بحث حول القضاء الاستعجالي الفصل الأول : تعريف القضاء المستعجل وشروطه
المبحث الأول: تعريف القضاء المستعجل وخصائصه
المطلب الأول : تعريف القضاء المستعجل.
المطلب الثاني: خصائص القضاء المستعجل.
المبحث الثاني: الشروط القانونية الواجب توافرها في القضاء المستعجل
المطلب الأول : شروط الاستعجال
المطلب الثاني: شرط عدم المساس بأصل الحق
الفصل الثاني في بيان الجهة القضائية المختصة بالقضاء الاستعجالي وشروط وإجراءات رفع الدعوى الاستعجالية
المبحث الأول: الجهة القضائية المختصة بالقضاء الاستعجالي
المطلب الأول: الجهة القضائية المختصة نوعيا بالقضاء الاستعجالي
المطلب الثاني: الجهة القضائية المختصة محليا بالقضاء ألاستعجالي
المبحث الثاني: شروط وإجراءات رفع الدعوى الاستعجالية.
المطلب الأول: شروط رفع الدعوى الاستعجالية
المطلب الثاني : اجراءات رفع الدعوى الاستعجالية
الفصل الثالث : آثار الأوامر المستعجلة وطرق الطعن فيها.
المبحث الأول : آثار الأوامر الاستعجالية
المطلب الأول : حجية الأوامر الاستعجالية
المطلب الثاني : تنفيذ الأوامر الاستعجالية
المبحث الثاني : طرق الطعن في الأوامر الاستعجالية.
المطلب الأول : طرق الطعن العادية
المطلب الثاني : طرق الطعن الغير عادية
خاتمة.
تمهيد نشأة القضاء المستعجل وتطوره .
من البديهيات في مجال القانون أن القضاء يضع حداً للمنازعات التي ترفع إليه بعد أن تتاح الفرصة الكافية للخصوم للتنازع في موضوعهم وتقديم الدليل على صحة آرائهم وبعد أن يمحص القضاء ما يتقدمون به إليه ويقوم بتطبيق القانون عليه يصدر قضاؤه في النزاع ويكون ذلك القرار فاصلاً في أصل النزاع القائم بين الخصوم وهذا يقتضي أن يكون بإمكان الخصوم إبداء أوجه دفاعهم . واقتضى ذلك أن تعرض الدعاوى في أغلب الأحيان على درجتين وهذا كله ترتب عليه إطالة أمد النزاعات وأصبح شيء راسخ أنه لا يقضى في منازعته إلا وقد تغير وجه الحق فيها واستحال في أغلب الأحوال أن يعود الحكم على المحكوم له بأي نفع ومن هذا المنطلق فإن المشرع رأى أن الاكتفاء بالالتجاء إلى القضاء العادي وضرورة إتباع إجراءاته قد يكون غير منتج في كثير من الحالات.
ولذلك تضمن التشريع نصوصاً تكفل تحقيق هذا الغرض وراعى فيها وجوب توفر الضرورة التي تقتضي هذا الإجراء الاستثنائي . ذلك أنّ تأخر حصول الأشخاص على الحماية القضائية قد يترتب عليه أن يعود عليهم ضرر للتوفيق بين وجوب التأني في الفصل في المنازعات والسرعة في منح الحماية القانونية تقرر أغلب التشريعات نظاماً للقضاء المستعجل يكون مختصاً بمنح الحماية العاجلة المؤقتة للأشخاص . والقضاء المستعجل لا يقوم على فكرة العدالة الكاملة وإنما يقوم على الحماية العاجلة التي لا تكسب حقاً ولا تهدره وإذا كان القاضي المستعجل قد يصدر حكماً وقتياً بإجراء وقتي مؤقت إلا أنه كثيراً ما ينفذ إلى صميم المنازعات وبعبارة أخرى إذا كان القاضي المستعجل يقرر الحماية القانونية بصيغة مؤقتة فإنه قد يمس أصل الحق من حيث الواقع في الحالات التي يضع فيها الخصوم في مركز لا يجدي بعده الالتجاء إلى القضاء الموضوعي.
فتكون الحماية القانونية المؤقتة التي منحها القضاء المستعجل حماية نهائية في واقع الأمر.
لقد ظهر القضاء المستعجل في بدايته في القضاء المصري وكان القانون الأصلي الملغي ينظم في المادة 28مرافعات اختصاص القاضي المستعجل ويمهد به القاضي الجزائي مباشرة مع اختصاصه القضائي الولائي.
أما أصل القضاء المستعجل فيرجع إلى الأمر الفرنسي الصادر في 22 كانون أول عام 1685 المنظم لقواعد المرافعات المدنية التي كان معمولاً بها أمام محكمة *شاكليه* بباريس والذي رخص بمقتضاه لرئيس الدائرة المدنية أو من ينوب عنه في غيابه الحكم مؤقتاً في الأمور المستعجلة ثم جاء قانون المرافعات الفرنسي وأنشأ نظام قضاء مستعجل أدخل في اختصاصه جميع المواد المدنية المستعجلة وإشكالات التنفيذ مهما بلغت قيمة النزاع.
وقد ازدادت أهمية هذا النظام في العصر الحاضر تبعاً لاتساع نطاق المعاملات وتشعيبها من جهة وللسرعة التي يتسم بها هذا العصر من جهة أخرى ولذلك فقد كان موضوع القضاء المستعجل هو من أهم الموضوعات التي استحدثها التشريع .
الفصل الأول القضاء المستعجل وشروطه المبحث الأول تعريف القضاء المستعجل وخصائصه المطلب الأول : القضاء المستعجل ... تعريفه
من المؤسف حقاً أن المشرع لم يتصدى لتعريف القضاء المستعجل بل اكتفى بالتعريفات العديدة التي تناولها الفقهاء منذ نشأة القضاء المستعجل.
إن التشريعات الحديثة لم تعرف القضاء الإستعجالي تعريفا دقيقا بل تركت الأمر إلى الفقه والقضاء لاٌن مجاله متعدد ومتغير بتغير حالة الظروف الاجتماعية والاقتصادية لكل مجتمع وظروف كل قضية، لذلك سوف نحاول إعطاء بعض التعاريف التي أوردها الفقهاء بخصوصه و منها :
*فالبعض يعرفه بأنه : الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت وإهدار الحقوق
* كما يعرف اٌيضا : بأنه الفصل المؤقت الذي لا يمس بأصل الحق وإنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة واحترام الحقوق الظاهرة أو صيانة مصالح أطراف النزاع
* وهناك جانب من الفقه من يرى: بأنه يتصل بالخطر الحقيقي المحدق بالحق المطلوب حمايته والمحافظة عليه، والذي يلزم درؤه بسرعة لا تكون عادة في القضاء العادي ولو قصرت مواعيده ويتوافر الاستعجال في كل حالة إذا قصد من الإجراء المستعجل فيها منع ضرر مؤكد يمكن إزالته إذا حدث
* و من جهة محكمة النقض الفرنسية فقد جاءت بالقول بأن "الاستعجال لا يتوافر إلا في الأحوال التي يترتب على التأخير فيها ضرر لا يحتمل الإصلاح".
أما في قاموس المصطلحات القانونية فقد ورد عرف القضاء الإستعجالي على انه :
-عبارة عن إجراءات حضورية يمكن بمقتضاها للخصم في بعض الحالات أن يحصل على حكم على وجه السرعة من دون إشكال جدي أو في حالة المرور بوجود خلاف-
وحتى لفظ الاستعجال فإن المشرع لم يقم بتعريفه وإنما اكتفى بتعيين نوع الدعاوى التي يرتب عليها حكما بوصفه بهذه الصفة.
لقد ساير المشرع الجزائري ما جاءت به التشريعات الأخرى من أحكام في نظام القضاء المستعجل فخصص له الباب الثالث من الكتاب الرابع المتضمن الإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية من قانون الإجراءات المدنية، فالباب الثالث منه بعنوان "الاستعجال" ويتضمن المواد من 917 إلى 948 والتي تبين نطاق وشروط القضاء المستعجل وكذلك الإجراءات المتبعة فيه . وما يلاحظ فان المشرع الجزائري عنون الكتاب الرابع من قانون الإجراءات المدنية في . الإجراءات المستعجلة المتبعة امام الجهات القضائية واجمع تحت نفس العنوان تدابير الاستعجال وأوامر الأداء والقضاء المستعجل، وهذا على أساس أن الإجراءات المستعجلة حسب مختلف أنواعها هي من اختصاص رئيس الجهة القضائية، ولكن هذا في الدرجة الأولى من التقاضي، على أن الجهة القضائية في الدرجة الثانية لا تتمتع بنفس الصلاحيات إلا في شخص رئيسها.
غير أن المشرع الجزائري لم يتطرق إلى تعريف القضاء الإستعجالي وإنما ذكر فقط أن القاضي الإستعجالي يختص بالفصل في حالات الاستعجال و أضاف في المادة303 من قانون الإجراءات المدنية " لا يمس الأمر الاستعجالي أصل الحق ، وهو معجل النفاذ بكفالة أو بدونها رغم كل طرق الطعن كما أنه غير قابل للمعارضة ولا للاعتراض على النفاذ المعجل ".
ونستطيع تعريف الطلب المستعجل ضمناً لذلك بأنه طلب اتخاذ إجراء وقتي يدرأ خطر داهم أو ضرراً قد يتعذر أو يصعب إزالته إذا لجأ الخصوم إلى المحاكم بإجراءات الدعوى العادية
والحقيقة أن الاستعجال حالة تتغير بتغير ظروف الزمان والمكان تتلازم مع التطور الاجتماعي في الأوساط المختلفة ولذلك فإنه من الصعب وضع أي تعريف منطقي لأنه ليس مبدأ ثابت مطلقاً .
المطلب الثاني خصائص القضاء المستعجل
يعتبر القضاء المستعجل عملاً قضائياً بمعنى الكلمة وقد أنكر البعض عليه الصفة القضائية وقالوا باعتباره نشاطاً إدارياً إلا أن هذا الرأي لم يلق تأييداً في الفقه كما اعتبره البعض قضاءا ولائياً وخاصة عندما يكون بإجراءات مستقلة عن إجراءات الخصومة المتعلقة بالدعوى الموضوعية إلا أن هذا الاتجاه غير صحيح أيضاً . وإذا كان القضاء المستعجل يرمي أحياناً إلى توقي نزاع في المستقبل ويتشابه في هذا مع بعض الأعمال الولائية فإن هناك فارقاً بينهما فالعمل الولائي ينشئ مركزاً قانونياً جديداً أما القضاء الوقتي أو المستعجل فيتعلق برابطة قانونية سابقة يحتمل وجودها ويرمي على ضمان حمايتها حماية وقتية.
يضاف إلى ذلك ورغم أن القضاء المستعجل صورة من صور الحماية القضائية إلا أنه يتميز عن القضاء الموضوعي بعدة خصائص هي: 1 -أن القضاء المستعجل له وظيفة مساعدة :
فهو يمنح بالنظر إلى إمكانية صدور قضاء موضوعي محتمل في المستقبل سواء كان هذا القضاء نتيجة دعوى موضوعية رفعت بالفعل أو تنتظر رفعها ذلك أن القضاء المستعجل إنما يرمي إلى ضمان تحقيق الدعوى الموضوعية لهدفها . ولهذا فإنه إذا فصل في الدعوى الموضوعية فإن الدعوى المستعجلة تصبح غير مقبولة. 2-القضاء المستعجل يمنح بصرف النظر عن وجود الحق الموضوعي :
ولهذا فإن الدعوى المستعجلة دعوى مجردة . وعلّة ذلك أنها مجرد وسيلة للتحفظ أثر الاحتياط ويترتب على هذا التجريد نتيجة هامة هي استقلال الدعوى المستعجلة في شروطها عن شروط الدعوى الموضوعية التي تفترض بثبوت وجود الحق الموضوعي.فكما جاء في نص المادة 917 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية أنه : "يفصل في مادة الاستعجال بالتشكيلة الجماعية المنوط بها البت في دعوى الموضوع". وفي الفقرة الثانية :" لا ينظر في أصل الحق ويفصل في أقرب الآجال " 3-القضاء المستعجل ذو أثر مؤقت :
فهو يرتب آثره إلى حين الفصل في الدعوى الموضوعية ولهذا فإن الحكم الصادر بالحراسة القضائية ينتهي أثره بصدور الحكم بالملكية لأحد الخصوم.
على أن القضاء المستعجل قد يؤدي في بعض الأحيان من الناحية الفعلية إلى الاستغناء عن رفع الدعوى الموضوعية. وكما جاء في نص المادة 299 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية في الفقرة الأولى: ""في جميع أحوال الاستعجال، أو إذا اقتضى الأمر الفصل في إجراء يتعلق بالحراسة القضائية أو بأي تدبير تحفظي غير منظم بإجراءات خاصة، يتم عرض القضية بعريضة افتتاحية أمام المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها الإشكال أو التدبير المطلوب، وينادى عليها في أقرب جلسـة.""
فكما نصت المادة 935 في الفقرة 1 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية : " يرتب الامر الاستعجالي آثاره من تاريخ التبليغ الرسمي أو التبليغ للخصم المحكوم عليه "
المبحث الثاني شروط القضاء المستعجل
يشترط لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة للنظر في الدعوى شرطين أساسيين:
أولهما:ضرورة توافر عنصر الاستعجال في المنازعة المطروحة أمامه.
و ثانيهما: أن يكون المطلوب هو إجراء وقتي لا يفصل في أصل الحق.
فإذا افتقرت المنازعة إلى أ ي من هذين الشرطين انعدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظرها ويتعين عليه الحكم بعدم الاختصاص، إما لعدم وجود عنصر الاستعجال وإما للمساس بالموضوع
المطلب الأول : شرط الاستعجال
لم يعرف المشرع الجزائري حالة الاستعجال واكتفى بالإشارة إلى ضرورة توافرها في نص المادة 299 من قانون الإجراءات المدنية بقوله (يجب الفصل في الدعاوي الاستعجالية في أقرب الآجال)، وتبعا لذلك فان تقدير حالة الاستعجال ترجع إلى القاضي الذي يستخلصه من وقائع الدعوى المعروضة أمامه، ثم يقوم بإعطائها التكييف القانوني، وعليه إن يبرز عنصر الاستعجال في الدعوى.
وإذا رجعنا إلى آراء الفقهاء فإنهم لم يتوصلوا إلى تعريف متفق عليه لفكرة الاستعجال وهناك اختلاف كبير حول تعريفه ، وهذا نظرا لكونه ركنا أساسيا في انعقاد الاختصاص للقاضي الإستعجالي
ويشترط لاختصاص القاضي الإستعجالي أن يتوافر وجه الاستعجال في الدعوى فإذا لم يتوافر هذا الشرط تعين على القاضي الحكم بعدم اختصاصه من تلقاء نفسه حتى ولو لم يدفع به الخصوم، كما يجوز إبداء هذا الدفع في أية مرحلة كانت عليها الدعوى لتعلق الاختصاص بالنظام العام
- أن القضاء الإستعجالي يعرف طبقا لنص المادة 303على انه درء لخطر حال ومستعجل دون المساس بأصل الحق.
وان القيام بإشغال الحفر والبناء يشكل خطر حال ومستعجل واٌن وقف أشغال الحفر
والبناء لا يمس بأصل الحق وبذلك فان عناصر الاستعجال متوفرة. وغني عن البيان إن اتفاق الطرفين على اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالنظر في النزاع لا يقيد القاضي المستعجل ما لم يكن الطلب المطروح أمامه قد توافر فيه وجه الاستعجال، وعنصر الاستعجال يستخلصه القاضي من وقائع الدعوى وظروفها، ثم يقرر أن كانت الدعوى مستعجلة أم لا.
ومادام الاستعجال مستمد من وقائع الدعوى فإننا نتساءل إن زال عنصر الاستعجال عن الدعوى أثناء النظر فيها أو في حالة ما إذا رفعت الدعوى دون توفر عنصر الاستعجال فيها ثم تحقق الشرط أثناء النظر فيها فهل يقضي القاضي الإستعجالي بعدم اختصاصه؟
شرط الاستعجال هو شرط مستمر يجب توافره عند رفع الدعوى وكذلك وقت صدور الحكم فيها سواء كانت الدعوى المستعجلة قد طرحت أمام المحكمة الدرجة الأولى أو أمام المجلس القضائي، وسبب هذا الاستعجال هو المبرر لاختصاص القضاء المستعجل استثناء من الاختصاص العادي للمحاكم بطريق الدعاوى العادية، وهو سبب للحكم المستعجل. وإذا زال عنصر الاستعجال عن الدعوى أثناء النظر فيها يتعين على القاضي الإستعجالي .( أن يصدر أمر بعدم اختصاصه. )
أما إذا حدث وان تحقق عنصر الاستعجال بعد رفع الدعوى أمام القاضي الإستعجالي :
فهل يقضي بعدم اختصاصه تأسيسا على أن المناط في تحديد الاختصاص هو بالوقت الذي رفعت فيه الدعوى ؟ أم انه يختص بنظرها لتوافرشرط الاستعجال أثناء إصداره الأمر فيها.
في هذا الصدد اتجه الفقه والقضاء إلى اعتبار أن القاضي الإستعجالي يختص بنظر هذه الدعوى ورفعها ولم يكن قائما وقتها وذلك لان تقدير القاضي الإستعجالي لشروط اختصاصه بنظر الدعوى يجب أن لا يتقيد بوقت رفعها بل بما قام بها وقت الفصل فيها.
مثال: لو رفعت الحراسة القضائية على حائز المال المتنازع عليه ولم يكن عنصر الاستعجال قائما وقت رفعها غير انه أثناء النظر في الدعوى صدرت منه تصرفات يخشى منه بسببها من وجود المال المتنازع عليه تحت يده، فان حالة الاستعجال هنا تتحقق ويثبت الاختصاص لقاضي الاستعجال
وحالة الاستعجال كما أسلفنا هو وصف يلحق بالدعوى الإستعجالية ويستمد من طبيعة الظروف المحيطة بها وليس من فعل الخصوم أو اتفاقهم أو رغبة احدهم في الحصول على أمر مستعجل فالقاضي ملزم دائما بالتقيد بطلبات المدعى وتقدير حالة الاستعجال فإذا استخلص من الوقائع المعروضة أمامه أن الخطر غير قائم وان الإجراء المطلوب اتخاذه لا ينتج عن عدم الأمر به أي ضرر بالمدعي أمر بعدم اختصاصه .
المطلب الثاني : شرط عدم المساس بأصل الحق
ذكرنا سابقا أن عدم المساس بأصل الحق هو الشرط الثاني الذي يستوجب توافره لانعقاد الاختصاص للقاضي الإستعجالي، ونجد أن المشرع الجزائري نص عليه صراحة في نص المادة 303 من قانون الإجراءات المدنية بقوله أن: (لا يمس الأمر ألاستعجالي أصل الحق، وهو معجل النفاذ بكفالة أو بدونها رغم كل طرق الطعن. كما أنه غير قابل للمعارضة ولا للاعتراض على النفاذ المعجل.) ومعنى ذلك أن الطلبات التي تقدم إلى القضاء الإستعجالي حتى تقبل يجب أن تكون وقتية ، وتكون كذلك إذا كان الفصل فيها لا يؤدي إلى المساس بأصل الحق .
والمقصود بالحق الذي يمنع على القاضي الإستعجالي المساس به هو السبب القانوني الذي يحدد حقوق والتزامات كل من الطرفين اتجاه الآخر، فلا يجوز له أن يتناول هذه الحقوق و الالتزامات بالتفسير أو التأويل الذي من شأنه المساس بموضوع النزاع ، كما ليس له أن يغير من مراكز الخصوم القانونية، و من ثم إذا رفعت الدعوى بطلبات موضوعية فإنها تكون خارجة عن اختصاص القاضي الإستعجالي و يقضي فيها بعدم الاختصاص كأن ترفع الدعوى بطلب تثبت ملكية عين، أو بطلب تقرير حق أو اتفاق عليها، أو بطلب فسخ عقد أو صحته أو بطلانه.
وفي هذا الصدد صدرت عدة قرارات عن المحكمة العليا استقرت في اجتهادها على انه يجب على القضاة التحق ق من شرط عدم المساس بأصل الحق وإلا تعرض قرارهم للنقض.
ومتى كان من المقرر قانونا انه في جميع أحوال الاستعجال يرفع الطلب بعريضة إلى رئيس الجهة القضائية للدرجة الأولى المختصة بالنظر في موضوع الدعوى وكان من المقرر كذلك أن الأوامر الإستعجالية التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس بأصل الحق، فان الفصل في الدعوى التي يتسم بالجدية والاعتماد على تفحص الوثائق المتصلة اتصالا مباشرا بوقائع الدعوى يقتضي التصريح بعدم اختصاص القاضي الإستعجالي.
و السؤال الذي يطرح في هذا المجال انه مادام عدم المساس بأصل الحق شرطا لازما الاختصاص القاضي الإستعجالي فهل يحرم عليه ذلك فحص مستندات الدعوى أو النظر في موضوعها مطلقا ؟
إن مبدأ عدم جواز المساس بالموضوع لا يمنع القاضي الإستعجالي من فحص المستندات والنظر في موضوع الدعوى وهذا لكي يتمكن من إصدار الأمر الوقتي المناسب فيها، فله إذا أن يفحص ظاهر الأوراق والمستندات المقدمة من الطرفين وله أن يدرس وسائل الدفاع ليتحقق فيما إذا كانت غير جدية ولا تثير نقاشا جديا في الموضوع.
وكأصل عام فان الحظر المفروض على القاضي الإستعجالي بعدم المساس بأصل الحق يمنعه من اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق كما هو الشأن في دعوى الموضوع، ولكن استثناءا من هذه القاعدة أجاز له المشرع الجزائري في المادة 939 من قانون الإجراءات المدنية أن يأمر باتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق يكون ضروريا للفصل في نزاع يحتمل حصوله إذا ما تعلق الأمر بإثبات حالة الوقائع ومن أمثلة ذلك:
دعوى تعيين خبير لإجراء جرد حضوري بين الأطراف لإحصاء الخدمات المنجزة من اليد العاملة ومواد البناء المستهلكة وكذا العتاد المستعمل
أو دعوى تعيين خبير لمعاينة أعمال هدم عقار مجاور لعقار المدعى لتقدير حالة الاستعجال والخطر الذي يتهدد حق المدعى
ومن الأمثلة التطبيقية لقاعدة عدم المساس بأصل الحق نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
**الأمر بتقرير حق المرور المؤقت لعقار على آخر إذا كان العقار منحصرا ولا يمكن الانتفاع به
**الترخيص للمستأجر بإجراء الإصلاحات اللازمة للعين المؤجرة إذا كان ضروريا يتطلب الاستعجال على وجه السرعة. يختص بتفسير الأوامر الاستعجالية في حدود اختصاصه.
**تعيين حارس قضائي على المال الشائع بين المتقاضين.
**وقف الأعمال المستحدثة .
**طرد المستأجر من العين المؤجرة إذا خالف الشروط المنصوص عليها في العقد.
الفصل الثاني الجهة القضائية المختصة بالقضاء الإستعجالي و شروط و إجراءات رفع الدعوى الإستعجالية
المبحث الأول : الجهة القضائية المختصة بالقضاء ألاستعجالي المطلب الأول : الجهة القضائية المختصة نوعيا بالقضاء المستعجل
حسب النصوص الواردة في قانون الإجراءات المدنية والتي تحكم القضاء الإستعجالي فإنها تخول الاختصاص للفصل في القضايا المعروضة عليه إلى رئيس الجهة القضائية متى توافر عنصر الاستعجال، هذا الأخير هو الذي يحدد ا لاختصاص النوعي للقضاء ألاستعجالي، الذي يعتبر من النظام العام يثيره القاضي تلقائيا ولو لم يدفع به الخصوم هذا بالاستناد المادة 299 من قانون الإجراءات المدنية.
ويكون رئيس المحكمة مختصا بإصدار الأمر الإستعجالي المطلوب إذا توفر في الدعوى شرط الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق ،كما يكون أيضا مختصا إذا وجد نص قانوني صريح يلزمه بذلك. .
وعليه يستخلص انه يجوز لرئيس المجلس القضائي أن ينظر في طلبات ذات الطابع الإستعجالي في أي موضوع دون المساس بأصل الحق .
المطلب الثاني الجهة القضائية المختصة محليا بالقضاء الاستعجالي:
إن الدعوى الإستعجالية حتى تكون مقبولة يجب أن ترفع أمام قاضي الأمور المستعجلة المختص محليا، ولكن ما هو ملاحظ على قانون الإجراءات المدنية انه لم يتضمن قواعد خاصة بالإختصاص المحلي بالنسبة للقضاء الإستعجالي فقد نصت المادة 458 من قانون الإجراءات المدنية "تقدم الطلبات المشار إليها في المادة 453 أعلاه، حسب القواعد المقررة لرفع الدعوى الاستعجالية وذلك أمام محكمة مقر ممارسة الولاية".
و في غياب نصوص خاصة بشأن الاختصاص المحلي بالنسبة للقضاء الإستعجالي فانه يتعين تطبيق القواعد العامة للاختصاص المحلي كما تنظمها المواد من 37 إلى 46 من قانون الإجراءات المدنية ،فالمادة40 فقرة 9 تنص على أنه:.في المواد المستعجلة، أمام المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها مكان وقوع الإشكال في التنفيذ، أو التدابير المطلوبة ،وتبعا لذلك فإن المحكمة المختصة محليا هي المحكمة التي يقع في دائرتها التنفيذ لأن الإشكالات المثارة تكون غالبا من طرف المنفذ عليه ، أما في سائر الدعاوي المستعجلة الأخرى التي تتضمن اتخاذ إجراء وقتي فإن المحكمة المختصة محليا هي المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان التدبير المطلوب .وفي سائر الدعاوى المستعجلة الأخرى التي تتضمن طلب إتخاذ إجراء وقتي فيكون الإختصاص فيها لرئيس المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو المحكمة المطلوب الحصول على الإجراء الوقتي في دائرتها .
المبحث الثاني : شروط وإجراءات رفع الدعوى الاستعجالية المطلب الأول : شروط رفع الدعوى الاستعجالية
لقد نصت المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية على الشروط الواجب توافرها قانونا لقبول الدعوى بصفة عامة والدعوى الإستعجالية بصفة خاصة وهي الصفة والمصلحة والأهلية أولا : الصفة
طبقا للأصل العام فان الصفة في الدعوى تثبت لكل صاحب حق أو مركز قانوني وقع عليه الاعتداء، وتبعا لذلك فان الحماية القضائية لا تمنح إلا لصاحب الصفة في الدعوى أي لصاحب الحق أو المركز القانوني المعتدى عليه. ويجب أن تنسب الدعوى إيجابا إلى صاحب الحق في الدعوى وسلبا لمن يوجد الحق في مواجهته، ويعبر عن هذا الشرط بأنه يجب أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة، وإذا لم ينجح المدعى في إثبات صفته في الدعوى فان القاضي العادي يحكم بعدم قبول الدعوى .
ومن المسلم به أن يكون لرافع الدعوى المستعجلة الصفة باعتباره فرعا من الفروع المدنية كأن يكون صاحب الحق المعتدي عليه والمراد حمايته بالإجراء المطلوب أو من يقوم مقامه وفي ذلك فان القاضي الأمور المستعجلة يملك سلطة في النظر والفصل في صفة المدعي كمسألة أولية يتعين الفصل فيها أولا قبل التعرض للطلب وبالتالي فالقاضي الأمور المستعجلة أن يحكم قبل البت في الطلب بعدم قبول الدعوى المستعجلة لانعدام الصفة .
ثانيا : المصلحة
أن المصلحة هي المنفعة التي يجنيها المدعي من التجائه إلى القضاء ويجب أن تكون هذه المصلحة قانونية أي أنها تستند إلى حماية قانونية لحق أو مركز قانوني، ويشترط في هذه المصلحة أن تكون شخصية ومباشرة، ومعناه أن رافع الدعوى يكون قد تضرر من اعتداء وقع على حق شخصي له مصلحة قائمة وحالة وهي أن الاعتداء وقع بالفعل. غير أنه في الدعوى الإستعجالية فان المصلحة يكفي أن تكون احتمالية مادام أن الضرر محدق ومادام أن الطلب القضائي يرمي إلى اتخاذ إجراء مؤقت لوقف هذا الضرر. وهنا تبرز أهمية السلطة التقديرية للقاضي الإستعجالي في ت
الفصل الثالث آثار الأوامر المستعجلة وطرق الطعن فيها
المبحث الأول أثار الأوامر الاستعجالية المطلب الأول : حجيّة الأوامر الاستعجالية
-إن الأوامر الإستعجالية ليست فاصلة في أصل النزاع لأنها أحكام وقتية لا تتعرض لموضوع الحق،وبالتالي لا يجوز العدول عنها إلا إذا كانت الأسباب التي دعت إلى إصدارها قد تعدلت أوجد من الأمور ما يستدع ي الحد من آثارها أو وقف تنفيذها ،فمثلا يظل حكم أمر الحراسة حائزة لقوة الشيء المقضي فيه طالما بقيت الظروف التي يبنى عليها الأمر قائمة، فلا يجوز أن يعرض هذا الأمر على القاضي الذي أصدره مرة أخرى إلا إذا تغير المركز السابق للخصوم سواء من ناحية الواقع أو القانون فإذا تغيرت هذه الظروف فان حجية الأمر تزول ويستطيع القاضي أن يعدل عن هذا الأمر
**كما أن الأمر ألاستعجالي لا حجة له أمام محكمة الموضوع طبقا لقاعدة عدم المساس بالموضوع عند نظر الدعوى أو أصل الحق، فلا تحوز أمامها قوة الشيء المقضي فيه ب ل لها أن تغير فيه و من ثمة فلمحكمة الموضوع أن تقضي مثلا بفسخ عقد الإيجار على الرغم من أن الأمر الإستعجالي صدر برفض دعوى الإخلاء، ويستثنى من ذلك دعاوى إثبات الحالة فإنها تبقى دائما هي وتقارير الخبراء الذين عينوا فيها محل اعتبار محكمة الموضوع عند الحكم في أصل الحق الذي أسس عليه ا، بشرط صدورها في حدود القانون ، والجدير بالذكر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالأخذ بتقارير
الخبراء الذين تعينهم بأحكام صادرة قبل الفصل في الموضوع ،كما يجوز لها عدم الأخذ بتقارير الخبراء الذين عينهم القضاء المستعجل إذا لاحظت عليها عدم الصحة أو النقض في أداء المأمورية.
- بالإضافة إلى أن الأوامر الإستعجالية لا حجية لها أمام محكمة الموضوع فهي أيضا لا حجية لها على الغير،
باعتبارها لا تؤثر إلا في طرفي الخصومة و خلفهما فلا يجوز التمسك بها ضد شخص لم يمثل في الخصومة الصادرة فيها الأمر. ويترتب على ذلك أنه إذا صدر حكم بالحراسة ضد شخص لم يمثل في الخصومة فلا يمكن الاحتجاج به عليه لتنفيذه ضده .
- قد يحدث أن يطرح أمام قاضي الأمور الإستعجالية قضية قد سبق له الفصل فيها هنا القانون يمنحه إمكانية الدفع بسبق الفصل فيها تلقائيا.
المطلب الثاني : تنفيذ الأوامر الاستعجالية :
الأوامر الإستعجالية واجبة النفاذ وبقوة القانون رغم الطعن فيها بالاستئناف وهذا تطبيقا لنص المادة 303 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص في الفقرة الأولى على أنه:
"لا يمس الأمر الاستعجالي أصل الحق، وهو معجل النفاذ بكفالة أو بدونها رغم كل طرق الطعن. كما أنه غير قابل للمعارضة ولا للاعتراض على النفاذ المعجل ."
غير أن تنفيذ الأوامر المستعجلة قد يكون بكفالة أو بغير كفالة، وللقاضي سلطة تقديرية في أن يلزم المحكوم له بتقديم كفالة قبل إجرائه التنفيذ، و هذا إذا خشي أن يصيب المحكوم عليه ضرر من النفاذ المعجل. والأصل أنه لا يجوز تنفيذ الأحكام قبل تبليغها والتنبيه على من صدر ضده الحكم بنفاذ مفعوله.إلا أن نص المادة 303 فقرة 3 أجازت استثناءا من القاعدة العامة للقاضي الإستعجالي وفي حالات الضرورة القصوى وحتى قبل قيد الأمر أن يأمر بالتنفيذ بموجب النسخة الأصلية للأمر دون حاجة لوضع الصيغة التنفيذية عليها تسجيله.
على من تقع المسؤولية في تنفيذ الأمر المستعجل ؟
قد يحدث أن ينفذ الأمر المستعجل ثم يلغى بالاستئناف ويقضى في الأصل بما يخالف مذهب القضاء المستعجل الأمر الذي يستتبع وجوب إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التنفيذ، فهل سيسأل طالب التنفيذ الأمر الإستعجالي كما يسأل طالب التنفيذ الأحكام الموضوعية المشمولة بالنفاذ المعجل ؟
يجوز للمنفذ ضده الرجوع أمام محكمة الموضوع بدعوى موضوعية على طالب التنفيذ بتعويض الضرر الذي لحقه من جراء ذلك التنفيذ إذا ألغي الأمر المستأنف أو رأت محكمة الموضوع لأي سبب من الأسباب عدم الأخذ به إذا كان طالب التنفيذ سيء النية ،وهذه النتيجة محل إجماع الفقه والقضاء . أما إذا كان طالب التنفيذ حسن النية، فقد ذهب البعض إلى القول بأنه لا يسال عن تعويض الضرر الذي تخلف عن التنفيذ لأنه كان يباشر عملا يخوله مباشرته بنص قانون.فلا يتصور أن يكون مسؤولا عنه ولكن هذا الرأي ضعيف إذ الراجح فقها وقضاءا أن طالب التنفيذ يلزم بتعويض هذا الضرر ولو كان حسن النية
المبحث الثاني: طرق الطعن في الأوامر المستعجلة المطلب الأول طرق الطعن العادية
بالرجوع إلى القواعد العامة فإن طرق الطعن العادية تتمثل في المعارضة والاستئناف . أولا: المعارضة
السؤال الذي يتوجب علينا طرحه في هذا المجال هو: هل الأوامر الإستعجالية قابلة للطعن فيها المعارضة أم لا ؟ و هل أن عدم قابليتها للمعارضة من النظام العام ؟
بالرجوع إلى نص المادة 609فقرة 3 من قانون الإجراءات المدنية نجدها تنص على:" غير أن الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل والأوامر الاستعجالية تكون قابلة للتنفيذ رغم المعارضة أو الاستئناف"، وبالتالي فإن الأوامر الإستعجالية لا يجوز الطعن فيها بالمعارضة بحكم القانون، و أن وصف القاضي الإستعجالي للأمر بأنه غيابي أو حضوري لا فائدة منه طالما أنه غير قابل للمعارضة.
وتعد عدم قابلية الأمر الإستعجالي للمعارضة من النظام العام يصوغ للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها، و في هذا الشأن صدرت عدة قرارات من المحكمة العليا تؤكد على أن عدم قابلية الأمر الإستعجالي للمعارضة من النظام العام.
وكذلك الاختلاف الموجود بين القضاة أيضا على مستوى محاكمنا و الذي لم يحسم فيه بعد وذلك بصدور نص ينظمه هو: ما مدى إمكانية الطعن بالمعارضة في القرارات الصادرة في المادة الإستعجالية المدنية؟ .
ومنه هل أن نص المادة 327 قاصرة على الأوامر الغيابية الصادرة على مستوى الدرجة الأولى أم أنها تمتد إلى الجهة القضائية الإستئنافية ؟
يوجد اختلاف بين القضاة حول هذه المسألة فهناك من يرى بأن القرارات الإستعجالية الصادرة عن المجالس القضائية في المواد المدنية قابلة للطعن فيها بالمعارضة،وهو نفس الاتجاه الذي استقر عليه اجتهاد المحكمة العليا في العديد من قراراتها.
في حين يذهب رأي آخر للقول: أن القرارات الغيابية الصادرة في المواد المستعجلة غير قابلة للمعارضة على أساس أن المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية التي تحظر المعارضة في الأوامر المستعجلة .ما لم يثبت أن الحكم الذي طعن به أمر به بالاستئناف أو المعارضة ، وأن الحكمة بمنع المعارضة في الأوامر المستعجلة هي ذاتها في قرارات الإستعجالية، وهي الإسراع في استقرار الأوضاع التي ترتبها الأوامر الإستعجالية فضلا عن زجر الخصوم عن غيابهم الذي يعوق بعض القضايا الإستعجالية، بالإضافة إلى أن المعارضة بطبيعتها لا تتلاءم مع إجراءات الإستعجال.
وحسب هذا الرأي فإنه يتساءل كيف أنه لا تجوز المعارضة في الأوامر الإستعجالية الصادرة عن المحاكم بينما يجوز ذلك في القرارات الإستعجالية الصادرة عن المجالس القضائية وهذا الخلاف لم يتم حسمه بعد .
ثانيا : الاستئناف.
تنص المادة 950 قانون الإجراءات المدنية على:" يحدد أجل استئناف الأحكام بشهرين (2) ويخفض هذا الأجل إلى خمسة عشر (15) يوما بالنسبة للأوامر الاستعجالية، ما لم توجد نصوص خاصة." المشرع الجزائري لم يضع إجراءات خاصة بإستئناف الأوامر الإستعجالية لذلك تطبق القواعد العامة في الاستئناف المنصوص عليها في المواد 949 إلى 952 ، ويرفع الاستئناف إلى الجهة القضائية المختصة حسب قواعد الإختصاص النوعي والمحلي. وينبغي على المجلس أن يبحث مجددا عن توافر شرطي الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق فإذا اختل هذان الشرطان أو أحدهما عند نظر الاستئناف وجب على المجلس أن يقضي بعدم اختصاصه.
هذا ويجوز التدخل على مستوى الإستئناف ممن يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم ولو لم يكن خصما في الدعوى الصادر فيها الأمر الإستعجالي المستأنف متى كانت له مصلحة في الدفاع عن حقوقه، لأن هذا التدخل لا يعدوا أن يكون تدخلا تحفظيا وينظر المجلس في الإستئناف المرفوع إليه بإجراءات ومواعيد مختصرة.
والاستئناف ليس له اثر موقف في الدعوى الإستعجالية وهذا خلاف للدعوى العادية
الفصل الثالث : آثار الأوامر المستعجلة وطرق الطعن فيها.
المبحث الأول : أثار الأوامر الاستعجالية المطلب الأول : حجيّة الأوامر الاستعجالية.
- إن الأوامر الإستعجالية ليست فاصلة في أصل النزاع لأنها أحكام وقتية لا تتعرض لموضوع الحق،وبالتالي لا يجوز العدول عنها إلا إذا كانت الأسباب التي دعت إلى إصدارها قد تعدلت أوجد من الأمور ما يستدع ي الحد من آثارها أو وقف تنفيذها ،فمثلا يظل حكم أمر الحراسة حائزة لقوة الشيء المقضي فيه طالما بقيت الظروف التي يبنى عليها الأمر قائمة، فلا يجوز أن يعرض هذا الأمر على القاضي الذي أصدره مرة أخرى إلا إذا تغير المركز السابق للخصوم سواء من ناحية الواقع أو القانون فإذا تغيرت هذه الظروف فان حجية الأمر تزول ويستطيع القاضي أن يعدل عن هذا الأمر
- كما أن الأمر ألاستعجالي لا حجة له أمام محكمة الموضوع طبقا لقاعدة عدم المساس بالموضوع عند نظر الدعوى أو أصل الحق، فلا تحوز أمامها قوة الشيء المقضي فيه ب ل لها أن تغير فيه و من ثمة فلمحكمة الموضوع أن تقضي مثلا بفسخ عقد الإيجار على الرغم من أن الأمر الإستعجالي صدر برفض دعوى الإخلاء، ويستثنى من ذلك دعاوى إثبات الحالة فإنها تبقى دائما هي وتقارير الخبراء الذين عينوا فيها محل اعتبار محكمة الموضوع عند الحكم في أصل الحق الذي أسس عليه ا، بشرط صدورها في حدود القانون ، والجدير بالذكر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالأخذ بتقارير
الخبراء الذين تعينهم بأحكام صادرة قبل الفصل في الموضوع ،كما يجوز لها عدم الأخذ بتقارير الخبراء الذين عينهم القضاء المستعجل إذا لاحظت عليها عدم الصحة أو النقض في أداء المأمورية.
- بالإضافة إلى أن الأوامر الإستعجالية لا حجية لها أمام محكمة الموضوع فهي أيضا لا حجية لها على الغير
، باعتبارها لا تؤثر إلا في طرفي الخصومة و خلفهما فلا يجوز التمسك بها ضد شخص لم يمثل في الخصومة الصادرة فيها الأمر. ويترتب على ذلك أنه إذا صدر حكم بالحراسة ضد شخص لم يمثل في الخصومة فلا يمكن الاحتجاج به عليه لتنفيذه ضده .
- قد يحدث أن يطرح أمام قاضي الأمور الإستعجالية قضية قد سبق له الفصل فيها هنا القانون يمنحه إمكانية الدفع بسبق الفصل فيها تلقائيا.
المطلب الثاني : تنفيذ الأوامر الاستعجالية :
الأوامر الإستعجالية واجبة النفاذ وبقوة القانون رغم الطعن فيها بالاستئناف وهذا تطبيقا لنص المادة 303 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص في الفقرة الأولى على أنه :
"لا يمس الأمر الاستعجالي أصل الحق، وهو معجل النفاذ بكفالة أو بدونها رغم كل طرق الطعن. كما أنه غير قابل للمعارضة ولا للاعتراض على النفاذ المعجل ."
غير أن تنفيذ الأوامر المستعجلة قد يكون بكفالة أو بغير كفالة، وللقاضي سلطة تقديرية في أن يلزم المحكوم له بتقديم كفالة قبل إجرائه التنفيذ، و هذا إذا خشي أن يصيب المحكوم عليه ضرر من النفاذ المعجل. والأصل أنه لا يجوز تنفيذ الأحكام قبل تبليغها والتنبيه على من صدر ضده الحكم بنفاذ مفعوله.إلا أن نص المادة 303 فقرة 3 أجازت استثناءا من القاعدة العامة للقاضي الإستعجالي وفي حالات الضرورة القصوى وحتى قبل قيد الأمر أن يأمر بالتنفيذ بموجب النسخة الأصلية للأمر دون حاجة لوضع الصيغة التنفيذية عليها تسجيله.
- على من تقع المسؤولية في تنفيذ الأمر المستعجل ؟قد يحدث أن ينفذ الأمر المستعجل ثم يلغى بالاستئناف ويقضى في الأصل بما يخالف مذهب القضاء المستعجل الأمر الذي يستتبع وجوب إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التنفيذ، فهل سيسأل طالب التنفيذ الأمر الإستعجالي كما يسأل طالب التنفيذ الأحكام الموضوعية المشمولة بالنفاذ المعجل ؟
يجوز للمنفذ ضده الرجوع أمام محكمة الموضوع بدعوى موضوعية على طالب التنفيذ بتعويض الضرر الذي لحقه من جراء ذلك التنفيذ إذا ألغي الأمر المستأنف أو رأت محكمة الموضوع لأي سبب من الأسباب عدم الأخذ به إذا كان طالب التنفيذ سيء النية ،وهذه النتيجة محل إجماع الفقه والقضاء . أما إذا كان طالب التنفيذ حسن النية، فقد ذهب البعض إلى القول بأنه لا يسال عن تعويض الضرر الذي تخلف عن التنفيذ لأنه كان يباشر عملا يخوله مباشرته بنص قانون.فلا يتصور أن يكون مسؤولا عنه ولكن هذا الرأي ضعيف إذ الراجح فقها وقضاءا أن طالب التنفيذ يلزم بتعويض هذا الضرر ولو كان حسن النية .
المبحث الثاني : طرق الطعن في الأوامر المستعجلة المطلب الأول طرق الطعن العادية
بالرجوع إلى القواعد العامة فإن طرق الطعن العادية تتمثل في المعارضة والاستئناف .
أولا: المعارضة
السؤال الذي يتوجب علينا طرحه في هذا المجال هو: هل الأوامر الإستعجالية قابلة للطعن فيها المعارضة أم لا ؟ و هل أن عدم قابليتها للمعارضة من النظام العام ؟
بالرجوع إلى نص المادة 609 فقرة 3 من قانون الإجراءات المدنية نجدها تنص على:" غير أن الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل والأوامر الاستعجالية تكون قابلة للتنفيذ رغم المعارضة أو الاستئناف"، وبالتالي فإن الأوامر الإستعجالية لا يجوز الطعن فيها بالمعارضة بحكم القانون، و أن وصف القاضي الإستعجالي للأمر بأنه غيابي أو حضوري لا فائدة منه طالما أنه غير قابل للمعارضة.
وتعد عدم قابلية الأمر الإستعجالي للمعارضة من النظام العام يصوغ للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها، و في هذا الشأن صدرت عدة قرارات من المحكمة العليا تؤكد على أن عدم قابلية الأمر الإستعجالي للمعارضة من النظام العام.
وكذلك الاختلاف الموجود بين القضاة أيضا على مستوى محاكمنا و الذي لم يحسم فيه بعد وذلك بصدور نص ينظمه هو: ما مدى إمكانية الطعن بالمعارضة في القرارات الصادرة في المادة الإستعجالية المدنية؟ .
ومنه هل أن نص المادة 327 قاصرة على الأوامر الغيابية الصادرة على مستوى الدرجة الأولى أم أنها تمتد إلى الجهة القضائية الإستئنافية ؟
يوجد اختلاف بين القضاة حول هذه المسألة فهناك من يرى بأن القرارات الإستعجالية الصادرة عن المجالس القضائية في المواد المدنية قابلة للطعن فيها بالمعارضة،وهو نفس الاتجاه الذي استقر عليه اجتهاد المحكمة العليا في العديد من قراراتها.
في حين يذهب رأي آخر للقول: أن القرارات الغيابية الصادرة في المواد المستعجلة غير قابلة للمعارضة على أساس أن المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية التي تحظر المعارضة في الأوامر المستعجلة .ما لم يثبت أن الحكم الذي طعن به أمر به بالاستئناف أو المعارضة ، وأن الحكمة بمنع المعارضة في الأوامر المستعجلة هي ذاتها في قرارات الإستعجالية، وهي الإسراع في استقرار الأوضاع التي ترتبها الأوامر الإستعجالية فضلا عن زجر الخصوم عن غيابهم الذي يعوق بعض القضايا الإستعجالية، بالإضافة إلى أن المعارضة بطبيعتها لا تتلاءم مع إجراءات الإستعجال.
وحسب هذا الرأي فإنه يتساءل كيف أنه لا تجوز المعارضة في الأوامر الإستعجالية الصادرة عن المحاكم بينما يجوز ذلك في القرارات الإستعجالية الصادرة عن المجالس القضائية وهذا الخلاف لم يتم حسمه بعد.
ثانيا : الاستئناف.
تنص المادة 950 قانون الإجراءات المدنية على:" يحدد أجل استئناف الأحكام بشهرين (2) ويخفض هذا الأجل إلى خمسة عشر (15) يوما بالنسبة للأوامر الاستعجالية، ما لم توجد نصوص خاصة." المشرع الجزائري لم يضع إجراءات خاصة بإستئناف الأوامر الإستعجالية لذلك تطبق القواعد العامة في الاستئناف المنصوص عليها في المواد 949 إلى 952 ، ويرفع الاستئناف إلى الجهة القضائية المختصة حسب قواعد الإختصاص النوعي والمحلي. وينبغي على المجلس أن يبحث مجددا عن توافر شرطي الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق فإذا اختل هذان الشرطان أو أحدهما عند نظر الاستئناف وجب على المجلس أن يقضي بعدم اختصاصه.
هذا ويجوز التدخل على مستوى الإستئناف ممن يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم ولو لم يكن خصما في الدعوى الصادر فيها الأمر الإستعجالي المستأنف متى كانت له مصلحة في الدفاع عن حقوقه، لأن هذا التدخل لا يعدوا أن يكون تدخلا تحفظيا وينظر المجلس في الإستئناف المرفوع إليه بإجراءات ومواعيد مختصرة.
والاستئناف ليس له اثر موقف في الدعوى الإستعجالية وهذا خلاف للدعوى العادية .
المطلب الثاني : طرق الطعن الغير عادية.
وهي الطرق المعتادة والمعروفة والمنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية وتتمثل في الطعن بالنقض، ألتماس إعادة النظر واعتراض الغير الخارج عن الخصومة. أولا: الطعن بالنقض :
يجوز الطعن بالنقض في القرارات الصادرة عن المجالس القضائية والتي فصلت في استئناف الأوامر المستعجلة في نفس الحالات والشروط المطبقة على الأحكام العادية.
والملاحظ على قانون الإجراءات المدنية أنه لم ينص صراحة على جواز الطعن بالنقض في الأوامر الإستعجالية ،ولكن بالمقابل لذلك فإنه لا يوجد أي نص يمنع ذلك، وأما نص المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية فإنها تمنع فقط المعارضة والاعتراض على النفاذ المعجل مما يفهم معه أنها تجيز طرق الطعن الأخرى و نلاحظ أن المشرع الجزائري لم يحدد ميعاد خاص للطعن بالنقض في الأحكام المستعجلة كما هو الأمر بالاستئناف فيها ،وعليه نطبق القواعد العامة في ميعاد الطعن بالنقض والمحدد بشهرين طبقا لنص المادة 354 من قانون الإجراءات المدنية وكان على المشرع أن يتدارك هذا ويقلص من المدة الزمنية التي يرفع فيها الطعن بالنقض في الأحكام المستعجلة الصادرة عن الجهات القضائية في الدرجة الثانية وهذا نظرا لحالة الاستعجال .
ثانيا: اعتراض الغير الخارج عن الخصومة :
يعتبر اعتراض الغير الخارج عن الخصومة طريق من طرق الطعن غير العادية وقد استقر قضاة المحكمة العليا على أن اعتراض الغير الخارج عن الخصومة مقبول ضد الأوامر المستعجلة وذلك تطبيقا لنص المادة 380 من قانون الإجراءات المدنية، حيث جاء فيها " يهدف اعتراض الغير الخارج عن الخصومة، إلى مراجعة أو إلغاء الحكم أو القرار أو الأمر ألاستعجالي الذي فصل في أصل النزاع.
- وحيث من جهة أخرى لا يوجد أي نص يستثني أو يمنع الطعن عن طريق اعتراض الغير الخارج عن الخصومة في الأوامر و القرارات الإستعجالية،وإنما بيّنت المادة 386 من ق إ م أنه " يجوز لقاضي الاستعجال أن يوقف تنفيذ الحكم أو القرار أو الأمر المطعون فيه، باعتراض الغير الخارج عن الخصومة حسب الأشكال المقررة في مادة الاستعجال" .
ومن هنا جاز الطعن في الأوامر والقرارات الإستعجالية بطريق اعتراض الغير الخارج عن الخصومة. بشرط أن الاعتراض لا يقبل على النفاذ المعجل إلا إذا ثبت أن الحكم الذي أمر به طعن فيه بالاستئناف أو المعارضة.كما جاء في نص المادة 325 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
ثالثا: التماس إعادة النظر :
استقر الفقه عموما على عدم جواز الطعن بطريق التماس إعادة النظر في الأوامر المستعجلة، هذه القاعدة تجد مبرراتها:
أولا : في كون الأمر الإستعجالي يصدر بصفة مؤقتة وتحفظية فيمكن لمن تضرر منه أن يطلب عن طريق دعوى مستعجلة جديدة إبطاله إذا حصل تغيير في وقائع الدعوى أو في المركز القانوني للطرفين أو لأحدهما كما يمكنه اللجوء إلى قاضي الموضوع.
ثانيا : فإن التماس إعادة النظر لا يكون مقبولا إلا عند عدم وجود طرق أخرى للطعن في الحكم وهذا الشرط الأخير لا يطبق على الأوامر المستعجلة كونها مؤقتة لا تمس بأصل الحق.
إلا أنه وما يلاحظ في قانون الإجراءات المدنية والإدارية أنه أجاز إلتماس إعادة النظر في الأمور الاستعجالية وذلك في المادة 390 من القانون والتي تضمنت في تعريفها للالتماس : " يهدف التماس إعادة النظر إلى مراجعة الأمرالاستعجالي أو الحكم أو القرار الفاصل في الموضوع، والحائز لقوة الشيء المقضي به، وذلك للفصل فيه من جديد من حيث الوقائع والقانون".
خاتمة
كما سبق لنا الذكر فإن التنظيم القانوني يعرف إلى جانب القضاء الموضوعي صورة أخرى من صور الحماية القضائية هي القضاء الوقتي أو الإستعجالي ،و تسمى الدعوى التي يرفعها الشخص للمطالبة بحماية حقه أو مركزه القانوني بالدعوى الإستعجالية .و يعتبر القضاء الإستعجالي وليد العصر من حيث تنظيمه و تسيره، وقد جاء استجابة لاتساع نشاط الأفراد ومصالحهم والذي من خلاله يمكن المحافظة على انتظام هذا النشاط المنطوي على جملة من الحقوق والمصالح بين الأفراد وذلك باتخاذ إجراءات وقتية وسريعة بعيدا عن التعقيدات المألوفة .
إلا أنه من الناحية العملية فإن القضاء الإستعجالي يتسم بالبطء المبالغ فيه رغم أن المشرع خصه بإجراءات بسيطة ومواعيد مختصرة، فالقضايا الإستعجالية المعروضة على محاكمنا اليوم يدوم الفصل فيها أشهر بكاملها وأحيانا يتجاوز الفصل فيها الآجال المقررة للقضاء العادي ، مما جعل القضاء المستعجل يفقد الخاصية التي ميزه بها المشرع مما يترتب عليه في غالب الأحيان تحقق الضرر للطرف الذي يستنجد به لحماية حقوقه.