logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





04-11-2022 12:03 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 09-03-2016
رقم العضوية : 4922
المشاركات : 173
الجنس :
قوة السمعة : 10
المستوي : ماستر
الوظــيفة : متربص

شرح خدمة ايجار الخزائن الحديدية لدي البنوك
مفهوم عقد إيجار الخزائن الحديدية وصفاته
تكوين عقد إيجار الخزائن الحديدية واثباته

الفصل الثالث آثار عقد إيجار الخزائن الحديدية
الفصل الرابع تأجير الخزانة والغير


المقدمة :
لا تقتصر الخدمات المصرفية على إيداع النقود والأسناد، بل قد يلجأ المودع إلى إيداع البضائع، وخاصة الثمينة منها : كالمجوهرات، والمصاغ والحلى، والمستندات السرية، والأوراق الخاصة وسندات الملكية، والأوراق العائلية وغيرها، وذلك بغية المحافظة عليها، كما قد يهدف، من عملية إيداعها، إلى ضمان عملية فتح إعتماد ، فتحول الوديعة عندئذ إلى عملية ثانية هي الرهن، وتطبق عليها القواعد القانونية التي تطبق على الرهن.
فالبنوك التجارية تقوم بإعداد خزائن تؤجرها لعملائها يضعون فيها ما يشاءون، وهي عملية مفيدة للبنك وللعميل، ولا تكلف البنك كثيرا لأن الخزائن توجد في غرف محصنة وغالبا في الأرض تحت مبنى البنك، وتأجير خزانة للعميل يدفعه إلى الدخول مع البنك في عمليات اخرى، وتبدو فائدة العميل في ضآلة الأجر الذي يدفعه، كما إنه يستعملها في سرية تامة فيضع فيها ويستخرج منها ما يريد دون أي رقابة عليه، وهذه هي الميزة الكبرى التي لا تتحقق له في أي صورة من صور الإيداع، ويثير تنفيذ هذا العقد مشاكل كثيرة ترتد كلها إلى تحديد الإلتزامات المترتبة على أطرافه.

فصل تمهيدي مفهوم عقد إيجار الخزائن الحديدية وصفاته
أولا : تعريف ومفهوم عقد إيجار الخزائن الحديدية :
هو عقد بمقتضاه يلتزم المصرف، بأن يضع تحت تصرف المودع، في المكان الذي يشغله، خزانة حديدية أو صندوقا حديديا، مقابل أجر يتناسب مع حجم الخزانة ومدة الإنتفاع ، ويقتصر إلتزام المصرف على حراسة الخزانة الحديدية، ضمانا لسلامة الأشياء المودعة فيها. ولا يكون له حق الاطلاع على الأشياء المودعة. ما لم يشتبه بصفة تلك الأشياء الخطرة أو المزعجة، ولا تتبدل موجباته بمجرد علمه، عرضا، بطبيعة المحتويات وبحق الغير عليها [1].
ويستقل هذا العقد عن العمليات المصرفية الأخرى للمودع، لأن المصرف لا يستطيع أن يستعمل الأشياء الموجودة في الخزانة، في العمليات المصرفية التي يقوم بها. ومما تجدر الاشارة اليه، هو ان المصرف يتقاضى اجورا ضئيلة، بدلا عن إيداع الأشياء المختلفة في الخزائن الحديدية، أما المودع فيستفيد من الاطمئنان على سلامة وسرية الأشياء المودعة، بعيدا عن مخاطر التلف والسرقة والضياع.
ثانيا: صفات العقد :
هو عقد رضائي متبادل، يخضع للقواعد العامة من حيث وجوب توفر الأهلية، والرضى الصحيح، لدى الطرفين. ويعتبر هذا العقد، دائما، عقدا تجاريا بالنسبة للمصرف، أما بالنسبة للمودع فلا يعتبر عقدا تجاريا بطبيعته، بل قد يعتبر تجاريا بالتبعية اذا كان المودع تاجرا وأجرى العقد لحاجات تجارته، ومدنيا بالنسبة للمودع غير التاجر.
وقد إختلفت الآراء في القول ما اذا كان العقد يقوم على الاعتبار الشخصي أم لا. فقال بعض الفقهاء: إن له الطابع الشخصي، ونفى عنه البعض الاخر هذا الطابع. والحقيقة أن الرأي الأخير هو الأقرب إلى الصواب، وإن كان يعود للمصرف أن يختار عملاءه، ويمتنع عن التعاقد مع من لا يتمتعون منهم بصفات حسنة. ولكن حق المصرف هذا لا يجعل من العقد عقدا يقوم على الاعتبار الشخصي.
يثبت هذا العقد، عادة، بصورة خطية، ويتم بتسليم المصرف مفتاح الخزانة إلى المودع، ويعتبر هذا التسليم دليلا على ابرام العقد. كما يحتفظ المصرف بمفتاح آخر لديه، لأن الخزانة لا يمكن فتحها بصورة عامة إلا بواسطة مفتاحين، كما إنه بوسع المودع، علأوة على ذلك، أن يستعمل تركيبا في الأرقام يكون معلوما منه فقط [2].
ولا تستلزم عمليات الإيداع في الصندوق أو السحب منه، تنظيم أي إيصال أو ابراء يتعلق بالأشياء المودعة؛ إذ ليس للمصرف أن يطلع عليها، ما لم تظهر له أنها خطرة أو مزعجة [3].
1. هو عقد وديعة :
قال بعض الفقهاء، أن عقد الإيداع لدى الخزائن الحديدية هو عقد وديعة؛ لأن الغرض الأساسي منه هو حفظ وصيانة الأشياء المودعة، حتى ولو لم تكن هذه الأشياء قد وضعت باستلام وتحت تصرف المصرف. فعقد الوديعة ليس من شأنه دائما أن ينقل حيازة الأشياء المودعة إلى الوديع، كما هو الأمر في عقد الوديعة الفندقية، حيث تبقى الأشياء المودعة في الفندق وحيازة النزيل، وكما هو الأمر أيضا في إيداع السيارة لدى الكراج. ومن مؤيدي هذا الرأي العالمان ريبير وروبلو [4].
ويدعم أصحاب هذه النظرية رأيهم بالقول: إن المودع لا يمكنه أن يصل إلى الأشياء المودعة في الخزانة الحديدية إلا بواسطة المصرف، وهذا ما يجعل العقد قريبا من عقد الوديعة.
2. هو عقد حراسة Contrat de garde :
بإعتبار ان الموجب الأساسي، المترتب على المصرف، هو حراسة الخزانة الحديدية، وبالتالي الأشياء الموجودة فيها. ومن مؤيدي هذا الرأي العالم Tune.
3. هو عقد إيجار Contrat de l*ocation :
ذهب فريق ثالث، يضم أكثرية رجال الفقه والقضاء، إلى اعتبار ان هذا العقد هو عقد إيجار؛ بإعتبار ان المصرف يلتزم بوضع الصندوق الحديدي تحت تصرف المودع، من أجل الإنتفاع به بحرية تامة، دون ان يكون له حق الاطلاع على الأشياء الموجودة بداخله.
بل يبقى للمودع وحده أن يعلم مقدار وبيان هذه الأشياء. وقد يترك الخزانة الحديدية فارغة دون ان يؤثر ذلك في صحة عقد ايجارها. وقد يشترط المودع إلا يكون للخزانة إلا مفتاح واحد فقط، حتى يطمئن إلى عدم اطلاع المصرف على محتويات الصندوق الحديدي، ومثل هذا الشرط يعتبر صحيحا.
إن قانون التجارة اللبناني اعتمد هذا الرأي حيث نصت المادة 309 منه على "أن الودائع التي تودع في الصناديق الحديدية أو في خانات منها تطبق عليها قواعد إجارة الأشياء. ويكون المصرف مسؤولا عن سلامة الصناديق، هي علاقات مؤجر مع مستأجر، ولا تختص بمحتويات الصندوق، إذ ليس للعقد صفة الوديعة [5].
العالمان ريبير وروبلو انتقدا هذا الرأي، بإعتبار إنه يجب ان يكون للمستأجر الحرية التامة في إستعمال الأشياء المأجورة، ولا يلتزم المؤجر إلا بوضع الشيء تحت تصرف المستأجر؛ بينما في إيجار الخزانة الحديدية لا يستطيع المستأجر أن يصل إلى الأشياء المودعة في الصناديق الحديدية إلا بواسطة المصرف. كما يلتزم هذا الأخير، اضافة إلى وضع الشيء تحت تصرف المستأجر بالسهر على الصناديق الحديدية والاعتناء بها. ومن جهة أخرى، لا يمكننا القول بأن هذا العقد هو عقد إيجار أموال منقولة أو غير منقولة، لأن الصناديق الحديدية تعتبر عقارا بالتخصيص des immeubles par destination [6].
من كل ذلك يتبين، بحسب رأي العالمين الفرنسيين، أن عقد إيجار الصناديق الحديدية لا يعتبر عقد إجارة أشياء.
4. و عقد غير مسمى Contrat innomme:
بعض الفقهاء اعتبر ان هذا العقد هو عقد غير مسمى. ولكن الهدف من هذا الاعتبار، هو التأكيد على حرية التعاقد وليس تصنيف هذا العقد.
والواقع، إنه مهما إختلفت النظريات حول مفهوم عقد إيجار الصناديق الحديدية، يبقى إنه غير متميز عن كل من عقود الوديعة والايجار والحراسة، وان كان أقرب إلى عقد الايجار منه إلى سائر العقود الأخرى.

الفصل الثاني تكوين العقد واثباته [7]
أولا: طرفا العقد – الاعتبار الشخصي :
يتم العقد بين البنك والعميل، والأصل إنه لا يقوم على الاعتبار الشخصي، ومع ذلك فهذا الاعتبار مراعى في حدود ضيقة، مظهرها ان البنك قد يرفض التأجير لأشخاص معينين، وان العميل قد يفضل بنكا على بنك آخر (وسنرى تطبيقا له كذلك في ان الإنتفاع بالخزانة شخصي للمستأجر، وفي ان الايجار من الباطن ممنوع عليه) [8].
ثانيا: إنه عقد رضائي :
يتم بمجرد توافق الايجاب والقبول. ومع ذلك فالغالب ان يحصل التعاقد بتوقيع الطرفين على عقد مكتوب يطبعه البنك ويحصل على توقيع من العميل عليه، ولا يملك العميل ان يناقشه، بل ان الغالب اما ان يقبله كله أو لا يتعاقد، وهو ما دفع بعض الشرّاح إلى اعتبار العقد في هذه الحالة عقد اذعان [9]، وهذا تصوير في غير محله لأن اسئتجار الخزائن في البنوك ليس من ضرورات الحياة التي يضطر الناس إليها، ولذلك فمهما كانت سلطة البنك في ابرام العقد فلا يعتبر لذلك عقد اذعان، ولا يخضع لأحكام هذا النوع من العقود [10].
بعض الشراح يعتبر البنك في حالة ايجاب دائم موجه إلى الجمهور، ومع ذلك فلا ينعقد العقد بمجرد تعبير العميل عن رغبته في التعاقد، لأن انعقاد العقد بهذه الكيفية فورا يفترض أن يكون شخص المتعاقد مثليا Fongible أي ان لا يهتم البنك بشخص المتعاقد في حين ان إيجار الخزائن يقوم، إلى حد ما، علىالاعتبار الشخصي منظورا اليه في ناحية العميل غالبا، كما تقدم، فلا ينعقد لذلك العقد إلا بقبول البنك طلب العميل [11].
ومتى أبرم العقد امتنع تعديله على أي من طرفيه بدون رضا الطرف الآخر.
ثالثا: الأهلية :
ان العقد ينشىء في ذمة طرفيه التزامات متقابلة، ولذلك يلزم في المستأجر أو العميل ان يكون كامل الأهلية [12]، إلا اذا كان مأذونا له في ادارة أمواله، وكان العقد داخلا في هذه الادارة أو كان الوفاء بالأجر من قبيل التصرف في الدخل، أو كان قاصرا بلغ السادسة عشر وله دخل من عمله، لأنه في الحالتين يكون كامل الأهلية للتصرف في دخله. فإذا لم تتوافر له الأهلية كان له – بعد بلوغه – طلب إبطال العقد، واذا كان لم يستعمل الخزانة اطلاقا أو كانت تفوق حاجته لم يلتزم إلا بما افاده من العقد طبقا للقواعد العامة.
رابعا: إنه عقد تجاري :
اذا كانت الخزانة منقولا وكان المؤجر قد اشتراها بقصد استغلالها كان تأجيرها عملا تجاريا بالنسبة للمؤجر سواء كان القائم به بنكا أو شخصا آخر غير بنك كمؤسسة تخصصت في تأجير الخزائن فقط، اما اذا كانت الخزانة عقارا لكونها محفورة في بناء البنك أو عقارا بالتخصيص (اذا كانت لمالك البناء وكانت معدة لاستغلاله) فتأجيرها تجاري من جانب المؤجر اذا كان بنكا لأن المشرع نص على تجارية جميع أعمال البنوك، فإذا لم يكن المؤجر داخلا في تعريف البنوك قيل يعتبر العمل مدنيا لأنه إستغلال لعقار، وقيل وهو الراجح [13] يعتبر مع ذلك تجاريا لأن العقد لا ينصب على حقوق عقارية، بل على حقوق شخصية عقارية، وهذه ليست مستبعدة من نطاق الأعمال التجارية. أما بالنسبة للعميل فيعتبر استئجاره الخزانة تجاريا في حدود نظرية العمل التجاري بالتبعية، فيعتبر كذلك اذا كان المستأجر تاجرا وكان العقد واردا على خزانة منقولة وتابعا لتجارته، وكذلك اذا كانت الخزانة عقارا ما دام العقد تابعا لتجارته على الرأي الراجح.
وقد حكمت محكمة استئناف ليون في 12 نوفمبر 1956(مجلة بنك 1917 ص485 تعليق ماران) حكما غريبا في خصوص تجارية العقد وتتلخص الوقائع في أن شركة ذات مسؤولية محدودة – وهي بطبيعتها شركة تجارية في فرنسا – استأجرت لدى بنك خزانة حديدية، قضت المحكمة ان هذا العقد بالنسبة إلى العميل لا يكون تجاريا إلا في حدود تطبيق نظرية العمل التجاري بالتبعية أي اذا كان المستأجر تاجرا والعمل تابعا لتجارته، وفي خصوص القضية لاحظت ان الايجار لم يكن لازما لنشاط الشركة التجاري، بل إنه بالخصوص كان لازما للحاجة الشخصية لمدير الشركة ليضع فيها ألبوم طوابع بريد يملكها، وكانت الشركة تضع في الخزانة مع هذه الطوابع بعض دفاترها التي كانت ضئيلة القيمة بالنسبة إلى قيمة طوابع البريد الخاصة بالمدير.
كان المنطق اذن أن تقضي المحكمة بعدم إلتزام الشركة أصلا بهذا العقد ما دام غرضه خارجا عن نشاطها ولكنها قضت بإلزامها به ولكن بإعتباره مدنيا لأنه خارج عن حدود غرضها التجاري.
ولذلك فالأمر لا يخرج عن أحد امرين إما أن العمل المدني تابع للنشاط التجاري لشركة فيعتبر تجاريا بالتبعية وإما إنه غير تابع له فلا تلتزم به أصلا ولا يكون هناك محل للبحث في تجاريته.
خامسا: إثبات العقد :
الأصل أن يثبت العقد بكافة الطرق ضد البنك لأنه تجاري بالنسبة له، اما بالنسبة للعميل فيتحدد طريق الاثبات بحسب ما اذا كان تجاريا أو مدنيا، فإذا كان مدنيا تقيد البنك بضرورة تقديم دليل كتابي اذا كان الأجر المطلوب يجأوز نصاب البينة.
وفي العمل يثبت العقد بمحرر مكتوب يوقع البنك صورة منه ويوقع العميل صورة أخرى. كما ان اجرة البنك تدفع غالبا مقدما وبطريق القيد في الجانب المدين لحساب العميل.
وبالرغم من وجود دليل كتابي بين الطرفين فإنه يجوز الاثبات بكافة الطرق طبقا للقواعد العامة في الاثبات التجاري.

الفصل الثالث آثار العقد
ان هدف العميل من استئجار الخزانة هو ان يتمكن من ان يدخل اليها ويضع فيها أو يخرج منها ما يريد على حريته، ودون أن ينكشف سره، وأن يكون ما يضعه في أقصى درجات الأمان، وللبنك في مقابل ذلك على العميل حقوق ثلاثة : أن يدفع الأجرة، وأن يحسن إستعمال الخزانة، وأن يردها اليه عندما ينتهي العقد.
أولا: التزامات المستأجر :
1- دفع الأجرة :
ويحددها العقد أو العرف، ولا يجوز تعديلها اثناء العقد إلا برضا الطرفين [14].
والغالب ان تدفع مقدما عن كل مدة يسري فيها العقد وهي مدة سنة، ويدفع معها عند ابرام العقد مبلغ كتأمين عن المدة التي يتأخر فيها المستأجر عن دفع الأجرة، فيكون للبنك أن يخصم منه ما يستحق من أجرة متأخرة.
واذا كان للمستأجر حساب في البنك فتحصل الأجرة غالبا بطريق القيد في الحساب مقدما. وبعض الفقهاء يرى ان المصرف يتمتع على الأشياء المودعة، بحق الامتياز الذي يتمتع به مؤجر العقار، ولكن هذا الرأي كان عرضة للانتقاد [15].
2- ضمانات البنك :
للبنك أن يحصل الأجرة مقدما، وله أن يشترط دفع تأمين مقدم لاستيفاء ما يتأخر العميل أو يمتنع عن دفعه منها، ولكن ليس له اجبار العميل على وضع منقولات بالخزانة لضمان الوفاء بالأجرة [16].
وللمصرف بصفته مؤجرا امتياز على محتويات الخزانة اذا بيعت المحتويات نتيجة الحجز عليها، وله اذا امتنع العميل عن دفع الأجرة ان ينذره اما بالدفع واما بفسخ العقد، وفي هذه الحالة يكون للبنك – لا أن يفتح الخزانة ويقتضي حقه مما فيها – ولكن أن يمنع المستأجر من الدخول إليها.
وله أيضا ان يتمسك بالمقاصة بين الأجر المستحق على العميل وما للعميل ضد البنك في حساب أو وديعة مثلا. كما له أن يحجز تحت يده على محتويات الخزانة [17].
وقد ينص في عقد الاستئجار على إنه "اذا لم يدفع المستأجر قيمة الايجار وقت استحقاقه وانقضت مدة شهر مثلا يعتبر العقد مفسوخا بقوة القانون دون حاجة إلى تنبيه أو انذار، وجاز للبنك بعد مرور 48 ساعة أن يفتح الخزانة ويودع محتوياتها في حرز يختم ويحفظه البنك بدون مسؤولية عليه والخطر والهلاك على المستأجر [18] وهذا الشرط صحيح في شقيه [19] فيفسخ العقد فورا طبقا للشق الأول، وطبقا للشق الثاني لا يحتاج البنك إلى تدخل القضاء في استعادته الخزانة وبشرط ان يتحفظ على محتوياتها لحساب المستأجر [20].
2- إستعمال الخزانة طبقا لشروط العقد :
من هذه الشروط أن الدخول إليها يكون في أوقات عمل البنك وبعد التوقيع على دفتر يثبت دخول العميل إليها واتباع اجراءات أخرى تفرضها مراعاة راحة العملاء الآخرين، وفيما عدا هذه الشروط الموضوعية يجب على المستأجر أن يستعمل الخزانة بحسن نية وبمراعاة العناية التي يلتزمها الشخص الحريص، فمثلا لا يضع فيها مواد متفجرة أو خطرة بل يستعملها بحسب الغرض التي تستأجر لأجله عادة.
واذا أساء العميل إستعمال الخزانة أو رفض إتباع التعليمات التي يفترض إنه قبلها فلا يجوز للبنك أن يطرده من غرفة الخزائن إلا في حالة الدفاع الشرعي عن مال البنك [21]، وللبنك أن يطلب إلى القضاء فسخ العقد مع تعويضه، ان لم يكن في العقد شرط بالفسخ التلقائي، وكذلك من حقه أن يمنعه من الدخول اذا لم يكن بحالة طبيعية يؤمن معها سلامة العمل في البنك لأن حق العميل في الإنتفاع بخزانته لا يقوم إلا اذا توافرت الشروط المتفق عليها أو الواردة بلائحة البنك أو التي يقضي بها العرف وحسن النية في تنفيذ العقود.
3- رد الخزانة عند انتهاء العقد :
ترد الخزانة سالمة كما تلقاها العميل، عند انتهاء العقد، وذلك برد مفتاحها إلى البنك وتفريغها مما بها. وتنص العقود عادة على حق البنك في استرداد الخزانة اذا انتهى العقد ضمنا أو فسخ ولم يردها العميل ولم يرد مفتاحها، فتقضي ان للبنك حق فتح الخزانة وحفظ محتوياتها مع حق البنك في تعويض ما يسببه كسر القفل والأضرار الأخرى [22].
وعملياً لا يصل البنك إلى تعويض ولا ينازع المستأجر في مقدار وماهية محتويات الخزانة لأن هذا الشرط لا ينفذ عملا إلا اذا ترك العميل الخزانة وأهملها ولا يكون ذلك إلا اذا كانت فارغة.
ثانيا : إلتزامات البنك المؤجر :
ينشأ عن العقد التزامات على المصرف نبينها فيما يلي :
يلتزم البنك بإلتزامين أساسيين في مواجهة العميل، الأول تمكينه من الإنتفاع بالخزانة، والثاني تحقيق الأمان والسرية المطلوبين.
1- تمكين المستأجر من الإنتفاع بالخزانة :
وذلك بتسليمه مفاتيح خزانة بالحجم والنوع المتفق عليه. وهذا الإنتفاع هو حق شخصي محض للمستأجر بحيث يجب على البنك أن يتحقق من شخصية العميل كلما اراد هذا الدخول إلى الخزانة، وتفرض مراعاة هذا الاعتبار الشخصي ان البنك ملزم كذلك بتحقيق الأمان للعميل وبحفظ الخزانة، ولذلك فمن واجبه ومن حقه أن يمنع الغرباء من الدخول إليها. وقد يوكل العميل شخصا آخر في استخدام الخزانة، وفي هذه الحالة يحصل البنك على توقيع الوكيل ليضاهيه بتوقيعه عند دخوله إلى الخزانة ليتحقق من شخصيته، ونص العقد المطبوع عادة إنه في حالة انتهاء التفويض سواء كان ذلك بسبب عزل الوكيل أو وفاة الموكل أو لأي سبب آخر وسمح البنك مع ذلك للوكيل بالدخول إلى الخزانة فلا مسؤولية عليه ما دام إنه لم يخطر بإنتهاء الوكالة [23].
نتساءل ما الحكم اذا استأجر شخص الخزانة بإسم مستعار، مثلا شخص اسمه أحمد استأجرها بإسم ابراهيم؟
اذا كشف البنك ان المستأجر – رغم عدم المنازعة في ذاتيته – ليس له نفس الاسم الوارد بالعقد فهل يجوز له منعه من الدخول إلى الخزانة؟ .. قد يدفع الشخص المستأجر إلى التنكر رغبته في التهرب من قوانين الضرائب، أو ان يكون موشكا على الإفلاس أو كان سارقا يخفي ما سرق. قد يدعي البنك إنه إنما تعاقد مع شخص بإسمه ولا يلتزم أمام شخص آخر بإسم آخر.
ومع ذلك فالصحيح إنه ما دام هو الشخص الذي تعاقد معه بذاته فلا يجوز للبنك أن يتهرب من تنفيذ التزامه في مواجهته، ويبرر الأستاذ "فاليري" ذلك بقوله إنه ما دام يجوز اشتراط الشخص لصالح غيره فيجوز أن يشترط لصالح نفسه تحت اسم آخر [24]، والحل صحيح.
ولما كان العقد ايجارا فالأصل أن يكون للمستأجر أن يؤجر الخزانة من الباطن، ولكن البنوك عادة تحرم الايجار من الباطن، وهنا يبدو الاعتبار الشخصي لأن البنك يراعي في المستأجرين قدرا من الحرص والأمانة قد لا يتوافر في المستأجر من الباطن [25]، ولكن ذلك لا يمنع المستأجر من ان يضع في الخزانة اشياء مملوكة للغير. وتبدو أهمية هذه الملاحظة اذا أصيبت محتويات الخزانة بضرر، فليس للبنك أن يرد دعوى المستأجر بحجة أن بعض المحتويات مملوكة لغيره وانه لا يسأل إلا عن ممتلكات المستأجر.
وقد يكون المستأجر عدة أشخاص بعقد واحد وبالتضامن، وعندئذ يكون لكل منهم منفردا حق إستعمال الخزانة. وتمكن هذه الصورة المستأجر من الافلات من ضريبة التركات [26]، وذلك بأن يستأجر، أب وابنه مثلا خزانة واحدة فإذا مات أحدهما كان للآخر أن يدعي ملكية محتوياتها، ولكن لها متاعب أهمها إنه إذا أصيبت المحتويات أو سرقت كان من السهل على البنك ان يدعي حصول الضرر من أحد المستأجرين، ويتعذر على كل منهما أن يثبت العكس. ولذلك سنرى من ان مسؤولية البنك عندئذ لا تقوم إلا اذا ثبت في جانبه خطأ ايجابي أو اهمال [27].
2- تحقيق الأمان :
والرغبة في الأمان تفسر اقدام العميل على استئجار خزانة لدى البنك فهو يعتبرها مكانا أكثر أمنا وحصانة من منزله الخاص، والبنك نفسه يعلن دائما إنه يقدم بطريق تأجير الخزائن أكبر درجات الأمن، والعقود المطبوعة نفسها معنونة بعبارة "إيجارخزينة حديدية بالغرفة المحصنة".
ومن مظاهر هذا الأمان ان الخزينة تكون غالبا داخل الحائط وفي اسفل مبنى البنك والدخول اليها مقصور على المستأجرين، وباب الخزانة له قفلان مفتاح أحدهما مع البنك ومفتاح الآخر مع العميل حتى لا يتمكن أحدهما بمفرده من فتح الخزانة، وأحيانا يكون لها قفل يفتح بطريقة سرية لا يعرفها سوى العميل [28].
3- السرية :
للعميل الحق في بقاء محتويات الخزانة سرا droit a la discretion فلا يجوز للبنك أن يحأول معرفتها. ومع ذلك فله الحق في مراقبة الأشياء المراد وضعها فيها من حيث نوعها اذا تشكك في ذلك، وهو حق مقرر ولو لم ينص عليه في العقد، اذ يفرضه إلتزام البنك بالمحافظة والحراسة على سلامة الخزائن [29].
ثالثا انتهاء العقد :
إنه عقد مستمر :
إيجار الخزانة عقد مستمر يبرم عادة لمدة محددة تقبل التجديد اذا لم يخطر أحد الطرفين الآخر قبل انتهائها برغبته في انهائه. وتتضمن العقود المطبوعة شرطا يعطي البنك حق ايقاف الايجار في أي وقت يشاء دون ابداء السبب بشرط اختصار المستأجرين رغبته في ذلك في مدة معينة ويرد لهم من الأجر ما يسأوي المدة الباقية.
والأصل أن وفاة المستأجر لا تمنع استمرار العقد، ويشترط البنك عادة حقه في وقف إستعمال الخزانة في حالة الوفاة حتى تقدم له المستندات الخاصة بمن له حق استعمالها.
ولا يمنع إفلاس المستأجر استمرار العقد. وكذلك حكم وفاة المؤجر وإفلاسه [30] و [31].
رابعا : مسؤولية البنك المؤجر :
1- طبيعة عقد إيجار الخزانة [32] :
يتوقف الفصل في مشاكل مسؤولية البنك المؤجر على تحديد مضمون التزاماته وحدودها، وهذه بدورها مرتبطة بمصدرها وهو العقد، ولذلك نبدأ ببيان طبيعة العقد لمعرفة مدى الإلتزامات التي ينشئها في ذمة البنك.
وقد آثارت هذه المسألة خلافات كثيرة كانت كلها متأثرة بالنتائج العملية التي يؤدي إليها تكييف دون تكييف آخر، أكثر من مراعاتها للاعتبارات القانونية، كما سنرى في مسألة الحجز على محتويات الخزانة من دائن المستأجر تحت يد البنك.
وقد تردد الرأي بين فكرتين، فكرة الوديعة وفكرة الايجار، فقيل ان العقد وديعة لأن العميل يودع أشياءه لدى البنك في الخزانة التي يحتفظ الأخير بها في حيازته ويتولى حفظها، فالهدف الأساسي من العقد هو الحفظ، ولذلك فالعقد وديعة لأن ما يميز الوديعة هو أن يكون هدف العاقدين هو حفظ المال الذي يسلّم للوديع. ويعتمد هذا الرأي كذلك على التطور التاريخي للعقد قائلا ان صاحب المال بدلا من ان يحفظ ماله لديه في جدار بمنزله أو تحت ارضه اصبح بفضل الإيداع لدى شخص مؤتمن، ثم حلّ محل هذا الشخص المؤتمن البنك بإعتباره أكثر استعدادا لحفظ الوديعة وهي لديه أكثر امنا [33].
اما الرأي الثاني فينظر إلى العملية من ناحية الواقع والقانون فيعتبرها ايجار [34]، لأن البنك لا يتلقى الأشياء من العميل ثم يضعها في الخزانة – كما هو الشأن في وديعة الأوراق المالية – بل هو يضع الخزانة تحت تصرف العميل ينتفع بها لمدة معينة، ولا يخلع عن العقد وصفه كإيجار أن يكون هدفه من الناحية الاقتصادية هو تحقيق الأمان للعميل وأن البنك يلتزم المحافظة على الخزانة والغرفة التي توجد فيها. ولا يعترض على ذلك بأن البنك يتحمل ضمان التعرض المادي الصادر من الغير بخلاف المؤجر اذ لا يقع عليه هذا الضمان، ذلك ان البنك عليه ضمان الحفظ لأنه أقدر عليه بل هو الوحيد الذي يتمكن من الحفظ لوجود الخزانة في حوزته ماديا، كما أن وجود هذا الضمان أو عدم وجوده ليس هو معيار التفرقة بين عقد الايجار وغيره من العقود، اما ان العميل ليست له الحرية التي يتمتع بها المستأجر عادة في الإنتفاع بالمال المؤجر فليس له أن يدخل إلى الخزانة إلا بشروط واجراءات معينة فذلك لا يمنع عنه وصف المستأجر، لأنه ليس من شروط الايجار أن يكون لمستأجر حق الإنتفاع بلا شروط ولا قيد، ودليل ذلك أن المكان المؤجر في معرض لوضع بضاعة معروضة يمتنع الدخول اليه ليلا ومع ذلك الإنتفاع به إيجار [35].
ويحدد أنصار هذا الرأي المقصود بإلتزام الحفظ الذي يتحمله البنك، فيقولون أن البنك لا يتحمله كما يتحمله الوديع بل كل ما يلتزم به هو المحافظة – لا على محتويات الخزانة – بل على الخزانة ذاتها وعلى المكان الذي توجد فيه، والتزامه بالمحافظة على سلامة الخزانة لا يقبله إلى وديع، وذلك لأنه لم يتلق الخزانة من العميل بقصد حفظها فإن الخزانة تظل في حوزة العميل بمقتضى العقد لأن حق فتحها له وحده.
ولا محل لقول البعض أن العقد اقراض من البنك للعميل ينصب على الخزانة أي ان البنك يسلمها للعميل يستعملها كما يشاء ثم يقوم العميل بإيداعها وبما فيها لدى البنك، فهذا قول لا دليل عليه.
والقول بالايجار قول يؤيده التسمية الجارية للعقد ذاته، وهو الراجح.
قضاء محكمة النقض الفرنسية :
ان محكمة النقض الفرنسية تعرضت، لأول مرة، صراحة لطبيعة عقد إيجار الخزائن الحديدية في 11 فبراير 1946[36]، وكانت الوقائع ان مياه الفيضان دخلت الغرف المحصنة التي توجد بها الخزينة ليلا وكان ذلك أثناء الحرب، ولم يستطع البنك اخراجها بالمضخات المناسبة بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي تعمل به هذه المضخات، فتلفت الخزانة ومحتوياتها. حكم بمسؤوليته فاستأنف، وقالت محكمة الاستئناف ان البنك كان يتوقع حتما انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة كلها في ظروف الحرب، وكان عليه ان يغير مكان الخزائن أو يحميها عن طريق آخر، رفضت محكمة النقض الطعن الموجه إلى الحكم قائلة ان الفيضان لم يكن غير متوقع ولا غير ممكن تفاديه وهما شرطان لازمان في القوة القاهرة التي تعفي المدين.
استنتج الشراح من هذا الحكم ميل المحكمة إلى معاملة البنك بصفته وديعا عليه إلتزام بنتيجة هي ضمان سلامة المحتويات، ولا يبرأ منه إلا بإثبات القوة القاهرة بحيث لا يحتاج المدعي أن يقيم الدليل على خطئه، وانتقدوا الحكم [37].
وتعرضت المحكمة للمسألة مرة ثانية في 29 اكتوبر سنة 1952[38]، وكانت الواقعة ان خزانة في بنك تعرضت للنهب سنة 1943 اثناء العمليات الحربية. رفعت الدعوى على البنك بتعويض قيمة الأشياء التي كانت في الخزانة لأن البنك قصّر فلم ينقل الخزائن إلى مكان آخر آمن في وقت مناسب، قضت محكمة تونس بالتعويض على أساس ان العقد وديعة ويكفي العميل إثبات عدم رد البنك للأشياء المودعة بالخزانة ليعتبر البنك مخطئا [39]، طعن بالنقض، قضت المحكمة ان العقد ليس وديعة بل هو اجازة، ولكنها لم تنقص الحكم لمجرد إنه اعتبر العقد وديعة واعتبرته حكما صحيحا لأن خطأ البنك مفترض ما دام لم يثبت هو نسبة النهب إلى قوة قاهرة اجنبية عنه، ولم تتوافر في القضية شروط القوة القاهرة.
فالحكم الصادر سنة 1952 يعتبر اذن تكملة للحكم الصادر سنة 1946 من حيث النتيجة التي وصلا إليها، فهما يؤكدان ان العقد اجارة ولكنه يلقي على البنك التزاما ثقيلا بالحفظ ما لم يثبت هو السبب الأجنبي أي القوة القاهرة ولا يكفيه ان يثبت إنه لم يخطىء أو إنه بذل كل طاقته، فكأن التزامه بنتيجة. ولذلك تعرض هذا القضاء لنقد بعض الشراح قائلا أن احكام الاجارة لا تستقيم مع هذا القضاء لأن مؤجر العقار لا يسأل عن سرقة متاع المستأجر إلا اذا أثبت هذا الأخير خطأ المؤجر.
وفي مرة ثالثة عادت محكمة النقض الفرنسية في حكم لها في 27 ابريل سنة 1953[40]، حكمت فيه بذات المعنى والعبارة، وقررت ان إيجارالخزانة يماثل الايجار، وانه يتضمن التزاما خاصا على البنك بالحراسة، فيسأل عن ضياع الأشياء الموجودة بالخزانة اذا لم يثبت ان الضياع سببه القوة القاهرة.
وفي حكم 21 مايو 1957[41] اكدت رأيها الذي سارت عليه وهو ان العقد إيجار، وكذلك في حكم آخر في 1971.
ويؤيد الشراح عموما رأي محكمة النقض بقولهم إنه وان كان العقد ايجارا فإن لفكرة الأمان اهمية خاصة لا توجد في غيره من صور الايجار، فالبنك لا يعطي العميل مجرد تعهد بالعناية والحفظ بحيث لا يسأل إلا اذا ثبت خطؤه، بل هو يتعهد بنتيجة فهو يضمن للمستأجر استرداد الأشياء الموضوعة بالخزانة بحالتها، فهو إلتزام ينصب إلى حد ما على الاسترداد ذاته وليس فقط على الرقابة، وعملياً هذا التحليل يطابق الواقع لأن الخزانة تظل ماديا في حراسة البنك الذي له وحدة السيطرة عليها [42]، ولذلك لاحظ البعض هذا الخلاف بين الايجار العادي وايجار الخزينة فسمي الأخير عقد حراسة [43].
ويشير القانون السوري (م404) والقانون الليبي (م228) والقانون الكويتي صراحة إلى صفة الايجار، وكذلك القانون اللبناني مادة 309 من قانون التجارة [44].
2- أسباب المسؤولية :
وعلى ضوء ما تقدم يمكننا ان نحدد التزامات البنك التي يعتبر اخلاله بها سببا لمسؤوليته، أيا كان تكييف العقد. فهو يسأل اذا لم يمكن المستأجر من الإنتفاع الذي تعهد به فلم يمكنه من الخزانة المتفق عليها، أو لم يحقق له السرية التي ينشدها العميل، أو سمح لأحد غير العميل ووكيله المفوض بفتح الخزانة.
وقد حكم بمسؤولية البنك اذا كان الموكل قد سحب الوكالة وأبلغ البنك بذلك فلم يمنع البنك الوكيل السابق من الدخول، فاعتبرته المحكمة مخطئا ولكنها لم تحكم عليه بالتعويض لعجز المدعي عن إثبات الضرر[45].
أما عن سلامة الخزانة ومحتوياتها فهو يسأل حتما اذا ثبت عليه خطأ، ويسأل كذلك ولو لم يثبت عليه أي خطأ لأنه يلتزم التزاما بنتيجة، فإذا أصاب الخزانة أو ما بها ضرر كان مسؤولا حتى يثبت هو السبب الأجنبي.
وما يخفف عن البنك وطأة هذه المسؤولية الثقيلة إنه يصعب على العميل إثبات الضرر، ومرجع ذلك إلى السرية التي يستخدم فيها العميل خزانته، فهو لا يستكتب البنك دليلا بما أودعه ولا يشهد أحدا عليه، بل المفروض أن احدا غيره لا يستطيع بمفرده فتحها. وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك في حالة تأجير الخزانة إلى عدة أشخاص بعقد واحد، وكذلك في حالة وجود وكيل مفوض في فتحها.
3- شروط الاعفاء من المسؤولية :
اذا اشترط البنك اعفاءه من المسؤولية صح هذا الشرط بالنسبة لأي إلتزام من الإلتزامات الناشئة عن العقد أو العرف ما عدا التزامه بالحفظ، ومعنى ذلك أن اشتراط البنك اعفاءه من المسؤولية عما يصيب الخزانة أو محتوياتها باطل، وذلك لسببين :
الأول ان الهدف الأساسي من العقد هو تحقيق الأمان للمستأجر فإذا استبعد هذا الهدف لم يكن للعقد معنى [46].
والثاني أن البنك هو وحده الذي يستطيع حماية الخزانة ومحتوياتها فمن العدل أن يتحمل هو عبء حمايتها، ولا يتصور أن ينقل هذا العبء إلى المستأجر الذي يتعذر عليه تنفيذه.
إن محكمة النقض الفرنسية قد حكمت بهذا المعنى في قضية تتلخص في أن بضاعة أودعت مخازن أحد المواني التي تستغلها الغرفة التجارية بمقتضى إلتزام من الادارة، سرقت البضاعة، وحكم على الغرفة التجارية بالتعويض، طعنت في الحكم لأن قائمة الشروط بها شرط يعفيها من المسؤولية عن كل ضرر لا يرجع إلى فعل عمالها، رفضت محكمة النقض وقالت ان الحكم صحيح اذ قرر ان الغرفة التجارية منعت المودعين أن يباشروا أي رقابة اثناء الليل على بضائعهم المودعة، وهذا التحريم، فضلا على إنه غير وارد بقائمة الشروط يلقى عليها ان تقوم هي بالمحافظة على البضاعة بأن تفرض حراسة ورقابة كافية وهو ما لم تفعله اذ ثبت ان المخازن تركت بلا حراسة اثناء الليل [47].
الراجح أن هذا الشرط لا يرفع عن البنك واجب الحفظ بل ينحصر أثره في إنه يجعل إلتزام البنك التزاما ببذل عناية بعد ان كان تعهدا بتحقيق نتيجة، فبدلا من ان يسأل البنك بقوة القانون لمجرد حدوث الضرر ويكون عليه هو ان يرد الضرر حدث بسبب خطأ البنك في اتخاذ ما يلزم لتحقيق الأمان [48].
ويلاحظ ان شروط الاعفاء كثيرا ما تنفر العملاء، ويحسن بالبنك – لذلك – ان يستبدل بها شروطا بتحديد قدر التعويض، أو ان يتحمل كافة الإلتزامات اطلاقا ويؤمن لدى شركة التأمين ضد المطالبات على أسباب معينة [49].
وفي لبنان اعتبر القضاء إنه في حال وفاة مستأجر الصندوق الحديدي، لا يكون المصرف قد ارتكب أي خطأ، اذا سلم مفتاحه إلى ورثته المعينين بقرار من المحكمة، مرفق به مذكرة من وزارة العدل تدعو إلى القيام بهذا التسليم، بالاستناد إلى القرار المذكور، ولو كان المصرف قد علم، عرضا، بأن كل أو بعض موجودات الصندوق تعود لأشخاص غير الورثة [50].
هذا الحل يستند كذلك – في نظرهم – إلى السوابق القضائية : فقد رفضت محكمة النقض طعنا ضد حكم رفض مساءلة البنك لأنه منع المستأجر من الدخول، وقالت في حكمها ان لقاضي الموضوع ان يرفض الحكم بالتعويض اذا قدر ان البنك لم يخطىء بأن حبس الخزانة عن العميل [51]، وهو ما يفهم منه هؤلاء الشراح إنه لو كان الحجز غير صحيح قانونا لكان البنك مخطئا لأنه منع العميل من الدخول، فمعنى الحكم اذن ان الحجز جائز وان البنك لم يخطىء لأنه احترمه [52].
ولعل الرأي الصحيح إنه لا يجوز الحجز تحت يد البنك على الخزانة ولا على محتوياتها، والسبيل الوحيد إلى حجزها هو الحجز التنفيذي، واما الخشية من تهريب المدين لأمواله بتفريغ الخزانة فهو اعتبار عملي يتوفر في حالات كثيرة، ولا يصح أن يدفعنا إلى البعد عن الحل الصحيح، وعلى البنك اذا اعلن بالحجز ان يتجاهله بأن يقرر إنه ليس مدينا للعميل بشيء لأن هذا هو الواقع، اما ان يقول إنه مدين بخزانة فهو قول غير سليم، وليس للبنك ان يمنع العميل من حرية الإنتفاع بالخزانة بمقتضى العقد المبرم بينهما والا كان مسؤولا، والقول بغير ذلك يتعارض مع إلتزام الأمان والسرية التي يلزم بمقتضاها البنك، وهما الهدف الاساسي للعقد، وان كان بعض الرأي على غير ذلك.
الشراح في مصر يرفضون الحجز تحت يد البنك على الخزانة لأن البنك غير مدين للمستأجر، وليس المستأجر ملزما برد الخزانة ولا محتوياتها اليه [53]، وبذلك حكمت محكمة الاستئناف المختلطة [54].
وقد نظم مشروع القانون التجاري الفرنسي الموضوع في سنة 1951 بإجراءات خاصة بحبس الخزانة عن مستأجرها اذا كان مدينا وطلب دائنوه ذلك [55].
يقول الاستاذ اندريه روبير (في مقاله بالأسبوع القانوني 1959-1-1507 سالف الذكر) إنه اذا كان من المناسب ان يحقق الاتفاق حفظ الوديعة في الخزانة فليس من المستحب ان يشجع القانون التجاري سرية أو اخفاءا ضارا بالائتمان. ويلخص الوضع الذي يجب ان يحكم الموضوع في فكرتين : الأولى، ان الأفراد، اصحاب الحقوق المدنية والتجارية ضد المدين لا يكون لهم على ما بالخزانة من سبيل، والثانية، ان الدولة يكون لها كافة الوسائل في تعقب هذه الوديعة واستيفاء حقوقها منها.
وينظم بعض التشريعات الحديثة مسألة الحجز على الخزانة، بقوله ان توقيع الحجز على الخزانة جائز، ويكون بتكليف البنك ببيان ما اذا كان يؤجر خزانة للمحجوز عليه، فإذا أقرّ بذلك وجب عليه منع المحجوز عليه من الدخول إلى مكان الخزانة. وتترك للبنك صورة عن محضر الحجز مشتملة على بيان السند الذي تمّ الحجز بمقتضاه. كما يعلن مستأجر الخزانة بمحضر الحجز.

الفصل الرابع تأجير الخزانة والغير
أولا : الحجز على محتويات الخزانة :
هذه المسألة كانت من أهم الأسباب الدافعة إلى دراسة طبيعة العقد وتحديد مركز البنك. فذهب الرأي الغالب في القضاء إلى عدم جواز الحجز على محتويات الخزانة من دائني المستأجر تحت يد البنك، لأن البنك ليس وديعا بل هو مؤجر، وهو ليس مدينا للمستأجر بهذه المحتويات بحيث يجوز حجزها تحت يده لأنه لا يعتبر حائزا لها، لأنها طول مدة العقد تعتبر في حيازة المستأجر قانونا، فكأنها امتداد لمنزله، ولذلك لا تحجز إلا تحت يد المدين ذاته [56]، ومن ناحية أخرى لأن البنك لا يستطيع – بصفته محجوزا لديه .. أن يقوم بما يلزمه به القانون من التقرير بما في الذمة لأنه لا يعلم محتويات الخزانة [57]، ولكن هذا الفريق يشعر مع ذلك بضعف رأيه فيقول ان على البنك بمجرد تلقيه اعلان الحجز – حتى لو لم يكن الحجز تحت يده صحيحا – أن يمنع المستأجر من الدخول إلى الخزينة حتى يفصل القضاء في صحته، وإلى ان يتمكن الحاجز من الحصول على سند تنفيذي أو – اذا كان بيده هذا السند – ان يحجز حجزا تنفيذيا على الخزانة، وبهذا الحل يعجز المستأجر عن تهريب محتوياتها [58].
" واذا كان الحجز تنفيذيا وجب على مأمور التنفيذ بعد انذار المستأجر، ان يقوم بفتح الخزانة جبرا بعد ان يودع الحاجز مصاريف فتحها واعادتها إلى حالتها. وتباع محتويات الخزانة وفقا للاجراءات المبينة في قانون المرافعات. واذا كان المستأجر غائبا وكان بالخزانة وثائق أو مستندات وجب على البنك حفظها لديه في حرز يختم بخاتم مأمور التنفيذ والبنك.
وعلى الحاجز أن يؤدي للبنك مبلغا كافيا لضمان أجرة الخزانة خلال مدة الحجز. (قانون التجارة الكويتي الصادر سنة 1980، في المادة 353).
ثانيا : وضع الخزانة تحت الحراسة :
لا يجوز للدائن أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية وضع الخزانة التي يستأجرها مدينه تحت الحراسة إلى ان يفصل في النزاع بينهما أو إلى ان يتمكن من الحجز عليها حجزا تنفيذيا، لأن شرط تعيين الحارس على مال أن يكون المال محل نزاع أي تكون ملكية محتويات الخزانة – على فرض العلم بها – محل نزاع وان يكون طالب الحراسة مدعيا عليها، وحقه ظاهر الصحة [59]، تؤيده المستندات والواقع، ولا يكفيه مجرد الادعاء بذلك حتى يصل إلى وضعها تحت الحراسة تمهيدا لحجزها تنفيذيا [60].
ويتفق هذا الحل مع ما تقضي به المادة 729 مدني تقصر الحراسة على حالة الأموال التي يقوم بشأنها نزاع [61] والتي تحتاج إلى ادارة يتولاها الحارس.

المراجع :
1- قانون العمليات المصرفية الدولية. د. عكاشة محمد عبد العال. الدار الجامعية بيروت 1993.
2 - المبادىء العامة في العقود التجارية وعمليات البنوك. د.علي جمال الدين عوض – مصر 1989.
3- عمليات البنوك من الوجهة القانونية – د. علي جمال الدين عوض – مصر 1989.
4 - عمليات البنوك الدكتور حسني المصري. القانون التجاري 1987.
5- عمليات البنوك الدكتور محمد حسني عباس. دار النهضة العربية 1972.
6- القانون التجاري اللبناني – د.مصطفى كمال طه الدار الجامعية بيروت 1983.
7- عمليات المصارف – د. إلياس ناصيف عويدات للطباعة والنشر 1999.
8- أصول القانون التجاري – د. مصطفى كمال طه الدار الجامعية بيروت 1982.
9- القانون التجاري اللبناني جزء 1 ود. هاني محمد دويدار – دار النهضة بيروت 1995.
10- الأعمال التجارية والتجار د. إدوار عيد مطبعة باخوس وشرتوني بيروت 1971.
11- النقود والبنوك والعلاقات الاقتصادية الدولية د. صبحي قريصة ود. مدحت محمد العقاد دار النهضة العربية بيروت 1983.
12- الاقتصاد النقدي والمصرفي د. مصطفى رشدي شيحه الدار الجامعية بيروت 1981.
مراجع خاصة بإيجار الخزائن :
1- Deschanel, le contrat de coffer-fort rev. banque p 334.
خاص بطبيعة العقد والحجز على الخزانة.
2- Note sous Rabat 29 avril 1955 Banque 1955 p 794
خاص بالحجز على الخزانة.
3- Wahl, sous Montpellier 10 mars 1910 Paris 12 Fevrier et 1 Aout 1903 Sorey 1905-1-57.
خاص بطبيعة العقد والحجز على الخزانة ووضعها تحت الحراسة.
4- Gabrillac et Becque, sous Rabat 29 avril 1955 rev. Trim comm. 956 p 94.
خاص بالحجز على محتويات الخزانة تحت يد البنك :
5. Esmein P.note sous Scene civil 14 Fev. 1921, s 1923-2-37.
خاص بالحجز على الخزانة :
[1] الحاكم المنفرد في بيروت 9/10/1955 – النشرة القضائية سنة 1955 صفحة 10.
[2] فابيا وصفا في شرح المادة 310 من قانون التجارة اللبناني.
[3] تمييز لبناني تاريخ 22/4/1959.
[4] 2477 Ripert et Roblot – 2 No.
[5] الحاكم المنفرد في بيروت، تاريخ 9/10/1955 – النشرة القضائية 1955 ص10.
[6] 2477Ripert et Roblot – 2 - No .
[7] أنظر Valery في كتابه"المطول في تأجير الخزائن الحديدية، الطبعة الثانية سنة 1926.
J.P.Deschanel, Le contrat de coffer-fort, Rev. Banque 1973 P. 344-360.
[8] أنظر لالمان، في مجموعة اعمال لجنة تعديل القانون التجاري الفرنسي، ج4، ص148، حيث يرى ان العقد لا يقوم على الاعتبار الشخصي بالمعنى المفهوم عموما، صحيح ان البنك يرفض التأجير لشخص مخرب سبق له ان اضر بالخزانة التي استأجرها ولكنه لا يشترط مثلا ان يكون المستأجر قد أودع سلفا أوراقا مالية، وبصفة عامة لا يعقد بمراعاة الاعتبار الشخصي.
أنظر كذلك اندريه روبير في مقاله: "coffer-fort" Le contrat dit de 1959-1-1057 رقم 11.
[9] فاليري رقم 25.
[10] أنظر في دائرة عقود الإذعان السنهوري في الوسيط، ج1، رقم 116، عبد المنعم فرج الصدة في مصادر الالتزام سنة 1940 رقم 192.
[11] فاليري رقم 26.
[12] يرى اسكارا ورو (6-1035) في استئجار الخزانة عملا تحفظيا يقع صحيحا من ناقص الأهلية، ويراه فاليري (رقم22) عمل إدارة يصح من القاصر المأذون له بالادراة.
[13] فاليري رقم 21.
[14] ولذلك يحسن بالبنك ان ينص في العقد على ان كل زيادة في الأجرة يقررها في لوائحه أو منشوراته تسري على العقد ابتداء من السنة التالية التي رفعت فيها الأجرة.
[15] Dalloz No 23 "Ceux qui considerent le contrat de coffer-fort comme un louage d'immeuble permettent au banquier de se prevaloir du privilege du bailleur sur les objets deposes dans le coffer et de faire saisie-gagerie sur le contenu du coffer. Cette solution peut paraitre aussi contestable que le principe qui l'inspire.
[16] فاليري رقم 89 و 90 ويذهب رأي الى ان البنك إذا استطاع الحصول على مفتاح الخزينة من العميل دون عنف فإن له أن يفعل، كما لو تركه العميل لحظة بجانبه وهو يودع أو يستخرج من الخزانة، ويكون له أن يرفض رده إليه حتى يدفع الأجرة لأن ذلك نوع من الدفع بعدم التنفيذ.
[17] فاليري رقم 32.
[18] هذه هي الصيغة التي يستعملها البنك الأهلي المصري، ويستعمل بعض البنوك صيغة أكثر أمانا للبنك إذ تقضي المادة 12 من العقد إنه يحق للبنك إذا فسخ العقد على هذا النحو أن يلجأ الى قاضي الأمور المستعجلة ليأمر بفتح الخزينة بحضور محضر.
[19] قارن اندريه روبير في مقالة في J.P.C 1959-1- 1407 (رقم 11) و 1057 حيث يرى هذا الشرط باطلا بإعتباره صورة لشرط الطريق الممهد ولكنه يقره لأنه الطريق الوحيد لضمان حقوق البنك.
[20] "وحيث إنه متى ثبت ان المدعى عليه متأخر في سداد أجرة الخزانة عن ثلاث سنوات ولما كان عقد الايجار قد حوى نصا بمقتضاه يصبح العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة الى تنبيه أو انذار في حالة تأخر المستأجر في سداد الأجرة يكون من المتعين اجابة طلب المدعي الى طلب اعتبار العقد مفسوخا مع إلزام المدعى عليه بإخلاء الخزانة وتسليمها للمدعي.
"وحيث أن البند الخامس من الشروط الملحقة بالعقد قد نص فيه على إنه في حالة عدم ارجاع المفتاح الى البنك يكون له الحق في فتح الخزانة وإيداع محتوياتها بملف يختم بالشمع الأحمر يحتفظ البنك به، وقد طلب المدعي اعمال هذه الشروط فيتعين اجابة الى هذا الطلب.
وقد حكمت المحكمة غيابيا – فيما حكمت به – بالتصريح للمدعي بفتح الخزانة بحضور أحد المحضرين وبإيداع محتوياتها بملف طرف المدعي تحت تصرف ذوي الشأن.
محكمة عايدين الجزائية الوطنية 7 ديسمبر 1954 غير منشور.
[21] فاليري 34.
[22] ويحسن البنك صنعا إذا نص في العقد بينه وبين المستأجر ان كافة الأوراق والاعلانات والمطالبات والانذارات تعتبر أنها أرسلت الى المستأجر على الوجه الصحيح ما دامت وجهت إليه في آخر عنوان أخطر به للبنك.
أما القانون الليبي (م230) فينص على إنه : إذا انقضى اجل العقد جاز للمصرف ان يطلب الى القاضي الجزائي الاذن في فتح الخزانة، وذلك بعد انذار صاحبها وبعد انقضاء ستة اشهر من تاريخ ذلك الانذار. ويجري الفتح بمعرفة محرر عقود يعين لمثل هذا الغرض مع اتخاذ الاحتياطات التي يراها القاضي الجزائي ملائمة. ويجوز للقاضي الجزائي ان يأمر بالمحافظة على الأشياء الموجودة في الخزانة كما يجوز له أن يأمر ببيع جزء منها بقدر ما يكفي لاستيفاء ما للمصرف من حقوق في الأجرة والمصاريف.
[23] إذا انتهت الوكالة بوفاة الموكل اعتبر الوكيل حائزا الخزانة لحساب ورثة الموكل ويلزم بردها إليهم.
[24] فاليري رقم 84. ولكنه يضيف ان الحيطة تقضي على البنك إذا كشف الحقيقة ان يمنع البنك العميل من الدخول حتى تقضي المحكمة بذلك خشية أن يكون المستأجر قد استهدف غرضا غير مشروع. هذا الحل خطأ يلتزم البنك عنه بالتعويض ما دام العقد صحيحا والبنك ملزما أمام العميل ايا كان اسمه، فما أساس رفضه السماح له بالدخول؟
[25] ويمكن للمستأجر من البنك التحايل على هذا لحظر بأن يمكن للمستأجر من الباطن من الإنتفاع بالخزينة دون ان يلحظ البنك وذلك بتعيينه وكيلا عنه في استعمالها. ولكن في هذا الحل خطورة على المستأجر من البنك فإذا سرق المستأجر من الباطن شيئا من محتويات الخزانة صعب عليه الإثبات ضد البنك، إذ من السهل على البنك نسبة السرقة الى هذا الوكيل الظاهر، كذلك فيه خطورة على المستأجر من الباطن لأن المستأجر الأصلي يعتبر هو الحائز للخزانة ومحتوياتها مملوكة له امام الكافة فيصعب على المستأجر من الباطن أن يسترد محتوياتها منه، كما يكون لدائني المستأجر الأصلي الحجز عليها بإعتبارها ملكا لمدينهم، كما ينتهي الايجار من الباطن في هذه الصورة بكل ما ينهي الوكالة.
[26] ففي لبنان أوجب المرسوم الاشتراعي رقم 146 تاريخ 12/6/1959 المتعلق برسم الانتقال في المادة 28 منه، المعدلة بالقانون الصادر بتاريخ 14/12/ 1959، وبالمرسوم الاشتراعي رقم 64 تاريخ 5/8/1967 وبقانون 8/1/1968 على الذين يؤجرون عادة خزائن أو صناديق حديدية، وكان لديهم خزائن مؤجرة كلها أو بعضها الى شخص توفي، ان يحيطوا الدوائر المالية المختصة علما بالأمر، خلال أسبوع من تاريخ علمهم بالوفاة. واعتبارا من تاريخ الوفاة، يحظر فتح الخزائن أو الصناديق بدون حضور مندوب عن الدوائر المذكورة. ولكن لا تطبق هذه المادة على المصارف الخاضعة للقانون الصادر بتاريخ 3/9/1956 المتعلق بسرية المصارف.
[27] أنظر فاليري رقم 77. ينص القانون الليبي (م229) على إنه كانت الخزانة بإسم عدة أشخاص سمح لكل منهم بفتحها على انفراد، ما لم يتفق على خلاف ذلك.
وفي حالة وفاة العميل المدرجة بإسمه الخزانة، أو احد العملاء، إذا تعددوا، فلا يجوز ان يسمح المصرف إذا علم بالوفاة بفتح الخزانة إلا بموافقة ذوي الشأن كلهم أو بالطرق التي تعينها السلطة القضائية.
[28] في لبنان نصت الفقرة الأخيرة من المادة 309 على ان المصرف يكون مسؤولا عن سلامة الصناديق المأجورة، ومسؤوليته هذه لا تتجأوز الضرر الذي يصيب المودع بسبب هذا الاخلال، وقد اعتبر القضاء ان المصرف مسؤول، إذا أخل بإلتزام المحافظة على الخزانة وصيانتها.
[29] ويقضي بعض العقود المطبوعة أن "يحرم على المستأجرين أن يضعوا في الخزائن المؤجرة أشياء أو مواد من شانها ان تسبب أي خلل أو خطر أو تلف ويحفظ البنك لنفسه الحق في فحص موجودات الخزينة كلما تراءى له ذلك".
[30] واذا كان يمكن إبرام العقد بواسطة وكيل عن المستأجر فإن هذا المفوض في استئجار الخزانة لا تكون له سلطة في فسخ العقد ما لم يكن مفوضا في الفسخ.
[31] وفي لبنان في حالة إفلاس المستأجر، ونظرا لرفع اليد، عملا بأحكام المادتين 501 و 502 من قانون التجارة، يجب على المصرف أن يمنع المفلس من الوصول الى الصندوق، ثم يقوم بفتحه وتنظيم جردة بمحتوياته، عملا بالمواد 524 وما يليها من قانون التجارة.
[32] من اهم الفوائد التي تنتج عن تحديد الطبيعة القانونية للعقد، هي معرفة طبيعة الحجز الذي يلقيه دائن المودع على محتويات الصندوق الحديدي؛ لأنه إذا كان عقد إيجار الخزائن الحديدية عقد وديعة، فإن الحجز على محتوياتها يعتبر حجزا لدى ثالث، لأنه يتم تحت يد المصرف. أما إذا كان عقد إيجار ، فإن الحجز على الأشياء الموجودة بداخل الخزائن، يعتبر حجزا احتياطيا أو تنفيذيا، لأن هذه الأشياء تكون عندئذ في حيازة المودع. وبما ان القانون اللبناني قد اعتبر ان العقد هو عقد إيجار ، فإن الحجز على الأشياء الموجودة، بداخل الخزانة الحديدية، لا يكون إلا حجزا احتياطيا أو تنفيذيا. ولكن في احدى هاتين الحالتين، قد يلجأ المودع الى تهريب الأشياء الموجودة في الصندوق عند انذاره بالحجز. وعملا بأحكام المادة 665 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني، وتفاديا لتهريب الأشياء الموجودة، يستطيع الدائن أن يطلب من رئيس دائرة الاجراء، الترخيص له، بإبلاغ الانذار الاجرائي ووضع محضر الحجز في وقت واحد. ولكن الاجراءات المنصوص عنها في المادة 665 لم تعد في الواقع تجدي نفعا، لأنها أصبحت غير قابلة للتطبيق بعد صدور قانون سرية المصارف، الذي نصت المادة الرابعة منه، على إنه لا يجوز إلقاء أي حجز على الأموال والموجودات المودعة لدى المصارف، إلا بإذن خطي من أصحابها، وهذا النص منع، عمليا، القاء أي حجز على الأموال المودعة في الصناديق الحديدية.
[33] محكمة ميلانو 22 يوليو 1905 منشور في دالوز الدورة 1906-2-65، 65 تعليق مخالف لفاليري.
[34] بعض القضاء يسميه نوعا من الايجار: نقض 26 يناير 1875 دالوز الدورة 1875-1-219، نيم المدنية 21 ديسمبر 1899 دالوز 190-2441 تعليق Robert تعليق مونبلييه المدنية المستعجلة 27 سبتمبر 1910 دلوز دورة 1911-2-321 تعليق Valery.
[35] أنظر تعليق فال السابق في سيري 1905-2-57، توركيبو ص138، فاليري في كتابه رقم 13 وما بعده وبخاصة رقم 20.
[36] دالوز 1946 ص365 تعليق Tunc.
[37] تنك في التعليق السابق.
[38] دالوز 1953 قضاء ص53، مجلة بنك 1953 ص110 تعليق ماران مؤيد للحكم.
[39] أنظر حكم إستئناف تونس 26 اكتوبر 1949 في مجلة بنك 1952 ص582 وتعليق ماران الذي يرى في العقد ايجارا. والحكم منشورا كذلك في سيري 1952-2-169 مع تعليق جامبو مرلان ويؤيد فكرة الايجار.
[40] نقض 27 ابريل 1953 الأسبوع القانوني 1953-2-7676، ومنشور في المجلة الفصلية للقانون التجاري 1953 ص217 مع تعليق مؤيد للأستاذين كايرباك وبيكي.
[41] نقض مدني 21 مايو 1957 الأسبوع القانوني 1957-4-97 ومنشور كذلك بالمجلة الفصلية للقانون المدني 1957 ص297 تعليق كاربونيه وقالت المحكمة في تعريف هذا العقد:
Le contra test un louge comportant une obligation particuliere de surveillance et le devoir de prendre toutes les measures necessaries pour, sauf impossibilite majeure la sauvegarde dudit compartment et des objets qu'il contient.
وكانت الواقعة خاصة بخزانة تسربت اليها مياه ناشئة عن انفجار ماسورة راجع الى اصلاحات تقوم بها شركة المياه في الطريق العام. تمسك البنك بالقوة القاهرة ولكن المحكمة ردت قائلة ان انفجار الماسورة في هذه الظروف عمل متوقع Prevu ولا يبرىء – لذلك – البنك.
[42] كابرياك وبيكي بالمجلة الفصلية للقانون التجاري 1953 ص641، اندريه روبير مقال في الأسبوع القانوني 1959-1-1507.
[43] تنك في تعليقه السابق، وفي مصر الدكتور محسن شفيق في الوسيط ج2، رقم 21.
أنظر في ان هذا العقد، رغم إنه شبيه بعقد الوديعة، إلا ان عقد من العقود المصرفية ويخضع للقواعد العامة، كما إنه يخضع على وجه التخصيص لقواعد العرف والعادات التجارية وراجح ان هذا العقد من قبيل نوع جديد من العقود يطلق عليه "عقود الحراسة" حسني عباس رقم 135، جافلدا وستوفليه (رقم 589) حيث يريانه عقد خدمة مصرفية – فهو من نوع خاص.
أنظر مقال روبير Robert J.C.P 1959-1-1507 رقم 16، ومقال Plaisant في مجلة بنك 1953 ص143 بعنوان: مراجعة المجموعة التجارية، المشروع الخاص بالعقود المصرفية".
[44] وقد تأكد معنى الايجار – ضمنا – من حكم لمحكمة النقض الفرنسية في 22 ديسمبر سنة 1971، في قضية خلاصتها ان زوجة استأجرت خزانة لدى بنك ووضع الزوج في الخزانة اموالا بقصد هبتها الى زوجته ولكن كان ذلك بدون علمها حتى توفي الزوج، فقالت محكمة النقض ان إيجار خزانة يمكن المستأجر من التسلط المادي على محتويات الخزانة ولكنها أنكرت حق الزوجة على الأموال التي وضعها الزوج بالخزانة لكون هذا الإيداع تم بدون علمها وقالت كذلك ان الزوجة كانت تستطيع تملكها لولا أن أحد عنصري الحيازة وهو العنصر المعنوي – قد تخلف. ويفهم من هذا الحكم ان حيازة الخزانة وما فيها هي للمستأجر وليس للبنك.
[45] إستئناف باريس 6 فبراير 1931 سيري 1193 ص287، وقالت إنه يلزم للمساءلة ان يثبت العميل ما أصابه من ضرر ورابطة السببية بين الضرر الخطأ، وفي الواقعة حصل من الوكيل زيارتان احداهما سابقة على سحب التوكيل والأخرى لاحقة عليه ولم يستطع العميل ان يبين ان المحتويات اختفت بسبب الزيارة الثانية وليس بسبب الزيارة الأولى.
[46] وبهذا المعنى يجب تفسير الشرط الوارد بالعقود المطبوعة والذي يقضي أن يضمن البنك سلامة الخزينة ولكنه لا يأخذ على نفسه أي تعهد فيما يختص بمحتويات الخزانة.
أنظر فاليري رقم 68 و 69، أندريه روبير المقال السابق، رقم 16.
[47] (نقض عراض 24 يونيه 1929 سيري 1930-1-6 مع تعليق مؤيد يرى ان الأثر الوحيد لشرط الاعفاء في هذه الحالة إنه يلقي عبء الحراسة على المودع، فمنع المودع من مباشرة الحراسة معناه التنازل عن التمسك بالشرط).
[48] فاليري وروبير السابقين.
[49] يستطيع البنك ان يحمي نفسه من مطالبات العميل مستأجر الخزانة بأن يشترط عليه – في عقد إيجار الخزانة – شروطا منها: أن لايكون له أن يطلب ما يجأوز القدر المتوقع وقت إبرام العقد.
[50] تمييز لبناني تاريخ 22/4/1959 – فابيا وصفا في شرح المادة 309.
[51] نقض عرائض 12 نوفمبر 1907-1-109.
[52] اسمان في مقاله السابق بالمجلة الفصلية للقانون المدني السابق، وتعليقه في سيري 1923-2-36.
[53] محمد حامد فهمي في التنفيذ سنة 1950 رقم 220، 224، رمزي في تنفيذ الأحكام والسندات سنة 1955 رقم 245، 9245 ص216، انور حبيب في محاضرة بمعهد الدراسات المصرفية سنة 1961 بعنوان حجز ما للمدين لدى الغير.
[54] إستئناف مختلط 17 مارس 1937 بلتان 49 ص149 وقد علق عليه الاستاذ جان شفاليه بمجلة مصر المعاصرة سنة 1938 ص151 الى 158 بعنوان.
La saisie des objets et valeurs places dans un coffer-fort loue en banque.
[55] أنظر مقترحات الاستاذ Goyier في مجموعة أعمال لجنة تعديل القانون التجاري الفرنسي ج4 ص162 وما بعدها.
[56] ليون 8 ديسمبر 1921 جازيت 26 ابريل 1923 في الموجز.
[57] مونبيلييه 10 مارس 1901، باريس 12 فبراير وأول اغسطس 1903 منشور في سيري 1905-2-57 وتعليق مؤيد لفال، مونبيلييه 27 نوفمبر 1910 دلوز 1911-2-331، السين المدنية 14 فبراير 1923-2-36 وتعليق مخالف لاسمان، إستئناف الرباط 29 ابريل 1955 مجلة بنك 1955 ص794 تعليق مؤيد لماران، وبالمجلة الفصلية للقانون التجاري 1956-94 مع تعليق مخالف للأستاذين كابرياك وبيكي.
[58] ويقول بهذا الحل كذلك فاليري في كتابه رقم 99 رغم إنه ينادي بعدم صحة الحجز تحت يد البنك.
[59] إستئناف مونبيلييه 19 مارس 1901 مارس 1901 دلوز 1902-2-250، فاليري رقم 107.
[60] وقد حكمت محكمة باريس بتعيين حارس على الخزانة في ظروف خاصة إذ كانت قد توقعت عليها حجوز – باطلة – تحت يد البنك، وقدرت المحكمة نشوب النزاع حول ملكية محتويات الخزانة (باريس 12 فبراير وأول اغسطس 1903 سيري 1905-2-57) وانتقد الاستاذ فال هذا الحكم بقوله ان ملكية المحتويات – وهي مجهولة – لم تكن محل نزاع في القضية ولم ينازع الدائنون في ملكية المدين لها بل ان طالب الحراسة كان دائنا، حتى يتمكن من الحجز التنفيذي وخوفا من أن يهرب المدين الأشياء التي بالخزانة، ويقول ان هذه المصلحة لم تكن مبررا قانونيا لتعيين الحارس.
[61] أنظر في ذلك الدكتور محمد علي عرفة: شرح القانون المدني الجديد في العقود، طبعة 1949 ص505 وما بعدها.
أ.د. حسين سلوم

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
تأجير ، الخزائن ، الحديدية ، البنك ، الجزائر ،









الساعة الآن 11:17 PM