الصورية هي تغيير للحقيقة في تصرف باتفاق أطراف هذا التصرف. والصورية في العقود معناها وجود عقدين بين شخصين، عقد منهما ظاهر والآخر مستتر، يكون الأول صوريا والآخر هو الحقيقي المتضمن التعبير الحقيقي عن إرادة المتعاقدين، فهل تعد الصورية بهذا المعنى تزوير ؟.
يعتبر التزوير واقعة مادية يلجأ إليها الكثيرون ممن يريد الوصول إلى أهداف غير مشروعة حتى ولو كان ذلك على حساب الغير فلا يخفى على أحد أنّ التزوير عبارة عن تغيير أو إستحداث ما لم يكن في الواقع، وبهذا ينشأ و يستحدث مراكز في ظاهرها قانونية . المادة 179 قانون إجراءات مدنية و إدارية :
{ الادعاء بالتزوير ضد العقود الرسمية هو الدعوى التي تهدف إلى إثبات تزييف أو تغيير عقد سبق تحريره أو إضافة معلومات مزورة إليه .وقد تهدف أيضا إلى إثبات الطابع المصطنع لهذا العقد .يقام الادعاء بالتزوير بطلب فرعي أو بدعوى أصلية }.
معايير إعتبار التغيير في محرر مجرد صورية لا تقتضي العقاب : 1- تخلف واقعة الإسناد : التزوير أيا كان نوعه يقوم على إسناد أمر لم يقع ممن أسند إليه، وذلك في محرر معد لإثبات ذلك الأمر بإحدى الطرق التي نص القانون عليها، إسنادا يشترط فيه أن يحدث ضررا أو يحتمل أن يحدث ضررا للغير .فإذا إنتفى الإسناد الكاذب في المحرر لا تتوافر جريمة التزوير. ولا بد من حدوث واقعة الإسناد لتعد الواقعة تزويراً فقد اتجه الأستاذ الدكتوررءوف عبيد إلى أنه إذا إنتفى الإسناد الكاذب في المحرر فلا يتحقق تغيير الحقيقة ولا يصح القول وقوع تزوير، فالتزوير ينعدم متى كان مضمون المحرر مطابقا لإرادة من نسب إليه معبراً عن مشيئته.
2- عدم تحقق ضرر نتيجة تغيير الحقيقة : الضرر المتطلب لقيام التزوير هو ما كان تحققه محتملا لحظة تغيير الحقيقة ولو صار مستحيل التحقق بعد هذا الوقت. وبناء على ذلك المبدأ المهم الذي أرسته محكمة النقض تقوم جريمة التزوير ويتحقق ركن تغيير الحقيقة والضرر بانتـحال المتهم اسم شخص حقيقي في محضر التحقيق ،ولو عدل عن ذلك ،وذكر اسمه الحقيقي قبل انتهاء التحقيق . إذن هناك أمران لابد أن يتحققا لكي يتوافر الركن المادي لجريمة التزوير فلا يكفى أحدهما دون الأخر، وهما تغيير الحقيقة، وضرر ينتج عن ذلك التغيير للغير . فإذا تغيرت الحقيقة ولم يحدث ضرر فلا تزوير وإذا تخلف الضرر للغير رغم تغيير الحقيقة انتفى التزوير، إضافة لهذين الأمرين.
3- لا تقع الصورية في المحرر الرسمي : ويختلف تغيير الحقيقة في المحرر العرفي عنه في المحررات الرسمية من حيث اعتباره تصرفا صوريا، وليس تزوير. فمن حيث المبدأ يعد كل تغيير للحقيقة في المحرر الرسمي تزويراً حيث إن الضرر في جريمة التزوير فى الورقة الرسمية يتحقق بمجرد تغيير الحقيقة فيها لما في ذلك من العبث بحجيتها وقيمتها التدليلية . فلا يجوز تغيير الحقيقة في الورقة الرسمية بأي صورة. بينما الصورية في المحررات العرفية لا تعد تزويراً إلا في حالة ثبوت وجود ضرر قد يلحق بالغير. العقود العرفية إذا حدث فيها تغيير للحقيقة بقصد الإضرار بالغير عد ذلك تزويرا في أوراق عرفية ووجب عقاب المزور .
4- الحقيقة الاتفاقية لا تعد تزويراً ولو حوى المحرر بيانات مغايرة للحقيقة : قد يتفق طرفين على إبرام عقد صوري، لكنه يعبر عن حقيقة ما إتفق عليه بين الطرفين، أركان التزوير تنعدم في المحرر العرفي متى كان مضمون المحرر مطابقا لإرادة من نسب إليه معبرا عن مشيئته ولو لم يوقع عليه. و إذا كان المحرر عرفيا ، وكان مضمونه مطابقا لإرادة من نسـب إليه، معبرا عن مشيئته إنتفى التزوير بأركانه ومنها ركن الضرر.
إستنتاج :
إن الصورية التى لا تعد تزويرا، هى التي يتم فيها تغيير الحقيقة فى البينات التى يتضمنها العقد، وقت تحريره .
أما إذا أحدث المتعاقدان تغييرات مادية فى العقد بعد إتمامه، وبعد أن ينتج عنه حقوقا للغير ، فيعتبر فعلهم هذا ( أي التغيرات في العقد )، تزويرا جنائيا بشرط أن يتحقق ركن الضرر المحقق المحتمل.
إن المتفق عليه في الفقه و القضاء. لا عقاب على الصورية إلا إذا وجد نص يعاقب على ذلك .