logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





06-05-2022 11:30 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 12-06-2021
رقم العضوية : 28093
المشاركات : 97
الجنس :
قوة السمعة : 10

بحث حول انقضاء الالتزام في القانون الجزائري
أولا انقضاء الالتزام بتنفيذه
ثانيا انقضاء الالتزام بما يعادل تنفيذه
ثالثا انقضاء الالتزام دون الوفاء به

لتحميل بحث انقضاء الالتزام بصيغة doc
إضغط هنا
أو
هنــــــا


تمهيد
المبحث الأول : انقضاء الالتزام بتنفيذه – الوفاء (م 258 إلى 284 مدني)
المطلب الأول : تعريف الوفاء وأطرافه
المطلب الثاني : محل الوفاء
المطلب الثالث : زمان ومكان الوفاء
المطلب الرابع : عوارض الوفاء
المطلب الخامس : آثار الوفاء
المبحث الثاني : انقضاء الالتزام بما يعادل تنفيذه
المطلب الأول : الوفاء بمقابل (م 285 – 286 مدني)
المطلب الثاني : التجديد (م 287 إلى 293 مدني)
المطلب الثالث : الإنابة في الوفاء (م 294 إلي 296 مدني)
المطلب الرابع : المقاصة (م 297 إلى 303 مدني)
المطلب الخامس : اتحاد الذمة (م 304 مدني)
المبحث الثالث : انقضاء الالتزام دون الوفاء به
المطلب الأول : الإبراء (م 305 إلي 306 مدني)
المطلب الثاني : استحالة التنفيذ ( م 307 مدني)
المطلب الثالث : التقادم المسقط ( م 308 إلى 322 مدني)
خاتمة

تمهيد :
إن الالتزام باعتباره رابطة قانونية تترتب عنها آثار قانونية فان هذا الالتزام مهما كان مصدره فانه يلزم أطرافه، فبحكم أن الإنسان اجتماعي بطبعه ذلك ما يجعله يرتبط مع أشخاص آخرين داخل مجتمعه و أحيانا ما يكون هدا الارتباط متمثل في العقد ؛ يعتبر هدا الأخير من أهم مصادر الالتزامات التي تربط الفرد في معاملاته مع غيره فتعامل الأفراد فيما بينهم يستند في جل الأوقات إلى إبرام عقود مختلفة تنشئ عنها التزامات متقابلة لكلا الطرفين المتعاقدين .
و لقد شرعت العقود في مجال المعاملات من أجل إشباع حاجات الأفراد و تحقيق رغباتهم باعتبار أن العقد هو الوسيلة الفعالة التي يستطيع الفرد أن يحقق بها بعض مصالحه الاقتصادية و الاجتماعية ما دامت مصلحته لا تتعارض مع النظام العام و الآداب العامة بل و يتصدى ليصل إلى المصلحة العامة كالصفقات العمومية .
و لما كان الالتزام يعرف على أنه رابطة قانونية بين الدائن و المدين فإن مصيره حتما هو الزوال لأن بقاء الالتزام على عاتق المدين يثقل كاهله؛ و أن تأييد رابطة الالتزام يتعارض مع الحرية الشخصية للمدين فأي التزام مهما كان مصدره ينتهي بزواله ‎.‏
و المعلوم أن النهاية الطبيعية لأي التزام أو حتى شخص هي الانقضاء إذ لا يمكن أن يكون الالتزام أبديا على أن انقضاء الالتزام يرجع لعدة أسباب ، فقد ينقضي الالتزام بتنفيذه اي بالوفاء به و قد ينقضي الوفاء بشيء آخر يقوم مقام الوفاء الأصلي، وقد ينقضي دون الوفاء به أصلا .
الالتزام أو الحق الشخصي مآله الانقضاء، إذ لا يمكن للحق الشخصي أو الالتزام أن يكون أبديا ولانقضاء أسبابا يمكن تصنيفها كالآتي:
- فقد ينقضي الالتزام بتنفيذه، وفي هذه الحالة نجد سبب الانقضاء الوفاء.
- وقد ينقضي الالتزام عن طريق الوفاء بشيء آخر يقوم مقام الوفاء الأصلي ، وأسباب الانقضاء هنا هي الوفاء، والتجديد، و الإنابة في الوفاء، والمقاصة واتحاد الذمة.
- وقد ينقضي الالتزام دون الوفاء به أصلا ونجد في هذه الحالة الإبراء و استحالة التنفيذ والتقادم المسقط.
المبحث الأول : انقضاء الالتزام بتنفيذه – الوفاء (م 258 إلى 284 مدني)
للإحاطة بالوفاء، يجب تعريفه ثم بيان أطرافه وأخيرا محله.
المطلب الأول: تعريف الوفاء وأطرافه :
الفرع الأول : تعريف الوفاء :
الوفاء بالالتزام هو نفسه التنفيذ العيني للالتزام، والوفاء بهذا تصرف قانوني، بل هو عقد بين الدائن والمدين على إنهاء الالتزام عن طريق هذا التنفيذ العيني، ويجب في الوفاء، باعتباره تصرف قانوني، أن تتوفر في من يقوم به أهلية التصرف وأن تكون إرادته غير مشوبة بعيب من عيوب الإرادة المعروفة.
وإذا كان الوفاء يترتب عليه أن تبرأ ذمة المدين من الدين بصفة نهائية، فإنه أحيانا قد يتولى هذا الوفاء أجنبي، مما يترتب عليه انقضاء دين الدائن، لكن يبقى المدين مدينا لهذا الأجنبي، على اعتبار أن الأخير يحل محل الدائن في دينه الذي كان له تجاه المدين، ولهذا السبب تجب التفرقة بين الوفاء البسيط والوفاء مع الحلول.
الفرع الثاني : أطراف الوفاء :
للوفاء طرفان هما الموفى والموفى له.
أولا – الموفى
أ) شروط الموفى :
يشترط في الموفى – متى كان الوفاء عبارة عن نقل ملكية شيء – أن يكون مالكا للشيء الذي يوفي به، وإلا جاز للدائن أن يبطل ذلك الوفاء قياسا على حق المشتري في إبطال بيع ملك الغير وفق ما نصت عليه (م: 397 مدني)، كما يشترط في الموفى أن يكون أهلا لإبرام التصرف (باعتبار الوفاء تصرف قانوني) وإلا كان وفاؤه باطلا أو موقوفا بحسب الأحوال.
ب) صفات الموفى :
الوفاء قد يكون من المدين أو شخص أخر له مصلحة في الوفاء، كما قد يكون من شخص ليست له أية مصلحة فيه.
-1الوفاء من المدين :
الوفاء كأصل عام يتم من المدين، أو من نائبه (سواء كانت نيابة اتفاقية (كوكيل أو مصرف) أو قانونية (كولي أو وصي عن القاصر والمحجور عليه).
-2الوفاء من شخص له مصلحة في الوفاء :
والأشخاص الذين تكون لهم مصلحة في الوفاء بدين المدين هم المدين المتضامن، والمدين في دين غير قابل للانقسام، وكفيل المدين (سواء كانت الكفالة شخصية أو عينية)، والحائز لعقار مرهون.
-3الوفاء من شخص لا مصلحة له في الوفاء :
والوفاء من هذا الشخص قد يكون ما قام به تبرعا للمدين، أو فضالة وليس لدائن هنا رفض هذا الوفاء، إلا أن يكون دين المدين من فئة الالتزامات التي تراعى فيها شخصية المتعاقد، على أن المدين يمكنه الاعتراض على الوفاء الصادر من الموفي، ومتى أبلغ به الدائن، كان لهذا الأخير إما رفض الوفاء أيضا، أو قبوله وبذلك تبرأ ذمة المدين.
ثانيا – الموفى له :
أ) شروط الموفى له :
يشترط في الموفى له أن يكون أهلا لإبرام التصرف، وهذا على اعتبار أن الوفاء يترتب عليه انقضاء الدين وهذا الأخير من أعمال التصرف كما أنه يشترط في الموفى له أن يكون ذا صفة في الاستيفاء، كما سنبينه حالا.
ب) صفات الموفى له :
قد يتم الوفاء للدائن أو لنائبه أو لشخص أخر غير الدائن.
-1 الوفاء للدائن أو لنائبه:
الأصل في الوفاء أن يتم للدائن ذاته، لكن يجوز أيضا الوفاء لنائبه (سواء كانت نيابته اتفاقية (كوكيل بقبض الدين) أو قانونية (كحال الولي والوصي والقيم) أو قضائية (كوكيل التفليسة (
-2 الوفاء لغير الدائن :
يكون الوفاء صحيحا متى تم لشخص آخر غير الدائن أو نائبه، وهذا متى أقر الدائن ذلك الوفاء، وفي هذه الحالة يصبح ذلك الإقرار بمثابة توكيل بقبض الدين، وحتى في غياب الإقرار، يكون الوفاء صحيحا لكن بشرط أن يعود ذلك الوفاء بالمنفعة على الدائن وفي حدود تلك المنفعة فقط، وتتصور هذه الحالة فيمن يوفي لدائن الدائن مثلا.
ويكون الوفاء صحيحا إذا ما تم لشخص يظهر أمام الغير على أنه الدائن، وهذا ما يحدث فيمن ينفذ وصية بإعطاء مبلغ إلى الموصى له ثم يظهر فيما بعد أن الوصية باطلة أو تم الرجوع فيها، وكمن يوفي بدينه إلى وارث معين، ثم يتبين أنه محجوب بغيره، أو كمن بوفي لمحال إليه (في حوالة الحق) ثم يظهر أن الحوالة باطلة، على أن صحة الوفاء للدائن الظاهر مشروطة بكون الموفي ذاته حسن النية، أي لا يعلم بأنه يوفي لغير الدائن.
المطلب الثاني : محل الوفاء :
يكون الوفاء بالشيء أصلا، سواء كان عبارة عن نقل ملكية شيء معين بذاته أو بنوعه أو كان عبارة عن التزام بالقيام بعمل أو الامتناع عنه، فلا يجبر الدائن على قبول شيء أخر غير مستحق ولو كان أعلى قيمة، كما لا يجبر المدين على الوفاء بشيء آخر ولو كان أقل منه قيمة، وإذا وجب الوفاء بالشيء المستحق فإنه يجب الوفاء به كاملا غير منقوص، إذ لا يجبر الدائن على قبول وفاء جزئي، وهذا كله ما لم ينص الاتفاق أو القانون على الوفاء الجزئي (كما يحصل في المقاصة، والوفاء بجزء الدين غير المتنازع فيه).
هذا ويشمل الوفاء بالدين ملحقاته أيضا، أي نفقات الدين (كالطابع والرسوم ومصاريف الكيل أو العد أو الوزن ونفقات شحن الشيء المستحق ).
المطلب الثالث : زمان ومكان الوفاء :
الأصل أن يتم الوفاء بالدين بمجرد ترتبه في ذمة المدين إلا أن يتعلق الأمر بالتزام مضاف إلى أجل، على أن المشرع أعطى السلطة التقديرية للقاضي في أن يمنح المدين حسن النية أجلا للوفاء على ّأن لا يتجاوز هذا الأجل سنة واحدة، ويطلق على هذا الأجل بنظرة المسيرة.
أما مكان الوفاء بالدين فإن القاعدة العامة تقضي أن الدين مطلوب وليس محمول، أي يتوجب على الدائن أن يسعى وراء مدينه للحصول على الدين وبالتالي يكون الوفاء في موطن المدين، أما إن كان محل الوفاء شيئا معينا بالذات، فالأصل أن يتم الوفاء به في المكان الذي وجد فيه وقت نشوء الالتزام.
المطلب الرابع : عوارض الوفاء :
قد تعترض المدين حين إرادته الوفاء بالدين صعوبات تتمثل إما في رفض الدائن لذلك الوفاء (لاعتقاد الدائن مثلا أنه لا يستوفي حقه كاملا، أو أن الموفي به لا يتفق مع المواصفات المتعلقة بجودته ...) أو في استحالة الوفاء للدائن (كأن يتوفى الدائن ويترك ورثة ولا يعلم المدين من هم )، أو أن لدين يتنازعه عدة دائنين ...) في مثل هذه الحالة وضع المشرع بين يدي المدين سلوك طريق ما يسمى بالعرض الحقيقي والإيداع.
فيلتزم المدين أولا بعرض وفائه للدين (أي كامل الشيء المستحق وملحقاته) في المكان والزمان المحددين، ومتى رفض الدائن هذا الوفاء، سجل المدين عليه ذلك الرفض بإعلان رسمي على يد محضر قضائي مثلا، ويعد مثل ذلك الإعلان إعذار للدائن، يترتب عليه نقل تبعة هلاك الشيء محل الوفاء إليه (متى كانت قبله على المدين) مع حق المدين في تعويض الضرر الذي يصيبه جراء ذلك الرفض وتلي مرحلة الإعذار مرحلة العرض الحقيقي للدين عن طريق إحضار محل الوفاء فعلا (تقودا كان أو شيئا آخر) فيحرر عنه محضر عرض بمعرفة كاتب الجهة القضائية المختصة ويذكر فيه رفض الدائن للعرض الحقيقي، ويترتب على رفض العرض الحقيقي حق المدين في مباشرة إجراءات الإيداع، أي إيداع الشيء محل الوفاء قلم كتاب المحكمة أو من يعينه القضاء ليتسلم الشيء محل الوفاء، على أنه لا تبرأ ذمة المدين بهذا الإيداع إلا أن يستصدر حكما من القضاء – بموجب دعوى قضائية – بصحة العرض والإيداع، إذ أن ذلك الحكم يكون بمثابة وفاء من المدين.
المطلب الخامس : آثار الوفاء :
يترتب على الوفاء بالدين انقضاء التزام المدين وكذا الضمانات التي كانت تضمن الوفاء بالدين، على أن إشكالا قد يظهر في الحالة التي يكون على نفس المدين عدة ديون من طبيعة واحدة ومستحقه كلها لنفس الدائن، فأي الديون يعتبر قد انقضى بالوفاء السابق ؟ إشكالا آخر يبقى قائما في الحالة التي يتم فيها الوفاء لا من المدين، بل من شخص آخر ، فما مصير المدين الموفى عنه وكذا الموفي ذاته ؟
أولا – تعيين جهة الدفع : (أو حالة تعدد الديون التي من جنس واحد ولدائن واحد(
يقصد بهذه الحالة أن تعدد ديون المدين التي في ذمته وتكون كلها من طبيعة واحدة ( كمبالغ نقدية ) لدائن واحد، غير أن ما يوفيه المدين لا يكفي لانقضاء جميع تلك الديون بل واحدا فيها أو أكثر، وتظهر أهمية هذه الحالة حينما تكون بعض الديون مضمونة دون غيرها أو أن بعضها يسري عليها الفوائد – متى أقر القانون ذلك – دون غيرها.
أعطى المشرع للمدين الحق في أن يعين جهة الدفع، أي يبين أي الديون تنقضي أولا، والمدين سيراعي طبعا مصلحته في ذلك التعيين، إذ أنه سيختار الديون الأشد كلفة عليه لكي تنقضي أولا (كدين مضمون بتأمين معين، أو دين تقادمه طويل).
على أن اختيار المدين ليس مطلقا، فهو لا يستطيع أن يخالف الاتفاق – متى كان هناك اتفاق – على التعيين، كما لا يستطيع أن يجزء وفاءه للدين.
ومتى لم يقم المدين بذلك التعيين، فإن القانون هو الذي يتولى تعيين جهة الدفع متبعا في ذلك لترتيب الآتي : فيجب البدء بالدين الذي حل أجله، ومتى كانت كلها حالة، وجب تقديم الدين الأشد كلفة على المدين بحسب ما يقرره القضاء كذلك (كدين ينتج فوائد، ودين تقادمه طويل، ودين ثابت في سند تنفيذي، ودين مقترن بشرط جزائي ..) ومتى تساوت في الكلفة – وفي غياب النص القانوني – فإن بعض القوانين تمنح الدائن تعيين جهة الدفع، أو تعطي الأولوية للدين الذي نشأ أولا، ومتى نشأت كلها في نفس الوقت وجب الوفاء بكلها بحسب نسبة كل دين، مما يترتب عليه الوفاء الجزئي لكل دين.
ثانيا – الوفاء مع الحلول :
سبق أن عرفنا أن الوفاء قد يتم من شخص أخر غير المدين أو نائبه، وأن هذا الشخص قد تكون له مصلحة في الوفاء وقد لا تكون له أية مصلحة فيه.
ومثل هذا الوفاء يكون في مصلحة الدائن، لأنه بذلك يستوفي حقه، ثم هو في مصلحة المدين لأن الذي وفى عنه قد يكون أيسر في المعاملة من دائنه الموفى له.
ومتى حصل الوفاء من شخص أخر غير المدين أو نائبه فإن دين الدائن ينقضي دون دين المدين، إذ يحل الموفي محل الدائن في حقوق هذا الأخير تجاه المدين، ومثل هذا الحلول قد يكون بنص القانون أو بنص الاتفاق، وفي غيابهما، يكون دائما للموفي – ما لم يكن متبرعا – أن يرجع على المدين الذي وفى عنه بدعوى شخصية، قد تكون دعوى مبنية على الوكالة (متى وكل المدين الموفي بالوفاء) أو بدعوى الفضالة (متى تولى الموفي الوفاء دون علم المدين مثلا) أو بدعوى الإثراء بلا سبب (كأن يكون المدين قد نهى الموفي عن الوفاء للدائن) ورجوع الموفي بالدعوى الشخصية يكون بدين جديد ترتب للموفي في ذمة المدين، أي لا علاقة لهذا الدين بدين المدين تجاه دائنه.
أما لو رجع الموفي على المدين بدعوى الحلول فإن أساس ذلك يكمن، كما سبق أن أشرنا، في نص القانون أو نص الاتفاق، ذلك أن الحلول يعد استثناءا من الأصل العام الذي هو انقضاء دين المدين بالوفاء، بينما في الحلول يبقى ذلك الدين قائما.
أ) الحلول القانوني :
ونص المشرع على خمس حالات يكون فيها هذا الحلول وهي أن ينص القانون على مثل هذا الحلول، وأن يكون الموفي ملتزما بالدين مع المدين (وهذا ما يتصور في المدين المتضامن والمدين في دين غير قابل للانقسام)، أو ملتزما بالوفاء عن المدين (وهذا ككفيل شخصي أو عيني للمدين)، أو أن يكون الموفي ذاته دائنا لذات المدين وقام بالوفاء للدائن الذي يتقدمه بما للدائن الموفى له من تأمين عيني (كرهن رسمي أو حيازي أو اختصاص أو امتياز) وبذلك يحل محله في ذلك التأمين العيني، أو أن يكون الموفى قد اشترى عقارا مرهونا ودفع ثمن العقار لا إلى بائعه، بل إلى الدائن المرتهن ليحل بالتالي محله في ذلك الضمان ويضمن بالتالي استيفاء حقه قبل غيره في حالة تعدد الدائنين المرتهنين المتأخرين عنه مرتبة.
ب) الحلول الإتفاقي :
ومثل هذا الحلول جائز بحيث قد يحصل باتفاق يجمع الدائن والموفي ولو بغير رضا المدين، لكن يشترط فقط أن يقع الاتفاق إما قبل الوفاء أو معه، لا بعده، وهذا كله درءا للتحايل إضرارا بحقوق دائنين آخرين، كما أن هذا الحلول قد يتم باتفاق الموفي مع المدين ذاته لكن هذا مشروط بأن يقترض المدين مبلغا ماليا ليسدد به دين الدائن ويذكر ذلك كله في عقد القرض وحين الوفاء، وبهذه الكيفية يحل المقرض محل الدائن الذي استوفى حقه من مبلغ القرض.
ج) آثار الحلول :
يترتب على الحلول بنوعيه أن ينتقل الدين إلى الموفي الذي حل محل الدائن، مع كل ما كان يميز ذلك الدين من خصائص وتوابع وضمانات (كالتأمينات العينية والشخصية التي كانت تكفل الحق ، وكذا الدعاوى التي يملكها الدائن تجاه المدين (كدعوى الفسخ، والدعوى البولصية)) على أنه تنتقل إلى الموفي أيضا الدفوع التي من حق المدين التمسك بها تجاه الموفي (كالبطلان والقابلية للإبطال، وككون الدين معلق على شرط أو مضاف إلى أجل، أو كون الدين قد انقضى لسبب ما كالوفاء أو الإبراء أو المقاصة ...) وحلول الموفي محل الدائن يكون بقدر ما وفاه من دين الدائن، فإن وفاه جزئيا فقط لم يكن للموفي أن يزاحم الدائن عند اقتضاء الجزء المتبقي من المدين،بل يتقدم الدائن عليه في مثل هذه الحالة، وخلاف هذا الحكم يكون في حالة ما إذا وفى الجزء المتبقي موف ثان، إذ هنا لا أفضلية لأحدهما على الآخر عند رجوعهما على المدين، بل يقتسمان ماله قسمة الغرماء ونفس هذا المركز الأدنى في معاملة الموفي من مركز الدائن الأصلي، نجده في حالة ما إذا كان الموفي حائزا لعقار مرهون ضمانا لدين الدائن، فوفى دين الدائن وبالتالي حل محله، غير أن الموفي هنا لا يستطيع الرجوع على باقي الحائزين لبقية العقارات المرهونة ضمانا لدين الدائن إلا بمقدار نصيبه في ما يحوزه من العقار المرهون.
وتتمثل الطرق التي تعادل التنفيذ العيني كلا من الوفاء بمقابل، والتجديد، والإنابة في الوفاء، والمقاصة، واتحاد الذمة.
المطلب الأول : الوفاء بمقابل (م 285 – 286 مدني ( :
الفرع الأول – تعريفه :
الوفاء بمقابل عبارة عن اتفاق بين الدائن والمدين، يرضى بمقتضاه الدائن، وهو بسبيل استيفاء حقه، بشيء آخر غير الشيء المستحق أصلا.
الفرع الثاني : أركانه :
للوفاء بمقابل ركنان هما الاتفاق على الاستعاضة بمحل جديد مكان المحل الأصلي، وانتقال ملكية المحل الجديد فعلا إلى الدائن.
أولا : الاتفاق على الوفاء بمقابل
يقصد بذلك أن يتفق الدائن والمدين على أن الأخير لا يوفي بالمحل الأصلي (سيارة، أو منزلا، أو نقودا) بل بشيء آخر تنتقل إليه ملكيته (نقودا، أو قطعة أرض، أو سيارة)، ولما كان هذا الاتفاق ليس إلا عقدا فإنه تشترط فيه ما يشترط عادة ما في العقود من أهلية التصرف في الطرفين وسلامة الرضا من العيوب، بالإضافة إلى قانونية المحل والسبب.
ثانيا : انتقال ملكية الشيء فعلا إلى الدائن
يجب أن يتعاصر الاتفاق السابق مع نقل ملكية شيء معين في الحال إلى الدائن، وهذا كله لئلا يصير الاتفاق تجديدا فقط للدين بتغيير المحل، بحيث ينقضي الالتزام القديم وينشأ التزام جديد، بينما هنا لا ينشأ التزام جديد بل تنتقل الملكية مباشرة فيقع بها الوفاء.
الفرع الثالث : آثاره :
لما كان الوفاء بمقابل وفاء تمثل في انتقال ملكية شيء معين، فإن المشرع أخضع هذا الأسلوب في انقضاء الالتزام إلى أحكام كل من الوفاء التي سبقت الإشارة إليها وكذا أحكام البيع وخاصة ما تعلق منها بضمان استحقاق الشيء الموفى به وكذا ضمان عيوبه الخفية، كما هي مبسوطة في عقد البيع.
المطلب الثاني : التجديد (م: 287 إلى 293 مدني (
الفرع الأول : تعريفه :
التجديد عبارة عن اتفاق يتم من خلاله استبدال دين جديد بدين قديم بتغيير في أحد العناصر المكونة للدين، وعلى هذا يقع التجديد إما بتغير أطراف العقد أو محله أو سببه.
الفرع الثاني : شروطه :
يشترط في التجديد أن يكون هناك التزامان قديم وجديد، ومختلفان في عنصر معين، مع توافر نية التجديد لدى طرفي التجديد.
أولا : وجود التزامين قديم وجديد صحيحين
يفترض التجديد أن نكون أمام التزام قديم، فيستعيض عنه المتعاقدان بالتزام جديد، ولتمام ذلك يشترط في الالتزام القديم أن لا يكون باطلا بطلانا مطلقا، لأن التجديد ذاته يؤدي إلى انقضاء الالتزام القديم والالتزام المعدوم (أي الباطل هنا) لا يتم إعدامه من جديد، ما إن الالتزام القديم قابلا للإبطال فقط (بسبب عيوب الإرادة مثلا) وتم تجديده، فإن التجديد ذاته يكون مهددا بالزوال هو الآخر كالالتزام القديم، اللهم إلا إذا تم استخلاص – من التجديد ذاته – نية إجازة العقد القابل للإبطال فينقلب الأخير إلى صحيح ثم يقع تجديده، والالتزام الجديد الناشىء لابد وأن يكون متراخي في التنفيذ، أي يتأخر في تنفيذه على وجوده، لأنه لو نشأ ونفذ في الحال لكنا أمام وفاء بمقابل لا تجديد.
ثانيا : اختلاف الالتزام الجديد عن القديم في عنصر معين
يتمثل التجديد في تغير عناصر أساسية في الالتزام القديم بحيث تتغير طبيعة الالتزام القديم وهذا ما يحصل مثلا بتغير أطراف الالتزام (الدائن أو المدين) وكذلك محل وسبب أو مصدر الالتزام.
أ) تغير الدائن :
يتم التجديد بتغير الدائن بموجب اتفاق ثلاثي يجمع الدائن القديم والجديد والمدين، وفي هذه الحالة يصبح الدائن الجديد المؤهل الوحيد في استيفاء الدين من المدين على اعتبار أن التزاما جديدا نشأ بينهما، وينقضي دين الدائن القديم
ب) تغير المدين :
والتجديد بتغيير المدين، إما أن يحصل بموجب اتفاق بين الدائن والغير بحيث يصبح ذلك الغير هو الملتزم بالدين وتبرأ بذلك ذمة المدين الأصلي من الدين، ولا حاجة في مثل هذا الأسلوب من التجديد إلى رضاء المدين.
أما الطريقة الثانية فتتمثل في اتفاق يجمع المدين الأصلي مع الغير (أي المدين الجديد) ليصبح الأخير هو الملتزم بالدين وتبرأ بذلك ذمة المدين الأصلي، على أن هذا الأسلوب غير ممكن إلا بعد أن يحصل المدين الأصلي على رضاء دائنه (وهذا كأن يتفق بائع مع المشتري بأن يدفع الثمن إلى أحد دائني البائع ويقبل الأخير بأن تبرأ ذمة مدينه الأصلي (البائع) من الدين)، والتجديد في هذه الحالة ليس إلا إنابة كاملة كما سيأتي مهنا.
ج) تغيير الدين :
والتغيير هنا يلحق عناصر جوهرية في الدين ، وهذه إما أن تتعلق بمحل الدين ذاته (كأن يكون المتفق عليه أداء مبلغ نقدي، ثم ينقلب إلى أداء عين معينة أو العكس، أو أداء عين أخرى محل العين المتفق عليها في الأصل، أو أداء إيراد معين بدل الوفاء برأسمال ...) أو بسببه أو مصدره (كأن ينقلب التزام المشتري بالوفاء بالثمن في عقد البيع إلى الوفاء به على سبيل القرض لا البيع، وما قيل في ثمن البيع يقال عن بدل الإيجار أو أجر العمل، أو أن يصبح الكفيل ملتزما بالوفاء بالدين باعتباره مدينا أصليا لا كفيلا ..) على أنه لا يعد من التجديد في شيء، لأنه لا يغير من أصل الدين أو طبيعته (تغيير في مقدار الدين، وإضافة تأمين إلى الالتزام، وتغيير دين مدني إلى تجاري، ولا قيد الديون في حساب جار).
ثالثا : نية التجديد
لما كان التجديد يترتب عليه انقضاء الدين القديم وحلول دين جديد محله فإن كل هذا لا يفترض بل يجب إما النص عليه صراحة أو استخلاصه ضمنا من ملابسات المعاملة التي تمت بين أطراف التجديد، وفي غياب هذه النية فإن تغير المدين قد يفسر على أن مدينا أخر التزم مع المدين الأصلي، كما إن التزام المدين بدين جديد يعد التزاما ثانيا يضاف إلى الأول ولا يحل محله وهكذا.
الفرع الثالث : آثاره :
يترتب على التجديد أن ينقضي الالتزام القديم بكل خصائصه وضماناته (كأن يكون موصوفا أو له مدة تقادم طويلة، أو تأمين عيني أو شخصي يضمن الوفاء به ...)، وينشأ التزام جديد له خصائصه الذاتية وضماناته إن وجدت، ويلاحظ أن الالتزام الأصلي قد تكون مصادره متعددة عقدية أو غير عقدية، أما الالتزام الجديد فمصدره عقدي لا محالة بفعل التجديد، على أن انقضاء التأمينات بالتجديد ليست قاعدة من النظام العام، وبالتالي يجوز الاتفاق على أنه رغم التجديد فإن تلك الضمانات تنتقل إلى الدين الجديد، على أن هذا الأثر الجديد (أي انتقال التأمينات) يختلف بين أن تكون تلك الضمانات قد قدمها المدين الأصلي أو الغير، فمتى كانت التأمينات العينية (كرهن رسمي أو حيازي) قد قدمها المدين، فإنها لا تنتقل إلى الالتزام الجديد ولا تكون نافذة في حق الغير (الذي قد يكون دائنا لنفس المدين) إلا أن يتم الاتفاق على نقلها مع اتفاق التجديد ذاته، ومثل هذا الاتفاق لا يحتج به الغير إلا أن يكون ثابت التاريخ.
وحتى مع فرض وجود هذا الاتفاق وانتقال تلك التأمينات العينية إلى الدين الجديد، فإنه لا يجب أن يضار الغير (كدائن ثان لنفس المدين له تأمين عيني مرتبته متأخرة عن الدائن الأول) من ذلك، فلو أن الدين الأصلي مقداره 1000 والدين الجديد مقداره 2000 والتأمين العيني مقداره 2000، فإن هذا التأمين، لا يضمن بعد التجديد من الدين الجديد إلا مقدار الدين القديم (أي 1000).
أما إذا كانت التأمينات العينية أو الشخصية (ككفالة شخصية) قد قدمها الغير، فإنها لا تنتقل إلى الالتزام الجديد إلا إن رضي بذلك الغير الذي قدم تلك التأمينات وحتى في هذه الحالة لا يضار الغير من ذلك الانتقال، أي ينتقل في الحدود التي كان ذلك التأمين يكفل الالتزام الأصلي فقط.
المطلب الثالث: الإنابة في الوفاء (م 294 إلي 296 مدني (
الفرع الأول : تعريفها :
تفترض الإنابة (وتسمى أيضا التفويض) وجود مدين ودائن وأجنبي، بحيث يتفق الدائن مع المدين على أجنبي يلتزم بالوفاء بالدين للدائن مكان المدين الأصلي، فمتى كانت نتيجة الاتفاق أن تبرأ ذمة المدين الأصلي من الدين بحيث يبقى الأجنبي وحده المسؤول عن الدين كنا أمام ما يسمى الإنابة الكاملة، أما إن أضيف المدين الجديد فقط إلى المدين الأصلي في تحمل الدين كنا أمام إنابة ناقصة أو قاصرة، ومثال الإنابة الكاملة أن يقرض أ 100 إلى ب ، ثم بعد فترة يشتري من ج بضاعة بقيمة 100، وبدل أن يدفع ثمنها إلى ج، يكلف مدينه ب لأن يلتزم بالوفاء بقيمة القرض إلى البائع ج مباشرة بعد الحصول على رضا هذا الأخير بهذه الإنابة ، بهذه الكيفية (أي بفعل الإنابة) ينقضي دين أ تجاه ج وينقضي دين ب تجاه أ، في نفس الوقت تنشأ علاقة قانونية جديدة بين المدين الجديد والدائن (أي بين ب وج).
هذا وإن كان الغالب أن يكون الأجنبي مدينا للمدين الأصلي إلا أن هذا ليس شرطا، كما لا يشترط أن يكون المدين الأصلي مدينا للدائن، بل قد يكون متبرعا له بمبلغ الدين في ذمة الأجنبي.
الفرع الثاني : شروطها :
متى كانت الإنابة كاملة وجب إتفاق الأطراف الثلاثة عليها، مع سبق وجود علاقة مديونية صحيحة بين المدين الأصلي (المنيب) والدائن (المناب لديه) لأنه بغيرها لا يعقل أن يكون هناك تجديد للدين لأن هذا (أي الدين) غير موجود، وأن تتوافر نية التجديد لدى الدائن أي أنه يبرئ ذمة المدين الأصلي من دينه بكل توابعه ليحل محله دين المدين الجديد (المناب) وهذا على اعتبار أن عدم توافر تلك النية يجعل من الإنابة قاصرة فحسب.
ومتى كانت الإنابة قاصرة، وجب توافر الاتفاق الثلاثي هنا أيضا، لكن دون إشتراط توافر المديونية السابقة بين المنيب والمناب لديه لأنه لا وجود لتجديد الدين هنا.
الفرع الثالث : أثارها :
أولا: أثار الإنابة الكاملة :
أ) علاقة المدين الأصلي بالدائن
يترتب على الإنابة بهذا الشكل أن ينقضي الدين الذي كان في ذمة المدين الأصلي تجاه الدائن ولهذا السبب يعد هذا النوع من الإنابة تجديدا للدين بتغيير المدين، على أن المشرع قيد صحة الإنابة هنا أن لا يجد الدائن المدين الجديد الذي يرجع عليه بالدين معسرا وقت الإنابة، ومتى وجده كذلك بطلت الإنابة إما تأسيسا على الغلط (في صفة اليسار في المدين الجديد) أو التدليس، ويترتب على ذلك أن تبقى ذمة المدين الأصلي مشغولة بالدين كما كانت سابقا.
ب) علاقة المدين الأصلي بالمدين الجديد
متى وفى المدين الجديد بما عليه من التزام تجاه الدائن، فإنه يرجع بما وفاه على المدين الأصلي وهذا متى لم تكن بينهما علاقة مديونية سابقة، ورجوعه عليه في هذه الحالة يؤسس على دعوى وكالة أو فضالة أو إثراء بلا سبب بحسب الأحوال، أما إن كانت بينهما علاقة مديونية فإن وفاء المدين الجديد بما عليه تجاه الدائن يمثل في ذات الوقت وفاءا بما عليه تجاه المدين الأصلي وبالتالي ليس له الرجوع على المدين الأصلي بشيء يذكر.
ج) علاقة المدين الجديد بالدائن
بتمام الإنابة الكاملة ينقضي دين المدين الأصلي لينشأ مكانه دين المدين الجديد الذي لا علاقة له بالدين القديم، ولهذا السبب نجد أن الدفوع التي كان يمكن للمدين الجديد أن يتمسك بها تجاه المدين القديم (باعتباره دائنا له مثلا) ليس له أن يتمسك بها في مواجهة الدائن الجديد، إلا تلك الدفوع المستمدة في علاقة المدين القديم بالدائن، كبطلان إلتزام المدين القديم بطلانا مطلقا أو كان قد إنقضى.
ثانيا : أثار الإنابة القاصرة :
إذا كانت الإنابة الكاملة تؤدي إلا انقضاء الالتزام الأصلي وبراءة مدينه منه ونشوء التزام جديد على عاتق المدين الجديد، فإن الإنابة القاصرة – وهي الأصل والأكثر شيوعا – تبقى على الالتزام الأصلي وتضيف لمدين الجديد إلى المدين الأصلي ، مما تمثل تأمينا شخصيا للدائن،والإنابة تكون قاصرة إما بسبب رفض للإنابة الكاملة أو لعدم وجود مديونية سابقة بين الدائن والمدين الأصلي.
أ) علاقة المدين الأصلي بالدائن
يعد كل من المدين الأصلي والمدين الجديد، مدين للدائن، إذ لا ينقضي دين المدين الأصلي إلا بقيام المدين الجديد بالوفاء بالدين للدائن، أو بقيام المدين الأصلي ذاته بذلك الوفاء، ولما كان للدائن مدينان، فإنه يستطيع أن يرجع على المدين الأصلي أولا أو على المدين الجديد أولا.
ب) علاقة المدين الأصلي بالمدين الجديد
متى وفى المدين الجديد بالدين للدائن، ولم يكن في ذات الوقت مدينا للمدين الأصلي ولم يقصد التبرع له بذلك الوفاء، فإنه يستطيع دائما الرجوع على المدين الأصلي بدعوى شخصية (الوكالة أو الفضالة أو الإثراء بلا سبب بحسب الأحوال).
أما إن كان المدين الجديد مدينا للمدين الأصلي وقام بذلك الوفاء، فإنه تقع مقاصة بين الدينين (أي ديني المدين الأصلي والمدين الجديد تجاه بعضهما البعض) على أن المدين الجديد إن وفى بذلك الدين قاصدا في نفس الوقت تجديد الدين بتغيير الدائن (أي بدل دائنه الأولى وهو المدين الأصلي ، يصبح لديه دائن جديد هو الذي يوفي إليه)، فإنه ليس له الرجوع على المدين الأصلي بشيء.
ج) علاقة المدين الجديد بالدائن
يعد المدين الجديد مدينا إضافيا بالنسبة للدائن، وبالتالي لهذا الأخير الرجوع على أي المدينين شاء، ومتى وفى المدين الجديد بالدين انقضى دين المدين الأصلي والجديد معا، هذا مع ملاحظة أن مصدر دينها مختلف : فمصدر دين المدين الأصلي هو علاقة الدائنية الأصلية التي بينه وبين الدائن، أما مصدر دين المدين الجديد فعقد الإنابة هذا والدفوع التي يجوز للمدين الجديد أن يدفع بها هي نفسها التي سبق ذكرها بصدد الإنابة الكاملة.
المطلب الرابع : المقاصة ( م 297 إلى 303 مدني (
الفرع الأول : تعريفها وأنواعها
يقصد بالمقاصة أن يكون لمدين دائنا لدائنه في نفس الوقت، فيترتب عن ذلك أن يعتبر الدائن قد استوفى ماله عند مدينه، بما عند مدينه تجاهه هو وعلى هذا تعد المقاصة أداة وفاء بالدين، ثم هي ضمان للدائن العادي، إذ بالمقاصة يستوفي دينه قبل غيره من الدائنين ودون منافستهم له.
والمقاصة إما أن تكون قانونية وإما أن تكون قضائية أو اتفاقية.
الفرع الثاني : المقاصة القانونية
وسميث بذلك لأنه متى توافرت شروطها التي نص عليها المشرع وقعت بقوة القانون بمجرد أن يتمسك بها أحد المدينين.
أولا : شروطها
أ) تقابل الدينان
ويقصد بذلك أن يكون كل من طرفي المقاصة دائنا ومدينا للآخر بصفتيهما الشخصية وهذا ما يفسر عدم إمكان وقوع لمقاصة عندما يكون أحد أطرافها دائنا أو مدينا لكن بصفته وليا على قاصر أو بصفته شريكا في شركة أو وارثا.
ب) تماثل محل الدينين
ويقصد بهذا أن المقاصة لا تقع إلا بين محال متماثلة أو مثيلة وهذا كالنقود مثلا وباقي الأشياء المثلية متى كانت من نوع واحد وجودة واحدة (كالقمح أو الأرز ...).وعلى هذا لا تقع مقاصة بين أشياء معينة بذاتها، ولا بين نقود وأشياء مثلية كقمح، ولا بين التزامات محلها القيام بعمل أو الامتناع عنه.
ج) خلو الدينين من النزاع
ولا يكون الدين كذلك إلا أن يكون محدد المقدار من جهة، وثابت في ذمة المدين من جهة أخرى بحيث لا تقوم بشأنه منازعة جدية في ثبوته، ولا يكون الدين معلوم المقدار إذا كان متعلقا بتعويض ترتب على عمل ضار مثلا، أو مبلغ توقف تحديده على خبرة، أو على تصفية تركة ولم يقع أيا من ذلك. والمنازعة في الدين تحصل حينما يرفع النزاع إلى القضاء، لكن ليس هذا شرطا لازما.
د) أن يكون الدينان مستحقي الوفاء
لما كانت المقاصة نوع من الوفاء الإجباري، ولما كانت القاعدة أن لا يجبر المدين على الوفاء بدين لم يستحق بعد، فإنه يشترط في الدين المراد المقاصة فيه أن يكون واجب الأداء – وتبعا لما قيل لا تجوز المقاصة بين دين حال الأداء وآخر مؤجل، أجلا قانونيا أو اتفاقيا، أما الأجل القضائي (نظرة الميسرة (م: 210 مدني)) فلا يمنع المقاصة.
ثانيا – موانعها :
تمتنع المقاصة أحيانا لأسباب قد تعود إلى المحافظة على مصلحة أحد الطرفين فيها أو مصلحة الغير، فهي ممتنعة بسبب أحد الطرفين متى تعلق الأمر بأموال غير قابلة للحجز عليها (كدين النفقات أو المعاشات وأجور العمال) أو دين تمثل في رد عارية أو وديعة أو شيء أخر أنتزع من يد مالكه دون وجه حق، خاصة وأنه في مثل هذه الحالات لا تكون الديون المراد إجراء المقاصة بشأنها متماثلة ولا خالية من النزاع.
ونفس الحكم ينطبق أيضا (أي امتناع المقاصة) ولو هلكت تلك الأشياء فترتب في ذمة المدين بردها دينا تمثل في تعويض ما أتلفه.
وقد تمتنع المقاصة أيضا حفاظا على حقوق الغير، من ذلك أن يوقع الغير حجزا تحت يد المدين، ثم يصبح هذا المدين دائنا لدائنه بعد أن وقع الحجز، فليس لهذا المدين أن يتمسك تجاه الحاجز بالمقاصة بينه وبين دائنه، ونفس الشيء يقال عن الحالة التي تتم فيها حوالة حق، ويقبل المدين (المحال عليه) الحوالة دون تحفظ، فليس له بعدها أن يتمسك تجاه المحال له بالمقاصة بين دينه ودين المحيل على اعتبار أن قبوله للحوالة فيه إقرار بعدم وجود المقاصة أو فيه معنى التنازل عن التمسك بها.
ثالثا – آثارها :
يترتب على توافر شروط المقاصة القانونية انقضاء الدينين لكن بقدر الأقل منهما متى كان مقدار أحدهما أكبر من الآخر، ومتى انقضى الدينان انقضت معه توابعه أو ضماناته كالرهن والكفالة وغيرها، وبالرغم من أن المقاصة (أي انقضاء الدينين) تقع بقوة القانون إلا أن المشرع يقرر أنها لا تقع إلا إذا تمسك بها من له مصلحة فيها، وليس للقاضي بالتالي أن يثيرها من تلقاء نفسه، لكن يجوز لمن له الحق في التمسك بها أن ينزل عنها صراحة أو ضمنا بعد أن تكون قد توفرت شروطها، ويترتب على هذا النزول زوال انقضاء الدينين بأثر رجعي.
الفرع الثالث : المقاصة القضائية :
يتم اللجوء إلى هذه المقاصة حينما لا يتوافر أحد شرطي المقاصة القانونية : الخال من النزاع ومعلومية المقدار أو هما معا، أما باقي الشروط فيجب توافرها حتما، وتتم هذه المقاصة بمعرفة القضاء ومنه استمدت تسميتها، بحيث يثيرها المدعي عليه الذي يطالب بدين معين، في شكل طلب عارض يرد به دعوى المدعي، بحيث يطلب من القضاء أن يسقط الدين المدعي به قصاصا.
مثال ذلك أن يرفع مؤجر دعوى ضد مستأجر يطالبه فيها بأداء مبلغ الإيجار، فيرد هذا طلبه مدعيا من جهته أن له تعويضا في جانب المؤجر كون أن أحد تابعي المؤجر قد سبه أو شتمه، فدين التعويض هذا غير خال من النزاع وكان يجب عدم الاستجابة لطلب المقاصة، إلا أن القضاء يتولى ذلك متى رأي القاضي أن المستأجر محق في دعواه، وبالتالي يتولى تقدير التعويض ويجري مقاصة بينه وبين دين المؤجر، وهذا المثال يبين أن القاضي يستطيع دائما أن لا يستجيب لطلب المقاصة متى لم تقنعه أدلة المدعي عليه أو قدر أن الفصل في طلب المقاصة يؤخر الفصل في الدعوى الأصلية.
ومتى قضى القاضي بالمقاصة انقضى الدينان بقدر الأقل منهما مع تأميناتهما، أما أثرها فيرتد إلى وقت نشوء الدينين عند البعض وإلى صدور حكم القاضي عند البعض الآخر من الفقه والقضاء أيضا.
الفرع الرابع : المقاصة الاتفاقية :
وهذه تتم باختيار أطرافها حينما لا تتوفر شروط المقاصة القانونية، وعلى هذا الأساس تجوز هذه المقاصة ولو تخلف شرط التماثل بين الديون (نقود بقمح) أو الخلو من النزاع أو الاستحقاق (دين حال وأخر مؤجل) أو التقابل (بين كفيل المدين ودائن المدين) .. على أن هذه المقاصة متى وقعت فإنها تسري من تاريخ الاتفاق عليها، وتطبق بشأنها باقي أثار المقاصة كانقضاء الدينين بقدر الأقل منهما مع تأميناتهما.
المطلب الخامس : اتحاد الذمة (م: 304 مدني).
يقصد باتحاد الذمة أن تجتمع في شخص وفي ذات الدين صفتا الدائن والمدين، فيترتب عن ذلك أن ينقضي الدين بالقدر الذي اتحدت فيه الذمة، وغالبا ما يقع اتحاد الذمة بسبب الميراث بحيث يكون لوارث دائنا أو مدينا : فمتى كان الوارث مدينا، فمعنى ذلك أنه صار دائنا لنفسه بمقدرا الدين، فينقضي بالتالي دينه باتحاد الذمة وهذا إذا كان وارثا وحيدا، أما إن كان معه وارثا آخر فإنه يرث نصف الدين وينقضي نصف الدين باتحاد الذمة، ويبقى مدينا بالنصف الثاني للوارث الآخر، ثم يرث نصف التركة الباقية.
أما إن كان الوارث دائنا، فبالميراث يصير دائنا للتركة ومدينا لنفسه، ولما كانت التركة مدينة، فإن الوارث لا يرثها حتى تقضى ديونها وبالتالي ينقضي دين هذا الوارث بالوفاء من التركة، ثم يستوفي الوارث نصيبه من التركة، ويلاحظ في هذه الصورة الثانية أنه لم تجتمع في الوارث صفتا الدائن والمدين بسبب القاعدة الفقهية " لا تركة إلا بعد سداد الديون " ولذلك لم يتحقق إتحاد الذمة.
وقد تتحد الذمة لا بفعل الميراث بل بسبب تصرف قانوني، وخير مثال على ذلك ما نصت عليه (م 400 مدني) بصدد بيع الحقوق المتنازع فيها، فالدائن قد يختار التنازل عن دينه الذي في ذمة مدينه لشخص معين مقابل مبلغ مالي، فيعمد لمدين – بموجب دعوى قضائية – إلى استرداد الذي تم التنازل عنه وهذا بدفع المقابل الذي دفعه المتنازل له للدائن، ومتى تحقق ذلك يكون المدين قد اجتمعت فيه صفة الدائن أيضا وبالتالي صار دائنا ومدينا لنفسه فينقضي دينه باتحاد الذمة.
ويترتب على اتحاد الذمة انقضاء الدين بالقدر الذي اتحدت فيه الذمة ومعه الضمانات التي كانت تكلفه، هذا ومتى زال السبب الذي كان وراء اتحاد الذمة (كالميراث أو الوصية أو الاسترداد أو تصرف آخر) فإن الدين الذي انقضى باتحاد الذمة يعود من جديد بفعل الأثر الرجعي متى كان لزوال ذلك السبب أثرا رجعيا وتعود مع الدين التأمينات التي كانت تضمنه.
في مثل هذه الحالة فإن الدائن لا يستوفى حقه تماما، إما لأنه لم يرد ذلك اختيارا عن طريق إبرام ذمة مدينة، أو لأن الالتزام استحال تنفيذه ولا تكليف عندئذ بمستحيل، أو لأن قواعد القانون هي التي حالت دون حصول الدائن على حقه وهذا بسبب التقادم المسقط.
المبحث الثالث : انقضاء الالتزام دون الوفاء به
المطلب الأول: الإبراء (م 305 إلي 306 مدني)
الفرع الأول – تعريفه وشروطه :
الإبراء عبارة عن تصرف قانوني بإرادة الدائن المنفردة، يتنازل بمقتضاه الدائن عن كل أو جزء من دينه الذي في ذمة مدينه، ولما كان الإبراء تصرف بالإرادة المنفردة فإنه لا يحتاج فيه إلى قبول المدين، وإن كان يجوز لهذا الأخير أن يرده ويعتبر الرد هنا أيضا تصرف بالإرادة المنفردة، وهذه الخاصية للإبراء (أي اعتباره تصرف بالإرادة المنفردة) استمدها المشرع من الفقه الإسلامي، لأن القانون الفرنسي على سبيل المثال يرى في الإبراء اتفاقا ويحتاج بالتالي إلى قبول المدين.
ولئن كان الإبراء تبرعا (أي تنازل عن الدين بدون مقابل) فإنه أحيانا يكون معاوضة وهذا ما يحصل مثلا في الصلح (م 459 مدني وما بعدها) إذ كل طرف يتنازل عن جزء من حقه مقابل تنازل الطرف الثاني أيضا عن جزء من حقه.
ويشترط في الإبراء باعتباره تبرعا، أهلية التصرف، غير أنه لا يشترط شكل خاص لصحة انعقاده، فهو قد يتم في الشكل المكتوب أو الشفهي، ويكون صريحا كما قد يكون ضمنيا.
أما بالنظر إلى مضمون التصرف فيجب توافر أهلية التبرع على اعتبار أن الإبراء يأخذ حكم الهبة، ويشترط أن تكون إرادة التبرع سليمة من العيوب، كما يجب أيضا توافر الشروط المعهودة سواء في المحل أو السبب.
الفرع الثاني – آثــاره :
يترتب على الإبراء انقضاء التزام المدين بكافة تأميناته ( الشخصية والعينية على السواء)، ومتى تعدد المدينون فإن إبراء أحدهم يستفيد منه البقية، بحيث يسقط عنهم حصته من الدين.
المطلب الثاني : استحالة التنفيذ (م 307 مدني)
الفرع الأول – شروطها :
استحالة التنفيذ تعد سببا لانقضاء التزام المدين، لكن يشترط لذلك أن نكون أمام التزام نشأ صحيحا، ثم طرأ طارئ جعل من تنفيذ ذلك الالتزام مستحيلا (لا مرهقا) سواء كانت الاستحالة قانونية (كنزع ملكية عين بيعت إلى مشتر وتعذر تسليمها إليه بعد صدور قرار نزع الملكية) أو فعلية (كهلاك العين التي كان البائع سيسلمها للمشتري) طالما كانت دائمة لا مؤقتة، إذ في الحالة الأخيرة يوقف تنفيذ العقد مثلا، كما يشترط أيضا أن لا تكون الاستحالة راجعة إلى خطأ المدين، مما يفهم معه أن الاستحالة المقصودة هي التي ترجع إلى سبب أجنبي (كقوة قاهرة أو خطأ الغير أو خطأ الدائن)، ويتوجب على المدين الذي يدعى السبب الأجنبي إثباته.
الفرع الثاني – آثــارها :
يترتب على استحالة تنفيذ الالتزام انقضاء التزام المدين بتوابعه وتأميناته (الشخصية والعينية) دون أن يقضي عليه بأي تعويض، أما من يتحمل تبعه تلك الاستحالة ؟ فهي على المدين في العقود الملزمة للجانبين بحيث يتحلل الدائن أيضا من أي التزام (كدفع ثمن الشيء المبيع) وهي على عاتق الدائن في العقود الملزمة لجانب واحد (كالوديعة بدون آجر).
المطلب الثالث : التقادم المسقط (م 308 إلى 322 مدني)
الفرع الأول – تعريفه وأساسه :
التقادم عبارة عن مرور فترة زمنية معينة على استحقاق الدين دون المطالبة به، فيسقط بذلك حقا (شخصيا أو عينيا) أو هو دفع موجه إلى دعوى.
الدائن يؤدي إلى سقوط حق المطالبة بالدين إذ تمسك به من له مصلحة فيه.
هذا ويقوم التقادم أحيانا على أساس دعم استقرار التعامل وبالتالي النظام العام، إذا لا يعقل أن يظل الناس يطالب بعضهم بعضا إلى ما لا نهاية، كما يؤسس التقادم أيضا على قرينة الوفاء، أي أن مرور فترة التقادم على ديون معينة يفيد أن أصحابها استوفوها، وقد يقوم التقادم أحيانا على اعتبار آخر هو أن المدين يدفع دينه من ريعه لا من رأسماله، خاصة في الديون الدورية المتجددة، وتراكم مبالغ الديون على المدين مما يرهقه بحيث يضطره إلى دفع المستحقات من رأسماله لا من ريعه، لذلك قرر المشرع مدد تقادم قصيرة بشأنها.
الفرع الثاني – أنــواعه :
التقادم إما مسقط للحقوق (وهو محل الدراسة هنا) أو مكسب لها، وأهم الفروق بينهما الآتي :
-التقادم المسقط يؤدي إلى سقوط الحقوق (والأولى القول الدعوى التي تحميه) الشخصية والعينية (كالانتفاع والاستعمال والسكني والارتفاق (م: 854 و 857 و 879 مدني)) على السواء، أما التقادم المكسب إلا الحقوق العينية وهذا بعد حيازتها مدة معينة.
- التقادم المكسب يقترن بالحيازة، بينما لا وجود للحيازة في التقادم المسقط، أي أن التقادم المكسب يعتمد على حيازة المال مدة زمنية معينة، بينما التقادم المسقط عبارة عن سلوك سلبي من صاحب الحق العيني أو الشخصي.
-ينظر في التقادم المكسب إلى حسن أو سوء نية من يتمسك به ولهذا تجد مدد التقادم تختلف بين الحالتين إذ هي أطول في الثانية مقارنة بالأولى، أما في التقادم المسقط فلا تلعب النية دورا يذكر.
-يضاف إلى مواعيد التقادم ما يسمى بمواعيد السقوط، وهي أن يضع المشرع مواعيد قصيرة عادة لكي يباشر صاحب المصلحة دعوى أو لكي يباشر إجراء معينا، ومتى أهمل القيام بذلك سقط حقه.
ومواعيد السقوط هذه لا تقوم – كما في التقادم – على قرينة الوفاء بالالتزام أو الإستقرار المعاملات أو عدم إرهاق المدين، بل كل هم المشرع أن يتخذ الإجراء في وقته وهذا ما نلاحظه في الميعاد الذي وضعه المشرع لرفع دعوى الاستغلال (م: 90/2 مدني) أو دعوى المطالبة بجائزة (م: 155/2 مدني) أو لاسترداد لعين التي خرجت من دون رضا الحابس (م: 202 مدني) أو دعوى ضمان صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة في إطار عقد البيع (م: 386 مدني) كما يلاحظ أيضا أن مواعيد السقوط – عكس مواعيد التقادم – لا يلحقها وقف ولا قطع في سريانها ومواعيد السقوط عادة تتعلق بالنظام العام، مما يجوز للقاضي فيها أن يثيرها من تلقاء نفسه، وهذا عكس مواعيد التقادم التي تتعلق بمصالح الأشخاص ولذلك يجوز النزول عنها كما سيأتي معنا، وإذا كانت القاعدة العامة أن الدفوع ومنها الدفع بالتقادم، لا يسقط فإن مواعيد السقوط لا تسري عليها تلك القاعدة.
أما عن معيار التمييز بينهما وبين مواعيد التقادم، فإن مواعيد السقوط تكون عادة قصيرة، كما أن المشرع أحيانا يصرح بمواعيد السقوط، وفي حالة غياب نص المشرع وجب اعتماد الأصول التي تبنى عليها مواعيد التقادم والسقوط كمعيار للتمييز بينها.
الفرع الثالث – مدة التقادم :
القاعدة العامة أن جميع الحقوق الشخصية والعينية على السواء – ما لم يكن هناك استثناء كعدم سقوط حق الملكية بالتقادم وعدم تقادم مسائل الحالة المدنية للأشخاص كالحق في الاسم وفي النسب .... – تتقادم بمضي 15 سنة إلا أن يقرر المشرع مدة تقادم أطول (كما فعل في حقوق الإرث (م 829 مدني) بحيث تتقادم بـ 33 سنة) وخارج هذه القاعدة العامة نجد مدة التقادم في القانون المدني تتراوح بين 05 سنوات وسنة واحدة وفق ما سيأتي بيانه :
أولا – التقادم بخمس سنوات :
و الحقوق التي تتقادم بهذه المدة هي الحقوق التي تتميز بصفتي الدورية والتجدد، ويقصد بالدورية أن تدفع كل أسبوع مثلا أو كل شهر أو كل سنة، ومصدر الدورية، قد يكون الاتفاق (كأجرة المباني) أو القانون (كالمعاشات المختلفة)، أما التجدد فيقصد به الاستمرار دون انقطاع ودون أن يمس بأصل الدين ومن أمثلة (لأن النص القانوني أوردها على سبيل المثال لا الحصر) الحقوق الدورية المتجددة : بدل إيجار المباني وأجور ومرتبات الموظفين، والمعاشات المختلفة ومتى فقد دين ما إحدى الصفتين السابقتين تقادم وفق القاعدة العامة (أي بـ 15 سنة).
وأساس هذا التقادم الخمسي أن المدين فيها عادة ما يدفعها مما يتقاضاه، وتراكم تلك الديون عليه لمدة تزيد عن خمس سنوات يؤدي إلى إرهاقه بحيث يضطره ذلك إلى أدائها من رأسماله، ثم إن هذا التقادم لا يبنى على قرينة إن مضى المدة يفيد أدائها من المدين ذلك أن المشرع أبقى مدة التقادم على حالها حتى ولو أقر بها المدين.
ثانيا – التقادم بأربع سنوات :
والحقوق التي تتقادم بأربع سنوات هي أساسا الضرائب والرسوم المستحقة للدولة، ونفس التقادم ينطبق على من دفع ضريبة أو رسما غير مستحق للدولة، أما بدء سريان هذا التقادم فهو من نهاية السنة استحقت عنها الضريبة أو الرسم، أو من تاريخ دفعها ومتى وجبت تلك الضرائب و الرسوم عن أوراق قضائية، فيبدأ تقادمها من تاريخ تحريرها، ومتى حررت لأجل مرافعة قضائية فمن تاريخ انتهاء تلك المرافعة.
ثالثا – التقادم بسنتين :
والديون المقصودة هنا هي حقوق الأطباء (كالعلاج والانتقال إلى المرضى) والصيادلة (عن الأدوية) والمحامون (عن أتعاب المرافعة) والمهندسون (عن التصاميم التي أنجزوها) والخبراء والسماسرة ووكلاء التفليسة (عن الخبرة التي أنجزوها أو عن أعمال السمسرة أو إدارة التفلسية) والأساتذة والمعلمون (في المدارس الخاصة وعن الدروس الخصوصية)، فديون كل هؤلاء تتقادم بمضي سنتين من تاريخ إنهاء العمل الموكول إليهم، وهذا التقادم القصير مبناه أن عادة هؤلاء استيفاء حقوقهم فور إنهاء العمل المطلوب منهم، ثم إن تلك الأعمال مصدر رزقهم، وبالتالي فإن تقادم حقوقهم أساسه قرينة الوفاء، خاصة وأن الغالب أن لا يحرر سند عن تلك الحقوق أما لو حرر سند عن ذلك فإن التقادم ينقلب إلى 15 سنة، وفق ما تقضي به (م 313 فقرة 2 مدني).
رابعا – التقادم بسنة واحدة :
تتقادم بسنة واحدة فقط حقوق التجار والصناع (عما يوردوه من بضائع لعملائهم لأجل استهلاكها)، وأجور العمال والأجراء (وهم عمال المصانع والمتاجر والمزارع وخدم المنازل والفنادق والمطاعم)، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم (تجاه الزبائن من إقامة وأكل وشرب وغسيل للملابس ..) والتقادم القصير هذا أيضا مبني على قرينة الوفاء، أي أن المشرع يفترض بقرينة بسيطة يجوز إثبات عكسها، أنه بمضي تلك المدة يكون أصحاب تلك الحقوق قد استوفوا حقوقهم، خاصة وأنها تمثل مصدر رزقهم في الغالب، هذا ويشترط هنا أيضا أن لا يحرر سند عن تلك الديون، فإن حرر سند بتلك الديون انقلب تقادمها - بحسب المادة 313 فقرة 2 مدني إلى 15 سنة، ضف إلى ذلك أن الدائن يستطيع دائما أن يدحض قرينة الوفاء تلك بمضي السنة، وهذا متى وجه القاضي (وهو التزام عليه) اليمين المتممة إلى المدين الذي يتمسك بهذا التقادم الحولي (أو إلى ورثته من بعد وفاته أو من ينوب عنهم إن كانوا قاصرين) ليحلف أنه وفى بالدين فعلا، فإن هو حلفها سقط دين الدائن بالتقادم، وإن هو نكل عن حلفها ثبت الدين في ذمته ولم يسقط إلا وفق التقادم الطويل (أي 15 سنة من تاريخ صدور الحكم أو من تاريخ النكول(
الفرع الرابع – كيفية احتساب التقادم :
أولا – بدء سريان التقادم :
يبدأ التقادم في السريان من اليوم الذي يصبح فيه الالتزام مستحق الأداء، وهذا على اعتبار أنه من هذا التاريخ فقط، يستطيع الدائن المطالبة بحقه، ويترتب على ذلك أن الدين المضاف إلى أجل واقف لا يتقادم إلا من تاريخ حلول ذلك سواء كان حلوله بصفة طبيعية أو بسقوطه أو بالنزول عنه، أما الالتزام المعلق على شرط واقف فلا يسري التقادم إلا من تاريخ تحقق الشرط على اعتبار أنه قبل تحقق الشرط لا يمكن المطالبة بتنفيذ الالتزام المشروط.
على أن المشرع قد يخالف القاعدة السابقة بحيث يجعل التقادم يسري قبل أو بعد تاريخ الاستحقاق وهذا ما يلاحظ على البطلان للغلط أو التدليس أو الإكراه (إذ يبتدئ التقادم من تاريخ اكتشاف الغلط أو التدليس أو زوال الإكراه)، ودعاوى الإثراء بلا سبب ودفع غير المستحق والفضالة (إذ يبتدئ التقادم من تاريخ العلم بحصول الإثراء أو دفع غير المستحق والفضالة(
وإذا كان في الحالات السابقة يتأخر بدء سريان التقادم على تاريخ الاستحقاق فإنه، أحيانا يتقدم بدء سريان التقادم على تاريخ الاستحقاق، من ذلك أن المشرع نص في (م 315 فقرة 3 مدني) أن الوفاء بالدين إن كان تاريخه متوقف على إرادة الدائن (أي لا يمكن الوفاء به إلا من الوقت الذي يعلن فيه الدائن عن إرادته في استيفاء حقه: كأن يتعلق الأمر بسند واجب الوفاء عند تقديمه للإطلاع "à vue" فإن التقادم يسري لا من تاريخ الإعلان عن تلك الإدارة (وهو تاريخ الاستحقاق) بل من التاريخ الذي يتمكن فيه الدائن من إعلان إرادته (والإمكان هذا قد يسبق تاريخ الإعلان).
ثانيا – حساب التقادم :
يحسب التقادم بالأيام (حسب التقويم الميلادي (م 3 مدني) لا بالساعات، ولا يدخل في حساب التقادم أول يوم منه ولا آخر يوم، وعلى هذا الأساس لو كان التقادم هو ثلاث سنوات ابتداء من 26 من ديسمبر، فإن التقادم ينقضي بتمام يوم 27 من ديسمبر من السنة الثالثة، وتدخل أيام الأعياد المختلفة في حساب التقادم، ويكتمل التقادم ولو صادف آخر يوم منه يوم عيد، ويسري التقادم ضد الدائن وكذا خلفه العام أو الخاص، فلو أن تقادم حق الدائن مضت عليه مدة 10 سنوات فإنه لا يبقى لخلفه إلا 05 سنوات على تقادم الحق الذي آل إليه من سلفه.
الفرع الخامس – وقف التقادم وقطعه :
أولا – وقف التقادم :
كلما وجد مانع قانوني يحول دون مطالبة الدائن بحقه، أوقف سريان التقادم في حقه إلى زوال ذلك المانع ليستأنف سريانه بعد زوال المانع، ويمكن رد الوقف إلى أسباب تتعلق بالدائن وأخرى بظروف قاهرة.
أ) أسباب الوقف المتعلقة بالدائن
وتتعلق هذه الحالة بعديم الأهلية والغائب والمحكوم عليه بعقوبة جنائية فكل هؤلاء يوقف سريان التقادم ضدهم متى زادت مدة تقادم حقوقهم عن 05 سنوات، وهذا سواء كان لهم نائب قانوني أو لم يكن لهم نائب قانوني ويستمر هذا الوقف طيلة فترة عدم أهليتهم أو غيبتهم وفي هذا إرهاق للمدين خاصة متى كان لهؤلاء نائب قانوني.
أما في الحالة التي يقل التقادم فيها عن 05 سنوات فإنه يوقف التقادم في حقهم متى لم يكن لهم نائب قانوني أما في الحالة العكسية فلا يوقف التقادم.
وهذا الحكم الأخير إن كان منطقيا من جانب على اعتبار وجود النائب فإنه ليس منطقيا من جانب أخر مقارنة بحالة وقف التقادم متى زاد عن 05 سنوات.
ب) أسباب الوقف المرتبطة بظروف مادية أو معنوية
وتعد هذه الحالة القاعدة العامة إذ تنطبق في كل مرة يجد الدائن نفسه – ودون أن يتسبب في ذلك – أمام مانع مادي (كحروب أو ثورات) أو أدبي (كعلاقة الزوج بزوجته، أو الأصول بالفروع، أو السيد بخادمه أو العامل برب العمل، أو النائب بالأصيل ...) يحول بينه وبين المطالبة بحقه.
ج) آثار وقف التقادم
يترتب على وقف التقادم أن المدة التي انقضت قبل وقف التقادم تبقى قائمة لكن دون أن تضاف إليها المدة التي يكون التقادم خالها موقوفا، ثم بعد استئناف سريان التقادم تؤخذ في الاعتبار المدة السابقة على الوقف.
ثانيا – قطع التقادم :
على خلاف وقف التقادم فإن انقطاع التقادم عبارة عن عدم اعتداد كلي بمدة التقادم التي قبل حصول الانقطاع، ووجوب بدء تقادم جديد، ولئن كان الوقف يتعلق بالدائن (قيام مانع بحقه حال دون مطالبته بحقه) فإن الانقطاع قد يأتي من الدائن لكن بإرادة صريحة في المطالبة بحقه، وقد يتعلق بالمدين أيضا عن طريق إقرار بحق الدائن.
أ) الأسباب المرتبطة بالدائن
وتتمثل هذه أساسا في المطالبة القضائية التي يقوم بها الدائن للمطالبة بحقه من مدينه، وينقطع التقادم بمجرد إيداع صحيفة الدعوى لدى قلم كتاب المحكمة متى كانت الشروط المطلوبة في قبول الدعوى قائمة (ويترتب على ذلك أن عدم قبول الدعوى، أو بطلان صحيفة الدعوى لعيب في الشكل مثلا أو ترك الخصومة أو سقوطها لا يقطع التقادم) ولا يهم أن ترفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة نوعيا أو محليا، وكما تكون مطالبة الدائن لحقه من مدينه في صورة دعوى، فإنها تكون أيضا في صورة طلب عارض من الدائن.
ويلحق بالمطالبة القضائية – إذ هو أقوى منها – التنبيه بالوفاء الذي يلجأ إليه الدائن الذي بحوزته سندا تنفيذيا ضد مدينه قبل أن يباشر التنفيذ على أمواله، ويقطع التقادم أيضا الحجز الذي يباشره الدائن على أموال مدينه، سواء كان حجزا تنفيذيا أو تحفظيا، وكذلك الحكم بالنسبة للطلب القضائي الذي يتقدم به الدائن قصد شهر إفلاس مدينه أو قبوله في تفليسته أو لإشراكه في التوزيع الوارد على أموال مدينه.
ب) الأسباب المرتبطة بالمدين
وتتمثل هذه أساسا في الإقرار بالدين الصادر من المدين، ويستوي أن يكون هذا الإقرار صريحا تم في شكل كتابي أم غيره، طالما يفيد الاعتراف بحق الدائن دون غموض، أو كان ضمنيا فقط (كتمسكه بمقاصة، أو تقديمه تأمينا لفائدة دائنه، أو الوفاء الجزئي بالدين على اعتبار أن الأثر القاطع للتقادم لا يقبل التجزئة(
ج) أثر قطع التقادم
يسري على انقطاع التقادم بأحد الأسباب سالفة الذكر أن تعتبر المدة التي انقضت منه قبل القطع كأن لم تكن، ويسري تقادم جديد يماثل الأول بحسب الأصل، كما أن قطع التقادم إنما يتعلق بالدين الذي قام به سبب الانقطاع ويسري على الدائن وحده، ويترتب على ما قيل أن سبب قطع التقادم إن كان هو المطالبة القضائية، سرى تقادم جديد ابتداء من انتهاء المرافعة بصدور حكم نهائي، أو من تاريخ تنازل الدائن المدعى عن دعواه أو من تاريخ رفض الدعوى لأحد الأسباب (كانتفاء شرط الصفة)
وفي حالة التنبيه بالوفاء، سرى التقادم الجديد من تاريخ التنبيه ذاته، وفي الحجز يبتدئ التقادم الجديد من تاريخ انتهاء إجراءاته بإقفال التوزيع وكذلك الحكم في حالة قبول الدائن في تفليسة مدينه، وفي الإقرار بالدين من المدين يسري التقادم الجديد من تاريخ صدور الإقرار.
هذا ولا يسري أثر التقادم إلا على المدين المعني في حالة تعدد المدينين وكانوا متضامنين، إما إن تعدد الدائنون وكانوا متضامنين، فإن انقطاع التقادم بالنسبة إلى أحدهم يفيد منه بقية الدائنين عملا بأحكام التضامن، هذا ومدة التقادم الجديدة التي تسري بعد صدور حكم قضائي نهائي مؤيد لطلبات الدائن، هي 15 سنة لا مدة التقادم الأصلية.
ومن ذلك الديون التي تتقادم بسنة واحدة، متى أقر المدين بها (ويكون بذلك قد قطع تقادمها) فإن تقادمها الجديد يكون 15 سنة، لا سنة واحدة، على اعتبار أن قرينة الوفاء لم تعد قائمة بعد الإقرار وهذا على خلاف ما إذا قطع تقادمها بالمطالبة القضائية أو بالتنبيه أو بالحجز أو برفع دعوى إلى محكمة غير مختصة أو بقبول الدائن في تفليسة مدينه أو في التوزيع، فإن مدة التقادم تبقى نفسها.
الفرع السادس – آثـار التقادم :
لا يرتب التقادم آثاره التي سنذكرها بصفة تلقائية، بل يتوجب على ذي المصلحة (المدين وخلفه العام والخاص، ودائنه بالدعوى غير المباشرة، والمدين المتضامن معه، والحائز لعقار مرهون عند رجوع الدائن المرتهن عليه ...) أن يتمسك به (ويأتي في الغالب في شكل دفع موضوعي يراد منه انقضاء التزام المدين) في أية مرحلة من مراحل الدعوى سواء أمام المحكمة الابتدائية أو حتى محكمة الاستئناف إلا أن يؤول في الحالة الثانية أنه تنازل من المدين عن التمسك به، ذلك أن المشرع أجاز صراحة للمدين أن يتنازل عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه، أي باكتمال التقادم، وينصرف هذا التنازل إلا الفترة التي انقضت لا اللاحقة له، والعلة في ذلك أن المشرع يريد حماية المدين، لئلا يضطره الدائن – وهو غالبا الطرف القوي في العلاقة – إلى التنازل المسبق عن التمسك بالتقادم، ومتى تمسك المدين بالتقادم، ترتب عن ذلك انقضاء دين الدائن مع توابعه كتأمينات عينية أو شخصية، إذ الفرع يتبع الأصل، وهذا منذ تاريخ استحقاق الدين وهذا نظرا للأثر الرجعي للتقادم، ومع ذلك فإنه يتخلف في ذمة المدين التزام طبيعي لا يجبر على الوفاء به .
خاتمة :
من خلال البحث المقدم نستنتج أن انقضاء الالتزام يكون extinction de l'obligationإما بتنفيذه عيناً بالوفاء به، أو بما يعادل الوفاء بالمقاصة أو اتحاد الذمة أو بالوفاء بمقابل أو بالتجديد أو الإنابة، أو من دون الوفاء به: بالإبراء أو باستحالة التنفيذ أو بالتقادم المسقط.
1ـ الوفاء : paiement هو الطريق المعتادة لانقضاء الالتزام وهو، في مدلوله القانوني، لا يقتصر على دفع مبلغ من النقود، وإنما يشمل تنفيذ المدين لالتزامه سواء أكان هذا الالتزام نقل ملكية شيء أم كان عملاً أو امتناعاً عن عمل.
2ـ قد ينقضي الالتزام كذلك بما يعادل الوفاء :
وله أربع صور هي الوفاء بمقابل، والتجديد والإنابة، والمقاصّة، واتحاد الذمة.
- أما الوفاء بمقابل : dation en paiement فهو أن يقبل الدائن في استيفاء حقه مقابلاً يعوضه من الشيء الذي استحق له، وتسري عليه أحكام البيع ولاسيما ما يتعلق فيها بأهلية المتعاقدين وضمان الاستحقاق وضمان العيوب الخفية كما تسري عليه أحكام الوفاء، ولاسيما ما يتعلق منها بتعيين جهة الدفع وانقضاء التأمينات، وذلك لأنه يقضي الدين.
- وأما الوفاء بالتجديد : novation فيكون باتفاق الطرفين على أن يستبدلا بالالتزام الأصلي التزاماً جديداً يختلف عنه في محله أو في مصدره، كالاتفاق على إبقاء الأجر المتجمد قرضاً بذمة المستأجر، وبذلك يتغير الدين، كما يصح الوفاء بالتجديد بتغيير المدين إذا اتفق الدائن مع أجنبي على أن يكون مديناً مكان المدين الأصلي، وكذلك بتغيير الدائن إذا اتفق الدائن والمدين وأجنبي على أن يكون هذا الأجنبي هو الدائن الجديد.
ويشترط في التجديد بكل أنواعه أن يخلو الالتزامان القديم والجديد من أسباب البطلان. ويترتب على التجديد انقضاء الالتزام الأصلي بتوابعه فينشأ مكانه التزام جديد.
- وأما الوفاء بالإنابة : délégation فيتم برضاء الدائن بأن يلتزم شخص أجنبي وفاء الدين عن المدين.
- وإذا كان للمدين ماهو مستحق عند الدائن فله حق المقاصة compensation بين المطلوبين وبذلك يوفي مطلوب دائنه كلاً أو جزءاً بمقدار مطلوبه منه. وكثيراً ما يقع التقاص بالدعوى المتقابلة التي يدعي بها المدين على دائنه في دعوى هذا الأخير عليه بمطلوبه.
- وقد يقع الوفاء باتحاد الذمة confusion إذا اجتمعت صفة الدائن والمدين في شخص واحد بدين واحد، لأنه لا يمكن للشخص أن يطالب نفسه، كما لو ورث المدين دائنه،
3ـ وإلى جانب انقضاء الالتزام بالوفاء أو بما يقابل الوفاء، فقد ينقضي الالتزام بلا وفاء وذلك بالإبراء من المدين أو باستحالة التنفيذ أو بالتقادم المسقط.
ـ والإبراء remise de dette وهو تصرف تبرعي، وهو يتم بإرادة الدائن إذا كان مختاراً، ووصل إبراؤه إلى علم المدين، وللمدين أن يرده.
ـ وينقضي الالتزام بغير وفاء إذا أثبت المدين استحالة تنفيذه عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه.
والسبب الأجنبي هو ما لا يكون بخطأ المدين أو تقصيره وإلاّ فلا ينقضي، وينقلب تنفيذ الالتزام عيناً إلى تنفيذه بطريق التعويض.
- وآخر أسباب انقضاء الالتزام بلا وفاء هو التقادم : والتقادم نوعان : مسقط ومكسب.
والمراد منهما في انقضاء الالتزام هنا هو المسقط pre**ion extinctive وهو وحده الذي أخذ به الفقه الإسلامي، ولكن التشريعات العقارية قد أخذت بالمكسب في اكتساب الحقوق العينية العقارية.

المراجع
- القوانين :
الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم.
- الكتب :
1- الأستاذ دربال عبد الرزاق، الوجيز في أحكام الالتزام في القانون المدني الجزائري، دار العلوم للنشر والتوزيع، الجزائر، 2004.
2- د علي فيلالي ، " الالتزامات الفعل المستحق للتعويض"، الطبعة الثانية، موفر للنشر، الجزائر، 2007.
3- د محمد شريف أحمد ، مصادر الالتزام في القانون المدني – دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي، دار الثقافة للنشر و التوزيع لبنان،1999.
4- د عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، نظرية الالتزام، مصادر الالتزام، الجزء الأول، منشأة المعارف الإسكندرية، 2004
5- د سي يوسف زاهية حورية الوجيز في عقد البيع ، دراسة مقارنة و مدعمة باجتهادات قضائية و فقهية ، دار الأمل للطباعة و النشر و التوزيع، تيزي وزو الجزائر، 2008.

-6د خليل أحمد حسن قدادة، الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري، مصادر الالتزام، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2010. 7- د محمد صبري السعدي، شرح القانون المدني، التأمينات العينية و الشخصية، عقد الكفالة، دار الكتاب الحديث، 2005.
8- د خليل أحمد حسن قدادة، الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري: عقد البيع ديوان المطبوعات الجامعية, 2003
9- دعلي علي سليمان ، النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام في القانون المدني الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة السادسة، 2005
10- د محفوظ لعشب، المبادئ العامة للقانون المدني الجزائري، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2009.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
انقضاء ، الالتزام ،









الساعة الآن 12:25 AM