شرح اسباب بطلان الاحكام وفق القانون الجزائري يبطل الحكم إما لعيب ذاتي فيه أو نظرا لقيامه على إجراء باطل أولا بطلان الحكم لعيب ذاتي فيه :
ويقصد بذلك أن الحكم غير صحيح شكلا ويمكن تعداد هذه العيوب كما يلي: أ- يجب أن يصدر الحكم من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا وإلا كان باطلا :
فإذا كانت أقسام المحكمة تشكيلتها فردية، فان المشرع اوجب :
في المادة 502 ق إ م إ أن يتشكل القسم الإجتماعي، تحت طائلة البطلان عن قاضي رئيسا ومساعدين"،
كما اوجب في المادة 276، ذكر أسماء وألقاب وصفات القضاة الذين تداولوا في القضية تحت طائلة البطلان إذا ثبت من وثائق
ملف القضية أو من سجل الجلسات انه لم يتم مراعاة فعلا هذا الإجراء .
وهو نفس البيان الواجب ذكره في القرار الصادر عن المجلس القضائي و كذلك فيما يخص قرارات المحكمة العليا.
- كما يبطل الحكم أيضا إذا تخلف بيان من البيانات التي أوجب المشرع إدراجها ضمن ورقة الحكم، وقد نصت المادة 275 ق إ م إ :
"يجب أن يشتمل الحكم، تحت طائلة البطلان للعبارة الآتية :
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
باسم الشعب الجزائري.
- كما نصت المادة 276 ق إ م إ "يجب أن يتضمن الحكم البيانات الآتية:
1- الجهة القضائية التي أصدرته.
2- أسماء وألقاب وصفات القضاة اللذين تداولوا في القضية.
3-تاريخ النطق به.
4-اسم ولقب ممثل النيابة العامة عند الاقتضاء.
5-واسم ولقب أمين الضبط الذي حظر على تشكيلة الحكم.
6- أسماء وألقاب الخصوم وموطن كل منهم، وفي حالة الشخص المعنوي تذكر طبيعته وتسميته ومقره الاجتماعي وصفة ممثله القانوني أو ألاتفاقي.
7-أسماء وألقاب المحامين أو أي شخص قام بتمثيل أو مساعدة الخصوم.
8-الإشارة إلى عبارة النطق بالحكم في جلسة علنية".
- كما نصت المادة 277 على انه " لا يجوز النطق بالحكم إلا بعد تسبيبه ويجب أن يسبب الحكم من حيث الوقائع و القانون، وان يشار إلى النصوص المطبقة، يجب أن يستعرض بإيجاز وقائع القضية وطلبات وادعاءات الخصوم ووسائل دفاعهم ويجب أن يرد على كل الطلبات والأوجه المثارة يتضمن ما قضى به في شكل منظوق".
- وقد أوردت المادة 565 ق إ م إ نفس البيانات فيما يخص القرار الصادر عن المجلس القضائي مع إضافة الإشارة إلى تلاوة التقرير.
- نصت المادة 278 " يوقع على أصل الحكم الرئيس وأمين الضبط والقاضي المقرر عند الاقتضاء..."
فقد حددت المواد السابقة البيانات الواجب ذكرها في الحكم وهي نفس البيانات تقريبا التي نصت عليها المادة 554 ق إجراءات مدنية فرنسي .
وهكذا وخلافا لما ذهب إليه القضاء المصري الذي اعتبر أن صدور الأحكام وتنفيذها باسم الأمة أو الشعب أمر مفترض بقوة الدستور نفسه ولا يتطلب عمل ايجابي من احد وإيراد ذلك البيان بورقة الحكم ليس إلا عملا ماديا لاحق كاشفا عن ذلك الأمر المفترض وليس شيئا له ومنه إذا خلا من هذه العبارة لا يعد باطلا ، فان المشرع الجزائري يعتبر عدم ذكر هذه البيانات يترتب عنه بطلان الحكم.
أما فيما يخص بقية البيانات الأخرى فنجد المادة 283 ق إ م إ " لا يترتب على اغفال أو عدم صحة احد البيانات المقدرة بصحة الحكم بطلانه إذا ثبت من وثائق ملف القضية أو من سجل الجلسات انه تم فعلا مراعاة القواعد القانونية".
هكذا إذا لم تورد المحكمة أي بيان من البيانات السابقة مع تبين من وثائق ملف القضية أو من سجل الجلسات انه تم مراعاة القواعد القانونية، فان ذلك لا يؤدي إلى هدم الحكم الذي استنفذ وقتا طويلا وجهدا كبيرا من الخصوم والقضاة، فإذا ورد أي خطا مادي أو إغفال لأحد البيانات كاسم الجهة القضائية أو أسماء وألقاب وصفات القضاة، أو تاريخ النطق، أو أسماء الخصوم...، فأمكن تصحيحها عن طريق الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم مثل سائر الأخطاء المادية التي يقع فيها أي حكم من الأحكام، والتي أجاز المشرع تصحيحها في المادة 286 ق إ م إ جديد، ولا شك أن المحكمة حين تقوم بتصحيح هذا البيان إنما تقوم بعمل مادي بحيث إذا قامت المحكمة من تصحيحه لا تعتبر قد عدلت فيما قضت به من حقوق والتزامات للأطراف،
وهو الأمر الذي نصت عليه المادة 02/287
ب-بطلان الحكم لعيب في المداولة :
من الضروري أن يتبادل القضاة الرأي بعد سماع المرافعة للاتفاق على الحكم في الدعوى قبل إصداره، و هو ما عبر عنه المشرع بالمداولة ويمكن أن يتم تبادل الرأي أو التشاور بين القضاة أما فورا وهم جلوس في قاعة الجلسة أو الانتقال إلى غرفة المشاورة وتخضع المداولة لعدة قواعد حتى تكون صحيحة مطابقة للقانون، فيجب أن تتم المداولات في السرية، وتكون بحضور كل قضاة التشكيلة دون حضور ممثل النيابة العامة والخصوم ومحاميهم وامين الضبط ، كما لا يمكن للخصوم تقديم طلبات أو الإدلاء بملاحظات بعد إقفال باب المرافعة ، كما يضاف إلى القرارات الصادرة عن المجالس القضائية وجوب أن يتلوا المستشار المقرر تقريره الكتابي أثناء المداولة .
وهكذا إذا تداول في الحكم من لم يسمع المرافعة أو حضر شخصا آخر من غير التشكلية أو على خصم أثناءها، يكون الحكم باطلا بطلانا متصلا بالنظام العام لتلقه بأسس النظام القضائي ،على أن الأصل هو افتراض حصول إجراءات المداولة صحيحة، لان الأصل في الإجراءات أنها قد روعيت وعلى المتمسك بعدم حصول المداولة على وجهها السليم أن يقيم ذلك و المناط في هذا الخصوص هو الاعتداد بالبيانات المثبتة بالحكم على أن تكمل بما ورد بمحضر الجلسة، وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض المصرية ، فإذا ثبت من الحكم ذاته، اختلاف الهيئة التي تداولت عن الهيئة سمعت المرافعة كان الحكم باطلا، أما إذا ثبت من نسخة الحكم ذاته أن القضاة الذين تداولوا هم الذين سمعوا المرافعة فان الحكم يكون صحيحا.
ولا يقبل الاحتجاج بمحضر الجلسة التي تلي بها منطوق الحكم لإثبات اختلاف الهيئة التي نطقت بالحكم عن الهيئة التي سمعت المرافعة، ذلك ان العبرة بسلامة الحكم في هذا الصدد هي الهيئة التي أصدرته لا الهيئة التي نطقت به.
ومن ناحية السرية قضي بأنه يعتبر مخالفا لمبدأ السرية، الحكم الذي يذكر انه قد صدر بالإجماع .
وللحد من بطلان الأحكام الناتجة عن تعيب عملية المداولة، يذهب القضاء الفرنسي إلى افتراض صحتها، أي أن القضاة الذين سمعوا
المرافعة يفترض أنهم قد تداولوا كذلك الحالة عندما يذكر الحكم أن قضاة معينين هم الذين تداولوا فانه يفترض هم ذاتهم الذين
سمعوا المرافعة
أما إذا لم تسمح بيانات الحكم بافتراض أن احد القضاة الذين أصدروه قد أشرك فعلا في سماع المرافعة، وشارك في المداولة على
نحو صحيح فان يكون باطلا.
ج-بطلان الحكم لعيب في النطق به وإصداره :
قرر المشرع في المادة 272 ق إ م إ أن النطق بأحكام يكون علينا ويقتصر النطق وفقا للمادة 273 على تلاوة منطوقه في الجلسة
من طرف الرئيس وبحضور قضاة التشكيلة الذين تداولوا في القضية.
- فيجب أن يكون النطق بالحكم علانية في جميع الأحوال، حتى الأحوال التي تكون فيها الجلسة سرية، وإلا كان الحكم باطلا، ذلك أن الحكم
لا يوجد إلا بالنطق به لأنه للقضاة العدول عن رأيهم قبل النطق بالحكم، ويعتبر الحكم صادر عن تاريخ النطق به، وهو بطلان يتصل بالنظام العام.
-كما اوجب المشرع حضور القضاة الذين اشتركوا في المداولة لإصدار الحكم، فحضورهم هو تأكيد على إصرارهم على الرأي الذين أبدى
وعدم العدول عنه.
وهذا على خلاف الشرع الفرنسي الذي لا يشترط أن يحضر النطق بالحكم جميع القضاة الذين تداولوا وسمعوا المرافعة، فيكفي حضور احد
القضاة فقط ممن أصدروا الحكم، ولا يشترط رئيس التشكيلة .
- كما يجب أن تصدر الأحكام القضائية باللغة العربية، تحت طائلة البطلان هو بطلان متصل بالنظام العام يمكن للقاضي أو يثيره من تلقاء
نفسه وهو ما نصت عيه المادة 8 فقرة 4 ق إ م إ .
د- بطلان الحكم الناتج عن عيب في التوقيع :
يشترط المشرع الجزائري في المادة 278 توقيع كل من الرئيس وامين الضبط والقاضي المقرر على أصل الحكم، فإذا تخلف توقيع من هذه التوقيعات يكون الحكم باطلا لتعلقه بالنظام العام إلا أنه ووفق للمادة 283 ق/م التي نصت على انه لا يترتب على إغفال أو عدم صحة احد البيانات المقررة لصحة الحكم ببطلانه، إذا ثبت عن الوثائق ملف القضية أو من سجل الجلسات انه تم فعلا مراعاة القواعد القانونية، إذ أن نص المادة 263 يعتبر خطوة واسعة في طريق الحد من بطلان الأحكام فليس معنى أن المشرع نص على أن بيانا معينا أو طريقة محددة لإعداد الحكم أو الإصدار ويجب احترامها وإلا كان الحكم باطلا، وإنما يقضى بالبطلان بوقوع المخالفة لذلك البيان أو تلك الطريقة.
ثانيا بطلان الحكم لعيب في الإجراءات التي بني عليها :
إذا حدث وان بني الحكم علي اجراء باطل فانه يبطل بدوره، لبطلان أو انهيار الأساس الذي بني عليه، ويتم التمسك بهذا البطلان عن طريق الطعن، فإذا اتخذ في الدعوى أي إجراء باطل، بني عليه الحكم كان الحكم ذاته باطلا، ويستوي أن يكون هذا الإجراء الباطل قد انفتحت به الخصومة أو انتهت
به، أو أن يكون إجراء يتعلق بسيرها أو استبعادها.
فمثلا خلو محضر التبليغ الرسمي من بيانات المادة 407 يجعله قابلا للإبطال وإذا حكم بإبطاله فانه
يترتب على ذلك إلغاء جميع الإجراءات اللاحقة له.
-إذا بني الحكم على إجراء من إجراءات التحقيق، وكان هذا الإجراء باطلا فان الحكم يبطل بالتبعية.
-إذا صدر الحكم في فترة انقطاع الخصومة كان باطلا، لأنه يترتب على انقطاع سير الخصومة بطلان جميع الإجراءات التي تمت بعد حصوله.
- إذا كانت الجلسات التي نظرت فيها الدعوى سرية حيث ذلك مخالف لمبدأ علنية الجلسات مادة 07 ق إ م إ، وإذا نص القانون
على وجوب أن تكون سرية وجب على المحكمة أن تحترم ذلك وإلا كان حكمها باطلا.
- يعتبر الحكم باطلا لعدم احترام حق الدفاع
- يعتبر الحكم باطلا إذا بني على واقعة لا سند لها بالأوراق أو مستندة إلى مصدر موجود ولكنه مناقض لها أو يستحيل منه
استخلاص تلك الواقعة
- كذلك يبطل الحكم إذا لم يشتمل على الأسباب التي بني عليها ، أو شاب تسبيبهه قصور، كما يبطل الحكم تناقض أسباسه.
كيفية التمسك ببطلان الحكم (ضرورة التمسك ببطلان الحكم عن طريق الطعن (
إذا كان الحكم باطلا سواء لعيب ذاتي فيه أو لقيامه على إجراءات باطلة. فانه يجب التمسك بهذا البطلان عن طريق الطعن في
الحكم الباطل أو المبني على إجراء باطل من الخصم صاحب الحق في التمسك بالبطلان.
- إذا سقط الحق في الطعن لأي سبب من الأسباب ترتب عن ذلك تصحيح بطلان الحكم والإجراءات السابقة عليه .
-إذا رفع الطعن في الميعاد ولم يتمسك الخصم _ في عريضة الطعن _ بأوجه البطلان التي تشوب الحكم أو التي تعيب الإيراد المبني
عليها، فلا يحق له بعد ذلك التمسك بتلك الأوجه حسب المادة 61 ق إ م إ.
-إذا كان الأصل انه لا يمكن طلب بطلان الأحكام إلا عن طريق الطعن المنصوص عليه في القانون، إلا انه إذا تجرد الحكم من أركانه الأساسية، بحيث يشوبه عيب جوهري جسيم يعيب كيانه ويفقده صفته كحكم فان الحكم يعتبر منعدما، ولا يرتب حجية الأمر المقضي ولا يستنفذ القاضي سلطته
ولا يرد عليه التصحيح، فالقضاء تبنى فكرة الانعدام mexistence ويرتب عليها إمكانية التمسك بانعدام الحكم عن طريق دعوى احد ببطلان الحكم،
وكذلك عن طريق الدفع بانعدام الحكم، بالإضافة إلى إمكانية التمسك بانعدام الحكم عن طريق الطعن فيه وإمكانية التمسك بانعدام الحكم عن طريق منازعة في التنفيذ .