السندات التنفيذية في الجزائر.
شرح مبسط لـ السندات التنفيذية في الجزائر إذا إمتنع المدين عن الوفاء. بالتزامه لجأ الدائن إلى تحريك عنصر المسؤولية في الإلتزام.
القاعدة أن يؤدي المدين ما عليه طواعية وبمحض اختياره دون أن يحتاج الدائن إلى الاستعانة بأي قوة مادية. لإجباره على ذلك، وهذا ما يسمى بالتنفيذ الاختياري للالتزام وهي الصورة المثلى من صور التنفيذ ليس له إجراءات رسمية خاصة. ولا يتناولها قانون الإجراءات المدنية وإنما تدخل دراسته في إطار القانون المدني.
إن اهتمامنا بالتنفيذ باعتباره جزءا من قانون الإجراءات المدنية يبدأ عندما يمتنع المدين. عن الوفاء رغم قدرته عليه فهنا يحتاج الدائن إلى الوفاء الذي يفرضه القانون على المدين فرضا.
لكن من هو الحائز لقوة القانون هذه ؟ هل يملك الدائن ذلك؟ لقد مكن القانون الدائن من حق اللجوء. إلى السلطة العامة المكلفة بتطبيق القانون لكي يتمكن من الحصول على حقه إذا امتنع المدين عن الوفاء بمديونيته طواعية، فيستعمل حقه في الدعوى اعتمادا على عنصر المسؤولية في الالتزام لكي يحصل على حكم يؤكد به حقه ويطلب احترامه ولكن هل يكفي. مجرد الحصول على هذا الحكم حتى يستمتع الدائن يحقه ؟ هناك من الحقوق ما يكفيها مجرد صدور الحكم ليؤكده كالمنازعة في صحة. العقد تحل المشكلة بصدور الحكم للاستمتاع بالحق.
مقدمة
هناك بعض الحقوق إذا تم الاعتداء عليها فلا يكفيها هذا التقرير القضائي. كمثل الدائن الذي يريد استرداد مبلغ القرض الذي حل أجله ولم يوفي به المدين هل يتغير الواقع. بمجرد صدور الحكم الذي يلزم المدين على الوفاء ويتأكد حق الدائن .
يعتبر السند التنفيذي هو المصدر الوحيد في الحق في التنفيذ وهو ما تعبر عنه صراحة المادة 600 قانون الإجراءات المدنية، لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي، فوجود السندات التنفيذية قد حسم نهائيا وجود الحق الموضوعي.
لكن ما هي الأعمال والتصرفات القانونية التي ارتقى القانون بها وحدها إلى مصاف. السندات التنفيذية فالمادة 600 قانون الإجراءات المدنية قد فصلت ذلك ، وتعتبر الأحكام القضائية هي أكثر السندات شيوعا في الحياة العملية لذلك سنتناول. دراسة الحكم القضائي كسند تنفيذي بإسهاب ويليها دراسة باقي السندات الأخرى.
الأحكام القضائية السندات التنفيذية في الجزائر Les jugements-Les arrête
لا يسع القانون الحماية التنفيذية على كل الأحكام القضائية. لأن الحاجة في التنفيذ الجبري لا تكون إلا بالنسبة للأحكام التي تتضمن الإلزام أي أن يقوم المحكوم عليه بأداء معين لمنفعة الخصم الآخر. بينما الأحكام الأخرى التي لا تتضمن الإلزام لا تحتاج للإستفادة منها إستعمال القوة الجبرية، كما أنه لتنفيذ.
الحكم يجب انتظار اللحظة التي يحصل فيها الحكم على قوة الأمر المقضي .
أولا : حكم الإلزام الصادر في الموضوع.
سوف نتناول هذا المبحث في مطلبين الأول حكم الإلزام والمطلب الثاني أن نكون بصدد حكم صادر في الموضوع.
أ- التنفيذ الجبري.
تنقسم الأحكام القضائية من حيث الآثار التي تنتجها إلى ثلاثة أنواع تقريرية وإنشائية وإلزام.
1-الحكم التقريري :
هو الذي يقتصر على تقرير وجود أو عدم وجود حق دون أن يتضمن أي إلزام. كالحكم الصادر بصحة عقد أو بطلانه الحكم بصحة التوقيع أو تزويره الحكم بثبوت النسب أو نفيه يقرر إيجابا أو سلبا.
2 -الحكم الإنشائي :
هو الذي يكتفي بإنشاء أو تعديل أو إنهاء الرابطة القانونية دون أن يتضمن أي إلزام من أمثلته الحكم. بفسخ العقد الحكم بالتطليق الحكم بشهر الإفلاس الحكم بتعديل الإلتزام بسبب الظروف الطارئة.
- حكم الإلزام jugements de condamnation
هو الذي يتضمن إلزام المحكوم عليه بأداء معين كالقيام بعمل معين أو الإمتناع عن عمل. كالحكم بدفع مبلغ من النقود. الحكم بتسليم عقار أو بإخلائه الحكم بتسليم منقول رأينا أن الحماية في التنفيذ لا تكون إلا عند عدم. كفاية الحماية القضائية أي هناك حاجة لقهر المحكوم عليه على الوفاء، أما عند عدم الحاجة. إلى هذا القهر لجني ثمرة الحكم لا تثور الحاجة إلى التنفيذ الجبري.
على ضوء ما سبق يمكن القول أن كل من الحكم التقريري والإنشاء. لا يحتاجان إلى التنفيذ الجبري بينما حكم الإلزام هو بحاجة إلى ذلك.
ب-التنفيذ الجبري قاصر على الأحكام الموضوعية.
تنقسم الأحكام من حيث الموضوع الذي تفصل فيه إلى أحكام موضوعية وأحكام إجرائية .
1-الحكم الموضوعي :
هو الذي يفصل في الطلبات والدفوع الموضوعية.
2-الحكم الإجرائي :
هو الذي يفصل في المسائل الإجرائية ومما لا شك أن الحكم الموضوعي. هو الذي يفصل في الحق الموضوعي والذي تعد حمايته هي الهدف من التنفيذ الجبري، فلا خلاف في كون الحكم الموضوعي يصلح لكي يكون. محلا للتنفيذ الجبري عندما يتضمن الإلزام ويكون نهائي، أما الحكم الإجرائي فهو لا يصلح لذلك لأنه لا يتعلق بالحق الموضوعي. من أمثلته الحكم الصادر في مسألة الإختصاص أو ندب خبير أو سير الخصومة.
ثانيا : الحكم النهائي.
بالإضافة إلى التقسيمين السابقين تنقسم الأحكام من حيث قابليتها للطعن. فيها بالإستئناف من عدمه إلى إبتدائية وإنتهائية الأولى هي التي يجوز فيها الطعن بالإستئناف طبقا. للقاعدة العامة أما الثانية فهي التي لا يجوز فيها ذلك وإن كان يجوز. الطعن فيها بالطرق غير عادية - النقض والتماس إعادة النظر .
لهذا التقسيم أهمية قصوى في قابلية الحكم للتنفيذ الجبري إذ القاعدة العامة المنصوص. عليها في قانون الإجراءات المدنية في المادة: 609 ) الأحكام والقرارات القضائية لا تكون قابلة للتنفيذ. إلا بعد إنقضاء آجال المعارضة والاستئناف وفي حالات الطعن بالنقض الموقف التنفيذ تطلب شهادة عدم الطعن بالنقض.
يتضح من هذا النص إذن أن الأحكام الإنتهائية هي وحدها - دون الابتدائية التي تصلح كسندات للتنفيذ والعلة من اشتراط نهائية الحكم. حتى يكون قابلا للتنفيذ الجبري تكمن في أن هذا الحكم قد بلغ درجة مقبولة. من الإستقرار والتثبت من الإلزام الصادر به، إذ احتمال تعديله من طرف المحكمة العليا محدود نسبيا كما ينطبق هذا الوصف أيضا على القرارات الصادرة من المجالس القضائية. بل يتوافر أيضا هذا الوصف في الأحكام الصادرة من المحاكم .
أ - الأحكام الصادرة من المحاكم Les jugements
تعتبر الأحكام الصادرة من المحاكم أو الأقطاب المتخصصة المنعقد في بعض المحاكم أحكام نهائية في الحالات التالية :
1 - الأحكام الصادرة في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة.
2- الأحكام الصادرة في حدود النصاب الإبتدائي للمحكمة لكن صارت نهائية بسقوط الحق في الإستئناف.
3- الأحكام التي ينص القانون على إعتبارها نهائية .
ب-الأحكام الصادرة من المجالس القضائية. Les arrête
إنطاقا من القاعدة أن الإستئناف على الإسئناف لا يجوز. أما قابليتها للطعن بالنقض والالتماس إعادة النظر فلا يحرمها من وصف النهائية .
وعند صدور القرار من المجلس فهو ليس أول حكم صدر في القضية. بل قد سبقه حكم المحكمة لذلك السؤال الذي يستدعي الإجابة عليه يتعلق بالسند. الذي سيتم التنفيذ به هل هو الحكم أو القرار هنا يجب التفرقة بين ما يلي :
1-إذا كان حكم الإستئناف صادرا بإلغاء حكم أول درجة.
قد يتبادر في أول وهلة أن مسألة البحث عن الحكم الذي يعد سندا تنفيذيا ليس لها مبرر. لأن حكم الإستئناف صدر بإلغاء - حكم تقريري - وليس صادر بإلزام فهو لا يحتاج إلى التنفيذ الجبري أصلا لأن حكم المحكمة لم يعد له وجود بعد إلغائه. في المجلس لكن في الواقع قد تثير هذه المسألة إشكالات من ناحية لو كان حكم المحكمة منتجا لآثاره التنفيذية - مشمول بالنفاذ المعجل - هنا يجب البحث عن السند التنفيذي. لإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدوره، الفقه والقضاء يذهب إلى أن المحكوم له لا حاجة له في أن يحصل. على حكم جديد من المجلس لإعادة الحال، وإنما يعتبر حكم الإستئناف هو نفسه السند التنفيذي لإلغاء التنفيذ. الذي ترتب على الحكم الملغي إذ يعتبر حكم الإستئناف في هذه الحالة. حكم إلزام (ضمني) للمحكوم عليه برد ما قبضه وفقا للحكم الملغي .
2- إذا كان حكم الإستئناف صادر بتعديل المحكمة.
مثال ذلك أن يصدر حكم المحكمة بإلزام المحكوم عليه بتسليم عين معينة ومع دفع مبلغ. معين من النقود كتعويض ثم يصدر حكم الإستئناف مؤيدا حكم المحكمة في شقه الأول فقط هنا يجب التفرقة بين أمرين:
- بالنسبة لشق الحكم الذي ألغي في المجلس دفع النقود لا يثير إشكالا إلا إذا نفذ هنا. نطبق القاعدة السابقة التي تحكم أحكام الإلغاء والتي سبق تفصلها في الفقرة السابقة
- أما بالنسبة لشق الحكم الذي تأيد في المجلس الإلزام بتسليم عين فإن السند التنفيذي. في هذه الحالة هو حكم المحكمة بعد إثبات ما يفيد تأييده في الشق الذي تم تأييده فعلا في المجلس.
3- إذا كان حكم الإستئناف صادرا بتأييد حكم أول درجة.
أولا لا توجد مشكلة من الناحية العملية إذا كان حكم المحكمة قد تم تنفيذه. ثم تأيد هذا الحكم في الإستئناف هنا لا حاجة للبحث عن السند التنفيذي لأنه تم بحكم المحكمة. وليس بحكم المجلس الصادر بتأييد أي أثر على التنفيذ سوى التأكيد على إستقراره .
أما خلاف ذلك فمشكلة تحديد السند التنفيذي يمكن أن تثور وذلك في فرضين :
الأول: عندما يكون حكم المحكمة مشمولا بالنفاذ لكنه لم ينفذ إلى صدور حكم المجلس بتأييده .
الثاني :
عندما يكون حكم أول درجة صادرا بإلزام لكنه ليس قابلا للتنفيذ بإعتباره. حكما إبتدائيا وكان يجب انتظار تأييده في المجلس .
هل في هذين الفرضين يمكن إعتبار حكم المجلس هو السند التنفيذي ؟ يتبين أنه من الصعوبة بمكان قول خلاف ذلك. عندما يكون لحكم المجلس منطوقه وتأكيداته الخاصة به والتي تسمح بتنفيذه إستقلالا عن حكم المحكمة. لأن حكم المجلس وإن كان قد إنتهى إلى ما إنتهى إليه حكم المحكمة إلا أنه قد فصل في الخصومة من جديد حيث نوقشت القضية بأكملها. وبالتالي فإن المركز النهائي للأداء الواجب من المحكوم عليه لم يتحدد إلا في حكم المجلس .
أما عندما يكتفي حكم المجلس بالإحالة في منطوقه إلى حكم المحكمة. ويكتفي بذكر عبارة (تأييد الحكم المستأنف لأسبابه) وهو ما يحدث كثيرا في العمل فإنه من الصعوبة بما كان إعتباره سندا تنفيذيا. لأنه لا يبين منه الأداء القابل للتنفيذ، لكن ليس البديل في ذلك أن حكم المحكمة هو السند التنفيذي وحده، لأن المركز القانوني للأداء الواجب من المحكوم عليه غير ثابت فيه. وإنما ثابت في حكم الإستئناف لذلك لا مناص من إعتبار السند التنفيذي في هذه الحالة مكون من الحكمين معا.
ج-الأحكام الصادرة من المحكمة العليا.
رغم أن أحكام المجلس تعتبر نهائية وتصلح كسندات تنفيذية. إلا أنها قد تكون قابلة للطعن فيها بالنقض وبالتالي فهي معرضة للإلغاء هي وكافة الآثار التي ترتبت عليها ومن بينها التنفيذ. ويثور السؤال في هذه الحالة عن السند التنفيذي هل سيكون الحكم الصادر من المحكمة العليا أو الحكم المطعون فيه. هنا سيختلف الحل بحسب النتيجة التي توصل إليها حكم النقض كما رأينا في الفقرة السابقة.
فعندما ترفض المحكمة العليا الطعن المرفوع فهذا يعني تأييد الحكم المطعون فيه. فيكون هذا الأخير هو السند التنفيذي كما كان أيضا قبل الطعن أما عندما تقبل المحكمة العليا الطعن وتلغي الحكم المطعون فيه. هنا مشكلة السند التنفيذي لا تثور إلا بالنسبة لإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور الحكم الذي تم إلغائه .
هنا لاشك أن المعتبر في هذه الصورة هو حكم المحكمة العليا كما يعتبر حكم المحكمة العليا. سندا تنفيذيا في الأحوال التي تفصل في الموضوع .
د- الأحكام الصادرة بناءا على الطعن بالتماس إعادة النظر.
لا يقبل الطعن بالإلتماس إلا الأحكام الإنتهائية فقط ومن ثم كل الحكم المطعون فيه بالإلتماس. قابلا للتنفيذ ومن المتصور أن يكون قد نفذ أو لم ينفذ بعد، فإذا صدر بشأنه حكم من محكمة الإلتماس ثارت مشكلة تحديد السند التنفيذي. والحل يتوقف هنا على النتيجة التي إنتهى إليها الحكم الصادر من محكمة الإلتماس كما رأينا بالنسبة للمحكمة العليا :
- إذا صدر حكم بعدم قبول الالتماس، فلا شك أن الحكم المطعون فيه - والمفروض أنه نهائي- هو وحده المعتبر سندا تنفيذيا
- أما عندما يصدر الحكم بقبول الإلتماس فيها إما أن يحكم في الموضوع وفي نفس الوقت بحكم واحد. وإما يكتفي بقبول الإلتماس ويؤجل الحكم في الموضوع، في الحالة الأولى حكم محكمة الإلتماس هو السند التنفيذي. أما في الحالة الثانية فإن الحكم بقبول الإلتماس سوف يعد سندا تنفيذيا لإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور الحكم المطعون فيه، ويظل الوضع كذلك إلى أن يصدر الحكم في الموضوع، ولما يصدر يكون هو السند التنفيذي.
ثالثا : السندات التنفيذية في الجزائر الحكم المشمول بالنفاذ المعجل.
معنى النفاذ المعجل :
القاعدة العامة في القانون الجزائري هي أن وقت تنفيذ الأحكام تتحدد بصيرورتها نهائية فقابليته للطعن بالإستئناف. يجعل أوان تنفيذ هذا الحكم لم يحن بعد، فإذا أصبح الحكم غير قابل للإستئناف آن ميعاد تنفيذه الجبري فهذا يعد نفاذا عاديا للحكم. لكن هذه القاعدة ليست مطلقة إذ يسمح المشرع في بعض الأحوال بتنفيذ حكم قابل للإستئناف أي قبل صيرورته نهائيا. هذه الصلاحية للتنفيذ الجبري للحكم غير نهائي تسمى في القانون (بالنفاذ المعجل)
مبررات النفاذ المعجل :
ما هي الإعتبارات التي أخذها المشرع للسماح بالنفاذ. المعجل في بعض الأحوال ليحيد عن القاعدة العامة في التنفيذ ؟.
يظهر أن المشرع سيضحي بمصلحة المحكوم عليه ويعلي عليها مصلحة المحكوم له. فيعطي له الحق التنفيذ رغم أن سنده معرض للإلغاء في المجلس ما دام النفاذ المعجل هو إستثناء وليس قاعدة. فهو لا يوجد إلا في حالات محددة فلا يعمل به في غيرها.
أ- حالات النفاذ المعجل بقوة القانون.
يقصد بالنفاذ المعجل بقوة القانون قابلية الحكم للتنفيذ الجبري بمجرد أن القانون يسمح بذلك. فقوة التنفيذ مصدرها المباشر القانون، فليس هناك حاجة لتقريره في الحكم ولا حاجة لطلبه من الخصوم .
ولا يتسع التطرق إلى المقام كل حالات النفاذ المعجل لأن الأمر يتعلق فقط بالأحكام القابلة للنفاذ المعجل. أما السندات الأخرى فسوف نقابلها في دراسة الأوامر.
1-الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة.
تنص المادة 303 قانون الإجراءات المدنية (لا) يمس الأمر الإستعجالي أصل الحق. وهو معجل النفاذ بكفالة أو بدونها رغم كل طرق الطعن كما أنها غير قابلة لا للمعارضة ولا للاعتراض على النفاذ المعجل في حالة. الاستعجال القصوى يأمر القاضي بالتنفيذ بموجب النسخة الأصلية للأمر حتى قبل تسجيله.
قد أنشأ نظام القضاء الإستعجالي لنظر بعض الدعاوى التي يتوافر بالنسبة لها الخطر. من التأخير فنظر على وجه السرعة للحصول على حكم إجراء وقتي إلى حين الحصول على حكم موضوعي. يؤكد الحق الموضوعي فهو يختلف عن القضاء الموضوعي لأنه يقوم على التحقيق. الظاهري وليس على تحقيق عميق كاف الأدلة.
حيث يسمح المشرع للأحكام المستعجلة بالتنفيذ برغم أنها قابلة للطعن بالإستئناف. لأنها تهدف إلى حماية الحق الموضوعي ذاته والنفاذ المعجل بقوة القانون على كل حكم إستعجالي. أيّ كانت المحكمة التي أصدرته أي قد يكون صادر من قبل رئيس المحكمة أو قاضي الموضوع إذا حكم في مسألة مستعجلة.
والنفاذ المعجل لا يذكر في الحكم، ما يجعل الكاتب المختص بوضع الصيغة التنفيذية. قد يجد صعوبة في إعتبار حكم ما مستعجل أو في الموضوع، و يكون أفضل لو أن المشرع قد أوجب على المحكمة. التي تصدر حكما إستعجاليا أن تذكر فيه صراحة أنه صادر في مادة مستعجلة.
2-الأحكام الصادرة في مادة الإفلاس.
وفقا للمادة: 227 من قانون التجاري (تكون جميع الأحكام والأوامر الصادرة بمقتضى هذا الباب معجلة التنفيذ. رغم المعارضة والاستئناف باستثناء الحكم الذي يقضي بالمصادقة على الصلح) .
هذا النوع من الأحكام تفصل في أصل الحق ولكنه يصعب القول بأن الحق المقضي به مؤكد التأييد. ما يجعل مبرر التنفيذ غير مؤكد، ومع ذلك قرر المشرع نفاذها معجلا وبقوة القانون والحكمة التي من أجلها قرر المشرع ذلك هي ما تقتضيه المعاملات التجارية. من السرعة في اقتضاء الحقوق والعبرة فقط إلا بالأحكام الصادرة في الإفلاس أو التسوية القضائية ما يجعل ضرورة الإشارة. من محكمة الإفلاس في الحكم على أنه قد صدر في مادة الإفلاس حتى يسهل وضع الصيغة التنفيذية على الحكم القابل للإستئناف
ب- حالات النفاذ المعجل القضائي.
معنى النفاذ المعجل القضائي : يقصد بها الحالات التي يستمد فيها الحكم قوته التنفيذية المعجلة من قضاء المحكمة بذلك. فالمفترض أننا بصدد حكم المحكمة ليست له قوة التنفيذ. لولا أن المحكمة هي التي أمرت بذلك النفاذ المعجل.
شروطه :
وحتى نكون أمام نفاذ معجل قضائي قلنا يجب أن تكون قد أمرت به المحكمة صراحة. وحتى يكون أمر المحكمة متفق مع صحيح القانون أي ضمن الحالات التي نص عليها القانون، وكما يجب أن يكون بناء على طلب الخصم صاحب المصلحة .
وعلى خلاف النفاذ المعجل بقوة القانون يجب أن يتضمن منطوق الحكم ما يفيد شموله بالنفاذ المعجل. إذ بطل أمر النفاذ حتى لو كان متوافرا جوازيا للقاضي بحيث إذا لم يأمر به فمعنى ذلك أنه قد رفض .
حالاته :
لم يبق إلا السؤال عن الحالات التي أجاز فيها المشرع للمحكمة أن تشمل حكما بالنفاذ المعجل. بناء على طلب الخصم هذه الحالات نصت عليها المادة: 323 من قانون الإجراءات المدنية فيمكن تقسيمها إلى مجموعتين بناء على الإعتبارات التي بنيت عليها.
1-الحالات المبنية على قوة سند الحق.
ويقصد بها الحالات التي يستند فيها الحكم الإبتدائي إلى سند قوي للحق مما يعد قرينة. أن الحكم لن يلغى في الإستئناف إذا طعن فيه ويدخل في هذا الإطار.
-الحكم الصادر تنفيذا لحكم سابق.
وصورة هذه الحالة أن يصدر حكم قضايا من المحكمة مؤكدا لحق من الحقوق ثم يراد. إصدار حكم ثاني مترتبا لنتائج على الحكم الأول، ففي هذه الحالة يسمح المشرع للقاضي أن يأمر بالنفاذ المعجل.
مثال : أن يصدر حكم المحكمة بصحة عقد البيع ثم يطلب حكم ثاني بإلزام البائع بتسليم المبيع، أو يصدر حكم أول بالفسخ للعقد، ثم يطلب حكم ثاني لرد ثمن الشيء المبيع، فالمنطق يقضي أن النتيجة الواردة في الحكم الثاني أي الشيء المحكوم به ستكون أكيدة فالإستئناف لن يغير شيء في النتيجة .
-الحكم المبني على سند رسمي لم يطعن فيه بالتزوير
وصورة هذه الحالة أن يصدر الحكم من المحكمة يقضي بإلزام أحد الخصوم بأداء معين. وكان السبب الذي استند إليه هذا الحكم ثابتا في ورقة رسمية لم يتطرق إليها شك إذ لم يطعن فيها بالتزوير وهو الوسيلة الوحيدة لإهدار حجية الورقة الرسمية .
فالحكم قد أكد حق لا يحتاج إنتظار في تنفيذه، لأن الاستئناف لن يغير النتيجة في شيء .
مثال : حكم المحكمة يقضي بإلزام المشتري بدفع الثمن بناء على عقد بيع رسمي، ففي هذه الظروف يجوز للقاضي أن يشمل حكمه بالنفاذ المعجل متى كان أمام مستند رسمي ولم يطعن فيه بالتزوير، وكما يجب أن يكون المحكوم عليه طرفا أصليا في السند الرسمي أو خلفه.
أ- الحكم المبني على إقرار المحكوم عليه بنشأة الالتزام.
وصورة هذه الحالة أن يقر المدعى عليه بصحة نشأة الإلتزام المطلوب تنفيذه، وفي نفس الوقت ينكر إستمرار وبقاء هذا الالتزام ولم يفلح في إثبات هذا الإنكار ، هنا يمكن للقاضي الحكم عليه ويشمل حكمه بالنفاذ المعجل متى طلبه المدعي .
مثال أن يعترف المدعى عليه بصحة عقد بيع تعاقد فيه مع المدعي، وينكر إلتزام الذي على عاتقه بدفع الثمن بالتقادم مثلا. ولم يفلح في إثبات ذلك، يشترط لهذه الحالة إقرار المحكوم عليه نشأة الإلتزام على ذمته دون حاجة إلى إقراره ببقاء الإلتزام في ذمته.
ب- الحالات المبنية على حاجة المحكوم له إلى حماية تنفيذية
المقصود بذلك حالات يصدر فيها حكم من المحكمة دون أن يكون مبني على سند قوي، معنى ذلك الحق الثابت فيه لم يتأكد بعد، ومع ذلك أجاز المشرع للقاضي أن يصدره مشمولا بالنفاذ المعجل لأن الأداء المحكوم به يحتاجه المحكوم عليه
1- الحكم الصادر بأداء نفقة واجبة
يقصد بذلك الحكم الموضوعي وليس الوقتي - الصادر بنفقة واجبة للأزواج والأقارب.
الحكمة من إمكانية تعجيل تنفيذ الحكم الإبتدائي الذي يصدر في هذه الحالة. هي أن الإلزام المحكوم به هي غالبا المصدر الرئيسي للمعيشة بحيث لا تحتمل التأخير في الحصول عليها. لذلك فبرغم أن الحق لم يتأكد بعد إلا أن ضرورة الإسراع في التنفيذ، تعلو على إنتظار التأكيد.
2- الحكم القاضي بمنح مسكن الزوجية لمن أسندت له الحضانة.
وكما يقصد بذلك أيضا الحكم القطعي الذي يفصل في موضوع نزاع على طلب مسكن .لممارسة الحضانة - وليس الحكم المؤقت - وتخصيص مسكن لممارسة الحضانة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل أمر واجب من أجل. استقرار المحضونين والمحافظة عليهم بسبب اختصام الآباء .
ج - الكفالة في النفاذ المعجل :
سوف نتناول دراسة الكفالة في النفاذ المعجل من حيث الحكمة من إشتراطها ومدى وجوبها وأخيرا المنازعة فيها.
1- مبررات الكفالة :
عندما يسمح المشرع بتنفيذ حكم إبتدائي مشمول بالنفاذ المعجل فإنه على دراية في نفس الوقت على أنه تنفيذ غير مستقر لأن سند التنفيذ لا يزال قابلا للإلغاء في درجة الإستئناف فقد يحدث أن يكون الخصم المحكوم له بالنفاذ المعجل قد حصل على التنفيذ وأنفقه وبعد إلغاء الحكم في درجة الإستئناف تبين أنه أصبح معسر غير قادر على الرد لذلك يثور التساؤل أليس من الأجدر حماية حق المحكوم عليه في إعادة الحال إلى ما كان عليه إذا ما ألغي في الحكم الصادر ضده في الإستئناف ومن هنا كان نظام الكفالة يسد به المشرع ثغرة في التنفيذ المعجل قد يؤدي إلى ضياع حق المحكوم عليه إذا لم يعد محكوما عليه بعدئذ.
2- مدى وجوب الكفالة :
بالرجوع إلى نصوص قانون الإجراءات المدنية نجد المشرع لم يشترط الكفالة الوجوبية لنفاذ المعجل للأحكام المحاكم وذلك لا في حالة النفاذ المعجل بقوة القانون ولا في حالات النفاذ المعجل الجواري ومن ثم فالأحكام الصادرة من المحاكم بالنفاذ المعجل فالحكم بالكفالة فيها كله أمر جوازي للقاضي، و من ثم لا يلزم المحكوم له تقديمها إلا إذا حكم عليه بذلك .
وعليه إذا صدر حكم إستعجالي فهو واجب النفاذ بقوة القانون، فالقانون لا يملك أن يعطل هذا النفاذ المعجل لكن يملك أن يشترط على المحكوم له تقديم كفالة، أما إذا لم يتطرق الحكم إلى الكفالة فمعنى ذلك أنه نافذ بدون كفالة أما باقي حالات النفاذ المعجل القضائي الجوازي حسب الفقرة الأخيرة من المادة :323 قانون الإجراءات المدنية فالنفاذ المعجل فيها والكفالة أمر جوازي لتقدير القاضي .
3- صور الكفالة :
عندما يشترط الحكم المشمول بالنفاذ المعجل تقديم كفالة فإن المحكمة لا تبين نوع الضمان الواجب على المحكوم له تقديمه في هذه الأحوال، وإنما المرجع في ذلك هو المحكوم نفسه والذي له حق الإختيار بين صور الكفالة
- تقديم كفيل مقتدر :
المقصود بذلك أن يقدم المحكوم له شخصا موسرا يتعهد بقبول الرجوع عليه إذا ما ألغي الحكم المعجل في الإستئناف بعد تنفيذه أما إجراءات تقديم الكفيل فقد نصت عليها المادة : 586 فقرة 02 يحصل تقديم الكفيل بالجلسة بعد إيداع المستندات الدالة على ملاءته في أمانة الضبط عند الاقتضاء ومن أبرز تطبيقات هذه الصورة أن يقوم البنك بكفالة أحد عملائه.
إيداع مبلغ مالي :
قد يكون احتياج المحكوم له إلى المحكوم به أقوى لديه من النقود لذلك أعطاه القانون الحق في إختيار كفالة تتمثل في إيداع مبلغ من النقود لدى خزانة المحكمة كاف لإعادة المال إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ ولا يلزم أن يكون مقدارها مساوي لقيمة المحكوم به .
4- المنازعة في الكفالة:
لقد سمح المشرع للخصوم بحق المنازعة فيما يتعلق بقبول كفيل ويتم إخطار أطراف الخصومة بتاريخ الجلسة التي سيتم الفصل فيها ويكون الحكم الفاصل في المنازعة مشمولا بالنفاذ المعجل .
السندات التنفيذية في الجزائر الأحكام غير القضائية.
إذا كانت الأحكام القضائية أخذت إهتماما كبيرا لأنها الأكثر شيوعاً لكنها ليست هي السبب الوحيد. لنشأة الحق في التنفيذ الجبري، هناك أحكام المحكمين ومحاضر الصلح كما هناك سندات غير قضائية مثل المحررات الموثقة، وسوف نتناولها كما يلي :
أولا : الأوامر
يقصد بالأوامر ما يصدره القضاة من قرارات بغير طريق الخصومة القضائية أي تصدر بناء. على طلب الخصم دون سماع أقوال الخصم الآخر، ودون تكليفه بالحضور هي في الغالب تدابير مؤقتة ويطلق عليها (الأوامر على عرائض) .
أ-الأوامر على عرائض.
تصدر الأوامر على عرائض بناء على إجراءات مبسطة من قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة المختصة. ولا تقبل الطعن بالطرق المعروفة وإنما يتظلم منها بالطرق التي رسمها القانون.
1- القوة التنفيذية لأوامر على عرائض.
تصدر الأوامر على عرائض بصدد أعمال وقتية، لا تتعلق بأصل الحق كتعيين وصي للتركة، وتقرير نفقة وقتية أو بصدد أعمال تحفظية التي تتطلب المفاجأة من صدرت ضده أو نقل الأموال المحجوزة، لهذا السبب وذاك قرر المشرع قابلية الأوامر على عرائض للتنفيذ بمجرد صدورها وذلك بقوة القانون وبغير كفالة ما لم ينص الأمر على تقديمهاإلا أنه يجب تقديم الأمر للتنفيذ خلال ثلاث (03) أشهر من تاريخ صدوره وإلا فقد قوته التنفيذية. إذ سوف يسقط ويعتبر كأن لم يكن طبقا لنص المادة : 311 قانون الإجراءات المدنية لكن سقوطه لا يمنع من إصدار غيره.
2-قوة تنفيذ الأوامر على عرائض.
الأوامر على عرائض تقبل التظلم أمام القاضي الذي أصدره ويفصل فيه بحكم قضائي وليس بمجرد أمر ولائي مما يجوز الطعن فيه بالإستئناف ونفس الشيء لما يرفض الطلب فهو يقبل الإستئناف في مهلة 15 يوما من تاريخ الرفض.
ب- أوامر الأداء.
هي نوع خاص من الأوامر على عرائض، فعندما يكون إلتزام المدين دفع مبلغ من النقود وكان ثابتا بالكتابة وحال الأداء فإن المشرع يعفي الدائن من رفع الدعوى القضائية، ويسمح له بالقيام بإجراء معين يعبر عنه بأوامر الأداء، فهي من الناحية الشكلية تتبع إجراءات الأمر على عريضة أما من الناحية الموضوعية فهو يعد عملا قضائيا يفصل بقضاء قطعي .
رغم أن شكل أوامر الأداء يكون في صورة أمر على عريضة أما من ناحية الموضوع فهو يفصل في الحق الموضوعي. لذلك كان المشرع منطقيا عندما رجح الجانب الموضوعي فيه وأخضع تنفيذه بقواعد تنفيذ الأحكام وليس لتلك الخاصية لأوامر على عرائض، و هذا ما نصت عليه المادة : 309 قانون الإجراءات المدنية على أنه تمنح الصيغة التنفيذية بعد تقديم شهادة عدم الإعتراض يكون الإعتراض له أثر موقف للتنفيذ طبقا لنص المادة 308 قانون الإجراءات المدنية، مع ملاحظة أن أوامر الأداء غير مشمولة بالنفاذ المعجل كما هو الحال بالنسبة لباقي الأوامر على عرائض لأن النفاذ لا يكون إلا بعد إنقضاء ميعاد الإعتراض المقررة بـ 15 يوما من تاريخ التبليغ الرسمي، كما أن أوامر الأداء إذا لم يطلب إمهاره بالصيغة التنفيذية خلال سنة واحدة من تاريخ صدوره يسقط ولا يرتب أي أثر .
ج- الأوامر.
المقصود بذلك بعض الأوامر على عرائض تتفق معها من الناحية الشكلية الإجرائية)، وتختلف عنها من ناحية أنها تتضمن قضاء قطعي في الحق . و قد رسم المشرع قواعد خاصة فيما يتعلق بالقوة التنفيذية تختلف من أمر إلى آخر . وسوف نتناول هذه الأوامر كما يلي :
1- أمر تقدير مصاريف الدعوى.
يجب على المحكمة عند إصدارها الحكم الذي ستنتهي به الخصومة أمامها أن تحكم أيضا في مصاريف الدعوى وغالبا ما يقتصر الحكم على تحديد الخصم الملزم بالمصاريف، دون تحديد لمقدارها والذي يتم بأمر على عريضة يقدمها المحكوم له إلى رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم.
ويعتبر هذا الأمر مكملا للحكم الصادر بالإلزام أكثر من أمر على عريضة.
و يلزم هذا الأمر للتنفيذ الجبري إجتماع شرطين :
الشرط الأول : أن يكون الحكم الصادر في الموضوع نهائيا، وفي نفس الوقت تقضي بإلزام المحكوم عليه بالمصاريف القضائية .
الشرط الثاني : أن يصبح أمر تقدير المصاريف نهائيا وهو يكون كذلك إذا لم يعد قابلا للتظلم منه لفوات الميعاد دون رفعه أو لرفضه بعد رفعه.
2 - أمر تقدير أتعاب الخبير.
يتم تحديد أتعاب الخبير النهائية من طرف رئيس الجهة القضائية بعد إيداع تقرير الخبرة ويكون ذلك بناء على أمر على عريضة بطلب من الخبير ويعد هذا الأمر قابلا لنفاذ المعجل بمجرد صدوره رغم قابليته للتظلم وهذا طبقا للقواعد العامة التي تحكم الأوامر على عرائض التي سبق دراستها.
ثانيا : المحررات الموثقة.
يعترف القانون للعقود الموثقة بقوة تنفيذية فتذكرها المادة 600 قانون الإجراءات المدنية من ضمن السندات التنفيذية، ما هي إذا هذه العقود، هي تلك العقود التي يحررها الموثقون وهم الموظفون العموميون المختصون بالتوثيق. كإبرام عقد هبة، بيع، إيجار .
كما تعتبر محررات رسمية، ولكن هل معنى ذلك أن كل المحررات الرسمية تعد سندات تنفيذية ؟.
بناء على ما تقدم فإن تحديد المقصود بالمحررات الموثقة تحتاج إلى التمييز بينه وبين غيره من المحررات التي قد تتداخل معه.
أ -التمييز بين العقد الرسمي والعقد الموثق.
صحيح أن العقود الرسمية التي يثبتها الموظف العام لها حجية كاملة في الإثبات إلا أنه لا يجوز التنفيذ الجبري بموجبها ، والسبب في ذلك أن العقد الرسمي الذي يعتبره المشرع سندا تنفيذيا لا يتواجد إلا إذا كان الموظف العام الذي أثبت مضمون المحرر كان هو ( الموثق وليس لدى موظف عام، كعقد الهبة والرهن الرسمي، بعبارة أخرى كل عقد موثق يعتبر عقد رسمي وليس كل عقد رسمي عقد موثق .
ب-التمييز بين العقد الموثق والعقد المسجل.
يتطلب القانون تسجيل بعض التصرفات أي شهرها لإعلام الغير بها والبيع العقاري من التصرفات التي يتطلب فيها هذا الإجراء إلا أن تسجيل العقد لا يعطيه أي قوة تنفيذية لأن المشرع لم يذكره من بين السندات التنفيذية، لأنه ليس بالضرورة قد حرره ، الموثق أما إذا تم تسجيل المحرر الموثق فهو يعد سندا تنفيذيا ولكن ليس لكونه مسجل بل لأنه موثق، فعقد البيع الموثق يعد سندا تنفيذيا، أما العقد العرفي المسجل وثابت التاريخ لا يعد سندا تنفيذيا.
ج -العقد الموثق والعقد المصادق على تاريخه.
العقد الموثق هو تصرف يثبت الموثق حصوله أمامه، لكن قد يرد التوثيق أحيانا ليس على مضمون المحرر وإنما فقط على التوقيعات التي يتضمنها ، أو على تاريخه كإبرام عقد عرفي لم ينتقل أطرافه إلى الموثق للتوقيع أمامه ويثبت الموثق حصول هذا التوقيع دون أن يتطرق إلى مضمون العقد أو مدى صحته فهذا العقد الذي حصل على التصديق فقط من طرف الموثق لا يعد سندا تنفيذيا طبقا لنص المادة 600 قانون الإجراءات المدنية لأن هذا التصديق لا يؤكد صحة وحقيقة الالتزام. الثابت فيه ولذلك لا يكتسب قوة التوثيق ومن ثم لا تعطى له قوة التنفيذ .
شروط اكتساب المحرر الموثق قوة التنفيذ.
عندما يكون بيد الدائن عقد موثق فإنه يستطيع تنفيذه دون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء وهو ما يشبه الأحكام النهائية غير أنه يشترط في العقد الموثق لكي تكتمل فيه عناصر السند التنفيذي أن يتضمن إلزام بأداء يمكن تنفيذه جبرا كأن يكون دفع مبلغ من النقود أو تسليم شيء معين، أما إذا تضمن مجرد إقرار بوجود حق فلا يقبل التنفيذ الجبري، ولا يعتبر سندا تنفيذيا كإقرار النسب.
أساس القوة التنفيذية للعقد الموثق السندات التنفيذية في الجزائر.
قد يبدو أمرا غريبا أن تكون للعقود الموثقة التي يحررها أشخاص ليسوا قضاة نفس القوة التنفيذية للأحكام الصادرة من القضاة .
فما هو الأساس القانوني لهذه القوة التنفيذية التي يتمتع بها العقد الموثق، لابد من التسليم أن الأساس هو نص المادة : 600 قانون الإجراءات المدنية مما يرتب سؤال آخر ما هي الحكمة التي من أجلها تقرر النص.
أ- الاعتبارات التاريخية هذه الفكرة مرجعها القانون الفرنسي الذي كان في القانون القديم يسبغ الصفة القضائية على أعمال الموثق، وبتطور القانون زالت عن الموثق الصفة القضائية، إلا أن أعماله ظلت محتفظة بالأثر المترتب عن هذه الصفة.
ب- الخضوع لإرادة المدين لأن المدين الذي يرتضي الإلتزام بدين أمام الموثق يكون ضمنيا قد إرتضى التنفيذ ضده بالمحرر الموثق .
ج- الثقة في الموثق الموثق موظف عام وهو بإثباته لحصول التصرف أمامه وفقا للقانون، مما يصون التصرف من جحوده على نحو يغني إثباته مرة أخرى أمام القضاء لأن الحكم سيكون مطابقا لما ورد في عمل الموثق.
ثالثا : محاضر الصلح والاتفاق.
أ - المقصود بمحاضر الصلح.
أجاز القانون للأفراد التصالح على الحقوق المتنازع عليها ، بحيث ينزل كل خصم على وجه التقابل عن بعض ما يدعيه بحيث تنتهي الخصومة التي تم الذهاب إلى القضاء للفصل فيها دون حاجة إلى إصدار حكم وهذا طبقا لنص المادة: 990 قانون الإجراءات المدنية .
كما أنشأ قانون الإجراءات المدنية نظام الوساطة وهو إجراء إلزامي على القاضي أن يقوم به، في جميع المواد بإستثناء قضايا شؤون الأسرة والقضايا العمالية وكل ما من شأنه أن يمس بالنظام العام، و لكن بشرط أن يقبل الخصوم هذا الإجراء فيقوم القاضي بتعيين وسيط لتلقي وجهة نظر كل واحد .
كما أن الصلح أو الإتفاق الحاصل يجب أن يحرر في محضر بإقرار الطرفين لتصادق عليه المحكمة فهذا المحضر يعد سندا تنفيذيا فلا حاجة لإصدار حكم لإقرار الصلح .
ب - القوة التنفيذية لمحاضر الصلح والاتفاق.
يعترف القانون لمحاضر الصلح والاتفاق التي تصادق عليها المحكمة بقوة تنفيذية فورية فهي قابلة للتنفيذ فورا.
فالقوة التنفيذية سببها أن الإقرار بالصلح يتم أمام القضاء أما القوة التنفيذية الفورية – على خلاف الأحكام - لأن القانون لا يسمح بالرجوع عن الصلح أو الطعن فيه بطرق الطعن المقررة بالنسبة للأحكام.
رابعا : أحكام المحكمين.
الأصل أن قضاء الدولة هو الذي يتولى الفصل في المنازعة التي تثور بين الأشخاص، إلا أن المشرع يجيز للأشخاص طرح نزاعاتهم على أشخاص يختارونهم يسمون محكمون، ويجعل هذا الاتفاق مانعا من سماع الدعوى أمام قضاء الدولة بل والأكثر من ذلك يعترف القانون بالقوة التنفيذية للقرار الصادر من المحكم.
دراسة أحكام التحكيم كسندات تنفيذية يتطلب التعرض إلى ما يلي:
أ-القوة التنفيذية لحكم المحكم.
التحكيم نوع من أنواع القضاء ، وما يصدر عنه هو حكم، إلا أنه يختلف عنه من ناحيتين أنه دائما نهائي وأنه يحتاج دائما إلى الأمر بتنفيذه، وهناك نوعين من التحكيم الداخلي والتحكيم التجاري الدولي .
فالأمر بالتنفيذ هو أمر على عريضة يصدره رئيس المحكمة التي صدر في دائرة اختصاصها، بناء على طلب دوي الشأن أو أمام محكمة محل التنفيذ إذا كان مقر محكمة التنفيذ موجود بالخارج إقليم الوطني. بناء على طلب ذوي الشأن، وهو أمر لا يقبل الإستئناف إلا إذا كان قد رفض الإعتراف به أو تنفيذه.
أما بالنسبة لسلطة القاضي إتجاه صحة موضوع التحكيم فهو ليس هيئة إستئنافية فهو لا يراقب. ما قضى به الحكم من حيث القانون والعدالة، وإنما يراقب الشروط الشكلية أو الخارجية التي نصت عليها المادة : 1056 قانون الإجراءات المدنية، التي تضمنت الأسباب التي تمنع صدور الأمر بالتنفيذ، لتفتح المجال إلى اللجوء إلى الطعن بالبطلان في الحالات المنصوص عليها في المادة السابقة.
ب-وقف قوة تنفيذ حكم المحكم.
رأينا أن الأمر بتنفيذ حكم المحكم لا يقبل الإستئناف مما يجعله سند تنفيذي، لذلك لا يجوز للمحكوم عليه طلب وقف تنفيذ الحكم على خلاف القواعد العامة المقررة في ذلك لأحكام المحاكم.
لكن من ناحية أخرى يجوز الطعن في حكم التحكيم بدعوى بطلان أصلية متى توافرت شروطه طبقا لنص المادة: 1056 قانون الإجراءات المدنية، فيرتب القانون على هذا الطعن بدوره طعنا في أمر التنفيذ، لتفصل المحكمة فيه .
خامسا : الأوراق الأخرى المعتبرة سندات تنفيذية.
بعد أن عددت المادة : 600 قانون الإجراءات المدنية السندات التنفيذية التي سبق دراستها أضافت إليها. كل العقود والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون صفة السندات التنفيذية.
فليس معنى هذا أنه يمكن القول أن السندات التنفيذية الواردة في القانون ليست واردة على سبيل الحصر. وإنما معناه أن السندات التنفيذية الواردة في المادة 600 قانون الإجراءات المدنية ليست وحدها كل السندات التنفيذية. التي يمكن التنفيذ الجبري بمقتضاها وإنما يمكن أن توجد إلى جانبها سندات أخرى، طالما نص عليها القانون صراحة بإعتبارها كذلك. وهو ما حدث بالفعل في نص المادة: 589 قانون الإجراءات المدنية ( تكون الكفالة المنصوص عليها المادة 588 أعلاه واجبة النفاذ دون حاجة إلى صدور حكم بذلك.
( وكذلك ما حصل في المادة 796 فقرة 03 ) إذا حضر الأطراف وحصل الاتفاق على قائمة التوزيع المؤقتة لتسوية ودية وأثبت الرئيس اتفاقهم في محضر يوقعه وأمين الضبط والحاضرون. ويكون لهذا المحضر قوة السند التنفيذي، وليس المقصود هنا بهذه المحاضر التي تصادق عليها المحكمة والتي سبق دراستها وإنما هي أوراق أخرى يعطيها القانون صفة التنفيذ.
سادسا : السندات التنفيذية الأجنبية.
أما ما يتعلق بالسندات التنفيذية الأجنبية فقد خصص لها قانون الإجراءات المدنية. فصل خاص بها فميز بين الأوامر والأحكام والقرارات الصادرة من جهات قضائية أجنبية والتي يراد تنفيذها في إقليم الجزائر والتي يشترط في ذلك. أن تتوفر على عدة شروط لمنحها الصيغة التنفيذية حصرتها المادة : 605 قانون الإجراءات المدنية بما يلي :
1- أن تتضمن ما لا يخالف قواعد الإختصاص.
2- أن تكون حائزة لقوة الشيء المقضي به طبقا لقانون البلد الذي صدرت فيه .
3- أن لا تتعارض مع أمر أو حكم أو قرار سبق صدوره من جهات قضائية جزائرية وأثير من المدعى عليه.
4- أن لا تتضمن ما يخالف النظام العام والآداب العامة في الجزائر أما. المادة 606 قانون الإجراءات المدنية. فقد تضمن شروط الواجب توافرها في العقود والسندات الرسمية. المحررة في بلد أجنبي والمراد تنفيذيها في الإقليم الجزائري لإعطائها.
الصيغة التنفيذية والمتمثلة فيما يلي :
1- توافر الشروط المطلوبة لرسمية السند وفقا لقانون البلد الذي حرر فيه.
2- توفره على صفة السند التنفيذي وقابليته للتنفيذ وفقا لقانون البلد الذي حرر فيه
3- خلوه مما يخالف القوانين الجزائرية والنظام العام والآداب العامة في الجزائر.
ويقدم طلب منح الصيغة التنفيذية للسندات التنفيذية الأجنبية أمام محكمة مقر المجلس. التي يوجد في دائرة إختصاصها موطن المنفذ عليه أو محل التنفيذ.