وتاريخ صدوره واسم من أصدره واسم المأذون له بالتفتيش واسم المأذون بتفتيش مسكنه وعنوان المسكن والمهمة الخاصة والمقصودة من وراء التفتيش والمهلة المحددة لإجرائه.
الحالة الثانية: قيام قاضي التحقيق بالتفتيش بنفسه في هذه الحالة يجب التفرقة بين فرضين:
الفرض الأول: إذا تعلق الأمر بجنحة يجب على قاضي التحقيق مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 45 و 47 على النحو التالي1 :
- مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في 45 بحيث يجب أن يتم التفتيش بحضور صاحب البيت، فإذا تعذر عليه الحضور يكلفه قاضي التحقيق بتعيين ممثل له فإذا امتنع عن ذلك أو كان هاربا يتم التفتيش بحضور شاهدين.
- مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في المادة 47 بحيث يجب أن يتم التفتيش فيما بين الخامسة صباحا والثامنة مساء.
الفرض الثاني: إذا تعلق الأمر بجناية خولت المادة 82 لقاضي التحقيق صلاحية تفتيش مسكن المتهم في غير الأوقات المنصوص عليها في المادة 47 إذا تعلق الأمر بجناية مع مراعاة الإجراءات التالية:
- أن يجري قاضي التحقيق التفتيش بنفسه لا بطريق الإنابة القضائية.
- أن يتم التفتيش بحضور وكيل الجمهورية.
- أن ينصب التفتيش على مسكن المتهم فقط.
تفتيش منازل غير المتهمين
أجازت المادة 83 لقاضي التحقيق تفتيش مسكن غير المتهم مع مراعاة الإجراءات التالية :
- استدعاء صاحب المنزل ليكون حاضرا وقت التفتيش، وفي حالة غيابه يجرى التفتيش بحضور اثنين من أقاربه أو أصهاره الحاضرين بمكان التفتيش.
- إذا لم يوجد أحد منهم يجرى التفتيش بحضور شاهدين لا تكون ثمة بينهم وبين سلطات القضاء تبعية.
- الالتزام بأحكام المواد 45 و 47 فضلا عن ذلك، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان احترام سر المهنة وحقوق الدفاع.
هل يجب حضور المحامي أثناء التفتيش؟
تستوجب المادة 105 كقاعدة عامة حضور محامي المتهم لإجراءات الاستجواب والمواجهة التي يقوم بها قاضي التحقيق. غير أنه فيما يتعلق بالتفتيش فلا داعي لاستدعاء المحامي اللهم إلا إذا اقتضى الأمر من قاضي التحقيق استجواب المتهم أثناء عملية التفتيش1.
هل يجب على قاضي التحقيق الحصول مسبقا على طلبات النيابة العامة قبل عملية التفتيش؟
لا يوجد نص في قانون الإجراءات الجزائية يلزم قاضي التحقيق بتبليغ الملف إلى النيابة العامة، ويكفي أن يكون مصحوبا بكاتبه، وعند المقاومة يلجأ إلى الوسائل الإجبارية لفتح الأبواب مثلا.
جزاء مخالفة الأحكام القانونية للتفتيش
هناك جزاءات متعددة تترتب على مخالفة قاضي التحقيق للقواعد الخاصة بالتفتيش وهذه الجزاءات هي:
جزاء إجرائي
إذا قام قاضي التحقيق بإجراء التفتيش بالمخالفة لأحكام المواد 45،47، 83 فإن المشرع قرر بطلان التفتيش، وقد استقر القضاء الجزائري على أن بطلان عملية التفتيش يترتب عليها بطلان جميع الإجراءات اللاحقة إذا كانت هناك علاقة سببية بين عملية التفتيش الباطلة والعمليات التي تتبعها. وقد قضت إحدى المحاكم الفرنسية بأن التفتيش الباطل لا يترتب عليه نسبة الأشياء المضبوطة إلى المتهم.
جزاء جنائي
إذا لم يراع قاضي التحقيق إجراءات التفتيش فإنه يتعرض لجزاء جنائي على أساس:
- انتهاك حرمة المنزل وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 295 من قانون العقوبات.
- إساءة استعمال السلطة وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 135 من قانون العقوبات.
- المساس بسر المهنة وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 301 من قانون العقوبات.
2. تفتيش الأشخاص
يحق لقاضي التحقيق تفتيش الأشخاص دون استدعاء المحامي إلا إذا كان يريد استجوابهم أثناء التفتيش. ولا يوجد نص في قانون الإجراءات الجزائية يعطي حق تفتيش الأشخاص لقاضي التحقيق. غير أنه في هذا المجال يجب أن نفرق بين حالتين1:
الحالة الأولى: إذا كان الشخص المراد تفتيشه متهما
إذا كان القانون قد أعطى لضابط الشرطة القضائية سلطة تفتيش الشخص عند القبض عليه على سبيل الاحتياط والوقاية وذلك لحماية من يتولى القبض من أي اعتداء قد يقوم به المقبوض عليه في سبيل استرداد حريته، فإن التفتيش الذي يقوم به قاضي التحقيق يهدف من ورائه إلى كشف أدلة مادية عن الجريمة. ويصبح التفتيش بمجرد اتهام الشخص في مساهمته في جناية أو جنحة.
الحالة الثانية : إذا كان الشخص المراد تفتيشه غير متهم
لا يملك قاضي التحقيق سلطة تفتيش سلطة تفتيش الشخص إذا لم يكن متهما ما لم تتوافر الشروط التالية :
- أن يقوم دلائل كافية وقوية على حيازته لأشياء ذات علاقة بالجريمة.
- أن تكون هذه الدلائل جدية وعلى شيء من الخطورة ومن ثم فلا يجوز تفتيش الشخص لمجرد شبهات تقوم ضده.
الرضاء بالتفتيش
يرى جانب من الفقه أن قيود التفتيش التي وضعها المشرع لحماية حرمة المنزل وحرمة الشخص يجوز له التنازل عنها ويترتب على هذا التنازل عدم بطلان الإجراءات التي تمت بالمخالفة للأحكام القانونية بشرط أن يكون هذا الرضاء حاصلا قبل إجراء عملية التفتيش وأن يكون صريحا ومكتوبا. غير أننا نرى أن الأحكام القانونية التي وضعت لحماية حرمة المسكن وحرية الفرد ذات طبيعة عامة لأنها تهدف إلى تنظيم كيفية المساس بهذه الحرمة والحرية وهما على درجة من الأهمية الاجتماعية، بحيث أن الاعتداء عليها أو حتى الرضاء بالاعتداء عليها يترتب عليه ضرر للهيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد المتهم وهي المجتمع ولذلك فإننا نرى أن هذه القواعد تعتبر متعلقة بالنظام العام ومن ثم لا يجوز التنازل عنها ويترتب البطلان على مخالفتها حتى ولو رضي صاحب المر بها، وهذا البطلان بطلان مطلق1.
الفرع الثالث : ضبط الأشياء المتعلقة بالجريمة
أولا : تعريف ضبط الأشياء
إن الغرض من التفتيش هو ضبط كل ما يمكن أن يفيد في كشف الحقيقة عن الجريمة المرتكبة وإذا أسفر التفتيش عن ضبط أشياء لها علاقة بالجريمة وجب على قاضي التحقيق أو ضابط الشرطة القضائية المنوب عنه إحصاءها ووضعها في أحراز مختومة (المادة 84). فلا يجوز فتح هذه الأحراز أو الوثائق إلا بحضور المتهم مصحوبا بمحاميه أو بعد استدعائه قانونا. وإذا كانت المضبوطات نقودا أو أوراقا تجارية ذات قيمة مالية وكان التحقيق يتطلب الاحتفاظ بها كأن تكون نقودا ضبطت في رشوة أو نقودا مزيفة فإنها تحفظ لدى قاضي التحقيق على ذمة القضية، أما إذا لم يكن التحقيق بحاجة إليها لإظهار الحقيقة فيجوز لقاضي التحقيق التصريح للكاتب بإيداعها الخزينة (المادة 84 فقرة 4).
ثانيا: كيفية التصرف في الأشياء المضبوطة : تفرق بين حالتين
الحالة الأولى : إذا أصدر قاضي التحقيق أمرا بإحالة القضية إلى المحكمة المختصة فإن التصرف في تلك المضبوطات يصبح من اختصاص تلك المحكمة.
الحالة الثانية : إذا أصدر قاضي التحقيق أمرا بألا وجه للمتابعة ولم يبت في طلب رد الأشياء فإن سلطة البت تكون لوكيل الجمهورية (المادة 87).
ملاحظة :
يجوز للمتهم وللمدعي المدني ولكل شخص آخر يدعي أن له حقا على شيء موضوع تحت سلطة القضاء أن يطلب استرداده من قاضي التحقيق (المادة 86) 1.
المطلب الثاني : ندب الخبراء وفحص شخصية المتهم
الفرع الأول : ندب الخبراء
أولا: مباشر الخبرة
1- اختيار الخبراء : يختار الخبير في الحالات العادية من ضمن القائمة التي تعدها المجالس القضائية كل سنة بعد أخذ رأي النيابة العامة (المادة 114 فقرة 1). أما في الحالات الاستثنائية فيجوز لقاضي التحقيق ندب خبير غير مقيد بالجدول.
2- أداء الخبير لمهمته :
- تحديد المهمة يجب على قاضي التحقيق أن يحدد مهنة الخبير في قراره الني لا يجوز الخروج عليها والتي تتمثل في فحص مسائل فنية (المادة 146).
- تحديد مهلة الإنجاز يحدد قاضي التحقيق في قرار الندب المدة التي ينبغي خلالها على الخبير تقديم تقريره الفني ويجوز أن تمتد هذه المهلة إذا اقتضت ظروف الخبرة ذلك بناء على طلب الخبراء. وإذا لم يقدم الخبير تقريره في الميعاد المحدد يجب عليه إعادة الأوراق التي تلقاها وتقديم نتائج ما قام به من أبحاث في ظرف 48 ساعة. ويستبدل الخبير في هذه الحالة بغيره مع جواز شطب اسمه من قائمة الخبراء (المادة 48).
- تنفيذ المهمة تتم عملية تنفيذ المهمة وفقا للطرق التالية1:
اليمين : قبل البدء في القيام بالمهمة الفنية يحلف الخبير اليمين القانونية بالصيغة التالية (أحلف بالله العظيم أن أقوم بأداء مهمتي كخبير على خير وجه وبكل إخلاص وأن أبدي رأي بكل نزاهة واستقلال). وإذا كان الخبير مقيدا بجدول المجلس فلا يطلب منه تكرار اليمين لسبب أدائه القسم أمام ذلك المجلس (المادة 145 فقرة 1). وفي حالة قيام أسباب معينة تمنع الخبير من أداء اليمين يتعين ذكر هذه الأسباب بالمحضر وعندئذ يجوز أداء اليمين كتابة (المادة 145 فقرة 2).
ثانيا : مراقبة الخبرة
يقوم الخبير بأداء مهمته تحت مراقبة قاضي التحقيق (المادة 143 فقرة 1) ويجب عليه البقاء على اتصال بقاضي التحقيق وإحاطته علما بتطورات الأعمال التي يقوم بما وتزويده بكل ما من شأنه التسهيل عليه في اتخاذ الإجراءات اللازمة (المادة 148 فقرة 3).
وضعية الخصوم
أ. أجاز القانون لأطراف الخصومة أثناء إجراء عمليات الخبرة أن يطلبوا من قاضي التحقيق تكليف الخبراء بإجراء أبحاث معينة أو سماع أي شخص معين باسمه قد يكون قادرا على مدهم بالمعلومات ذات الطابع الفني (المادة 152).
ب. إذا استدعت ضرورات الخبرة استجواب المتهم فإن الاستجواب يتم من طرف قاضي التحقيق بحضورهم طبقا للأحكام الخاصة للاستجواب (المادة 151 فقرة 1). غير أنه يجوز للخبراء سماع أقوال المتهم بغير الكيفية المحددة في المادة 151 فقرة 1 إذا تنازل المتهم عن ذلك صراحة بتقرير منه أمام قاضي التحقيق (المادة 151 فقرة 2).
تقرير الخبرة
أ. بعد حصول قاضي التحقيق على التقارير الخاصة بالخبرة يقوم باستدعاء الخصوم ويحيطهم علما بنتائجها، ويكون لهم الحق في إبداء الملاحظات حول هذه النتائج وتقديم طلبات جديدة لإجراء خبرة تكميلية ويكون لقاضي التحقيق الرأي النهائي بقرار مسبب (المادة 154) 1.
ب. إذا تباينت آراء الخبراء أو كانت لديهم تحفظات في شأن النتائج المشتركة يحدد كل واحد منهم رأيه أو تحفظاته مع تعليل وجهة نظره (المادة 153).
الفرع الثاني: فحص شخصية المتهم
طبقا للمادة 68 فقرة 9 (ق.إ.ج)، يجري قاضي التحقيق بنفسه أو بواسطة أحد ضباط الشرطة القضائية تحقيقا عن شخصية المتهم وحالته الشخصية والمادية والعائلية والاجتماعية. وهذا التحقيق اختياري في الجنح وإجباري في الجنايات. كما يجوز لقاضي التحقيق أن يأمر بإجراء فحصا طبيا أو عقليا أو نفسيا بحسب الحالة إما من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المتهم أو محاميه1.
المطلب الثالث : سماع الشهود- الاستجواب والمواجهة
الفرع الأول: سمـاع الشهود
أجاز القانون لقاضي التحقيق من أجل مباشرة عمليات التحقيق سماع أي شخص كشاهد تخدم شهادته مصلحة التحقيق (المادة 88)، ومواجهته بشهود آخرين أو بالمتهم (المادة 96).
أولا: تعريف الشهادة
الشهادة هي : إثبات حقيقة واقعة معينة علم بها الشاهد من خلال ما شاهدة أو سمعة أو ادراكة بحواسه الأخرى عن تلك الواقعة بطريقة مباشرة ، والشهادة على هذا النحو تعد وسيلة إثبات أساسية في المسائل الجنائية ، لأنها تنصب في الغالب على وقائع مادية تقع فجأة ،يتعذر إثباتها إلا عن طريق الشهادة ومع ذلك فقد تضعف قيمة الشهادة كوسيلة إثبات ، إذا ما خضعت لبعض العوامل الشخصية التي تؤثر فيها وقد تتوافر أسباب أخرى تؤثر في نزاهة الشاهد ( كتعرضة للخوف أو مصلحة أو ميل أو صداقة لأحد الخصوم ) فالشاهدة تعتمد على ضمير الشاهد ، فهي تعد وسيلة إثبات وقتية أو عابرة لذلك يتعين ألا يمضى وقت بين حصول الواقعة وأداء الشهادة خشية ضياعها أو وفاة الشهود 2 .
طبقا للمادة 68 فقرة 9 (ق.إ.ج)، يجري قاضي التحقيق بنفسه أو بواسطة أحد ضباط الشرطة 3.
ثانيا : سلطة المحكمة في تقدير الشهادة
للمحكمة مطلق الحرية في وزن أقوال الشهود ، وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم ولم يضع القانون نصبا للشهادة يتقيد به القاضي في المواد الجنائية بل ترك له تقدير الشهادة بحسب اطمئنانه إليها وبغض النظر عن الشهود الذين سمعتهم، ويسمع المحقق الشهود الذي يرى سماعهم يفيد التحقيق سواء كانوا شهود نفى أو إثبات ، أما الذين لا جدوى من سماع أقوالهم ، فان سماع المحقق لهؤلاء يضع من وقت التحقيق ، لذلك وضع المشرع سلطة تقديرية للمحقق جدوى سماع الشاهد لصالح التحقيق وللمحكمة سلطة تقديرية واسعة وهذا هو المتفق علية فقها وقضاءا في اختيار الشهود الذين يرى سماعهم ، بناءا على طلب الخصوم أو لم يطلبوا 1 .
ثالثا : أهمية الشهادة
تمثل الشهادة الدليل العادي أو المألوف الذي يطمئن إليه في الغالب قضاء التحقيق ، والحكم إذا كانت الشهادة جادة ومتصلة بالوقائع اتصالا مباشرا ، ولم يكن هناك مطعن على شخص الشاهد ومع ذلك فان اتخاذ هذا الإجراء ، ليس متاحا في كل الظروف ، فقد لا يكون هناك شهود على الواقعة أو قد لا يرى المحقق ضرورة سماع الشهود 2.
رابعا : استدعاء الشهود
عندما تعرض القضية على قاضي التحقيق لإجراء التحقيق بشأنها قد يلجأ إلى سماع شهود الواقعة ومناقشتهم ومواجهتهم بالمتهم حول جزئياتها، كما أن خصوم الدعوى العمومية قد يلجأون في سبيل تدعيم مراكزهم إلى مطالبة قاضي التحقيق بالاستماع إلى شهادة بعض الأشخاص تكون معلوماتهم ذات أثر في نفي أو إثبات الواقعة. ولسماع أقوال الشهود يقوم قاضي التحقيق باستدعائهم بواسطة القوة العمومية أو بواسطة الرسالة الموصى عليه أو العادية أو بالطريق الإداري (بواسطة البلدية)3.
وقد أعطى قانون الإجراءات الجزائية لقاضي التحقيق الحرية في تحديد الأشخاص الذين يرى فائدة في سماع شهادتهم، سواء كان هؤلاء الأشخاص قد ورد ذكرهم في البلاغ عن الجريمة أو الشكوى منها أو يكون قد وصل إلى علم قاضي التحقيق بوسيلة ما أن لديهم معلومات عن الجريمة. كما يحق لقاضي التحقيق بقرار مسبب رفض سماع شهادة شاهد يبق للنيابة أن طالبت الاستماع إليه. وإذا اقتضى الأمر الاستماع إلى الموظفين أو رجال الشرطة فيستحسن استدعائهم بواسطة رسالة ويخطر رئيس مصلحتهم بهذا الاستدعاء. وإذا كان الأشخاص المطلوب شهادتهم من أعضاء الحكومة فلا يجوز تكليفهم بالحضور لأداء هذه الشهادة إلا بتصريح من رئيس الجمهورية وبناء على تقرير من وزير العدل وموافقة مجلس الوزراء (المادة 542). فإذا لم يصدر تصريح بالحضور تؤخذ أقوال الشاهد كتابة من مسكنه بمعرفة رئيس المجلس القضائي أو رئيس المحكمة التي يقيم بدائرتها الشاهد إذا كانت إقامته بعيدة عن المقر الرئيسي للمجلي. وإذا تعلق الأمر بسفراء الجمهورية المعتمدين بالخارج فلا يجوز تكليفهم بالحضور لأداء الشهادة إلا بعد ترخيص من وزير الشؤون الخارجية بناء على طلب من وزير العدل. (المادة 543). أما إذا تعلق الأمر بسفراء الدول الأجنبية المعتمدين بالجزائر فإن شهادتهم تؤخذ طبقا للأحكام المقررة في المعاهدات الدبلوماسية (المادة 544). أما تأدية الولاة للشهادة فإنها تخضع إلى بعض الشكليات مع ملاحظة أن القانون لم ينظم بقواعد خاصة كيفية أدائهم للشهادة، وغالبا ما يقع الاتفاق على أن يتلق قاضي التحقيق شهادتهم بمركز الولاية.
1- عدم حضور الشاهد
إذا لم يحضر الشاهد لأداء شهادته يحرر قاضي التحقيق محضرا بذلك (محضر عدم حضور شاهد) ويبلغه إلى النيابة العامة لإبداء طلباتها فيما يخص إدانة الشاهد أو الأمر بإحضاره بالقوة العمومية، وبعدها يجوز لقاضي التحقيق إصدار أمر بإحضار الشاهد والحكم عليه بغرامة من 200 إلى 2000 دينار. وإذا حضر الشاهد بعد ذلك وأبدى عذرا جديا يجوز لقاضي التحقيق إعفاءه من كل الغرامة أو جزء منها (المادة 97 فقرة 2) 1.
2- كيفية أداء الشهادة
قبل أداء الشاهد اليمين القانونية يعطي لقاضي التحقيق المعلومات المتعلقة بهويته ويشير إلى علاقته بخصوم الدعوى وإلى أي سبب يتعلق بأهليته (المادة 93).
3- كيفية أداء اليمين
يؤدي الشاهد اليمين ويده اليمنى مرفوعة إلى السماء قائلا (أقسم بالله العظيم أن أتكلم بغير خوف ولا حقد وأن أقول كل الحق ولا شيء غير الحق). هذا وتسمع شهادة القصر إلى سن السادسة عشر بغير حلف اليمين (المادة 93 فقرة 2)، وتكون شهادتهم على سبيل الاستدلال.
4- محضر الشهادة
أ. أداء الشهادة
يجب أن يكون تصريح الشاهد تلقائيا بحيث لا يجوز له العودة إلى المعلومات التي قيدها كتابة إلا في بعض الحالات حيث يمكن له مراجعة أقواله الكتابية وبشرط الحصول على إذن القاضي كالخبير مثلا. ويحق لقاضي التحقيق مناقشة الشاهد ومواجهته بشهود آخرين أو بالمتهم، كما يحق له إجراء التجارب الخاصة بإعادة تمثيل الجريمة (المادة 96). أما إذا لم تكن ضرورات التحقيق تستدعي إجراء المواجهة بين الشاهد والمتهم أو إعادة تمثيل الجريمة فإن الشهود يؤدون شهادتهم فرادى أمام قاضي التحقيق الذي يحرر محضرا بأقوالهم (المادة 90) 1،
وذلك بإملاء مضمون الشهادة على الكاتب، غير أنه يمكن للشاهد إملاء شهادته بنفسه بعد إذن القاضي ولكن يستحسن أن تكون الإملاء من طرف القاضي لأنه إذا أطلق العنان للشاهد فإنه غالبا ما يخرج عن الموضوع.
ب. تلاوة مضمون الشهادة
قبل إقفال محضر الشهادة يدعى الشاهد إلى إعادة تلاوة شهادته بنصها الذي حررت به، فإذا لم يكن ملما بالقراءة يتلى عليه فحوى الشهادة بمعرفة الكاتب (المادة 94).
5- امتناع الشاهد عن أداء الشهادة
قد يكون امتناع الشاهد عن أداء الشهادة بدون سبب أو بسبب جدي.
أ. الامتناع بدون سبب
إذا امتنع الشاهد عن أداء الشهادة ولم يكن هناك سبب جدي يمنعه من ذلك يجوز لقاضي التحقيق الحكم عليه بغرامة من 200 إلى 2000 دج ولا يكون هذا الحكم قابلا للطعن (المادة 97 فقرة 3 و 4)
إذا رفض الشاهد الإدلاء بأقواله أمام قاضي التحقيق بعد تصريحه علانية بأنه يعرف مرتكب الجريمة يجوز لقاضي التحقيق إحالته إلى المحكمة المختصة والحكم عليه بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة من 1000 إلى 10000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ب. الامتناع بناء على سر المهنة
إذا كان الشاهد من ضمن الأشخاص الملزمين بسر المهنة يجب عليه المثول أمام قاضي التحقيق وأداء اليمين والإشارة إلى العذر، ويحرر القاضي محضرا بذلك ويبت بأمر يقبل بمقتضاه العذر أو يرفضه. وفي هذا الصدد تقضي المادة 97 بأن (كل شخص استدعي لسماع شهادته ملزم بالحضور وحلف اليمين وأداء الشهادة مع مراعاة الأحكام القانونية المتعلقة بسر المهنة) 1.
6. الحالات التي لا يجوز فيها سماع الشخص كشاهد
هناك ثلاث حالات لا يجوز فيها لقاضي التحقيق سماع الشخص كشاهد وهي :
الحالة الأولى
إذا كان الشخص المراد سماع شهادته قد وجهت ضده شكوى مصحوبة بإدعاء مدني، فيجوز أن يرفض سماعه كشاهد، وفي هذه الحالة يجب على قاضي التحقيق إحاطته علما بالشكوى وتنبيهه بهذا الحق. ولا يجوز له في حالة الرفض سوى استجوابه بصفته متهما (المادة 89 فقرة 1).
الحالة الثانية
إذا ادعى الشخص مدنيا فلا يجوز عندئذ سماعه كشاهد (المادة 243).
الحالة الثالثة
إذا وجدت دلائل قوية ومتماسكة على قيام التهام في حق شخص معين فلا يجوز لقاضي التحقيق أو لضابط الشرطة القضائية بمقتضى إنابة قضائية الاستماع إلى شهادته وإلا عد ذلك إحباط لحقوق الدفاع (المادة 89 فقرة 2).
الفرع الثاني : الاستجواب
أولا: تعريف الاستجواب وخصائصه
يقصد بالاستجواب مواجهة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه ومناقشته فيها مناقشة تفصيلية، ومواجهته بالأدلة القائمة ضده ومطالبته بإبداء رأيه فيها.
خصائص الاستجواب
من خصائص الاستجواب أن إجراءه مقصور على الجهات القضائية نتيجة ما ينطوي عليه من دقة في الأسئلة وتشابكها، ومن ثم لا يجوز لضابط الشرطة القضائية استجواب المتهم وإنما يجوز فقط سؤاله، وفي حالة الإنابة القضائية لا يجوز لقاضي التحقيق تكليف ضابط الشرطة القضائية باستجواب المتهم (المادة 139 فقرة 1) 1.
ثانيا : أهميته
غالبا ما يترتب على الاستجواب استدراج المتهم بالحديث والتأثير عليه بدقة الأسئلة وتعددها مما قد يؤدي به إلى الإدلاء بأقوال تضر بمصالحه. لذلك يرى جانب من الفقه أن هذا الإجراء إجراء بغيض. غير أن غالبية الفقه تؤيد إجراء الاستجواب في التحقيق القضائي لسببين:
أ. أنه طريق دفاع لتفنيد الأدلة القائمة ضد المتهم بحيث يمكنه من تبرير تصرفه ونفي التهمة الموجهة إليه.
ب. إنه وسيلة لاستجلاء الحقيقة والوصول إلى معرفة مرتكب الجريمة.
المواجهة
تتمثل المواجهة في وضع المتهم وجها لوجه إزاء متهم آخر أو شهود للاستماع إلى ما يدلونه من معلومات حول الواقعة المنسوبة إليه والإجابة عنها بالتأكيد عليها أو بنفيها.
ثالثا : كيفية مباشرة الاستجواب
نظرا لأهمية الاستجواب لاستجلاء الحقيقة فقد أحاطه المشرع بسياج من الضمانات يتم في إطارها حتى لا يكون طريق إكراه لانتزاع اعتراف المتهم.
أ. الاستنطاق الأول
حين مثول المتهم لأول مرة أمام قاضي التحقيق يجب على هذا الأخير إتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 100 وهي:
- التعرف على هوية المتهم.
- إحاطته علما بالنهمة المنسوبة إليه ومحل ارتكاب الجريمة كما يشير في النهاية إلى النصوص التي تعاقب عليها والتي كان قد أشير إليها في الطلب الافتتاحي، فإذا صرح المتهم بأفعال أخرى وجب إحالة الوثائق المثبتة فيها إلى وكيل الجمهورية.
إخطار المتهم بحريته في عدم الإدلاء بأي تصريح، مع الملاحظة أنه إذا أراد المتهم تقديم أي تصريح تلقاه قاضي التحقيق دون استجوابه مع وجوب التنويه عن ذلك في المحضر تحت طائلة البطلان1.
- إخطار المتهم بحقه في اختيار محام عنه وبحقه في طلب تعيين محام والإشارة إلى ذلك في المحضر.
ب. الاستنطاق الثاني
أحاط المشرع عملية الاستجواب الثاني بضمانات عديدة تعتبر من حقوق الدفاع التي يترتب على الإخلال بها البطلان، وقد نصت على هذه الضمانات المادة 105 وهي :
إجراء الاستجواب بحضور المحامي
وفي هذا الصدد تقضي المادة 105 بأنه ( لا يجوز سماع المتهم أو المدعي المدني أو إجراء مواجهة بينهما إلا بحضور محامي المتهم أو دعوته قانونا بكتاب موصى عليه يرسل إليه قبل الاستجواب بيومين على الأكثر ما لم يتنازل المتهم عن ذلك صراحة).
هذه هي القاعدة العامة التي تحكم الاستجواب غير أنه ترد عليها استثناءات بحيث يجوز لقاضي التحقيق استجواب المتهم بدون حضور المحامي وذلك في الحالات التالية :
الحالة الأولى
إذا استدعى المحامي طبقا لنص المادة 105 ولم يحضر في اليوم المحدد.
الحالة الثانية
إذا تنازل المتهم عن ذلك صراحة بعد إحاطته علما بذلك (المادة 105).
الحالة الثالثة
إذا كانت هناك حالة استعجال ناجمة عن وجود شاهد في خطر الموت أو وجود إمارات على وشك الاختفاء يجوز لقاضي التحقيق إجراء الاستجوابات والمواجهات مع وجوب التذكير في المحضر دواعي الاستعجال (المادة 101).
2. الاطلاع على الملف
يجب على قاضي التحقيق وضع ملف الإجراءات تحت تصرف محامي المتهم قبل كل استجواب بأربع وعشرين ساعة على الأقل (المادة 105)، غير أن حق الإطلاع على الملف حسب ما يفهم من نص المادة سالفة الذكر غير مقرر للمتهم1.
3. عدم تحليف المتهم اليمين
لا يجوز تحليف المتهم اليمين عند استجوابه لأنه يؤدي إلى وضعه في مركز حرج يجعله بين أمرين. إما أن يحلف كذبا وعندها يرتكب جريمة دينية وخلقية أو الاعتراف بالحقيقة وفي ذلك إدانة له. فإذا ما طلب المحقق منه أداء اليمين فإن هذا الأجراء يكون باطلا يترتب عليه بطلان الاستجواب وجميع الإجراءات التالية له متى كانت مبنية عليه. وهذه قاعدة لم ينص عليها المشرع وإنما استقر عليها الفقه.
4. السرعة في إجراء الاستجواب
أوجب المشرع على قاضي التحقيق استجواب المتهم الذي سبق إليه بناء على أمر إحضار غي الحال، وفي حالة تعذر استجوابه يساق إلى مؤسسة إعادة التربية حيث لا يجوز حجزه أكثر من ثمان وأربعين ساعة (المادة 112 ).
أما إذا بقي المتهم الذي سيق إلى مؤسسة إعادة التربية دون استجوابه بعد فوات ثمان وأربعين ساعة، فإنه يجب على المشرف رئيس المؤسسة تقديمه من تلقاء نفسه إلى وكيل الجمهورية الذي يطلب من القاضي المكلف بالتحقيق وفي حالة غيابه فمن أي قاض آخر من قضاة المحكمة أن يقوم باستجواب المتهم وإلا أخلي سبيله (المادة 112 فقرة 2).
ولتأكيد وجوب السرعة في استجواب المتهم بعد ثمان وأربعين ساعة من إيداعه يعد حبسا تعسفيا ومن ثمة يعاقب مرتكبه بالعقوبات المقررة قانونا. وفي هذا الصدد تقضي المادة 113 بأن (كل رجل قضاء أو موظف أمر بهذا الحبس التعسفي أو تسامح فيه عن علم استوجب مجازاته بالعقوبات المنصوص عليها في الأحكام الخاصة بالحبس التعسفي).
5. دور المحامي في الاستجواب
لم يجز قانون الإجراءات الجزائية لمحامي المتهم تناول الكلام ماعدا توجيه الأسئلة بعد تصريح قاضي التحقيق له بذلك وفي حالة رفض قاضي التحقيق لذلك تضمن نصوص الأسئلة بالمحضر (المادة 107) 1.
6.علاقة المتهم بالمحامي
أعطى القانون للمتهم الحق في الاتصال بمحاميه بمجرد استجوابه، غير أنه إذا اقتضت الضرورة عزل المتهم وإبعاده عن كل علاقة بالخارج يحق لقاضي التحقيق منعه من الاتصال بالمحامي لمدة عشرة أيام قابلة للتجديد لمدة عشرة أيام أخرى، ولا يطبق هذا الإجراء على محامي المتهم بحيث يحق له الاتصال بموكله في كل زوقت وهذا ما أشارت إليه المادة 102.
7. دور وكيل الجمهورية في الاستجواب
يجوز لوكيل الجمهورية بل يحق له حضور استجوابات المتهم ومواجهته ويجب على كاتب التحقيق إخطاره بمذكرة حول الاستجواب بيومين على الأقل قبل كل استجواب أو مواجهة، ويحق له طرح الأسئلة مباشرة دون إذن قاضي التحقيق وهذا ما أشارت إليه المادة 106.
8. الاستجواب الإجمالي
جرت العادة أن يقع في المسائل الجنائية (في حالة الجناية) استجواب إجمالي، وليست الغاية منه الحصول على أدلة جديدة وإنما القصد منه تلخيص الوقائع بالإشارة إلى الأدلة التي جمعت ضد المتهم والتي في صالحه وكذلك الإشارة إلى المعلومات التي وردت في شأنه فيما يخص حياته وسلوكه. وينتهي هذا الاستجواب بطرح السؤال الأخير بالصيغة التالية: (هذا هو استجوابك الأخير، هل لك ما تدلي به للدفاع عن نفسك.

look/images/icons/i1.gif قاضي التحقيق Juge d'instruction
  11-03-2022 02:57 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 12-06-2021
رقم العضوية : 28091
المشاركات : 50
الجنس :
قوة السمعة : 10
الفصل الأول أوامر قاضي التحقيق Les ordonnances du juge d'instruction

يتصل قاضي التحقيق بالدعوى بعد إخطاره بموجب طلب افتتاحي صادر عن وكيل الجمهورية طبقا للمادة 67 ق.إ.ج أو بناءا على شكوى مصحوبة بادعاء مدني (المادة 72 ق.أ.ج) .
إذا كان الإخطار بموجب الطلب الافتتاحي يلتزم وكيل الجمهورية برفع هذا الطلب إلى قاضي التحقيق إذا وصفت الجريمة بأنها جناية ، و يكون مخيرا إذا كانت الجريمة تشكل جنحة بين رفع الطلب أو إحالتها مباشرة إلى جهة الحكم ، أما في مواد المخالفات فلا يرفع وكيل الجمهورية الطلب الافتتاحي إلا بصفة استثنائية .
أما في حالة أخطار قاضي التحقيق عن طريق شكوى مصحوبة بادعاء مدني يشترط عرضها على وكيل الجمهورية في أجل 5 أيام لإبداء رأيه و تقديم طلباته بفتح التحقيق.
متى اتصل قاضي التحقيق بالدعوى العمومية يلتزم بفتح التحقيق ، و يمارس سلطاته و اختصاصاته التي خولها إياه القانون , من بينها إصدار الأوامر التي يراها مناسبة للسير الحسن لإجراءات التحقيق .
ينظر قاضي التحقيق بداية في مدى اختصاصه فإذا ارتأى أنه غير مختص ، أصدر أمره بعدم الاختصاص أو أمر برفض التحقيق إذا كانت الوقائع لا تقبل المتابعة أو الأفعال المنسوبة إلى المشتبه فيه لا تقبل أي وصف جنائي ، أما في حالة عدم استيفاء الدعوى للشروط الشكلية المقررة قانونا يصدر قاضي التحقيق أمرا بعدم قبول الادعاء المدني ، كما له إصدار أمر بالتخلي عن التحقيق لقاضي تحقيق آخر :
كما يأمر بإحضار المتهم أو إيداعه في مؤسسة عقابية و إلقاء القبض عليه.
أثناء السير في إجراءات التحقيق يصدر قاضي التحقيق جملة من الأوامر حفاظا على الأدلة من الضياع . و منعا للمتهم من الفرار كالأمر بالرقابة القضائية فإن كانت غير كافية ، اصدر أمره بوضع المتهم في الحبس المؤقت فإن زالت مبررات الحبس المؤقت. أمر بالإفراج الجوازي .
عند اختتام التحقيق و الانتهاء منه , تكون الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق مرتبطة بما توصل إليه من استنتاجات ، و ما ثبت لديه من أدلة ، و ما خلص إليه من حقائق , فيكون أمرا بانتفاء وجه الدعوى ، أو أمرا بالإحالة أو أمرا بإرسال مستندات الدعوى إلى النائب العام
المبحث الأول : الأوامر التي تصدر في بداية التحقيق :
الأصل أن يقوم قاضي التحقيق بفتح التحقيق و يباشر عمله بسماع الأطراف و القيام بالإجراءات التي يقتضيها سير التحقيق ، غير أنه في حالات استثنائية يجوز لقاضي التحقيق رفض فتح التحقيق المطلوب منه فيصدر لهذا الغرض مجموعة من الأوامر ، نوردها فيما يلي : تكون غايتها واحدة و هي الامتناع عن التحقيق في الدعوى المرفوعة إليه .
المطلب الأول : الأمر بعدم الاختصاص و الأمر برفض التحقيق
الفرع الأول: الأمر بعدم الاختصاص : Ordonnance d'incompétence:
بداية نحدد اختصاص قاضي التحقيق وفق أحكام قانون الإجراءات الجزائية التي تضمن قواعد اختصاص عامة و قواعد اختصاص استثنائية .
أولا : قواعد الاختصاص العامة : يميز القانون بين نوعين من الاختصاص :
1/ الاختصاص النوعي : Compétence matérielle
يخطر قاضي التحقيق وجوبا في المواد الجنائية و اختياريا في مواد الجنح و استثنائيا في مواد المخالفات طبقا للمادة 66 ق.إ.ج
2/ الاختصاص المحلي : Compétence territoriale
طبقا للمادة 40 ق.إ.ج يتحدد اختصاص قاضي التحقيق محليا بمكان وقوع الجريمة أو محل إقامة احد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في اقترافها و بمحل القبض على احد هؤلاء الأشخاص حتى و لو كان هذا القبض حصل لسبب آخر.
ومع ذلك يجوز في حالة الضرورة أن يتم تمديد هذا الاختصاص بقرار وزاري إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى و في هده الحالة يصدر الإخطار عن وكيل الجمهورية المختص محليا. (1)
____________
(1) أحسن بوسقيعة ، التحقيق القضائي : الجزائر : الديوان الوطني للأشغال التربوية 2002 ص 122-38-39

ثانيا : قواعد الاختصاص الاستثنائية :
نص قانون الإجراءات الجزائية على قواعد مميزة للتحقيق في قضايا معينة سواء بسبب صفة المتهم أو طبيعة الجريمة.
1/ قواعد الاختصاص الاستثنائية بسبب صفة المتهم : يتعلق الأمر هنا بفئة من الأشخاص خصها المشرع بقواعد اختصاص مميزة إما بسبب صغر السن أو الوظيفة.
صغر السن : توجد على مستوى المحاكم هيئة خاصة عهد إليها المشرع بالتحقيق في قضايا الأحداث تتمثل في قاضي الأحداث.
يتم تعيين قاضي الأحداث على مستوى محكمة مقر المجلس بقرار من وزير العدل لمدة 3 سنوات، و قاضي الأحداث على مستوى المحاكم الأخرى بموجب أمر من رئيس المجلس بناءا على طلب النائب العام طبقا لما تقضي به (المادة 449 ق.إ.ج) في الفقرتين الأولى و الثانية أما الفقرة الثالثة من هذه المادة على إمكانية أن يعهد رئيس المجلس أن يعهد إلى قاضي تحقيق بقضايا الأحداث يختص قاضي الأحداث بالتحقيق في الجنح و المخالفات التي يرتكبها القصر غير انه يجوز للنيابة العامة استثنائيا في حالة تشعب القضية أن تعهد لقاضي التحقيق بإجراء تحقيق بموجب طلبات مسببة.
و ذلك بناءا على طلب قاضي الأحداث ( المادة 452 فقرة 4 ق.غ.ج ) أما في مواد الجنايات فعلى النيابة العامة أن ترفع الملف وجوبا إلى قاضي التحقيق (المادة 482 فقرة 4 ق.إ.ج ) .
الحصانة : و هي وضعية تجعل قاضي التحقيق غير مختص بالتحقيق في الدعوى و يتمتع بها فئتان هما : الدبلوماسيون ، و نواب المجلس الشعبي الوطني و أعضاء مجلس الأمة (1)
______________
(1) أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق :ص 39-40 .

الدبلوماسيون : تحمي اتفاقيتا فيينا 18 أفريل 1961 و 24 أفريل1963 اللتان صادقت عليهما الجزائر بموجب المرسوم رقم 64-84 المؤرخ في : 04-03-1964 (جريدة رسمية رقم 29/64 )، ممثلي الدول الأجنبية من سفراء و دبلوماسيين آخرين بحيث لا يجوز متابعتهم جزائيا في الدول التي هم معتمدون فيها ، و من ثم فهم يتمتعون بحصانة تامة تجعلهم في مأمن من تحريات قاضي التحقيق .
أما باقي الموظفين و الأعوان القنصليين ، فلا يجوز متابعتهم عن الأفعال المرتكبة أثناء ممارستهم لوظيفتهم و يمكن لقاضي التحقيق سماع الدبلوماسيين كشهود بعد الحصول على الموافقة المسبقة للدول المعنية بواسطة وزارة الخارجية .
النواب و أعضاء مجلس الأمة : يتمتع النواب و أعضاء مجلس الأمة بالحصانة البرلمانية مدة نيابتهم و مهمتهم البرلمانية ( المادة 109 من الدستور) فلا يتابعون بسبب ما عبروا عنه من آراء أو تلفظوا به من كلام خلال ممارسة مهامهم البرلمانية ، و خارج مهامهم لا يجوز متابعتهم بسبب جناية أو جنحة إلا بتنازل صريح من صاحب الشأن أو بعد رفع الحصانة عنه أو بإذن ، حسب الحالة من المجلس الشعبي أو مجلس الأمة ، الذي يقرر رفع الحصانة عنه بأغلبية أعضائه ( المادة 110 من الدستور) أما في حالة التلبس بجنحة أو جناية ، يمكن توقيفهم و متابعتهم و إخطار مكتب المجلس الشعبي أو مكتب مجلس الأمة بذلك (المادة111 من الدستور )
امتياز التقاضي : و هي صور يستفيد فيها مرتكبو الجرائم بعدم المسائلة الجزائية و إنما تخضع فيها المتابعة و التحقيق لإجراءات خاصة.
ا/ رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة : نصت المادة (158 دستور) على تأسيس هيئة قضائية جديدة يطلق عليها (المحكمة العليا للدولة ) يعود إليها الاختصاص بمحاكمة رئيس الجمهورية عن الخيانة العظمى و رئيس الحكومة عن الجنايات و الجنح التي يرتكبها (1)
_____________
(1) أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق ، ص40-41

بمناسبة أداء مهامها ، و يحدد تشكيله هذه المحكمة و سيرها و الإجراءات المتبعة أمامها قانون عضوي لم يصدر بعد .
ب/ أعضاء الحكومة و قضاة المحكمة العليا و الولاة و رؤساء المجالس و النواب العامون لدى المجالس : تنص المادة 573 على حالة اتهام احد هؤلاء المذكورين بارتكاب جناية أو جنحة خلال ممارسة مهامهم أو بمناسبتها ، حيث يلتزم وكيل الجمهورية بعد إخطاره بالقضية بإحالة الملف إلى النائب العام لدى المحكمة العليا الذي يرفعه إلى الرئيس الأول لهذه المحكمة ، فيعين قاضيا من المحكمة العليا لإجراء التحقيق .
ج/ قضاة المجالس و رؤساء المحاكم و وكلاء الجمهورية : يقوم وكيل الجمهورية الذي اخطر بالقضية بإحالة الملف إلى النائب العام المتواجد على مستوى المحكمة العليا و هو بدوره يرفعه إلى رئيس المحكمة الذي يندب قاضيا للتحقيق من خارج دائرة اختصاص المجلس الذي يعمل فيه القاضي المتابع ( المادة 575 ق.إ.ج ) .
د/ قضاة المحاكم و ضباط الشرطة القضائية : يلتزم وكيل الجمهورية بعد إخطاره بالدعوى بإرسال الملف إلى النائب العام . الموجود في المجلس فيعرض الأمر على رئيسه الذي يأمر بإجراء تحقيق يتولاه قاضي تحقيق من خارج دائرة اختصاص المحكمة التي يعمل بها القاضي المتابع أو ضابط الشرطة ( المادة 576 ق.إ.ج ) .
كما تقضي ( المادة 578 ق.إ.ج ) بأن هذه الأحكام تنطبق على كل من الفاعل الأصلي والمساعد و الشركاء.
ه/ العسكريون : تنظر المحاكم العسكرية دون غيرها في الجرائم التي يرتكبها العسكريون و من في حكمهم في الخدمة. أو مؤسسات عسكرية أو لدى المضيف (1)
_______
(1) أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق : ص : 42.

انطلاقا من ( المادة 26 من قانون القضاء العسكري ) نجد : المقصود (بالعسكريين ) = ( الأشخاص القائمون بالخدمة أو المعدودون في حالة حضور أو استيداع أو غياب نظامي أو غياب غير نظامي خلال مدة العفو السابقة للفرار، أو الأشخاص غير القائمين بالخدمة و هم باقون تحت تصرف وزارة الدفاع الوطني و يتقاضون الراتب ) كما يندرج في مفهوم العسكريين طبقا لما جاء
في (المادة 27 ) من نفس القانون : ( الجنود الشبان و المجندون قيد التوقف و المتطوعون المجددون و المعفون من الخدمة و المحالون على الاستيداع و الاحتياطيين بما فيهم المماثلون للعسكريين و المدعوون للخدمة أو الذين دعوا إليها ثانية منذ انضمامهم للفرز للالتحاق أو إذا التحقوا منفردين منذ وصولهم للجهة المخصصة لهم لغاية يوم صرفهم لمنازلهم...) .
كما يعد من العسكريين ( الأشخاص المعنيون بصفة عسكريين في مستشفى أو مؤسسة عقابية أو تحت حراسة القوة العمومية قبل تجنيدهم أو المفرزين إداريا إلى إحدى الوحدات).
نستنتج مما ورد في المادة 25 فقرة 2 من قانون القضاء العسكري: إن المحاكم العسكرية تفصل في هذه الجرائم بتوافر أحد الشروط المذكورة أعلاه سواء كان الفاعل عسكريا أو مدنيا.
تضيف( المادة 28 من قانون القضاء العسكري) إلى اختصاص المحاكم العسكرية القضايا المتعلقة بأسرى الحرب و أفراد ملاحي القيادة و الأشخاص المقيدون ضمن الحضور في جدول ملاحي سفينة بحرية أو طائرة عسكرية و المقيدون في جدول الخدمة و القائمون بها حتى و إن كانوا غير مرتبطين قانونيا بالجيش و المطرودون من الجيش الذين يدخلون ضمن احد الأوضاع الخاصة بالعسكريين .
2/ قواعد الاختصاص الاستثنائية بسبب طبيعة الجريمة : نذكرها فيما يلي :
الجرائم العسكرية : تختص بها المحاكم العسكرية في إطار الشروط المحددة في (1)
_____________
(1) أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق ،ص :42

قانون القضاء العسكري كما ورد بيان الجرائم ذات الطابع العسكري في الباب الثاني من الكتاب الثالث منه (من المادة 254 إلى المادة 336 ) تنقسم إلى ثلاثة أصناف :
جرائم الإفلات من الخدمة العسكرية : هي العصيان ، الفرار ، التحريض على الفرار و إخفاء الفار و التشويه المعتمد
جرائم الإخلال بالشرف أو الواجب تتجسد في : الاستسلام ، الخيانة ،التجسس، المؤامرة العسكرية ، النهب ، التدمير ،التزوير ، الغش ، الاختلاس ، انتحال البدل العسكرية و الأوسمة و الشارات المتميزة و الشعارات و إهانة العلم أو الجيش ، التحريض على ارتكاب أعمال مخالفة للواجب و النظام
الجرائم المرتكبة ضد النظام : تتمثل في العصيان ( التمرد العسكري ، التمرد ، أعمال العنف ، إهانة الرؤساء ، الشتائم و إساءة استعمال السلطة ( أعمال العنف بحق المرؤوسين و إهانتهم و سوء استعمال حق المصادرة ) و إساءة استعمال السلطة ( أعمال عنف بحق المرؤوسين و إهانتهم و سوء استعمال حق المصادرة )
- مخالفة التعليمات العسكرية.
الجرائم ضد امن الدولة : يؤول اختصاصها إلى المحاكم العسكرية إستنادا إلى نص (المادة 25 ق . القضاء العسكري) . تدخل في هذه الفئة من الجرائم : الخيانة ، التجسس ، جرائم التعدي على الدفاع الوطني أو الاقتصاد الوطني الاعتداءات و المؤامرات ضد سلطة الدولة ، و سلامة أرض الوطن ، جنايات التقتيل و التخريب المخلة بالدولة ، الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية ، جنايات المساهمة في حركات التمرد طبقا لما ورد في قانون العقوبات الذي قرر عقوبتها أكثر من 5 سنوات حبس أما الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية المرتكبة ضد امن الدولة فتشترك المحاكم العسكرية و محاكم القانون العام النظر فيها (1).
_________
(1) أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق ، ص : 4.

الجرائم الموصوفة أعمالا إرهابية أو تخريبية : بموجب المرسوم التشريعي رقم 92-03 المؤرخ 30-12-1992 المتعلق بمكافحة التخريب و الإرهاب ( المادتان 11-14) (تنظر غرف التحقيق) الموجودة في ( المجالس القضائية الخاصة ) في الجرائم الموصوفة أعمالا إرهابية أو تخريبية إلى أن تم إلغاء هذه الهيئات القضائية بموجب الأمر 95-10 المؤرخ في 25-02-1995 ما يعني التحقيق في هذه الجرائم وفقا للقواعد العامة .
الجرائم الاقتصادية : تختص بمحاكمة مرتكبيها الأقسام الاقتصادية على مستوى بعض المحاكم الجنائية طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية .
يتحدد اختصاص قاضي التحقيق بهذه القواعد و الأحكام التي ذكرناها لذا يتقيد بها فيلتزم بالبت في اختصاصه عند إخطاره بالدعوى سواء عن طريق طلب افتتاحي أو ادعاء مدني ، فإذا رأى انه غير مختص للتحقيق في الدعوى اصدر أمرا بعدم الاختصاص ( المادة 77 ق.إ.ج )
الأمر الثاني: الأمر برفض التحقيق :
الأصل أن يفتح قاضي التحقيق تحقيقه و يجري تحرياته قبل أن يصدر أمرا برفض التحقيق استثناء أن يصدر قاضي التحقيق أمره في الحالات الآتي عرضها : بمجرد اطلاعه على الوثائق المحالة إليه :
إذا كانت الوثائق لا تقبل المتابعة لأسباب تمس دعوى عمومية كوجود سبب يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية مثلا : تقدم العفو الشامل ، وفاة المتهم ، حجية الشيء المقضي فيه ، أو حالة وجود حصانة دبلوماسية أو سبب من أسباب الإعفاء من العقوبة كالقرابة فيما يتعلق بجرائم السرقة - النصب - خيانة الأمانة. (المواد 368-373 - 377 ق.عقوبات) (1).
___________
(1) أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق ، ص 45-46-122.

- عندما يتبين بوضوح من عرض الوقائع أن الأفعال المنسوبة أي المشتبه فيه لا تقبل أي وصف جزائي كمتابعة شخص ( المشتكي منه ) اعدم الوفاء بدين ( هذا فعل مدني بحت) لا يقبل أي وصف جزائي ، أو متابعة شخص بسبب جنحة محاولة تصدير مواد غذائية بطريقة غير شرعية طبقا لنص( المادة 173 مكرر .ق.ع) في حين هذا النص لم يتعرض للمحاولة كما أن الشروع في الجنحة لا يعاقب عليه إلا بناء على نص قانوني صريح.
- إذا علق المشرع المتابعة الجزائية على تقديم شكوى مسبقة كما هو الحال في جنح السرقة ، خيانة الأمانة و النصب التي تقع بين الأقارب لغاية الدرجة الرابعة ( المواد 369_373_377 ق.عقوبات) و كذا جرائم الصرف و الجرائم الضريبية التي تشترط للمتابعة فيها تقديم شكوى وزير المالية ( في الحالة الأولى ) و مدير الضرائب في الحالة الثانية .
- إذا كان الادعاء المدني في حالة الشكوى مع الادعاء المدني غير مقبول شكلا لانعدام الأهلية أو الصفة أو المصلحة لدى رافع الدعوى ( م 73 ق.إ.ج) إذا لم يتوصل قاضي التحقيق إلى أي نتيجة مثل : فتح التحقي بناءا على شكوى مع ادعاء مدني ضد شخص مسمى و لم يستطع قاضي التحقيق تحديد هويته ، فله أن يصدر أمرا بانتفاء وجه الدعوى طبقا للقرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ 26-01-1996 : (( حيث انه يستفاد من الجمع بين أحكام المواد 72-73-163 ق.إ.ج أن قاضي التحقيق ملزم بفتح التحقيق في حالة رفع الشكوى إليه مباشرة مع الادعاء المدني و لا يمكنه اصدرا أمر برفض التحقيق ما لم يتبين من أوراق الدعوى المحالة إليه أن الوقائع ، لأسباب تمس الدعوى العمومية نفسها ، غير جائز قانونا المتابعة من اجلها أو كانت الوقائع ، حتى على فرض ثبوتها ، لا تقبل قانونا أي وصف جزائي هذا فضلا عن الحالة التي تكون فيها الشكوى غير مقبولة شكلا طبقا لنص (المادة 75 ق.إ.ج ) و التي يجوز فيها لقاضي التحقيق الأمر بعدم قبول الشكوى غير انه يمكن قاضي التحقيق ، إذا ظل المشتكي منه مجهولا اصدر أمر بانتفاء وجه الدعوى . (1)
________
(1) أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق ، ص :122-123

و حيث أنه يستفاد من تلاوة أمر قاضي التحقيق بفض فتح التحقيق المؤيد بالقرار المطعون فيه انه بتاريخ 22-07-1996 قدم المدعو ق.ص ، شكوى إلى قاضي التحقيق بمحكمة البليدة مع الادعاء المدني ضد المدعى عليه في الطعن من أجل جنحة إصدار شيكين بدون رصيد المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 374 ق.ع فقام قاضي التحقيق بسماع الشاكي في محضر حيث أكد شكواه و تأسس طرفا معنيا.
و أنه بتاريخ 30-09-1997 أصدر قاضي التحقيق أمرا برفض فتح التحقيق بدعوى أن نسب المشتكي منه و تاريخ و مكان ميلاده ظلوا مجهولين بعد رجوع الإستدعاءات التي وجهها له بدون جدوى و رجوع الإنابة القضائية التي أرسلها إلى مصالح الشرطة لتحديد هويته بدون إنجاز .

المطلب الثاني : الأمر بعدم قبول الادعاء المدني و الأمر بالتخلي عن القضية
الفرع الأول : الأمر بعدم قبول الادعاء المدني :
يجوز لقاضي التحقيق إصدار أمر بعدم قبول الشكوى مع الادعاء المدني ، لعدم استيفائها الشروط الشكلية المطلوبة قانونا .
كما في حالة عدم إيداع المدعي المدني لدى كتابة الضبط المبلغ المقدر لزومه لمصاريف الدعوى ( المادة 75 ق.إ.ج( .
نموذج رفض الادعاء المدني لعدم الاختصاص المحلي المادة 40 ق إ ج :
نحن... قاضي التحقيق لدى محكمة سطيف .
بعد الاطلاع على المادة 74 من قانون الإجراءات الجزائية .
بعد الاطلاع على الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني المقدم من طرف "سر" المقيم بحي 20 أوت55 '' بسطيف بواسطة محامية الأستاذ ... ضد رئيس بلدية... (1(
__________
(1)أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق ، ص 124-125

بعد الاطلاع على التماسات النيابة المؤرخة في 03-12-2012 الرامية إلى عدم إجراء التحقيق طبقا للمادة 73-77 ق.إ.ج .
حيث أنه يستخلص من الوقائع انه بتاريخ 03-10-2020 تقدم المدعي "س" بشكوى مصحوبة بالادعاء المدني مفادها انه اثر توزيع سكنات اجتماعية من طرف بلدية ... استفاد جل أعضاء المجلس من سكنات بينما هو الذي يسكن كوخا حجريا لم يستفد من أي سكن بسبب الجهوية و المحسوبية التي اتخذها رئيس المجلس الشعبي البلدي لذات البلدية لتوزيع السكنات و أسقطه من الاستفادة فهذا الأخير قد ارتكب جريمة استغلال النفوذ حيث أن الوقائع لا تحمل أي وصف جزائي من جهة و من جهة أخرى على فرض ثبوتها فإنها وقعت ببلدية... محل إقامة الشاكي و المشتكي منه و هي خارج اختصاص محكمة... ، لذا يتعين رفض الادعاء المدني لعدم الاختصاص تبعا للمادة 40 من قانون الإجراءات الجزائية
الفرع الثاني : الأمر بالتخلي عن التحقيق في الدعوى لصالح قاضي تحقيق آخر : Ordonnance de dessaisissement :
يمكن لقاضي التحقيق في حالة تقاسم الاختصاص المحلي مع قاضي تحقيق آخر أن يصدر أمرا بالتخلي عن التحقيق في الدعوى لصالح هذا الأخير ، غير أن المحكمة العليا تعلق ذلك على شرط حصول اتفاق بينهما ، و هذا تفاديا لنشوء تنازع الاختصاص (1(
_________
(1)إبراهيم بلعليات ، أوامر التحقيق المستأنفة أمام غرفة الاتهام مع اجتهاد المحكمة العليا ، دراسة عليمة تطبيقية : دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع ، عين مليلة: الجزائر : ، 2004،ص :29
المطلب الثالث : الأمر بالإحضار و الأمر بالإيداع في مؤسسة عقابية و الأمر بالقبض :
يعد اصدر الأوامر القسرية من اخطر المهام المنوطة بقاضي التحقيق لما تشكل من انتهاكات على الحرية الفردية لذا أحاطها المشرع بقيود تكفل حصر ذلك المساس بالحريات الفردية في أضيق الحدود و بالقدر اللازم لسلامة التحقيق و سرعة إنجازه ، و يتعين أن يستجوب المتهم اثر تنفيذها حتى يعرف سبب اتخاذها ضده و يتمكن من إبداء دفاعه و ينفي الشبهات القائمة ضده في أسرع وقت (2(
هذه الأوامر من قبيل الإجراءات الاحتياطية قبل المتهم من حيث احتمال هربه و منعه من التأثير على أدلة الجريمة و هي بذلك تختلف عن إجراءات التنقيب عن الأدلة ، لأنها لا تزيد أو تدعم أدلة الدعوى إنما المحافظة على الأدلة التي توافرت (3(
كما يطلق عليها الأوامر القضائية ، تميزها جملة من الخصائص يمكن عرضها فيما يلي :
/1تصدر عن قاضي التحقيق وجهات الحكم و وكيل الجمهورية فيما يتعلق بأمر الإحضار و الإيداع فقط
/2يلتزم قاضي التحقيق بتحديد الهوية الكاملة للمعني بالأمر ، و الوقائع ، و المادة القانونية التي تعاقب على هذه الأفعال ، و تؤشر هذه الأوامر من قبل وكيل الجمهورية
/3تنفذ هذه الأوامر من قبل : ضباط أو أعوان الضبطية القضائية ، و تكون نافذة في كامل التراب الوطني
/4أوامر القضاء غير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن كما إن أثارها مؤقتة تنتهي بجلب المتهم الى قاضي التحقيق ليتخذ نوعا مختلفا من الإجراءات مثل إيداع المتهم الحبس أو إخلاء سبيله
ورد النص على أوامر القضاء في البابالثالث : الفصل الأول : القسم 6 بعنوان ( في أوامر القضاء و تنفيذها) ( من المادة 109 إلى 122) من قانون الإجراءات الجزائية الجزائرية نصت المادة 109 ق.إ.ج على ( يجوز لقاضي التحقيق حسبما تقتضي الحالة أن يصدر أمرا بإحضار المتهم أو بإيداعه السجن أو بإلقاء القبض عليه .
____________
(2)أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق ، ص 125

و يتعين أن يذكر في كل أمر نوع التهمة و مواد القانون المطبقة مع إيضاح هوية المتهم و يؤرخ الأمر و يوقع عليه من القاضي الذي أصدره و يمهر بختمه .
و تكون تلك الأوامر نافذة المفعول في جميع أنحاء الأراضي الجزائرية .
و يجب أن يؤشر على الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق من وكيل الجمهورية و أن ترسل بمعرفته) (2(.
الفرع الأول : الأمر بالإحضار mandat d'amener
أولا : تعريفه
عرفته المادة (110 ق.ا.ج ) بقولها :
)الأمر بالإحضار هو ذاك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية لاقتياد المتهم و مثوله أمامه على الفور .
و يبلغ ذلك الأمر و ينفذ بمعرفة احد ضباط أو أعوان الضبط القضائي أو احد أعوان القوة العمومية الذي يتعين عليه عرضه على المتهم و تسليمه نسخة منه .
و يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر إحضار(.
باستقراء هذه المادة يتضح أن الأمر بالإحضار أو الاستقدام هو الذي يصدره قاضي التحقيق ضد المتهم و إلى القوة العمومية لتحضر المتهم أمامه على الفور لإجراء تحقيق معه و يستخدم عادة في الجنايات و الجنح، وفقا لما تقضي به المادة 112 ق.أ .ج.
يبلغ الأمر بالإحضار إلى المتهم احد ضباط أو أعوان الشرطة القضائية ، و يقوم المبلغ بتسليم المتهم نسخة من الأمر بالإحضار فان كان المتهم معتقلا لسبب آخر بلغ إليه عن طريق المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية بنفس الإجراءات طبقا للمادة 111 فقرة 1 ق.إ.ج
__________
(1)مولاي ملياني بغدادي ، الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري : المؤسسة الوطنية للكتاب طبعة 1992 ص 255 -256 .

و عند الاستعجال و إذا لم يتمكن قاضي التحقيق من تسليم الأمر بالإحضار إلى احد ضباط الشرطة القضائية المكلف بتنفيذه يمكنه أن يلجا إلى الجميع الوسائل الإعلامية لإذاعته.
و يوجه أصل الأمر إلى عون القوة العمومية المكلف بالتنفيذ استنادا إلى المادة 111 فقرة 2 ق.إ.ج إذا كان المتهم يوجد خارج دائرة اختصاص قاضي التحقيق الذي اصدر الأمر بإحضاره ، فيمكن لرجال القوة العامة أن يضبطوا على هويته و على هذا الأخير أن يخطر قاضي التحقيق المعني لاتخاذ الأمر المناسب (1) بنص ( المادة 114 ق.إ.ج (.
إذا لم يمكن العثور على المتهم أرسل الأمر بإحضاره إلى محافظ الشرطة أو قائد فرقة الدرك و عند غيابهما إلى ضابط الشرطة رئيس قسم الأمن في البلدية التي يقيم بها المتهم ( المادة 115 ق.إ.ج(
و يجب على المتهم الصادر ضده الأمر بالإحضار أن ينقاد لعون القوة العمومية و يرافقه إلى قاضي التحقيق فإذا رفض مرافقته فيجوز الاستعانة بالقوة العمومية لإرغام المهتم على الانقياد للأمر ( المادة 116 ق.إ.ج( .
ثانيا : بياناته :
حددت ( المادة 109 فقرة 2 و 3 ق.إ.ج ) المشتملات التي يجب ذكرها في كل أمر بالإحضار و هي كالأتي :
/1بيان نوع و طبيعة الجريمة المنسوبة إليه .
/2إيضاح هوية المتهم : اسمه ، لقبه ، نسبه الكامل ، تاريخ و مكان ميلاده و عنوانه أو محل إقامته .
/3التنويه بالمواد القانونية المطبقة على الجريمة المتابع بها .
/4تاريخ صدوره مع إمضائه و توقيع و ختم قاضي التحقيق الذي أصدره .
/5التأشير عليه من وكيل الجمهورية المكلف قانونا بتنفيذه و بواسطة رجال القوة العامة. (1(
___________
(1) مولاي ملياني بغدادي ، مرجع سابق ، ص 256-257

ثالثا : طبيعة الأمر بالإحضار :
يعتبر الأمر بالإحضار الذي يصدره قاضي التحقيق ذا طبيعة إدارية و تحقيقية ، غير قضائية ، ما يعني عدم إمكانية المتهم استئنافه أمام غرفة الاتهام ، فهو ليس أمرا قضائيا بل إجراء تحقيقي الغرض من إصداره اقتياد المتهم إلى قاضي التحقيق ، للتحقيق معه .
هل يجوز للنيابة العامة استئناف الأمر بالإحضار ؟
من مشتملات صدور الأمر بالإحضار التأشير عليه من قبل وكيل الجمهورية بنص المادة 109 ق.إ.ج ,
فهل يقوم باستئنافه بعد التأشير عليه ؟
بالرجوع إلى أحكام المادة 170 ق.إ.ج , نجدها تنص على إمكانية استئناف الأمر بالإحضار من طرف وكيل الجمهورية أمام غرفة الاتهام (1)
الفرع الثاني : الأمر بالإيداع في مؤسسة عقابية mandat de dépôt
أولا : تعريفه
ورد في المادة : 117 ق.إ.ج :
)أمر الإيداع بمؤسسة إعادة التربية ، هو ذلك الأمر الذي يصدره القاضي إلى المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية باستلام و حبس المتهم و يرخص هذا الأمر أيضا بالبحث عن المتهم و نقله إلى مؤسسة إعادة التربية إذا كان قد بلغ بهمن قبل .
و يبلغ قاضي التحقيق هذا الأمر للمتهم .
و يتعين أن ينص هذا التبليغ بمحضر استجواب .
و يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر بإيداع المتهم بمؤسسة إعادة التربية ضمن الشروط المنصوص عليها في المادة 59 إذا ما رأى أن مرتكب الجنحة لم يقدم ضمانات كافية بحضوره مرة أخرى (
_________
(1)مولاي ملياني بغدادي ، مرجع سابق ، ص 257

من خلال نص المادة نعرف أمر الإيداع :
بأنه الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق المختص إلى المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية لكي يستلم المتهم و يعتقله .
لا يتم إصدار هذا الأمر إلا بعد استجواب المتهم و سماع أقواله ، و التحقق
من هويته ، و ينفذ من طرف أعوان الشرطة العمومية ، و عند إستلام رئيس المؤسسة العقابية المتهم من منفذ الأمر يسلمه إقرارا بذلك
ثانيا : شروط إصدار الأمر بالإيداع :
حددت المادة 118 ق.إ.ج : الشروط الواجب توافرها لصدور أمر الإيداع كالأتي :
/1أن يصدر عن قاضي التحقيق من تلقاء نفسه متى رأى ضرورة لذلك أو بناءا على طلب وكيل الجمهورية و له الطعن بالاستئناف على مستوى غرفة الاتهام في حالة رفض قاضي التحقيق طلب الإيداع و يتم الفصل فيه في اجل 10 أيام) المادة 118/3 ق.إ.ج (.
/2أن يكون الشخص المعني بإصدار أمر إيداعه الحبس متهما بجناية أو جنحة معاقبا عليها بالحبس أو عقوبة اشد و يفترض أن يكون المتهم موجودا في قبضة العدالة أو من الفارين منها ( المادة 117 ق.إ.ج (.
/3أن يصدر الأمر عقب استجواب المتهم طبقا للمادة 118 فقرة 1 ق.إ.ج .
ثالثا : الهيئات المختصة بإصدار أمر الإيداع :
حددت (المادة117 ق.إ.ج ) الجهات التي تضطلع بإصداره
/1قاضي التحقيق :
إصدار أمر الإيداع من قبل قاضي التحقيق اختصاص وظيفي تمليه عليه مقتضيات ظروف القضايا المطروحة أمامه للتحقيق فيها في حدود الشروط المنصوص عليها قانونا طبقا لما تقتضي به (المادتان 109-118 ق.إ.ج ) (1(
____________
(1) أحمد شوقي الشلقاني ، مرجع سابق ص 276.

/2وكيل الجمهورية :
منح المشرع الجزائري وكيل الجمهورية إصدار أمر إيداع المتهم السجن بتوافر شروط في القضية تضمنتها ( المادة 59 ق.إ.ج) هي كما يلي :
•أن تكون الجريمة من الجنح المتلبس بها
•أن لا يقدم المتهم ضمانات كافية للحضور للمحاكمة
•أن يكون الفعل معاقبا بالحبس .
•لم يكن قاضي التحقيق قد اخطر بالجريمة
/3محكمة الجنح :
يجوز لمحكمة الجنح أن تأمر بقرار خاص مسبب بإيداع المتهم في السجن أو القبض عليه إذا كانت الواقعة تشكل جنحة من جنح القانون العام و كانت العقوبة المقضي بها تقل عن الحبس لمدة سنة. إستنادا إلى أحكام (المادة 358 .ق.إ.ج) و أحكام ) المادة 55 من تنظيم الأسعار( .
/4رئيس غرفة الاتهام :
تجيز المادة (181 ق.إ.ج ) لرئيس غرفة الاتهام إصدار أمر إيداع بناءا على طلب النائب العام الذي يتلقى على إثره صدور قرار من غرفة الاتهام بألا وجه للمتابعة ، أوراقا ظهر له من خلالها انه تحتوي على أدلة جديدة كأقوال الشهود و الأوراق و المحاضر التي لم يمكن عرضها على هيئة التحقيق ، إلى حين انعقاد غرفة الاتهام يجوز لرئيسها أن يصدر بناءا على طلب من النائب العام , أمرا بالقبض على المتهم أو إيداعه السجن . (1(
________
(1)مولاي ميلاني بغدادي ، مرجع سابق ص: 261،262.

رابعا : شكل أمر الإيداع :
وفقا لأحكام المادة (109 ق.إ.ج ) نجدها تنص على أن يتضمن ما يلي :
•نوع التهمة الموجهة إلى المتهم ( جنحة أو جناية ) و ضبطها بالتحديد .
•المواد القانونية المطبقة على الجريمة محل المتابعة
•إيضاح هوية المتهم : ذكر الاسم ، اللقب ، تاريخ و مكان الميلاد ، الحالة العائلية له ، مهنته و عنوانه أو محل إقامته .
•تاريخ الأمر و توقيع القاضي الذي أصدره كما يمهر بختمه .
•تأشيره من طرف وكيل الجمهورية و إرساله بمعرفته.
خامسا : شروط صحة أمر الإيداع :
نصت عليها المادتان ( 117- 118 ق.إ.ج ) و هي :
الشرط الأول : استجواب المتهم قبل إصدار الأمر بالإيداع من قبل قاضي التحقيق ( 118 فقرة 1 ق ا ج )
و هو ما يعرف بالاستجواب عند الحضور الأول الذي يعتبر سؤالا للمتهم عند مثوله لأول مرة ، يتم في إطار شروط شكلية تناولتها )المادة 100 ق.إ.ج ) يتعين على قاضي التحقيق إتباعها تحت طائلة البطلان تتمثل في :
-إعلام المتهم بالوقائع المنسوبة إليه : بعد التأكد من هويته يحيطه قاضي التحقيق علما و صراحة بكل واقعة منسوبة إليه مع بيان وصفها القانوني حسب ورودها في الطلب الافتتاحي.
-تنبيه المتهم بحقه في عدم الإدلاء بأي تصريح : و التنويه عن ذلك في المحضر المحرر بهذه المناسبة حيث يكون قاضي التحقيق في مركز المتهم لما يدليه المتهم من أقوال دون أن يتدخل بإثارة الأسئلة أو مناقشة هذه التصريحات أو التشكيك فيها.
-تنبيه المتهم بحقه بالاستعانة بمحام : فإذا لم يختر المتهم محام و طلب تعيين محام يقوم قاضي التحقيق بتعيينه و التنويه عن ذلك في المحضر و هنا نكون بصدد احتمالين : (1(
_________
(1) مولاي ملياني بغدادي ، مرجع سابق ص 263 .

الاحتمال الأول : تنازل المتهم صراحة عن الاستعانة بمحام :
بعد أن يثبت قاضي التحقيق تنازل المتهم في المحضر له الشروع في استجواب المتهم بالموضوع و مواجهته بأدلة الاتهام و لا يحق للمتهم الاطلاع على أوراق الإجراءات أو تبليغه بالأوامر القضائية
مع احتفاظه في حقه في التراجع عن هذا التنازل في أي مرحلة وصل إليها التحقيق و طلب الاستعانة بمحام طبقا للمادة (104 ق.إ.ج(.
بالنسبة للقضاء الفرنسي فيعد المتهم الذي يصرح بأنه يحتفظ بحقه في اختيار محام لاحقا أو الذي يطلب مهلة للتفكير في جدوى الاستعانة بمحام هو في حكم من تنازل عن الاستعانة بمحام .
الاحتمال الثاني : طلب المتهم الاستعانة بمحام :
سواء اختاره بنفسه أو طلب من قاضي التحقيق تعيينه في هذه الحالة يتوقف قاضي التحقيق بمجرد سماع المتهم عند الحضور الأول و لا يجوز له استجوابه في الموضوع إلا في حضور محاميه أو استدعائه قانونا.
-تنبيه المتهم بوجوب إخبار قاضي التحقيق بتغيير عنوانه : استنادا إلى أحكام ) المادة 100 ق.إ.ج ) التي تمكنه من اختيار موطن له في دائرة اختصاص المحكمة إذا كانت القاعدة العامة تمنع استجوب المتهم في الموضوع عند أول مثول له أمام قاضي التحقيق فهناك استثناء جاء في ( المادة 101 ق.إ.ج ) يتعلق بوجود حالة الاستعجال تجيز استجواب المتهم عند حضوره لأول مرة عند قاضي التحقيق تتجسد في وجود شاهد في خطر الموت ، أو آثار و دلائل على وشك الاختفاء ، و تذكر دواعي الاستعجال في محضر الاستجواب .
فإذا لم يتقيد قاضي التحقيق بما ورد في ( المادة 100 ق.إ.ج ) في إجراءه للاستجواب لا يجوز له إصدار أمر الإيداع و إلا اعتبر باطلا (1(
_____________
(1)أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق ، ص 70-71-72

الشرط الثاني : أن تكون الجريمة المتابع من اجلها المتهم جنحة معاقبا عليها بالحبس
أو عقوبة اشد ( المادة 118 ق.إ.ج ) كما قد تكون جناية كن ليس لقاضي التحقيق إصدار أمر الإيداع في جريمة تشكل مخالفة أو جنحة معاقبا عليها بالغرامة
الشرط الثالث : أن يبلغ قاضي التحقيق أمر الإيداع للمتهم و ينص عليه في محضر الاستجواب .
سادسا : تنفيذ أمر الإيداع :
يتم تنفيذه في السجن بأن يسلم إلى عون الشرطة القضائية في نسختين و يقوم المكلف بالتنفيذ باقتياد المتهم إلى مؤسسة إعادة التربية ، و يسلمه إلى المشرف رئيس المؤسسة الذي يقدم له إقرارا باستلام المتهم و وضعه في المؤسسة و يؤشر على إحدى النسختين و يعيدها إلى الهيئة التي أصدرت الأمر .
سابعا : وقف آثار أمر الإيداع
يتوقف مفعول أمر الإيداع بالإفراج المؤقت عن المتهم المحبوس بالإفراج القانوني أو التلقائي ، أو صدور الأمر بانتفاء المتابعة ، أو عدم تجديد الأمر بعد انتهائه حسب الشروط الواردة في القانون .
الفرع الثالث : الأمر بالقبض mandat d'arrêt :
أولا: تعريفه :
عرفته (المادة 119 ق.إ.ج ) بقولها :
)الأمر بالقبض هو ذلك الأمر الذي يصدر إلى القوة العمومية بالبحث عن المتهم و سوقه إلى المؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر حيث يجري تسليمه و حبسه ) .
و إذا كان ا لمتهم هاربا أو مقيما خارج إقليم الجمهورية فيجوز لقاضي التحقيق بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية أن يصدر ضده أمر القبض إذا كان الفعل الإجرامي (1(
_____________
(1) مولاي ملياني بغدادي ، ارجع سابق ص 265

معاقبا عليه بعقوبة جنحة بالحبس أو عقوبة اشد جسامة و يبلغ أمر القبض و ينفذ بالأوضاع المنصوص عليها في المواد 116،111،110 .
و يجوز في حالة الاستعجال إذاعته طبقا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 111.
الأمر بالقبض على المتهم يتجسد في تكليف قاضي التحقيق القوة العمومية بالبحث عن المتهم و ضبطه و سوقه إلى المؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر ، ينطوي على عنصرين : أمرا بإيقاف المتهم و أمرا باعتقاله بإيداعه في مؤسسة عقابية محددة في الأمر ، و نعرض فيما يلي الحالات التي يصدر فيها الأمر بالقبض :
•إذا كان المتهم هاربا و لم يستحب لاستدعاء القاضي الآمر.
•عند تواجد المتهم خارج إقليم الجمهورية و خشية هروبه و عدم تقديمه ضمانات كافية للحضور مرة ثانية .
•إذا كان المتهم متابعا بعقوبة جنحة بالحبس أو اشد جسامة
•يصدر أمر القبض بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية ) المادة 119 ق.إ.ج)
• يختص رئيس غرفة الاتهام بإصدار أمر القبض بناء على طلب النائب العام ( المادة 181 ق.إ.ج ) في حدود الشروط التالية :
•أن لا تكون غرفة الاتهام منعقدة و قامت بإصدار أمر ألا وجه للمتابعة
•ظهور أدلة جديدة من شانها تعزيز الأدلة السابقة و المساهمة في إظهار الحقيقة ( المادة 175-181 ق.إ.ج ) (1(
________
(1) مولاي ملياني بغدادي ، مرجع سابق ، 266

ثانيا : تبليغ الأمر بالقبض :
يبلغ الأمر بالقبض و ينفذ بمعرفة أحد ضباط أو أعوان الشرطة القضائية أو أحد أعوان القوة العمومية ، الذي يجب عليه عرض الأمر بالقبض على المتهم و تسليمه نسخة منه . و إذا كان محبوسا بجرم آخر فيجوز تبليغه بمعرفة المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية .
في حالة الاستعجال يجوز إذاعة الأمر بجميع الوسائل الإعلامية الممكنةو المتوفرة ، و إيضاح البيانات الجوهرية المبينة في أصل الأمر بالقبض خاصة هوية المتهم ) الاسم - اللقب -مكان و تاريخ الازدياد - مهنته - حالته العائلية -عنوانه ( و تحديد نوع التهمة .
ثالثا : تنفيذ الأمر بالقبض :
يقوم ضباط أو أعوان الشرطة القضائية أو القوة العمومية بالبحث عن المتهم و سوقه إلى المؤسسة العقابية المعينة في الأمر بالقبض و تسليمه إلى المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية ، الذي يسلم إلى المكلف بالتنفيذ إقرارا بتسلم المتهم .
-إذا قبض على المتهم خارج دائرة القاضي الذي اصدر الأمر سيق المتهم فورا إلى وكيل الجمهورية التابع له مكان القبض حيث يتلقى أقواله بعد أن ينبهه بأنه حر في عدم الإدلاء بأي شيء من أقواله و ينوه عن ذلك في المحضر بعد ذلك يخطر قاضي التحقيق مصدر الأمر و يطلب منه نقل المتهم استنادا إلى نص ( المادة 121 القانون رقم 06-22 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 ق.إ.ج ) في فقرتها الرابعة تمنع ( المادة 122 ق.إ.ج ) المكلف بتنفيذ أمر القبض دخول مسكن أي مواطن قبل الساعة 05:00 صباحا و لا بعد الساعة 20:00 مساءا ، و ضمانا لعدم إفلات المتهم (1(
_______________
(1)مولاي ملياني بغدادي ، مرجع سابق ، ص 266 -267

يتعين على المكلف بتنفيذ الأمر بالقبض اصطحاب القوة الكافية من أقرب محل للمكان الذي سينفذ فيه هذا الأمر .
إذا تعذر القبض على المتهم فيبلغ الأمر بالقبض بلصقه في آخر محل لسكن المتهم .

رابعا : إستجواب المتهم :
بعد القبض على المهتم يجب استجوابه خلال (48 ساعة ) من اعتقاله فإن لم يستجوب خلال هذه الفترة يلتزم المشرف ( رئيس مؤسسة إعادة التربية ) بتقديمه إلى وكيل الجمهورية الذي يطلب من قاضي التحقيق المختص أو قاض من قضاة الحكم إجراء استجواب للمتهم فورا و إلا اخلي سبيله طبقا لما ورد في ) المادة :121 : القانون رقم : 06-22 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006: ق.إ.ج(
في فقرتها الأولى إما الفقرة الثانية منها فتعتبر المتهم المقبوض عليه الذي مكث في المؤسسة العقابية أكثر من (28سا ) دون إستجواب : محبوسا تعسفيا لمساسه بشخص المتهم و حريته يقع تحت طائلة العقوبة المقررة في نص المادة 107)ق العقوبات ) التي تمتد من 5 إلى 10 سنوات من السجن المؤقت (1(
___________
(1) مولاي ملياني بغدادي ، مرجع سابق ص 268

المبحث الثاني : الأوامر التي تصدر أثناء التحقيق :
المطلب الأول : الأمر بالرقابة القضائية :

الرقابة القضائية كإجراء أدخله المشرع الجزائري في قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون رقم 86-05 المؤرخ في 04-03-1986 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات الجزائية كبديل للحبس الاحتياطي و وسلية للحد من اللجوء إليه نقلا عن التشريع الفرنسي الذي ادمجه في قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي بموجب قانون 17-07-1970
الفرع الأول : شروط تطبيق الرقابة القضائية و تحديد مدتها :
أولا : شروط تطبيق الرقابة القضائية
لم يضع المشرع قيودا خاصة على تطبيق إجراء الرقابة القضائية إلا ما أورده في المادة (125 مكرر ق.إ.ج) فيما يتعلق بوصف الجريمة حيث اشترط فيها أن تكون : جناية أو جنحة معاقبا عليها بالحبس مما يعني استبعاد هذا الإجراء فيما يخص الجنح المعاقب عليها بغرامة و المخالفات يكون الأمر بالرقابة القضائية مجردا من أي طابع قضائي و غير قابل للاستئناف.
ثانيا : مدة الرقابة القضائية
يبدأ سريان الرقابة القضائية من التاريخ المحدد في أمر قاضي التحقيق و تدوم مبدئيا مدة سير التحقيق إلى غاية مثول المتهم أمام جهة الحكم التي لها أن تبقى عليها أو ترفعها طبقا لأحكام (المادة :125 مكرر3/2 ق.إ.ج ) كما تجيز (المادة 125 مكرر 3ق.إ.ج ) لجهات الحكم الأمر بوضع المتهم تحت الرقابة القضائية في حالتين هما :
•تأجيل الحكم في القضية من جلسة إلى أخرى
•الأمر بإجراء تحقيق تكميلي (1(
_______
(1)أحسن بوسقيعة، مرجع سابق ص 126-127-130

الفرع الثاني : مضمون الرقابة القضائية
تتجسد الرقابة القضائية في الخضوع إلى احد الالتزامات المنصوص عليها في (المادة 125 مكرر ق.إ.ج ) تصنيفها و تتمثل في فرض أعمال معينة على المتهم ، منعه من القيام بعمل محدد يمكن إلى التزامات ايجابية و التزامات سلبية نعرضها فيما يلي :
أولا : الالتزامات الايجابية : جاء النص عليها في البنود 3،4،7 من (المادة 125 مكرر ق.إ.ج ) تتمثل في كل من :
• مثول المتهم دوريا أمام المصالح أو السلطات المعينة من طرف قاضي التحقيق و هي غالبا مصالح الشرطة القضائية
•تسليم وثائق السفر : يقصد به سحب جواز سفر المتهم لمنعه من الهرب خارج الوطن ، الجهة التي تختص بتسلم وثائق السفر هي كتابة الضبط ، أو مصالح الأمن التي يعينها قاضي التحقيق .
•تسليم البطاقات و الرخص المهنية : يتمثل هذا الإجراء بسحب البطاقة المهنية من المتهم و الرخص التي تسمح له بممارسة نشاط مهني أما بغرض منعه من استعمال هذه البطاقات أو منعه من ممارسة نشاطه المهني .
•الخضوع إلى بعض الفحوص العلاجية : و لو اقتضى ذلك دخول المتهم المستشفى كحالة التسمم مثلا (1(
_______
(1)أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق ص 128

ثانيا : الالتزامات السلبية : نجدها في البنود (8،6،5،2،1( من المادة (125 مكرر 1 ق.إ.ج) نعرضها كالآتي :
•عدم مغادرة حدود إقليمية معينة : لضمان بقاء المتهم تحت تصرف قاضي التحقيق حيث لا يغادرها إلا بإذن منه .
•عدم الذهاب إلى أماكن محددة :كمكان ارتكاب الجريمة ، الحانات ، محلات لعب القمار ....
•الامتناع عن ممارسة بعض الأنشطة المهنية : إذا كانت الجريمة إرتكبت أثناء أو بمناسبة ممارسة هذه النشاطات
•عدم الاتصال بالغير : يجوز لقاضي التحقيق منع المتهم من رؤية أشخاص معينين أو الاجتماع بهم بهدف منع المتهم من الاتصال بشركائه في الجريمة أو بالشهود .
•الإمتناع عن إصدار شيكات: كالتزام مرفق بإيداع نماذج الصكوك لدى كتابة الضبط ، يهدف إلى منع المتهم من إعسار نفسه أو تكراره لفعل إصدار شيكات بدون رصيد .
و تبقى السلطة التقديرية لقاضي التحقيق في تعديل هذه الالتزامات بالإضافة أو الحذف بموجب قرار مسبب غير قابل للاستئناف.
التشريعات المقارنة منها التشريع الفرنسي تضمن التزامات غير مدرجةفي التشريع الجزائري : منها حظر مغادرة محل الإقامة أو المسكن ، الامتناع عن حمل السلاح أو حيازته ، الامتناع عن السياقة (1(
___________
(1)أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق ص 129

الفرع الثالث : إنتهاء الرقابة القضائية :
تنتهي الرقابة القضائية وجوبا بصدور أمر بانتفاء وجه الدعوى استنادا إلى أحكام )المادة 125 مكرر 3 ق.إ.ج ( و قد تنتهي قبل غلق التحقيق حيث يجوز لقاضي التحقيق أن يأمر برفع الرقابة تلقائيا
أو بطلب من وكيل الجمهورية أو بطلب من المتهم بعد استشارة وكيل الجمهورية ) المادة 125 مكرر2 ق.إ.ج(
في حالة عدم فصل المحكمة في مصير الرقابة القضائية تبقى قائمة . لكن السؤال يطرح عند صدور حكم عن المحكمة يقضي ببراءة المتهم الموجود تحت الرقابة القضائية أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة مع رفع الرقابة القضائية ، فهل ترفع الرقابة القضائية عن المتهم فور صدور الحكم في حالة ما إذا استأنفته النيابة أو تبقى قائمة بفعل الأثر الموقف للإستئناف ، إلى غاية فصل المجلس فيها ثم المحكمة العليا في حالة الطعن بالنقض ؟
هذا التساؤل لم يجب عنه المشرع الجزائري بنص صريح بالرجوع إلى المادة 365) ق.إ.ج ) نجدها تقضي بإخلاء سبيل المتهم المحبوس مؤقتا فور صدور الحكم ببراءته أو بإعفائه من العقوبة أو بالحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة و ذلك رغم الاستئناف ما لم يكن محبوسا لسبب آخر .
هل يمكن إسقاط هذا النص ( المادة 365 ق.إ.ج ) للإجابة عن هذا التساؤل للقول بانتهاء الرقابة القضائية فور صدور حكم يقضي ببراءة المتهم أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة و ذلك رغم استئناف النيابة العامة (1(
__________
(1)أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق ص130-131

لا تنتهي الرقابة القضائية بصدور الحكم الذي يقضي ببراءة المتهم أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة رغم استئناف النيابة العامة و لا يمكن القول بإسقاط ( المادة 356 ق.إ.ج) على هذه الحالة يكون القياس غير جائز في المواد الجزائية و استنادا إلى أحكام ( المواد 125 مكرر 3 356 ،425 ق.إ.ج ) و بالرجوع إلى القانون المقارن و القانون الفرنسي .
المادة 125 مكرر 3 تقضي ببقاء الرقابة القضائية قائمة إلى حين رفعها من قبل الجهة القضائية المعينة ، أما المادة 365 فهي تخص بالذكر الحبس المؤقت دون الرقابة القضائية . أما المادة 425 فهي تتعلق بالأثر الموقف للاستئناف أثناء مهل و دعوى الاستئناف و تعد الحالة المنصوص عليها في المادة 356 ق.إ.ج استثناء على هذه القاعدة .
كما سبق و أن ذكرنا أن المشرع الجزائري اخذ نظام الرقابة القضائية عن المشرع الفرنسي الذي نص في قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي في المادة (179 منه) التي تقابلها المادة 125 مكرر 3 ق.إ.ج الجزائري في فقرتها الثانية على إنتهاء الرقابة القضائية بانتهاء التحقيق و أجازت في الفقرة الثالثة لقاضي التحقيق بالأمر إستثنائيا ببقاء المتهم تحت الرقابة القضائية إلى غاية مثوله أمام المحكمة بموجب أمر مسبب.
كما نصت (المادة 471 ق.إ.ج – و تقابلها المادة 365 ق.إ.ج صراحة في فقرتها الثالثة على أن الرقابة القضائية المفروضة على المتهم طبقا (للمادة 179 فقرة 3 ) تنتهي رغم الاستئناف بصدور حكم يقضي بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ ما لم تقض المحكمة بخلاف ذلك (1(
_________
(1)أحسن بوسقيعة ،مرجع سابق ص132

بالتالي فالرقابة القضائية تنتهي بصدور حكم ببراءة المتهم أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالغرامة .
كما نصت (المادة 506 ق.إ.ج و تقابلها المدة 425 ق.إ.ج)على الأثر الموقف للاستئناف أثناء مهل الاستئناف و أثناء دعوى الاستئناف استثناء على هذه القاعدة و خروجا عنها الحالة المتعلقة بالمتهم الموضوع تحت الرقابة القضائية المحكوم عليه بعقوبة الحبس مع وقف التنفيذ ( المادة 471 فقرة 3 ق.إ.ج ) .
المطلب الثاني : الأمر بالحبس المؤقت :
الفرع الأول : مفهوم الأمر بالحبس المؤقت و اختصاص قاضي التحقيق بإصداره
أولا : مفهوم الحبس المؤقت :
/1المفهوم الفقهي :
الحبس المؤقت :" la détention provisoire " كما عرفه الأستاذ :"عبد العزيز سعد " بأنه ( إجراء استثنائي يسمح لقضاة النيابة ة التحقيق و الحكم كل فيما يخصه بأن يودع السجن لمدة محدودة كل متهم بجناية أو جنحة من جنح القانون العام و لم يقدم ضمانات كافية لمثوله من جديد أمام القضاء ) ، كما عرفه الأستاذين merle et vitu ( حبس المتهم في دار التوقيف خلال فترة التحقيق الابتدائي كلها أو بعضها إلى أن تنتهي بصدور حكم نهائي في موضوع الدعوى )
/2المفهوم الاصطلاحي :
أغلب التشريعات الإجرائية لم تضع تعريفا له ، باستثناء القانون السويسري الذي عرفه بأنه ( يعد حبسا احتياطيا كل حبس يؤمر به خلال الدعوى الجنائية بسبب احتياجات التحقيق
أو الدواعي الأمن ) .(1(
________________
(1)حمزة عبد الوهاب ، النظام القانوني للحبس المؤقت في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري: دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع ، : 2006 الطبعة الأولى ، ص 9-10-11-13-14

و المشرع الفرنسي لم يحدد تعريفا للحبس المؤقت و اكتفى بتعديل تسميته من ( الحبس الاحتياطي ) إلى ( الحبس المؤقت) دون تغيير النظام القانوني له الذي يكتسي طبيعة إستثنائية غير عادية.
و المشرع الجزائري بدوره لم يحدد تعريفا للحبس المؤقت و ساير التعديلات التي حصلت في التشريع الفرنسي بمقتضى القانون رقم 01/08 المؤرخ في 26 يونيو 2001 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات الجزائية حيث نص على الحبس المؤقت كإجراء إستثنائي في القسم 7 بعنوان ( في الحبس المؤقت و الإفراج ) من الفصل الاول ( في قاضي التحقيق ) من ( المادة 123 إلى المادة 125 مكرر (
ثانيا : إختصاص قاضي التحقيق بإصدار الأمر بالحبس المؤقت :
يستدعي إجراء التحقيق حضور المتهم أمام قاضي التحقيق لإستجوابه و مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود و خشية أن يؤثر وجود المتهم في حالة إفراج على سير التحقيق فإن القانون خول لقاضي التحقيق إتخاذ مجموعة من التدابير الإحتياطية ضد المتهم ، من بينها و بصفة إستئنافية الأمر بالوضع في الحبس المؤقت سواء بطلب من وكيل الجمهورية في الطلب الإفتتاحي أو بأمر من القاضي المحقق طبقا للمواد : 68 -109-123-123مكرر ق إ ج .
يصدر قاضي التحقيق أمرا بحبس المتهم مؤقتا في مواد الجنايات ، و الجنح حسب الشروط المقررة في المواد 124 و ما بعدها ق.إ.ج و لا يجوز له إصدار هذا الأمر في مواد المخالفات . (1(
________
(1)حمزة عبد الوهاب ، مرجع سابق ص : 40-41-42

ثالثا : الشروط الإجرائية للأمر بالحبس المؤقت :
تقضي المادة 131 فقرة 2 ق إ ج بإمكانية إصدار الأمر بالوضع في الحبس المؤقت في حالة إستدعاء المتهم للحضور بعد الإفراج عنه و لم يمثل : أو إذا طرأت ظروف جديدة أو خطيرة تجعل من الضروري حبسه .
-لقاضي الأحداث أن يأمر بحبس المتهم الحدث مؤقتا مع مراعاة الخصوصيات التي تتميز بها قضايا الأحداث استنادا إلى المواد : 453-456 قثرة 2 ق.إ.ج ، مع إمكانية وضع الحدث في مركز الإيواء أو الملاحظة) المادة 455 ق.إ.ج(
الفرع الثاني : الشروط الإجرائية الموضوعية للأمر بالحبس المؤقت :
باعتبار الحبس المؤقت من اخطر إجراءات التحقيق يتعارض مع قرينة البراءة التي يتمتع به كل شخص طبقا للمادة 45 من دستور الجزائر 1996 قيده المشرع بجملة من الشروط الإجرائية و الموضوعية التي تشكل ضمانة للمتهم المحبوس مؤقتا نعرضها في ما يلي :
/1توجيه التهمة و الاستجواب :
توجيه التهمة و استجواب المتهم أولى الشروط الشكلية للأمر بالحبس المؤقت طبقا لما تقضي به المواد 59- 100- 118 ق.إ.ج إذ بعد التأكد من هوية المتهم و إحاطته علما بالوقائع المنسوبة إليه و ما يوجد ضده من دلائل و النصوص القانونية التي تعاقب عليها ، لكي يدلي بالإيضاحات التي تساعد على الكشف عن الحقيقة ، و تمكنه من تحضير دفاعه كما يخطره قاضي التحقيق بحقه في اختيار محام فإن لم يختر عين له واحد و ينوه عن ذلك في المحضر يقع تخلف هذه الإجراءات تحت طائلة البطلان لاتصالها بحقوق الدفاع
)المادة 157 ق.إ.ج ) و يجوز للمتهم التنازل عن التمسك بالبطلان المقرر لمصلحته مع إمكانية استجواب المتهم عند الحضور الأول في حالة الإستعجال نتيجة وجود (1(
_______
(1)حمزة عبد الوهاب، مرجع سابق، ص 70-71

شاهد في خطر الموت أو أدلة على وشك الاختفاء ( المادة 101ق.إ.ج ) و تعتبر إحاطة المتهم علما بالتهمة المنسوبة إليه من حقوق الإنسان طبقا لما جاء في المادة 9 فقرة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية.
/2تسبيب الأمر بالوضع في الحبس المؤقت و البيانات التي يتضمنها :
التسبيب هو الأساس الذي يقوم عليه كل عمل قضائي لمنع التعسف أو التجاوز في استعمال السلطة و عدم خضوع الأمر للتقدير الشخصي للقاضي ضمانا للمساواة بين المتهمين و يكون تسبب الأمر بالوضع في الحبس المؤقت في الجنايات و الجنح و طبقا (للمادة 123 مكرر ق.إ.ج ) فالأمر بالحبس يكون مؤسسا على الأسباب المنصوص عليها في ( المادة 123 ق.إ.ج ) هذه الأخيرة التي أوردت حالات عامة ، لا يكون قاضي التحقيق مقيدا بها إنما يجب عليه الاستناد على المؤشرات الواضحة لظروف الواقعة الجرمية و تتحقق إحدى الحالات المشار إليها في هذه المادة و يجب ذكرها في أمر الوضع الذي يحتوي زيادة على التسبب كل البيانات و الأوصاف المتعلقة بالمتهم بذكر : اسمه - لقبه- اسم الشهرة (إن وجد) - تاريخ و مكان ميلاده - نسبه - مهنته - موطنه- أوصافه الجسمية
و العلامات الخصوصية - نوع التهمة - النصوص القانونية التي تعاقب عليها - تحديد القاضي الآمر بالوضع و السلطة المكلفة بتنفيذه زيادة إلى التوقيع و الختم ، كما يصدر قاضي التحقيق مذكرة إيداع تنفيذا الأمر الوضع في الحبس المؤقت .
كما يلتزم قاضي التحقيق بتبليغ المتهم بهذا الأمر و هو إجراء جوهري نصت عليه المادة 117( فقرة 1 ق.إ.ج ) يتم ذلك شفاهة و حددت المادة 123 مكرر 2 ميعاد استئنافه بأجل (3) أيام من تاريخ التبليغ و يشار إليه في المحضر. (1(
_________
(1)حمزة عبد الوهاب ، مرجع سابق ، ص :73-74-75-76-77

/3مدة الحبس المؤقت :
طبقا للقانون الجديد رقم 05-04 المؤرخ في 5 فبراير 2005 المتعلق بتنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين : يبدأ سريان المدة
من يوم حبس المحكوم عليه بسبب الجريمة المرتكبة و تخصم مدة الحبس المؤقت بتمامها من مدة العقوبة المحكوم بها (المادة 13 غفلرة 3 ) أما إذا تعددت المتابعات المتعاقبة دون إنقطاع الحبس ، تحتسب مدة العقوبة السالبة للحرية بدءا من تسجيل مستند الإيداع الأول و لو كان مآل المتابعات الأولى البراءة أو وقف التنفيذ أو عقوبة غير سالبة للحرية أو أمرا أو قرارا بألا وجه للمتابعة .
حيث جعل المشرع الجزائري الحد الأقصى للحبس المؤقت (60 شهرا( و بإعتبار قانون الإجراءات الجزائية من القوانين الشكلية فإنه يطبق فورا . سواء كانت في صالح المتهم أو لا ، و لو على وقائع تمت قبل صدوره ، فلو صدر قانون جديد ينص على تخفيض أو رفع مدة الحبس المؤقت فانه يسري بأثر فوري .
الفرع الثالث : الشروط الموضوعية للأمر بالحبس المؤقت :
تعد الشروط الموضوعية تقليصا من مجال الأمر بالحبس المؤقت لأنها تتضمن تحديد الجرائم التي يجوز فيها الأمر بالحبس المؤقت .
من جهة ثانية لم تحدد المادة 123 ق.إ.ج الجرائم التي يجوز فيها الأمر بالحبس المؤقت و بالرجوع إلى (المادتين 118- 124 ق.إ.ج ) نجد الجرائم التي يجوز الحبس المؤقت فيها هي الجنايات و الجنح المعاقب عليها بالحبس ، أما المخالفات فلا يجوز الحبس المؤقت فيها (1(
_________
(1) حمزة عبد الوهاب ، مرجع سابق ص 77-86-89

يأمر قاضي التحقيق بالوضع في الحبس المؤقت إذا كانت إلتزامات الرقابة القضائية غير كافية كسبب موضوعي يتحقق بتوافر 4 حالات عددتها المادة (123 ق.إ.ج ) فيما يلي :
الحالة الأولى : عدم وجود موطن مستقر للمتهم ، أو عدم تقديم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة أو لخطورة الأفعال :
مفهوم الموطن هنا طبقا لما ورد في القانون المدني بالتالي إكتسابه يخضع لقواعد القانون المدني ( من المادة 36 إلى المادة 40 (
حيث ينقسم إلى موطن عام و موطن خاص يقوم على جانب معنوي في صورة سلبية :
هو عدم المغادرة ، قد يتعدد الموطن ، و قد ينعدم في المقابل كحالة إنعدام محل الإقامة الثابت ، و نفس الأحكام تنطبق على الأجنبي لكنه يقوم على عنصر معنوي في صورته الايجابية المتمثلة في نية البقاء و الاستقرار .
إنعدام الموطن بالنسبة للمتهم طبقا للقانون المدني يبرر الحبس المؤقت إلى جانب اعتبار خطورة الأفعال حماية الأمن العام .
الحالة الثانية : إذا كان الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الحجج أو الأدلة المادية أو منع الضغوط على الشهود ، أو تفادي التواطؤ بين المتهمين :
لأن هذه الممارسات من شانها تضليل العدالة بتنسيق المواقف و تطابق الإجابات أو الأفكار بين المتهمين أو إجبار الشهود على الإعتراف بوقائع معينة قد تكون غير صحيحة .
الحالة الثالثة : حماية المتهم أو وضع حد للجريمة :
يجوز حبس المتهم حماية له في شخصه ( كمنع انتقام الضحية أو أهلها أو لمنع الإستمرار في إرتكاب الجريمة أو الوقاية من حدوثها الحالة الرابعة : مخالفة المتهم الواجبات المتعلقة بالرقابة القضائية : (1) إذا كانت المخالفة بصورة عمدية حينها تبرر وضع المتهم رهن الحبس المؤقت.
_______
(1)عدلي أمير خالد ، إجراءات الدعوى الجنائية في ضوء المستحدث من أحكام النقض : دار الفكر الجامعي مصر ص : 192.

المطلب الثالث : الأمر بالإفراج المؤقت :
الفرع الأول : تعريف الإفراج المؤقت و اختصاص قاضي التحقيق بإصداره
أولا : تعريف الإفراج المؤقت :
هو إخلاء سبيل المتهم ، لعدم توافر مبررات الحبس المؤقت أو زوالها و يكون الإفراج وجوبيا أو جوازيا.
ثانيا : إختصاص قاضي التحقيق بإصداره :
إذا وجد من سير التحقيق أن المتهم يجب أن يفرج عنه أو يخلى سبيله من الحبس الإحتياطي فإن قاضي التحقيق أجاز له القانون أن يصدر أمرا في جميع المواد من تلقاء نفسه بالإفراج المؤقت و ذلك بعد أن يقوم باستطلاع رأي وكيل الجمهورية و يشترط في هذه الحالة أن يتعهد المتهم أمام قاضي التحقيق كتابة بحضور جميع إجراءات التحقيق في أي وقت يطلب منه ذلك .
و عليه أن يحيط قاضي التحقيق علما بتحركاته و تنقلاته .
و يجوز لوكيل الجمهورية أيضا أن يفرج عن المتهم مؤقتا في أي وقت يشاء بعد أن يخطر قاضي التحقيق بذلك و هذا الأخير يبت في هذا الطلب خلال 24 ساعة من تاريخ طلب الإفراج طبقا للمادة 126 ق إ ج و يلتزم طالب الإفراج قبل إخلاء سبيله بضمان أو بدونه طبقا للمادة 131 ق.إ.ج بما يلي :
/1أن يختار موطنا له في دائرة اختصاص قاضي التحقيق و ينص على هذا الاختيار
في المحضر الذي يوقعه قبل خروجه من المؤسسة العقابية أما إذا كان مقدما للمحاكمة فموطنه يكون في دائرة اختصاص هذه المحكمة و يبلغ مدير المؤسسة العقابية الإقرار المذكورإلى السلطة المختصة .
/2مثول المتهم أمام قاضي التحقيق أو المحكمة إذا تم استدعاؤه للحضور (1(
__________
(1)محمد صبحي محمد نجم مرجع سابق ص 72 -73

الفرع الثاني : أنواع الإفراج المؤقت :
ينقسم الأمر بالإفراج إلى إفراج وجوبي و إفراج جوازي
أولا : الإفراج المؤقت الوجوبي :
يكون قاضي التحقيق ملزما بإخلاء سبيل المتهم بقوة القانون في الحالات التالية طبقا لما تقضي به المادة 124 ق.إ.ج
1-إنتهاء مدة الحبس المؤقت 20 يوما.
2-إنتهاء مدة أربعة أشهر بالنسبة للجنح المعاقب عليها بالحبس من سنتين إلى 3 سنوات.
3-إنتهاء مدة الحبس المؤقت القصوى بالنسبة للجنح التي تكون عقوبتها الحبس الذي يزيد عن 3 سنوات .
4-إنتهاء مدة الحبس المؤقت القصوى بالنسبة للجنايات و هي : 16 شهرا أو20 شهرا أو 36 شهرا أو 60 شهرا.
5- إنتهاء المدة الأصلية للحبس المؤقت بدون تمديد.
6- عند إصدار قاضي التحقيق أمرا بألا وجه للمتابعة.
7-عند إصدار حكم ببراءة المتهم
8- عدم فصل أو بت قاضي التحقيق في طلب وكيل الجمهورية بعد مرور 48ساعة.
9-إلغاء أمر الوضع في الحبس المؤقت من طرف غرفة الاتهام.
10-عدم فصل غرفة الإتهام في طلب الإفراج المقدم من طرف محامي المتهم بعد انقضاء 30 يوما .
11-عدم بت الغرفة الجنائية على مستوى المحكمة العليا في طلب الإفراج المقدم من طرف محامي المتهم بعد إنقضاء 45 يوما من تاريخ تقديم الطلب إذا كنا بصدد الجنايات (1(
__________
(1)عمر خوري ، مرجع سابق ، ص : 70-71

ثانيا : الإفراج المؤقت الجوازي :
الإفراج الجوازي أمر يخضع لتقدير المحقق ، أو المحكمة ، لا يقيدها سوى مصلحة التحقيق و الإفراج الجوازي قد يكون بكفالة أو بغير كفالة ،فهو سلطة و رخصة مقررة قانونا ، سواء بادر به قاضي التحقيق من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب من المتهم أو محاميه أو طلب وكيل الجمهورية طبقا لأحكام المادتين 126-127 ق.إ.ج أو طلب المحكمة )المادة 128 ق.إ.ج (
/1الإفراج من قبل قاضي التحقيق من تلقاء نفسه :
إن لم يكن الإفراج لازما بقوة القانون يجوز لقاضي التحقيق أن يأمر من تلقاء نفسه بالإفراج " la liberté " بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية و شرط أن يتعهد المتهم بحضور جميع إجراءات التحقيق بمجرد استدعائه و يخطر القاضي المحقق بجميع تنقلاته .
/2الإفراج بناءا على طلب وكيل الجمهورية :
يجوز لوكيل الجمهورية طلب الإفراج المؤقت في كل وقت ، و على قاضي التحقيق أن يبت في هذا الطلب خلال (48) ساعة من تاريخ طلب الإفراج .
/3طلب الإفراج من المتهم أو محاميه :
للمتهم أو محاميه طلب الإفراج المؤقت من قاضي التحقيق في كل وقت مع مراعاة الالتزام الوارد في المادة 123ق.إ.ج و يتعين على قاضي التحقيق أن يرسل الملف في الحال إلى وكيل الجمهورية ليبدي طلباته في خمسة أيام التالية ، كما يبلغ في نفس الوقت المدعي المدني بكتاب موصى عليه لإبداء ملاحظاته ، و على قاضي التحقيق أن يبت في الطلب بقرار خاص مسبب خلال مدة لا تتجاوز 10 أيام على الأكثر من إرسال الملف إلى وكيل الجمهورية ، فإن لم يبت في هذا الطلب خلال المهلة المحددة
____
(1)مولاي ملياني بغدادي ، مرجع سابق ، ص 275-276

فإن المتهم يرفع طلبه إلى غرفة الاتهام لتصدر قرارها بعد الاطلاع على الطلبات الكتابية المسببة المقدمة من النائب العام خلال 30 يوما من تاريخ الطلب و إلا تم الإفراج تلقائيا عن المتهم
ما لم يتقرر إجراء تحقيقات تتعلق بطلبه كما لوكيل الجمهورية الحق في رفع طلب الإفراج المؤقت إلى غرفة الاتهام ضمن نفس الشروط .
و لا يجوز تجديد طلب الإفراج المؤقت المقدم من المتهم أو من محاميه إلا بانتهاء مهلة شهر من تاريخ رفض الطلب السابق ( المادة 127 ق.إ.ج (
4/ طلب الإفراج من المحكمة التي أحيلت إليها القضية :
طبقا للمادة 128 ق.إ.ج إذا رفعت الدعوى إلى جهة قضائية للفصل فيها أصبح لهذه الجهة حق الفصل في الإفراج المؤقت .
و إذا فصلت المحكمة في طلب الإفراج المؤقت فإن الاستئناف يتعين رفعه في ظرف (24 ساعة ) من النطق بالحكم .
و يظل المتهم محبوسا حتى يقضي في استئناف النيابة العامة و في جميع الحالات ريثما يستنفذ ميعاد الاستئناف ما لم يقرر النائب العام إخلاء سبيل المتهم في الحال .
الإفراج المؤقت عن الأجنبي : يكون الإفراج المؤقت عن الأجنبي مشروطا بتقديم كفالة لأنها تضمن :
/1 مثول المتهم في جميع إجراءات الدعوى لتنفيذ الحكم
/ 2أداء ما يلزم من :
•المصاريف التي أنفقها القائم بالدعوى العمومية
• الغرامات
•المبالغ المحكوم بردها (1)
•التعويضات المدنية
_____
(1)مولاي ملياني بغدادي ، مرجع سابق ص 276-278-279

-و يحدد قرار الإفراج المؤقت المبلغ المخصص للكفالة التي تدفع نقدا أو أوراقا مصرفية بمجرد الاطلاع على الإيصال تنفذ النيابة العامة قرار الإفراج المؤقت.

المبحث الثالث : أوامر التصرف في التحقيق les ordonnances de clôture de l'instruction
متى رأى قاضي التحقيق أن إجراءات التحقيق التي أجريت كافية للتصرف في التحقيق سواء بإنهاء الدعوى العمومية أو بطرحها على المحكمة الجزائية فإنه يعمد إلى اختتام التحقيق بإصدار أمره بإرسال الملف إلى وكيل الجمهورية مشيرا فيه إلى إتمام إجراءات التحقيق ضد المتهم المعين بالاسم أو المجهول (المادة 162 ق.إ.ج( و يؤرخ الأمر و يوقع عليه من قاضي التحقيق .
و يمكن لقاضي التحقيق في هذه المرحلة إن يفصل ف طلب إفراج مؤقت عن متهم أو يقبل ادعاء مدنيا من المضرور كما يجوز أن يسعى إلى جمع أدلة جديدة أو يتلقى ما قد يقدم إليه من استدلالات تفيد في التحقيق و يرسل هذه المحاضر المحررة إلى وكيل الجمهورية ليعيد الملف إليه لاستئناف التحقيق على ضوئها و يطلع محامي المتهم و محامي المدعي على ملف الدعوى إثر إرساله و قبل التصرف في التحقيق
بعد دراسة ملف الدعوى يقدم وكيل الجمهورية طلباته النهائية التي تتضمن تلخيصا للوقائع و وصفها القانوني و النصوص التي تعاقب عليها و رأي النيابة في التصرف في التحقيق : بإحالة الملف إلى غرفة الاتهام أو محكمة الجنح و المخالفات أو الأمر بالا وجه للمتابعة أو استكمال التحقيق باتخاذ إجراءات أخرى إضافة إلى (1(
___________
(1)أحمد شوقي الشلقاني ، مرجع سابق ، ص : 293-294

التاريخ و توقيع وكيل الجمهورية و تعتبر الطلبات النهائية غير ملزمة لقاضي التحقيق لكنه يستطيع أن يعود و يباشر إجراءات التحقيق بناءا على ما جاء بأي منها ، أو يصدر أمر التصرف في التحقيق و يضمنه اسم المتهم - لقبه - نسبه - تاريخ و مكان ميلاده - موطنه - مهنته - الوصف القانوني للواقعة المنسوبة إليه - و الأسباب التي توجد ضده دلائل كافية أو لا.
المطلب الأول : الأمر بألا وجه للمتابعة : ordonnance de non lieu
الفرع الأول : تعريف الأمر بألا وجه للمتابعة :
أولا : التعريف الفقهي :
ورد في الفقه المصري في تعريف الأمر بألا وجه للمتابعة :
)أمر قضائي من أوامر التصرف في التحقيق الابتدائي ، تصدره بحسب الأصل إحدى سلطات التحقيق الابتدائي بمعناه الضيق ، لتصرف به النظر عن إقامة الدعوى أمام محكمة الموضوع ، لأحد الأسباب التي بينها القانون و يحوز حجية من نوع خاص) (1( (أمر بمقتضاه تقرر سلطة التحقيق عدم السير في الدعوى الجنائية لتوافر سبب من الأسباب التي تحول دون ذلك (
عرف جانب من الفقه الفرنسي الأمر بانتفاء وجه الدعوى بأنه : ( أمر قضائي يصدر عن قاضي التحقيق ليصرف به النظر عن إقامة الدعوى الجنائية لتوافر سبب من الأسباب المبررة لذلك ، سواء كانت قانونية أو واقعية ) .(2(
______________
(1)محمود عبد ربه محمد القبلاوي ، الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ، دراسة مقارنة: دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية طبعة2005 ص3-4
(2) إبراهيم بلعليات ، مرجع سابق ص:19-20

ثانيا التعريف الاصطلاحي :
الأمر بانتفاء وجه الدعوى من أوامر التصرف التي يقوم بها قاضي التحقيق بعد الانتهاء من إجراءات التحقيق ، و هو ينهي المتابعة الجزائية و يخلي سبيل المتهم أن كان محبوسا بسبب هذه الوقائع المتابع بها كما تطفئ الدعوى العمومية في جميع الحالات و هذه الأوامر مبينة على أسباب قانونية أو أسباب واقعية.
الفرع الثاني : أسباب إصدار الأمر بألا وجه للمتابعة :
أولا : الأسباب القانونية :
حصرتها ( المادة 6 ق إ ج )حيث يتوصل قاضي التحقيق إلى أن الأفعال المتابع بها أي شخص أو ضد مجهول خارج طائلة أي نص جزائي :
/1توافر أسباب الإباحة :
أسباب الإباحة عبارة عن ظروف مادية تطرأ وقت ارتكاب الفعل الإجرامي فترفع عنه الصفة الإجرامية و تجعله فعلا مباحا غير معاقب عليه و عدم مسؤولية مرتكبها مثلا : من يقتل شخصا دفاعا عن نفسه فأسباب الإباحة تقررها نصوص قانونية ما يعني تخلف الركن الشرعي للجريمة ( المادة 39 ق.ع( .
/2وجود عذر قانوني :
يقصد به وجود نص قانوني يعفي الجاني من العقوبة ، فهي موانع للعقاب ، لا تنفي الجريمة بركنيها المادي و المعنوي حيث تفترض قيامها و مسؤولية الفاعل عنها ، إلا أن المشرع لاعتبارات معينة يقرر إعفاء المتهم من العقاب رغم قيام مسؤوليته (المادة 179 -326 ق.ع(
/3سحب الشكوى :
تنازل الضحية عن الشكوى التي تقدم بها في بداية الأمر يؤدي إلى إنهاء هذه الدعوى) المادة 339 ق.ع ) (1(
_____________
(1)إبراهيم بلعليات ، مرجع سابق ، ص 21

/4وجود عفو شامل :
يكون في مناسبات سياسية أو رسمية خاصة برئيس الجمهورية حيث يبطل جميع الأحكام العقابية التي يشملها ، سواء كانت نهائية أو غير نهائية ، تتم بنص صريح ، حيث لا يؤثر العفو الشامل على الدعوى المدنية فيما يتعلق بالمطالبة بالتعويض.
/5تقادم الدعوى العمومية :
طبقا لأحكام المواد 7-8-9- ق.إ.ج فإن مدة التقادم :
•في الجنايات = 10 سنوات
•في الجنح = 3 سنوات
•في المخالفات = سنتان
•في الدعوى المدنية المرتبطة بالدعوى العمومية تتقادم بنفس المدة المقررة لهذه الأخيرة ، فإذا حكم بالتقادم في الدعوى العمومية وجب التطرق إلى التعويض في الدعوى المدنية المادة ( 10 ق.إ.ج ) و المواد 272-273 قانون الجمارك .
/6وفاة الجاني :
وفاة الجاني ينهي الدعوى العمومية في أي مرحلة كانت عليها ( المادة 6 ق.إ.ج ) ،عند إثبات وفاة الجاني أو المتابع عن طريق الادعاء المدني ( بشهادة وفاة ) ، يصدر قاضي التحقيق أمرا بإنقضاء الدعوى العمومية لوفاة المتابع باعتبار " شخصية المسؤولية " مع إمكانية امتداد الدعوى المدنية إلى الورثة .
/7إلغاء القانون الجزائي :
إلغاء نص عقابي بنص آخر أو تعديله يؤدي إلى إنهاء الدعوى العمومية مثلا إلغاء المادة 119-199 مكرر ق.عقوبات و تعويضهما بالمادة 29 من قانون مكافحة الفساد (1(
_____________
(1) إبراهيم بلعليات ، مرجع سابق ، ص : 21-22 رقم 06/01 الصادر في 20-02-2006

/8وجود الشيء المقضي به :
في حالة وجود عدة أحكام حائزة لقوة الشيء المقضي به ، فالحكم الثاني لا يمكن تطبيقه ، إذا كان الحكمان يتعلقان بنفس الوقائع و الأشخاص طبقا للقاعدة العامة التي تقتضي بأنه : ( لا يجوز الحكم على المتهم مرتين بسبب فعل واحد .(
ثانيا : الأسباب الواقعية :
حددتها المادة 163 ق.إ.ج في الآتي :
/1الوقائع لا تكون جناية أو جنحة أو مخالفة :
في هذه الحالة تكون أركان الجريمة غير مكتملة و هي أركان الواقعة المعاقب عليها جزائيا.
/2عدم كفاية الأدلة :
إذا رأى المحقق أن الأدلة التي أسفر عنها التحقيق غير كافية لترجيح الإدانة ، حيث تكون الجريمة قائمة و الأدلة موجودة لكنها غير كافية لنسبة الواقعة إلى المتهم مثلا : اتهام شخص بجريمة قتل ، و لم تقم عليه من الأدلة سوى شهادة بعض الشهود ، و قد اختلفوا في شهادتهم بما يحتمل عدم الثقة بهم و عدم ترجيح الإدانة فالأساس الذي تستند إليه سلطة التحقيق هو الرجحان و الاحتمال .
/3بقاء المتهم مجهولا :
لا ترفع الدعوى الجنائية إلا على من يعده القانون جانيا في الجريمة لأن الهدف منها توقيع العقوبة عليه طبقا لقاعدة شخصية العقوبة كما أن الدعوى لا تقدم إلى محكمة (1(
__________________
(1)مولاي ملياني بغدادي ، مرجع سابق ، ص 283

الموضوع ضد مجهول و إذا كان التحقيق يصح بداهة أن يوجه ضد مجهول حتى يتوصل إلى معرفته فتحيل دعواه إلى المحكمة أو تفشل سلطة التحقيق الابتدائي في الوصول إلى تحديد شخصية الجاني فتصدر أمرا بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى لعدم معرفة الفاعل الذي ينسب إليه الاتهام و الأمر بألا وجه للمتابعة ليس حكما قضائيا و لا يكتسب قوة الشيء المحكوم فيه ، و لكن يمكن العدول عنه إذا ظهرت أدلة جديدة تبرر إعادة التحقيق من جديد طبقا للقانون.
مثال : التقادم ( الإهمال العائلي جنحة مستمرة) :
لا يمكن لقاضي التحقيق في جميع الأحوال أن يصدر أمرا بانقضاء الدعوى العمومية المتعلقة بالإهمال العائلي (المواد 6-8 ) ق.إ.ج باعتبار أن هذه التهمة مستمرة متى كان هناك حكم قضى بالنفقة للزوجة و الأولاد فالنفقة تبقى في ذمته و لا تسقط بالتقادم .
و من المبادئ القانونية العامة في مسائل التقادم و التي يجب على قضاة التحقيق مراعاتها قبل التصرف في إصدار أمر بانقضاء الدعوى العمومية هي :
/1أن الدفع المتعلق بالتقادم من النظام العام يطرح في أي مرحلة كانت عليها القضية
/2تتقادم الدعوى المدنية الناتجة عن الجريمة بانقضاء الدعوى العمومية إلا إذا كانت هذه الدعوى المدنية غير مستمدة من الجريمة و تطبق المادة 10 ق.إ.ج.
و مثال ذلك ما نصت عليه المادة 5 ق.إ.ج و المتعلقة بالتعويض لدعوى مدنية مرتبطة بدعوى جزائية ، إذا رفع الشاكي أمام القاضي المدني دعوى مدنية و دفع بالتزوير في عقد البيع و قضت المحكمة بصحة عقد البيع فإذا الحكم ليس له حجية الشيء المقضي به أمام القضاء الجزائي الأمر الذي يترك قاضي التحقيق النظر في الشكوى و إتباع إجراءات التحقيق للوصول إلى الحقيقة و لا يتخذ أمرا بانقضاء (1(
____________
(1)إبراهيم بلعليات ، مرجع سابق ، ص : 24

الدعوى العمومية بدعوى حجية الشيء المقضي به إذا قدم له هذا الحكم و هذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في اجتهادها القضائي .
حيث أن الشخص المذكور بالإنابة القضائية و المرفقة صورته ليس هو الشخص الذي قام ببيع مادة ( الكيف ) للمتهم "س" مثلما صرح به هذا الأخير .
حيث انه و لاتهام أي شخص بتهمة المتاجرة بالمخدرات كان يتعين قبل كل شيء ضبط هذه المخدرات على الأقل ، و هو الركن غير المتوفر في دعوى الحال .
حيث انه يتعين من خلال إجراءات التحقيق التي قمنا بها و طبقا للمادة 163 ق.إ.ج تقرر أنه لا مجال لمتابعة الدعوى بالحالة التي هي عليها و نأمر بإيداع القضية كتابة الضبط مع العودة إلى متابعة السير فيها في حالة ورود أي أدلة جديدة.

المطلب الثاني : الأمر بالإحالة : ordonnance de renvoi
الفرع الأول : تعريف الأمر بالإحالة و تحديد طبيعته القانونية :
أولا : تعريف الأمر بالإحالة :
تعني إحالة الدعوى الجنائية المضي قدما في نظر هذه الدعوى بعرضها على المحكمة المختصة تمهيدا لمحاكمة المتهم بهدف مسائلته عن الجريمة المنسوبة إليه و مجازاته عنها متى أمكن ذلك فأمر الإحالة يترتب عليه خروج الدعوى من حوزة سلطة التحقيق.
ثانيا : طبيعة الأمر بالإحالة :
يمكن تأصيل الأمر بالإحالة بالنظر إلى مضمونه باعتباره قرارا بنقل الدعوى من مرحلة التحقيق الابتدائي إلى مرحلة المحاكمة فهو أمر تصرف منهي للتحقيق يتضمن رجحان إدانة المتهم نتيجة إقتناع سلطة التحقيق بملائمة إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة .
الفرع الثاني : الأمر بالإحالة على المحكمة ordonnance de renvoi devant le tribunal (1)
_________
(1) سليمان عبد المنعم ، إحالة الدعوى الجنائية من سلطة التحقيق إلى قضاء الحكم ، دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية 2002 ص 58-65-66

إذا رأى قاضي التحقيق أن الواقعة تعد جنحة أو مخالفة أصدر أمرا بالإحالة للمحكمة المختصة نوعيا بنظر الجريمة فتتم إحالة الدعوى إلى قسم الجنح إن كانت جنحة و قسم المخالفات إذا كانت تشكل مخالفة
إذا كان المتهم محبوسا مؤقتا بقي كذلك ( المادة 164 ق.إ.ج( .
يقوم قاضي التحقيق بإرسال ملف الإجراءات مرفوقا بأمر الإحالة إلى وكيل الجمهورية ، الذي يقوم بدوره بغير تمهل بإرساله إلى قلم كتاب الجهة القضائية ، مع تحديد ميعاد الجلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة المختصة .
يقوم وكيل الجمهورية في هذه الحالة بتكليف المتهم بالحضور للجلسة التي يكون قد حددها له أمام تلك المحكمة لنظر الدعوى ضده ( المادة 165 ق.إ.ج(.
الفرع الثالث : إشكالات عملية في أمر الإحالة :
الملاحظ أن معظم قضاة التحقيق عندما يقومون بإكمال إجراءات التحقيق و هم بصدد تصفية ملف القضية ، يتخذون عدة أوامر في آن واحد مثل : " الأمر بإعادة التكييف و الإحالة " أو " الأمر بإنتفاء وجه الدعوى جزئي و الإحالة "و هذه الأوامر غير جائزة قانونا و لا تتيح الفرصة إلى النيابة العامة لممارسة حقها في متابعة سير الدعوى العمومية ، لذى فإنه من الأجدر أن يقوم قضاة التحقيق بإتخاذ هذه الأوامر مثل " إعادة التكييف " أو "إنتفاء وجه الدعوى" قبل الانتهاء من إجراءات التحقيق و اتخاذ الأمر " بالتصرف بالإحالة " و هذا يؤدي إلى الحد من استئناف النيابة و تعطل الفصل في أمر الإحالة و إخلاء سبيل الموقوفين إذا كان ثمة مجال لبراءتهم من طرف محكمة الجنح أغلب أوامر الإحالة الصادرة عن قضاة التحقيق تقتصر على حيثية أو حيثيتين.
_____________
(1) نظير فرج مينا ، الموجز في الإجراءات الجزائية الجزائري : ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر-1989 ص 101
(2)إسحاق إبراهيم منصور ، مرجع سابق ص 144
(3)إبراهيم بلعليات ،مرجع سابق ، 17

تشيران إلى ارتكاب الفعل بصورة سطحية دون تحليل هذه الأفعال و الوصول إلى تأكيد وقوع الفعل الإجرامي من المتهم أو انتسابه إليه .
مثال نموذجي :
بعد سرد الوقائع و الإجراءات المتخذة إثناء التحقيق القضائي نجد حيثيات التسبب هي :
حيث يتضح من خلال إجراءات التحقيق المتبعة و كذا من خلال ما (1(
جاء في تصريحات المتهمين "س" و "ع" و لإقرارهما بأنهما ضبطا و هما يتناولان سجائر محشوة بمادة الكيف ، فإن أركان جنحة حيازة و استهلاك المخدرات المنصوص عليها في قانون الصحة متوفرة في قضية الحال خاصة و قد تم ضبط كمية من هذه المادة بحوزة المتهم "س"و بعد الاطلاع على المادتين 164-165 ق.إ.ج نأمر :بإحالة المتهمين "س" و "ع" على المحكمة بتهمة حيازة و استهلاك المخدرات الأفعال المنصوص و المعاقب عليها بالمادتين 242-245 من قانون الصحة
المطلب الثالث : الأمر بإرسال مستندات الدعوى إلى النائب العام : Ordonnance de transmission au procureur général
الفرع الأول : تعريف أمر إرسال المستندات و اختصاص قاضي التحقيق بإصداره
أولا : تعريف أمر إرسال المستندات :
هو أهم الأوامر التي يتخذها قاضي التحقيق عندما يكون بصدد التحقيق في جناية) المادة 166 ق.إ.ج( يتمثل في نقل و إحالة أوراق القضية الجنائية إلى النائب العام على مستوى المجلس القضائي ليحيلها بدوره إلى غرفة الاتهام التي هي مخولة قانونا و الوحيدة التي تقرر الإحالة على محكمة الجنايات عملا بنص المادة 197 ق.إ.ج
ثانيا : اختصاص قاضي التحقيق بإصداره :
______________
(1)أحسن بوسقيعة ، مرجع سابق ، ص : 168
يصدر قاضي التحقيق أمرا بإرسال الملف في الحالات التي يتوصل فيها بأن الوقائع المنسوبة للمتهم أو المتهمين تشكل جريمة توصف بأنها جناية .
و يرسل ملف الدعوى بعد ترتيبه و تنظيمه مفروقا بأدلة الإثبات و المحاضر و التقارير المقررة قانونا في مواد الجنايات بمعرفة وكيل الجمهورية إلى النائب العام لدى المجلس القضائي و يتعين على هذا الأخير أن يتخذ كل الإجراءات لتحديد جلسة لغرفة الاتهام لتنظر في الملف وفق ما لها من صلاحيات في هذا الشأن إذا كان المتهم رهن الحبس المؤقت بقي محبوسا لحين صدور قرار مخالف عن غرفة الاتهام و أن كان المتهم في حالة فرار و صدر ضده أمر بالقبض ، يحتفظ هذا الأمر بقوته التنفيذية إلى حين صدور قرار من غرفة الاتهام إذا كان المتهم حدثا أمر قاضي التحقيق بإرساله إلى قسم الأحداث بمقر المجلس القضائي .
الفرع الثاني : شروط إصدار الأمر بالإرسال
أولا : شروط أمر الإرسال :
1- ذكر وقائع القضية بالتفصيل
2-إبراز أدلة الإثبات المادية و القرائن
3-القصد الجنائي النية الإجرامية
4- ظروف و ملابسات الوقائع
5-النصوص القانونية و انطباقها على الوقائع
6-السيرة الذاتية للمتهم .
ثانيا : مثال نموذجي عن أمر بالإرسال :
المجلس غرفة الاتهام
حيث أن المتهم س متابع لارتكاب جناية القتل العمد مع سبق الإصرار و الترصد و هي الأفعال المنصوص و المعاقب عليها بنص المواد 254 -255 -256-257-261 من قانون العقوبات .
_____________
(1) إبراهيم بلعليات ، مرجع سابق ، ص :25-33

- حيث أن وقائع الاتهام الملاحق من اجلها المتهم تعود إلى يوم : 27-08-2000 لما قام بطعن الضحية ج بواسطة خنجر على مستوى الرقبة من الجهة اليسرى أين لفظ أنفاسه الأخيرة حسب شهادة معاينة الوفاة بنفس التاريخ و الصادرة عن القطاع الصحي بالجزائر . (1(
-حيث إعترف المتهم و في جميع مراحل التحقيق الابتدائي و القضائي بالأفعال المنسوبة إليه و هي قتل الضحية ج.
- حيث أن الوسيلة المستعملة في قتل الضحية هي خنجر و أن الضحية التي تلقت الطعنة على مستوى الرقبة بالذات تؤكد وحشية الأفعال المرتكبة من المتهم و حسن تقدير المتهم للموقع بدليل أن طعنة واحدة أردت الضحية ميتا
-حيث انه من الثابت من تصريحات المتهم أنه بعد فك الشجار بينه و بين الضحية من طرف ع سارت الضحية في سبيلها فتبعها المتهم من الخلف و هو يخفي الخنجر الذي ضرب به الضحية و نيته من عملية الطعن بالخنجر كانت متجهة إلى القتل و هو ما اعترف به أمام قاضي التحقيق .
- حيث إصرار المتهم على قتل الضحية هو تركها تنزف دما . بعد ما طعنها ببرودة أعصاب و إتجه نحو منزله و كأن شيئا لم يقع .
-حيث انه ثابت من تقرير تشريح الجثة أن السبب المباشر للوفاة هو النزيف الدموي الذي تعرضت له الضحية من جراء طعنة الخنجر التي كانت بعمق يقدر بـ : 5سنتمتر على مستوى الرقبة .
- حيث أن المتهم خطط و دبر عملية القتل بدليل تهديده للضحية من قبل و حمل الخنجر معه بعد شراءه من السوق بغرض القتل به و هو ما صرح به أمام الدرك الوطني .
______________
(1)إبراهيم بلعليات مرجع سابق ، ص33-34

-حيث أن الأفعال المرتكبة من المتهم تكون بعناصرها المتوفرة الركن المادي و هي إزهاق روح الضحية و المعنوية و هي توفر النية الإجرامية لديه في جناية القتل العمد مع سبق الإصرار و الترصد و هي الأفعال المنصوص و المعاقب عليها بنص المواد المشار إليها أعلاه حيث أن الخبرة العقلية و النفسية المضادة التي أنجزها الدكتور د المختص في الأمراض العقلية المأمور بها من طرف جهة التحقيق أكدت أن المتهم كان يتمتع بكامل قواه العقلية أثناء ارتكابه للوقائع المنسوبة إليه و انه أهل للمساءلة الجزائية .
-حيث أن البحث الاجتماعي المجرى على المتهم من طرف الضبطية القضائية اثبت أن المتهم ذو سيرة سيئة و يتناول المخدرات و المشروبات الكحولية ، و هو يعيش متشردا في أزقة المدينة ، ذو مستوى ثقافي متوسط ، و بدون عمل ، و يعتمد في معيشته على طرق النصب و الاحتيال .
- حيث أن المتهم ذو سوابق عدلية و قد سبق له أن نزل في عدة مؤسسات عقابية .
-حيث انه يستنتج من كل ما ذكر توافر دلائل و أعباء كافية ضد المتهم باقترافه الأفعال المنسوبة إليه .
-حيث انه و الحال كذلك تقرر الأمر إرسال المستندات للمتهم س و إحالته على محكمة الجنايات ليحاكم وفق القانون (1(
_________________
(1)إبراهيم بلعليات ، مرجع سابق

look/images/icons/i1.gif قاضي التحقيق Juge d'instruction
  11-03-2022 09:20 مساءً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 12-06-2021
رقم العضوية : 28091
المشاركات : 50
الجنس :
قوة السمعة : 10
الفصل الثاني استئناف أوامر قاضي التحقيق على مستوى غرفة الاتهام Appel contre les ordonnances
تستأنف أوامر قاضي التحقيق على مستوى غرفة الاتهام باعتبارها غرفة تحقيق درجة ثانية في المادة الجنائية, حيث تمارس رقابتها على سلطات قاضي التحقيق وأوامره كما تضطلع بإصدار القرارات والأوامر التي تراها لازمة لضرورة سير التحقيق لكونها سلطة تحقيق واتهام طبقا للشروط والأحكام الواردة في قانون الإجراءات الجزائية .
نعرض فيما يلي تشكيل هده الغرفة - انعقادها - خصائص الإجراءات المتبعة أمامها - اختصاصاتها- مهامها ومدى رقابتها لسلطات وأوامر قاضي التحقيق.
المبحث الأول : تشكيل غرفة الاتهام وخصائص إجراءاتها
المطلب الأول : تشكيل غرفة الاتهام :composition de la chambre d'accusation

يقوم النظام القضائي الجنائي على أساس وجود اتهام كجهة أصلية في تكوين المجلس القضائي2.حيث تعرض المشرع الجزائري إلى تنظيم غرفة الاتهام في قانون الإجراءات الجزائية في الفصل الثاني بعنوان : ( في غرفة الاتهام بالمجلس القضائي) من الباب الثالث ( في جهات التحقيق) : من حيث : تشكيلها- خصائص إجراءاتها- تحديد سلطات رئيسها- اختصاصاتها (من المادة 176 الى 211(
تشكل في كل مجلس قضائي غرفة اتهام أو أكثر من غرفة اتهام حسب مقتضيات العمل القضائي (المادة 176 ق.إ.ج( تتكون من رئيس ومستشارين يعينون لمدة 3 سنوات بقرار من وزير العدل, يقوم النائب العام أو احد مساعديه بتمثيل النيابة العامة,واحد كتاب المجلس ليكون كاتبا لدى الغرفة (المادة177 ق. إ.ج )3
يضطلع رئيس غرفة الاتهام ( وهو رئيس المجلس القضائي) بمجموعة من السلطات حددها قانون الإجراءات الجزائية, في حالة وجود مانع يحول دون قيامه بها, تعود ممارستها إلى قاضي حكم بالمجلس بموجب قرار من وزير العدل,أو بتفويض من رئيس غرفة الاتهام تتمثل سلطات رئيس غرفة الاتهام فيمايلي :
/1المراقبة والإشراف على مجرى إجراءات التحقيق المتبعة في جميع مكاتب التحقيق التابعة لدائرة اختصاص المجلس القضائي حيث يتحقق من تطبيق(المادة 68 فقرة 5 و 6 ق.إ.ج) التي تتعلق باستخراج نسخ من الملفات التي يطعن فيها فور الطعن , وتنفيذ الإنابات القضائية الصادرة من قضاة التحقيق, حيث يبدل جهده في منع أي تأخير غير مبرر يطرأ على الإجراءات (المادة 203/1 ق.إ.ج)1
وتحقيقها لهدا الغرض تعد كل 3 أشهر بكل مكتب تحقيق قائمة ببيان جميع القضايا المتداولة مع ذكر تاريخ آخر إجراء من إجراءات التحقيق ثم تنفيذه في كل قضية منها (المادة 203 فقرة 2 ق.إ.ج) وصيانة لحريات الأفراد، يتعين على تلك المكاتب إعداد قوائم خاصة بالقضايا التي فيها متهمون محبوسون مؤقتا (المادة 203/3 ق.إ.ج) وتقدم تلك القوائم جميعا إلى رئيس غرفة الاتهام والنائب العام.
/2طلب التوضيحات اللازمة من قاضي التحقيق حول الإجراءات المتبعة طبقا للمادة 204 ق.إ.ج(
/3زيارة المؤسسات العقابية الواقعة في دائرة اختصاص المجلس للتحقيق من حالة المحبوسين مؤقتا، والوقوف على ظروف الحبس فإذا بدا له أن الحبس غير قانوني جاز لرئيس الغرفة توجيه الملاحظات اللازمة إلى قاضي التحقيق (المادة 204 ق إ ج) .
/4دعوة غرفة الاتهام للانعقاد للفصل في أمر استمرار حبس المتهم مؤقتا (المادة 205 ق.إ.ج) 2
المطلب الثاني : انعقاد غرفة الاتهام
الفرع الأول : إجراءات انعقاد غرفة الاتهام

تنعقد غرفة الاتهام باستدعاء من رئيسها أو بناء على طلب النيابة العامة كلما دعت الضرورة لذلك (المادة 178 ق.إ.ج( قبل أن تنعقد غرفة الاتهام يقوم النائب العام بتهيئة القضية خلال 5 أيام من تاريخ استلام أوراقها، وذلك بالتأكد من أن محتويات الملف الواردة من وكيل الجمهورية كاملة، ثم يقدم القضية مع طلباته فيها الواردة من وكيل الجمهورية كاملة، ثم يقدمه القضية مع طلباته فيها إلى غرفة الاتهام، ولا يؤدي تجاوز هذا الميعاد إلى بطلان إلا إذا تعلق الأمر باستئناف قرار الحبس المؤقت (مده أو الإفراج المؤقت) حيث تصدر غرفة الاتهام قرارها خلال 30 يوما3.
تاريخ طلب المتهم أو محاميه الإفراج المؤقت وإلا أفرج عنه تلقائيا (المادة 179 ق.إ.ج) إلا إذا تقرر إجراء تحقيق إضافي.
الفرع الثاني : الإعلان عن انعقاد غرفة الاتهام
يلتزم النائب العام بتبليغ تاريخ جلسة غرفة الاتهام إلى الخصوم ومحاميه بكتاب موصى عليه إلى المواطن المختار للخصوم فإن لم يوجد فإلى آخر عنوان أعطوه، خلال (48 سا) في حالات الحبس المؤقت، و(5 أيام) في الأحوال الأخرى1 ويودع في أثناء المهلة ملف الدعوى مشتملا على طلبات النائب العام كتاب غرفة الاتهام، وما يخالف ذلك يعد إخلالا بحقوق الدفاع ومخالفة لقاعدة جوهرية في الإجراءات، والهدف من إخطار الأطراف المدنية ومحاميهم بتاريخ جلسة غرفة الاتهام، يتجسد في تمكين الطرف المدني المستأنف التنسيق مع محاميه في تحضير مذكراتهم وإيداعها كتابة ضبط غرفة الاتهام قبل الجلسة، ويؤشر عليها الكاتب مع ذكر يوم وساعة الإيداع (المادة 183 ق.إ.ج ( فإن قبلت غرفة الاتهام النظر في القضية دون وجود إخطارات لملف القضية فإن أي قرار صادر عنها يكون محل الطعن بالنقض لعدم احترامه لقاعدة جوهرية في الإجراءات هي المساس بحقوق الدفاع 2.
وفي حالة تأجيل الجلسة إلى أجل غير الأجل المحدد سابقا فيتم إعادة إخبار الأطراف بيوم الجلسة من جديد ويبقى الأجل مفتوحا لهم لتقديم مذكراتهم وأسانيد دفاعهم إلى غاية اليوم المعين للجلسة، بل إلى نهاية الجلسة فينتهي لهم الحق بانتهائها 3 .
الفرع الثالث : المرافعة والمداولة
أولا : المرافعة
يفصل المجلس في القضية في غرفة المشورة بعد تلاوة تقرير المستشار المنتدب والنظر في الطلبات الكتابية المودعة من النائب العام والمذكرات المقدمة من الخصم، ويسمح لمحامي المتهم ولمحامي المدعي المدني بالمرافعة أو إبداء ملاحظات شفهية ( المادة 184 ق.إ.ج) ولغرفة الاتهام أن تأمر باستحضار الخصوم شخصيا ويحضر معهم محاموهم طبقا للأوضاع المنصوص عليها في المادتين 105-107 ق.إ.ج(
ثانيا : المداولة
قد تكون المداولة مباشرة بعد المرافعة وقد تؤجل إلى جلسة أخرى فتوضع القضية في المداولة وتدرس دراسة وافية، وتناقش بصفة موضوعية، وتجري مداولات غرفة الاتهام بين أعضائها، بغير حضور النائب العام، والخصوم ومحاميهم والكاتب والمترجم (المادة 185 ق.إ.ج) وتفصل الغرفة في القضية باسم المجلس بعد تلاوة تقرير المستشار المقرر والنظر في الطلبات الكتابية المودعة من النائب العام والمذكرات المقدمة من الخصوم (المادة 184 فقرة 1 ق.إ.ج) 1
المطلب الثالث : خصائص إجراءات غرفة الإتهام
الفرع الإول : السرعة في إتخاذ الإجراءات

تبدو مظاهر السرعة في اتخاذ الإجراءات أمام غرفة الاتهام في تحديد ق.إ.ج لمواعيد قصيرة, يجب أن تعرض خلالها عليها القضايا من جهة, ومواعيد يقرر القانون وجوب البت فيها وإلا ترتب عنها أثر قانوني يقرره ( المادة 179ق.إ.ج)
الفرع الثاني : التدوين والسرية L'écriture et le secret
يكون التحقيق مدونا ( المادة 177 ق.إ.ج) حيث تشمل هذه الخاصية طلبات الخصوم الذين يلتزمون بتقديمها في مذكرات مكتوبة يطلعون عليها النيابة العامة والخصوم الآخرين ثم توزيع لدى كتابة ضبط غرفة الإتهام ويمنع على الخصوم إبداء ملاحظاتهم الشفهية تدعيما لطلباتهم الكتابية كما يجوز لغرفة الاتهام استحضار الخصوم شخصيا وتقديم أدلة الاتهام بحضور محاميهم (المادتان 183-184 ق إ ج) بدون حضور الجمهور
الفرع الثالث : الحضورية والوجاهية بالنسبة للخصوم La confrontation
يجوز للأطراف حضور جلسات غرفة الاتهام (المادة 184 ق.إ.ج) بعد تبليغهم برسالة موصى عليها من قبل النائب العام2
المبحث الثاني : اختصاصات غرفة الاتهام
المطلب الأول : رد الأشياء المحجوزة والبت في إشكالات التنفيذ
الفرع الأول: رد الأشياء المحجوزة

القاعدة أن الأشياء أن المضبوطة على مستوى التحقيق يتصرف فيها قاضي التحقيق عند الانتهاء من إجراءات التحقيق أو أثناء سيره تنص ( المادة 86 ق.إ.ج) على إمكانية طلب استرداد الأشياء المحجوزة التي ضبطت أثناء إجراءات التحقيق ,إلا في حالتين:
الحالة الأولى : إذا كانت الأشياء المضبوطة تؤدي إلى كشف الحقيقة أثناء المحاكمة
الحالة الثانية : إذا كانت هذه الأشياء غير مشروعة وتؤدي إلى المصادرة مثل: أشرطة الأفلام المخلة بالحياء.
أما عدا هاتين الحالتين فإنه يجوز طبقا للمادة 86 ق.إ.ج أن يتقدم كل من له صفة ومصلحة في هذه الأشياء المضبوطة إلى قاضي التحقيق لطلب استردادها وإذا رفض ذلك وعملا بأحكام المادة 195 ق.إ.ج
الحالة الأولى : إذا قررت غرفة الاتهام أن الوقائع لا تكون جنائية أو جنحة أو مخالفة وأصدرت قرارها بأجوبة للمتابعة.
الحالة الثانية : إذا تم الفصل في الوقائع بحكم من المحكمة المختصة ولم تفصل في هذه الأشياء المضبوطة .
فيجوز رفع التظلم إلى غرفة الاتهام بعريضة خلال(10 أيام) من تاريخ تبليغه بأمر الرفض الصادر عن قاضي التحقيق وبعد جدولة الطلب تبت غرفة الاتهام إما الرد إن لم تكن هذه الأشياء1 ضرورية في السير الحسن للتحقيق وإما بالرفض حسب القاعدة المشار إليها سابقا, كما تختص غرفة الاتهام في رد الأشياء المحجوزة إذا تعلق الأمر بحكم جنائي ومحضر الحجز, وإذا تطلب الأمر الملف الجنائي كاملا وتصدر قرارا مسببا تسبيبا كافيا باعتباره قابلا للطعن أمام المحكمة العليا.
الفرع الثاني : البت في إشكالات التنفيذ
تختص غرفة الاتهام بالإصلاحات والطلبات العارضة المتعلقة بالتنفيذ والناجمة عن الأحكام الصادرة عن المحاكم الجنائية(المادة35 ق.ع),والإشكالات المتعلقة بتنفيذ العقوبات (المادة 9 من قانون تنظيم السجون الصادر بالأمر رقم 07/02 المؤرخ في 10-02-1972 كما تختص غرفة الاتهام بالبحث في هوية المحكوم عليه (المادة 596 ق.إ.ج- المادة 9 فقرة 4 ق .تنظيم السجون) ويمكن لغرفة الاتهام أن تتصدى في اتخاذ التدابير اللاّزمة بوقف تنفيذ الحكم الجنائي إلى حين الفصل في النزاع المادة 9 ق. تنظيم السجون في حالة وجود غموض في حكم جنائي أو تناقض بين حكمين جنائيين نهائيين أو الدفع باستيفاء مدة العقوبة فعلا على المحكوم عليه1
المطلب الثاني : رد الاعتبار القضائي والحبس المؤقت والإفراج
الفرع الأول : رد الاعتبار القضائي
أولا : تعريف رد الاعتبار وبيان أنواعه
هو إجراء يترتب عنه محو آثار الإدانة كليا، التي لحقت الشخص نتيجة الحكم الصادر ضده في جناية أو جنحة من طرف جهة قضائية جزائرية وهو نوعان رد اعتبار قانوني، ورد اعتبار قضائي.
/1 رد الاعتبار القانوني
يتم تلقائيا بقوة القانون دون حاجة إلى صدور قرار من غرفة الاتهام يكون يسعى من النيابة العامة2، في المهل الواردة في : (المواد 677-678ق.إ.ج(
/2رد الاعتبار القضائي
يتم بقرار تصدره غرفة الاتهام بناء على طلب يقدمه المحكوم عليه شخصيا أو نائبه القانوني إن كان محجوزا عليه أو زوجته أو أحد أصوله أو فروعه.
إضافة إلى اختصاصات غرفة الاتهام الأصلية كغرفة تحقيق ثانية، تفصل في طلب رد الاعتبار القضائي.
حدده قانون الإجراءات الجزائية في المواد(من 679 الى 693) حيث تصدر غرفة الاتهام قرارها بعد أن يقدم لها الطلب عن طريق النيابة العامة (تكوين ملف طلب رد الاعتبار يقوم به وكيل الجمهورية المختص إقليميا ويرسله إلى النائب العام ويضمنه جميع الوثائق ) ويقوم النائب العام بجد ولته أمام غرفة الاتهام مثل باقي القضايا والطلبات التي تنظر فيها غرفة الاتهام من حيث الشكل والموضوع3
ثانيا: شروط تقديم طلب الاعتبار
يقدم الطلب من المحكوم عليهم لجناية أو جنحة بإحدى العقوبات المنصوص عليها قانونا المسجلة بصحيفة السوابق القضائية بعد التنفيذ (المادة 680 ق. إ. ج) من الشخص المدني أو نائبه القانوني إذا كان المدان قد تم الحجر عليه من القضاء بحكم ويجب على الوكيل تقديم وكالة قانونية توثيقية التي يتضمنها الحكم بالحجر.
بعد مضي (3 سنوات) من تاريخ تنفيذ العقوبة الحبس أو الغرامة (المادة 681 ق. إ. ج)، وبعد مضي (5سنوات) للمحكوم عليهم بعقوبة جنائية، تبتدئ هذه المهلة من يوم الإفراج عن المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية، ومن يوم سداد الغرامة للمحكوم عليهم بها (الذي يثبت بوصل تسديد تسلمه مديرية الضرائب)1.
لا يجوز للمحكوم عليهم العائدين (حالة العود القانوني) ومن حكم عليهم بعقوبة جديدة بعد رد اعتبارهم أن يقدموا طلبا في الموضوع إلا بعد مضي مهلة (6 سنوات) من الافراج عنهم وإذا كانت العقوبة الجديدة لحناية رفعت فترة الاختبار إلى (10 سنوات) (المادة 682 ق. إ. ج).
ألا تكون العقوبة قد سقطت بالتقادم.
إثبات المحكوم عليه سداده للمصاريف القضائية والغرامة والتعويضات المدنية أو أنه قضى مدة الإكراه البدني، فإن كان محكوما عليه الإفلاس بالتدليس فيثبت وفاء ديون التفليسة.
المادة 683 ق. إ. ج، ويستثنى من هذا الشرط الأشخاص المنصوص عليهم في (المادة 684 ق.إ.ج) الذين قدموا خدمات جليلة للبلاد مخاطرين بحياتهم، بعد ارتكاب الجريمة فهم غير مقيدين بأي شرط زمني أو متعلق بتنفيذ العقوبة عند طلب رد الاعتبار2
ثالثا : الشروط الشكلية والإجراءات والوثائق المطلوبة قانونا
-1 الشروط الشكلية
الصفة : يقدم الطلب من المحكوم عليه أو نائبه القانوني الاختصاص المحلي: عملا بالمادتين (685 ق.إ.ج-233، ق، القضاء العسكري)، العبرة بمحل إقامة الطالب مقدم العريضة.
ويلاحظ أن طلب رد الاعتبار يرفض شكلا إذا تخلف شرط من الشروط الواردة (بالمواد 679 وما يليها ق.إ.ج) مثلا تقديم الطلب قبل انتهاء المدة القانونية المحددة (في المادة 681 ق.إ.ج(
ويرفض موضوعا إذا سبق للطالب تقديم الطلب ورفض له في الموضوع نظرا لسيرته وسلوكاته السيئة أو الرأي السلبي للرئيس المشرف على مؤسسة إعادة التربية(المادة 686 – 687 ق.إ.ج) 1.
-2 الإجراءات
•تقديم المحكوم عليه طلب رد الاعتبار إلى وكيل الجمهورية بدائرة محل إقامة الطالب، ويذكر بدقة: تاريخ الحكم – الأماكن التي أقام بها منذ الإفراج عنه.
• قيام وكيل الجمهورية بإجراء تحقيق عن طريق الشرطة أو الأمن في الجهات التي كان يقيم فيهما المحكوم عليه، ويستطلع رأي قاضي تطبيق العقوبات، ويحصل على نسخة من الحكم الصادر بالعقوبة ومستخرج من سجل الإيداع بمؤسسة إعادة التربية.
• استطلاع رأي المدير أو الرئيس المشرف على المؤسسة العقابية إضافة إلى القسيمة (رقم1) من صحيفة السوابق القضائية.
•إرسال المستندات مشفوعة برأي وكيل الجمهورية إلى النائب العام (المادة 687 ق.إ.ج( قيام النائب العام برفع الطلب والمستندات إلى غرفة الاتهام .2
•الفصل في الطالب من قبل غرفة الاتهام خلال (شهرين) من تاريخ إبداء النائب العام لطلباته واستدعاء الطالب أو محاميه قانونا وإخطارهم بتاريخ جلسة غرفة الاتهام (المادة 689 ق. إ.ج(
•إمكانية الطعن في قرارات غرفة الاتهام أمام المحكمة العليا (المادة 690 ق.إ.ج) من النيابة العامة أو مقدم الطلب3.
•تقديم طلب جديد بعد انقضاء سنتين من تاريخ رفض الطلب الأول.
•ينوه على الحكم الصادر برد الاعتبار على هامش الأحكام الصادرة بالعقوبة بصحيفة السوابق القضائية ولا ينوه عن العقوبة في القسيمتين (2-3) من صحيفة السوابق القضائية 4.
3- الوثائق المطلوبة قانونا في طلب رد الاعتبار
-طلب رد الاعتبار باسم الطالب أو نائبه القانوني.
-شهادة ميلاد الطالب.
-صحيفة السوابق القضائية رقم (2(
-الحكم المتضمن العقوبة المحكوم بها.
- وصل تسديد الغرامة مسلما من مديرية الضرائب.
- شهادة وجود ومستخرج من السجن.
-التحقيق الاجتماعي للطالب، تعده الضبطية القضائية بطلب من وكيل الجمهورية.
-التماسات النيابة العامة بخصوص الطلب.
يختص وكيل الجمهورية بجمع هذه الوثائق لتكوين الملف 1.
الفرع الثاني : الحبس المؤقت والإفراج
غرفة الاتهام مختصة في تمديد الحبس المؤقت في مادة الجنايات كما لها أن تفرج على المتهم إن رأت من خلال تفحصها للملف أنه لا داعي للإبقاء على المتهم محبوسا.
إذا قررت غرفة الاتهام تمديد الحبس فلا يجوز لها أن تمدده لأكثر من 4 أشهر غير قابلة للتجديد (المادة 125 مكرر في الفقرة الأخيرة.
تجسيد رقابة غرفة الاتهام على أعمال التحقيق باعتبارها هيئة رقابة ودرجة ثانية للتحقيق وعلى غرفة الاتهام أن تصدر قرارها خلال 30 يوما من تاريخ الطلب وإلا أفرج عن المتهم تلقائيا ما لم يكن قد تقرر إجراء التحقيقات بطلبه.
تختص غرفة الاتهام في طلبات الإفراج إذا حكم بعدم الاختصاص من طرف محكمة الجنح كأن تقرر أن الوقائع المتابع بها المتهم تشكل في وصفها القانوني جناية.
المطلب الثالث : القرارات الصادرة عن غرفة الاتهام
الفرع الأول : إجراءات إصدار القرارت
تنص المادة 185 ق.إ.ج أن المداولات تكون سرية بغرفة المشورة بين أعضاء غرفة الاتهام دون سواهم إلا أن النطق بالقرار المتخذ يكون وجاهيا بحضور النائب العام وينطق به في آخر الجلسة لأنه يحمل نفس تاريخ الجلسة، ويقوم الكاتب بتدوين منطوق القرار بالسجل الخاص بغرفة الاتهام حسب التسلسل الوارد فيه، وسجل النيابة العامة لدى النائب العام.
نادرا ما تؤجل غرفة الاتهام قضية للمداولة أو تبقى في التقرير إذا ما نعلق الأمر بالحبس المؤقت وكان هناك إشكال في الطلب نفسه كأن يقوم دفاع المتهم باستئناف طلب رفض الإفراج المؤقت ولا يقدم تاريخ إخطاره لغرفة الاتهام، ويدل عدم قبول الاستئناف شكلا، ترجى الفصل إلى حين إحضار هذا الإخطار من طرف المستأنف ولحساب المدة المنصوص عليها بالمادة (172 ق.إ.ج)، ويجب أن يتضمن هذا القرار كل البيانات موضوع الدعوى بتسبيب كاف ويبلغ القرار من طرف كاتب ضبط غرفة الاتهام بمنطوق القرار في (ظرف 3 أيام) بكتاب موصى عليه (المادة 200 ق.إ.ج(
كما يجب التطرق في القرار إلى المصاريف القضائية في حالة الفصل النهائي في القضية كالقرار بألاوجه للمتابعة، أما إذا كان القرار غير منهي للدعوى فتحفظ المصاريف إلى حين الفصل في الموضوع.
يوقع على القرارات: الرئيس والكاتب مع ذكر أسماء أعضاء الغرفة والمستشار المقرر والنائب العام أو أحد مساعديه، ويعتبر هذا من الإجراءات الجوهرية يؤدي تخلفها إلى إمكانية الطعن بالنقض1
الفرع الثاني : القرارات التي تصدرها غرفة الاتهام
تتمحور القرارات المنهية للتحقيق التي تصدرها إلى ثلاث :
-1قرار بألاوجه للمتابعة : (المواد 6-7-8-9 ق.إ.ج)- أو بانتفاء وجه الدعوى (المادة 163 ق.إ.ج) والمادة 195 ق.إ.ج(
-2القرار بالإحالة على محكمة الجنح أو المخالفات (المادة 196 ق.إ.ج) وغرفة الاتهام غير مقيدة بالتكييف الذي توصل إليه قاضي التحقيق كأن يصدر أمر بألاوجه للمتابعة وبعد استئناف النيابة، تعيد غرفة الاتهام الوصف الحقيقي للوقائع وتحيل الدعوى على محكمة الجنح.
-3الإحالة على محكمة الجنايات (المادة 197 ق.إ.ج) لكل الوقائع ذات الوصف الجنائي ويصدر بشأنها أمر بإرسال المستندات (م 166 ق.إ.ج(
وتطبق أحكام البطلان على قرارات غرفة الاتهام ماهو مطبق على بطلان إجراءات التحقيق المنصوص عليها في المواد (157 -159- 160 ق.إ.ج) وتخضع لرقابة المحكمة العليا (المادة 201 ق.إ.ج) 2.
المبحث الثالث : مهام غرفة الاتهام
المطلب الأول : التصدي والإحالة على محكمة الجنايات ومراقبة أعمال مأموري الضبط القضائي
الفرع الأول : التصدي
أولا : تعريف حق التصدي

يقصد بحق التصدي: سلطة تحقيق وقائع ودعاوى أخرى غير الدعوى الأهلية المطروحة أمام الجهة القضائية إذا كشفت عنها مجريات التحقيق أمام تلك الجهة سواء كانت لها صلة ارتباط بالدعوى المنظورة أمامها أم كانت غير مرتبطة بها.
ثانيا: اختصاص غرفة الاتهام بالتصدي
نص المشرع الجزائري على أنه يجوز لغرفة الاتهام أن تأمر من تلقاء نفسها أو بناء على طلبات النيابة العامة بإجراء تحقيقات بالنسبة للمتهمين المحالين إليها بشأن جميع الاتهامات في الجنايات والجنح والمخالفات الأخرى سواء كانت قد استبعدها أو فصلها قاضي التحقيق (المادة 187 ق.إ.ج) 1.
كما نصت (المادة 191 ق.إ.ج) على حق غرفة الاتهام في التصدي أثناء نظرها فيما يعرض عليها من القضايا، باعتبارها جهة عليا للتحقيق لتدارك ما قد يكون قد أغفله المحقق والفصل فيه نهائيا، وهذا ما لم تر إحالة الملف إلى القاضي المحقق أو غيره2 من القضايا طبقا للمادة 192 فقرة 2 ق إ ج).
إذا رفع استئناف في أمر قاض التحقيق بشأن الحبس المؤقت إما أن تأمر غرفة الاتهام بتأييد الأمر أو تلغيه بالتالي والتصدي بما يخالف هذا المبدأ يعذ خطأ في تطبيق القانون .3
إن مبدأ الأثر الناقل للاستئناف يجب أن يطبق بصرامة وعلى غرفة الاتهام التقيد بما يمس الحبس فقط، فالتصدي للموضوع ومناقشة الوقائع يعتبر خروجا عن موضوع الاستئناف ويفهم في بعض الأحيان أن لغرفة الاتهام الحق أن تتصدى متى رفع إليها ملف الدعوى عن طريق الاستئناف المقدمة من طرف النيابة العامة، كما يجوز لغرفة الاتهام بالتصدي طبقا للمادة 195 ق.إ.ج إذا عرض عليها ملف الدعوى بإحدى أوامر التصرف وكان هناك إغفال من طرف قاضي التحقيق في البث في الأشياء المضبوطة كأن يصدر أمرا بألا وجه للمتابعة دون التطرق إلى الأشياء التي تم حجزها أثناء إجراءات التحقيق، فإذا رأت غرفة التحقيق أن كل الدلائل توحي بفصل غرفة الاتهام في موضوع الاستئناف وفي نفس الوقت إكماله بالتصدي إلى الأشياء المضبوطة ويستنتج من المادة 195 ق.إ.ج طريقتين لطلب رد الأشياء المحجوزة من غرفة الاتهام :
استئناف أمر التصرف بالأوجه للمتابعة بحيث أنه يمكن من خلال هذا الاستئناف التطرق في نفس الوقت إلى طلب الفصل في رد الأشياء المحجوزة.
بعد صدور حكم نهائي : يمكن التقدم بطلب رد الأشياء المحجوزة عن طريق النيابة العامة التي تقدمه بدورها أمام غرفة الاتهام للفصل فيه .
الفرع الثاني : الإحالة علة محكمة الجنايات
كقاعدة عامة تعرض على غرفة الاتهام جميع محاضر التحقيق الابتدائي التي يجريها قضاة التحقيق في الجنايات إذا أصدروا فيها أوامر بالإحالة على محكمة الجنايات، تعرض هذه المحاضر على الغرفة بواسطة النائب العام بتهيئة القضية للعرض على غرفة الاتهام خلال 5 أيام على الأكثر من تاريخ استلامه الأوراق (المادة 179 ق.إ.ج) 1.
فإذا أردت غرفة الاتهام بعد فحصها ومراقبتها للأجزاء أن الوقائع المنسوبة إلى المتهم تكون جريمة لها وصف الجناية فإنها تحكم بإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات، ولها أن ترفع إلى نفس المحكمة قضايا الجرائم المرتبطة بتلك الجريمة (المادة 197 ق.إ.ج) 2 يتضمن هذا القرار حسب أحكام المادة 198 ق.إ.ج.
-البيانات الشكلية المتعلقة بالمتهم أو المتهمين: الهوية – الموطن- المهنة- الجنسية- السوابق القضائية.
- تحليل الوقائع واقعة بواقعة والإشارة إلى الوصف القانوني (طبيعة الجناية.
-المواد القانونية التي تعاقب على الأفعال المنسوبة للمتهم3.
والمشرع اعتبر هذه البيانات من الإجراءات الجوهرية التي تمس أصل الدعوى وأنها من النظام العام يجوز التمسك في جميع مراحل الدعوى فإذا كان قرار غرفة الاتهام خاليا منها يجوز التمسك بها في جميع مراحل الدعوى فإذا كان قرار غرفة الاتهام خاليا منها ذلك يؤدي إلى بطلانه، لأن محكمة الجنايات التي تنعقد بناء على هذا القرار تبني أسئلتها على هذه الإجراءات 4 .
الفرع الثالث: مراقبة أعمال مأموري الضبط القضائي Contrôle des activités de la police judiciaire
اولا : تحديد مأموري الضبط القضائي
يشمل مأموري الضبط القضائي ضباط الشرطة القضائية والموظفين والأعوان المنوطة بهم بعض مهام الضبط القضائي التي يمارسونها حسب الشروط المحددة في المادة 21 ق.إ.ج وما يليها طبقا لنص المادة 206 ق.إ.ج1.
بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية نجد تعداد رجال الضبط القضائي في الفصل الاول منه (من المادة 12 إلى المادة 82(
ثانيا: اختصاص غرفة الاتهام بمراقبة أعمال مأموري الضبط القضائي
نص على اختصاص غرفة الاتهام في هذا المجال في القسم الثالث من الفصل الثاني من المادة 206 إلى 211) من ق.إ.ج.
تقوم غرفة الاتهام بمراقبة أعمال مأموري الضبط الصادرة عنهم أثناء وظائفهم، ولها الحق في توقيع بعض الجزاءات المحددة قانونا على مأموري الضبط القضائي2 في حالة وجود تجاوزات قانونية بناء على الملف المرفوق بالطلبات الكتابية المحال إليها المعد من قبل النائب العام (المادة 207 ق.إ.ج) بموجب قرارات نهائية غير قابلة للطعن فيها بالنقض لأنها تقوم على مقرارات إدارية أو تأديبية (المادة 209 ق.إ.ج) 3.
يمكن لغرفة الاتهام :
•أن تأمر بإجراء تحقيق عن الإخلالات المنسوبة إلى مأمور الضبط القضائي الوارد اسمه في تقرير النائب العام.
•توجيه بعض الملاحظات الكتابية إلى مأمور الضبط القضائي إن لم تكن هذه الإخلالات تمس بالنظام العام وشرف المهنة.
•الأمر بإيقاف مأمور الضبط القضائي لمدة معينة من مباشرة أعماله كمأمور ضبط قضائي.
•إسقاط صفة مأمور الضبط القضائي عنه.
•الأمر بإحالة ملف القضية إلى النائب العام لاتخاذ إجراءات المتابعة الجزائية إذا تبين أن مأمور الضبط القضائي قد ارتكب جريمة معاقبا عليها بقانون العقوبات.
المطلب الثاني : النظر في استئناف قضايا الأحداث وتنازع الاختصاص والأمر بإجراء تحقيق تكميلي
الفرع الأول: النظر في استئناف قضايا الأحداث

قاضي الأحداث إذا أصدر أمرا بأن لا وجه للمتابعة في قضايا الأحداث فإنه يجوز للطرف المدني المتضرر من هذا الأمر أن يرفع استئنافا أمام غرفة الاتهام ولا يعرض على غرفة الأحداث بالمجلس القضائي، وعلى غرفة الاتهام أن تفصل في هذا الاستئناف ولا تأمر بعدم اختصاصها طبقا للمواد 170-173-466 ق.إ.ج الأوامر الصادرة عن قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص بالأحداث تكون قابلة للاستئناف في ظرف 3 أيام من تاريخ تبليغها أمام غرفة الاتهام (المواد 170-173 ق.إ.ج(
أما الأوامر المنصوص عليها بالمادة 455 ق.إ.ج فهي كل أوامر التدابير المتخذة من طرف قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق المختص1 بالأحداث فإن الاستئناف فيها يكون في أجل 10 أيام من تاريخ تبليغها أمام غرفة الأحداث بمقر المجلس لذا يجب الحرص على هذه التفرقة والفهم الصحيح للمادة 455 ق.إ.ج من طرف قضاة الأحداث حتى لا يوجه الاستئناف خطأ أو يصبح هناك تنازع في الاختصاص بين غرفة الاتهام وغرفة الأحداث.
الفرع الثاني : الفصل في تنازع الاختصاص
التنازع في الاختصاص يتحقق بصدور قرار نهائي لغرفة الاتهام بإحالة الدعوى أمام محكمة الجنح باعتبار أن الوقائع تكون جنحة وبصدور قرار نهائي لغرفة الاستئناف الجزائية المؤيد للحكم المستأنف القاضي بعدم اختصاص محكمة الجنح باعتبار أن الوقائع تكون جناية.
لا يمكن إحالة الدعوى أمام محكمة الجنايات إلا بناء على قرار بالإحالة تصدره غرفة الاتهام وفقا للمادة 249 ق.إ.ج فإذا كان هناك استئناف لحكم ابتدائي صادر من غرفة الأحداث بعدم الاختصاص باعتبار أن الوقائع تشكل جناية وغرفة الاستئناف أيدت هذا الحكم وتحيل الملف إلى النيابة العامة لما تراه مناسبا، فعلى النائب العام عرض وقائع هذه الدعوى على غرفة الاتهام للنظر في ذلك ومناقشة الوقائع باعتبار أن الغرفة الجزائية اعتبرت الوقائع ذات وصف جنائي (وهي محكمة موضوع) فلا يمكن لغرفة الاتهام أن تحكم بعدم الاختصاص أو تحيل القضية على المحكمة الجنحية طبقا للمواد 197-249 ق.إ.ج لأن محكمة الجنايات لا تنظر في أي دعوى إلا بعد صدور قرار الإحالة عن غرفة الاتهام لذا تأمر غرفة الاتهام بإتمام الإجراءات الجنائية الناقصة1 إن كانت من طرف نفس القاضي أو أحد أعضائها وفي النهاية تحيل القضية على محكمة الجنايات بقرار مسبب وترك الأمر لمناقشة الوقائع من طرفها.
الفرع الثالث : الأمر بإجراء تحقيق تكميلي
أجازت المادتان 186-187 ق.إ.ج لغرفة الاتهام القيام بإجراء التحقيقات التكميلية التي تراها لازمة لإظهار الحقيقة من جمع الأدلة والقرائن والاتهامات حيث تعيد ملف القضية إلى قاضي التحقيق لإتمام مراحل الحقيق وتلتزم بتحديد العناصر والنقاط الواجب إكمال التحقيق فيها باعتبارها درجة ثانية للتحقيق، والحالات التي تأمر فيها بالتحقيق التكميلي نذكر فيما يلي :
•المادة 186 ق.إ.ج: وجود نقص في أدلة الإثبات.
•المادة 187 ق.إ.ج: توسيع دائرة الاتهامات (وقائع لن يتطرق إليها التحقيق(
•المادة 191 ق.إ.ج: بطلان إجراء من إجراءات التحقيق.
•المادة 188 ق.إ.ج: الجرائم المرتبطة.
ويشترط في الأمر بإجراء تحقيق تكميلي :
- ألا يشمل الأشخاص الذين صدر أمر بإحالتهم على المحكمة والأشخاص الذين صدر في حقهم أمر جزئي بألاوجه للمتابعة وأصبح نهائيا إلا بعد ظهور أدلة جديدة (المواد175-181 ق.إ.ج(
- عند طرح الملف كاملا وصدور أمر من أوامر التصرف (م 192 ق.إ.ج) حيث يلتزم القاضي المنتدب إلى إجراء التحقيق التكميلي بإيداع الملف لدى كتابة ضبط المجلس غرفة الاتهام (193 ق.إ.ج)ويقوم النائب العام بجدولة ملف القضية أمام غرفة الاتهام ويستدعي الأطراف ومحاموهم بكتاب2 موصى عليه.
المطلب الثالث : مناقشة الوقائع وتوجيه الاتهام
الفرع الأول : مناقشة الوقائع
أولا: تعريف الوقائع
هي كل الظروف والملابسات والأفعال المتصلة بالجرم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ويستخلص منها الدليل وكل وسائل الإثبات من قرائن قضائية أو قانونية تختلف حسب كل جريمة تنقسم إلى:
أدلة مباشرة : ذات قطعية في الإثبات (كالمعاينات والاعتراف(
أدلة غير مباشرة : تساعد في عملية الإثبات كالعثور على حذاء ينسب إلى شخص معين.
ثانيا : اختصاص غرفة الاتهام بمناقشة الوقائع
لقضاة غرفة الاتهام السلطة التقديرية في مناقشة وتقدير الأدلة وموازنتها وترجيح ما يطمئنون إليه بطريقة سائغة قانونا لا تقبل الطعن بالنقض.
ثم تقوم بعملية التكييف فهي غير ملزمة بالتكييف الوارد في أوامر قاضي التحقيق متى كانت أركان الجريمة متوافرة، أحالت القضية على محكمة الجنايات إن كانت جناية، أو تعيد تكييفها إلى جنحة وتحليها على محكمة الجنح أو الأمر بانتفاء وجه الدعوى طبقا لأحكام المواد 195-197-198 ق.إ.ج.
كما تفضل في الجنايات والجرائم المرتبطة (المادة 188 ق.إ.ج(
-حيث تكون مرتبطة إذا ارتكبت في وقت واحد من عدة أشخاص مجتمعين أو من أشخاص مختلفين في أوقات وأماكن مختلفة بتدبير إجرامي سابق بينهم1.
-إذا ارتكبت هذه الجرائم للحصول على وسائل لارتكاب جرائم أخرى أو تسهيلا لارتكابها أو إتمام تنفيذها أو جعلهم في مأمن من العقاب.
- عند إخفاء الأشياء المختلسة من جناية أو جنحة.
مثلا: ارتباط جناية وجنحة السرقة الموصوفة والإخفاء (المادة 353-387 ق.ع(
الفرع الثاني : توجيه الاتهام
أولا: اختصاص غرفة الاتهام بتوجيه الاتهام
يجب على غرفة الاتهام بناء على الوقائع المعروضة عليها بملف الدعوى طبقا لأحكام المادة 189 ق.إ.ج، وباعتبارها عرفة تحقيق ثانية أن تأمر بتوجيه التهمة حسب الأوضاع المنصوص عليها بالمادة 190 ق.إ.ج ثم تأمر بتحقيق تكميلي.
ثانيا : شروط توجيه الاتهام
لا يجوز لغرفة الاتهام توجيه الاتهام عن طريق أحد أعضائها إذا أوجهت التهمة إلى أشخاص لم يكونوا قد أحيلوا عليها حفاظا على حقوق المتهمين الواردة في المواد: 100-105-123 ق.إ.ج.
عدم إمكانية توجيه التهمة إلى شخص صدر في حقه أمر بألاوجه للمتابعة جزئيا إن لم يكن هذا الأمر نفسه هو المستأنف من طرف النيابة العامة إلا إذا أصبح هذا الأمر نهائيا أو لظهور أدلة جديدة غير التي بني عليها الأمر بألاوجه للمتابعة (المواد 181-189- ق.إ.ج) 2.
المبحث الرابع: الرقابة على سلطات قاضي التحقيق
المطلب الأول: استئناف أوامر قاضي التحقيق
الفرع الأول : تحديد الأوامر المستأنفة

نظم المشرع الجزائري في المواد: 170 إلى 174 ق.إ.ج القواعد الإجرامية التي يخضع لها استئناف أوامر قاضي التحقيق.
يجوز للمدعي المدني أو دفاعه استئناف هذه الأوامر التي ذكرت على سبيل الحصر كالآتي:
الأمر برفض إجراء التحقيق أثناء رفع شكوى الإدعاء المدني وهو الاستثناء لمباشرة الدعوى العمومية من طرف المدعي المدني إن لم تحرك الدعوى العمومية من طرف وكيل الجمهورية لسبب من الأسباب :
- الأمر بأن لاوجه للمتابعة: كأمر تصرف فالمدعي المدني إن رأى أن حقوقه قد انتقصت بهذا المر رغم تقديمه لأدلة إثبات وله القناعة في ذلك أجاز له القانون أن يستأنف هذا الأمر وعلى غرفة الاتهام أن تتصدى وتفصل في موضوع الدعوى إما بالتأكيد أو بالإلغاء.
-الأمر بعدم الاختصاص: سواء كان اختصاص محليا أو نوعيا حسب الوقائع المقدمة بملف الدعوى فللطرف المدني أو محاميه استئناف هذه الأوامر وعرضها على غرفة الاتهام حتى تكون هناك رقابة على أعمال قاضي التحقيق الذي يعتبر قاضي درجة أولى.
رغم أن المادة 173 ق.إ.ج حصرت هذه الأوامر إلا أنه يجوز للطرف المدني أو دفاعه استئناف كل الأوامر التي تمس1 حقوقه المدنية رغم أن قانون الإجراءات الجزائية لم يحصرها في مادة معينة لاختلاق أنواعها ويمكن الإشارة إليها فيما يلي :
الأوامر التي تتعلق بموضوع استرداد الأشياء المضبوطة أي التي تم ضبطها من طرف قاضي التحقيق أثناء مباشرة إجراءات التحقيق في الحبس التعسفي وذلك عن طريق النيابة العامة (المادة 179 ق.إ.ج )
)المادة 172 ق.إ.ج المعدلة بالقانون رقم 01-08 المؤرخ في 26-06-2001 حددت الحالات التي يجوز فيها للمتهم استئناف أوامر قاضي التحقيق المنصوص عليها في المواد (74-123 مكرر، 125-125 مكرر، 125 مكرر1، 125 مكرر2، 127-143-154 ق.إ.ج) استئناف المتهم الأمر بإيداعه المني على المادتين 117-118 ق.إ.ج رغم أنه عمليا أصبح المتهم بموجب هذا التعديل أن يستأنف أمر إيداعه الحبس المؤقت وصلاحية وكيل الجمهورية باستئناف جميع أوامر قاضي التحقيق بدون استثناء (المادة 170 ق.إ.ج(.
-الأوامر التي تصدر عن قاضي التحقيق بشأن الخبرة ورفض إجراء خبرة مضادة في مسالة فنية تتطلب رأي علمي وتقني كرفض إجراء خبرة حسابية مضادة أو تكميلية استثناء لا يجوز استئناف أمرين :
1- الأمر بالإحالة على محكمة الجنح أو المخالفات باعتبار أن القضية ستطرح لاحقا على محكمة الجنح أو المخالفات وتتم مناقشة كل الوقائع والدفاع بالجلسة.
-2الأمر بإرسال مستندات القضية القاضي بإحالة المتهم على محكمة الجنايات والغرض من ذلك أن غرفة1 الاتهام تراقب كل إجراءات التحقيق المتخذة من طرف قاضي التحقيق وهي الوحيدة التي تأمر بالإحالة على محكمة الجنايات من حيث ملائمة الإجراءات.
الفرع الثاني : مواعيد استئناف
طبقا للمادة 726 ق.إ.ج التي تنص على (جميع المواعيد المنصوص عليها في هذا القانون مواعيد كاملة ولا يحسب أيام الأعياد وضمن الميعاد وإذا كان اليوم الأخير من الميعاد ليس من أيام العمل كله أو بضعه فيمتد الميعاد إلى أول يوم عمل تال(
القواعد المتعلقة بالآجال قواعد جوهرية من النظام العام ترتب البطلان.
يلاحظ أن بعض قضاة التحقيق لا يحترمون المادة 168 ق.إ.ج التي توجب أن تبلغ الأوامر القضائية من طرف 24 سا بكتاب موصى عليه إلى محامي المتهم وإلى المدعي المدني ويتركون ذلك لكتابة الضبط دون مراقبة ولا يتصورون أن هذا الإجراء جوهري وآخر ما يقفل به ملف التحقيق.
المادة 182 ق.إ.ج تلتزم النيابة العامة بإخطار الخصوم ومحاميهم بتاريخ جلسة غرفة الاتهام بكتاب موصى عليه لكن الحياة العملية أثبتت أن جل الإخطارات بجلسة غرفة الاتهام تكون بإخطارات عادية تصل إلى الأطراف متأخرة أو لا تصل تماما تجعل الآجال مفتوحة.
آجال استئناف أوامر قاضي التحقيق بالنسبة لوكيل الجمهورية 3 أيام- النائب العام 20 يوما (المادة 170-171 ق.إ.ج) المتهم 3 أيام من تاريخ حصوله على الإخطار (المادة 172 ق.إ.ج) الطرف المدني 3 أيام من تاريخ الإخطار (المادة 173 ق.إ.ج) طالب الأشياء المحجوزة 10 أيام من تاريخ الإخطار باتلرفض (م 86 ق.إ.ج) 2
المطلب الثاني : النظر في حالات البطلان
الفرع الأول : الرقابة على ملائمة إجراءات التحقيق

تشمل هذه الرقابة كل ما يتعلق بموضوع أن يقيم الأعمال القضائية التي قام بها قاضي التحقيق، ووصول الملف إليها عن طريق استئناف النيابة أو الطرف المدني مثل إصدار أمر بانتفاء وجه الدعوى في قضية ما، فعندما يعرض الملف عل غرفة الاتهام لها أن تقيم أعمال قاضي التحقيق في الإجراءات المتخذة لإظهار الحقيقة أم لا.
فإذا أثبت لها أن قاضي التحقيق فعلا بذل مجهودا للحصول على الحقيقة وناقش أدلة الإثبات المقدمة واستخلص بعد ذلك عدم وجود أعباء ضد المتهم أو تخلف ركن من أركان الجريمة أمر بانتفاء وجه الدعوى، فإنه على غرفة الاتهام تأييد هذا الأمر، وإذا تبين لها أن قاضي التحقيق لم يقدر الوقائع وأن أدلة الإثبات المقدمة له أثناء إجراءات التحقيق أو أنه أهمل إجراء مهما كان يؤدي إلى الوصول إلى الحقيقة فعلى غرفة الاتهام وعلى ضوء مناقشة هذه الوقائع والأدلة أن تعيد الملف إلى قاضي التحقيق مع إلغاء الأمر المستأنف وتأمر بإجراء التحقيقات التي تراها مفيدة (المادة 186 ق.إ.ج).
الفرع الثاني : الرقابة على صحة إجراءات التحقيق
يترتب على بطلان معين بطلان كل الأعمال الصادرة بعده وهي حالات منصوص عليها قانونا نعددها فيما يلي وحسب ورودها في القسم العاشر من الفصل I من ق.إ.ج (في بطلان إجراءات التحقيق وفق أحكام المادة 157-100 ق.إ.ج المتعلقة باستجواب المتهمين.
المادة 105 ق.إ.ج المتعلقة بحضور محامي المتهم أو المدعي المدني1
إذا كان هناك سهو من قاضي التحقيق ولم يحترم إجراء من الإجراءات المنصوص عليها في هاتين المادتين واثر دفع بشأن هذا الإجراء المغفل فعلى غرفة الاتهام إبطاله والإجراءات اللاحقة له لأنها مبنية على إجراء باطل.(المادة 197 ق.إ.ج(
المطلب الثالث : شروط وأسباب البطلان والأشخاص الذين يجوز لهم التمسك به
الفرع الأول: أسباب البطلان
أولا : أسباب قانونية

متعلقة بمخالفة نص قانون إجرائي صريح (المادة 159 ق.إ.ج) يمكن حصر هذه المواد في:
•المادة 48 ق.إ.ج التي تنص على مراعاة الإجراءات التي استوجبتها المادتان 45 – 47 ق.إ.ج
•المادة 38 ق.إ.ج: التي تنص على عدم جواز اشتراك قاضي التحقيق في الحكم في قضايا حقق فيها ويناط بإجراءات البحث والتحري.
•المادة 157 ق.إ.ج: التي تنص على احترام أحكام المادة 100 ق.إ.ج المتعلقة باستجواب المتهمين والمادة 105 ق.إ.ج المتعلقة بسماع المدعي المدني.
•المادة 198 ق.إ.ج: تنص على أن يتضمن قرار الإحالة بيان الوقائع موضوع الاتهام ووصفها القانوني، واختصاص عرفة الاتهام بإصدار أمر بالقبض على المتهم مع بيان هويته بدقة وينفذ هذا الأمر في الحال مع مراعاة أحكام المادة 137 ق.إ.ج.
• المادة 260 ق.إ.ج: تنص على عدم إمكانية فصل قاضي التحقيق على مستوى محكمة الجنايات في قضايا سبق له التحقيق فيها.
•المادة 159 ق.إ.ج: تنص على البطلان نتيجة مخالفة الأحكام الجوهرية المقررة في هذا الباب خلافا لما ورد في المادتين1 100-105 ق.إج.
ثانيا: أسباب جوهرية
هي أسباب لم بنص عليها المشرع صراحة، وهي تتعلق بالإجراءات التي تمس حقوق الأطراف في الدعوى أو الدفاع2، تاركا أمر تحديد الحالات التي تتضمنها لاجتهاد القضاء والفقه (المادة 159 ق.إ.ج)، حيث ذهب الاجتهاد الفرنسي إلى أن بعض الأمور يجب اعتبارها جوهرية، يترتب على عدم مراعاتها بطلان الإجراء والعمل التحقيقي مثال: طلب اختصاصي مقدم من النيابة العامة بدون أن يحمل توقيع ممثل النيابة العامة.
من الأمور الجوهرية التي ذكرتها محكمة النقض الفرنسية :
• عدم استجواب المتهم ولو مرة واحدة قبل إحالته على الجهة القضائية المختصة (المادة 100 ق.إ.ج(
•عدم إبلاغ الخصوم بموعد إجراء التحقيق (المادة 105 ق.إ.ج(.
•عدم تبليغ الخصوم الأوامر القضائية الصادرة عن قاضي التحقيق لاستعمال حقهم في استئنافها وفق ما يقرره القانون.
• عدم تبليغ المتهم قرار الاتهام.
• حكم قاضي التحقيق في قضية سبق له التحقيق فيها.
•الاستناد لاعتراف متهم تخت وطأة التعذيب أدلى به أمام ضابط الشرطة القضائية بناء على إنابة قضائية.
•أعمال التحقيق التي يقوم بها الضابط بناء على إنابة عامة1 ويحظر القانون الجزائري الاستناد للإجراءات الباطلة أو استنباط دليل الإدانة منها فتقرر المادة 160 ق.إ.ج وجوب سحب أوراق الإجراءات التي يقضي ببطلانها من ملف التحقيق 2.
الفرع الثاني : شروط التمسك بالبطلان
اشترط قانون الإجراءات الجزائية شرطين أساسيين للتمسك بالبطلان هما :
أن يكون الإجراء جوهريا، وهي الإجراءات المتعلقة باستجواب المتهم المنصوص عليها في المادتين 100-105 ق.إ.ج ومخالفة هذه النصوص يترتب عليها البطلان.
أن يمس هذا الإجراء الجوهري حقوق أطراف الخصومة، فلا بد أن تكون هناك مصلحة خاصة قد مست بهذا الإجراء وإنقاص في الحقوق المسطرة دستوريا والمتعلقة بالحريات الفردية، وهذا حسب ما تشير إليه المادة 159 ق.إ.ج (حقوق الدفاع وحقوق أي خصم في الدعوى) 3.
الفرع الثالث: الأشخاص الذين يجوز لهم التمسك بالبطلان
أولا : قاضي التحقيق
إذا رأى قاضي التحقيق أن إجراء من إجراءات التحقيق مشوب بالبطلان فعليه أن يرفع المر لغرفة الاتهام يطلب إبطال هذا الإجراء بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية وأخطار المتهم والمدعي المدني عملا بأحكام المادة 158 ق.إ.ج 4.
ثانيا : وكيل الجمهورية
إذا تبين من خلال إطلاعه على ملف الدعوى المبلغة له بأمر من قاضي التحقيق أو بناء على طلبه أن هناك إجراء من إجراءات التحقيق مشوبا بالبطلان يلتمس من قاضي التحقيق إعداد ملف وعن طريق الاستئناف يعرض الملف على غرفة الاتهام لإبطال ذلك الإجراء عملا بالمادة 158/2 ق.إ.ج .1
ثالثا : غرفة الاتهام
تنظر غرفة الاتهام في الطلبات المرفوعة إليها وإذا تكشف لها سبب من أسباب البطلان قضت ببطلان الإجراء المشوب به وعند الاقتضاء ببطلان الإجراءات التالية له كلها أو بعضها ولها بعد الإبطال أن تتصدى لموضوع الإجراء أو تحيل الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو لقاضي غيره 2.
وتقوم بإخبار الأطراف بذلك وتسحب من ملف التحقيق الأوراق والإجراءات التي أبطلت وتودع لدى كتابة ضبط المجلس في إطار الرقابة على صحة إجراءات التحقيق طبقا لأحكام المواد (160-191 ق.إ.ج) 3.
يمارس قاضي التحقيق اختصاصاته بإجراء البحث والتحري، وإصدار الأوامر في جو من الحرية والشرعية تفرضه أحكام قانون الإجراءات الجزائية؛ تحقيقا للعدالة وحفظا للنظام العام في المجتمع ويجري استئنافها على مستوى غرفة الاتهام كدرجة ثانية للتحقيق، مما يشكل ضمانة أساسية لحقوق المتهم، وآلية لتقويم أعمال قاضي التحقيق والرقابة عليها بالنظر في مدى ملاءمتها وصحتها، بالتالي تأييدها أو القضاء ببطلانها فتكون غرفة الاتهام بذلك مصفاة يتوسط موقعها بين قضاء التحقيق، وقضاء الحكم ومرحلة عبور وانتقال من التحقيق الابتدائي إلى التحقيق النهائي والمحاكمة.

الخاتمة :
إن تولي قاضي التحقيق مهمة التحقيق الابتدائي كدرجة أولى في المواد الجزائية أمر لا خلاف حوله في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، كما لا خلاف على أن نظام وسلطات هذا القاضي تشكل في واقع الأمر جهازا قضائي قائما بذاته، ذا طبيعة من نوع خاص.
ومن المؤكد أن قاضي التحقيق يعتبر من الوجوه البارزة في المنظومة القضائية الجزائية بحيث استمد هذه الميزة بالدرجة الأولى من خصوصياته التي تميز بها في ظل قانون الإجراءات الجزائية ومنها أنه:
1- قاض فرد عمله دائم الاتصال مع الإجراءات والأشخاص.
2- نشاطه يتسم بالحركية والحذر واليقظة والإحاطة.
3- سلطاته كبيرة، وبالمقابل له مسؤولية كبيرة، فعندما يجمع شخص واحد بين يديه عنصري الحرية والحماية، فهذا يعني أن المسؤولية كبيرة بالفعل.
4- شخصية لها وظيفتان « casquette double a personnage un»، فهو يتناوب وظيفة المحقق القضائي والحكم على عمله كمحقق أو قاض للتحقيق .
لقد مكن المشرع الجزائري قاضي التحقيق الفرد من وظيفتين في آن واحد، فحين يبحث عن الأدلة سواء تلك المتعلقة بالإثبات أو النفي فهو يلعب دور المحقق، وحين يقيم هذه الأدلة التي حصل عليها ويقدرها، فإنه يلعب دور الحكم الباحث عن الحقيقة، وهو ما يعني أن مهمة هذا القاضي ليست باليسيرة، بل معقدة لتناوبها في ذات الوقت بين الإجراءات والحكم، إذ عادة ما يتعين على قاضي التحقيق في نهاية التحقيق تقدير الأدلة للفصل في مدى إمكانية مواصلة السير في الدعوى العمومية أو وضع حد لها.
وأمام هذه الخصوصيات المميزة لهذا القاضي حاولنا من خلال هذا العمل الولوج في ثنايا نصوص قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، خاصة تلك المنظمة لوظيفتي هذا القاضي محاولة منا قدر المستطاع إبراز ما يعتريها من غموض ونقص وتعارض .
إن قانون الإجراءات الجزائية الجزائري بحاجة إلى مراجعة متأنية للنصوص القانونية المنظمة لعمل قاضي التحقيق خاصة، والعمل قدر المستطاع على التنسيق بين مختلف نصوص هذا القانون عامة، بما يحول دون تعارضها تمكينا لقاضي التحقيق من النجاح في أداء وظيفته بما يخدم مصالح الجماعة ومصالح الأفراد.
فبالنظر لمهام قاضي التحقيق وسلطاته ومسؤولياته الكبيرة، وحتى يتمكن من أداء مهمته على أكمل وجه كبوابة للعدالة الجزائية الحقيقية، كان على المشرع أن يجنب هذا القاضي متاهات النقائص والمتناقضات والغموض التي تكتنف بعض النصوص القانونية المنظمة لعمله بما يحول دون عرقلته للبحث عن الحقيقة، فنظرة متأنية من المشرع تكون كافية أمامه إلى إزالة عن طريق قاضي التحقيق.

المــــراجع
1- د. أحسن بوسقيعة، قانون الإجراءات الجزائية في ضوء الممارسة القضائية، منشورات بيرتي، الجزائر، طبعة 2008-2009 .
2- إبراهيم بلعليات، أوامر التحقيق المستأنفة أمام غرفة الإتهام مع إجتهاد المحكمة العليا، دراسة علمية تطبيقية، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر، 2004
3- د. أحسن بوسقيعة، التحقيق القضائي، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر الطبعة الثانية، 2002
4- مولاي ملياني بغدادي ، الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري : المؤسسة الوطنية للكتاب طبعة 1992
5- أحمد الشافعي، البطلان في قانون الإجراءات الجزائية دراسة مقارنة، دار هومة، الجزائر، الطبعة الرابعة، 2007.
6- أحمد شوقي الشلقاني، مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري، ديوان المطبو عات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، الجزء الثاني، الطبعة الثالثة، 2003.
7- أحمد جبور، جهات التحقيق (قاضي التحقيق وغرفة الإتهام)، دروس ألقيت على القضاة المتربصين دفعة 1980 بمركز التكوين القضائي بالدار البيضاء الجزائر.
8- جيلالي بغدادي، التحقيق دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر، الطبعة الأولى، سنة 1999.
9- جيلالي بغدادي، الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر، الجزء الثاني، 2001.
10- جيلالي بغدادي، الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر، الجزء الأول، الطبعة الأولى سنة 2002.
11- د. الأخضر بوكحيل، الحبس الاحتياطي والمراقبة القضائية في التشريع الجزائري والمقارن، الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية، الجزائر، 1992
12- بطاهر تواتي، الخبرة القضائية في الأحوال المدنية والتجارية والإدارية في التشريع الجزائر ي والمقارن، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الطبعة الأولى سنة 2003.
13- أحمد غاي، الوجيز في تنظيم ومهام الشرطة القضائية (دراسة نظرية وتطبيقية ميسرة تتناول الأعمال والإجراءات التي يباشرها أعضاء الشرطة القضائية للبحث عن الجرائم والتحقيق فيها)، دار هومة، الجزائر، الطبعة الرابعة، 2007.
14- بكوش يحي، الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي دراسة نظرية تطبيقية مقارنة، SNED، 1981 .
15- د. إيراهيم إيراهيم الغماز، الشهادة كدليل إثبات في المواد الجنائية، عالم الكتب، القاهرة مصر، 1980
16- د. أبو العلا النمر، الأدلة الجنائية في ضوء الفقه وأحكام النقد الجنائي، دراسة تحليلية للدليل الجنائي فقها وعملا، دار الصداقة للنشر والتوزيع، مصر.1991
17- د. أبو اليزيد علي المتيت، البحث العلمي عن الجريمة، مؤسسة شباب الجامعة عمان الأردن، 1980
18- د. حسن صادق المرصفاوي، شرح قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي، الناشر جامعة الكويت، 1970.
19- د. أحمد إبراهيم عطيه، أحكام الحبس الإحتياطي والصلح الجنائي في قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 145 لسنة 2006 والقانون 74 لسنة 2007، دار الفكر القانوني للنشر والتوزيع، طنطا، مصر، الطبعة الأولى، 2009.
20- أحمد بسيوني أبو الروس، التحقيق الجنائي والتصرف فيه والأدلة الجنائية ، المكتب الجامعي الحديث الأزاريطة الأسكندرية، مصر،2005 .
21- د. أحمد أبو القاسم أحمد، الدليل الجنائي المادي، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، 1991.
22- أحمد المهدي، القواعد الخاصة بمراقبة المحادثات وتسجيلها والأحكام الخاصة بضبط الأشياء المتعلقة بالجريمة، دار العدالة، القاهرة مصر، الطبعة الأولى، .2007
23- أحمد المهدي وأشرف شافعي، التحقيق الجنائي الإبتدائي وضمانات المتهم وحمايتها، دار العدالة، عابدين القاهرة، مصر،2007
24- د. أحمد شوقي أبو خطوة، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مكتبة الجلاء الجديدة، المنصورة، مصر، سنة 1987
25- د. أشرف رمضان عبد الحميد، مبدأ التحقيق على درجتين، دراسة تحليلية مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 2004.
26- د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، الطبعة الرابعة، سنة 1981.
27- د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، الطبعة السابعة، 1996.
28- د. أحمد فتحي سرور، أصول قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، 1969 .
29- أسامة محمد الصغير، أوامر التحقيق الابتدائية والرقابة القضائية عليها، دار الفكر والقانون، المنصورة مصر (دون طبعة ولا تاريخ طبع(
30- د. حسني الجندي، أحكام الدفع ببطلان الاعتراف في ضوء قضاء محكمة النقض المصرية، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، 1990.
31- د. أشرف رمضان عبد الحميد، قاضي التحقيق في القانون الجنائي المقارن، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، الطبعة الأولى، 2004.
32- د. آمال عبد الرحمان عثمان، شرح قانون الإجراءات الجنائية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 19989
33- توفيق الشاوي، فقه الإجراءات الجنائية، دار الكتاب العربي، الجزء الأول، الطبعة الثانية، 1954.
34- د. جلال ثروت، نظم الإجراءات الجنائية، دار الجامعة الجديدة، مصر، 2003.
35- د. حاتم بكار، حماية حق المتهم في محاكمة عادلة، منشأة المعارف، الإسكندرية مصر (دون طبعة و لا تاريخ طبع(
36- د. حسام الدين كامل الأهواني، الحق في إحترام الحياة الخاصة، دار النهضة العربية، القاهرة، مصر، 1978 .
37- د. حسن بشيت خوين، ضمانات المتهم في الدعوى الجزائية، دار النشر والتوزيع عمان، الجزء الأول، 1998.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
قاضي ، التحقيق ، Juge ، d'instruction ،









الساعة الآن 09:45 PM